ثانيًا: حضور الموروث وغياب الوافد

كانت الفكرة الشائعة هي أن علوم الحكمة هي اجتماع الوافد والموروث، سواء كان الوافد من اليونان والرومان غربًا أو من فارس والهند شرقًا، وخص اليونان بالوافد على الأصالة نظرًا لكثرة الترجمة منه. والحقيقة أن الفكر الفلسفي الشيعي في معظمه تنظير للموروث دون تمثل الوافد. نشأ من توجيه الموروث الأول، القرآن، نحو الواقع السياسي والاجتماعي. نشأ الفكر الشيعي من الداخل وليس من الخارج مثل الفكر الأصولي مع أن الترجمة كانت قد تمت في القرن الثاني الهجري وتمثلها الكندي والرازي والفارابي من قبل. نشأ من تفاعل الوحي والواقع.١ ويبدو ذلك من عناوين مؤلفات حكماء الشيعة، وما تتضمنه من انفعالات وثنائيات تعبر عن المقاومة، والصراع بين الحق والباطل، والعدل والظلم وحضور الموروث وغياب الوافد.٢ مثال ذلك «الينابيع» للسجستاني أي التأويل الداخلي، وانبثاق الحقائق من الداخل ضد الاستيلاء على السلطة في الخارج. وقد يكون إبداعًا خالصًا في حالة غياب الموروث، وبالتالي يكون قد بلغ قمة التراكم الفلسفي في مواجهة الحكم الاستشراقي الذي جعله أيضًا أفلاطوني النزعة بالرغم من عدم ذكر أفلاطون، وأن الاستشراق تجربة روحية نفسية اجتماعية في كل حضارة،٣ فإذا حضر أفلاطون مصادفة فإن السبب في ذلك هو ارتباط الثورة بالمثال، والغضب بالانفعال والمعارضة بالعاطفة والظلم بالمدينة الفاضلة، والواقع بالخيال، واليأس بالحلم. وإذا حضر الوافد مصادفة فإنه يكون موضع نقد باعتباره الدخيل الذي استعمله حكماء السلطان ضد الأصيل مثل معارضة الرازي لأرسطو.

وقد ظهر الفكر الشيعي بعد عصر الترجمة. وكان من الطبيعي أن يعتمد على المعقول والمنقول. كان فكر المعتزلة قد انتشر قبل أن ينقلب الأشعري عليه.

ويصعب تحليل كامل لمضمون الفكر الشيعي لأنه يكاد يخلو تقريبًا من تمثل الوافد وأقرب إلى تنظير الموروث؛ إذ إن أهمية تحليل المضمون هو قياس نسبة الوافد إلى الموروث عن طريق تردد أسماء الأعلام خاصة. وذلك يثبت مقدار الاستقلال الحضاري عن الوافد ونشأة الفكر الفلسفي من الداخل دون استعانة بالخارج، وأنه يكفي تفاعل الأصول الأولى، الكتاب والسنة، مع الواقع السياسي الاجتماعي. وهو أحد أشكال الإبداع قبل أن يتحول إلى إبداع خالص، استقلال النص عن الوافد والموروث معًا.

(١) أبو جعفر بن منصور

ففي «كتاب العالم والغلام» لأبي جعفر بن منصور اليمني (القرن الثالث) يحضر الموروث ويغيب الوافد.٤ ليس لأن الوافد كان مجهولًا فقد ازدهرت الترجمة في القرن الثاني واستمرت حتى الثالث والرابع، بل عرفه الشيعة وكان أقرب إلى الثقافة العالمية التي يستعملها حكماء البلاط. كان حكماء الشيعة يريدون تنظير الموروث مباشرة بالتفاعل مع الواقع المباشر والاتجاه إلى الناس مباشرة لتثويرهم ضد حكم الظلم والطغيان. بل إن العنوان الجامع لمجموعة من الرسائل «الحقانية» تدل على نسبتها إلى الحق أي إلى الواقع وليس إلى الوافد أو الموروث. والموروث هو القرآن أساسًا ثم قصص الأنبياء وتاريخ الأديان من الكتب المقدسة السابقة كما يفعل إخوان الصفا. ولا يوجد حديث. يأتي القرآن أولًا ثم الأنبياء، موسى ثم عيسى وإبراهيم ثم داود، وإلياس، ويوشع، ويونس، ويوسف، ويحيى، وزكريا، وسليمان، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب. بل يذكر أعداء الأنبياء مثل جالوت. ويذكر التوراة والإنجيل ثم الزبور، ومن آل البيت يذكر علي بن أبي طالب. وتذكر أسماء مستعارة للتخفي مثل أبي مالك، البختري، عبد الجبار، كعب الأحبار، ومن الشعوب والأقوام يذكر فارس والعرب أي الشيعة والسنة.٥
والعنوان جميل يدل على علاقة الشيخ بالمريد. يدل على الإحساس بالتاريخ، وتوعية الجيل السابق للجيل اللاحق، واستمرار الرسالة عبر الأجيال. أقرب إلى الأدب الشعبي والأسلوب العربي الرصين، فقد كتبت في عصر الجاحظ. وأحيانًا يتجاوز الأسلوب إلى الرمز في علاقة الشيخ بالمريد كما هو الحال عند الصوفية وليس فقهاء السلطان، وهو الإمام والمأموم أو الله والإنسان. يعبر عن عالم مثالي للمضطهدين، العتق والحرية، الملك والمملوك.٦ وتظهر القدرة على إبداع المصطلحات مثل «الأوان» وهي الإرادة التي بها خلق الله ما أراده وأمر بما يشاء. كما تظهر ألقاب الشيعة التي تعبر عن قيادة الأئمة ومسارهم التاريخي، حبل الله هو الإمام، والأساس علي بن أبي طالب كرد فعل على إزاحته عن الحكم وتصفيته، وقد تسقط الأسماء كلية ويكتفى بالألقاب مثل: الأساس، القائم، كعب الأحبار، وأخيرًا يتحول قصص الأنبياء إلى فلسفة في التاريخ: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، والقائم. كل نبي له فترة، وله ضد، وله نائب روحي. النبي وضده، جدل التاريخ، وصراع الأضداد. والنائب الروحي تفاؤل باستمرار النضال لو أخذ في الأساس. وقد تظهر أنبياء في الفترات مثل إسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف ويونس وشعيب من إبراهيم إلى موسى. فلا يخلو جيل من نبي. وبعد موسى يظهر يوشع وإلياس وطالوت وداود وسليمان وزكريا ويحيى حتى عيسى. ويتعاطف الشيعة مع الأنبياء المضطهدين مثل موسى وعيسى وإبراهيم. وتبدو القراءة الشيعية لتاريخ الأنبياء مثل غيبة موسى. وتبدأ الرسالة بالبسملات وتنتهي بالحمدلات.٧

(٢) السجستاني

  • (أ)
    وفي «الينابيع» للسجستاني (٣٣١ﻫ) يغيب الوافد اليوناني كلية ويحضر الوافد الشرقي باعتباره ثقافة وطنية لحكماء الشيعة. كما يحضر الشعر العربي باعتباره ثقافة وطنية للسنة. فتظهر فرق الثنوية والمجوسية والبهافريذية في بيان أن الشر لا أصل له في الإبداع ضد ديانات الشرق في الينبوع الخامس والعشرين. فقد قالت الثنوية بالنور والظلمة. وقالت المجوس والبهافريذية بالهرمذ دون الأهرمن. واستنكفوا من جعل الشر مخلوقًا فجعلوه أزليًّا مع الخير. ثم اختلفت مذاهب الشرق. فبينما جعل أحدهما أن صاحب الخير يهلك وصاحب الشر في نهاية الزمان، مثل قتل المسيح الدجال، وقعوا في التناقض؛ لأنه يستحيل إهلاك الأزلي.٨ كما يغيب الموروث الفلسفي؛ لأن الفلسفة كانت وما تزال في بدايتها الأولى، تعتمد على التنظير المباشر للواقع دون قراءة لتراث فلسفي سابق. ويحضر الموروث الأصلي، القرآن ثم الحديث، ولفظ قرآن، وتاريخ الأنبياء، والكتب المقدسة السابقة مثل الإنجيل.٩ القرآن هو كلام الله بالحقيقة أي الأساس الذي اتحد بالسابق من جهة التأويل. ويظهر لفظا القرآن والإنجيل. ويقتبس من نص الإنجيل لإثبات الثواب الأبدي. فالدين واحد، والله منزه عن المنافع والمضار ضد التصور اليهودي. والترجمة العربية القديمة للإنجيل ترجمة عربية سليمة عكس الترجمات اللبنانية الحالية عن اللغات الأوروبية.١٠
    ويتم تأويل القرآن مثل يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ الياء والسين على الأتماء السبعة. وهم أصحاب أدوار حدود الدين المحركون للأنفس إلى العبادة والتصور. القرآن هو الأساس، والحكيم صاحب التأويل، والأئمة المنصوص عليهم من آل البيت، وكل ذلك داخل في حساب الحروف. ويذكر حديث واحد في معنى الشهادة «لا إله إلا الله مفتاح الجنة». والجنة كلمة الله تعالى التي بها أبدع الأشياء.١١
    والعقل الأول مبدع. خاطبه الله في كُنْ. ولا يخاطب إلا العقلاء. فلما بلغه الأمر إلى إظهار العالم السفلي أضاف الخلق والتقطير في خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وجعل الظلمات والنور، فاطر السموات والأرض إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ، لا إلى أمر كُنْ التي تعني علاقة الله بالعالم، والعقل لا يفسد. إذا جاء العقل أمر كن لم يزد عليه، ولم ينقص منه، ولا أتى بخلافه. الفساد كيفية والعقل لا يفسد.١٢ وتذكر آيتان قرآنيتان في كيفية ابتداء الإنسان. فالإنسان في جميع الأزمنة على نسق واحد كما دل القرآن على ذلك فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِق، وأيضًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ. والله لديه قدرة على إبداع خلق كثير على دفعة واحدة وليس بالضرورة من الإنسان الأول والتناسل كما هو الحال في الغنم والأبقار. كما خلق السموات والأرض دفعة واحدة. وخلق العالم في ستة أيام بنص الآية خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ لأن الزوج المركب الذي يتلو الأربعة هو الستة. فالقرآن له تفسير عددي. والنفس لا تبلغ مبلغ المبدع بالرغم من عدم نفادها لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي.١٣
    والثواب هو العلم الدائم وليس اللذة الحسية المنقطعة. وكل نفس تنال ما تشتهي. وفي ذلك تتفاوت الأنفس وتتفاضل. والثواب والعقاب أساس خلق الكون وإلا كان عبثًا. وتبعث النفوس إلى دار المعاد لذلك. وعلى النفس يلزم اللوم إن خالفت العقل.١٤
    وفي قصص الأنبياء وتاريخ الأديان يظهر عيسى ثم آدم ومحمد. ويخصص لعيسى الينبوع الحادي والثلاثين في معنى الصليب لعيسى ابن مريم. يعبر المسيح المصلوب عن الكشف وقد كان صلبه يوم الكشف يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ. عيسى هو صاحب يوم القيامة وعلامته كشف حقيقة الشرائع. وآدم ومحمد دوران من الأدوار الستة، آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، وهم أولو العزم من الرسل عند المتكلمين. وهم ستة لأن الزوج المركب الذي يتلو الأربعة ستة.١٥ والهدى أمر النطقاء السبعة وهو المسجد الأقصى. وقد احتوت كلمات الأنبياء جميع ما في العالم الجسماني والعالم الروحاني من أقسام وحدود لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ.
  • (ب)
    وفي «إثبات النبوات» للسجستاني أيضًا تغيب الإشارة إلى الوافد اليوناني كلية.١٦ ولفظ «الحكماء» لفظ عام. ولا يعني تعبير «أهل اليونان» أو النطوط أو الأنباط أي إحالة إلى حكماء اليونان بل مجرد أمثلة.١٧ ويحضر الوافد الشرقي سواء الشعوب والأقاليم مثل العجم ثم المجوس ثم الهند ثم السند والصين، ثم الهند والسند، والترك والجزر، والصقالبة، والسريانية، والعبرية، ثم الزنج والخزر. ومن أنبياء وملوك الشرق ماني ثم مزدك، وزرادشت، وبهافريد ومروى، ثم كسرى. ومن فرق الشرق الثنوية.١٨
    ومن الموروث يظهر القرآن ثم الحديث ثم لفظ القرآن. ويتفوق القرآن عشرات المرات لأنه حجة سلطة في مواجهة سلطة سياسية. ومن الأنبياء يذكر آدم ثم نوح ثم إسماعيل وإسحاق، ثم هارون ثم مريم. وتزداد أهمية الأنبياء صعودًا من المسيح ومحمد إلى آدم ونوح. ومن أنبياء بني إسرائيل شمعون ثم سام وأشعيا وشيث. ومن شخصيات التوراة ابن عمران، وزكريا، ويوشع ويحيى. ومن شخصيات تاريخ الأنبياء يأجوج ومأجوج، وهابيل. ومن شخصيات الإنجيل يهوذا. ومن الكتب المقدسة التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. ومن الفرق اليهود ثم الصابئة. ومن رؤساء الفرق المسيحية ديصان ومرقون. يستمد الفكر الشيعي أصوله من مدينة السماء المنتصرة لتقويته على مدينة الأرض الطاغية. فالماضي أقوى من الحاضر، والتاريخ أقوى من الدولة.١٩

    ومن الموروث الإسلامي، يذكر من الأئمة علي بن أبي طالب، ثم الحسين بن علي، ثم علي بن الحسين، ومحمد الباقر، والصادق وجعفر. ومن الفرق الإسلامية القدرية، والرافضة، والحرورية والجهمية. ومن الفرق غير الإسلامية النصارى. ومن الشخصيات في التاريخ الإسلامي يزيد، ثم حامد، وخالد وخزيمة. ومن القبائل قريش. ومن الأسماء العربية أولاد يتيم، عدي، أمية، مسيلمة، طلحة، القطري، بنو مدلج، بنو أسد. ومن الأماكن الشهيرة بيت المقدس، نيسابور، ثم جبل الطور، وغدير قم، والشام، وتهامة، والمدينة. كما يذكر الإسلام والمسلمون، ثم العرب والعربية. هذا هو الواقع الذي يتفاعل مع الموروث الأصلي ليبدع فكرًا فلسفيًّا لا صلة له بالوافد اليوناني.

  • (جـ)
    وفي «تحفة المستجيبين» للسجستاني كذلك لا يوجد ذكر للوافد اليوناني أو الشرقي.٢٠ ويستعمل لفظ الحكماء على العموم ليضم الوافد والموروث. ومن الموروث الأول يأتي القرآن ثم الحديث ثم لفظا القرآن ومحمد. ومن الأنبياء يذكر نوح، وإبراهيم، وإسماعيل وموسى، ويوشع، وعيسى. ومن أنبياء بني إسرائيل سام، وشمعون. ومن الأئمة علي، والحسن، والحسين، وعلي زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن إسماعيل. فالأئمة خلفاء الرسل.٢١

(٣) القاضي النعماني

وفي «الرسالة المذهبة» للقاضي النعماني (٣٦٣ﻫ) يغيب الوافد اليوناني والشرقي كلية. ويذكر لفظ «الحكيم» على الإطلاق. ويذكر الموروث الأول، القرآن، ثم لفظ القرآن ثم الحديث. ومن الأنبياء آدم ثم محمد ثم عيسى (المسيح)، ثم إبراهيم، ثم نوح، ثم إسماعيل، ثم سليمان ثم هارون، ويوسف، وزكريا، وإسحاق، ثم داود، وشعيب، والخضر. ومن أنبياء بني إسرائيل يوشع ومريم. ومن الشخصيات التوراتية فرعون. ومن الكتب المقدسة التوراة. ومن الأئمة علي ثم جعفر بن محمد ثم عبد الله الصادق. ومن الشخصيات الإسلامية المعز لدين الله ثم سلمان الفارسي، ومن الفرق، المجوس والنصارى والصابئة والمسلمون والعلوية، والروحانيون ثم اليهود، والمتقلبة والمتقدمون والشيعة. ومن الشخصيات العربية مصعب بن الوليد، المهدي النعمان. ومن الأقوام العرب وبنو العباس. ومن الأماكن بغداد وغدير قم.٢٢

(٤) حاتم بن عمران

وفي «الأصول والأحكام» لحاتم بن عمران (٤٩٧ﻫ) يغيب الوافد اليوناني كلية ويظهر على نحو قليل الوافد الشرقي أسفاري ثم أرمخشد ثم غابر. ويُستعمل لفظا الحكماء والفلاسفة على الإطلاق دون تمييز بين وافد وموروث. ولا يوجد اسم علم يوناني واحد. في حين يظهر الموروث وحده طاغيًا. الموروث الأول القرآن ثم الحديث. ومن الأنبياء آدم ثم محمد، ثم موسى، ثم إسحاق، ثم المسيح، ثم هارون، ثم إسماعيل، ثم يوسف، ثم شعيب وزكريا ثم يونس، وداود، ولوط، وسليمان، ثم صالح، وإلياس، ويحيى، وذو القرنين، ومريم، وإدريس، وذو الكفل، ثم يعقوب، والمسيح، واليسع. ومن شخصيات التوراة، هامان وقارون.٢٣
ويظهر أنبياء بنو إسرائيل غير المذكورين في القرآن مع بعض الشخصيات التاريخية عند بني إسرائيل مثل شيث، ثم شمعون الصفا، ثم سام، ونافور، ويوشع وهابيل، وفالغ، ثم قابيل. ولاوي، وحواء، وشحول، ثم شامخ، وأرغو، ومرقيا، ومهائيل، ومرامش، وحزقيل، وحرقيل، وأرميا، وأشعيا، ودانيال، وقتيدار، ثم متوشالح، وتارخ، ونمرود، وبختنصر، ثم عمران، وأنوش، وميخائيل، وفالع، وقيدار بن بنيامين، ومهلائيل، وبرد، وفرعون، والفراعنة. ومن الفرق اليهود. ومن الشخصيات المسيحية جرجس، ويهوذا، ثم إصطفانوس، ثم بقيانوس وفيثان. ومن أئمة الشيعة جعفر الصادق، ثم محمد بن إسماعيل، والحسن، ثم الحسين، ثم علي زين العابدين. ومن الفرق الإسلامية الإسماعيلية. ومن الشخصيات الإسلامية والآلهة العربية فاطمة، ثم دحية الكلبي، وخزيمة، وعبد الله بن سعيد، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن ميمون، وبنو العباس، ثم المعز لدين الله، وعمار، وحسام، وبرد، ويغوث، ونسرى. ومن الأماكن المحلية المغرب، ثم مكة، ثم اليمن، والشام، وبيت المقدس، ثم الطائف.٢٤

(٥) قيس بن منصور

وفي «رسالة الأسابيع» لقيس بن منصور من القرن السابع يختفي الوافد اليوناني والشرقي على الإطلاق. ويذكر الحكماء على العموم. ويضم الوافد والموروث معًا. ومن الموروث الأصلي يذكر القرآن، ولفظ القرآن، ثم الحديث. ومن الأنبياء آدم ثم موسى، ثم عيسى ومحمد، ثم نوح، وإبراهيم، وشيث، ثم إسماعيل، ويوشع، وشمعون، وحواء. ومن شخصيات التوراة فرعون. ومن الأئمة يذكر علي، ثم محمد ثم مهدي، وحسين، وجعفر، وإسماعيل.٢٥

(٦) محمد بن سعيد بن داود

وفي «الرسالة الكافية» لمحمد بن سعيد بن داود من القرن التاسع يغيب الوافد اليوناني والشرقي على الإطلاق.٢٦ ويحال إلى الموروث الأول، القرآن ثم إلى الأنبياء، محمد وإسماعيل، ثم يوسف، وموسى، وإسحاق. ومن الأئمة علي ثم جعفر، وإسماعيل، ومحمد، وعبد الله الأكبر، والحسين.٢٧
ويأتي القرآن استطرادًا لضرب الأمثلة أو للاستشهاد به. فالقرآن يعمل في الذهن كمثل لممثول. ويؤخذ كأداة للحوار، ويتحدث بديلًا عن الحكيم في أسلوب روائي. كما تظهر آيات النور التي يسهل تأويلها طبقًا لنظرية الفيض، ومقامات الشكر والتوبة. وتكرر الآية، مرة كاملة متواصلة ومرة متقطعة لشرحها وتفسيرها وتأويلها حتى تدخل في النسق الفكري العام دون التمييز بين ما يأتي من الآية موضوعيًّا وما يأتي من النفس ذاتيًّا. ويظهر الجانب الإنساني في التأويل، تحويل النص إلى تجربة بشرية وكأنه نزل القلب وليس في الواقع، في الداخل وليس في الخارج سواء في علاقة الأبناء بالآباء أو البر بالوالدين كرمز للعلاقة بين الإنسان والله. كما يدل الوالدان على الأصلين في الخلق الكاف والنون كن. ويتضح التأويل المذهبي. فالعمل الصالح هو تسليم الأمر لصاحب الرتبة القائم مقام الله، وهو ما ينفي حرية الاختيار، وما يؤكد خلافة الإمام لله على الأرض كما هو الحال في الحكم الإلهي. وهو أكبر رد فعل على الحكم الإنساني الظالم. فلا يقوى على رد الظلم إلا الله وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ. والباطن هو الحقيقة، والظاهر هو الزيف. الباطن هو الثورة على الظلم، السلطة الروحية الحقيقية، والظاهر هو الحرف. الظلم سلطة العسكر والإرهاب واغتصاب السلطة. والعدل سلطة الشريعة والمقاومة واسترداد الشرعية، والمسلمون هم الذين يردون مقاديرهم إلى القائمين والكاتبين إلى الأئمة تأكيدًا لطاعتهم لهم وانتزاعًا لطاعتهم لأئمة الظلم الأمويين. والمؤمنون المسبحون هم النقباء المتصلون بالله والملائكة والأنفس. كما يتضح الوسطاء كطريق إلى الله كما هو الحال في المسيحية بتوسط السيد المسيح والكنيسة والقس. وهي وسائط روحانية وصور حقيقية. كل ذلك فلسفة المقاومة عن طريق الخيال والتوسط والروح.٢٨

(۷) مؤلف مجهول

«والمقالة السابعة عن أسرار القرآن» بالرغم من أنها ناقصة إلا أنه يلاحظ أيضًا غياب الوافد اليوناني أو الشرقي مع أنه كان بإمكان الشيعة استعمال الوافد لضرب الموروث الذي احتكره أهل السنة. ولكنهم فضلوا تأويل الموروث أي النقد الداخلي وليس النقد الخارجي.٢٩
١  انظر دراستنا «الوحي والواقع»، دراسة في أسباب النزول، هموم الفكر والوطن ج١ التراث والعصر والحداثة، دار قباء القاهرة ١٩٩٨م، ص١٧–٥٦.
٢  بعض المؤلفات المفقودة للنسفي: عنوان الدين، الدعوة الناجية، أصول الشرع، كون العالم. ومن مؤلفات الرازي: الزينة، الجامع. ومن مؤلفات السجستاني: إثبات النبوات، حيلة الأحزان، سلم النجاة. سرائر المعاد والمعاش، كشف المحجوب، الدعوة، تحفة المستجيبين، أسس البقاء، خزانة الأدلة، تآلف الأرواح، تأويل الشريعة، أساس الموازين، الينابيع، الافتخار، الوعظ، (أبو يعقوب السجستاني: الينابيع، مقدمة ص٣٦–٤٥، تحفة المستجيبين ص٤٧). كما تظهر البيئة المحلية مثل المجالس البغدادية والبصرية. ومن مؤلفات الكرماني: رسالة البشارات، رسالة المصابيح، تنبيه الهادي والمستهدي، كتاب معاصم الهدى، الإصابة في تفضيل الصحابة، الأقوال الذهبية في الدفاع عن أبي حاتم الرازي، فصل الخطاب وإبانة الحق المتجلي عن الارتياب، راحة العقل، ومن رسائله: الرسالة الدرية، رسالة النظم، الرسالة الحاوية، الرسالة الواعظة، الرسالة الكافية، رسالة المعاد، الفهرست، المقادير والحقائق، العقول، ميدان العقل، النقد والإلزام، الكيل النفسي، المقاييس، المجالس البغدادية والبصرية، رسالة الشعر والخواص، ويكفي تحليل عينة من النصوص للحكم على حضور الموروث وغياب الوافد.
٣  هذا هو حكم كوربان.
٤  أربع كتب حقانية، تقديم وتحقيق د. مصطفى غالب. مجد، بيروت ١٩٨٧م، ص١٥–٧٥.
٥  القرآن (١٧)، موسى (٥)، عيسى، إبراهيم (٣)، داود، إلياس، يوشع، يونس، يحيى، زكريا، سليمان، إسماعيل، إسحاق، يعقوب (١) التوراة، الإنجيل (٣)، الزبور (١)، جالوت (١)، علي بن أبي طالب (١)، أبو مالك، صالح، البختري، عبد الجبار، كعب الأحبار (١)، فارس، العرب (١).
٦  جعفر بن منصور: العالم والغلام ص١٥–١٧، ٤٥، أربع كتب حقانية ص١٣–٧٥.
٧  السابق، ص٧١-٧٢.
٨  أبو يعقوب السجستاني: الينابيع، تقديم وتحقيق مصطفى غالب، بيروت ١٩٦٥م.
٩  القرآن (٢٠) الحديث (٢)، لفظ القرآن (٣)، الإنجيل (١)، تاريخ الأنبياء: عيسى (٢)، آدم، محمد (١).
١٠  الينابيع ص١٤٦، ١٥٣، ١٦٥، ١٦٧.
١١  السابق، ص٧٥، ١٤٥.
١٢  السابق، ص٨٠-٨١، ٨٤-٨٥.
١٣  السابق، ص١٢٠، ١٢٣، ١٥٣، ١٥٧.
١٤  السابق، ص١٣٥، ١٤١، ١٦٤-١٦٥.
١٥  السابق، ص١٤٦، ١٥٣، ١٥٩، ١٦٨.
١٦  السجستاني إثبات النبوات، حققه وقدم له عارف تامر، دار المشرق، بيروت ١٩٨٦.
١٧  أهل يونان (٢)، النطوط، الأبناط، الروم (١)، العجم (٧)، المجوس (٦)، الهند (٤)، السند، الصين (٣)، الهند والسند، الترك والجزر، الصقالبة، السريانية، العبرانية (٢)، الزنج، الجزر (١)، ومن أنبياء الشرق: ماني (٥)، مزدك، زرادشتت، بهافريد، مروى، (٤) كسرى (٢). ومن فرق الشرق، الثنوية (٢).
١٨  (القرآن) ١٩٩، الحديث (٦)، لفظ القرآن (١٨)، ومن الأنبياء: آدم (١٥)، نوح (١٣)، إسماعيل، إسحاق (٧)، هارون (٥)، مريم (٢). ومن أنبياء بني إسرائيل: شمعون (٣)، سام، أشعيا، شيث (٢)، ومن شخصيات التوراة: ابن عمران، زكريا، يوشع، يحيى (١). ومن شخصيات تاريخ الأنبياء: يأجوج ومأجوج، هابيل (١). ومن شخصيات الإنجيل: يهوذا (١). ومن الكتب المقدسة: التوراة، الإنجيل، الزبور، الفرقان (١). ومن الفرق: اليهود (١٠)، الصابئة (٢). ومن الفرق المسيحية: ديصان، مرقون (٤).
١٩  الأئمة: علي بن أبي طالب (٣)، الحسين بن علي (٢)، علي بن الحسين، محمد الباقر، الصادق، جعفر (١). ومن الفرق الإسلامية: القدرية، الرافضة، الحرورية، الجهمية (١). ومن الفرق غير الإسلامية: النصارى (١). ومن الشخصيات في التاريخ الإسلامي: يزيد (٢)، حامد، خالد، خزيمة (١). ومن القبائل: قريش (١). ومن الأسماء العربية: أولاد يتيم، عدي، أمية، مسيلمة، طلحة، القطري، بنو مدلج، بنو أسد (٢). ومن الأماكن الشهيرة: بيت المقدس، نيسابور (٥)، جبل الطور، غدير قم، الشام، تهامة، المدينة (٢). ويذكر الإسلام والمسلمون (٣٠)، والعرب والعربية (١٤).
٢٠  السجستاني: تحفة المستجيبين.
٢١  القرآن (١٦٥)، لفظ القرآن (٢)، الحديث (٢١). ومن الأنبياء: آدم (٣٣)، محمد (٢٩)، عيسى (المسيح) (٢٥)، إبراهيم (١٨)، نوح (٢١)، إسماعيل (٧)، سليمان (٤)، هارون، يوسف، زكريا، إسحاق (٣)، داود، شعيب، الخضر (١). ومن أنبياء بني إسرائيل، مريم، يوشع (١). ومن الأئمة: علي (٩)، جعفر بن محمد (٣)، عبد الله بن الصادق (١). ومن الشخصيات الإسلامية: المعز لدين الله (٥)، سلمان الفارسي (١). ومن الفرق: المجوس، النصارى، الصابئة، المسلمون، العلوية، الروحانيون (٢)، اليهود، المتقلبة، المتقدمون، الشيعة (١). ومن الشخصيات العربية: مصعب بن الوليد، المهدي النعمان (١). ومن الأقوام: العرب، بنو العباس (١)، ومن الأماكن: بغداد، غدير قم (١).
٢٢  لفظ الحكماء (٥)، الفلاسفة (٢). القرآن (٨٧)، الحديث (٩). تاريخ الأنبياء: آدم (٣١)، محمد (٢٤)، موسى (١٧)، إسحاق (١٦)، المسيح (١٥)، هارون (١٣)، إسماعيل (١٠)، يوسف (٦)، شعيب (٥) زكريا، يونس، داود، لوط، سليمان (٣)، صالح، إلياس، يحيى، ذو القرنين، ذو الكفل، مريم، إدريس (٢)، يعقوب، المسيح، اليسع (١)، ومن شخصيات التوراة: قارون، هامان (١). ومن الوافد الشرقي: أسفار (٢)، أرمخشد، غابر (١).
٢٣  حاتم بن عمران: الأصول والأحكام.
٢٤  شيث (٦)، شمعون الصفا (٥)، سام، نافور، يوشع، هابيل، فالغ (٤)، قابيل، لاوي، حواء، شعول (۳)، شامخ، أرغو، مرقيا، مهائيل، مرامش، حزقيل، حرفيل، أرميا، أشعيا، دانيال، قيدار (۲)، متوشالح، تارخ، نمرود، بختنصر (۲)، عمران، أنوش، ميخائيل، فالع، مهلائيل، برد، فرعون، الفراعنة (١). ومن الفرق: اليهود (٢). ومن الشخصيات المسيحية: جرجس، يهوذا (٣)، إصطفانوس (٢) يفيانوس، فتيان (١). ومن أئمة الشيعة: جعفر الصادق، علي، محمد بن إسماعيل، الحسن (١٦)، الحسين (٥)، علي زين العابدين (٤). ومن الفرق الإسلامية: الإسماعيلية (١). ومن الشخصيات والآلهة العربية والإسلامية: فاطمة (٣)، دحية الكلبي، خديجة، عبد الله، عمار، حسام، برد، يغوث، نسرى (١). ومن الأماكن المحلية: المغرب (٦)، مكة (٣)، اليمن، الشام، بيت المقدس (٢)، الطائف (١).
٢٥  آيات القرآن (٢٣)، لفظ القرآن (١)، الحديث (٣). الأنبياء: آدم (٦)، موسى (٥)، عيسى، محمد (٣) نوح، إبراهيم، شيث (٢)، إسماعيل: يوشع، شمعون. ومن الشخصيات: حواء، فرعون (١). ومن الأئمة: علي (٦)، محمد (٢)، مهدي، حسين، جعفر، إسماعيل (١).
٢٦  محمد بن سعيد بن داود: الرسالة الكافية.
٢٧  القرآن (٢٠)، الأنبياء: محمد (٣)، إسماعيل (٢)، يوسف، موسى، إسحاق (١). الأئمة: علي (٢)، جعفر، إسماعيل، محمد، عبد الله الأكبر، الحسين (١).
٢٨  السابق، ص٩٤.
٢٩  ومؤلفها مجهول.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤