الفصل السادس

أشكال المشروعات الريادية المغامِرة

يركِّز قدرٌ كبير من الاهتمام بريادة الأعمال على تأسيس شركة جديدة، ولكن هذا في حد ذاته يستهين استهانةً شديدة بالنطاق الأوسع للنشاط الريادي. فبالإضافة إلى الشركات الناشئة، يمكن اكتشافُ الفرص وخلقها واستغلالها داخل الشركات العائلية والمؤسسات القائمة بالفعل وغيرها من المؤسسات والمنظمات. ويمكن أن يُسهِّل إجراءُ التغييرات في الهياكل والعمليات التنظيمية داخل الشركات العائلية والشركات الكبرى من مزاولة ريادة الأعمال حيثما كان يستحيل مزاولتها من قبل. يمكن تجديدُ الأنشطة الريادية الخاصة بالشركات العائلية من خلال إجراء تغيير على مستوى القيادة المتوارثة بين الأجيال. ففي بعض الحالات، لكي تزدهر ريادة الأعمال ربما يستلزم الأمر نقلَ النشاط من مُلَّاكه الحاليين إلى نظام ملكية جديد، مثل عمليات الاستحواذ الإداري الداخلي والشركات الأكاديمية المنبثِقة. بالإضافة إلى هذا، قد تأخذ ريادةُ الأعمال شكلَ مشروع اجتماعي، حيث تتمثَّل الأهداف في تعظيم مقدار القيمة الاجتماعية المقدَّمة مع تحقيق أهدافها المالية أيضًا.

الشركات العائلية

يمكن الاستفادة على نحوٍ تراكمي من المهارات المغامِرة والمعرفة الريادية في الجيل الأول من الشركات التي تملكها العائلات. يمكن نقل هذه المعرفة الريادية المُجمَّعة إلى الجيل الثاني أو التالي للشركات التي تمتلكها العائلات، وإثراؤها. في الواقع، لكي تستمر الشركات العائلية عبْر أجيال وأجيال ربما يستوجب الأمر تجديدَ أنشطتها الريادية الأولية أو حتى تغييرها. يمثِّل حجم الشركات العائلية ومقدارُ الإسهام الذي تقدِّمه إلى الاقتصاد أهميةً كبيرة. ولكن يختلف هذا المقدار باختلاف كيفية تعريف هذه الشركات، والتي قد ترتبط بتصوُّر صلات القرابة الأسرية، والحصة الكبرى من الملكية العائلية، والحصة الكبرى من الإدارة العائلية، والتوارث بين الأجيال إلى الجيل الثاني أو الأجيال التالية من أفراد العائلة. يمكن أن يشترك أفرادُ العائلة في ملكية الشركة أو إدارتها، لينشأ عن ذلك ثلاثة نُظم فرعية معتمَدة بعضها على بعض، خاصة بالعائلة والملكية والإدارة. يرجع أحدُ التحديات الكبرى التي تواجه استمرار الشركات العائلية وتوجُّهها الريادي إلى تداخل الأهداف الأسرية والتجارية. يلخِّص جدول ٦-١ مزايا الشركات العائلية وعيوبها.

ربما تبدأ الشركات العائلية باعتبارها مشروعاتٍ ريادية، ولكن يصعب على بعضها الاستمرارُ على هذا المنوال. على سبيل المثال، شركة «لين» هي شركة يمتلكها الجيل الثاني من العائلة، ومقرُّها اسكتلندا، وتُنتِج أنظمةَ صوتٍ عالية الدقة ومبتكَرة. تتمتع الشركة برؤية طويلة الأجل لإثراء حياة الناس عبْر الموسيقى، وبكونها شركة مصنِّعة متكاملة توظِّف أفرادًا في المناطق المحلية، وتسعى إلى خلق فرص عمل قيمة تقدِّم إسهامًا للمجتمع. وفي صناعة تتغيَّر بوتيرة سريعة، يُعَدُّ الابتكار المستمر عنصرًا مهمًّا، ويتوقَّف استمرارُ الشركة التي يديرها الجيل الثاني على إعادة ترتيب الأوضاع داخل الشركة وعلى الإدارة الحصيفة.

جدول ٦-١: مزايا الشركات العائلية وعيوبها*
المزايا العيوب
شركات خاصة تمتلكها عائلات

• الأهداف

– استمرار الشركة العائلية المستقلة

– توريث ملكية الشركة إلى الجيل التالي من العائلة

– تنفيذ استثمارات طويلة الأجل

• الأهداف

– نظام قائم على درجة القرابة، لا على تقييم الأداء وحده

– الحفاظ على أجندات العائلة على حساب أجندات العمل

– الحفاظ على نمط حياة أصحاب الشركة العائلية/تعزيز هذا النمط من الحياة

• الملكية

– تعظيم دَخْل الأسرة

– توفير وظائفَ لأفراد الأسرة

• الملكية

– تركيز أقل على الربحية الفورية

– الإحجام عن بيع حقوق الملكية إلى الغرباء

– تجنُّب الاستدانة يمكن أن يقيِّد النمو

• الإدارة

– معرفة مقتصرة على العائلة، وتوظيف أفراد العائلة.

– روابط أُسرية؛ حالة من الاستقرار، الشعور بالولاء والثقة

• الإدارة

– تتحدَّد المناصبُ الإدارية بناءً على درجة القرابة، لا البراعة في العمل.

– الإحجام عن الاستعانة بالخبرة الفنية من خارج الشركة

– إدارة داخلية عتيقة وغير مرنة

• الاستراتيجية

– جودة المنتج

– خدمة جيدة لضمان ولاء العميل

– الاستعانة بنظمٍ إدارية ذات طابع رسمي

• الاستراتيجية

– تَكرار الاستراتيجيات القائمة التي أتت ثمارها في الماضي

– تفضيل عدم التركيز على الإبداع والابتكار

– الإحجام عن اكتشاف الفرص الجديدة

شركات خاصة وعامة خاضعة لسيطرة العائلات
• إرشاد وتوجيه على المدى الطويل • عدم إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال على نحوٍ ربما يعيق النمو

• استقلالية أكبر في العمل

– قلة الضغوط (أو انعدامها) من جانب سوق الأسهم

– مخاطر استحواذ أقل (أو انعدام هذه المخاطر)

• تنظيم مُربِك

– هيكل فوضوي

– لا يوجد تقسيمٌ واضح للمهام

• ثقافة العائلة باعتبارها مصدرًا للفخر

– الاستقرار

– هوية قوية واضحة المعالم/التزام شديد/حافِز قوي

– الاستمرار في القيادة

• المحسوبية ومحاباة الأقارب

– السماح بتعيين أفراد العائلة غير الأكْفاء في منصب مديرين

– نظام مكافآتٍ جائر

– صعوباتٌ أكبر لاجتذاب إدارة محترفة

• مرونة أعلى في الأوقات العصيبة

– الرغبة في إنفاق الأرباح المحقَّقة على تطوير المشروع التجاري

• متلازمة الابن المُدلَّل

• نزاعٌ داخلي

– تسلُّل الخلافات الأسرية إلى العمل

• درجة أقل من البيروقراطية والموضوعية

– مرونة أعلى

– سرعة أكبر في اتخاذ القرارات

• حكم أبوي/استبدادي

– مقاومة التغيير

– السِّرية

– اجتذاب الشخصيات الاتكالية

• مزايا مالية

– إمكانية تحقيق نجاح كبير

• ضغوط مالية

– استنزاف المشروع التجاري من جانب أفراد الأسرة

– اختلال التوازن بين الإسهامات والمكافآت

• الإلمام بتفاصيل المشروع التجاري

– تدريب مبكِّر لأفراد الأسرة

• خلافات حول مَن سيتولى الإدارة لاحقًا

المصدر: منقول بتصرُّف عن كيتس دي فريس (عام ١٩٩٣، صفحة ٦١)، وويستهيد (١٩٩٧)، وويستهيد وكاولينج (١٩٩٧)، وويستهيد وآخرين (١٩٩٧)

ربما يفضِّل أصحابُ الشركات العائلية الذين يركِّزون جهودهم على تكوين ثروة وتطوير العمل التجاري أن يوظِّفوا مديرين محترفين لا ينتمون إلى العائلة. لطالما كانت شركة «آل واربورتون للمخبوزات»، ومقرُّها مقاطعة لانكشاير بإنجلترا، شركةً عائلية مستمرة على مدار خمسة أجيال. ولا يزال أفراد العائلة يتولون فيها مناصبَ إدارية عليا. ولكن فيما يخصُّ آخرَ جيلَيْن من العائلة المالِكة للشركة، عيَّنت الشركة كبار التنفيذيين الذين لا ينتمون إلى العائلة ليساعدوا في نمو الشركة وازدهارها. وفي شهر مايو من عام ٢٠٠٦، تولَّى شخصٌ لا ينتمي إلى العائلة منصبَ المدير الإداري للشركة. ويُقرُّ بعضُ المُلَّاك المنتمين إلى العائلة بأن مصالح العائلة تُخدَم على أفضلِ وجه من خلال جلب أفضل الكوادر، ويحيط أفرادُ العائلة أنفسَهم بأشخاصٍ (من خارج الشركة) يؤدون مهامَّهم الوظيفية على نحوٍ أفضل من أفراد العائلة.

يستمر فقط ثلث الشركات العائلية تقريبًا وينتقل إلى الجيل الثاني، وينتقل حوالي ١٠٪ منها إلى الجيل الثالث. ويتضمَّن انتقالُ الشركة العائلية من الجيل الأول إلى الأجيال التالية تمريرَ راية القيادة من المالِك المؤسِّس للشركة إلى خليفته، الذي سيكون إما فردًا من العائلة وإما من خارجها. تعني المنظومات المتشابكة بين العائلة والإدارة والملكية أن قرار انتقال الإدارة ينطوي على مشكلاتٍ استراتيجية وعائلية على حَدٍّ سواء.

فاختيار الخليفة هو أمرٌ بالغ الأهمية؛ نظرًا لأنه يؤثِّر على العلاقات العائلية وعلى اتجاه الشركة ككلٍّ على المدى الطويل. فبعضُ الأبناء لا يرغبون في الانضمام إلى الشركة العائلية؛ لأنهم يفضِّلون تأسيسَ شركاتهم الخاصة أو اتباع مسارهم المهني الخاص. وربما تكون لديهم أفكارٌ ريادية خاصة، ولكنهم يدركون أن المؤسِّس المهيمِن أو التدخُّل من جانب المساهمين في الشركة العائلية الذين لا يشاركون في إدارتها سيُعيق قدرتهم على البحث عن الفرص الجديدة، التي قد تكون ضرورية فعلًا لضمان استمرار الشركة على المدى الطويل. وتتمثَّل إحدى المشكلات الكبرى في أن كثيرًا من الشركات العائلية تُخفِق في وضع خطة لانتقال الإدارة، حيث أفادَ أقلُّ من نصف عدد هذه الشركات بأن لديهم خطةً لانتقال الإدارة. ويلخِّص جدول ٦-٢ العقبات أمام التخطيط لانتقال الإدارة.
جدول ٦-٢: العقبات أمام التخطيط لانتقال الإدارة في الشركات العائلية*
المؤسِّس/المالِك العائلة
• الخوف من الموت

• الموت بوصفه موضوعًا محظورًا التحدُّث فيه

– النقاش بوصفه عملًا عِدائيًّا

– الخوف من الفقدان/الهجر

• الشركة بوصفها رمزًا

– فقدان الهوية

– الخوف على الإرث

• الخوف من المنافسة بين الأشقَّاء

• تغيُّر وضع شريك الحياة

• معضلة الاختيار

– خرافة المساواة

• الغَيرة بين الأجيال

– فقدان السلطة

المصدر: منقول بتصرُّف عن كيتس دي فريس (عام ١٩٩٣، صفحة ٦٨)

قد تحدُث الانتقالاتُ الإدارية بثلاث طرق رئيسية. أولًا، يمكن استبدال القيادة العليا دون تغيير الشكل الأساسي للشركة. ثانيًا، يمكن تغيير السلطة وهيكل الرقابة من شكلٍ بسيط إلى شكلٍ آخر متزايد التعقيد، مثل التغيير من مالِك واحد مُهيمِن إلى شراكة بين الأشقَّاء. ثالثًا، تحويل المنظومة إلى شكلٍ أبسط من خلال نقل سلطة الإدارة؛ على سبيل المثال، الانتقال من إدارة أبناء العمومة إلى الشراكة بين الأشقَّاء.

تصمِّم شركة «جيه باربور آند سونز» المحدودة الملابسَ الجاهزة للرجال والنساء والأطفال، وتصنِّعها وتبيعها تحت اسم العلامة التجارية «باربور». في عام ١٨٩٤، أسَّس جون باربور شركةً لاستيراد القماش المقاوم للماء في مدينة ساوث شيلدز بإنجلترا. اشتهرت الشركةُ بتصميمها ستراتِ خروج ذات قماش قطني مُقاوِم للماء. واشتهرت هذه السترات لدرجة أن البعضَ يشيرون إلى أي سترة مصنوعة من قماش قطني مُقاوِم للماء ﺑ «سترة باربور»، بصرف النظر عن الشركة المصنِّعة. وحتى يومنا هذا، لا يزال مقرُّ هذه الشركة بجيلها الخامس يقع في منطقة شمال شرق إنجلترا. ولا تزال شركة باربور مملوكة بالكامل لعائلة باربور وحدها. وخلافًا لكثير من الشركات العائلية، لم يمثِّل النوع الاجتماعي مطلقًا عائقًا أمام انتقال الإدارة إلى الأجيال التالية. فلأول مرة تشارك امرأة في تولِّي زمام السلطة داخل الشركة في عام ١٩٣٩، في الوقت الذي كان ظهور النساء فيه في غرفة الاجتماعات مقتصِرًا على دفع عربة الشاي وحسب. إنَّ العمل كشركة عائلية والاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على عملية اتخاذ القرار أتاحَا لشركة باربور اتخاذَ هذه الخيارات الثورية، والاستجابة سريعًا لتغيُّرات السوق. إذ تشغَل السيدة مارجريت باربور منصبَ رئيس مجلس إدارة الشركة، وتشغَل ابنتها، هيلين، منصبَ نائب الرئيس. تركِّز الشركة على عنصر التجديد ودخول أسواق جديدة. شقَّت شركة باربور طريقَها إلى سوق الملابس المسامية المقاومة للماء بابتكارها نوعًا خاصًّا من الأقمشة المبطَّنة المقاومة للماء، والقماش ذي النسيج الخارجي المصنوع من الكوردورا، والسترات البوليستر المصنوعة من النسيج الوبري العازل للحرارة. كما تركِّز الشركة أيضًا على صنْع علامة تجارية مميِّزة والتسويق لمجموعة متنوعة من المنتجات المتميِّزة للمشاركين في الأنشطة الرياضية الخارجية التي تمارَس في المناطق الريفية. وتتمتَّع الشركة بالموافقة المَلَكية على توريد منتجاتها إلى العائلة المَلَكية، بدايةً من جلالة الملكة إليزابيث الثانية وصولًا إلى صاحب السمو الملكي دوق إدنبرة وصاحب السمو الملكي أمير ويلز.

fig6
شكل ٦-١: الأنواع المتصوَّرة للشركات العائلية
لا تتمتع الشركاتُ العائلية بجوٍّ من الانسجام على الدوام. قد يؤثِّر عدم الانسجام على طبيعة تطوير المشروع التجاري وتصميم مبادرات الاستدامة. وينشأ عن الاختلافات بين طبيعةِ المِلكيةِ والهياكلِ الإدارية والأهدافِ ستةُ أنواع أساسية للشركات العائلية، والتي يوضِّحها شكل ٦-١. تتنوَّع أشكال المِلكية بدايةً من مِلكية أفراد العائلة المقرَّبين، وصولًا إلى نسبة مِلكية ضعيفة بين أفراد العائلة، ونسبة مِلكية ضعيفة بين أفراد من خارج العائلة (أي المحور الرأسي). وتتنوَّع إدارة الشركات العائلية ما بين الإدارة التي يُهيمِن عليها أفرادُ العائلة وصولًا إلى الإدارة التي يُهيمن عليها أفرادٌ من خارج العائلة (أي المحور الأفقي). وتتنوَّع الأهداف بدايةً من الأهداف المالية وصولًا إلى الأهداف العائلية أو غير المالية التي تركِّز على الحفاظ على الإشراف الطويل الأجل على الشركة، أو ما يُطلَق عليه الثروة الاجتماعية والعاطفية للعائلة (أي السهم المائل).

في حين أن الشركات العائلية العادية تشدِّد على الأهداف العائلية وتحتفظ بمِلكية عائلية وإدارة عائلية وثيقة، فإن الشركات العائلية الاحترافية تتمتع بمزيجٍ من الأهداف العائلية والأهداف غير العائلية؛ رغم تركيزها على الأهداف العائلية. أما أهداف الشركات الخاضعة لإدارة أبناء العمومة، فتتضمن مزيجًا من الأهداف العائلية وغير العائلية بالإضافة إلى نسبةِ مِلكية ضعيفة من داخل العائلة وإدارة يُهيمِن عليها أفرادُ العائلة. على النقيض من ذلك، تتمتع الشركات العائلية الاحترافية الخاضعة لإدارة أبناء العمومة بنسبة مِلكية ضعيفة من داخل العائلة وإدارة يُهيمِن عليها أفرادٌ من خارج العائلة. ويميل هذا النوعُ من الشركات العائلية نحو التركيز على الأهداف المالية أكثرَ من الشركات العائلية الخاضعة لإدارة أبناء العمومة. وتفيد الشركات العائلية الانتقالية بسعيها إلى تحقيق أهداف عائلية وغير عائلية على حدٍّ سواء، إلا أنها تركِّز بدرجةٍ أكبرَ على الأهداف المالية. قد تكون نسبة المِلكية من خارج العائلة ضعيفة، ولكن يُهيمِن أفرادُ العائلة على إدارة الشركة. فهذه الشركات انتقالية؛ لأنه من المتوقَّع أن تنتقل الإدارة نحو تقليل هيمنة العائلة. وأخيرًا، تركِّز الشركاتُ العائلية المفتوحة على الأهداف المالية. فهي تتمتع بنسبة مِلكية ضعيفة من خارج العائلة، ويُهيمِن على إدارتها أفرادٌ من خارج العائلة.

ريادة الأعمال المؤسَّسية

ريادة الأعمال المؤسسية (الريادة المؤسسية) هي النهج الذي يسلكه الفرد أو مجموعة من الأفراد، بالاشتراك مع مؤسسةٍ قائمةٍ بالفعل، لإقامة مؤسسة جديدة أو لتشجيع التجديد أو الابتكار داخل تلك المؤسسة. ويمكن أن تنشأ الريادةُ المؤسسية من مزيجٍ بين الاستجابات إلى تغيُّرات (متوقعة) في مناخ السوق الخاصة بالمؤسسة القائمة بالفعل، والاكتشاف الريادي المسبق لفرصٍ جديدة على أيدي أشخاص يعملون في المؤسسة، وهو ما تسهِّله الهياكل التنظيمية التي تشجِّع السلوك الريادي. يلخِّص جدول ٦-٣ مصطلحات ريادة الأعمال المؤسسية.
جدول ٦-٣: مصطلحات ريادة الأعمال المؤسسية*
المصطلح المعايير المميِّزة
ريادة الأعمال المؤسسية

إبداع أو تجديد أو ابتكار من جانب الشركة

+ يشجِّعه الكيانُ المؤسسي القائم بالفعل

التجديد الاستراتيجي/ريادة الأعمال الاستراتيجية

تجديد مؤسسي يشمل تغييراتٍ استراتيجية كبرى أو/وتغييراتٍ هيكلية

+ يشجِّعه الكيان المؤسسي القائم بالفعل

+ مقرُّه داخل المؤسسة القائمة بالفعل

المشاريع الاستثمارية المؤسسية

ابتكار مؤسسي

+ يشجِّعه الكيانُ المؤسسي القائم بالفعل

+ تُعامَل معاملة شركة جديدة

مشاريع استثمارية مؤسسية خارجية

ابتكار مؤسسي

+ يشجِّعه الكيانُ المؤسسي القائم بالفعل

+ تُعامَل معاملة شركة جديدة

+ مقرُّها خارج المؤسسة القائمة بالفعل

مشاريع استثمارية مؤسسية داخلية

ابتكار مؤسسي

+ يشجِّعه الكيانُ المؤسسي القائم بالفعل

+ تُعامَل معاملة شركة جديدة

+ مقرُّها داخل المؤسسة القائمة بالفعل

أبعاد المشاريع الاستثمارية المؤسسية الداخلية

(١) استقلالية هيكلية

(٢) مرتبطة بالشركة (أو الشركات) القائمة بالفعل

(٣) مدى الابتكار

(٤) طبيعة التمويل

المصدر: منقول بتصرُّف عن شارما وكريسمان (عام ١٩٩٩، صفحة ٢١)

تعزِّز أنشطةُ التجديد المتجسِّدة في الريادة المؤسسية قدرةَ المؤسسة على المنافسة وخوض المخاطر، ربما من خلالِ إضافةِ مشروعاتٍ تجارية جديدة، وبيع بعض المشروعات القائمة بالفعل. يشير التجديد الاستراتيجي إلى الجهود الريادية المؤسسية التي تُسفِر عن تغيُّراتٍ مهمة في النشاط التجاري للشركة أو في استراتيجيتها على المستوى المؤسسي أو في هيكلها. وفي أغلب الحالات، يشتمل هذا على قدرٍ من الابتكار. ويتعلَّق هذا الجانب من الريادة المؤسسية بريادة الأعمال الاستراتيجية (انظر الفصل الثالث).

تركِّز المشاريع الاستثمارية المؤسسية على العمليات المرتبطة بإقامةِ مشروعاتٍ جديدة، وضمِّها إلى محفظة الأعمال الشاملة للشركة. قد ترتبط المؤسسات التجارية الجديدة بابتكاراتٍ جديدة تستغل الأسواق الجديدة أو عروض المنتجات الجديدة أو كليهما، فتكون سببًا في هذه الابتكارات أو نتيجةً لها. وقد تُسفِر هذه الجهود الاستثمارية عن إنشاء أقسام جديدة داخل الشركة. توفِّر هذه المشاريع الاستثمارية المؤسسية الفرصةَ أمام المؤسسات لتقييم التقنيات والأسواق الجديدة في مرحلة مبكرة نسبيًّا من تطويرها.

يشير مصطلح المشاريع الاستثمارية المؤسسية الخارجية إلى الأنشطة الاستثمارية المؤسسية المغامرة التي تقود إلى تأسيس كياناتٍ مؤسسية شبه مستقلة أو مستقلة، تتفاوت درجةُ وجودها خارج الشركة القائمة بالفعل. وتتجلَّى الأمثلة على ذلك في المشاريع الاستثمارية المؤسسية التي تنشأ نتيجةً للمشروعات المشتركة، والشركات المنبثِقة، ومبادرات رأس المال المُغامِر التي تقوم بها الشركة. أما مصطلح المشاريع الاستثمارية المؤسسية الداخلية، فيرتبط بابتكار مشروعاتٍ/شركاتٍ جديدة توجد بوجه عام داخل الهيكل المؤسسي، رغم أن مقراتها قد تكون خارج الشركة الأصلية ككياناتٍ شبه مستقلة، مثل الشركات المنبثِقة.

تتضمَّن المشاريعُ الاستثمارية المؤسسية المباشرة استثماراتٍ مباشرة في مشروعاتٍ استثمارية جديدة يمكن أن تكون مؤسساتٍ تابعة للشركة أو شركاتٍ منبثقة أو كياناتٍ مستقلة بالكامل. بينما تهتم المشاريعُ الاستثمارية المؤسسية غير المباشرة بالاستثمارات التي تولِّدها الشركات من صناديق رأس المال المُغامِر، التي تستثمرها بدورها في مشروعاتٍ استثمارية جديدة. ويوفر المنهج غير المباشر سُبُلًا للتواصل والوصول إلى مشروعاتٍ ربما تستحق الاستثمار فيها، في حين أن النهج المباشر قد يعزِّز علاقاتٍ تجارية محدَّدة.

يميِّز جيف كوفين ومورجان مايلز بين التجديد المتواصل، والتجديد التنظيمي، والتجديد الاستراتيجي، وإعادة تعريف مجال الاستثمار لخلق ميزة تنافسية للشركات في الأسواق. يلخِّص جدول ٦-٤ هذه الفروق.
جدول ٦-٤: خصائص ريادة الأعمال المؤسسية (الريادة المؤسسية)
أشكال الريادة المؤسسية أوجه تركيز الريادة المؤسسية الأساس النموذجي للميزة التنافسية معدَّل التكرار النموذجي لأشكال الريادة المؤسسية * حجم التأثير السلبي على ريادة الأعمال إذا كان النشاط الريادي غير مُجدٍ
التجديد المتواصل منتجات أو أسواق جديدة التمييز والمفاضلة معدَّل مرتفع ضئيل
التجديد المؤسسي المؤسسة قيادة التكلفة معدَّل متوسط ضئيل إلى متوسط
التجديد الاستراتيجي استراتيجية العمل يتنوع بظهور أشكال محدَّدة معدَّل منخفض متوسط إلى كبير
إعادة تعريف المجال الاستثماري خلْق مجالات سوق المنتجات واستغلالها استجابة سريعة نادرًا يتنوَّع بظهور أشكال محدَّدة واعتبارات تتعلق بالسياق الاستثماري
ملاحظات: تتضمَّن أنشطةَ ريادة الأعمال المؤسسية ما يأتي: بالنسبة إلى التجديد المتواصل: تقديم منتج جديد أو دخول سوق جديدة بالنسبة إلى الشركة، ولكنها سوق قائمة بالفعل؛ التجديد المؤسسي: ابتكار مهم يركِّز على العناصر الداخلية، ويهدُف إلى تحسين أداء الشركة أو تنفيذ الاستراتيجية؛ التجديد الاستراتيجي: اتباع توجُّه استراتيجي جديد؛ إعادة تعريف المجال الاستثماري: ابتكار نطاق سوق منتجاتٍ جديدة لم يكن مستغَلًّا من قبل، واستغلاله
المصدر: كوفين ومايلز (عام ١٩٩٩، صفحة ٥٧)

تظهر على الشركات التي تقدِّم بانتظام واستمرارٍ منتجاتٍ أو خِدماتٍ جديدة، أو تدخل أسواقًا جديدة، سِمةُ التجديد المتواصل. تتمتع هذه الشركات بثقافاتٍ وهياكلَ ومنظوماتٍ تدعم الابتكار، وتنتقي باستمرارٍ المنتجات والخِدمات الأقدم في محاولةٍ منها لتحسين القدرة التنافسية بوجه عام. تسعى هذه الشركات إلى الحفاظ على وضعها التنافسي أو تحسينه من خلال تعديل العمليات الداخلية والهياكل والإمكانات.

تسعى الشركات التي تتَّسم بالتجديد الاستراتيجي إلى إعادةِ تحديد علاقاتها بالأسواق أو المنافسين في المجال، من خلال إعادة التنظيم على نطاق كبير، وبطريقةٍ مدروسة تتيح إمكانية الاستعانة بالموارد لاستغلال فرص السوق على نحوٍ أفضل. قد تحوز هذه الشركات قصَبَ السبق بابتكار نطاق سوق منتجاتٍ جديدة لم يدرك الآخرون وجودها، أو قد تسعى بنشاط إلى إعادة تعريف المجال. تتسم المنتجاتُ التي تقدِّمها بأنها مبتكَرة من وجهة نظر الشركة والمجال والسوق. تنافس الشركة في نطاق جديد، حيث يوفِّر وضعُ منتجها الأول أو المبكر الأساسَ لميزة تنافسية مُستدامة. علاوةً على ذلك، تبتكر الشركة معيارًا للمجال أو تحدِّد المعيار الذي يتم على أساسه الحُكم على المنافسين اللاحقين.

تُعَدُّ الاستراتيجيات الاجتنابية المتبَعة لتجنُّب المواجهات التنافسية في نطاقِ سوقِ منتجاتٍ محدَّدة شكلًا من أشكال إعادة تعريف المجال، وتساعد في الحَدِّ من سرعة التأثُّر عمومًا بالظروف التنافسية الحالية غير المواتية. يستطيع سوقُ المنتجات الرائد أن يعيد تعريف مجال سوق المنتجات أو فئات المنتجات الخاصة بالشركة.

عمليات الاستحواذ الإداري

على مدار العَقدَين الماضيَين، انتشر نمطٌ جديد من ريادة الأعمال حول العالَم يتضمَّن تغييرًا في شكل الملكية للشركات القائمة. بوجه عام، تتضمَّن عمليات الاستحواذ الإداري تأسيسَ كيانٍ جديد مستقل تستقر فيه الملكية في أيدي الإدارة وشركات الاستثمار الخاصة، إن وُجدت، بتمويل كبير تقدِّمه البنوك. تتحوَّل شركاتُ الاستثمار الخاصة إلى مستثمرين نشيطين من خلال الحصول على مقاعد في مجلس الإدارة وفرض قيود تعاقدية على نمط سلوك الإدارة، تشمل إعداد تقارير تفصيلية.

قد تتخذ عمليات الاستحواذ عدةَ أشكال. الاستحواذ المدعوم بالقروض أو الاستحواذ بقيادة المستثمر هما بالأساس عبارة عن شركة مُدرَجة ومُشهَرة في البورصة أو قسم كبير منفصل عن مجموعة، استحوذت عليها شركةٌ خاصة متخصِّصة في إدارة الاستثمار. وهذه الشركة عادةً إما تحتفظ بالإدارة الحالية لتدير الشركة، وإما تعيِّن إدارةً جديدة لذلك، وإما تستعين بأسلوب إداري يمزج بين الإدارة الداخلية والخارجية. قد تحصل الإدارة الحالية على نسبة مباشرة من الأسهُم (حصة ملكية) أو لا تحصل، أو قد تُتاح لها خيارات الأسهم. في الولايات المتحدة الأمريكية، تخضع عادةً الشركة الخاصة الناتجة عن هذا النوع من الاستحواذ إلى مجلس إدارة صغير يمثِّل شركة الاستثمار الخاصة، وعادةً ما يكون المدير التنفيذي هو العضو الوحيد بمجلس الإدارة من داخل الشركة.

يشمل الاستحواذُ الإداري الداخلي (الاستحواذ الداخلي) عادةً الاستحواذَ على قسم منفصِل أو شركة تابعة أو شركة عائلية خاصة، من قِبل شركة جديدة تحصل فيها الإدارة الحالية على نسبةٍ كبيرة من حصة الملكية، لا سيَّما في الصفقات الصغرى. وتتضمَّن الاستحواذات الداخلية عادةً مجموعةً صغيرة من كبار المديرين باعتبارهم حاملي أسهُم.

أما الاستحواذ الإداري الخارجي (الاستحواذ الخارجي)، فهو ببساطةٍ استحواذٌ إداري يكون فيه الأعضاءُ البارزون في فريق الإدارة من خارج الشركة. وعلى الرغم من أن الاستحواذ الخارجي يشبه الاستحواذَ الداخلي من الناحية الظاهرية، فهو يحمل مخاطرَ أكبر؛ نظرًا إلى أن الإدارة الجديدة الوافدة لا تتمتَّع بالمزايا المتمثِّلة في معرفة الأشخاص المنتمين إلى الشركة بالتفاصيل الداخلية لعملياتها التشغيلية. قد يتمتَّع الاستحواذُ المختلط (الخارجي/الداخلي) بالمزايا المتمثِّلة في الخبرة الريادية للمديرين المُعيَّنين من خارج الشركة، والمعرفة الداخلية الوثيقة التي تمتلكها الإدارةُ الحالية للشركة.

وكما جرت العادة، اقترنت عملياتُ الاستحواذ بإعادةِ تركيز الأنشطة الاستراتيجية الخاصة بالشركات المُدرَجة ذات الأداء الضعيف. فعلى سبيل المثال، أدَّى التفكك الشهير واللافت للنظر لشركة «آر جيه آر-نابيسكو» إلى اعتبار سلوكيات المستثمرين خطرًا داهمًا يحيق بالأبواب. فخلال الموجة الأولى من عمليات الاستحواذ في ثمانينيات القرن العشرين والموجة الثانية التي جرَت في العَقد الأول من هذا القرن، اعتبرت الاتحاداتُ العُمَّالية وبعض الأوساط السياسية هذه الأنشطةَ المثيرةَ للجدل تطبيقًا عمليًّا لمنهج «الشراء ثم التجريد والبيع»، حيث يبيع مُلاك الشركة الجُدد الأصولَ القيمة ويتخلَّصون من الشركة سريعًا ببيعها. أثبتت الأدلةُ أن هذه وجهة نظر مضلِّلة لعمليات الاستحواذ. فقد تُسفِر عملياتُ الاستحواذ الداخلي عن نوعَين من الأنشطة الريادية التي تسهِم في تكوين الثروة. أولًا، ينشأ عن إعادة تحليل الطريقة التي يعمل بها الاستحواذ مجموعةُ أفكار جديدة تقود إلى استغلال الموارد بفعاليةٍ أكبر. ثانيًا، قد يؤدي هيكل الحوافز الجديد الناتج عن حصة الإدارة في أسهم الملكية والتحرُّر من قيود الإدارة الأساسية إلى السعي وراء الفرص الريادية الجديدة.

يوضح جدول ٦-٥ أربعة أنواع رئيسية للاستحواذ.
جدول ٦-٥: التصنيف النوعي لعمليات الاستحواذ*
العقلية الفردية
العقلية الإدارية العقلية الريادية
سياقُ ما قبل الاستحواذ وعقلية اتخاذ القرار
الرُبع الأول: الاستحواذ الفعَّال

مشكلات الوكالة؛ مخاطر قليلة. القرارات قائمة بالأساس على البيانات المنهجية والمعايير المالية

الرُبع الرابع: فشل الاستحواذ

عدم توافق العقليات، ووسائل التحفيز، والإدارة

ما بعد الاستحواذ: تزايد الاعتماد على التمويل بالاقتراض والرقابة المالية ما بعد الاستحواذ: تزايد الاعتماد على التمويل بالاقتراض والرقابة المالية
سياقُ ما قبل الاستحواذ وعقلية اتخاذ القرار
الرُبع الثاني: الاستحواذ التنشيطي

تقيِّد الإجراءات البيروقراطية الابتكارَ والاستثمارَ اللازمَين للتنافس؛ مخاطر متوسطة. تستند قرارات تجديد القدرات التنافسية القائمة على الابتكارات على ما أثبتته بالفعل من نجاحٍ وسط المنافسين الأساسيين

الرُبع الثالث: الاستحواذ الريادي

تقيِّد الإجراءات البيروقراطية الابتكارات الثوريةَ المرتبطة بعدم اليقين والمعلومات المحدودة، أو سير الشركات القائمة على التكنولوجيا في الاتجاه الخاطئ؛ مخاطر كبيرة. قد يُسفِر المنطق القائم على الحَدْس المهني عن ابتكاراتٍ استراتيجية واتخاذ قراراتٍ فعَّالة

ما بعد الاستحواذ: تمويل مرن بالاقتراض ورقابة مالية من جانب شركات الاستثمار الخاصة ما بعد الاستحواذ: تمويل مرن بالاقتراض ورقابة مالية ومهارات تقنية من جانب شركات الاستثمار الخاصة
المصدر: منقول بتصرُّف عن رايت وآخرين (عام ٢٠٠٠)

قد تُسفِر آلياتُ الرقابة والتحفيز المستخدَمة في عمليات الاستحواذ عن تعزيز الكفاءة. ويُطلَق على هذا النوع شركات «الاستحواذ الفعَّال» (الرُبع الأول). إنَّ وسائل التحفيز والمكافآت المتاحة من خلال توفير حصة في أسهُم الملكية للإدارة، وتشجيع العمل تحت ضغط لسداد أقساط الفائدة الناتجة عن اقتراض مبالغ كبيرة للاستحواذ على الشركة، وتفعيل الرقابة النشطة من جانب شركات الاستثمار الخاصة، كل هذا يُسهِم في الحَدِّ من مشكلات الوكالة داخل الشركات القائمة الشهيرة في المجال ذات التدفُّقات النقدية التي كانت ستُهدَر على أشكال التنويع غير الفعَّال لولا ذلك. يُتوقَّع من المديرين التنفيذيين ذوي العقلية الإدارية أن يستجيبوا على نحوٍ إيجابي إلى الحوافز المالية المعزِّزة من خلال تحسين الكفاءات.

في المؤسسات الكبرى المتنوِّعة النشاط والمتكاملة، ربما تُعتمد الإجراءات البيروقراطية سعيًا لضمان مستوى الأداء. وربما تقيِّد هذه الإجراءات القدرةَ على التجريب وتُعيق النشاط الابتكاري. وربما تخفُّ حِدَّة هذه المشكلات بعد الاستحواذ. فبدلًا من اتباع ضوابط المقرَّات الإدارية الرئيسية المصمَّمة خصوصًا لتحسين مستوى أهداف الشركة الأم المتنوعة النشاط، ولكنها في الوقت نفسه تُعيق الابتكار والاستثمار، تخلق عملية الاستحواذ سلطةً تقديرية لفريق الإدارة الجديد ليقرِّر ما هو الأفضل بالنسبة إلى المشروع. وإذا تمتَّع المديرون الجُدد المالكون للشركة بالمعرفة الإدارية وحدها، فسيُسفِر هذا عن مستوى ابتكار محدود أو تدريجي. ويُطلَق على هذا النوع الأخير شركات «الاستحواذ التنشيطي» (الرُبع الثاني).

ربما تتمكَّن الإدارة ذات المعرفة أو العقلية الريادية، التي تتبنَّى أسلوبًا قائمًا على الحَدْس المهني لاتخاذ القرارات، من السعي وراء الفرص الريادية التي اكتشفتها، ولكن لم يكن في مقدورها سابقًا السعي وراءها داخل مجموعةٍ أكبر حجمًا. على سبيل المثال، قد تظهر عمليات الاستحواذ الريادي في المجالات القائمة على التكنولوجيا، حيث تعجز الشركة الأم (الشركة الأصلية) عن إدارة أو فهْم الشِّق التكنولوجي، في حين أن الإدارة المنفصِلة عن الإدارة الأصلية تفعل ذلك. يُطلَق على هذه المجموعة الفرعية شركات «الاستحواذ الريادي» (الرُبع الثالث). ويستلزم هذا النوعُ من الشركات وجودَ إدارةٍ تتمتع بمهاراتٍ فائقة واستثنائية لمعالجة المعلومات المحدودة والمنقوصة عن الفرص الجديدة، بدلًا من المديرين الذين يجيدون الاستجابةَ إلى الرقابة الوثيقة العازمة على منعهم من استغلال الجهد الكامل لتلبية مصالح حاملي الأسهُم (أي التهرب). توضِّح الدراسات التي أُجريت حول دوافع الإدارة للاستحواذ أهميةَ التحلي بالقدرة على تطوير الفرص الاستراتيجية التي لم يكن من الممكن تنفيذها في ظل إدارة المالكين السابقين، وعلى تقرير مصيرها. على سبيل المثال، استحوذت إدارةُ شركة «كوهلز» لبيع الملابس بالتجزئة على شركةٍ من مجموعة شركات بات الكبيرة المتعددة الأنشطة، وقدَّمت ابتكاراتٍ عديدة من بينها تصميمٌ جديد للمتجر، وحوَّلت الشركة إلى مزيجٍ من متجر متعدِّد الأقسام ومتجر قائم على التخفيضات.

قد يتمتع مديرو شركات الاستحواذ الريادي بالمهارات والدوافع اللازمة للسعي وراء الابتكارات الاستراتيجية، ولكن باعتبارها مشروعًا مغامرًا جديدًا، ربما يمكن ممارسةُ رقابة محدودة على الإدارة حتى بعد نمو الشركة بالدرجة الكافية لتحقيق الطرح العام الأولي في سوق الأوراق المالية. عندما تواجه شركةٌ بمثل هذه الظروف صعوباتٍ مالية، فربما توفِّر فرصةُ الاستحواذ الآلياتِ الضروريةَ للإدارة والحوكمة، والتي ستُتيح الاستمرارَ في استغلال الفرص المبتكَرة، ولكن بطريقةٍ منضبِطة وأكثر فاعلية. وهذا النوع الأخير من الاستحواذ الريادي يُطلق عليه «الاستحواذ على شركات التكنولوجيا المتعسِّرة». فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية خُصْخِصت شركة «سيجيت تكنولوجي» المتعسِّرة، والتي تعمل في مجال إنتاج مشغِّلات الأقراص، في بداية إدراجها العام في البورصة في عام ٢٠٠٠. حدثَ هذا من أجل تمكين الشركة من إعادة هيكلة وتطوير منتجات جديدة مبتكَرة بهامش ربح أكبر بعيدًا عن طلبات التداول القصيرة الأجل في سوق الأوراق المالية. وبحلول عام ٢٠٠٢، عادت الشركة بنجاح إلى سوق الأوراق المالية، وبحلول أغسطس ٢٠٠٣ كانت قد حصلت على لقب الشركة رقم واحد في الابتكار والريادة بمجال إنتاج مشغِّلات الأقراص، وفقًا إلى مجلة «في إيه آر بيزنس».

ولتيسيرِ تطويرِ مزيدٍ من عمليات الاستحواذ الريادي، ربما تتطلب الشركاتُ مستوًى معينًا من التمويل بالاقتراض أقلَّ من المستوى الطبيعي لعمليات الاستحواذ التي تتم في القطاعات الناضجة، بالإضافة إلى شركة استثمار خاصة تتمتع بمهاراتٍ إبداعية أكثر مما تتطلبه عادةً عملياتُ الاستحواذ. يتيح هذا المنهج للتوسُّع في مفهوم الاستحواذ المدعوم من شركات الاستثمار الوصولَ إلى المزيد من القطاعات المبتكَرة والموجَّهة نحو النمو. وأينما يحدُث عدم توافق بين إتاحة الفرص وهيكل الإدارة، والعقلية الإدارية، يحدُث «فشل الاستحواذ» (الرُبع الرابع).

يمكن أن يضمن الاستحواذُ استمرارَ الشركة العائلية. ويمكن شراءُ جميع أو أغلبية أسهم التصويت العادية في الشركة العائلية الخاصة السابقة من قِبل مديرين سابقين لا تربطهم صلةٌ عائلية بالمالكين السابقين. قد يحافظ الاستحواذُ الإداري على هوية الشركة العائلية (السابقة) وثقافتها، ويمكن الحفاظ على الدَّخْل المعنوي (أي العائد الجوهري الناتج عن الانضمام إلى شركة عائلية) للمالكين السابقين من أفراد العائلة إذا ما ضمنوا المشاركةَ المتواصلة في عملية الاستحواذ على الشركة العائلية (أي إقامة شبكات تواصل مع المورِّدين القائمين والعملاء، وما إلى ذلك). يتمتَّع المديرون من خارج العائلة بالقدرةِ على اكتشاف واستغلال فرص النمو التي كان من الممكن مقاومتُها قبل الاستحواذ من قِبل أصحاب الشركة العائلية السابقين، الذين ربما كانوا يهتمون أكثرَ بالأجندات التي تتوافق مع نمط حياة العائلة أكثرَ من الأجندات التي تركِّز على تطوير الكفاءة والربحية. وفي بعض الحالات التي طوَّر فيها المُلَّاك المُهيمِنون من داخل العائلة إدارةً ثانوية قوية، قد يستلزم الأمر مجموعةً من المهارات الإدارية من خارج الشركة العائلية لشراء الشركة عن طريق الاستحواذ الخارجي من أجل الاستفادة من الفرص الريادية التي كانت تُهدَر في الماضي.

الشركات المنبثِقة الأكاديمية المنشأ

حتى الآن، كنا قد ركَّزنا على الأنشطة الريادية النابعة من سياقٍ تجاري. إلا أن السياق غير التجاري المعتاد الخاص بالجامعات يُفسِح المجال على نحوٍ متزايد أمامَ تأسيس شركاتٍ منبثِقة لنقل الابتكارات من المختبَر إلى السوق.

يتمثَّل حجر الزاوية لسياسات المشروعات الريادية في تشجيع الشركات الجديدة المبتكَرة التي يمكنها أن تلعب دورًا رئيسيًّا في تعزيز النمو الاقتصادي. فالشركات القائمة على التكنولوجيا الجديدة التي أسَّسها الأكاديميون، والتي انبثقت عن الجامعات ومعاهد البحث العلمي، تُثير الاهتمامَ العالمي باعتبارها مصادرَ جديدة محتمَلة لريادة الأعمال، والتي يمكنها أن تقدِّم إسهامًا كبيرًا للنمو والتنمية الاقتصادية. يكمُن الدافعُ وراء هذا النوع من التنمية في انخفاض التمويل الحكومي للبحث العلمي في الجامعات، والجدل العام المتزايد حول دور الجامعات في المجتمع، والتعديلات التشريعية بخصوص المِلكية واستغلال المِلكية الفكرية التي ابتُكِرَت داخل الجامعات. تستهدف الجامعاتُ أن يؤسِّس الأكاديميون شركاتٍ منبثِقة، تتمتع فيها كلٌّ من الجامعة والأكاديميون بحصص مِلكية، من منطلق الاعتقاد بأن هذه الشركات ستُحقق تدفُّقاتٍ ربحيةً كبيرة ومكاسبَ رأسمالية عند بيعها. تتمثَّل التوقُّعات في أن الأرباح التي ستُحققها الشركاتُ الأكاديمية المنبثِقة ستفوق الأرباحَ التي ستُحققها اتفاقاتُ الترخيص الأكثر تقليدية وعقود الأبحاث العلمية. ورغم ذلك، ثَمة جدلٌ دائر حول ما إذا كان هذا هو الوضع فِعلًا، أم إن الجامعات نجحت في ابتكار شركاتٍ منبثِقة ذات إمكاناتٍ لتحقيق مكاسبَ رأسمالية كبيرة. في هذا الصدد، تقدِّم شركة «رينوفو» التي تناولناها في الفصل الثالث مثالًا على الشركة الأكاديمية المنبثِقة.

بالتعريف الضيق، تتعلَّق الشركاتُ الأكاديمية المنبثِقة بالمشروعات المغامِرة الجديدة المعتمِدة على منْح ترخيص أو تنازُل الجامعة عن ملكيتها الفكرية لتأسيس الشركة. قد تتمتع الجامعة بحقوق ملكية في الشركة الأكاديمية المنبثقة في مقابل التنازل عن حقوق براءة الاختراع، أو عوضًا عن الحصول على رسوم الترخيص. لا تقوم نسبةٌ كبيرة من الشركات المنبثقة من الجامعات على مِلكية فكرية رسمية مقنَّنة، ولا تشمل حصصَ أسهم تمتلكها الجامعات. ويعتمد النوع الأخير من الشركات الناشئة التي يؤسِّسها أعضاءُ هيئة التدريس على حقوق الملكية الخاصة بالفرد أو المعرفة الخاصة به. وبقدرٍ ما، أسَّس الأكاديميون على مدارِ سنواتٍ عديدة مِثلَ هذه المشروعات المغامِرة. وحاولت التطويرات الأخيرة التي أجراها أربابُ العمل الجامعيون أن تضع حدًّا لهذه المشروعات المغامرة غير الرسمية، إن لم تكن محاولة القضاء عليها من الأساس. وتتوقَّف الأهمية النسبية للشركات الأكاديمية المنبثِقة، التي تتضمَّن حقوقَ ملكية فكرية رسمية وتلك الشركات التي لا تتضمن ذلك، على إجراء الأبحاث داخل الجامعة، أو المناخ العام للدولة (بمعنى أن الملكية الفكرية تعود في بعض الدول إلى العالم، لا إلى الجامعة)، أو سياسة الجامعة بخصوص حقوق الملكية الفكرية، أو النشاط الريادي الخاص بالأكاديميين أنفسهم.

يمكن أيضًا أن تُؤسَّس الشركات القائمة على التكنولوجيا الجديدة على أيدي الخريجين بعد تخرُّجهم في الجامعة، أو على أيدي غير المنتمين إلى الجامعة، والذين يستغلون المِلكية الفكرية التي ابتكرتها الجامعات. وعلى الرغم من أنه من المحتمَل أن تكون أعداد هذه الأنواع من الشركات كبيرة جدًّا، فعادةً لا يتَّضح ما إذا كانت هذه الشركاتُ الناشئة مرتبطة بمعرفة معينة تكوَّنت وانتقلت في نطاق الجامعة، أم إنها معتمدة على معرفةٍ اكتسبها الخريجون خارج الحرم الجامعي.

يتوافر لدى الأكاديميين الذين يؤسِّسون شركاتٍ منبثقة عدة خيارات. فربما يتركون الجامعة ويكرِّسون أنفسهم بالكامل للعمل في الشركة الأكاديمية المنبثِقة. أو بدلًا من ذلك، ربما يستمرون في العمل مع الجامعة ويعملون أيضًا في الشركة بدوام جزئي. وثَمة نقطةٌ خِلافية حول ما إذا كان في مقدور العلماء الأكاديميين العظماء أن يتحوَّلوا إلى روَّاد أعمال عظماء مع مراعاة خلفيتهم غير التجارية عادةً. ويمكن أن تقدِّم الاستعانةُ برائد أعمال مفوَّض (خارجي) ذي خبرة تجاريةٍ المعلوماتِ الرياديةَ الناقصة للتمكُّن من تطوير الابتكار ليخرج من المختبَر ويصير منتجًا عمليًّا مطروحًا في الأسواق. إنَّ وجودَ مزيج من روَّادِ أعمال أكاديميين وروَّادِ أعمال مفوَّضين في مجلس إدارة الشركة الجديدة، ربما يمكِّن الجامعاتِ من استغلال المزايا الفنية المستمدَّة من مشاركة المخترِع المعرفةَ التجارية الخاصة بروَّاد الأعمال المفوَّضين في الوقت نفسه.

تختلف الشركات الأكاديمية المنبثِقة في قُدرتها على تحقيق مكاسبَ رأسمالية كبيرة. ويوضِّح جدول ٦-٦ أن طبيعة الدعم الذي تقدِّمه الجامعاتُ إلى الشركات الأكاديمية المنبثِقة تختلف، وهو ما يمكن أن يحدِّد شكلَ تطوُّر المشروع. ميَّز مايك رايت وزملاؤه بين أنواع الشركات الأكاديمية المنبثِقة المدعومة برأس المال المُغامِر (١٠٪ من الشركات المنبثِقة)، والشركات المنقِّبة عن الفرص (٥٠٪)، والشركات المعنية بنمط الحياة (٤٠٪).
جدول ٦-٦: أنواع الشركات الأكاديمية المنبثقة*
شركة مدعومة برأس المال المُغامِر شركة مُنقِّبة عن الفرص شركة مَعنيَّة بنمط الحياة
صلة مؤسَّسية مشاركة رسمية علاقة حصة المِلكية قائمةٌ على نظام مُعقَّد للمِلكية الفكرية علاقات حصة المِلكية قائمةٌ على براءة اختراع واحدة أو لا شيء رخصة، عقد، صلة غير رسمية
مكانة فريق البحث العلمي معروف عالميًّا في مجال واسع النطاق معروف عالميًّا في مجال فرعي أو معروف على المستوى المحلي متنوِّعة
نموذج أعمال قبول مستثمر في مقابل قبول السوق قبول المستثمر قبول المستثمر والسوق قبول السوق
نموذج تحديد القيمة استراتيجية واضحة لتعظيم المِلكية الفكرية أو امتلاك سلسلة توريد استراتيجية للاستعداد للبيع التجاري/الطرح العام الأولي في سوق الأوراق المالية استغلال الوقت الاستغلال الأمثل لتحقيق نقطة تَعادل بين المكسب والخسارة وقيمة البيع التجاري المستقبلي، لا توجد استراتيجية بيع واضحة بعد تحقيق الاستغلال الأمثل للأرباح
موارد تكنولوجية درجة الإبداع تكنولوجيا مُربِكة أو سوق مُربِكة منتجات جديدة قائمة على تكنولوجيا غير مُربِكة منتجات/خِدمات جديدة تلبِّي احتياجات السوق التي لم تُلَبَّ بكل وضوح
مرحلة المنتج/تطوير الخدمة مبكرة، وأحيانًا غير محدَّدة نموذج أولي (تجريبي) منتجات/خدمات جاهزة تقريبًا للطرح في الأسواق
اتساع نطاق مفهوم التكنولوجيا يمكن أن يكون واسعًا محدود لا ينطبق
موارد مالية مشاركة رأس المال المُغامِر قادرة على اجتذابِ ما بين مليون واحد وخمسة ملايين مليون يورو في أول ثمانية عشر شهرًا من التأسيس عدد أقل من المموِّلين الملائكة، أو رأس مال مُغامِر صغير، أو استثمار على هيئة صندوق تمويل حكومي عادةً لا تكون هناك حصة مِلكية خارجية، مشاركة بعض المموِّلين الملائكة محتمَلة
مزيج تمويلي نسبة كبيرة من حصة المِلكية الخارجية، أحيانًا تمويل بالاقتراض، استعانة مكثَّفة بالإعانات مزيجٌ من رأس المال الخارجي والقروض الميسَّرة والإعانات تمويل داخلي واستدانة وبعض القروض الميسَّرة
موارد بشرية فريق متوازن رائد أعمال مفوَّض أو خبير مُعيَّن لأداء مهام ريادية علماء تقنيون يتصرَّفون وكأنهم روَّاد أعمال علماء تقنيون
خبرة بالقطاع خبرة إدارية، تميُّز في الأبحاث قليلٌ مَن يتمتعون بالخبرة خبرة كبيرة بالقطاع
موارد اجتماعية الشراكة في الشركة الناشئة شراكة رسمية مع حَمَلة الأسهم (رأس مال مُغامِر، مقدِّمو الخدمات التكنولوجية) لا يوجد إتاحة رسمية للمستخدِم الرئيسي
المصدر: رايت وآخرون (عام ٢٠٠٧)

تُعَدُّ نوعيةُ الشركات المدعومة برأس المال المُغامِر على الأرجح الأكثرَ جاذبية من وجهة نظر السياسات. إذ تتمتَّع هذه الشركات بتكنولوجيا لها القدرة على خلق أسواقٍ جديدة كبيرة وذات مكسب رأسمالي يتحقَّق على الأرجح عن طريق طرح أسهُمها في سوق الأوراق المالية (أي الطرح العام الأولي)، أو البيع إلى شركة قائمة متعدِّدة الجنسيات. ويكون السعي وراء الحصول على دعمٍ كبيرٍ برأس مال مُغامِر في المراحل الأولى من أجل تطوير التكنولوجيا وتحويلها إلى منتجاتٍ ستُدِرُّ إيراداتٍ لاحقًا. وفي كثير من الحالات، ربما لا تكون هذه المشروعات المغامرة قد ولَّدَت مصادرَ إيراداتٍ من منتَجاتها (فضلًا عن توفير دَخْلٍ للاستشاريين) قبل طرحها العام الأولي، بسبب مُهَل التنفيذ الطويلة جدًّا وارتفاع نسبة المخاطرة أثناء تطويرها عبْر المراحل المختلفة للتجارب السريرية وموافقات الجهات التنظيمية أو الرقابية. يجب أن تكون هذه الشركات الأكاديمية المنبثِقة قادرة على جذب معظم الباحثين الذين كانوا يعملون في مجال التكنولوجيا بالجامعات للحفاظ على المصداقية العِلمية. تتمتَّع أغلبُ الجامعات على الأرجح بعددٍ محدود جدًّا من فِرق البحث ذات الأبحاث الرائدة على المستوى العالمي، القادرة على ابتكار هذا النوع من الشركات المنبثقة.

يتمتَّع كثيرٌ من الشركات الأكاديمية المنبثِقة بإمكاناتٍ محدودة، وتُصنَّف على أنها من نوع الشركات «المنقِّبة عن الفرص». وبوجه عام، لا تكون القاعدة التكنولوجية التي تشكِّل أساسًا لها جديدة بالقدْر الكافي لتوفِّر شركات نمو وأسواق جديدة بصورة جذرية. وعادةً ما يكون لهذه الشركات نموذجٌ أولي خاضع لحماية براءة اختراع يمكن بيعها لتحقيق الإيرادات. وهذا النوع من الشركات قادرٌ على اجتذاب التمويل الخارجي من صناديق التمويل الحكومية أو شركات الاستثمار الخاصة ذات الصلة بالجامعات أو مختبرات البحث العلمي الحكومية. وعادةً ما تبدأ هذه الشركات بنموذج أعمال يتبع بالأساس نموذجَ البحوث التعاقدية أو مسارًا استشاريًّا، وتحاول تحديد منتج لطرحه تجاريًّا. وفي المراحل المبكِّرة من الشركة الناشئة، ربما لا يكون نموذج الأعمال واضحًا، وقد تدعو الحاجة إلى تعديله بصورة كبيرة عند تأسيس الشركة.

بوجه عام، عادةً ما تبدأ الشركات الأكاديمية المنبثقة المعنية بنمط الحياة صغيرةً دون حقوق مِلكية فكرية رسمية من جانب الجامعة، ولكن ربما تعتمد على أنشطة استشارية خاصة بشخصٍ أكاديمي يتمتع بخبرة طويلة في مجال معيَّن. حتى وإن ظلَّت بصفتها شركات موجَّهة نحو النمو المحدود، فربما تكون قيمتُها المضافة بصفتها مجموعة مهمةً من الناحية الاقتصادية؛ ذلك أن عددًا كبيرًا من هذه النوعية من الشركات الأكاديمية المنبثقة بدأت في الظهور. عادةً ما يميل موظِّفو نقل التكنولوجيا في الجامعات إلى تقديمِ دعم محدود جدًّا إلى هذا النوع من الشركات؛ نظرًا لأن الاحتمالات الإيجابية محدودة. ورغم ذلك، فهي ذات متطلباتٍ أقل من حيث الموارد البشرية والموارد المالية والموارد التقنية، ويمكن أن تزيد من إمكانيةِ تسليطِ الضوءِ على الجامعات في المنطقة المضيفة. وهذا النوع من الشركات الأكاديمية المنبثقة يمثِّل أساسَ الجامعات الريادية.

نادرًا ما تُؤسَّس المشروعاتُ الريادية المغامرة على نحوٍ مكتمِل الشكل. فهي تتطوَّر بوجه عام عبْر مراحل متنوعة مع مرور الوقت. وقد يمثِّل هذا التطوُّر تحديًا خاصًّا بالنسبة إلى الشركات الأكاديمية المنبثقة الساعية إلى تطوير الابتكارات، التي لم تتضح فيها ملامحُ المنتج الأولي ولا السوق المحتمَلة من البداية. ولكي تتمكَّن من التطوُّر بنجاح، يجب على الشركات الأكاديمية المنبثقة أن تتعامَل مع المراحل الأربع التالية ذات الأهمية الحاسمة:
  • إدراك الفرصة: يجب على الشركة المنبثقة أن تكتسِب القدرة على دمْج المعرفة العلمية بفهم السوق التي ربما تدخلها. وربما يستلزم الأمر تكوين شبكات تواصل مع العاملين في السوق من خارج البيئة العلمية للجامعة.
  • الالتزام الريادي: يجب على الشركة المنبثقة أن تكتسب بطلًا رياديًّا، سواءٌ أكان شخصًا أكاديميًّا أم رائدَ أعمال مفوَّضًا ملتزِمًا بتطوير المشروع المُغامِر. وفي حال وجود مشكلة، فإنها تنشأ فيما يبدو عن عدم توفير الجامعات للموارد الكافية وشبكات الاتصال، أو عن عدم وضع المكافآت والسياسات المناسبة.
  • المصداقية: يجب على الشركة المنبثقة أن تتعامل مع مسئوليات الحداثة وصِغر الحجم. تمثِّل المصداقية مع الشركاء التجاريين والمموِّلين إشكاليةً ذات طابع خاص؛ نظرًا إلى غياب سِجل المتابعة التجاري لروَّاد الأعمال الأكاديميين، والطبيعة غير الملموسة لموارد الشركة المنبثقة في هذه المرحلة المبكرة، والبيئة غير التجارية التي تنشأ منها الشركة الأكاديمية المنبثقة. إنَّ بناء علاقاتٍ مع روَّاد أعمال مفوَّضين أثناء المراحل المبكرة من التطوير، بالإضافة إلى إظهار إثبات على صحة المفهوم وإمكانية وجود مجموعة من المنتجات، والانتقال إلى مبانٍ ذات طابع تجاري بعيدًا عن الجامعة، قد تساعد في إبراز النهج التجاري المتبَع بالنسبة إلى العملاء والمستثمرين المحتمَلين.
  • عوائد مُستدامة: يجب على الشركة المنبثقة أن تنمِّي قدراتٍ ريادية تمكِّنها من معالجة أوجه القصور منذ المراحل المبكرة، وتحويلها إلى نقاط قوة على مستوى الموارد والإمكانات ورأس المال الاجتماعي.

تتبنَّى الشركاتُ الأكاديمية المنشأ أنواعًا مختلفة من استراتيجيات النمو لاستغلال الفرص المتولِّدة عن الملكية الفكرية الصادرة عن المختبرات. تستهدف استراتيجيةُ سوق المنتجات على الأرجح تحقيقَ نمو على صعيد الإيرادات لتأسيس مشروع تجاري مُستدام النمو. وعلى النقيض من ذلك، ينصب التركيز الأكبر لاستراتيجية السوق المالية على خلق قيمة تمكِّن الشركة من الإدراج في سوق الأوراق المالية، أو بيعها إلى شريك استراتيجي. ويمكن تحقيق القيمة المتنامية من خلال تعزيز قيمة العلم والتكنولوجيا داخل الشركة، حتى وإن لم تتحقَّق مبيعات المنتجات، أو من خلال استراتيجية مختلطة قائمة على تعزيز قيمة التكنولوجيا وتحقيق المبيعات، ربما في البداية من خلال تقديم المشورة والخدمات. وقد يتأثَّر هذا الخيار بطبيعة القطاع الخاص بالمشروع المغامر ونظام حفظ الحقوق الفكرية؛ أي القدرة على حماية الملكية الفكرية من خلال براءات الاختراع أو حقوق النشر والتأليف، التي ربما تختلف اختلافًا كبيرًا — على سبيل المثال — بين قطاعَي التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا المعلومات. سيتأثر الاختيارُ بين استراتيجيات الاستغلال التجاري هذه بإمكانية الوصول إلى الأصول التكميلية الضرورية المرتبطة بكل استراتيجية نمو. تقتضي استراتيجياتُ سوق المنتجات ضرورةَ اكتساب رأس مال بشري يتمتع بخبرةٍ في مجال الاستغلال التجاري. وتقتضي استراتيجيات السوق المالية ضرورةَ الوصول إلى أصول رأس المال البشري التكميلية التي يمكن أن تساعد في تطوير التكنولوجيا.

المؤسسات الاجتماعية

تتضمَّن ريادة الأعمال الاجتماعية إدراكَ مشكلة اجتماعية والاستعانة بمبادئ ريادية من أجل ابتكار مشروع اجتماعي وتنظيمه وإدارته لإحداث تغيير اجتماعي أو ثقافي أو بيئي. وعلى عكس ريادة الأعمال التجارية التقليدية، فإن الدافعَ الأساسي لرائد الأعمال الاجتماعي هو تحقيق عوائد إيجابية للمجتمع، وخلق قيمة اجتماعية يصعب قياسها (أي تكوين ثروة إجمالية قد تكون مالية وغير مالية). ومن المهم أن نذكُر أنه على الرغم من أن روَّاد الأعمال الاجتماعيين مرتبطون عمومًا بالقطاعات التطوعية وغير الربحية، فينبغي ألا يحول هذا دون تحقيق ربح مالي.

ومع أن ريادة الأعمال الاجتماعية لم تشتهر إلا في السنوات الأخيرة، فهي تتمتع بتاريخ طويل. إذ أُنشئت أول مؤسسة اجتماعية في إنجلترا في أربعينيات القرن التاسع عشر في بلدة روتشديل، بمقاطعة لانكشاير على هيئة مؤسسة تعاونية عُمَّالية تقدِّم أطعمة عالية الجودة بأسعار معقولة لمواجهة ظروف العمل في المصانع التي كانت ذات ظروف استغلالية. ثم ظهرت المؤسسات الاجتماعية مرةً أخرى في المملكة المتحدة في منتصف تسعينيات القرن العشرين بانتشار كثيف على هيئة مؤسساتٍ تعاونية واجتماعية، وجمعياتٍ خيرية مغامرة، وغيرها من أشكال المشروعات الاجتماعية (https://www.socialenterprise.org.uk/about/about-social-enterprise/). ومع ذلك، تتنوع المؤسساتُ الاجتماعية من حيث الأهداف، والعضوية، والشكل القانوني، والحجم، وتتنوَّع ما بين الشركات الوطنية والدولية الكبيرة، وصولًا إلى الشركات الصغيرة القائمة على جهود المجتمع المحلي. يتمثَّل أحدُ المخاطر المحتمَلة المقترنة بانتشار المؤسسات الاجتماعية مؤخرًا في محاولة المؤسسات التجارية الاستيلاء على العلامة التجارية الاجتماعية، وتضمينها في تقديم سلعها وخدماتها.

ينبغي أن تتمتع المؤسساتُ الاجتماعية برؤيةٍ واضحة عن رسالتها الاجتماعية؛ فيما يتعلق بالفارق الذي تحاول إحداثه، ومَن تهدف إلى مساعدته، وكيف تعتزم تنفيذ ذلك. وبوجه عام، تولِّد المؤسساتُ الاجتماعية دَخْلًا لها من خلال بيع السلع والخدمات، لا من خلال المِنح والتبرعات. في الواقع، يتحوَّل عددٌ متزايد من الجمعيات الخيرية بعيدًا عن النماذج التقليدية لجمْع التبرعات لتصبح أشبه بالمشروعات التجارية لضمان استمراريتها. تمتلك المؤسسات الاجتماعية عمومًا قواعدَ واضحة تنصُّ على أن الأرباح سيُعاد استثمارها لتطوير رسالتها الاجتماعية. ومع ذلك، فاعتمادُ الصفة الخيرية في أنشطتها قد يضمن لها تخفيفًا ضريبيًّا يساعد في الاحتفاظ بالفائض لتطوير الرسالة الاجتماعية. ورغم أن المؤسسات الاجتماعية قد تستعين بنفس الأشكال القانونية التي تتخذها الشركاتُ والجمعيات التعاونية العادية، تقدِّم الشركات ذات الاهتمام المجتمعي شكلًا قانونيًّا مصمَّمًا للمؤسسات الاجتماعية على وجه الخصوص. فهي تتمتع بهدفٍ اجتماعي يخضع للتنظيم، لضمان أن المؤسسة لا يمكنها أن تحيد عن رسالتها الاجتماعية، وأن أصولها محمية من البيع الخاص.

يختلف روَّادُ الأعمال الاجتماعيون باختلاف أنشطتهم الريادية. فبعضُهم أشخاصٌ ذوو أنشطة اجتماعية متعددة يركِّزون من خلالها على تلبية احتياجاتٍ اجتماعية محلية على نطاق صغير بالموارد المتاحة في متناول أيديهم أيًّا ما كانت هذه الموارد. والمجموعة الثانية هي أنصار البنائية الاجتماعية الذين يطوِّرن السلع والخدمات لتلبِّي احتياجاتٍ لم تتعامل معها المؤسساتُ والشركات الحالية تعاملًا وافيًا، وقد تُراوِح أنشطتهم ما بين نطاق صغير وكبير. وثمَّة مجموعة ثالثة، وهي المهندسون الاجتماعيون الذين يحدِّدون المشكلات النظامية ويتعاملون معها عبر التغييرات الجذرية القائمة على تسخير الدعم السياسي الشعبي. قد تختلف القيمة الاجتماعية التي خلقتها هذه النوعياتُ المختلفة من روَّاد الأعمال الاجتماعيين بسبب السياقات المختلفة التي يعملون فيها وأهدافهم السياسية المختلفة.

يتمثَّل الهدفُ الرئيسي للمؤسسة الاجتماعية في رسالتها الاجتماعية أو/والبيئية. ومن الجدير بالذكر أن المؤسسة الاجتماعية تحاول أن تُعظِّم قدْر المنفعة الاجتماعية التي تبتكرها في مقابل أهدافها المالية. ومع ذلك، تحاول الشركات التي تتمتع بالمسئولية الأخلاقية تقليلَ تأثيرها السلبي على المجتمع أو البيئة.

في الولايات المتحدة الأمريكية، تُعَدُّ ظاهرة ريادة الأعمال الاجتماعية ظاهرةً رائجة، وتنشر مجلة «فوربس» قائمةً بأهم روَّاد الأعمال الاجتماعيين، فضلًا عن قائمة الأثرياء المعهودة الخاصة بها. تشارك المؤسسات الاجتماعية في مجموعة مختلفة من القطاعات ذات أهدافٍ اجتماعية متنوعة. ومن الأمثلة الجديرة بالذكر لروَّاد الأعمال الاجتماعيين: جوردان كاسالوف، اختصاصي تصحيح الإبصار، الذي يدير مؤسسةً تبيع نظارات القراءة الجاهزة إلى مواطني العالَم النامي؛ وسام جولدمان ونيد توزون مؤسِّسا شركة «دي لايت ديزاين»، اللذان يصنِّعان مصابيحَ كهربائية زهيدة الأسعار، ويبيعانها في المجتمعات التي لا تحظى بإمداداتٍ كهربائية يمكن الاعتماد عليها؛ وتوم سكازي الذي تسرَّب من التعليم بجامعة برينستون ليؤسِّس شركة «تيراسايكل»، التي تبيع الأسمدة وأكثر من ٢٥٠ منتجًا مصنوعًا من ستين مجرًى من مجاري النُّفايات؛ وجين تشين التي أسَّست شركة لتصنيع جهاز أشبه بحقيبة نوم يُدعَى «ثيرمبود»، يساعد في تدفئة الأطفال المبتسرين في المستشفيات والعيادات التي تحظى بإمداداتٍ كهربائية ومصابيحِ تدفئة لا يُعوَّل عليها.

في عام ٢٠١٢، رشَّح قُراء مجلة «بيزنس ويك» مؤسسةَ «ذا باراديم بروجيكت»، التي تروِّج لمواقد طهي تعمل بالخشب أو الفحم النظيف في كينيا وجواتيمالا، كأفضل مؤسسة اجتماعية ربحية. يوثِّق المراجعون المُعتمَدون من الأمم المتحدة إلى أي مدًى تحدُّ هذه المواقد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتروِّج الشركة لخفض هذه الانبعاثات على نحوٍ يشيد به المراجعون. تساعد شركة «سسيكو دزاينز»، وهي مثالٌ آخر على المؤسسات الاجتماعية، النساءَ الأقل حظًّا في أوغندا والواعدات أكاديميًّا لكسب المال اللازم لسداد المصاريف الجامعية. تتولى الشركة، ومقرُّها الولايات المتحدة، تعليم النساء المشاركات الحِياكة. وبعد العمل لمدة تسعة أشهُر في مصنعها بالعاصمة الأوغندية كامبالا، تخرج المشاركات ومعهن المبلغ الكافي للالتحاق بالسنة الدراسية الأولى بالجامعة.

وفي المملكة المتحدة، يُعَدُّ كلٌّ من جريدة «ذا بيج إيشو» و«ذا إيدن بروجيكت» ومطعم «فيفتين» الذي أسَّسه جيمي أوليفر أمثلةً على المؤسسات الاجتماعية. وفي المملكة المتحدة أيضًا، تُعَدُّ شركة «كافيهديركت» أكبرَ شركةِ مشروباتٍ ساخنة قائمة على التجارة العادلة، وتأخذ «مؤسسة ألفيز وكريس» النُّفايات الصناعية وتحوِّلها إلى أمتعة وحقائب يدوية أنيقة، وتتبرع بنسبة ٥٠٪ من أرباحها إلى «مؤسسة فاير فايترز» الخيرية، وتُعلِّم «مؤسسة هيل هولت وود» الشبابَ المستضعَفين في أجواء غابة قديمة، وتُعَد «مؤسسة سنترال ساري هيلث» مؤسسةً اجتماعية رائدة في مجال الرعاية الصحية تديرها فِرقُ التمريض والعلاج التي تُعيِّنها المؤسسة، وتأخذ «شركة جرين ووركز» الأثاثَ المكتبي الذي كان سيُرسَل إلى مَكبِّ النُّفايات وتَعرِضه بتخفيضٍ كبير للجمعيات الخيرية وغيرها من المؤسسات. بالإضافة إلى ذلك، تُعَدُّ الشركات الفائزة بجوائز مثل «ديفاين تشوكُليت»، وهي شركة قائمة على التجارة العادلة تعمل في تجارة الشوكولاتة، ويُشارِك في مِلكيتها «شركة كوابا كوكو» التعاونية لمُزارعي الكاكاو في غانا، و«شركة ويمن لايك آس» التي تعمل بمثابة حلْقة الربط بين النساء وجهات العمل المرِنة، أمثلةً أخرى على المؤسسات الاجتماعية.

تشجِّع «مؤسسة إيكو لايتهاوس» المشروعات الاجتماعية، وتدعم وزارة البيئة النرويجية البرنامجَ البيئي المعتمَد الذي تقدِّمه المؤسسة. كما تساعد المؤسسة الشركات على تنفيذ عملياتٍ مربِحة وصديقة للبيئة. وتُشجَّع الممارساتُ الصديقة للبيئة من حيث استخدامها للموارد، والطاقة، والمواد الكيميائية، وطرق التخلص من النُّفايات، والنقل، والتعامل مع المورِّدين. ومن ثَم، تستطيع الشركات الحاصلة على شهادة «إيكو لايتهاوس» أن تحشد مورِّدًا يحظى بالمشروعية وعاليَ الجودة على نحوٍ ملحوظ، والذي يمكن إبرازه للحصول على مواردَ أخرى من مقدِّمي مواردَ خارجيين محتمَلين. وأثناء عملية الاعتماد، تتواصل كلُّ شركة مع استشاري خارجي. يسهِّل هذا الاستشاري للشركات المشارِكةِ وضعَ الاستراتيجيات التي تستوفي الشروطَ التي يفرضها مجالٌ بعينه، ولكنه في الوقت نفسه يشجِّع على تحقيق ميزة تنافسية مستدامة مع قابلية تحقيق النجاح المالي. ويضمن مُراجع مستقل خارجي أن شهادة «إيكو لايتهاوس» لا تُمنح إلا إلى الشركات التي تنفِّذ جميع الممارسات التي تحدِّدها المؤسسة (مثل أهداف الشركة، والتخطيط، ومعايير مراقبة الجودة، والاحتفاظ بالسجلات، وتدريب الموظفين وتعليمهم). تكون شهادة الاعتماد صالحةً لمدة ثلاث سنوات. ويمكن تجديدها إذا استوفت الشركةُ شروط شهادة «إيكو لايتهاوس»، التي تخضع للتقييم باستمرار وقابلة للزيادة وفقًا لمعاييرِ السوق والمعايير التنظيمية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤