استهلال

يا صاحبي
هذي وُرَيْقاتٌ تَجاذَبُها الرياحُ
جمعتُها، صفَفْتُها، لكنها انطوَتْ
وكلُّ ما لقيتُ من عَنَتْ
في نَبْش ماضٍ قد صَمَتْ
يُفضي إلى صُوَر قفارٍ شاحبَة
مَن ذا يُكابد صُحْبة الماضي فيَنعَمْ؟
يأسًا أُنادم ماضيَهْ، وأُعيدُ رسم حياتيَهْ،
والباسماتُ حواليَهْ، مِن ذكرياتٍ فانيَة، أو
مُضحِكاتٍ باكيَة، يُخفين نَفْسًا واهيَة.
والشادياتُ الهائماتُ مع المساءْ،
هَيْهاتَ أن تجني النعيمَ من الهباءْ.
من ذا يُكابِد صحبة الماضي فلا يَندَمْ؟
تلك التي جمعتُها،
أشتاتُ أفراحي وحُزْني،
تحكي عن الألفة والغربة في زمني،
ولا أقول قولَ صاحبِ الزمنِ الجريحِ إنني١
أُنكِرتُ في رحابِ وطني.
فإنني سعدتُ بالذي يَعرفُني،
لكنني ما زلتُ في وسني.
أحكي عن الزمن،
والعمرُ يلهثُ لَهْثَ مَن تقطَّعَت به السُّبُلْ،
حتى غدا يشتاق مشرقَ الأمَلْ،
على ضِفاف الرُّوح عندما تذوبُ غِلْظةُ الجَسدْ،
وعندما ينحلُّ طينُنا من الجهدْ،
فتشرق الأضواءُ فوق سندسٍ بلا نهايَة،
ويستريحُ من يظنُّ أنه
كانت له بدايَة.
١  صلاح عبد الصبور.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥