الفصل الثامن

قصة علاء الدين

الليلة الثلاثون

في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن أكثر إثارة مما سبق.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»

•••

بلغني — أيها الملك العظيم — أن حائكًا فقيرًا عاش قديمًا في الصين، وكان لديه ابن يُدعى علاء الدين. عمل الأب بكد، في حين كان علاء الدين كسولًا للغاية، يقضي أيامه في اللعب مع الأولاد الآخرين في الشوارع، ولا يعود إلى المنزل إلا لتناول الطعام.

ظل الأب يعمل حتى يوم وفاته. وبعد ذلك باعت والدة علاء الدين المتجر، وبدأت تغزل الخيوط كي تنسج القماش لتكسب الأسرة قوت يومها. وكان علاء الدين يبلغ من العمر حينذاك خمسة عشر عامًا، وظل كسولًا كما كان.

وفي أحد الأيام، جاء رجل غريب إلى علاء الدين، وأخبر الصبي أنه عمه، وأنه جاء ليصلي على قبر أخيه المتوفي. وعاد الغريب مع علاء الدين إلى المنزل لتناول العشاء، وقص حكايته التي أبكت أم علاء الدين.

وفي اليوم التالي، اصطحب الغريب علاء الدين إلى السوق، وابتاع له ملابس جديدة. واصطحبه إلى أفضل الأماكن في المدينة، وعرض عليه العمل تاجرًا. وسار علاء الدين معه فترة طويلة. وغادرا المدينة، متجاوزين الحدائق الموجودة وراءها، وتسلقا جبلًا عاليًا.

أشعل الغريب نارًا في هذا المكان. وعندما اشتدت، نطق بتعويذة فوقها. فأظلمت السماء، واهتزت الأرض، وانشقت ليخرج منها لوح رخامي كبير. كان علاء الدين خائفًا، لكن الغريب طلب منه رفع اللوح، والنزول إلى الأرض في الأسفل.

قال الرجل: «سترى ثلاث غرف، بها جرار مليئة بالذهب والفضة. لكن لا تتوقف عندها. في الغرفة الرابعة، ستجد حديقة من أشجار الفاكهة وسلمًا يؤدي إلى مذبح. فوق هذا المذبح، ستجد مصباحًا. اسكب منه الزيت، وأحضره إلي.»

أعطى الغريب خاتمًا لعلاء الدين ليحميه، ونزل الصبي أسفل الأرض. وفعل كل ما أخبره به الغريب، لكنه عندما عاد، لم يتمكن من الوصول إلى قمة الفتحة دون مساعدة.

قال الغريب له: «يا بني، أعطني المصباح حتى أتمكن من مساعدتك في التسلق.»

خشي علاء الدين من إعطاء المصباح للغريب، وقال له: «لا يا عمي، المصباح في أمان معي. أعطني يدك وساعدني في الخروج من هذا المكان.»

طلب الرجل المصباح مرة أخرى، ورفض علاء الدين ثانيةً. واستمر الحال هكذا فترة من الوقت، وازداد غضب الغريب أكثر فأكثر. وفي النهاية، أغلق الغريب اللوح الرخامي ونطق بتعويذة أخرى، ثم غطى اللوح بالتراب تاركًا علاء الدين محبوسًا في الظلام.

•••

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»

الليلة الحادية والثلاثون

في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً، أختاه، اروي لنا المزيد من هذه القصة المذهلة.» وأضاف الملك: «أخبرينا بالمزيد عما حدث لعلاء الدين.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!»

•••

بلغني — أيها الملك العظيم — أن الغريب كان في الحقيقة ساحرًا عظيم الشأن، وأنه قد تعلم فن السحر في أفريقيا. وسمع هناك عن كنز عظيم في الصين مدفون في باطن الأرض. ويُقال إنه من بين ثروات هذا الكنز مصباح يمكن أن يمنح مالكه قوة تفوق قوة ألف ملك. وقد سمع الساحر أنه لا يمكن لأحد نزع المصباح من مكانه سوى صبي فقير من تلك المدينة، وأن هذا الصبي يُدعى علاء الدين. لذلك جاء الساحر بحثًا عن الصبي، وخطط لاستغلاله للحصول على المصباح ثم قتله بعد ذلك.

ظل علاء الدين محبوسًا في باطن الأرض. وقد وجد أن جميع الغرف مغلقة، فبكى وحك يديه معًا وهو يدعو الله طالبًا منه النجاة. حدث أنه فرك الخاتم الذي أعطاه إياه الغريب، وعندما فعل ذلك، ظهر جني فجأة أمامه. قال الجني: «شبيك لبيك، اطلب ما شئت، فأنا عبد من يرتدي هذا الخاتم في إصبعه، أنفذ له ما يشاء.»

كاد علاء الدين يطير فرحًا، وطلب من الجني أن يعيده فوق الأرض. فانشقت الأرض على الفور، ونجا الصبي. عاد علاء الدين إلى المنزل، وبكت أمه من الفرحة، فهي لم تره منذ ثلاثة أيام. أخبرها علاء الدين بكل ما حدث له، ثم ذهب للنوم.

نام علاء الدين مدة ثلاثة أيام. وعندما استيقظ، طلبت منه أمه أن يأخذ بعض القماش الذي نسجته إلى السوق، ويبيعه للحصول على طعام. واقترح الصبي بيع المصباح بدلًا من القماش، ورأت والدته أنها فكرة جيدة. فأخذت قطعة من القماش، وبدأت تمسح المصباح حتى يبدو جيدًا للبيع. لكن فجأة ظهر جني أمامها، وكانت قوته ضعف قوة الجني الذي رآه علاء الدين قبل ذلك.

قال الجني بصوت هز الأرض التي يقفون عليها: «شبيك لبيك، أنا عبد من يحمل هذا المصباح بين يديه.»

فقدت الأم وعيها عندما تحدث الجني، لكن علاء الدين التقط المصباح وطلب من الجني طعامًا. وفي هذه اللحظة، اختفى الجني، وعاد بعد لحظات ومعه ثلاث صوانٍ فضية زاخرة بصنوف اللحوم الشهية والخبز الذي كان يضاهي الثلج في لونه الأبيض.

فزعت أم علاء الدين بشدة. وطلبت منه التخلص من المصباح والخاتم. لكن الصبي رفض، وتمكن من تهدئتها. وبعد تناولهما أكبر قدر ممكن من الطعام، أخذ علاء الدين أحد الأطباق الفضية الكبيرة إلى السوق، وباعه مقابل مبلغ كبير من المال.

وبهذه الطريقة، لم يعد علاء الدين ووالدته بحاجة إلى المال أو الطعام ثانيةً أبدًا. كان علاء الدين يأمر الجني بجلب المزيد من الأطباق الكبيرة كل بضعة أيام، ويذهب ليبيعها بعد ذلك. وبينما كان في طريقه إلى السوق في أحد الأيام، سمع صوت الأبواق العالية يدوي. كانت ابنة الملك بالجوار، وأُخلي الشارع حتى تتمكن من المرور.

اختبأ علاء الدين خلف أحد الأبواب أثناء مرورها. ولم ير الفتاة إلا بضع ثوانٍ فقط، لكنه وقع في حبها على الفور.

•••

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا، إذا تركني الملك على قيد الحياة.»

الليلة الثانية والثلاثون

في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا المزيد من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة علاء الدين.» فأجابت شهرزاد: «بالتأكيد!»

•••

بلغني — أيها الملك — أن علاء الدين وقع في حب ابنة الملك. وعاد إلى المنزل، وترجى أمه أن تطلب من الملك يد ابنته.

ظنت أم علاء الدين أن ابنها فقد عقله، لكن علاء الدين أصر على طلبه. وفرك المصباح لاستدعاء الجني وجعله يحضر له إناء ذهبيًّا مليئًا بالمجوهرات. وطلب من أمه إهداء هذه المجوهرات للملك.

وضعت أم علاء الدين المجوهرات في كيس حريري، وذهبت إلى بوابات قصر الملك. وظلت هناك مدة أسبوع حتى نظر الملك في أمرها، وطلب من وزيره إحضارها إليه.

أخبرت السيدة العجوز الملك بشأن حب ابنها لابنته، ورغبته في الزواج منها. ضحك الملك بصوت مرتفع مما سمعه، وسأل السيدة عما جلبته له.

لكن عندما رأى الملك ما كانت تحمله، اندهش للغاية، وأذهلته الأحجار الكريمة الثمينة والبراقة، وقال: «أقسم بأنه ما من أحد أحق بابنتي ممن أهداني هذه الجواهر.»

وعد الملك أم علاء الدين أن ابنته ستتزوج ابنها في غضون ثلاثة أشهر. وبعد مرور هذه الأشهر الثلاثة، وصل علاء الدين إلى القصر على رأس موكب مهيب يضم جنودًا طوال القامة يمتطون خيولًا سوداء، وفتيات حسناوات يحملن أطباقًا من الذهب الخالص مكدسة بالجواهر.

رحب الملك بالصبي، وأجلسه عن يمينه. كانت هناك موائد طويلة زاخرة بكميات هائلة من الطعام. فأكل الجميع بابتهاج، وأجريت مراسم الزواج لتصبح ابنة الملك زوجة علاء الدين.

أما في أفريقيا فقد سمع الساحر بهروب علاء الدين، وتعجب من الأمور التي فعلها. فعاد إلى الصين، ورأى القصر الذي بناه علاء الدين لعروسه بجدرانه الجميلة المكسوة بالقرميد، وسجاجيده المنسوجة من الذهب. علم الساحر أن كل هذه الثروة العظيمة سببها المصباح، وأقسم بأن يعثر عليه.

ذهب الساحر إلى السوق، واشترى بعض المصابيح، ثم أخذها، وجاب الشوارع وهو يصيح: «مصابيح! مصابيح! من يقايض مصباحًا قديمًا بواحد من هذه المصابيح الجديدة؟»

ظن الناس في المدينة أنه مجنون، وسارع الكثيرون إلى مقايضة أحد مصابيحهم القديمة بواحد من مصابيحه الجديدة. وحرص الساحر على المرور بقصر علاء الدين، وصاح بصوت مرتفع: «مصابيح! مصابيح! من يقايض مصباحًا قديمًا بواحد من هذه المصابيح الجديدة؟»

سمعت إحدى خادمات القصر نداء الساحر، وتذكرت أنها رأت مصباحًا قديمًا كان علاء الدين يحتفظ به على أحد الأرفف في غرفة نومه. فذهبت لإحضاره، وقايضته مع الغريب، وهي تفكر في مدى حكمتها ومدى سذاجة الرجل العجوز.

وابتهج الساحر عندما رأى المصباح بين يديه، وفر من المدينة حتى وصل إلى الصحراء المحيطة بها بعد أن تأكد أنه ما من أحد يتبعه. ثم فرك المصباح، فظهر الجني المهيب، وقال: «شبيك لبيك، أنا عبد من يحمل هذا المصباح بين يديه.»

كان الساحر سعيدًا للغاية، وطلب من الجني أن يسلب القصر من علاء الدين وينقله إلى أفريقيا.

فصاح الجني بصوت مدوٍ: «أغمض عينيك، وسوف تجد ما أردته مجابًا كما أمرت.»

•••

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»

الليلة الثالثة والثلاثون

في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاءً يا أختاه، اروي لنا المزيد من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن بقية قصة علاء الدين.» فأجابت شهرزاد: «بكل سرور!»

•••

بلغني — أيها الملك العظيم — أن كل ما طلبه الساحر نُفذ بالضبط كما شاء. وفي الصباح، عندما كان الملك ينظر من نافذته، رأى أن قصر علاء الدين ليس موجودًا، وأن ابنته اختفت أيضًا.

غضب الملك، وطلب إحضار علاء الدين للمثول أمامه. وكُبِّل علاء الدين بالسلاسل، وأمر الملك بحبسه.

حزن الناس كثيرًا لهذا الأمر. وخر علاء الدين على ركبتيه، وتوسل إلى الملك ليرحمه. فقال له: «أيها الملك العظيم، أعطني أربعين يومًا لأحضر لك ابنتك وأعيد كل شيء كما كان من قبل. إذا مر أربعون يومًا، ولم أستطع فعل ذلك، فاحبسني، وافعل بي ما شئت.»

وافق الملك، وبدأ علاء الدين رحلة بحثه. بحث في المدينة، ثم الصحراء، لكنه لم يعثر على أثر لقصره أو زوجته. كان علاء الدين بائسًا، وألقى بنفسه على الأرض، ودعا الله أن يساعده.

وأثناء دعائه، فرك علاء الدين أحد أصابعه في خاتم الساحر، فظهر الجني أمامه ثانيةً.

قال علاء الدين عندما رأى ما حدث: «أيها الجني، أعد إلي زوجتي وقصري.»

فأجاب الجني: «لا أستطيع القيام بذلك، هذا عمل جني المصباح. فقوته تفوق قوتي.»

فكر علاء الدين لحظة، وقال: «إذن، لتنقلني إلى جانب قصري.»

أجاب الجني: «طلبك سيُنفذ.»

أغلق علاء الدين عينيه. وعندما فتحهما، كان في أفريقيا، خارج قصره. فتلى صلواته شاكرًا الله على إنقاذه من بؤسه.

ذهب علاء الدين إلى غرفة زوجته، ووقف أمام نافذتها أملًا في أن تراه. كانت إحدى خادماتها هناك، فصحبته إلى داخل القصر عبر باب سري. فرحت الأميرة لرؤية زوجها، وعانق كل منهما الآخر، وبكيا من الفرحة.

أخبرت الأميرة علاء الدين عن كيفية حصول الساحر على المصباح ونقله للقصر بكل ما فيه من ناس وثروات. وأخبرته أن الساحر حاول أن يكسب حبها بتقديم الجواهر والذهب لها. استمع علاء الدين إلى كل ما قالته، وفكر بإمعان حتى توصل إلى خطة. وقبَّل زوجته، وأخبرها بما سيفعله.

تسلل علاء الدين بحذر إلى خارج القصر، وسافر في اتجاه المدينة. فقابل امرأة عجوز، ودفع لها مالًا مقابل أن تقايض ملابسها بملابسه. وذهب علاء الدين مرتديًا هذه الملابس إلى أحد المتاجر في المدينة، وابتاع سمًّا قوي المفعول، ثم عاد إلى القصر.

وصل الساحر وهو يتمنى أن يقنع الأميرة بحبه لها. وفي هذه المرة، لم تصده، بل ابتسمت له ودعته لتناول العشاء معها. فجلس مع الأميرة بينما وضع الخدم الطعام على المائدة. ونظرًا لسعادته الغامرة، أكل الساحر وشرب دون أن يلاحظ أن الأميرة لم تتناول أي شيء. كان علاء الدين قد ملأ كأس الساحر بالسم سرًّا، فسقط أرضًا على الفور.

خرج علاء الدين من مخبئه، وأخذ يفتش الساحر حتى عثر على المصباح مخبئًا في كُمه. فرك المصباح حتى ظهر الجني، ثم طلب منه إعادة القصر إلى موطنه الأصلي.

ابتهج الملك عند رؤيته لابنته سالمة، ورحب بعلاء الدين بحرارة.

وعاش الجميع سعداء فترة طويلة بعد ذلك اليوم. وعندما مات الملك، أخذ علاء الدين قصره. وسعد الناس لأنهم أحبوه كثيرًا، وعاش علاء الدين في سعادة مع الأميرة حتى آخر عمرهما.

•••

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مدهشة يا أختاه!» فردت شهرزاد: «هذا لا يقارَن بما سأرويه لكما غدًا إذا تركني الملك على قيد الحياة.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤