سادسًا: من الفكر الشيعي إلى الفكر السني

(١) تنظير الموروث الفلسفي

لم يكن الفكر الشيعي وحده هو الذي قام بتنظير الموروث بل ساهم معه أيضًا الفكر السني. ولم يقم بذلك قادة المعارضة السياسية وحدهم بل أيضًا حكماء البلاط.

(أ) أبو الحسن العامري

في «إنقاذ البشر من الجبر والقدر» تحول طبيعي من الكلام إلى الفلسفة، ومن المنقول إلى المعقول، ومن الاعتزال إلى الحكمة، بل ومن الفلسفة إلى المنطق، أي الفلسفة الخالصة المجردة دون أي أثر من أفلاطون أو الأفلاطونية المحدثة كما هو الحال في الاستشراق.١ بل هي محاولة للتحول من الخطاب الفلسفي إلى الخطاب الأدبي حتى ولو بطريقة السمع وبداية التأليف الفلسفي الطبيعي. الموروث فيها أقرب إلى الموروث الشيعي، تاريخ الأديان والثقافة الوطنية الفارسية القديمة مثل الثنوية والمجوسية بالإضافة إلى الثقافة الإسلامية، سواء من الكلام كالقدرية والمجبرة أو من أئمة الشيعة مثل جعفر الصادق أو من فقهاء السنة المتعاطفين مع التشيع مثل أبي حنيفة. هذا بالإضافة إلى أصل الوحي في القرآن.٢
وفي «التقرير لأوجه التقدير» يعود الشرق للظهور، مملكة الشرق دليلًا على بزوغ الفكر الجديد، وهي على يمين العالم في الجبلة.٣ ومن الوافد لا يظهر إلا اللفظ المعرب «الأسطقسات» في «الفصول في المعالم الإلهية» والكيموسات البلغمية. ومن الموروث تتصدر الآيات القرآنية أصل الموروث الأول ثم الحكماء والطبيعيون والإلهيون من الحكماء. ومن الفرق الكلامية تظهر فرقتا الجبر والقدرية. كما يحال إلى الرسول محمد وإلى إدريس النبي أو هرمس. والرسالة مكتوبة إلى الشيخ أبي الحسين عبيد الله مما يدل على الظروف المحلية للتأليف، جبال الهند والسند ومبادئ التنجيم. ويحال إلى باقي مؤلفات العامري مما يدل على وحدة الفكر مثل «النسك العقلي والتصوف الملي» و«الإرشاد لتصحيح الاعتقاد».٤

(ب) مسكويه

وتمثل «في اللذات والآلام» نموذجًا لتنظير الموروث الذي يتجه إلى «الإبداع الخالص» نظرًا لضعف الموروث فيه. لا يشار إلى الوافد إلا بألفاظ عامة مثل الحكماء والطبيعيين على الإطلاق. أما الموروث فهو أكثر ظهورًا مثل فيلسوف الإسلام علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر.٥ وهو شيعي الاتجاه. لديه قدرة على العرض العقلي والتركيز مما يوحي ببداية التحول إلى الإبداع الخالص. ويظهر مسار الفكر، إحالة اللاحق إلى السابق، والسابق إلى اللاحق مما يدل على وحدة الموضوع ومنطق الاستدلال، والنسق الداخلي للخطاب. كما يكشف عن التراكم الداخلي وبداية الوعي الفلسفي نظرًا لأن المقال كله موجه ضد مذهب أبي بكر الرازي في اللذة. وتربط بين العلوم الرياضية والأخلاق في أثر الألحان على النفس، والموسيقى على الأخلاق. ويظهر أثر الموروث في تحويل الله إلى خير، والدين إلى أخلاق. فالخير المطلق هو الله تعالى، وهو الكمال الأكمل، واللذة المطلقة، مدرك لذاته وأشرف المعشوقات. واللذة مقصود إلهي عظيم في الأمور الإلهية، وهي سبب وجود العالم والنظام الإلهي والسياسة الربانية. والبداية بالبسملة والنهاية بالحمدلة والصلاة على محمد النبي وآله. فالتأليف صادر من الموروث تنظيرًا له من الداخل دون استعانة بالثقافة الوافدة.٦

(ﺟ) ابن سينا

وتمثل بعض رسائل ابن سينا في الحكمة والطبيعيات وفي النفس نماذج لما قبل الإبداع الفلسفي، تنظيرًا للموروث وحده دون تمثل الوافد على الإطلاق إلا فيما ندر وكبقايا من الماضي البعيد. لم يعد المطلوب هو تمثل الوافد كما هو الحال في مراحل الشرح، التفسير والتلخيص والجامع أو العرض والتأليف والتراكم في تمثل الوافد أو تفاعله مع الموروث. فقد تم الإجهاز عليه كلية وتحويله إلى جزء من الثقافة الفلسفية حتى أصبح وافدًا موروثًا أو موروثًا وافدًا بل تنظير الموروث فحسب حتى يمكن تجاوز الوافد والموروث معًا إلى مرحلة الإبداع الخالص، والابتداء من المصدر الداخلي وهو الكتاب والسنة، وكان الحكمة علم كلام جديد لا شأن له بالحجاج والدفاع والخصوم والفرق بل بالتنظير العام والتصورات الكلية للعالم.

ويستعمل ابن سينا الأسلوب الشخصي المباشر وتحليل التجارب الحية. فالفلسفة لم تعد نقلًا بل إبداعًا. ليست مجرد تجميع وتمثل واستيعاب بل معاناة وتجربة وحياة. وقد استنفذ جهده في تصفح كتب العلماء. فوجد أن البحث عن القوى النفسانية بحث عويص. واستدعى من أقوال الحكماء والأولياء «من عرف نفسه فقد عرف ربه» و«من عجز عن معرفة نفسه فأخلق به أن يعجز عن معرفة خالقه»، مرة إيجابًا ومرة سلبًا. لا فرق بين سقراط والنبي، بين اليونان والقرآن في مصدر واحد هو الموروث بعد أن أصبح الوافد مكونًا فيه ومتحدًّا به.٧
وفي «رسالة في العشق» لا توجد إلا إحالة واحدة إلى تفسير ابن سينا لصدر المقالة الأولى من كتاب «السماع الطبيعي»، لمعرفة العلل الطبيعية والعلة الأولى.٨ وقد يكشف ذلك عن قراءة إلهية للطبيعيات؛ إذ إن العلة الأولى ليست موضوعًا للطبيعة بل لما بعد الطبيعة. وقد يدل ذلك على أن الطبيعيات مقدمة للإلهيات، وأن البحث عن العلل الأربعة تمهيد للوصول إلى العلة الأولى أو باختصار أن الطبيعيات إلهيات مقلوبة إلى أسفل وأن الإلهيات طبيعيات مقلوبة إلى أعلى. ومن الموروث الأصلي يذكر ابن سينا حديثين، واحد غريب، والثاني قدسي. الأول يقيد أن حسن الصورة لا يوجد إلا عند جودة التركيب الطبيعي. وبالحسن تقضي الحوائج. ويصر ابن سينا على أنه حديث بنص القول. والثاني عن العشق المتبادل بين الله والإنسان بمواصفات خلقية معينة للإنسان.٩
ولم يذكر ابن سينا في «معرفة النفس الناطقة وأحوالها» أيًّا من فلاسفة اليونان، بل ذكر ست آيات قرآنية وأربعة أحاديث نبوية مما يبين حضور الموروث وغياب الوافد، وإن الإبداع ليس مشروطًا بالوافد وحده بل قد يكون بالموروث وحده. وهو أكبر عدد من الشواهد النقلية في الرسائل النفسية الست.١٠ في البداية يستشهد ابن سينا بآيتين من القرآن لبيان أن النفس أو الروح من أمر الله وأن الإنسان لم يؤتَ من العلم إلا قليلًا، وأنها سر على العلماء والدهماء على حد سواء. ويستشهد أيضًا بالقرآن لشرح معنى التسوية أي جعل البدن بالمزاج الأنسي مستعدًّا لنطق النفس الناطقة به. وإضافة «من روحي» تدل على أن النفس من جوهر مخالف لجوهر البدن وهو البرهان الثالث. فهناك «أنا» جامع للإدراكات مخالف للبدن، جوهر فرد روحاني.١١ ويسمي ابن سينا القرآن الكتاب الإلهي بعد الإشارة إليه كوحي يتضمن السؤال عن جوهر النفس. كما يستشهد بالقرآن في آخر الفصل الثاني في بقاء النفس بعد بوار البدن عن طريق الكمال بالعلم والحكمة والعمل الصالح فتنجذب النفس إلى الأنوار الإلهية وأنوار الملائكة والملأ الأعلى كما تنجذب الإبرة إلى جبل عظيم من المغناطيس، وفاضت عليه بالسكينة والطمأنينة حتى ينادي عليها من الملأ الأعلى. ويقسم ابن سينا النفس إلى ثلاثة أقسام عقلًا. الأول الكاملة في العلم والعمل وهم السابقون. والثاني الناقصة في العلم والعمل، والثالثة الكاملة في أحدها الناقصة في الأخرى. هذه القسمة النظرية تنظير لقسمة القرآن. فأصحاب الميمنة هم الكاملون في العلم والعمل، وأصحاب المشأمة هم الناقصون في العلم والعمل. أما الدرجة المتوسطة فغير واضحة في الآية إلا إذا كان المقصود السابقون السابقون أي المنافسة نحو الكمال فيصبحون كاملين في العلم والعمل. ويظل الإشكال في الدرجة المتوسطة قائمًا في حاجة إلى مزيد من التنظير. هل يتساوى الكامل في النظر الناقص في العمل مع الكامل في العمل والناقص في النظر أما أن الكمال في العمل يجب النقص في النظر مؤيدًا بآيات أخرى مثل قُلِ اعْمَلُوا هذه القسمة الثلاثية تعادل قسمة خصال النفس إلى العفة والشجاعة والحكمة ومجموعها العدالة، وهي خصال الكاملين في النظر والعمل دون الإشارة إلى أفلاطون ولكن تعشيقًا عقليًّا للوافد في الموروث وجعل الموروث وعاء لتمثل الوافد.١٢
ويستشهد ابن سينا بأربعة أحاديث. الأول في الحقيقة ونسبتها إلى قائل الحق تجاوزًا التشخيص. محمد قائل الحق وأرسطو هو الحكيم يكمل البعد الأفقي «من عرف نفسه» بالبعد الرأسي «فقد عرف ربه»،١٣ من الداخل إلى الخارج، ومن النفس إلى الله.١٤ كما يستعمل ابن سينا الحديث للبرهنة على تمايز النفس عن البدن. فمعرفة النفس وليست معرفة البدن طريق إلى معرفة الله. والثاني يثبت به ابن سينا أن النوم أخو الموت في موضوع بقاء النفس بعد بوار البدن.١٥ إذا نام الإنسان بطلت عنه الحواس، وصار كالميت. والإنسان في نومه يدرك الغيب والمنامات الصادقة. وهو برهان على تمايز جوهر النفس عن جوهر البدن. والثالث لإثبات النعيم الذي خلقه الله في السموات من الحور العين والأطعمة اللذيذة وألحان للطيور مع الإيحاء بأنه حديث قدسي، صورة للمرتبة الثالثة من النفس، وهي مرتبة المتوسطين أي النعيم الحسي. كما أن الحديث القدسي مرتبة متوسطة بين كلام الله وكلام الرسول.١٦ والرابع لإثبات أن العقل هو أول العوالم وأعلاها مرتبة فوق النفس والجسم. يستشهد ابن سينا بالحديث القدسي لإثبات أن العقل له مكان مركزي في الموروث كما هو الحال في الوافد بالرغم من تأويلات الصوفية له وزحف التصوف على الفلسفة منذ إخوان الصفا وخلال الفارابي وابن سينا حتى الغزالي. لذلك كان ابن سينا أقرب إلى الطبيعيات منه إلى الإلهيات في حين أن الفارابي كان أقرب إلى النحو والمنطق حتى أتى ابن رشد فزحف علم الأصول على الفلسفة. ويشرح ابن سينا الحديث على أنه ثلاث مقولات طبقًا للقسمة الثلاثية المعروفة عند أفلاطون دون تصريح بذلك أو ذكره نظرًا لأن الوافد أصبح في اللاوعي المعرفي من ذكريات الماضي البعيد.
و«في ماهية الصلاة» فلا يذكر شيء من الوافد. إنما يذكر الموروث الأصلي، القرآن، (مرتان) والحديث (ست مرات). والموضوع جديد على الوافد وأصيل في الموروث. الآية الأولى تثبت أن لله الأمر والخلق، والثانية أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ومن الأحاديث يفسر الأول أن الصلاة عماد الدين، أنها وسيلة الاتصال بالأفلاك وأداة لتصفية النفس بتشبهها بالأجرام السماوية. الدين هو التصفية، والصلاة عماد الدين. الصلاة قاعدة الإيمان، ومن لا صلاة له لا إيمان له، ومن لا أمانة له لا إيمان له. والثالث والرابع أن الصلاة مناجاة للرب، والمناجاة تتم بالعقل. والخامس حديث قدسي في صياغته أن المصلي يناجي ربه، ومذكور ثلاث مرات، مرتان في صيغة قصيرة، ومرة في صيغة طويلة. والسادس يميز بين الصلاة الشرعية البدنية العددية الظاهرة في مقابل الصلاة الروحية القلبية الباطنية كما هو الحال عند الصوفية.١٧
و«في الحث على الذكر» ينظر ابن سينا آية قرآنية واحدة مرتين دون إحالة إلى أي وافد لبيان سلاح ذكر الله لقمع النفس وإيقاظ القلب، وأنه يزداد بالفكر على الذكر استخلاص النية الذكر من عادة المجادلين وسلط الذكر على الفكر لإذابة تخييل الواردين. ويتبرأ عن أحوال الذكر وقوة الفكر بالإنابة إلى رب العالمين. كل ذلك تنظير لآية واحدة. كما تتضمن الآية نسيان الخلق في الاستغراق في الذكر، وأن الذكر لا يخلص عن النسيان مع انتشار الحواس في شهواتها، وأنه لا يصفو مع هواجس النفس، وأنه يدخل في السر (النفس)، وتبرز عروقه في القلب. وذكر اللسان يفتح القلب حتى تتم المشاهدة بعد المراقبة والمجاهدة. فيبلغ الإنسان منزلة السكينة. وذكر الله والحق من ذكر الناس.١٨
وموضوع التفسير موضوع موروث مباشر، علم نقلي بأكمله حاول ابن سينا تنظيره إلى علم عقلي أسوة بالتفسير العقلي عند المعتزلة كتب فيه عدة رسائل. منها «الرسالة النيروزية». ولها عنوان آخر «في معاني الحروف الهجائية». وواضح في العنوان الأول أثر الثقافة الفارسية، وفي الثاني أثر الثقافة العربية. وكلاهما من الموروث. موضوعها الحكمة الإلهية وليست المصلحة البشرية، كشف سر وليست رؤية واضحة للحق، لطف الواقع من النفس وليس الأثر العملي. الغرض منها فهم فواتيح السور، وهو ما ضرب عمر بن الخطاب السائل عنها بسببها. ويسميها ابن سينا الفرقانية. تمثل سطح العلم، والأسرار ما زالت في العمق. تنظير الموروث يعني تحويل المنقول إلى معقول عن طريق التأويل، والذهاب من السطح إلى العمق، ومن الظاهر إلى الباطن، ومن الحرف إلى الكون، ومن اللغة إلى الطبيعة، ومن التنزيل إلى التأويل.١٩ يبدأ من ثقافة العصر، نظرية الفيض لاحتواء الآخر ثم تأويل الحروف الهجائية المفردة بها قبل تفسير أوائل السور بناءً على هذا التأويل وإدخالًا للآخر في وعاء الأنا. قسم الرسالة ثلاثة أقسام: الأول ترتيب الموجودات وهي الثقافة الوافدة، نظرية الفيض بعد أن أصبحت موروثة. والثاني دلالة الحروف عليها وهو الوعاء الموروث. والثالث الغرض أي هدف ضم الوافد إلى الموروث. الوافد هنا ثقافة وليس شخصًا أو كتابًا أو علماء تعني الألف واجب الوجود، مبدع المبدعات، ومنشئ الكل، ذات غير متجزئ أو متكثر أو متقدم بسبب. لا يوجد أفضل منه، حق وخير وعلم وقدرة وحياة وكأن الفلسفة قد أعادت الذات والصفات من علم الكلام، مؤثرة التنزيه على التشبيه. بل إن المفهوم منها عند الحكماء معنى واحد. وتعني الباء العقل، أول ما أبدعه الله. وتعني الجيم النفس، وموادها الأفلاك. وتعني الدال العالم الجسماني الطبيعي. وهو نوعان: الأثيري المستدير، والعنصري المكون من مادة وصورة. وكلها في شوق إلى الله. ثم يتكرر الرباعي في الحروف الأربعة التالية: الهاء تعني الباري، والواو العقل، والزاي النفس، والحاء الطبيعة، وهي الأفضل. الطاء تعني الهيولى، والياء ليس لها إضافة تحتها على النحو الآتي:
أ ب د و ز ط ي
الله العقل النفس الطبيعة الباري العقل النفس الطبيعة الهيولى ليس لها إضافة تحتها
ثم يتحول الأمر إلى حساب الحروف وحساب الجمل عن طريق الضرب والجمع فالأربعة الأولى، الله والعقل والنفس والطبيعة ذوات أو آحاد. والأربعة الثانية، الباري والعقل والنفس والطبيعة مضافة إلى ما دونها. بعد الآحاد يكون الإبداع من إضافة الأول إلى العقل. كما أن الأمر إضافة الأول إلى العقل، والخلق إضافة الأول إلى الطبيعة، والتكوين إضافة الباري إلى الطبيعة. وتزيد الحروف وتشمل اللام والميم والنون والقاف والكاف والسين والصاد دون باقي الحروف. ولكن المهم هو الدلالة وليس الإحصاء الكامل.٢٠ وأحيانًا تكون المعادلة حروفًا صرفة دون كلمات كما هو الحال في المنطق الرمزي في الغرب فيستحيل الفهم كما تستحيل المراجعة، وهي أحجيات غير مقنعة لا يمكن التحقق من صدقها.٢١ ثم يطبق ابن سينا في القسم الثالث عن الغرض حساب الحروف والجمل على أوائل السور. وكلها تخيلات وأوهام مثل خرافات علم التنجيم. وهو موضوع الإعجاز وأسرار البلاغة عند المتكلمين. ويلاحظ أن الحروف في أوائل السور ليست كلها مذكورة. وهناك حروف أخرى مذكورة ليست في القرآن مما يدل على إمكانيات تكاثرها ما دامت حساباتها أصبحت معروفة والنسج على منوالها ممكنًا. ولما كانت الموجودات إما روحانية وإما جسمانية، يتعلق الأمر بكل ذي إدراك، ويتعلق الخلق بكل تسخير.٢٢

«وفي تفسير المعوذتين» اختار ابن سينا بعض قصار السور مثل المعوذتين التي تشير إلى العلاقة بين الله والإنسان ليمارس فيها منهج التأويل تأكيدًا على هذه الصلة، وتعميقًا للأشعرية عن طريق الاتصال وليس الانفصال. علوم الحكمة هنا تطوير لعلم الكلام، وتنظير للعقائد، وتحويلها من عقائد دينية خاصة إلى تصورات عامة للعالم. ابن سينا أول من حول التفسير إلى موضوع فلسفي، من علم نقلي إلى علم عقلي كعلم مستقل وليس فقط كموضوع جزئي كما فعل الكندي من قبل في تفسير آية وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ في رسالة «في سجود الجرم الأقصى». وقد اختار ابن سينا المعوذتين لأنه يسهل تفسيرهما من خلال نظرية الاتصال مثل اختيار الأحاديث الإشراقية. ففي المعوذة الأولى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ رب الفلق هو الموجود الأول الخير، والرب هو العناية وليس الإله الذي لا يعتني بالعالم كما هو الحال عند اليونان. والشر في الخلق لا في الخالق. والفاسق هي النفاثات في العقد من خلال القوى الحيوانية والنباتية. وشر حاسد إذا حسد هو النزاع بين النفس والبدن الذي كان رمزه النزاع بين آدم وإبليس. والسوءة تشير إلى كيفية دخول الشر في القضاء الإلهي. ويشرح ابن سينا القرآن والحديث ويستعمل حديث «إن لربكم في أيام دهركم نفحات من رحمته إلا فتعرضوا لها» كما يستعمله الغزالي في «المنقذ من الضلال». وكلها تفسيرات ظنية تكشف عن دخول ثقافة العصر التي أصبحت مزيجًا من الوافد والموروث، والصلة بين الخارج والداخل، بين الفرع والأصل، بين المحيط والمركز، بين النقل والعقل حماية للثقافة من الازدواجية المتصارعة بين علوم الأوائل وعلوم الأواخر، بين السلفية والعلمانية، بين المحافظة والتجديد دفاعًا عن وحدة الثقافة كما يحدث في كل عصر.

وفي المعوذة الثانية قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، الربوبية هي التربية والعناية. والناس هم الشعب أو الأمة. ويُؤَوِّل ابن سينا أسماء الله باعتبارها قوى النفس. الرب بحساب المزاج، والملك بحساب فيض النفس، والإله بحسب شوق النفس. والوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس هي القوى المتخيلة. وهنا يعتمد التفسير على علم النفس كما تفعل الشيعة والباطنية. كما يشرح القرآن بالقرآن مثل الاستشهاد بآية فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي. وتعني التربية المزاج.٢٣
وفي تأويل «الصمدية» يبدأ ابن سينا بقرآن حر، مفسرًا القرآن بلغة القرآن أو بأسلوب القرآن، السمع والإيقاع، والبداية بالبسملات والحمدلات. والموضوع التوحيد. ولفظ «أحد» مبالغة في الوحدة وكأن القرآن فيه مبالغة وليس فقط التأكيد. وتظهر ألفاظ «إلهي» و«إلهية» كثيرًا مما يدل على استمرار الموضوع الأول في علم الكلام، كذلك استعمال صفات السلب وصفات الإيجاب. الفلسفة إذن دفع للكلام نحو مزيد من التنظير العقلي كما هو الحال في علم الكلام المتأخر، عرض فلسفي مجرد. لذلك يوجه ابن سينا إلى نفسه اعتراض معترض بطلب البرهان. ثم جاء التفسير في النهاية صعب الفهم. فكيف تكون به نجاة الناس. وكيف تعادل حينئذ «الصمدية» ثلث القرآن؟ هل تستطيع العامة فهم هذا التأويل وتنال به الخلاص؟ إن الآية، ببساطتها ومباشرتها وتركيزها أفضل من شرحها وتأويلها. لا يعدو التفسير الفلسفي للآيات كونه استيعابًا حضاريًّا للوافد، واستعمال ثقافة العصر في عرض الموروث الأصيل وعدم تركه منعزلًا تجاوزًا لازدواجية الثقافة. قد لا تخرج عن التفسير الصوفي القرآن في إطار أشعري عام يظهر في المقدمة أو الخاتمة سواء كان من الناسخ أو الناشر. فالعمل جماعي. والعقل في حاجة إلى نقل. وهو حكم عام يتجاوز ابن سينا دور علوم الحكمة.٢٤
وفي «العرشية» يذكر القرآن (٧ مرات)، والحديث (مرتان) مما يدل على حضور التفسير من علوم الحكمة قدر حضور علم الكلام من العلوم النقلية العقلية فيها. وهي آيات يسهل تفسيرها على نحو أشعري؛ لأنها تتعلق كلها بقدرة الله المطلقة في الإنسان والطبيعة، الآية الأولى تنفي التعدد، وتثبت أن الوحي غير قابل للتغيير والانفعال في أم الكتاب في مقابل تفسير آخر، النسخ والاستبدال. الأول يؤثر الثابت، والثاني المتحول. الأول يخرج من كل شيء هالك إلى وجهه، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، والثاني يخرج من كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. والثالثة والرابعة تثبتان القضاء والقدر، وخلق الله الأفعال، والخامسة والسادسة تجعل الخير من الله وأنه يريد اليسر بالإنسان لا العسر. والسابعة تبين سيطرة الله على مظاهر الطبيعة، إنزال الماء، وأحياء الموات، وخلق الحيوان والإنسان. ويفسر ابن سينا الحديث القدسي الخاص بصدور الأفعال من العقل الأول سواء كان هو العقل صراحة أم القلم. فالقلم هو العقل. ويستعمل القرآن الحر كأداة للتعبير، تفسير للقرآن المباشر بالقرآن غير المباشر.٢٥
وفي رسالة «الفعل والانفعال» يذكر القرآن (١٣ آية) والحديث (٤ أحاديث) بالإضافة إلى قول مأثور واحد، ودون أي ذكر للوافد اليوناني. كلها محاولة لتنظير الصلة بين النفس والجسم وبيان أثر النفسي في الجسمي وأثر الجسمي في النفسي، علاقة الفعل الانفعال لا فرق في ذلك بين الوافد اليوناني والموروث القرآني بعد أن انضوى الوافد التاريخي في أعماق اللاوعي المعرفي، وفي نفس الوقت يستعمل هذا المخزون المعرفي التنظير الموروث مثل الوحي والإلهام والمعجزات والكرامات والآيات والمنامات والسحر والعين والمؤثرات والنيرنجيات والطلسمات والحيل، حتى يسمح بإدخال هذا العنصر الجديد الموروث فيه. فتجتمع علوم الأوائل مع علوم الأواخر، علوم السلف وعلوم الخلف في رؤية حضارية واحدة. تفيد معظم الآيات المذكورة العلم الجديد وهو الوحي الذي لم يكن يعلمه الرسول من قبل، ما أسماه المتكلمون السمع أو النقل في مقابل العقل أو الحس بما في ذلك القصص. كان الرسول أميًّا غير حاضر زمن الأحداث المروية. وبعض الآيات تفسير على التفسير الصوفي الإشراقي لآية المشكاة المشهورة التي شرحها الغزالي في «مشكاة الأنوار».٢٦ وتذكر آية أخرى تشير إلى التنبؤ بالمستقبل وبانتصار الروم على الفرس. ويستشهد بآيات أخرى تشير إلى انفعالات النفس مثل الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس أو سحر الأعين، وبآية أخرى تعبر عن اتخاذ البعض عبادة الأصنام قربى إلى الله، وبآية تكشف عن أن البرهان في الطبيعة وفي النفس، في الخارج وفي الداخل. ويفسر ابن سينا الحديث القدسي الأول بأن الوحي يتم في حال اليقظة والنفث في الروح في حال النوم. ويفسر الثاني بأن رؤية الرجل الصالح جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة كما يقول الصوفية في الإلهام، والحكماء في الاتصال، والفلاسفة في الحدس. ويفسر الثالث ببلاغة الرسول، والرابع بالقدرة على التنبؤ، تنبؤ الرسول بقتل كسرى. كما يستشهد ابن سينا بالآثار والأخبار المروية وبالثقافة الشعبية الشائعة حتى ترتبط الفلسفة بثقافة الجمهور وتصبح نابعة منه ومن حياة الرسول.٢٧
وفي «رسالة الطير» يظهر القرآن المرسل أو الحديث في أسلوب ابن سينا باعتباره مخزونًا بلاغيًّا أدبيًّا كبديل عن النهاية الدينية التقليدية. كما يظهر في «كتاب السياسة» التفكير والتقدير، وأن الناس سواسية كأسنان المشط، والميثاق الغليظ. ويظهر في «الزيارة» صور فنية عن شمول العلم الإلهي وإحاطته. وفي «حي بن يقظان» يظهر الأسلوب القرآني الحر كوسيلة أدبية وتعبير بلاغي مثل البرزخ والحفظة والكرام الكاتبين والعين الحامئة والميثاق الغليظ، وابن سينا أقل من السهرودي وابن طفيل في استعمال القرآن المرسل.٢٨

(د) ابن باجه

ويستمر ابن باجه في تنظير الموروث مما يبين قدرة الفلسفة على الاستمرار اعتمادًا على الداخل وحده دون الخارج، وعلى المكونات الذاتية دون العناصر الخارجية خاصة في موضوع النفس الناطقة باعتباره بؤرة الموروث، وما يتعلق بها من علوم عقلية.

ففي «ارتياض في تصور القوة المتخيلة والناطقة» يحال إلى الفارابي والزرقالة ويذكر القرآن.٢٩ وهو نموذج للتراكم الفلسفي من الفارابي والزرقالة ومن العودة إلى الموروث الأصلي، القرآن لمزيد من التنظير للموروث بعد أن أصبح الوافد موروثًا من الفارابي والزرقالة. وصورة الفارابي في ذهن ابن باجه هو الشيخ أبو نصر تأكيدًا على مقاييس الحس والعقل الإنسانية كمقاييس للصدق. فالفارابي في ذهن ابن باجه صوفي أقرب إلى الغزالي. ويضرب ابن باجه، اعتمادًا على الزرقالة، المثل على التعلم من المصنوع المشار إليه بالفكر والبحث ثم ينتقل إلى نفس المستنبط لا سيما في الأمور القريبة. فالعلم هنا من الموضوع إلى الذات.٣٠
ويستشهد ابن باجه بثلاث آيات قرآنية، الأولى مكررة مما يدل على أن تنظير أصل الموروث ما زال مستمرًّا، وأن الفكر الفلسفي له مصدره الداخلي المستمر بعد أن تحول الوافد إلى الموروث الكبير. ومنها التفكير في خلق السموات والأرض تدعيمًا لإدراك المعقولات وحصول القوة الناطقة بالفعل موهبة تتم بها رؤية المخلوقات للوصول إلى الله وملائكته وكتبه ورسله والدار الآخرة. وهنا تأتي آية التفكُّر تدعيمًا للطريق من المخلوق إلى الخالق، موهبة الاتصال بالعقل الفعال. وإذا كان العلم بالله وكتبه ورسله يؤدي إلى الهدى فإن نسيانه يؤدي إلى الضلال لأنه يؤدي إلى استبدال الهدى بالله فيكون من المغضوب عليهم أو الضالين. ولفظ الارتياض يعني التعليم والتعوُّد أي النقل الموجه أو الهادف حتى يصبح جزءًا من الموروث. التنزيل يصبح تأويلًا.٣١
وفي هذا الموضوع يرضى ابن باجه عن الغزالي ويستسلم له بالرغم من نقده السابق له. ويقبل التصوف، الجرثومة التي ازدوجت مع الأشعرية وقضت على المشروع النهضوي في الغرب. النبي هو رئيس الصوفية والإشراقيين، وكلهم إلى رسول الله منتسب. فقد تحول الفارابي من المنطق إلى الإشراق. ويدعو ابن باجه القارئ إلى المشاركة والانضمام إلى الزمرة. ويستعمل تشبيهات الشمس والنور والظلمة. ويمكن للحدس العقلي إدراك ما يدركه العقل الإشراقي إذا كانت الموضوعات بديهية رياضية وبموهبة من الله وفيض منه. كما يستعمل بعض التعبيرات القرآنية الحرة. ويكرر الإنسان النظر في المخلوقات حتى يصل إلى الخالق وهو العلم الذي ينكشف للأنبياء. فيتحد الطريق الصاعد والطريق النازل. ويصبح التأويل والتنزيل علمًا واحدًا. والإنسان في الأمور المعقولة أشد تشوقًا لمعرفة أسبابها لأنه نظر أعلى وأرفع وأنفع. فعن طريق الأسباب يصل الإنسان إلى الله وملائكته وكتبه ورسله والحياة الآخرة. والناس متفاوتة في موهبة المعرفة بحسب ما يعطيه الله في أول الخلق من الاستعداد لقبولها. والموهبتان الاستعداد والنطق، ليسا مكتسبين إلا بالتوفيق من الله للعمل، وهذا هو الكمال الإنساني، ولا يتم إلا بما أتى به الرسل من الله. ويؤدي اتباع الهوى إلى الشقاء والضلال. سماع الأنبياء وطاعتهم هو نفس طريق التفكر في المخلوقات، لا فرق بين البصيرة والبصر، بين الوحي والطبيعة. يعلم الله كل شيء ويقدر كل شيء. وعلم الإنسان مستمد من الأشياء، وقدرته قائمة على الأسباب. ويحول ابن باجه الأسباب من العمل إلى النظر، وهو بداية الاغتراب. ويحاول الجمع بين العقل والإشراق، بين المعرفة الإنسانية والمعرفة الإلهية في إطار صوفي إشراقي أقرب إلى التصوف منه إلى الفلسفة، وإلى حكمة الإشراق عند ابن سينا وابن طفيل منه إلى منطق البرهان عند الفارابي وابن رشد. كما يحاول التوفيق بين الحرية والجبر في نظرية الكسب بما تتسم به من غموض وأقرب إلى أحوال الصوفية كما هو كمواهب منها إلى حقائقهم كمكاسب. وإذا كان التفاضل فطريًّا فكيف يكون الاستحقاق؟ ويتم الخلق بالعلم لا بالإرادة، والصنع بالأسباب أي بالقوانين. والاستنباط أشرف من الاستقراء لأن الذات أشرف من الموضوع. والعلم من الذات أي الداخل أشرف من العلم من الموضوع أي الخارج. كل ذلك تنظير لا واعٍ لآية وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ، وجمع لا واعٍ بين أرسطو وأفلاطون، وصب للوافد في الموروث. يتعدَّد خطاب ابن باجه، ويتنوع بين العقل والقلب، بين الحكمة والتصوف. وينتهي الخطاب الرياضي المنطقي الطبيعي إلى خطاب عقلاني صوفي فيما بعد الطبيعة. ويستعمل ابن باجه الأسلوب العربي مثل زيد وعمر وكمثل للمبتدأ أو الخبر أو الفاعل في النحو أو الموضوع والمحمول في المنطق.٣٢
وتبدأ الرسالة وتنتهي بالإيمانيات مع نداء للقارئ ودعوة له للمشاركة في الطريق وكأن الفلسفة طريقة صوفية أو دعوة أشعرية، لا فرق بين المؤلف والقارئ. وقد تكون النهاية أكثر من مجرد ترحُّم أو دعاء أو بسملة أو حمدلة بل إشارة إلى جماعات الصوفية وعقائدهم والمؤمنين وكأنه داعية شيعي. فتصوف ابن باجه وعقلانيته يجعلانه حلقة اتصال بين المشرق والمغرب، بين الغزالي وابن رشد، بين الفارابي وابن مسرة. ولا يأتي ذلك من الوافد، إبرقلس وإيضاح الخير أو أفلوطين والتاسوعات بل من الموروث، من التصوف الإسلامي وإلَّا تحوَّل الأصل إلى فرع، والفرع إلى أصل كما هو الحال في الاستشراق وتوابعه.٣٣
«وفي العلم الإنساني والعقول الثواني والعلم الإلهي أو في مراتب العلم» يحيل ابن باجه إلى الزرقالة مستمدًّا منه المثل على التعليم من الذات قبل الموضوع والميكانة التي أستنيطها، ثم بعد ذلك يعقل الذات مع الموضوع.٣٤

(ﻫ) الشيخ حسن المعدل

واستمد الفكر الشيعي محولًا تاريخ الديانة إلى فلسفة التاريخ حتى القرون المتأخرة. ففي «معرفة النفس الناطقة والعلوم الغامضة» للشيخ حسن العدل (٦٥٩ﻫ) يتحوَّل تاريخ الأديان إلى الداخل إلى قوى النفس وقوى البدن وانحساره عن الخارج والصراع السياسي بين الثورة القادمة ودولة الظلم والطغيان. فأولو العزم من الأنبياء مع القائم يقابلون آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، والقائم قوى النفس السبع والمميزة، والحافظة، والناطقة، العاقلة، والمفكرة، والذاكرة، والمتخيلة، وقوى البدن السبع الجاذبة، والماسكة، والدافعة، والمصورة، والهاضمة، والغاذية، والنامية على النحو الآتي:٣٥
قوى البدن قوى النفس الأنبياء الأئمة
الجاذبة العاقلة آدم علي
الماسكة المفكرة نوح السبطان
الدافعة الذاكرة إبراهيم علي بن الحسين
المصورة المتخيلة موسى محمد الباقر
الهاضمة المميزة عيسى جعفر الصادق
الغاذية الحافظة محمد إسماعيل بن جعفر

وكل إمام له لقب بعد محمد الغفور الودود، فعلى صاحب اليوم الموعود، والسبطان الشهيدان وعلى ذريتهما الحجة على كل الوجود، وعلي بن الحسين الطاهر المحمود، ومحمد الباقر صاحب النور الموقود، وجعفر الصادق صاحب السر الموجود، وإسماعيل بن جعفر صاحب المقام المورود، والذرية الطيبة إلى اليوم المشهود.

وفي «مبتدأ العوالم وبدء دور الستر والتقية» تعود فلسفة التاريخ الأولى انطلاقًا من تاريخ الدين، وتنظير للموروث وحده. فيذكر آدم ثم إبراهيم (الخليل) ثم نوح ثم إسماعيل ثم إسحاق ثم موسى والنمرود ثم هابيل وسام وحام ثم هند وتاريخ عيسى وعدنان.٣٦ فيتداخل الأنبياء مع الأضداد. كما يذكر الإمام ثم إبليس ثم الحارث بن مرة وهو إبليس على الأرض. ومن البيئة الجغرافية المحلية يذكر سرنديب وبوسباط.٣٧ ويركز على الأنبياء والأضداد: آدم وإبليس، إبراهيم ونمرود، موسى وفرعون، عيسى واليهود كلهم وليس يهوذا فحسب، ومحمد وأبو لهب. ولكل نبي دور منذ آدم حتى ينتهي دور المشيئة ويبدأ دور الستر والتقية. ويعاد توظيف مصطلحات الوافد مثل العقل الكلي، ويستعمل أسلوب القرآن الحر. ويتم الجمع كأساليب للتعبير بين الشعر والنثر بعد أن يعود الشعر في العصور المتأخرة حافظًا للعلوم كما كان الحال قبل الوحي حافظًا للآداب. يعبر المؤلف عن فكره بالشعر والنثر، ويشرح شعره نثرًا. والشعر أقدر على التعبير عن الحالات النفسية. لذلك فضله الصوفية كأداة للتعبير. وتخاطب الرسالة القارئ لتشركه في الفكر كخطوة نحو إشراكه في الدعوة. وتبدأ بالبسملات وتنتهي بالحمدلات.

(و) علي بن حنظلة المحفوظي الوادعي (٦۲٦ﻫ)٣٨

ويستمر الفكر الشيعي في تنظير الموروث عن طريق تحويل علم الكلام إلى فلسفة في الدين ثم تحويل فلسفة الدين إلى فلسفة في التاريخ. ففي «ضياع الحلوم ومصباح العلوم» يتم التحول من علم الكلام إلى الفلسفة، ويرتكز الكلام على عقيدتين، التوحيد والمعاد، التوحيد لب الإلهيات أو العقليات والمعاد لب السمعيات أو النبوات. والتوحيد مبدأ الخلق. والمعاد منه مذموم ومنه محمود.٣٩ وتسود نظرية الفيض لربط الله بالعالم بدلًا من الخلق. وتتداخل الإمامة مع الكون، فالإمامة هي القامة الألفية، والدعوة الذكية، والعلوم الحقيقة، والذرية الإمامية والمرتبة الروحانية.
ثم تتحوَّل فلسفة الدين إلى فلسفة في التاريخ عن طريق التواصل بين الأئمة والأنبياء، بين آدم وموسى وعيسى وفاطمة والحسن والحسين وأمير المؤمنين وسليمان ونوح وداود والحارث الأعور مخاطب علي وإبليس في جدل واحد بين الأنبياء والأئمة والأضداد. ولقد وصى إبراهيم لإسماعيل كما يوصي الإمام لإمام. وأولاد إسحاق خدم لأولاد إسماعيل. وعيسى صاحب الشريعة ثم محمد. وبين محمد وجده إسماعيل ثلاثون إمامًا، فالإمامة تكرار للنبوة. وكما يستشهد بالقرآن والحديث يستشهد أيضًا بالتوراة في ترجمة عربية رصينة. وأكثر النصوص عن الأحوال النفسية للمضطهدين، إسماعيل الذبيح، وعيسى على الصليب.٤٠ ويظل القرآن هو الموروث الأصلي، والمصدر الأول للفكر الشيعي. وتتوجه الرسالة إلى القارئ للتواصل مع الكاتب. وكما تبدأ بالبسملات تنتهي بالحمدلات.

(ز) الطوسي

وفي «شرح مسألة العلم» للمحقق خواجة نصير الدين محمد الطوسي (٦٧٢ﻫ) يتم التعرض لمسألة العلم، وهو موضوع مشترك بين الكلام والفلسفة في صيغة حوار افتراضي «قال … يقول».٤١ وبطبيعة الحال يتصدر المتكلمون ثم المعتزلة والحكماء ثم الأشعرية والأوائل ثم المنطقيون كفرق كلامية قبل ذكر أسماء الإعلام مثل الحسن البصري وفخر الدين الرازي وهشام بن الحكم وصاحب المختصر.٤٢ ومن الموروث الأصلي تذكر آيتان في الصلة بين الإدراك والعلم في الإنسان وهل يمكن قياسهما على الله مثل وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ، وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ.
وتضم الرسالة أربعًا وعشرين مسألة عن أقسام العلم والمعلوم المستقبلي والمعدوم، والعلم البديهي والنظري، والعلم بالمتقدمين والنتيجة والإدراك والعلم. ثم يتم الانتقال إلى العلم الإلهي كصفة زائدة على الذات، والعمل بالجزئيات، وصلة العلم بالقوة والإرادة، وصلته بالكلام والعناية واللطف والهداية والجود وباقي الصفات. وهي موضوعات كلامية صرفة. نابعة من أصل الموروث ولا شأن لها بالوافد.٤٣
والرسالة في علم الكلام وفي الفلسفة في آنٍ واحد تدل على تحول الكلام المتأخر إلى فلسفة وتحول الفلسفة المتأخرة إلى كلام. وهي أقرب للحوار، والسؤال والجواب، «قال … يقول».٤٤ ويبدأ بعشرة أبيات من الشعر. فالشعر ثقافة العرب لو جمد الموروث وتحجر.٤٥
وينقد المعتزلة لقولهم الحقائق الثابتة، وإن المعدوم شيء. كما ينقد هشام بن الحكم لجعله العلم تابعًا للاعتقاد. وينقد اعتبار العلم إضافة شعور العالم بالمعلوم عند أبي الحسين البصري وفخر الدين الرازي. ويصاغ الموضوع في صيغة تساؤلات مثل العلم تابع أم ليس بتابع.٤٦ ثم تأتي التأكيدات أن العلم فعل وانفعال، أما علم الله ففعلي غير انفعالي ويعرف حقيقة العلم مع التعريفات السابقة. ويعرض للصلة بين الإدراك والوجود والذهن، وأقسام الإدراك وعلم الله، ونقد أن العلم هو الإضافة. ثم تأتي بعد ذلك أربع وعشرون مسألة تدور أقل من نصفها حول العلم الإنساني والنصف الآخر أو أكثر حول العلم الإلهي. وقد يتداخل العلماء في بعض المسائل. والعلم الإنساني في الغالب مطروح في صيغة تساؤلية ما دام الأمر فيه وجهات نظر مختلفة. بل إن العلم الإلهي أيضًا في أكثر من نصف مسائله معروض أيضًا بصيغة تساؤلية.٤٧ وأحيانًا تعرض موضوعات العلم الإلهي بصيغة تقريرية إيجابية مثل بعض موضوعات العلم الإنساني.٤٨

(ﺣ) ابن النفيس

وفي «الرسالة الكاملية في السيرة النبوية» لابن النفيس (٦٨٧ﻫ) يختفي الوافد كلية مع أن أصولها في «حي بن يقظان» عند ابن سينا والتي يرجع أصولها إلى «سلامان وأبسال» اليونانية.٤٩ ولا يظهر من الموروث إلا النبي، خاتم النبيين دون ذكر ابن سينا. وفاضل ابن ناطق هو المؤلف الخيالي وكامل هو صاحب السيرة الخيالي. ولم يظهر من أسماء الأنبياء إلا يعقوب والعيص وعيسى وإسماعيل، مع صفات زهراني ويهودي وهاشمي وكافر وخارجي ومجوسي واليهود.٥٠ ومن أسماء البلدان تظهر مكة. ولا يستشهد إلا بآية قرآنية واحدة لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فيما يأتي به النبي من صفات الله. هي أقرب إلى الدين منها إلى الفلسفة، ومن أصول الدين منها إلى أصول الحكمة، ومع ذلك هو حديث النفس «مونولوج» كما تدل على ذلك عبارات مثل «ثم تفكَّر فقال».٥١ وتحيل القصة إلى باقي مؤلفات ابن النفيس. فهي جزء من كل ويبدو فيها ابن النفيس الطبيب.٥٢

وهي أقل قيمة من الناحية الفلسفية من «حي بن يقظان»، لابن سينا ولابن طفيل، تقوم على دفاع صريح عن النبوة، وخاتم النبيين بطريقة المتكلمين وليس بطريقة الفلاسفة. موضوعها النبي وليس الله، إثبات سيرته الكاملة وليس إثبات وجود الله عن طريق التأمل في الطبيعة كما هو الحال في «حي بن يقظان». هي أقرب إلى علم السيرة منها إلى علوم الحكمة.

وتقوم على قسمة رباعية. كيفية وجود كامل في الجزيرة. وتحتوي على نظرية الولد الذاتي وكيفية تعرفه على العلوم والنبوات ثم سيرة الرسول ثم شريعته ثم التنبؤ بالحوادث بعده. فالقصة مركزة على شخص الرسول. وتقوم على شخصية واحدة كما هو الحال عند ابن سينا وليس على شخصيتين مثل ابن طفيل للإشارة إلى الطريقين طريق الوحي وطريق العقل، طريق النبوة وطريق الحكمة. والاسم نفسه له دلالته «كامل» دلالة على خاتم النبيين، والمؤلف «فاضل بن ناطق» أي الفضيلة ابنة النطق وليس «حي بن يقظان»، الحياة بنت اليقظة، ولا حياة دون يقظة.٥٣
والعجيب إدخال العقل فما لا دخل فيه مثل تبرير الشرائع والتنبؤ بالحوادث المستقبلة بعد موته وما يحدث بعده، والمعاصي في أمته وعقوبتها وحال الكفار وأحوال بلادهم، وسلطانهم وهذا الملك المتاخم لها، وما يحدث في العالم العلوي والعالم السفلي. ولو كان الأمر في بداية الإسلام وعدم الاستقرار السياسي لكان نوعًا عن المصادرة على التاريخ، فالعقل هنا مجرد أداة لتبرير الدين بصرف النظر عما يمكن وعما لا يمكن. ولا حرج من البداية أن يعلن عن المطلوب إثباته وهو وجود الله واعتباره مقدمة. فالله تعالى لكرمه لا يمنع مستحقًّا حقه ويعطي كل مستعدم ما يستعدمه.٥٤ ولا بد أن يوجد لهذه الموجودات موجد وهو الله تعالى وأن يكون عالمًا متقن الصنع، معتنيًا بكل شيء. فالمطلوب إثباته في النهاية تم الإعلان عنه في البداية. والله هو الذي أحكم الخلقة والصنعة بما في ذلك شعر العانة. وهنا يظهر الطبيب القاص الحكيم. وقد أخبر الله النبي أن يبلغ شرعه ويعرف الناس بجلاله وبأحوال المعاد. وما دام ذلك مبلغًا من النبي فما وجه الحاجة للبحث عنه؟ والله تعالى ليس داخل العالم ولا خارجه ولا في جهة، ولا يشار إليه بالحس وهو ما حاول الفلاسفة البرهنة عليه وبيان استحالته، وتذكره القصة بلا برهان كقواعد الإيمان.
وتكثر العبارات الدينية في البداية والنهاية. فالمؤلف هو الفقير إلى الله تعالى، عفا الله عنه مع البسملة والحمدلة والصلاة على خير الأنبياء والمرسلين. وينتهي الكتاب بالاستعانة بالله وحده والصلاة على خير أنبيائه وصحبه وأصفيائه، ونفس الشيء يقال بالنسبة للنبوة لا جديد فيها يثبته العقل وكأن القصة مجرد سيرة تقليدية من سير الوعاظ المحدثين، نسبه وموطنه، وتربيته، وحاله، وهيئته، وعمره، وأولاده، ودعوته، واسمه، وكتابه.٥٥

(ط) إدريس عماد الدين القرشي (٨٧٢ﻫ)

ويستمر الفكر الشيعي حتى القرن التاسع منظِّرًا للموروث ومطوِّرًا لعلم الكلام إلى فلسفة في الدين، ثم محولًا فلسفة الدين إلى فلسفة في التاريخ. ففي «كتاب زهور المعاني» لإدريس عماد الدين القرشي. لا يظهر الوافد على الإطلاق.٥٦ وإن ظهر خافتًا فمن خلال الموروث مثل اختبار المأمون أحد الأئمة بعرض المجسطي عليه، والإشارة إلى هرمس باعتباره النبي إدريس، واستعمال لفظ «السسوفسطائية» لفظًا معرَّبًا، وقسطا بن لوقا من المترجمين.٥٧
ولا يعتمد إلا على الموروث الأصلي القرآن والحديث والأنبياء والأئمة وأضدادهم. يتجاوز القرآن الحديث ثلاثة أضعاف. ومن يتصدر محمد والرسول والتراكم الفلسفي التاريخي لمجتمع المضطهدين، ويتفاعل النص مع الواقع التاريخي ويتم التأويل ويتم نسيج التصور للعالم.٥٨ وتذكر بعض الأحاديث الضعيفة، فالمهم المتن وليس السند. وصحة المتن المثنى في مطابقته مع النفس وليس في مطابقته مع قول القائل أو الراوي.٥٩ يتم التعبير أحيانًا بالشعر لأنه أقرب إلى التعبير عن المأساة كما هو الحال في الشعر الملحمي ويستعمل أسلوب القرآن الحر والحديث الحر كجزء من الخطاب الفلسفي لإثرائه بلاغيًّا وفنيًّا. وتظهر أفعال القول الرواية أقوال الداخل. أفعال القول إذن ليست خاصة بالوافد، أرسطو أو غيره بل هو أسلوب في التعبير، في النقل عن الآخرين، يستعمله القرآن والحديث، وظهر في كافة العلوم النقلية والعقلية.

والحكيم الفاضل ليس أرسطو، والحكماء الفضلاء ليسوا اليونان. وإذا أطلقت الألقاب الأولى التي نشأت للوافد، أصبحت على العموم تشير إلى الموروث الذي أصبح الوافد جزءًا منه. كما تظهر بعض مصطلحات الوافد مثل الهيولى والصورة بعد أن استقرت وأصبحت جزءًا من الموروث الثقافي العام الذي لا تمايز فيه بين الوافد والموروث بفعل التراكم التاريخي.

وكما يظهر الموروث الأصلي في القرآن يظهر أيضًا الموروث في التوراة استشهادًا به على تاريخ الأنبياء تأصيلًا للجديد في القديم وعودًا إلى الجذور حتى يمكن أن تهز أبنية الظلم في الحاضر. وكثير من الروايات ظنون وتخيلات ينقصها البرهان. وبعض الأحاديث القدسية موضوعة لأنها تسمح بالخيال مثل كتاب «بدء الخلق» في البخاري وهي أحاديث طويلة لأنها من صنع الخيال المنطلق في إبداعه. ولا تهدف إلى بيانات عملية كما هو الحال في الأحاديث الصحيحة القصار. وكل التأويلات لتحقيق المناط وتركيب النصوص على الأئمة والأوصياء والأضداد وكأن النصوص نزلت في هذه المواقف الجديدة. لذلك تتعين النصوص في أسماء الأشخاص. بل يتم تأويل الشرائع لتعميمها وإطلاقها من حدودها الخاصة إلى حدودها العامة مثل تأويل أركان الإسلام الخمس. فالتأويل يقوم بحركتين من العام إلى الخاص في تحقيق المناط، ومن الخاص إلى العام في تأويل الحدود.٦٠
ويتم التحول من الكلام إلى الفلسفة، من الخلق إلى الفيض، ومن الإمام الشرعي إلى الإمام الكوني. ويدل العنوان كله على ذلك، على التوحيد والإبداع والكمال ثم ارتقاء الجسماني إلى الروحاني.٦١ ويتجلى التوحيد في الإبداع أي الخالق في المخلوق حتى يتحقق في الإمامة الكونية.٦٢ ويتم نقد نظرية الذات والصفات والأفعال التي تحوَّلت إلى جوهر صنمي عقلي بديلًا عن الأصنام الحسية من أجل بيان تجليات الذات الإلهية في الكون بالطريقة الصوفية. ولفظ الإبداع وسط بين الخلق والفيض، وأقرب إلى التصور الفني منه إلى التقرير الوصفي. ويقل المعاد لصالح النبوة. كما يقل الإيمان والعمل لصالح الإمامة. ويتضخم التوحيد على حساب العدل نظرًا لغياب العدل في الدنيا وثورة التوحيد على الظلم. والوراثة أفضل من الاختيار. العلم والملك وراثة أفضل من سوء التأويل وسوء الاختيار.
ومن الفلاسفة يتصدر حميد الدين الكرماني وكتابه الشهير «راحة العقل» ثم السجستاني في «إثبات النبوة»، وإخوان الصفا ورسالتهم خاصة «الجامعة»، ومؤلف «ضياء العقول». ويحيل إلى مؤلَّفين: «الروضة»، «جلاء العقول وزبدة المحصول» لعلي بن محمد بن الوليد.٦٣ وتكثر أسماء أعلام الخلفاء والأمراء والعلماء بما يفوق المائة مما يدل على مدى تفاعل الفكر الشيعي مع الموروث.٦٤ كل ذلك رد فعل على الاستبعاد والإقصاء من رجال السلطة لرجال المعارضة الذين يذكرهم التاريخ. ومن البيئة الجغرافية المحلية تذكر ديار مصر، والإسكندرية، والقاهرة ومسجد عمرو بن العاص، وبرقة والقيروان ومدن الشام، والشام، وأنطاكية، وملك الروم، ومن الأقوام العرب والعجم، ونظرًا لهذا العدد الضخم من الأسماء جعل الفكر أقرب إلى التجميع منه إلى الإبداع، يظهر فيه التراكم التاريخي أكثر مما يظهر فيه النقل النوعي.
ومن الأنبياء من يتصدر محمد الرسول، ثم موسى، ثم آدم، ثم عيسى، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل، ثم نوح، ثم هارون، ثم إسحاق ويوشع بن نون، ثم سام، ثم يحيى، ثم مريم وتوما، ثم زكريا وفنحاس وداود ثم لوط وشيث وشعيب.٦٥ ويذكر أضداد الأنبياء مثل إبليس ويهوذا وأبي جهل وأبي لهب، كما يذكر النصارى وبني إسرائيل واليهود وهاروت وماورت. ويعاد بناء فلسفة التاريخ على نحو تقليدي قديم النبي والضد المقيم والوصي. لكل نبي مقيم، قابيل وهابيل، فالأنبياء أدوار تمثل مراحل التاريخ وكلها تمثل ارتقاءً وتقدمًا وانتقالًا من الظاهر إلى الباطن على عكس تصور أهل السنة الذي يقوم على الانهيار المستمر من الإمامة إلى الخلافة إلى الملك العضوض، من الصحابة إلى التابعين إلى تابعي التابعين كما هو معروف في كتب الطبقات، طبقات المعتزلة، وطبقات الصوفية، وطبقات الحنابلة … إلخ.
النبي الوصي المقيم الضد
آدم سام هنيد إبليس
نوح لافح ابنه
إبراهيم صالح النمرود
موسى جدعان فرعون
ويستمر هذا التصور الجدلي للتاريخ على نفس النمط نظرًا لاستمرار النبوة في الإمامة. فالمستنصر بالله ضده نزار أو محمد بن أبي قحافة. ويتكرر هذا الموقف في كل عصر من أجل شحذ الصراع بين الإمام وضده.٦٦
ومن الأئمة وآل البيت يتصدر أمير المؤمنين ثم الحسين وفاطمة ثم جعفر الصادق، وهم قادرون على إجراء المعجزات مثل حواري السيد المسيح. وبين التشيع والنصرانية وبين التشيع واليهودية هناك عناصر قربى؛ لذلك كثيرًا ما ينصره المستشرقون. والأديان كلها تهدف إلى غاية واحدة بالرغم من تعدد مراحلها، ويصل حد الإشادة بالقدماء أئمة وأوصياء وعلماء إلى غياب النقد، ووصول الأمر إلى درجة التقديس ما يتنافى مع الاجتهاد والتطور وارتقاء التاريخ والفكر السني والفكر الشيعي عالمان مغلقان، تصوران متضادان للعالم، تضاد السلطة والمعارضة، الدولة وخصومها، الأمر الواقع والتغيير في المستقبل، شرعية الماضي وشرعية المستقبل. وكل باب له وحدته يبدأ بالبسملات والحمدلات وينتهي بها مما يبين أن الفكر خارج من الموروث وتنظير لعناصره.٦٧

(٢) آليات الإبداع

ويقوم تنظير الموروث على الاختصار دون التطويل والتركيز على المعنى وتجاوز العقول إذا كانت الفكرة واضحة والموضوع جليًّا، والعقل قادر على الإمساك به وتحويله إلى نظرية. لذلك تتم العودة إليه باستمرار في حالة الاستطراد والتذكير به.٦٨
كما يظهر أسلوب النقد والتمحيص والتنبيه على الأوهام والجهل وبيان المحال والتناقض. فالفكر عملية تحقق وبرهان، ونقد ومراجعة، ترمي إلى تبديد الأوهام مما يدل على أهمية المعرفة وتبديد الوهم. وتوصف الأوهام بأنها عامية، أي إنها أقرب إلى أوهام السوق والأفكار الشائعة والأحكام الخاطئة.٦٩ ويفضل لفظ الجهل والفساد والخلف والمحال والبطلان. والغاية تبديد الوهم، وتصحيح الفكر والعودة إلى البرهان. بل يوجه النقد إلى القارئ إن وقع ضحية هذه الأفكار الشائعة والذي يظن أن السعادة في الطعام والشراب والنكاح. ويتفاوت النقد في الرسائل. يغيب في القصيرة نظرًا لتركيزها ويكثر في الطويلة لإسهابها.٧٠ بل إنه يوجد أيضًا في باقي الأشكال السابقة للعلاقة بين الوافد والموروث. ففي «الإشارات والتنبيهات» مثلًا تظهر عناوين فرعية مثل «توهم وتنبيه»، «أوهام وتنبيهات».٧١
ويظهر الأسلوب الإسلامي الأصولي في تخيل الاعتراض والرد عليه مسبقًا حتى يمكن بناء الفكر نظريًّا متسقًا مع نفسه. ويتم ذلك عن طريق فعل السؤال: فإن سأل سائل، أو فعل القول: فإن قال قائل. وقد يكون السؤال موجَّهًا للمؤلف، وقد يكون على العموم ليس موجَّهًا لأحد، تأكيدًا للفكر الموضوعي المستقل. قد يكون القول القائل، وقد يكون الفعل مبنيًّا للمجهول بصرف النظر عن القائل. وهو قول متخيَّل لأنه بصيغة الاحتمال. ويظهر لفظ الاعتراض لبيان أن القول اعتراض وليس مجرد قول. والاعتراض أدق. كل اعتراض قول وليس كل قول اعتراضًا. ولا يرد على الاعتراض إلا بعد التحقق والتيقن. وينطبق ذلك أيضًا على «الإشارات والتنبيهات».٧٢
كما يكشف الأسلوب وطريقة التعبير أن المؤلف يصف فكره وفكر محاوره ورؤيته لمساره ووحدته ومنطقه واستدلاله. يذكر بما سبق ويخبر بما هو لاحق حتى يظهر التواصل بين مراحل الفكر والعلاقة بين المقدمات والنتائج، واتجاهه نحو غاية وقصد هو الموضوع ذاته. وتظهر عبارات الربط من أجل بيان وحدة الفكر في البداية ثم تقل عندما يبرز الموضوع. وينطبق ذلك على باقي أشكال التأليف.٧٣
والرسالة علاقة متبادلة بين المؤلف والقارئ وأحيانًا بين الناشر والناسخ والقارئ لما كان الناشر والناسخ يتمثلان موقف المؤلف على نحو تصاعدي لاشتراكهما في نفس القضية. فالدعوات من المؤلف للقارئ بالسعادة ومديد العمر، والدعوة له بنيل الرغبات، وتحقيق الأمنيات والسعادة في الدارين وصرف المكروه ودوام السلامة. وقد تصبح مخاطبة القارئ، مناجاة له إذا كان من الصوفية مثل أبي سعيد، تنقلب إلى مناجاة الله، مرة أفقية، ومرة رأسية.٧٤ الفكر نفسه تجربة مشتركة بين الكاتب والقارئ وليس عملًا فرديًّا بلا قضية أو جمهور. هذه التجربة المشتركة هي مقياس اليقين ومحك النظر ومعيار العلم. ما يقوله المؤلف يعلمه القارئ بفطرته وعن طريق السمع والرواية. وإن لم تكن لديه تجربة أو علم سابق يعطيها المؤلف إياه. دور المؤلف الزيادة في التوضيح. وشرط مشاركة الآخر فهمه وتأمله. وشرط الفهم والتأمل كبح الشهوات والتخلص من الأهواء وصفاء النية. الأخلاق شرط العلم. والطهارة تسبق المعرفة. ويقبل شك المستمع ويرد عليه، والله أعلم. وقد يأمر المؤلف القارئ بالعلم والاعتبار تنبيهًا له وإيقاظًا لشعوره. وأحيانًا يكون الأمر في صيغة مناشدة بل ومناجاة بين شقيقين طلبًا للسعادة الأبدية. وينتهي الأمر بالدعاء إلى القارئ وكأنها علاقة بين شيخ ومريد، مرشد ومسترشد، وعظ في مسجد، مكافأة وجزاء، نصيحة وتناصح، وطلب الخير للاثنين، خير النصح وخير الاسترشاد بغية النجاة في الدارين. وإذا كان العمل صوفيًّا أدبيًّا فإن مخاطبة القارئ تتحول إلى مناجاة وابتهال ومناشدة بالصداقة والأخوة. وأحيانًا يكون الخطاب للشخص الثالث على الإطلاق غير المحدد بل المخاطب كقضية أمة. فمن عاهد الله أن يسير بهذه السيرة وفقه الله إلى ما يتمناه. وقد يتحدث ابن سينا عن القارئ الغائب باعتباره آخر تسهيلًا عليه. وأحيانًا يقوم الناسخ بتقطيع نص المؤلف إلى فقرات ويصدره بقال الشيخ اشتراكًا مع المؤلف في مساره مثل العلاقة بين المقرئ والمستمع.٧٥
وتظهر وحدة عمل ابن سينا في الإحالة إلى باقي مؤلفاته الجزئية حتى تظهر وحدة الرؤية الكلية والمذهب العام. كما يحيل الكتاب إلى آخر في نفس الموضوع كما تحيل «رسالة النفس الناطقة» إلى رسالة «معرفة النفس» على مراحل مختلفة من العمل. فقد كتب ابن سينا الثانية قبل الأولى بأربعين عامًا بطريقة أهل الحكمة البحثية. فالكتابة في نفس الموضوع قد تكون بأكثر من طريقة، تمثلًا للوافد أو تمثلًا للوافد وتنظيرًا للموروث أو تنظيرًا للموروث فقط أو إبداعًا خالصًا عن طريق الحكمة البحثية أو الحكمة الذوقية.٧٦ وقد يحيل العلم بأكمله مثل علم النفس إلى باقي العلوم كالأخلاق. إذ يتبين من الأخلاق أنها والعادات تابعة لمزاج البدن، ويشمل الوظائف الشرعية والسنن المللية والعبادات البدنية والمالية أي الشرع. وقد يحيل موضوع التنفس إلى العلوم الطبيعية نظرًا لارتباطه بالأجرام العلوية وتأثير العالم العلوي في العالم السفلي. فكل علم تثبت مقدماته في علم آخر.٧٧

وتظهر البيئة الدينية في البسملات والحمدلات في البداية والنهاية والوسط، في أول كل مقالة أو في آخرها في كل المؤلفات. كما تظهر الصلوات والتسليمات على الرسول وآله وصحبه. كما تظهر بعض الدعوات الصوفية ومصطلحات وغايات الإشراق كما هو الحال في المؤلفات الكلامية الأشعرية، ودعوات الكريم بالتيسير والإتمام بالخير، ودعوة الله بالتوفيق بمنه وجوده وكرمه، وربط كل شيء بالمشيئة الإلهية في تأليف الفصول القادمة والاستعانة بها. ولا فرق في ذلك بين المؤلف والناسخ والقارئ والمالك بائعًا أو شاريًا. فالمهم النص كوثيقة حضارية وكعمل جماعي يكشف عن دلالات عامة. ويكشف ذلك عن الجو الديني العام للتأليف طلبًا للهداية إلى طريق الحكمة الذوقية ودعاء بحشر الجميع مع أهلها. وقد يزداد على البسملة الدعوة بالتوفيق والإنابة والاستعانة والتوفيق وإدراك المطالب العالية والنجاة يوم الحساب والمنفعة بالعلم وبنيل الغايات والسعادة في الدارين ودوام السلامة. ويمكن أن تحتوي الخاتمة الدينية على دعاء أو شهادة على خصم.

ويوصف الله بكثير من الأوصاف الفلسفية مثل واهب العقل أو واهب العقل والكمال. ويتكرر الوصف في معظم الرسائل، بالإضافة إلى مبدع الكل. وتتوالى الصور البلاغية مثل الذي خلق العدم بنور الوجود، ملهم الصواب. ويوصف بأنه واهب القوة مع عديد من العبارات ذات السمع والإيقاع اللفظي كما هو الحال في الدعوات والابتهالات والمواعظ والمواجيد. الله ملهم الصواب، ومنور الألباب، واهب العقل، والمتكفل بالعدل. كما تكشف المقدمات الدينية عن نظرية الاتصال الشهيرة في الفلسفة الإشراقية. فالله مخاطب، والإنسان مخاطب، والإشراق خطاب لمدافعة الخطأ وملازمة الصواب. وذلك لا يحدث عند العامة بل فقط في قلوب الأولياء المؤيدين منه والذين خلصت سرائرهم، وصفت ضمائرهم كما أشرق على الموجودات فأبدع الأفلاك، وخلق الأركان، وأنشأ النبات، وأكمل الحيوان ثم خص الإنسان بشرف المنطق والفكر والبيان حتى ليبدو أنه خلق كل شيء من فضالة الإنسان. لذلك استحق التعبد والتضرع. وتتم صياغة كل ذلك في أسلوب أدبي. فالأدب هو الرابط بين الفلسفة والتصوف، والإنسان مركز الكون وقصده في كلا العلمين.٧٨
وكذلك يوصف الرسول ببعض الصفات مثل صاحب الشريعة. وتتجدَّد صفات الرسول أيضًا مثل واسطة عقد العدل، قلادة جيد الفضل، الحامل لواء الحمد، ملاح سفينة الرشد. وهي أقرب إلى الصور البلاغية منها إلى التصورات العقلية. وقد تصبح الصفات والصور لا شخصية بل عامة مجردة مثل شموس الدلالة، بدور الهداية، أعلام الدعوة إلى ينبوع الخير والشر والسعادة في البداية والنهاية، رسول الثقلين، النبي الأمي، أكمل البرية، سيد المرسلين، خير البرية والمطهرين من كدورات البشرية، سيد الأولين والآخرين. وتكشف الألفاظ الشيعة لابن سينا عن كثرة تعظيم الرسول مثل السيد والمولى والملاذ وكثرة الدعاء لشريعته وحزبه وحمد الله أولًا وأخيرًا وظاهرًا وباطنًا. بل إن اسمه يتضمن الأسماء المحببة إلى الشيعة من آل البيت مثل علي والحسين، فهو أبو علي الحسين بن سينا.٧٩
وتكشف بعض النهايات عن أسلوب التأليف المحلي، العمل باعتباره وثيقة شرعية يتحدد وقت كتابته وزمن الفراغ منه والدعوات للناسخ وطلب المغفرة له بل وللقراء أيضًا مع تحديد وضعه، العبد الفقير لله، واسمه، ونسبه، ومذهبه، وتاريخ وفاته هجريًّا. فلم يكن الميلادي قد ظهر بعد في الوعي التاريخي الإسلامي.٨٠ وقد تصدر كل رسالة بآية تجعل موضوعها قرآنيًّا أي رد الحكمة من الخارج إلى الداخل. فالآية هي الحل والحامل والموضوع والموجه والنموذج والمثل، يختار الناشر الآية المناسبة لموضوع الرسالة ويصدرها بها فوق عنوانها الأصلي، مثل وضع اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فوق عنوان رسالة «الفعل والانفعال».٨١ وباقي رسائل ابن سينا المنشورة في حيدر أباد مع الدعوة لحراستها من الفتن والمخاطر الداخلية والخارجية. فلا فرق بين النص والموقع، بين العمل والمدينة، بين الفكر والأمة، بين العقل والتاريخ. ويعلن عن الطبع في هذه البيئة الدينية مع ذكر التاريخ الهجري والصلاة والسلام على الرسول ومقابلة الطبع على النسخة القديمة وتحديد مكانها ورقمها وتصنيفها ومقابلتها مع النسخ الأخرى في أماكن أخرى، وذكر المصحح وألقابه وخبرته واسمه والدعوة له بالسلامة. بل لقد قلد المستشرقون ذلك فسمى المستشرق نفسه العبد الفقير إلى رحمة ربه. كما سمى ليدن المحروسة.
وتقترن بالدعوة إلى الله الدعوة إلى السلطان. ويشتق اسم الرسالة من اسمه كما فعل ابن سينا في «الرسالة النيروزية» لخدمة السلطان مولانا نيروز مع الدعوة لإدامة عزه ومدح جود اليد، وعرض خدمات ابن سينا حكيم البلاط له، وإعطائه أربعة ألقاب: المولى، والشيخ، والأمير، والسيد. ويكررها مرتين في مقدمة الرسالة. ثم يتواضع ابن سينا لدرجة الخضوع والتذلل، ويعتبر نفسه واحدًا من القوم، من الرعية، من السواد الأعظم، يريد إعطاء هوية فكرية وليست دنيوية وكأن الفكر صناديق ومعلبات للخزانة الكريمة وليس للعقول، للأمير وليس لمجموع الأمة. بل يحتاج ابن سينا إلى مقابلة الأمير لمشافهته بها، والوقوف على الأعتاب السنية في الحضرة الملكية.٨٢

(٣) تنظير الموروث المنطقي والعلمي

ولم يقتصر التنظير على علوم الحكمة وحدها الطبيعيات والإلهيات والنفسانيات بل امتد أيضًا إلى آلة العلوم المنطقية وإلى العلوم الرياضية مثل الفلك والطبيعة مثل الطب والتي أصبحت علومًا موروثة خالصة حتى ولو كانت في بداياتها وافدة بعد أن تحوَّل الوافد إلى موروث. واستمر من القرن السادس حتى القرن الثالث عشر بداية فجر النهضة العربية على عكس الحكم الشائع أن الفلسفة انتهت بعد ابن رشد.

(أ) تنظير الموروث المنطقي

ويبدأ ذلك عند ابن رشد المعروف بالشارح الأعظم وأكبر متمثل للوافد وشارح وملخص وجامع له. ويقوم ابن رشد بذلك في مقالاته الصغرى. ففي كتاب «العبارة لأبي نصر» لا يظهر إلا الموروث كدليل على التراكم الفلسفي من الفارابي وكما هو واضح في العنوان.٨٣ يظهر أبو نصر ثم ابن وهيب والفرَّاء وأبو بكر.٨٤ ويستعمل ابن رشد نفس المنهج الشارح ولكن هذه المرة للفارابي وليس لأرسطو، للداخل وليس للخارج، للموروث وليس للوافد. فأول عبارة في المقال للفارابي، والموضوع لغوي محلي صرف لا شأن له بالوافد، ودلالة الاسم المشتق على المعنى والموضوع، وصلة اللفظ بالمعنى بالشيء. فالكلمة تدل على الفعل في الزمان المحصل وعلى المعنى والموضوع. ولا يشارك المعنى الأسماء المشتقة لأنها تشير إلى شيء وليس فقط إلى معنى. ورباط القضية يحيل إلى هذا الشيء. ويتجه ابن رشد إلى عدم تخطئة الفارابي. فالفيلسوف البرهاني لا يعارض الفيلسوف المنطقي؛ إذ إن حكيمها يشارك في منطق البرهان. ويعارض الفيلسوف الإشراقي سواء كان الفارابي أو ابن سينا. وكعادة ابن رشد في الشرح يستنبط النتائج من المقدمات، ويصف مسار الفكر، بداياته ونهاياته، ويتتبع منطق استدلاله، ويراجع أحكامه. ويبدأ المقال بالبسملة وطلب العون من الله والصلاة والسلام على محمد وينتهي بالله أعلم.
وفي «انعكاس القضايا» يغيب الوافد كليةً ولا يحضر إلا الموروث، أبو نصر، ثم ابن سينا دون أرسطو أو أحد من شراح اليونان.٨٥ ولا توجد إحالات إلى مؤلفات أو مجموعات، هناك إشارة واحدة لبعض الفاضلين دون تحديد لهويتهم، من الوافد أو الموروث.٨٦ وبالرغم من أن الفارابي أكثر ذكرًا إلا أن المقال كله نقد لمذهب ابن سينا في انعكاس القضايا. فقد رد ابن سينا على الفارابي في الممكنة ولم يرضَ عنه. كما رد ابن رشد على ابن سينا وفقًا لتشنيعه. ويراجع رده من المتقدم إلى المتأخر، من الفارابي إلى ابن سينا إلى ابن رشد لبيان الانحراف في الفهم، ومن ابن رشد إلى ابن سينا إلى الفارابي لتجاوز هذا الانحراف والعودة إلى الأصول على نحو تراجعي، من المتأخر إلى المتقدم. فابن رشد مع أبي نصر ضد ابن سينا. الأول يحاصره من النهاية والثاني يحاصره من البداية. وأبو نصر بريء وابن سينا متهم. هذا حكم القاضي أبي الوليد. ابن سينا يعاند وابن رشد يفك عناده، لو كان ابن رشد مقلِّدًا وتابعًا لأرسطو لما محص أو نقد أو حكم. يتمثل إبداع ابن رشد في البحث عن الحقيقة والحكم بين المتخاصمين. ينقد ابن رشد مذهب ابن سينا في انعكاس القضايا، وهو مذهب الفارابي نظرًا لمعاندة ابن سينا لأرسطو فيه. ويقوم بعملية تطهير للأصول من الفروع، ولا يعرض بل يأتي بجديد، ويأخذ موقفًا، ويتناول كل ما هو في حاجة إلى تطهير كما هو الحال عند فقهاء الحنابلة. يشك ابن سينا في قول أرسطو إن الجزئية الموجبة الممكنة تنعكس ممكنة، وكذلك في الضرورية الجزئية الموجبة تنعكس ضرورية، وفي السالبة المطلقة تنعكس كليةً. ويعاند قول أرسطو بالمواد ناقلًا المنطق من المستوى الصوري إلى المستوى المادي كما حاول الفارابي من قبل، ويناقض نفسه، ويخرج من السياق، ويكرر شكوكًا قديمة أمكن الرد عليها. يبحث ابن رشد عن صحة أشكال القياس. وهو الذي يقول وليس فقط أرسطو. وقوله هو الحق دون تعصب. وإن لم يبدأ المقال بالبسملة إلا أنه ينتهي بالحمدلة وبأن الله أعلم.
وفي «من كتاب البرهان لأبي نصر» يغيب الوافد كلية ويحضر الموروث.٨٧ ويظهر التراكم الفلسفي المنطقي من الفارابي إلى ابن باجه وابن وهيب والفراء. ويحيل إلى كتاب البرهان لأبي نصر كما يتضح في العنوان.٨٨ وألفاظ الكتاب هي ألفاظ أبي نصر. فلا داعي للحيد عنها بدعوى إصلاح المعنى لأن المعنى الجديد يمكن التعبير عنه بألفاظ أبي نصر. وقد أصاب أبو نصر فيما اشترط في جنس الفصل أن يكون محمولًا أولًا كما عرض لذلك في كتاب «البرهان». وقد أصلح ابن باجه لفظ الفارابي في القراءة وأرجعها إلى خطأ الناسخ، وبرأ أستاذه منه. فليس يمكن أن يكون جنس الفصل المقوم جنسًا للموضوع مانعًا لأن يكون محمولًا أولًا. وقد استكره البعض اللفظ، وأخرجوه من معناه الجائز في العربية. وقد قام بمثل هذا الإصلاح في كتاب مقابل بكتاب أبي عبد الله مالك بن وهيب وهو كتاب صاحبه الفراء. ويبحث ابن رشد عن الاتساق المنطقي والوضوح الفكري بعيدًا عن التناقض والغموض. ويتوخى الدقة في اقتضاء الكلام لمقتضى الحال دون زيادة أو نقصان. ويستعمل أسلوب القول والاعتراض. فقال أرسطو لا تعني التبعية له بل أسلوب الجدل والتمايز بين الأنا والآخر. بل إنها عادة قد تكون أحيانًا من الناسخ تقطيعًا للحجج ومساعدة على فهمها. فالنص عمل حضاري مشترك بين المؤلف والناسخ والقارئ والمالك. وأحيانًا يكون القول بضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب، مفردًا أو جمعًا. ويجعل ابن رشد اللغة العربية وليس اللغة اليونانية أساس الاستحسان أو الاستهجان اللغوي في القضايا المنطقية. وكما يبدأ المقال بالبسملة وطلب العون من الله الرب والصلاة والسلام على محمد ينتهي بالحمدلة.
واستمر تنظير الموروث في القرن السابع في «المختصر في المنطق» لابن عرفة (٧١٦–٨٠٥ﻫ).٨٩ وهو إمام جامع الزيتونة مما يدل على اشتغال رجال الدين بالمنطق كبديل عن الجدل الكلامي. هدفه تعليمي تعليم المنطق بعد أن تداخل في العلوم. يعتمد على اقتباسات كثيرة مما يظهر في أسلوب «قال» و«قلت». ويظهر التراكم التاريخي في كثرة الأسماء للأعلام أو للكتب مع الألقاب مثل الشيخ الإمام، مع ظهور الوعي التاريخي والتمايز بين المتقدمين والمتأخرين، ويظهر أكثر من خمس وعشرين مؤلفًا وعالمًا. يتصدرهم السراج ثم الخونجي وابن واصل ثم الأثير ثم الشيخ وهو في الغالب ابن سينا ثم الفخر ثم الفارابي ثم الكشي ثم الكابتي ونصير الدين السمرقندي. ثم ابن الحاجب، وابن الحباب، وابن التلمساني، وابن الأندراسي، والأيلي، وابن البديع. ثم الأشعري، والقرافي، والشيرازي، وعز الدين بن عبد السلام.٩٠ كما يحال إلى عديد من المؤلفات المنطقية مثل الكشف، والموجز، والمجمل، والرسالة، والملخص، والشفاء، والإشارات، وشرح الإشارات. ويكثر ذكر الأقدمين ثم المتأخرين ثم المحدثين مما يدل على ارتقاء الوعي الفلسفي. ولا يُذكَر اليونانيون إلا مرة واحدة من ذكريات الماضي البعيد بعد أن ورثهم المسلمون. وبالإضافة إلى الإكثار من ألقاب العلماء وهي سمة العصر تظل الإيمانيات، البسملة والصلاة على محمد وآله وصحبه إلى يوم الدين والدعوة بالتوفيق والدعاء بطلب حسن العون.٩١
ويستمر تنظير الموروث المنطقي حتى القرن الثاني عشر في «الجواهر المنتظمات في عقود المعقولات» لأحمد السجاعي (ت ١١٩٧ﻫ) وشرح المؤلف نفسه مع حاشية شيخ الإسلام الشيخ حسن العطار (ت ١٢٥٠ﻫ) مما يكشف عن طبيعة هذا العصر المتأخر وظهور التراكم الفلسفي وعيش الفكر على ذاته، تأليف على تأليف، شرح على متن، وحاشية على شرح، وتخريج على حاشية. ويستعمل القرآن في الشرح مثل غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ كمثل الإضافة المعرفة إلى المعرفة.٩٢ ويتعلق بالكلام أكثر من تعليقه بالمنطق. فالكلام منطق العقيدة كما أن المنطق هو آلة العلم. بل إنه يتعلق بالطبيعيات نظرًا لتداخل موضوع المقولات بين المنطق والطبيعيات. فالموضوع هو الجوهر والأعراض.٩٣ ويعتمد على الموروث وحده، من الفرق على المتكلمين ثم الحكماء ثم الفلاسفة والمعتزلة والأشاعرة و«شيوخنا»، ومن الأعلام ابن السبكي، والزركشي، والشهاب الخفاجي، والسعد التفتازاني، والنظام وابن سينا، وابن دريد. ومن المؤلفات على شرح المقاصد، وشرح الطوالع، وشرح التجريد والمواقف. وواضح الاعتماد على الشروح أكثر من الاعتماد على المتون في عصر الشروح والملخصات. وينتهي العمل كالعادة بالحمدلات كما يبدأ بالبسملات. ويأخذ الله صفات المنطق مثل تنزيهه عن الكم والكيف، بالإضافة إلى الاستعاذة من شيطان الجن والإنس في الدنيا ويوم الثناء.٩٤

واستمر تنظير الموروث المنطقي في القرن الثالث عشر حتى في الحواشي مثل «حاشية شيخ الإسلام والمسلمين رب المريدين المرحوم الشيخ إبراهيم الباجوري على مختصر العلامة المحقق سيدنا الشيخ محمد السنوسي في فن المنطق». وهو عنوان طويل مركب يدل على تداخل النصوص والتراكم الفلسفي الداخلي بين المتون والشروح والحواشي والتخريجات بطريقة التناص بحيث تصبح الشروح أضعاف النص الأول كمركز حوله حلقات مع فصل بين النواة أو القلب وبين الأوراق المغلفة لها كما هو الحال في الشرح الكبير عند ابن رشد للوافد. فهو تراكم معرفي مغلق على ذاته، حضارة تعيش على ذاتها، تستلهم ذاكرتها، جمل يجتر في عصر القحط والجفاف ما طعم من قبل أيام الوفرة والرخاء. يتم التراكم على نحو دائرة ابتداءً من المركز وليس على نحو طولي، قراءة اللاحق السابق وتطويره ونقله وإعادة بنائه من عصر إلى عصر.

figure
وكان هناك وعي تاريخي بهذه الأنواع الأدبية مثل التقييد والتقرير.٩٥ ويصل حد التراكم إلى ضياع النص الأول وتغطيته بطبقات من الشروح والحواشي والتخريجات اللغوية والفقهية والكلامية لدرجة التطويل الذي يخلو من الفائدة أو تجديد حتى شرح البسملة وإعرابها نظرًا لغياب مادة جديدة، بل شرح لفظ بلفظ مما يدل على غياب المعنى وضياع الشيء لحساب اللفظ دون أي فعل للقراءة أو التأويل لدرجة ضياع النص الأول، فتصبح الشروح مجرد حشو لغوي، ملء فراغ، تغطية مساحة دون مضمون قديم أو جديد. كل ذلك يدل على الحالة العقلية للعصر وأوضاعه الذهنية وتوقف الحضارة عن الإبداع والانتقال من مرحلة الإبداع التي قامت على العقل إلى مرحلة الاستدعاء الثانية التي تقوم على الذاكرة.٩٦

وتأتي مادة الشروح من العلوم النقلية طالما أن العقل قد توقف عن الإبداع، مجرد تجميع من مواد كلامية وفقهية ولغوية أو صوفية. ويبرز الشعر العربي، ثقافة العرب الأولى نابعًا من الوعي العربي قبل الإسلام. ويتحول إلى شعر تعليمي من أجل حفظ المادة بأسلوب العرب الأول، الشعر. ويخرج الشرح عن موضوع المنطق إلى بعض المسائل الكلامية. مثل قدم العالم وحدوثه، أو إلى النحو وعلوم اللغة والنحو هو منطق العرب كما أن المنطق هو نحو اليونان. وربما تظهر بعض المواد الطبية نظرًا لاستمرار الموروث الطبي إلى عصر متأخر لفائدته العملية.

وينتهي الوافد كلية لصالح الموروث، سواء الأصل القرآني أو الأحاديث النبوية. والحديث يتصدر القرآن لغلبة الرواية على الدراية كمواد وللحواشي أو أسماء الأعلام مثل اليوسي، ثم ابن عرفة، وابن سينا، ثم إمام الحرمين، ثم الفارابي والشافعي. فيختلط الحكماء بالفقهاء. نظرًا لأن الفقهاء، أصبحوا حكماء العصر، ثم الأجهوري وامرؤ القيس نظرًا لعودة شعراء العرب يحتلون مراكز الثقافة بعد انجسار علماء المسلمين. ثم يختلط الفقهاء بالمتكلمين بالمناطقة بالأنبياء وأضدادهم أو بالفرق مع إحساس بالتمايز بين المتقدمين والمتأخرين وبتنوع الثقافات الفارسية واليونانية، الموروث الشرقي والموروث الغربي، بعد أن أصبح كلاهما جزءًا من الموروث العام. فإذا ظهر الوافد مثل «شرح أيساغوجي» شيخ الإسلام فلأنه أصبح موروثًا ولم يعد وافدًا. كما تظهر أمثلة محلية مثل التركي والزنجي والجرجسي. ويضرب المثل بزيد وعمرو على عادة الأسلوب العربي. وتظهر الإيمانيات في البسملة والحمدلة في البداية والنهاية بل وفي العنوان في ألقاب الشارح. ومِن ثَم تحول المنطق إلى علم من العلوم النقلية، ويكون التنظير قد تم لحساب النقل.٩٧

(ب) تنظير الموروث العلمي

ولما كانت العلوم قسمان، علوم رياضية وعلوم طبيعية فقد عمَّ تنظير الموروث هذه العلوم خاصة علم الفلك من العلوم الرياضية. وعلم الطب من العلوم الطبيعية نظرًا لفائدتها العملية. ففي علم الفلك «قضية معدل السير عند بطليموس» لابن سينا وأبي عبيد الجوزجاني نموذج لتنظير الموروث الفلكي ووضع بطليموس في العنوان من الناشر مما يجعله أقرب إلى العرض الجزئي منه إلى التراكم الفلسفي وتنظير الموروث العلمي؛ إذ إن العنوان الأصلي «مختصر في معنى فلك معدل السير ومعنى الميل والالتواء والانحراف لأفلاك التداوير استخرجته من كتاب كيفية تركيب الأفلاك مصنف الشيخ الجليل أبي عبيد عبد الواحد بن محمد الجوزجاني». وهو يدل على أنه اختصار وبالتالي أقرب إلى التلخيص، قام به ابن سينا من كتاب آخر «كيفية تركيب الأفلاك» للجوزجاني. ولما كان خاليًا من الوافد اليوناني تمامًا مما لا يجيز للناشر وضع اسم بطليموس وإلا كان الوافد حاضرًا فيه وإجابة عن سؤال محلي، وتلخيص لنص موروث كان أقرب إلى تنظير الموروث لتراكم فلسفي داخلي من الجوزجاني صاحب النص إلى ابن سينا صاحب العرض. فهو نص له مؤلفان كبداية للتأليف الجماعي. هو تناص بين نصين من أجل خلق نص واحد. وهي مشكلة واحدة تعرَّض لها المؤلفان وانتهيا إلى نتيجة واحدة. فسبب التأليف محلي صرف. هو تأليف إبداعي خالص لولا ذكره للجوزجاني فأصبح تراكمًا فلسفيًّا، تنظيرًا للموروث.٩٨ ويشار إلى الفرغاني في فصوله.٩٩
وهي مشكلة فلسفية خالصة، التناقض بين التصور الرياضي والطبيعي من ناحية والتصور الذاتي. أثارها ابن الهيثم في «الشكوك على بطليموس». فالبطء والسرعة في الحركة ليسا في ذاتهما بل لقربهما أو بعدهما من الرائي، ويستعمل المؤلف ضمير المتكلم «أقول» وليس الغائب «يقول» مما يدل على درجة عالية من الإبداع. ويتضح ذلك أيضًا في وصف مسار الفكر بين الإجمال والتفصيل والسابق واللاحق، والمقدمات والنتائج، والأسباب والمسببات. ويبدأ المقال بالبسملة وينتهي بالحمدلة والترحم على الناس والله أعلم.١٠٠
وفي «شرح الدائرة الهندية في معرفة سمت القبلة» لحسين الحسيني الخلخالي (ت ١٠١٤ﻫ) يتم تنظير الموروث الهندي، الوافد الشرقي.١٠١ وفيها يتم رصد سرنديب نصف النهار في منتصف المعمورة وترثها مكة عرضًا وطولًا. ويغيب الوافد اليوناني كليةً. وهو تنظير للموروث بثلاث آيات قرآنية كونية عن الشمس وعشق الليل والفجر.١٠٢ وكان الدافع محليًّا صرفًا، لما كانت الصلاة أشرف الطاعات بعد الإيمان وأمر الله تعالى بها في أوقاتها كما يحيل إلى الواحدي مفسرًا مع كل ألقاب التعظيم والتفخيم الممكنة التي تميز هذا العصر.١٠٣ وكما تبدأ الرسالة بالبسملة والحمدلة تنتهي بالصلاة على نبيه محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه أجمعين. وتختتم الرسالة بتاريخ تأليفها ونسخها مع كل التعبيرات الإيمانية الممكنة.١٠٤
وبالرغم من أن الطب كان وافدًا في البداية منذ عصر الترجمة إلا أنه أصبح في النهاية موروثًا يتم تنظيره دون الاعتماد على الوافد. ففي «أصول تركيب الأدوية» لنجيب الدين محمد بن علي بن عمر السمرقندي (ت ٦١٩ﻫ) يغيب الوافد كليةً. تقصر الفصول. ويتحوَّل الطب إلى علم عملي في الممارسة الطبية ويتحول إلى صيدلة دون ذكر لديسقوريدس الذي انزوى إلى اللاشعور المعرفي. بل تظهر البيئة المحلية في أسماء الأدوية: الهليج البصري، والأسود الهندي، والعود هندي، والتمر هندي، والملح الهندي، والصمغ العربي، والأنطاكي، والأرمني مما يدل على انفتاح الحضارة الإسلامية شرقًا إلى فارس والهند والصين، وشمالًا إلى اليونان وتركيا، وغربًا إلى الأندلس، وجنوبًا إلى أفريقيا. وتعود أحاديث الطب النبوي إلى الظهور مثل «الحمة فيح من فيح جهنم فأبردوها بالماء». وفي التعبيرات الإيمانية الأخيرة يعبر عن الله بصفات طبية مثل الشافي والمداوي والمبرئ، ووصف الدواء بأنه إلهي إذا ما كان نافعًا بالإضافة إلى التعبيرات التقليدية، وأن الله هو الموفق وأعلم بالصواب وإليه المرجع والثواب.١٠٥
وفي «المغني في البيطرة» للملك الأشرف عمر بن يوسف القسائي يقوم تنظير الموروث على التجربة الشخصية دون الوافد اليوناني وفي صيغ مختصرة يتخلَّلها السمع الذي يميز العصور المتأخرة. ويتصدَّر الخيل باقي الحيوانات نظرًا لظروف البيئة العربية.١٠٦ يبدأ بالأسباب ثم بالعلامات وينتهي بالعلاج. ولا يخلو الطب من رؤية أدبية لألوان الحيوان وطباعها أسوة بالجاحظ،١٠٧ وبناءً على إحساس قرآني بالألوان في الطبيعة.١٠٨ أما الوافد الشرقي فقد أصبح جزءًا من الموروث مثل العلامات المحمودة والعلامات المذمومة لحكماء الهند.١٠٩ أما الموروث الأصلي فإنه يقتصر على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية دون أسماء الأعلام. ويظل التصور الإسلامي أو التوجه القرآني هو العامل الموجه لتنظير الموروث الطبي وأساسه النظري. فالحيوان خلق من أجل الإنسان، زينة للحياة الدنيا ومنافع له مثل النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسومة.١١٠ وبطبيعة الحال تكثر التعبيرات الإيمانية التي تعبر عن ازدواج الأشعرية بالتصوف في هذا العصر المتأخر خاصة الاعتماد على المشيئة الإلهية في العلاج والله تعالى أعلم.١١١
١  أبو الحسن العامري: إنقاذ البشر من الجبر والقدر، رسائل أبي الحسن العامري وشذراته الفلسفية، دراسة ونصوص، د. سحبان خليفات، منشورات الجامعة الأردنية، عمان ١٩٨٨م، ص٢٤٩–٢٧١.
٢  جعفر الصادق، أبو حنيفة (٢)، علي بن أبي طالب (١)، المجبرة، القدرية (١)، الثنوية، المجوسية (١)، آية قرآنية (١).
٣  التقرير لأوجه التقدير (السابق، ص٣٠٣–٣٤١).
٤  الآيات (٦)، الحكماء (٣)، الطبيعيون (٢)، الإلهيون من الحكماء (١)، محمد، إدريس النبي (هرمس)، الشيخ أبو الحسين عبيد الله (١)، الجبر والقدر (١)، جبال الهند والسند (١).
٥  مسكويه: في اللذات والآلام ص١–٩، Extra it du Bulletin d’etudes Orientales de L’institut Francais de Damas, T. Xvii,-; M. Arkoun.
٦  الحكماء (٢)، الطبيعيون (١)، علي بن أبي طالب (٢)، عمار بن ياسر (١).
٧  ابن سينا: القوى النفسانية ص١٤٧.
٨  ابن سينا: رسالة في العشق ص۱–۲۷.
٩  «اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه» (السابق، ص١٦)، «إن العبد إذا كان كذا وكذا عشقني وعشقته»، ص٢٦.
١٠  ابن سينا: في معرفة النفس الناطقة وأحوالها، أحوال النفس ص١٨١–١٩٢.
١١  يرفض جان بول سارتر وجود مثل هذا الأنا، انظر ترجمتنا ومقدمتنا لكتاب «تعالي الأنا موجود»، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، ١٩٧٦م.
١٢  معرفة النفس ص١٨٢، ١٨٤–١٨٨، ١٩٠.
١٣  هذه الأحاديث الأربعة هي «من عرف نفسه عرف ربه»، «النوم أخو الموت»، «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»، «أول خلق الله تعالى العقل ثم قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر. ثم قال: فبعزتي وجلالي ما خلقت خلقًا أعز منك. فبك أعطي، وبك آخذ، وبك أثيب، وبك أعاقب».
١٤  هذا هو طريق أوغسطين، وأنسيلم وديكارت في الفلسفة الغربية.
١٥  ابن سينا: معرفة النفس ص٨٢، ١٨٦-١٨٧، ١٨٩.
١٦  انظر دراستنا: من نقد السَّنَد إلى نقد المتن، مجلة الجمعية الفلسفية المصرية، العدد الخامس، القاهرة ١٩٩٦م، ص١٣١–٢٤٣.
١٧  الآيتان أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ. والأحاديث الست: «الصلاة عماد الدين»، «لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا إيمان لمن لا أمانة له»، «المصلي يناجي ربه»، «يا رب لقد وجدت لذة غريبة في ليلتي هذه فأعطينها، ويسر عليَّ طريقًا يوصلني كل وقت إلى لذتي …» «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ابن سينا: في ماهية الصلاة ص٣٣–٣٥، ٣٩، ٤١.
١٨  ابن سينا: في الحث على الذكر، ص٢، وهي آية وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.
١٩  ابن سينا: النيروزية ص١٣٤-١٣٥، ١٣٧.
٢٠  العقل غير مضاف = ي = ﻫ × ب، العقل = ﻫ × و.
الأمر = إضافة الأول على العقل.
الخلق = إضافة الأول إلى الطبيعة مضافة م = ﻫ × ح.
التكوين = الباري + الطبيعة = ن = ﻫ × د.
الأمر + التكوين = م + ن = س.
الخلق + التكوين = م + ن = س.
الأمر والخلق والتكوين = ل + م + ﻫ = ص.
مبدأ الكل = د ضعف ق.
٢١  ي × ﺣ = ي × ﻫ = ﺣ × خ، ي = ق = ص + ي، ل = ﻫ + و، م = ﻫ × ﺣ، ك = ﻫ × د، ع = ل + م، س = م + ك، ي + م = ن، لا + م + ﻫ = ص.
٢٢  وذلك على النحو التالي:
ا ل م قسم بالأول ذي الأمر والخلق.
ا ل ر = الأول ذو الأمر والخلق، الأول والآخر، المبدأ الفاعلي، والمبدأ الفائي.
ا ل م ص = الأول ذو الأمر والخلق، منشئ الكل.
ص = العناية الكلية.
ق = الإبداع المستمر على الكل.
كهيعص = القسم للكاف أي عالم التكوين إلى المبدأ الأول بنسب الإبداع.
يس = أول الفيض وهو الإبداع وآخره وهو الخلق المشتمل على التكوين.
حم = العالم الطبيعي الواقع في الخلق.
حم عسق = مدلول وساطة الخلق.
طس = العالم الهيولاني الواقع في التكوين الواقع في الخلف.
طسم = العالم الهيولاني في الواقع في الخلق المشتمل على التكوين.
ن = عالم التكوين وعالم الآخر، النيروزية ص١٤٠-١٤١.
٢٣  ابن سينا: تفسير المعوذتين، المعوذة الأولى، تسع رسائل ص٢٤–٢٩، المعوذة الثانية ص٢٩–٣٢.
٢٤  ابن سينا: الصمدية ص٢٠–٢٤، ١٥-١٦.
٢٥  الآيات هي: وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ، يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ، خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ، وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا. والأحاديث القدسية أول ما خلق الله العقل، أول ما خلق الله القلم. وكذلك آية فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلًا، العرشية ص١٢، ١٥، ١٨.
٢٦  وقد شرحها أيضًا زكي نجيب محمود في «المعقول واللامعقول».
٢٧  الآيات: وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ، عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ، وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ، تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ، يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ، الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ، الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ، سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ، مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى، سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ. والحديث القدسي: «إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها ألا فتقوا الله، وأجملوا في الطلب.» «إن الرؤيا الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.» ومن جوامع الكلم «ربي قتل البارحة.» ومن الحديث «إن من البيان لسحرًا.» وإخباره بموت النجاشي، وقوله إلى رسول كسرى … فكان كما قال إلى غير ذلك مما نطق به القرآن العزيز. واشتملت عليه الأحاديث الصحيحة، وشهدت بصحته الآثار والأخبار … وما اجتمعت الأمة عليه من أمة قد أوتي علوم الآخرين مع ما اشتهر من أمره أنه الرسول الأمي. ابن سينا: الفعل والانفعال ص٣-٤، ٦–٩.
٢٨  وذلك مثل: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، الطير ص٤٨، فإذا ثبت وفكر وقدر، السياسة ص٨، بل هم سواء كأسنان المشط، ص٩، موثقًا من الله غليظًا، ص٩، لا يضرب عن مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، الزيارة ص٤٦، ويقال الحفظة الكرام والكاتبين منهما، حي بن يقظان ص١٨، وقد سمي في الكتاب الإلهي عينًا حمئة. أو يأتينك موثقًا من الله غليظًا، ص٩.
٢٩  ابن باجه: ارتياض في تصور القوة المتخيلة والناطقة، رسائل ج٢ ص١٦٠–١٦٩ الفارابي، الزرقالة (١)، الآيات (٣).
٣٠  السابق، ص١٦٣، ١٦٨.
٣١  هذه الآيات الثلاث هي: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا، نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ، ومن نسي نفسه فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، الارتياض ص١٦٥، ١٦٨-١٦٩.
٣٢  الارتياض ص١٦٦–١٦٨، ١٦٠-١٦١، ١٦٣.
٣٣  وذلك مثل عبد الرحمن بدوي، وجمال الدين العلوي.
٣٤  العلم الإنساني ص١٨٧.
٣٥  الشيخ حسن المعدل: معرفة النفس الناطقة والعلوم الغامضة، أربع كتب حقانية، تحقيق وتقديم مصطفى غالب، مجد، ۱۹۸۷م، ص١١٥–١٢١.
٣٦  المصدر السابق، ص١٢٣-١٢٤.
٣٧  آدم (٢٥)، إبراهيم (١٥)، الخليل (٢)، نوح (١١)، إسماعيل (٨)، إسحاق (٧)، موسى، النمرود (٣) هابيل، سام، حام (٢)، هند، تاريخ، عيسى، عدنان (١)، الإمام (٧)، إبليس (٤)، الحارث بن مرة (٢). سرنديب، بوسباط (١).
٣٨  السابق، ص٧٩–١١١.
٣٩  يدور الكتاب على أربعة أبواب: التوحيد، المبدأ، المعاد المحمود، المعاد المذموم.
٤٠  القرآن (٨٠)، الحديث (٣)، إسماعيل (٨)، إبراهيم (٥)، الخليل (١)، إسحاق، محمد (٢)، آدم، موسى، عيسى، فاطمة، الحسن، الحسين، أمير المؤمنين، سليمان، نوح، داود، الحارث الأعور، إبليس (١).
٤١  المحقق خواجة نصير الدين الطوسي: شرح مسألة العلم، حققه وقدَّم له عبد الله نوراني، مطبعة جامعة مشهد، ٣٨٥ ق، ١٣٤٥ ش. وله عدة ألقاب: الجناب الكريم، السيد السند، العالمي العاملي، الفاضلي الفضلي المحقق المدقق، الجمالي الكسالى … إلخ (السابق، ص١٧-١٨)، وتتكاثر الألقاب للسائل والمسئول مثل الإمام الهمام، سيف الإسلام، علامة الأنام، لسان الحكماء والمتكلمين، جمال المحققين، كمال الملة والدين، أبو جعفر أحمد بن علي بن سعيد سعادة. وحمداني الزمان ورباني البيان، قطب أرباب العرفان والبرهان، الناهض إلى أعالي أفق عليين، السارح في مسارح المتألهين، الناطق عن مشكاة الحق المبين، سلطان الحكماء والمتكلمين، نصير الحق والملة أعلى مناصب العلويين (السابق، ص١٨-١٩).
٤٢  المتكلمون (٩)، المعتزلة (٥)، الحكماء (٣)، الأشعرية، الأوائل (٢)، المنطقيون (١)، هشام بن عبد الحكم، الحسن البصري، فخر الدين الرازي، صاحب المختصر (١).
٤٣  شرح مسألة العلم ص٣٧.
٤٤  سؤال الإمام كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، والمسئول أبو جعفر أحمد بن علي من سعيد بن سعادة الذي رفعها إلى الطوسي للإجابة.
٤٥  السابق، ص١٧.
٤٦  مثل العلم تابع أو ليس بتابع؟ (۲) العلم بأن الشيء سيوجد هل هو نفس العلم بوجوده إذا وجد أو علم آخر؟ (٣) في أن العلم بالمعدوم هل يقتضي نبوة أم لا؟ (٦) في أن العلم بالمقدمتين هل يكفي في حصول العلم الثالث أم يتوقف على علم آخر؟ (۷) في أن العلم بالمقدمة الكلية هو علم بالنتيجة بالقوة أو العقل. (٨) في أن الإدراك الحسي أمر زائد على العلم أو هو نفس العلم؟ (١١) في أن العلم هل يصح أن يكون مؤثرًا كالقدرة أم لا؟ (١٢) في أن العلم وإن لم يكن مؤثرًا كالقدرة فهل يصح أن يكون مخصصًا كالإرادة أم لا؟
٤٧  (٩) في أن الإدراك إن كان زائدًا على العلم فهل يصبح إثباته للباري تعالي أم لا؟ (١٠) في أن الإدراك إن لم يكن زائدًا على العلم فهل يصح في الباري أن يكون عالمًا بالجزئيات على الوجه الذي يعلمها عليه أم لا يعلمها إلا على وجه كلي؟ (١٤) في أن علمه سبحانه هو ذاته أو لازم ذاته وهل هو لازم واحد أو لوازم كثيرة مترتبة أو دفعي؟ (١٥) في أن كونه تعالى حيًّا هل يرجع إلى كونه تعالى عالمًا أو وصف زائد على ذلك؟ (١٦) في أن كونه تعالى مريدًا يرجع إلى كونه عالمًا هل هو أمر زائد عليه؟ (١٨) في أنه تعالى يصح وصفه بأنه متكلم أزلًا أم لا؟ (١٩) في أن علم الباري تعالى إن صح أن يكون مؤثرًا فهل يصح أن يكون علمه سببًا لوجود الممكنات كلها ويتحقق الجبر أولًا ولا يلزم ذلك؟
٤٨  العلم إلهي: (٢٠) في عنايته ولطفه وهدايته. (٢١) في معنى حكمة ووجوده تعالى. (٢٢) في معنى قدرته أو فاعليته. (٢٣) في معنى أزليته ووحدانيته. (٢٤) في أن جميع صفاته حقيقة أو كلها سلبية أو إضافية أو تنقسم إلى صفاته إلى القسمين المذكورين (السابق، ص٤٥-٤٧)، العلم الإنساني (۱) في قسمة العلم إلى الأقسام التي ينبغي أن تكون له. (٤) في العلم الحاصل بهيئة ما سبب حصله؟ (٥) في حصول العلم النظري وكيفية لزومه (السابق، ص٣٣–٣٦).
٤٩  ابن النفيس: الرسالة الكاملية في السيرة النبوية، تعليق وتحقيق عبد المنعم محمد عمر، مراجعة د. أحمد عبد المجيد هريدي، القاهرة، ١٩٨٧م.
٥٠  خاتم النبيين، النبي (٨٧)، كامل (٤٧)، فاضل بن ناطق (٥)، مكة (٤).
٥١  السابق، ص١٦٢.
٥٢  على ما بيَّناه في غير هذا الكتاب (السابق، ص١٥٧).
٥٣  السابق، ص١٤٩، أكبرها الرابع ثم الثاني وأصغرها الرابع.
٥٤  السابق، ص١٦٩-١٧٠.
٥٥  السابق، ص١٥٢، ١٥٨-١٥٩، ١٦٢–١٦٦، ١٩٣، ١٤٩، ٢٤٤.
٥٦  إدريس عماد الدين القرشي: كتاب زهور المعاني، تقديم وتحقيق مصطفى غالب، مجد، بيروت، ۱۹۹۱م.
٥٧  السابق، ص٢١٢، ٢٨٦، ٢٩٦، ٣٣١.
٥٨  القرآن (٢٩٢)، الحديث (١٠٠).
٥٩  فضل اليمن على الشيعة، أو فضل عمان على الخوارج، وفضل السعودية على الحنابلة، وفضل مصر على وحدة الأمة: والمؤلف هو «مولانا وسيدنا داعي الجزيرة اليمنية وأمين الدعوة الطيبة عماد الدين عمدة العلماء الموحدين أدام الله تأييده».
٦٠  انظر دراستنا: من نقد السند إلى نقد المتن، دراسة في علم الحديث، مجلة الجمعية الفلسفية المصرية، العدد الخامس، القاهرة، ١٩٩٦م، ص١٣١–٢٤٣.
٦١  العنوان الكامل «كتاب زهر المعاني في توحيد المبدع سبحانه ومعرفة كمال الأول والثاني وحصول عالم الجسم وارتقائه إلى العالم الروحاني».
٦٢  يتكون الكتاب من واحد وعشرين بابًا، الثلاثة الأولى في التوحيد، ومن الرابع حتى الحادي عشر في الإبداع أي الطبيعيات، ومن الثاني عشر حتى السابع عشر في تاريخ الأنبياء، ومن الثامن عشر حتى الواحد والعشرين في الإمامة.
٦٣  ويذكر أيضًا كتاب «الابتداء والانتهاء»، تأويل الزكاة لجعفر بن منصور، «رسالة العماد» للمؤيد في الدين، ولنفس المؤلف «تنبيه الهادي والمستهدي» (السابق، ص٢٧٣، ٢٨٧، ٢٩٣–٢٩٥، ٣١٥).
٦٤  حميد الدين الكرماني (٣٥)، راحة العقل (١٢)، حميد الدين قسي (٢٣)، جابر بن عبد الله الأنصاري (٢٢)، إسماعيل (٢١)، مولانا المعز، ولي الله (٢٠)، المهدي (١٧)، المنصور بالله (١٦)، المستنصر بالله (١٢)، عبد المطلب (١١)، إسحاق، نزار، إسماعيل بن جعفر (١٠)، أبو بكر (٩)، خديجة، المستعلي بالله (٨)، المأمون (٧)، موسى بن جعفر (٦)، العزيز بالله (٥)، المنصور أبو علي، عمر (٤)، هشام بن عبد مناف، عائشة، إبراهيم بن الحسن الحامدي، جعفر بن منصور اليمني، قيدار بن إسماعيل، الفضل، الحاكم بأمر الله، حاتم بن إبراهيم، أبو القاسم، يحيى بن زيد، يزيد، علي بن الحسن، عثمان، أبو ذر، محمد بن أبي قحافة (٣)، زيد بن عمر، كميل بن زياد، سليمان الفارسي، السجستاني (إثبات النبوات)، علي بن المنصور، ميمون القداح، عبد الله بن رواحة، خالد بن زيد الجعفي، محمد بن علي، محمد بن إسماعيل، أبو جهل، سلمان الفارسي، ابن سنان، كسرى، أحمد بن عبد الله (۲)، وحوالي خمسين علمًا كل منهم مرة واحدة.
٦٥  محمد (٦٧)، الرسول (٦٢)، موسى (٤٢)، آدم (٤١)، عيسى (٤٠)، إبراهيم (٣٤)، إسماعيل (٢١)، نوح (١٥)، إسحاق، هارون، يوشع بن نون (١٠)، سام (٧)، يحيى (٥)، مريم، توما (٣)، زكريا، فنحاس، داود (٢)، لوط، شيث، شعيب، يعقوب، ذو الكفل، أيوب، سليمان (١).
٦٦  السابق، ص٣٢٢.
٦٧  أمير المؤمنين (٨٧)، الحسين (٤٦)، الحسن، فاطمة (٣٠)، جعفر بن منصور (١٥)، الباقر، محمد بن إسماعيل (١٢)، إسماعيل بن جعفر (٨)، زين العابدين (٤)، محمد بن جعفر، علي بن الحسين (٢).
٦٨  ابن سينا: النفس الناطقة ص١٩٩، الصلاة ص٤٠، الزيارة ص٤٦، الجوهر النفيس ص٣٧٢، الفعل والانفعال ص٣٠، الموت ص٥٠.
٦٩  وهو ما حاوله بيكون في أوهامه الأربعة المعروفة في الفلسفة الغربية الحديثة.
٧٠  ابن سينا: أحوال النفس ص٩٣، ٢٠٧، معرفة النفس ص١٨٣.
٧١  وهم وتنبيه (١٧)، أوهام وتنبيهات (١)، الإشارات والتنبيهات ص١٧، ٥٧، ٨٥، ٢١٣، ٢١٦، العشق ص١٩، البواعث ص٢٢٠، أجوبة البيروني ص١٣٦.
٧٢  القوى النفسانية ص١٥٨، معرفة النفس ص١٩٠-١٩١، الصمدية ص٢٠، أحوال النفس ص٩٤، الإشارات ص٢٦.
٧٣  معرفة النفس ص١٨٥، أحوال النفس ص٦٥، ٦٨، ٧٨٩، ١٢٢، ١٥٠، ١٥٣، ٤٥، ٧٣، ١٠٥، ١١٩، القوى النفسانية ص١٥٠، ١٥٣، ١٥٥، وأيضًا العشق ص١١، السعادة ص١٨.
٧٤  القدر ص١، الزيارة ص٤٤، أجوبة البيروني ص١٢١، ١٤٧، ١١٩-١٢٠.
٧٥  أحوال النفس ص٩٤، ٦٧، الطير ٤٢-٤٣؛ الإلهيات (١) ص٢٨٣، ١٥٣، ١٥٥، ٤٣٧، الرعد ص٣، السعادة ص٢١، ٥، العهد ص١٥٩، السياسة ص١٧، أجوبة البيروني ص١٤٧، ١٥١، الجوهر ص٢٥٨، ٢٦٠–٢٦٣، ٢٧٤–٢٧٥.
٧٦  النفس الناطقة ص١٩٧، ١٩٩، العشق ص١٤.
٧٧  الصمدية ص١١٥، المعوذة الأولى ص١٤، المعوذة الثانية ص٢٩، معرفة النفس ص١٨١، السعادة والحجج العشرة ص٥، الأجرام العلوية ص٣٨-٣٩، أقسام العلوم ص١٠٤، إثبات النبوات ص١٢٠، النيروزية ص١٣٢، القوى النفسانية ص١٤٧، الأضحوية ص٣٠، ٣٤، أحوال النفس ص٢٤٥، النفس الناطقة ص١٩٩، العهد ص١٤٢، علم الأخلاق ص١٠٨، ١٥٦، المطر ص٤٨، الصلاة ص٢٨، العرشية ص٢، حي بن يقظان ص٢، ٦، ٢٢، الذكر ص٣، وأيضًا سر القدر ص١٤٩، المبدأ والمعاد ص٢٥١، ٢٥٥، علة قيام الأرض ص١٥٢، ١٦٣، أجوبة البيروني ص١١٩، السياسة ص٢، الموت ص٤٩.
٧٨  الصمدية ص٢٤، المعوذة الأولى ص٢٤، ٢٩، العرشية ص١٨، الفعل والانفعال ص١٠، الزيارة ص٤٨، علة قيام الأرض ص١٦٤، الصلاة ص١٢٨، الموت ص٤٩، ٥٧.
٧٩  أحوال النفس ص١١٠، ١١٧، ١٤٠، ١٤٢، النيروزية ص١٣٥، ١٤١، الحدود ص٧٢-٧٣، ١٠٣، سر القدر ص٢٤٥، العرشية ص٢، المبدأ والمعاد ص٢٥١، الذكر ص٢، علة قيام الأرض ص١٥٢، الرعد ص٢، الموسيقى ص٢، الجوهر ص٢٥٨، معرفة النفس الناطقة وأحوالها ص١٨١، ١٨٢، ١٩٢، ١٩٥، ١٩٩، في القوة الإنسانية وإدراكاتها ص٦٠، الأجرام العلوية ص٥٩، أقسام العلوم ص١١٨، إثبات النبوات ص١٣٢، القوى الإنسانية ص٧٠، عيون الحكمة ص٣٨.
٨٠  السياسة ص١٢، ١٧، الرعد ص٤-٥، الجوهر ص٢٥٨، الفسق ص٢٧، الصلاة ص٢٨-٢٩، ٤٣، الزيارة ص٤٥، القدر ص٢٥، الموسيقى ص١، الفعل والانفعال ص١، النفس الناطقة ص١٩٩.
٨١  آية يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فوق رسالة في السعادة والحجج العشرة على أن النفس الإنسانية جوهر، وآية وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ فوق «سر القدر»، وآية لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا فوق «الرسالة العرشية في توحيده تعالى وصفاته» حيدر أباد الدكن، أصانها الله من الشرور والفتن.
٨٢  النيروزية ص١٣٤-١٣٥، ١٤٠.
٨٣  ابن رشد: من كتاب العبارة لأبي نصر، مقالات ص٨٣–٨٦.
٨٤  أبو نصر (٣)، ابن وهيب الفراء، أبو بكر (١).
٨٥  مقالات ص١٠٠–١٠٥.
٨٦  أبو نصر (٥)، ابن سينا (٤).
٨٧  ابن رشد: مقالات ص٢١٥–٢١٩.
٨٨  الفارابي (٣)، ابن باجه، ابن وهيب، الفراء (١).
٨٩  ابن عرفة: المختصر في المنطق.
٩٠  السراج (٣٧)، الخونجي، ابن واصل (٣٣)، الأثير (١٧)، الشيخ (١٦)، الفخر (١٥)، الفارابي (٨)، الكشي (٥)، الكابتي، نصير الدين السمرقندي (٣)، ابن الحاجب، ابن الحباب، ابن التلمساني، ابن الأندراسي، الأيلي بن البديع (٢)، الأشعري، القرافي، الشيرازي، عز الدين بن عبد السلام، الإمام (١) ومن المؤلفات: الكشف (٧)، الموجز، المجمل (٢)، الملخص الرسالة، الشفاء، الإشارات، شرح الإشارات (١)، ومن الفرق: الأقدمون (٥)، المتأخرون (٢)، المحققون، اليونانيون (١).
٩١  مثل الشيخ الفقيه العالم العلامة والصدر الشهير، الخير النبيل، المتفنن الأصيل، نسيج وحده، وفريد عصره … برد الله ضريحه، وأسكنه من أعلى الجنان فسيحه … (السابق، ص٥٩).
٩٢  أحمد السجاعي: الجاهر المنتظمات في عقود المعقولات، صبيح، القاهرة ١٣٥٧ﻫ.
٩٣  الفرق ص١٥، المتكلمون (٩)، الحكماء (٦)، الفلاسفة، المعتزلة، الأشاعرة، شيوخنا (١)، المؤلفات: شرح المقاصد (٤)، شرح الطوالع، المواقف (٣)، شرح التجريد (٢). الأعلام: ابن السبكي، الزركشي، الشهاب الخفاجي، السعد التفتازاني، النظَّام، ابن دريد، ابن سينا (١).
٩٤  الجواهر المنتظمات ص٥-٦، ٣٨.
٩٥  حاشية شيخ الإسلام والمسلمين، رب المريدين المرحوم الشيخ إبراهيم الباجوري على مختصر العلامة المحقق سيدنا الشيخ محمد السنوسي في فن المنطق، المطبعة الخيرية، صححه محمد صالح بن المرحوم محمد أكرم بن المرحوم محمد جعفر شاه (بدون تاريخ).
٩٦  يقول الفقير إبراهيم الباجوري. هذه تغييرات غرر على شرح المختصر، لخصتها من تقرير الشيخ عطية الأجهوري مع زيادة من تقرير شيخنا محمد الفضالي.
٩٧  من الأصول الأولى: الحديث (٣)، القرآن (٢)، الحديث (٦)، ابن عرفة، ابن سينا (٥)، إمام الحرمين (٤) الفارابي، الشافعي (٣)، الأجهوري، امرؤ القيس (٢)، الباجوري، الفضالي، السنوسي، الحسن بن علي، ابن يعقوب، الثعلبي، ابن الحاجب، الآمدي، الحسن بن سهل، الزركشي، الأصبهاني، ابن التلسماني، ابن الحباب، ابن مرزوق، العقباني، خونجي، الكاتبي، السعد، الكمال ابن أبي الشريف، علي الملوي، شيخ الإسلام. ومن الأنبياء إبراهيم (١)، وضده «النمرود» (١)، ومن الفرق: الحشوية، أهل السنة، المعتزلة، الفلاسفة (١). ومن التاريخ المتأخرون (٤)، والمتقدمون (٣)، ومن الثقافات الفارسية، اليونانية (١).
٩٨  ابن سينا، أبو عبيد الجوزجاني: قضية معدل السير عند بطليموس، جورج صليبا، مجلة معهد التراث العلمي العربي، حلب، سوريا، المجلد الرابع، العدد الثاني، ١٩٨٠م، ص٢٥٤–٢٦٩.
٩٩  «إني لم أزل كنت شديد الميل إلى معرفة علم الهيئة، ومتوافر على قراءة الكتب المصنفة فيه إلى أن بلغت إلى معنى فلك معدل السير ومعنى الميل والالتواء والانحراف لأفلاك التداوير. فلم أكن أعرف ذلك، ولم يكن يبين لي وجهها فأخذت أتفكَّر في ذلك وأجتهد زمانًا طويلًا إلى أن يسر الله تعالى ذلك لي وانفتح عليَّ وتصورتها وتبينت كيفيتها وأنا لا أدري أتجلو بذلك على غيرهم أم لم يفطنوا لها مثل الشيخ الرئيس أبي علي رحمه الله. فإني سألته عن هذه المسألة فقال إني تبينت هذه المسألة بعد جهد وتعب كثير ولا أعلم أحدًا. فاجتهد أنت فيها فربما انكشفت لك كما انكشفت لي. وأظن أني ما سبقت إلى معرفة هذه المسائل.» (السابق، ص٢٥٧).
١٠٠  السابق، ص٢٦٥، ٢٥٦-٢٥٧، ٢٦٩.
١٠١  حسين الحسيني الخلخالي: شرح الدائرة الهندية في معرفة سمت القبيلة، تقديم وتحقيق دريد عبد القادر نوري، بغداد، ١٩٨١م، وزارة الأوقاف والشئون الدينية، الجمهورية العراقية.
١٠٢  الآيات القرآنية أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ.
١٠٣  مثل الولي العلامة بدر سماء الملة الحنيفية (السابق، ص٣٤).
١٠٤  «والحمد لوليه، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله الطاهرين وعشرته المنتجين، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير القائمين. تجدد كتابتها على يد العبد الفقير محمد الطالوي بدمشق الشام، والحمد لله والصلاة على محمد.» (السابق، ص٦٥).
١٠٥  نجيب الدين محمد بن علي بن عمر السمرقندي: أصول تركيب الأدوية، دراسة وتحقيق نجلاء قاسم عباس، مركز إحياء التراث العربي، جامعة بغداد، بغداد، ١٩٨٩م.
١٠٦  الملك الأشرف عسر بن يوسف الغساني: المغني في البيطرة، تحقيق د. رمزية محمد الأطرقجي، مركز إحياء التراث العربي، جامعة بغداد، بغداد، ١٩٨٥م. وهو كتاب منهجي يدرس في كلية الطب البيطري في اليمن.
١٠٧  «فهذا الكتاب مختصر جمعناه فيما جربناه وجربه أهل الخبرة من حكماء الخيل من أهل اليمن في أمراض الخيل.» (السابق، ص٨).
١٠٨  انظر دراستنا: «الأخضر والأصفر في القرآن الكريم»، هموم الفكر والوطن ج١ التراث العصر والحداثة، القاهرة، ١٩٩٨م، ص٥٧–٦٨.
١٠٩  السابق، ص٤١-٤٢.
١١٠  وهي آية زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ.
١١١  إن شاء الله تعالى (١١٩)، والله تعالى أعلم (١٥)، فافهم ذلك إن شاء الله تعالى (١١)، والله أعلم (٥)، إن شاء الله (٣)، بإذن الله تعالى، إن شاء الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم، والله تعالى أعلم بالصواب، والله الشافي، حادث من الله تعالى (١).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤