البداية

رغم عدم رغبتي للذهاب كالعادة فإننِّي نزلت، وضغطت زرًّا صغيرًا بسلسلة مفاتيحي؛ لتضيء أنوار المدرَّعة مرتين، مُصدِرة صُفَّارةً تحذيريةً قبل أن تفتح أبوابها، ليست حقًّا أبوابًا؛ فلم يكن لها أكثر من بابين، يُطلِق عليها الأصدقاء العديد من الأسماء: المقاتلة «فلة» أو «فراولة»، ولكن أعتقد أنَّها تُفَضِّل أكثر «فراولة»؛ فكانت سيارتي الألمانيَّة الفولكس المشهورة بلقب الخُنفساء، لم تكن تصغرني عُمْرًا سوى بعامين؛ هي من إنتاج عام ١٩٦٧، ربما لهذا السبب أُحِبُّها.

ربطتُ الحزام، ردَّدتُ الأدعية المُعتادَة: «سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كنَّا له مُقُرِنينَ وإنَّا إلى ربِّنا لَمُنْقَلِبون.» وأيضًا لم أنسَ قول: «بسم الله الذي لا يَضُرُّ مع اسمِه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.» ثلاثَ مرَّاتٍ وتوكَّلتُ عليه.

أدرتُ السيارةَ لأسمعَ صوت «الزقزقة» فتتهلَّل أساريري، أُدير الصوت، وطبعًا لِهَوَسي التكنولوجي فلديَّ قارئ أسطواناتٍ وقارئٌ للذاكرةِ الوَمْضية، وأخذت أُقلِّب بين الأغنيات حتَّى توقَّفت على صوت فيروزَ وبدأتُ أُردِّد معها أثناء التحرك: «يا لووووور حبكِ قد لوع الفؤاد، وقد وهبتكِ الحبَّ والوداد، ألَا تذكَّري ملاعب اﻟ…»

ألا تذكَّري، أُحبُّ هذه الكلمة! تذكَّرت سبب خروجي اليوم، سنتقابل عند «جوفيال» لنشاهد فيلمًا يقول إنه عبقري «واج ذا دوج؟» عقدت حاجبيَّ محاولًا التذكُّر، هل نطقت الاسم بشكلٍ صحيحٍ أم لا: «واج، باج، تاج، ماذا قال لي؟ دلِّل الكلب؟ قلَّع الكلب؟ هشِّك الكلب! نعم هشِّك أمُّه …» ضحكت.

مع اقترابي من بيت «جوفيال» أخذت أراجع كلَّ ما أذكر من المعلومات حول الفيلم، إنتاج ١٩٩٧ «روبرت دي نيرو» و«داستين هوفمان»، المخرج «بيري ليفنسون»، إنتاج «ليفنسون» و«دي نيرو»، تضايقت قليلًا فلم أتذكَّر اسم مهندس المناظر رغم أن الطبيعي ألا أتذكَّر سواه! لم أهتمَّ بمعرفة قصة الفيلم؛ فسأشاهده، ولكن أهتمُّ دومًا بالتفاصيل والتوثيق.

اقتربت من بيت صديقي، وأَنا أَعِد نفسي بألَّا أتأخر؛ فالغد سيكون يومًا طويلًا، لا أريد التفكير فيه الآن (هكذا تمتمت لنفسي). صعدت للطابق الأول، ابتسمت ليافطة نحاسية مكتوب عليها بالَّلون الأسود: «عماد السيد»، وبالأحمر «مخرج»، وتذكَّرت أوَّل مرَّة علَّقها على باب شقته، بعد عرض فيلمه الأول؛ وأقصد الأول للعرض وليس الأول في الإخراج، تذكَّرت الفيلم «بلح زغلول» عن ثورة ١٩١٩، والذي اعتبره النقاد فيلمًا «قوميًّا»، وقيل فيه «رؤية جديدة»، رغم أننا نعتبره بما فينا عماد جوفيال نفسه فيلمًا تجاريًّا أو «أكل عيش».

ابتسمت مرَّة أخرى وطرَقت الباب ثلاث مرات، مرتين، مرتين، مرَّة، فتح الباب، العصابة كلها هنا؟ هكذا صِحْتُ عندما فتح الباب «أبو علي»، صافحته بحرارة قائلًا: «وحشتني يا بقبق، بقالي ييجي ٣ ساعات ماشفتكش …» ضحك حسن عبد العال الكاتب والسيناريت قائلًا: «إنت جيت يا سِحلِف! قلنا هاتعمل فيها مَيِّت كالعادة …»

أدخلني ويده على كتفي «الحق بقى بقية العصابة قبل ما يخلَّصوا التموين» ضاحكًا قالها. سلَّمت على عماد قائلًا: «إزيك يا ابن السعاتي؟» ضحك قائلًا: «يا واطي، انسَ بقى …» ابتسمت: «العيال الصِّيَّع دول عاملين إيه معاك يا شاعر؟» مُحدِّثًا صديقي أحمد شنن الشاعر: «صيع، هانعمل إيه يا هندسة!» هكذا ردَّ. فقلت مشيرًا لكوفيته الحمراء الشهيرة: «وحياة امك طول ما انت لابسلي كوفية الشيوعيين دي ما انت فالح.»

تلفَّتُّ حولي باحثًا عن الضلع الأعوج الذي يُكمل العصابة؛ محمد شعراني، مهندس العمليات القذرة كما نسميه: «أومَّال فين أبو شعرة؟ بيعمل شاي ولا زانق الشغَّالة في المطبخ؟» ضحك الجميع وردَّ جوفيال: «لا طلعة شاي، الشغَّالة روَّحت؛ كانت مطبَّقة ورديِّتين …» وتقريبًا خرج شعراني من المطبخ حاملًا صينية عليها أكواب الشاي: «سمعت صوتك يا وسخ من جوه. شغالة مين يا رمرام …»

ضحكت بصوت عالٍ ناظرًا لجوفيال: «الكلام إِلِك يا جارة، حقك عليَّا يا أبو شعرة، هاتفرَّجونا على إيه في ليلتكم السودا دي؟ ما تحط يا عم دلَّع الكلب ولا هشِّك الكلب اللي قرفتونا بيه ده؟» جلسنا جميعًا، وقام شعراني بإغلاق النور، بينما جوفيال يُدير أسطوانة الفيلم.

ارتحت قليلًا في جلستي وتأملت وجوه أصدقائي، وعلى وجهي ابتسامة شجن رقيقة؛ فبرغم طول علاقتنا، ورغم اختلاف مجالات الدراسة؛ فعماد طبيب جرَّاح لم يُمارس الجراحة بعد الامتحان العملي للدكتوراه، وحسن خريج زراعة قسم محاصيل، وأحمد الذي نعتبره «اللي فلح فينا» خريج آداب قسم إنجليزي، وشعراني خريج حقوق، وأخيرًا أنا مهندس معماري وانتهى بي الأمر كمهندس مناظر ومدير إنتاج، وسرُّ ابتسامتي هو أنَّني تذكَّرت كما جمعَتْنا الدِّكَّتان الأخيرتان في المدرسة الإعدادية غرَّبَتْنا السِّنُون وحملتنا وحطَّتنا، لنلتقي جميعًا في فيلم جوفيال القومي «بلح زغلول»، كانت فكرة شعراني أن نعمل جميعًا سويًّا أو نُجرِّب أو أي شيء «المهم نكون مع بعض.»

بدأت مقدمة الفيلم الذي لم أُدرِك حينها أن هذا الفيلم المأخوذ عن رواية (البطل الأمريكي) سَتُشَكِّل جانبًا كبيرًا من مستقبلي، بل مستقبلنا جميعا أنتم ونحن.

بدأ الفيلم وسط سحابة دخان؛ فجميعنا من المُدخِّنين، والجميع مُترقِّب؛ فكلنا سمعنا عن الفيلم ولم يقرأْ أحد مِنَّا الرواية الأصلية، فلم نكن نُدرِك بعدُ أن تلك الرواية ستكون الكتاب الأسود للفترة المقبلة، ورغم أنَّ الفيلم مُصنَّف كفيلم كوميدي فإنَّنا لم نتعامل معه على هذا الأساس رغم ضحكاتنا المتناثرة بين الحين والآخر، فكلٌّ منا تناول القصة من منظوره الخاص، وغاصَ في أحلام يقظة، أو هكذا بدا علينا.

انتهى الفيلم وأُضيئت الأنوار، ونظرنا جميعا لشعراني وعلى وجوهنا ابتسامة بلهاء، وبدأ شنن مُحدِّثًا شعراني: «ماتقوم تشوف البت الشغالة جت ولا لأ يا معلم.» ضحك الجميع واستمرَّ الضغط على شعراني حتَّى استسلم لمصيره وذهب لعمل المزيد من الشاي.

تلاقت نظراتنا أنا وعماد وحسن وكأننا التقطنا شيئًا ما من الفيلم، «الفيلم جامد أوي.» هذا ما قاله عماد رافعًا حاجبه، ليَردَّ حسن بسرعة: «لأ سافل بعيد عنك.» كالعادة ضحكنا، وكلَّما حاول شنن الحديث صددناه بقولنا: «بس يا شيوعي.» حتَّى جاءَ شعراني بالشاي مُسمِّمًا أبداننا بعبارات التقطيم، وكيف أنه الشمعة التي دومًا تحترق لتضيء لنا الطريق.

ودار بيننا حديثٌ مُطوَّلٌ حول فكرة الفيلم وكيفية التناسق بين الدور الاستراتيجي ﻟ «دي نيرو»، ودور المبدع ﻟ «هوفمان»؛ بالفعل أبرَزَ هوفمان مساحة جديدة من الدور الإبداعي للمنتج فأغلب — حتَّى — العاملين في المجال ينظرون للإنتاج «كزكيبة الفلوس»، ولا يمكن تجاهُل أنه أيضًا بخيل.

ثم انتقلنا للحديث في العمل كالعادة، وبدأ عماد بتلقيني التعليمات وأخذ يستحلفني بأمهات المسلمين وأمهات الكتب ألَّا أتأخَّر غدًا عن التصوير، وكلَّما سألني: «هي المناظر جاهزة؟» أجيبه: «ما تقلقش.» وطبعًا على وجهي الابتسامة «ايَّاها»، ولم أُفصِح لعماد بأي شيء عمَّا قمت به للوصول لتلك المناظر والمُجسمات. «بتوع الملابس بيشتكوا منك يا هندسة.» رفعت حاجبي لعماد: «دول شوية صيع، إحنا متفقين على ملابس للجيش البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، لما يجيبوا هدوم بتوع الفايكنج ويقولولي: عايزين فلوس، ابقى راجل لا مؤاخذة لو ادِّيتهم مليم، ولا انت شايف إيه يا فنان؟!» واستمرت المناكفات حتَّى انتهينا من الشاي، وكل مَنْ ينتهي مِن كوبه يشكر عماد، ويصرخ شعراني: «يا ابن الكلب، هو عماد كان هو اللي عمل الشاي؟» ونضحك كثيرًا ونكررها الواحد تلو الآخر، حتَّى انتهت الأمسية ومشينا جميعًا.

عُدتُ لسيارتي الحبيبة، أدرت صوت فيروز مرَّة أخرى وانطلقت، كانت الساعة قد تجاوزتْ منتصف الليل بفترة كافية لتناثر اللجان بالقاهرة، ومررت بلجنة مبتسمًا فطلب مني شخصٌ «ما» الرُّخَص، فقمت بإبرازها ليأخذها بعصبية، ينظر بها كمن يتعلم القراءة، سألته: «خير فيه مشكلة؟» فردَّ بعنجهية: «اركن وانزل من العربية.» لم تعجبني المعاملة فأجبت مبتسمًا: «لا مش هاقدر انزل؛ أصْلِي قالع البنطلون.» نظر لي بغضبٍ شديدٍ قائلًا: «على فين إن شاء الله يا باشمهندس؟» أجبت: «على حزب الريح، هو يفرق مع حضرتك ايه أنا رايح فين؟» فردَّ متظاهرًا بالبرود: «لمَّا اسألك تجاوب طوَّالي، مش ناقص غير تقول لي انت ماتعرفش بتكلم مين؟» فقُلت: «لا مش لازم أقول، بكرة إن شاء الله زي دلوقتي كده هاتعرف أنا مين، ويا ريت الرُّخَص عشان مش ناوي اكمِّل السهرة هنا.» ربما حِدَّة لهجتي وتَّرَتْهُ بعض الشيء لأنَّني وجدت الرخصتين في يدي الممدودة، شكرته ومضيت مرَّة أخرى في طريقي.

خفَّفت من سرعتي مع اقترابي من الكوربة حيث أسكن، لم يكن سكني الأصلي؛ فبعد وفاة والديَّ تركت بيت العائلة لأختي الصغرى لعدم حاجتي إليه، أو لاقتناعي بأنَّها أولى به مني؛ فهي متزوجة ولديها محمد ومريم. أعتقد أنِّي تركته لها بسبب مريم؛ فلم أتَعلَّق بطفلة مثلما تعلَّقت بتلك الطفلة، لم يكن بيت العائلة بعيدًا؛ فكلُّ أحداث حياتي كانت تدور حول الكوربة. ابتسمت حين تذكَّرت السمسار الذي مكَّنني من شقتي الحالية؛ فقد طلبت منه في البداية غرفة بأي سطح من أسطح «بواكي» الكوربة، وحين طلب بطاقتي ووجدني مهندسًا ارتاب وظنَّ أنَّني هاربٌ من حُكم قضائي، وحاول أن يُزيحني عن فكرة غرفة السطح لثلاثة أشهر تقريبًا، وأعتقد أنه نجح؛ فقد شعرت أنه من العلاقات التي يجب قطعها.

دخلت شارع البوستة حيث أسكن فوق مكتب بريد مصر الجديدة، تعجبني التجديدات التي حدثت لمكاتب البريد، وحتَّى العاملين بالبريد أشعر أنهم تجدَّدوا أيضًا؛ فلم تكن تلك الابتسامة الودودة موجودة قبل اللونين الأخضر والأصفر اللَّذَيْن أصبحا سِمة مكاتب البريد الآن. لم أُرْهِق نفسي بالبحث عن مكانٍ لترك سيارتي، لكنِّي مسحت الشارع الضيق بعينَيَّ سريعًا؛ فربما أُضْطَرُّ لمليون قَسَمٍ في الصباح للأستاذ منير مدير المكتب. توقفت بجوار مدخل المكتب ونزلت أزيح الأقماع المخططة بالأبيض والأحمر، وحرصت على وضعها أمام باب المكتب، وتركت سيارتي مكانهم وصعدت السُّلَّم بتكاسل حتَّى وصلت لشقتي.

فتحت الباب على صالتي الصغيرة، وشعرت بالراحة حين طالعت أريكة أمي التي احتفظتُ بها، لم تَطُل ابتسامتي ودلفت لحجرة نومي، وهي الحجرة الوحيدة بالبيت، ونقلت فيها حجرتي كاملة من بيت أمي كي لا أشعر بأي غربة، حين وصلت لسريري كنت قد رسمت مسارًا لحركتي من حذائي المخلوع والجاكت، وتهاويت على السرير.

زارني رجل المباحث باللجنة في نومي عدة مرات بابتسامته الخبيثة ومعطفه الصوفي الأسود بلا داعٍ، لم أُدرِك أن لعب دور الكهنة وأنصاف الآلهة هو جزء من تركيبة المؤسسة، لم أكن أعرف شيئًا عن المؤسسة.

•••

دقات متوالية وصوت «عم رمضان» يُدوِّي بلكنته الصعيدية الجميلة: «يا باش امهندز، يا باش امهندز …»

قمت كالرجل الآلي؛ فقد تعوَّدت على «فزعة» الثامنة صباحًا منذ انتقلت لهذا البيت، خطفت مفاتيح السيارة بدم بارد وعين شبه مغلقة.

– صباح الفل يا عم رمضان.

– يا باش امهندز، الأستاذ منير أرمانيوس بيجول إنَّي ماعشوفش شغلي وعايجيب بواب تاني، يرضيك اكده؟

– صباح الفل يا عم رمضان، لا هو هايجيب بواب ولا انت هاتمشي، اديله المفاتيح وقله كلمتين وأَنا هابصله من البلكونة، انزل يا راجل يا عجوز دا انت تاكل دماغ بلد، خليه يقفل العربية كويس.

لم أَرَ ابتسامة «عم رمضان» الشقية والبريق الذي يطلُّ من عينيه لإطرائي، لكنِّي أعرف جيدًا حين يتحول هذا الوجه العجوز العبوس الدائم الشكوى لوجه طفل صبوح تفوَّق في مدرسته ويبتسم بخجل لإطراء أهل البلد عليه، لم أرَه مرتديًا سوى الجلباب الأبيض وتعتلي رأسه عمامة ضخمة، وسَمَار لونه من سَمَار أهل أسوان أو النوبة، ولكْنَته ما بين سوهاج وأسيوط، وقدرته التآمرية تميل لما بين بني سويف والفيوم، وقدراته الإجرامية لا حدود لها، كلما أسأله: «إنت منين يا عم رمضان؟» يرد: «من بلاد الله يا باش امنهدز عاتناسبني ولا إيه؟!» وتتكرر تلك الجملة الحوارية كلَّما ناديته ليشرب معي الشاي في تلك الشُّرْفَة الواسعة، فيُعِد الشاي ويفرش سجادتي المصنوعة من صوف الخراف (كليم) ويجلس متكئًا على إحدى رجليه وساندًا كوعه على ركبة الأخرى، لنبدأ بتلك الجملة وننتهي بها، ولم أكن أعرف وقتها أيضًا أن «عم رمضان» لم يكن من الصعيد أصلًا.

– أنا آسف يا أستاذ منير، والله ما كان في مكان اركن، قلتها صائحًا ورافعًا يدي معتذرًا.

– يا باشمهندس مايصحش؛ حضرتك عارف عربية الطرود بتيجي بدري، واحنا مش عايزين مشاكل مع حد.

– معلش يا أستاذ منير، لو مش هاندَّلَّع عليك هاندَّلَّع على مين بس! جملتي الختامية المعتادة لأستاذ منير.

– اتدلع يا سيدي اتدلع.

أغلقت باب الشُّرْفَة وتسللت للسرير مرَّة أخرى ورميت نفسي كالأطفال، وقدماي في الهواء، رافعًا ذراعَيَّ بجوار رأسي، وأكملت نومي مردِّدًا: أنا مش هنام؛ ربع ساعة واقوم اكلم الورشة واشرب شاي وانزل، أنا مش هنام، أنا مش هنام … وسقطت في نومٍ عميقٍ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤