المقدمة
قرأنا في صبانا أن الخوارزمي قال: إن من روى عيون الشعر العربي ولم يخرج إلى الشعر، فلا شيب الله قرنه. وهو بهذا يسبق نظريات النقد الحديثة جميعًا، إذا افترضنا (وهو يفترض) وجود موهبة من لون ما، فالذي يتمثَّل التراث الأدبي في عقله ووجدانه مهما يكن حظه من الموهبة، لا بد أن يقول شيئًا يدخل في عداد الأدب!
ولطالما أحجمت عن قول الشعر، بل وأنكرت حظي من تلك الموهبة، وإن كنت استعنت بالنظم في التأليف المسرحي «الغربان» (۱۹۸۷م) و«جاسوس في قصر السلطان» (۱۹۹۱م) وفي ترجمة الشعر، ولكن الصمت الذي فرضه عليَّ القدر شهورًا طويلة بسبب مرض ابتلاني الله به، دفع إلى وجداني بكلام منظوم لم أعرف له وصفًا، وأخاف أن أسميه شعرًا، ولكن بعض الأصدقاء ممن أثق في حكمهم أشاروا عليَّ بأن أطرح هذا الكلام على الناس، فربما تقبلوه بقبول حسن.
وهذا أيها القارئ هو هذا الكلام؛ إنه وحي الصمت الذي لزمته في محبس طويل، فإن وجدت فيه ما يروق فقد صدق من أشار عليَّ بنشره، وإن لم تجد فترفَّق في حكمك، ولا أظنني بحاجة إلى قول المزيد.
القاهرة – ۱۹۹۷م