تمهيد

قصة الملك شهريار وشهرزاد

يُحكى أنه في قديم الزمان عاش ملكان عظيمان شقيقان يُدعيان شهريار وشاهزمان. كان شهريار هو الأكبر سنًّا، وامتد سلطانه إلى أقاصي الأرض.

شعر شهريار برغبة في رؤية أخيه، فطلب من كبير وزرائه الذهاب لإحضاره إليه. وعندما حضر شاهزمان، عانقه أخوه، وقضى الأخوان اليوم بأكمله معًا، ولاحظ شهريار الشحوب والمرض على أخيه.

مرت الأيام، وشاهزمان يزداد نحولًا، واعتقد شهريار أن أخاه مشتاق لوطنه، لكن تبين أن الأمر أسوأ من ذلك بكثير. فبعد عشرة أيام، انهار شاهزمان وأخبر أخاه بالسبب الرئيسي وراء أحزانه. لقد هجرته زوجته الملكة، وهو الآن كسير الفؤاد. وقص على شهريار كيف تعرض للخيانة، ولم يستطع الملك العظيم تصديق ما تسمعه أذناه.

وبعد سماع ما رواه أخوه، غضب شهريار غضبًا شديدًا حتى إنه فقد صوابه، وقرر أنه لا يمكن الثقة في أي امرأة قط، وخطط لأمر مريع. استدعى الملك وزيره، وطلب منه أن يبحث له عن زوجة. وكان يعتزم الزواج منها يومًا واحدًا ثم قتلها، على أن يستمر في ذلك حتى يقضي على جميع النساء في مملكته.

كان للوزير ابنة كبرى تُدعى شهرزاد، وأخرى صغرى تُدعى دينارزاد. طالعت الابنة الكبرى كتبًا كثيرة واتسمت باتساع ثقافتها. وعندما سمعت بمخطط الملك البغيض، قالت لوالدها: «أود أن تزوجني الملك شهريار، حتى أتمكن من إنقاذ شعبنا أو الموت مثل باقي الفتيات.»

وعند سماع الوزير ما قالته ابنته، استشاط غضبًا وحرّم عليها الزواج من الملك. وأخذا يتجادلان معًا فترة طويلة، لكن شهرزاد لم تكن لتغير رأيها، فأرسلها الوزير لتصبح زوجة الملك، وهو يقول: «أدعو الله ألا يحرمني منك.»

غمرت السعادة قلب شهرزاد، وبعد أن تهيأت وحزمت أمتعتها، ذهبت إلى أختها الصغرى، دينارزاد، وقالت لها: «أختاه، أنصتي إليّ جيدًا. عندما أذهب إلى الملك، سأرسل في طلبك، وعندما تحضرين، عليك أن تقولي: «أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا قصة.» فبذلك سيطلق الملك سراحي، وسأنقذ الناس في المملكة. عليكِ أن تثقي في هذه الخطة.»

فأجابت دينارزاد: «عظيم.»

في تلك الليلة، اصطحب الوزير شهرزاد إلى الملك العظيم شهريار، وزوجها له. لكن عندما ذهب الملك شهريار للنوم في تلك الليلة، بكت شهرزاد. وعندما سألها الملك عن سبب بكائها، أجابت: «لديّ أخت، وأود أن أودعها.»

فأرسل الملك في طلب الأخت التي حضرت وجلست على الأرض بجانب السرير. قالت دينارزاد: «أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا إحدى رواياتك الممتعة لنمضي الليلة، فأنا أخشى غيابك عني.»

استدارت شهرزاد نحو الملك شهريار، وقالت: «هل تأذن لي برواية قصة؟» فرد شهريار: «نعم.» وسعدت شهرزاد للغاية، وقالت: «اسمعا.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤