غروب

خريرُ المياهِ يردِّدُ للشطِّ حَرْفَ انكِسارْ،
لقد طالَت الرحلةُ الصاخبَة،
وكاد يولِّي النهارْ،
وأطرقَتِ الشمسُ فوقَ الغصونِ
تُجاذِبُ أضواءَها الغاربَة،
فهيَّا نُلَمْلِم أطراف ثوبٍ كساهُ الغبارْ،
ونُلقي على الرملِ أمواجَنا اللَّاغِبَة.
خريرُ المياهِ غدا نغمًا كفَحِيحِ الأَفاعِي،
صريرُ الجنادبِ بُحَّ بحَلْق المَراعِي،
ولم تتلفَّتْ سوى بَرْغَشَة
تحطُّ على ظَهْر خُنْفَسةٍ نَاعِسَة.
كأنَّ النسيمَ صدى بسمةٍ يَائسَة،
يبشِّرُ صمت المساءِ بحُلْكةِ ليلٍ طويلْ.
غَريبانِ يا ليلُ نحنُ هُنا
حروفُ انكسارِ المياهِ تُردِّد أنَّا ابتدعْنَا الأمَلْ
وأن الخمودَ هُو النأمةُ المُنذرَة
بليلٍ جديدْ
وصبحٍ يبشِّرُ مثلَ المساءِ بكرِّ العَدَمْ
تُرى كيفَ عادَ الهديرُ فَجَاشْ
كما جاشَ في النارِ نبضُ الشَّرَرْ
يُزَمْجر آنًا وآنًا يئنُّ كأنَّ نداءَ الحياةِ انتصرْ
كأنَّ الضرامَ سجينُ اللسانِ وأنَّ الكلامَ به يَنتشِرْ
حَنانَيْكَ يا ليلُ رفقًا بخِدْنِ الرجاءِ القديمْ
تراه يهُبُّ إذا الريحُ هبَّتْ
تراه يشكِّلُ بعضَ الصُّوَرْ؟
تراه يبثُّ الحياةَ بدُنيا السَّدِيمِ
وهَلْ يَسْتَعيضُ عنِ الصائتاتِ بعُمْقِ الفِكَرْ؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥