بين التصوف والغزل

زهرات ذابلات

أحاذر في نجواي بث شكاتي
فأكتم ما في القلب من حسرات
ويغلبني وجدي فألقاك شاكيًا
ولا بد للمصدور من نفثات
لقد علمت أخت الملائك أنني
من الغم والأحزان في غمرات
وأن هواها مستبد بمسمعي
وفي كل شيء، مالئ نظراتي
وملء فؤادي والأماني كلها
يبرح بي في يقظتي وسُباتي
أروم اصطبارًا عن لقاك فأنثني
إليك بملء القلب من خفقات
وألتمس السلوى لديك فأنثني
بزاد من الأشواق مستعرات

•••

إذا ما دجا بالغم قلبي أضاءه
كواكب من ذكراك والخطرات
وإن جنحت للشر نفسي هديتها
بذكراك فارتدت إلى الحسنات
وإن أخلدت يومًا إلى الأرض ردها
هواك إلى الأفلاك في لمحات
وذكرك قد يجلو عن القلب رينه
فيسطع فيه النور حين صلاتي

•••

على أنني يعتادني من تذكري
لواعج هم مشعل الزفرات
هي النور وهي النار والسلم والوغى
بقلبي، ومنها غبطتي وشكاتي
وأمني وخوفي وهي أنسي ووحشتي
وظلمة أيامي وضوء حياتي
فيا قمرًا إن غاب عني نوره
فقلبي ليل موحش الظلمات
ويا شمس حسن إن تغب فجوانحي
بها شفق في وقدة الجمرات
ويا فلكًا للحسن والحب دائرًا
يبارك ربي هذه الدورات
فلو كان ما بيني وبينك فرقة
لقطع بحار أو لطي فلاة!
ولكنه الدهر المُشِتُّ يقيمنا
على قربنا، في فرقة وشتات

•••

تمنيت أنا طائران بدوحة
تظلل نبعًا ثر في الفلوات
أصوغ لك الأزمان شعرًا وبهجة
وأسمع منك الخلد في نغمات
ويمسك هذا الدهر عن حركاته
فلا هو بالماضي ولا هو آت

•••

أناظمة الأشعار أنت قصيدة
جلتها يدُ الخلاق في قسمات
يطالعها قلب من الشعر مجدب
فينبت فيه الشعر أي نبات
وينشدها من قد في الصخر قلبه
فينبض منه الشعر قلب صفاة
أرى وجهك الوضاء شعرًا مصورًا
تسطره يمناك في كلمات
كأن يراعًا في يمينك إبرة١
تردد ما في الوجه من نغمات
يقولون: «شعر شاعر» هل عنوا به
بديعة حسن تنظم الشطرات؟

•••

يحيى بهذا الشعر قلبي فاقبلي
وإن كنت روضًا، هذه الزهرات
سقتها دموعي واصطلت حر زَفْرتي
فلا تعجبي إن لم تكن نضرات
١  إبرة الحاكية التي تبين عن النقوش التي في الألواح بالكلام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤