إلى شلي
أشجارُ السَّرْوِ على جانبِ شارعِنَا
نفضَتْ أوراقًا صفراءْ،
وارتعَدَتْ في البَرْدِ ذَوَائِبُها
بحفيفٍ صامِتْ.
ما بالُ خريفِ اليومِ كَتومًا ذا وجهٍ شاحِبْ؟!
أين الزفراتُ وريحُ الغربِ العاصفةُ الهَوْجاءْ؟!
أينَ شياطينُ الأوراقِ القانية الحمراءْ؟!
رُحْماكِ شِلِي
ما بالُ الفصلِ العاتِي يتسلَّلُ كاللصِّ الأغبَرْ،
ويبثُّ على وجهِ الأرضِ نسيمًا كفحيحِ الأفعى؟!
هل ذاك شتاءٌ في جلدِ خريفٍ يتخفَّى؟!
أشجارُ السَّرْوِ على جانبِ شارعِنا،
ذاتُ الأفنانِ العاريةِ الحسناءْ،
تتطلَّعُ يائسةً لربابٍ أسمَرْ
قَزَعٌ يتلوَّنُ جَونًا أبيضَ أسوَدْ!
يَتلبَّد أو يَنْسحِبُ فيَعِدُ ويتَوَعَّدْ،
والطَّبلُ الأجوفُ يُرعدُ فيه ويُبرِقْ،
يملأُ جنباتِ الليلِ حنينًا للمَولِدْ،
لكنَّ الليلَ إذا أَغْطَش يُلقِيهِ إلى أيدي الرِّيح،
فإذا فاجأَهُ الصُّبْحُ تَمزَّقْ،
قد نَضَبَ مَعينُ الجبَّارِ وجافاهُ المَرْقدْ،
وغدَتْ أغصانُ السَّرْوِ الحسناءْ
تبكي كَذبَ المَوعِدْ،
أشجارُ السَّروِ على جانبِ شارعِنَا
جمدَتْ،
باتَت ثابتةً كخطوطٍ في لوحةِ رسَّامٍ بارعْ،
مُتشابكةً مُتعانقةً لكنْ لا تُلْقي ظلًّا بالشارِعْ،
ولسوف تَدُور الشمسُ بمحْجَرِها
كالعينِ البيضاءْ،
تعرف أنَّ أشعَّتَها لن تصلَ إلى الأغصانْ،
وبأنَّ الماءَ سرابٌ تحملُهُ هبَّاتُ الريحْ،
وبأنَّ الأفنانَ ستَقْضِي هذا الفصلَ حزينَة،
وبأنِّي مثلُ السُّحْب ومثلُ الأفنانْ.