إلى ابنتي
هذا الذي تَرَيْن يا صَغيرتي
نذيرُ صبحٍ يتَبَخْتَرْ،
يَدِبُّ في أقطارِ هذا الكونِ مختالًا ويَهدِرْ،
قد غرَّه أن الحياةَ في عروقِهِ تُزَمْجِرْ،
فظنَّ أنَّه سيَملِكُ السَّماءْ،
وأنَّ قوةَ الضياءْ
ستُنشِئُ الذي لا يعرفُ الفَناءْ.
هذا الذي تَرَينَ يا صَغيرتي يُرغِي ويُزبِدْ،
ما زالَ في الآفاقِ مُنبتًّا فلا أرضًا قَطَعْ،
ولا نورًا أشعّ.
ذراتُ وَدْقٍ واهنَة
قهرَت ضِياهُ وخلَّفَتْه حائرًا ماذا سيَصْنَعْ؟
كيفَ استطاعَتْ تلكُمُ الذرَّاتُ أن تَغْشى السماءْ،
وتُذِيب نارَ أتونيَ الجبَّارِ في لَفْح الهواءْ؟
فكأنَّما عُدْنا إلى سُدمِ العماءْ
والكونُ صارَ إلى فضاءْ.
هذا الَّذِي تَرَين يا صغيرتي خلفَ الغمامْ
لم يدرِ أن الدِّيمةَ الدَّكْناءَ
صانعةُ الحياة،
وحُسْنها المُنساب فوق مَهْمَهِ الخَضْرَاءْ
يُشيع في الأرضِ النماءْ،
كأنَّها حوَّاءْ
قد خُلقت من ماءْ
لكنَّهُ — صَغيرتي — لن يعرفَ البقاءْ
لأنَّهُ لم يَعْرفِ الفَناءْ.