مقدمة

في سونيتة يعود تاريخها لعام ١٨١٦، تأمَّل الشاعر الإنجليزي الشاب جون كيتس تجربته الخاصة بقراءة ترجمة جديدة لأعمال هوميروس، وكتب عن «تنفس الأجواء الهادئة النقية» في «عوالم من الذهب»، وتابع قائلًا:

بعدها شعرت مثل شعور أحد مراقبي السماء
عندما يسبح كوكب جديد ليدخل في نطاق بصره
أو مثل كورتيز الشجاع عندما كان يحملق بعينيه الحادتين
في المحيط الهادئ، ونظر جميع رجاله
بعضهم إلى بعض في تساؤل مفعم بالحماس
وهم في حالة صمت من على إحدى قمم الجبال في داريان.

استلهم كيتس صورته المجازية الخاصة بالكوكب الجديد من رؤية السير ويليام هيرشل لكوكب أورانوس في عام ١٧٨١، أو من اكتشافات الكويكبات الأربعة الأولى (التي حدثت فيما بين عامي ١٨٠١ و١٨٠٧). وباعتبار الكويكبات الأربعة الأولى أحدث زمنًا، فإنها ستكون ما زالت حاضرة على نحو أقوى في ذاكرة الناس. وشخص عادي مثل كيتس يمكن أن يكون قد ظنها كواكب جديدة، بالرغم من أنها اليوم يُنظر إليها باعتبارها أصغر من أن يُطلق عليها اسم كواكب.

ما زلت أشعر وكأنني أتنقل في «عوالم من الذهب» عندما أرى زحل بعينيَّ عبر حتى تليسكوب صغير، بالرغم من أن الشعور بإثارة الشيء الجديد قد يتلاشى نوعًا ما عندما أرى كرة ثلجية نائية مكتشفة حديثًا، كنقطة صغيرة في صورة رقمية، أو ألمح رفيقًا، في حجم كوكب المشتري، لنجم آخر من خلال اضطراب متناهٍ في الصغر في موقع هذا النجم.

ومع ذلك، بالنسبة لي، تتكرر «تجربة كورتيز» الفعلية كلما رأيت مشهدًا كوكبيًّا جديدًا (في بعض الأحيان، مشهدًا سحابيًّا) يتكشف أمام ناظري عبر صورٍ الْتَقَطَتْها إحدى مركبات الفضاء. لقد وصل استكشاف مجموعتنا الشمسية مرحلةً تسمح لنا بالنظر إلى الكواكب وأقمارها الضخمة باعتبارها عوالم لها جغرافيتها وجيولوجيتها وظواهرها الجوية، التي لا تقل في تعقيدها وجاذبيتها عن كوكبنا؛ كوكب الأرض. والكثير منها بمنزلة أماكن يمكن لنا — نظريًّا — أن نقوم بزيارتها. صحيح أنها بوجه عام غير مناسبة لقضاء نزهة على ظهرها، لكننا على الأقل نستطيع التحرك عليها، أو حَمْل بعضٍ من ترابها بأَكُفِّنا، أو تسلُّق أحد تلالها، أو الهبوط إلى أحد أوديتها، بل إن هناك حتى احتمالات لأن تكون هناك حياة على ظهر بعضها.

في هذا الكتاب، سوف أُبيِّن لك ما هو معروف عن منشأ كواكب مجموعتنا الشمسية وتطورها، وعلى الأخص وضعها الحالي. وفي هذا الصدد، علماء الفلك لا يعترفون الآن رسميًّا إلَّا بثمانية كواكب (تم حذف بلوتو، كما سأُبيِّن لاحقًا)، لكن هناك الكثير من الأجرام الأخرى الكبيرة الحجم على نحو كافٍ بحيث تسلك سلوك الكواكب، وذلك من وجهة نظر جيولوجيين مثلي. تلك الأجرام من الجاذبية بحيث لا يمكنني تجاهلها، بالرغم من أن عددها كبير للغاية بحيث لا يمكن تناول كل واحد منها على حدة.

وفي النهاية، سوف أتحول إلى «الكواكب الواقعة خارج المجموعة الشمسية»، وهي تلك التي تدور حول نجوم أخرى. اكتُشف أول هذه الكواكب مؤخرًا في عام ١٩٩٥، ومنذ ذلك الحين وإلى الآن تم اكتشاف وتوثيق عدة مئات منها. إننا لا يمكننا رؤية تلك الأجرام بالتفصيل، لكننا نمتلك معلومات كافية لعقد مقارنات بين مخططات المجموعات الكوكبية الخارجية هذه والمجموعة الشمسية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤