الخاتمة

اضطرمت ثورة المهدي قبل وقوع الاحتلال البريطاني لمصر، وصادفت نجاحًا في بدء الأمر لِمَا كان عليه حاكم السودان العام في ذلك العهد — وهو رءوف باشا — من ضعف وقصور، ولكن الحالة تغيرت على أثر تعيين عبد القادر باشا في هذا المنصب؛ بسبب ما أبداه هذا القائد البارع من المقدرة في التصرُّف بقوات البلاد المحلية التي كانت لديه. ولو ساعدته المقادير وأرسل إليه الجيش الذي أرسل إلى هكس باشا فيما بعدُ وعدده ١٥٠٠٠ جندي، لتَمَكَّنَ بلا ريب من إخماد الثورة في وقت قصير، ونشر الأمن في أرجاء السودان.

ولكن حدث إذ كان النصر حليف عبد القادر باشا أن احتلت بريطانيا القطر المصري، وبالرغم من أن الحكومة البريطانية أعلنت زهدها في السودان، وأكدت أن لا مطمع لها فيه، ولا شأن لها فيما يجري في أنحائه، وأنها لا تريد أن تتدخل في أموره. نعم، حدث أنها مع ذلك تدخلت بكيفية فعالة، آل الأمر بعدها إلى استدعاء عبد القادر باشا وإحلال هكس باشا محله يعاونه طائفة من الضباط البريطانيين كهيئة أركان حرب. ولقد قيل حينئذٍ إن الحكومة المصرية كانت مستقلة فيما صنعت تمام الاستقلال، وأنها فعلت ذلك بمجرد مشيئتها، وبغير أي إيعاز أو تدخُّل من الحكومة البريطانية، ولكن هذ ا الزعم لا ينطبق على الواقع، ولا يمكن أن يقبله مَنْ عِندَه مسكةٌ من عقل؛ فإنه لم يحدث قط أن أمة استدعت قائدها المظفر، ولنا فيما ضربته الحكومة البريطانية من مثل دليل بين على ما نقول، فإنها لا تعزل قوادها وإن أخفقوا كما كان الأمر في حرب البوير، فكيف جاز لمصر إذن أن تسحب قائدها المنتصر — وهو من أبنائها — لكي تولي مكانه قائدًا أجنبيًّا؟

ولقد كان من نتيجة هذا التبديل تلك الحملة الطائشة التي جُرِّدت على كردفان، وكان من جَرَّائِها هلاك الجيش وحمل إنجلترا لنا عن التخلي عن السودان، وهو الأمر الذي كانت تطمع فيه منذ مدة طويلة؛ كي يتسنَّى لها أن تغتصب هذه البلاد من أيدينا كما وقع الآن. فلقد كانت إنجلترا تنظر على الدوام بعين السُّخط إلى توسُّع مصر في إفريقية ولا سيما في المناطق الاستوائية، وها هي شهادة رجل لا يمكن أن تكون أقواله موضع أية ريبة، ألا وهو القس فلكن Rev. Felkin الذي يقرر في صفحة ٣٢٤، ج١ من كتابه «أوغندة والسودان المصري Uganda and the Egyptian Sudan» ما يأتي:

مما يستوجب الأسف أن سلطة هذا الطاغية — أي كباريجا ملك أنيورو — لم يقضِ عليها كما كان سيحصل منذ مدة لو لم تقم تلك المعارضة الشديدة التي أثارها في إنجلترا أناسٌ يتطلعون بعين الغَيْرة إلى توسُّع مصر في أملاكها، ولكن في استطاعتي أن أؤكد يقينًا أن أهالي الجهات المحكومة من تلك البلاد بالسلطة المصرية — حيث يدير دفة الحكومة فيها الآن مدير مديرية خط الاستواء — هم أحسن حالًا بكثير من أمثالهم المحكومين بملوك منهم من الهمج المستبدين غلاظ القلوب فظاظ الطباع. ا.ﻫ.

هذه أقوال باحث نشرت في سنة ١٨٧٨ قبل ثورة المهدي وقبل الاحتلال البريطاني لمصر، وهي دليل ناطق على أن حكمنا في السودان لم يكُن مشوبًا بالسيئات التي ينسبها إليه المغرضون.

ولقد رأيت إنجلترا بعد نكبة هكس باشا أن ترغمنا على ترك السودان، فلما الوزارة المصرية أن توافق على ذلك جابهتها الحكومة البريطانية بتصريح إرل جرانفيل الذي وضع فيه مبدأه المشهور، وهو أنه ما دام الاحتلال البريطاني بمصر فإن كل نصيحة — وهي بالفعل أمر — يجب الإصغاء إليها، وإلا فعلى من يخالفها من الموظفين أن لا يستمر في منصبه، وهكذا صارت مصر في الواقع بهذا التصريح تحت وصاية إنجلترا، أو أصبحت إنجلترا مسئولة عن كل ما حدث وما يحدث، ما دام الاحتلال البريطاني باقيًا. وبناءً عليه يقع على عاتقها تبعة تعيين هكس باشا وضياع السودان.

ولما كانت مديرية خط الاستواء ما زالت تقاوم بقيادة أمين باشا، وكانت بقعة مطموعًا فيها أشد الطمع، أصبح من الأمور الهامة التعجيل بسحب أمين باشا من هناك؛ حتى تعد بعد رحيله عنها من الأراضي المهجورة التي ليس لها مالك. وبذلك تستطيع الحكومة البريطانية أن تستولي عليها، وتعتبرها من الممتلكات البريطانية وِفَاقًا للشرط الذي وضعته بخصوص حالة كهذه في الاتفاقية الإنجليزية المصرية المُوقَّعة في ١٩ يناير سنة ١٨٩٩م.

ومن أجل ذلك جُهِّزَتْ حملة قرصانية بقيادة أفَّاق اسمه استانلي، وغرضها الظاهر خدمة الإنسانية بإنقاذ أمين باشا ورجاله، أما الغرض الخفي أو الحقيقي فكان إقصاء أمين باشا عن تلك الجهات؛ لأنه كان يمثل السلطة المصرية فيها، وإبقاء رجاله في تلك البقاع حتى تستخدمهم بريطانيا بعد ذلك في الاستيلاء لها على ذلك الإقليم. وقد حصل ذلك بالفعل فيما بعد. أما وزراؤنا في ذلك الوقت فقد تبرعوا بمبلغ كبير من نفقات هذه الحملة، وعاونوها بكل ما في استطاعتهم من قوة. وقد فعلوا كل هذا إما عن حماقة وإما عن شهوة قوية للبقاء في مناصبهم. وأخيرًا نالت هذه الحملة مأربها وعادت ومعها أمين باشا دون رجاله. أما بريطانيا فقد جنَّدت هؤلاء الرجال لخدمة مطامعها، وقد كان أن استولوا لها على تلك النواحي.

على أنه في مناسبات متعدِّدة صرح السياسيون البريطانيون دائمًا بأن السودان جزء من مصر لا يتجزأ. وها هو سير إ. غراي يقول في الخطبة التي ألقاها في مجلس العموم بتاريخ ٢٨ مارس سنة ١٨٩٥ ما يأتي:

وهناك غير ذلك مسألة حقوق مصر، «فموقف إنجلترا أمام مصر موقف خاص، يشبه موقف أمين اؤتمن على وديعة، وهذا فيما يختص بحفظ مصالحها»، وهذه الحقوق لم نؤيدها نحن فقط، بل أيدتاها أخيرًا حكومة فرنسا كذلك.

ونحن نقول: إن هذا يؤيد كل التأييد ما ورد في تصريح إرل جرانفيل الذي وُضِعَت مصر بعده تحت وصاية إنجلترا.

ومما يستدعي الالتفات أيضًا أن هذا القول يؤكد من جهة الحكومة البريطانية أكثر مما تؤكده الحكومة الفرنسية ما لمصر من حقوق وامتيازات مُعتَرَف بها؛ فإن سير إ. غراي يعترف بأن «إنجلترا تقف إزاء مصر موقفًا خاصًّا، هو موقف المؤتمن على وديعة»، ومعنى هذا بعبارة أخرى: أن مصر أمانة مقدسة أُودِعَت في يد إنجلترا لحفظها وصَوْنها، ويقضي شرف إنجلترا عليها أن تردها كاملة للمالك وهو مصر. ولا يصح أن إنجلترا تطالب فرنسا باسم مصر احترام هذه الحقوق لكي تغتصبها هي لنفسها، كما يفعل بالضبط الوصي الخائن الذي يسلب لنفسه مال القاصر الموضوع تحت وصايته. ولسنا نعتقد أن مسلكًا كهذا يتفق مع كرامة دولة كبيرة وشرفها كدولة بريطانيا العظمى؛ إذ تتصرف هذا التصرف. وإننا على يقين أنه متى عرف الرأي العام البريطاني جميع هذه التفاصيل، فإنه يكون أول من يبرأ إلى الله من أفعال رجاله من أهل السياسة.

ولما استقر الرأي على استعادة السودان صدر الأمر بذلك، حتى يكون للإنجليز السبق على الحملة الفرنسية في الاستيلاء عليه، وهاك ما قد تم على أيدينا:
  • (١)

    فنحن الذين قدمنا ثلثي القوة المحاربة.

  • (٢)

    ونحن الذين أنشأنا السكة الحديدية بأيدي جنودنا، ولم يكن ليتم أي فتح بدون هذه السكة التي لم يضع جندي بريطاني واحد يده على الإطلاق في تشييدها.

  • (٣)

    ونحن الذين قمنا بأكثر من ثلثي النفقات، وهذا غير ما دفعناه من جميع مقادير العجز؛ كي تتوازن الميزانيات السودانية.

  • (٤)

    ونحن الذين شَيَّدْنَا بمالنا ورجالنا جميع المباني الفاخرة التي ترى اليوم في الخرطوم.

  • (٥)

    ونحن الذين قدمنا كذلك في أوائل عهد استعادة السودان جميع الموظفين لتنظيم الإدارة في البلاد.

  • (٦)

    وقد كانت جنودنا تمشي على الأقدام الطريق بأكمله إلى الخرطوم، بينما كانت الجنود البريطانية تنتقل كل مرة بلا استثناء من ميدان إلى ميدان إما بالسكة الحديدية أو بالبواخر النيلية. وحاشا أن نذكر ذلك بقصد التنديد بمقدرة الجندي البريطاني أو الاستخفاف بصفاته الحربية؛ إذ إن الجندي البريطاني — فيما نرى — من أحسن الجنود في العالم من حيث القوة على الثبات والبسالة في ساحة الحرب. وكل ما نقصد هو أن نبين أن جنودنا قاست من المكاره أكثر ممَّا تحملته الجنود البريطانية، وأن بلادنا من أجل ذلك كانت تستحق نصيبًا أوفر في البلاد التي اكتُسِبَت بحق الفتح المشهور.

  • (٧)

    ولم تكن غلطاتنا هي التي أوقعتنا في جميع هذه المحن، وإنما هي إنجلترا التي كانت سببًا فيها؛ لأنها اضطرتنا أن نقبل ضباطها وأن نسير على الخُطط التي رسموها، ثم بعد ذلك كله أخرجتنا بقَضِّنا وقَضِيضِنا من البلاد كأنه ليس لنا أي حق فيها مطلقًا أو أي امتياز بالكلية. وحين تَمَّ لها ما أرادت حوَّلت السودان إلى مستعمرة بريطانية. وإذن فلماذا كنا نبذل هذا المال كله وهذه المجهودات جميعها وتلك الأرواح لاستعادة البلاد إذا كانت هذه هي النتيجة التي كُنَّا ننتظرها من وراء ذلك كله. أكان هذا مِنَّا لكي نوفِّر على إنجلترا جميع هذه الأمور؛ ولكي تنتفع بها على حسابنا؟

    على أنها لو كانت استعادت السودان لحسابها هي وحدها، وبوسائل من عندها لما كانت الحالة لدينا غير ما هي عليه اليوم، ولما كانت شرًّا من هذه الحالة؛ إذ إنها ما دامت محتلة لمصر فلا يمكن أن تحاول على الإطلاق قطع موارد مياهنا عنا. والتفسير الوحيد لهذه الحالة والترضية المزعومة التي تقدمها لنا هي أن كل هذا تم في سبيل تأمين حدودنا الجنوبية وموارد مياهنا!

ولكن المصريين لا يمكنهم أن يقبلوا أي ضمان لسلامة حدودهم الجنوبية من أية دولة أجنبية أيًّا كانت هذه الدولة. وفي الحق أن هذه السلامة كانت أضمن في أيدي الدراويش؛ لأنهم لم يكن في استطاعتهم تشييد الأعمال التي تؤذينا في موارد مياهنا. وإذا كان المقصود هو إقصاء أية دولة أخرى فسِيَّان عندنا أكانت هذه الدولة إنجلترا أم فرنسا أم غيرهما من الدول؛ لأن الدولة التي تكون لها السيادة في السودان تتحكم في حياة مصر؛ ولهذا فإن في تشبُّث إنجلترا بالسودان ورغبتها في امتلاكه دليلًا على أنها تريد أن تسيطر على حياة مصر، وأن تُبقي مصر في قبضة يدها وتحت سلطانها، وهو مسلك لا يمكن أن يعتبره أهل هذه البلاد إلا أنه عمل عدائي.

وكذلك تمسُّك إنجلترا بقناة السويس بحجة وقوعها في سلسلة مواصلاتها، مع أن لها طريقًا آخر حول رأس الرجاء الصالح، وإذن فليست القناة أمرًا حيويًّا صِرفًا بالنسبة لإنجلترا. أما نحن فأنَّى لنا الخيار، وليس لنا في هذا العالم كله سوى السودان والنيل، ومن ثَمَّ كانت حاجتنا إليهما من أعز الأمور الحيوية لنا أكثر من حاجة إنجلترا إلى قناة السويس. وهذا إذا تغاضَيْنَا عن الأمر الواقع وهو أن السودان كان جزءًا متممًا لبلادنا ومحتجًّا به كذلك من إنجلترا على الدول الأخرى، وأن واجب إنجلترا كان يقضي عليها بتطبيق المبدأ الذي ينطوي عليه هذا الاحتجاج على نفسها أيضًا.

صحيح أن القيادة في الحملة التي استعادت السودان كانت لضباط من البريطانيين، وأن جنودًا بريطانية كذلك بمقدار ثلث المجموع كانت في عديد القوة المقاتلة، ولكن لم يكن هذا كله إلا لأسباب سياسية، وقد فُرِضَ علينا قبوله حتى تستفيد الحكومة البريطانية بحقوق الفتح، كما لجأت إلى ذلك فيما بعد. ومع هذا فإن كنا نعجز عن تدريب وتنظيم حملة كهذه، فلقد كان من الميسور لنا أن نستخدم ضباطًا من الإفرنج من أية دولة أخرى، وهم كانوا يقومون بهذا العمل لمصلحتنا بالثمن الذي دفعناه إلى الضباط البريطانيين، على أنه ما كان يكون هناك مسألة فتح لو تُرِكْنَا وشأننا من أول الأمر؛ لأن السودان ما كان ليضيع لو ظلت الأمور بأيدينا.

وننشر فيما يلي الفقرة الآتية عن ص١٢٠ و١٢١ من كتاب «السودان الإنجليزي المصري» لمؤلفه سير هَرُلد مَكْ ميكل المطبوع بلندن عام ١٩٣٤ The Anglo-Egyptian Sudan, P. 120-121, London, 1934, by Sir Harold Mac Michael وهي شاهد في المنزلة الأولى من صدق البَيِّنَة على ما قام به الجيش المصري من الأعمال في السودان إبان الحرب العظمى:
لقد يكون من الجائز أن نقتطف ما يأتي من كتاب «الإمبراطورية في حالة حرب» تأليف سير تشارلس لوكاس Sir Charles Lucas:

لما نشبت الحرب سُلِّمَ أمر تأمين الدفاع عن كيان مصر إلى أيدي جيش الاحتلال البريطاني، وفي الوقت نفسه تحمل الجيش المصري بمؤازرة الحامية البريطانية الصغيرة المعسكرة في الخرطوم جميع مسئولية الدفاع عن سلامة السودان والأمن فيه. ولقد بات معلومًا مقدار ما أصابه الجيش المصري من النجاح الباهر في ضبط الحكم في السودان، والمحافظة عليه من أي اعتداء، ولكن أعماله لم تنحصر في داخل حدوده، بل تجاوزتها إلى مناطق بالقرب منها؛ ففي زمن الحرب عاونت جنود السودان معاونة فعلية في شرق إفريقية وأوغندة وإفريقية الاستوائية الفرنسية. ولقد ساهم الجيش المصري كذلك في الدفاع عن قناة السويس، وفي الحملة التي حاربت السنوسيين، وفي المحافظة على النقط العسكرية في شبه جزيرة سيناء، وأرسلت أورطة منه إلى الدردنيل في سنة ١٩١٥ لحفر الخنادق وتشييد الأسوار، وغيرها من أعمال التحصين، وفي فلسطين في سنتي ١٩١٧ و١٩١٨ لعبت وحدات من هذا الجيش دورها، كما أدَّى عمال الفيلق المصري للنقل الأعمال التي نيطت بهم في تلك البقاع، ووضعت مخازن الجيش المصري للمؤن والذخائر والمهمات، وكذلك قسم المستشفيات تحت تصرُّف السلطات الحربية البريطانية. ثم إن إدارة السكة الحديدية السودانية بعثت بالقاطرات والعربات إلى فلسطين، كما أن حكومة السودان أعارت الأميريالية البريطانية مركبها الحربي للقيام بأعمال الحراسة في البحر الأحمر.

وفوق ما ذكرنا فقد استعاد الجيش المصري دارفور في سنة ١٩١٦، وكانت هذه آخر مديرية سودانية لم تُسْتَرَدَّ بعدُ، وكان استرجاعها الحادث الختامي للأعمال الحربية، ولمَّا لم يكن هناك أية حاجة إلى جيشنا — لأنه قام بما كان مطلوبًا منه — أخرج من البلاد عندما لاح عذر يمكن التعلُّل به لإخراجه منها. ا.ﻫ.

فعلى الحكومة البريطانية أن تعلم أنه لا يمكن أن يكون هناك أية صداقة بين الأمتين ما دامت حقوق مصر في السودان لا تُرَدُّ إليها، وإن كان من سوء الحظ أنها تستطيع أن تجد دائمًا في المصريين طائفة مولَعَة بشغل المناصب الوزارية والبقاء فيها، وفي سبيل ذلك يقبلون أن يوقعوا كل ما يُعرَض عليهم من إنجلترا. ولكن كل اتفاق موقع عليه منهم يستحيل أن يوافق عليه برلمان مصري منتخب انتخابًا حرًّا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤