رب البيت
لم تكن هذه المرة الأولى التي أؤسس فيها منزلًا، لكن تجربة تأسيس المنزل في ناتال كانت مختلفة كثيرًا عنها في بومباي ولندن. ففي هذه المرة كان جزء من النفقات مخصصًا لإضفاء الهيبة وحدها. فقد ارتأيت أن من الضروري أن يكون لديَّ منزل يتماشى مع مكانتي كمحامٍ هندي بناتال وكممثل للجالية. حصلت على منزل صغير ولطيف في منطقة فاخرة، وجهزته بالأثاث الملائم. كنا نتناول طعامًا بسيطًا، لكن تكاليف المنزل كانت دائمًا مرتفعة إلى حد بعيد نظرًا لأنني اعتدت دعوة أصدقاء إنجليز وزملاء هنود.
يمثل الخادم الجيد ركنًا أساسيًّا في كل منزل، لكنني لم أستطع قط أن أعامل أي شخص كخادم. فكان لديَّ صديق يرافقني ويساعدني، وطاهٍ أصبح من أفراد الأسرة. وكان الموظفون يتناولون الطعام ويمكثون معي.
أعتقد أنني نجحت في هذه التجربة، لكن ذلك بالطبع لم يخلُ من القليل من مرارة تجارب الحياة.
كان رفيقي حاد الذكاء، واعتقدت أنه مخلص لي. لكن تبين لي بعد ذلك أنني قد خُدعت فيه. غار الرجل من أحد الموظفين الذين كانوا يقيمون معي، فنصب له شركًا محكمًا حتى جعلني أشك في ذلك الموظف.
كان الموظف ذا إحساس مرهف. فسرعان ما شعر بأنني أشك فيه، فترك كلًّا من المنزل والمكتب. تألمت كثيرًا لشعوري بأنني قد أكون ظلمته، وكان ضميري يؤنبني باستمرار.
في غضون ذلك، طلب الطاهي إجازة لبضعة أيام، أو تغيب لسبب ما. وكان عليَّ أن أجد من يحل محله في تلك المدة. وقد كشف لي الطاهي الجديد بعد ذلك أن رفيقي كان وغدًا، وكان ذلك نجدة لي من السماء. لقد اكتشف في يومين أو ثلاثة من التحاقه بالعمل لديَّ عددًا من الأمور السيئة التي كانت تحدث في منزلي دون علمي، وأخبرني بها. كنت معروفًا بسذاجتي، ولكن أيضًا باستقامتي. فكان ذلك الاكتشاف أكثر صدمة له. كنت معتادًا على العودة من المكتب في الواحدة من ظهر كل يوم لتناول الغداء، لكن في أحد الأيام جاء الطاهي إلى المكتب في الثانية عشرة وقال لي: «من فضلك، تعال معي إلى المنزل على الفور، فهناك مفاجأة بانتظارك.»
فأجبته: «وما هي؟ يجب أن تخبرني فكيف أترك المكتب في هذه الساعة لأذهب وأرى تلك المفاجأة؟»
– «كل ما يمكنني قوله هو إنك ستندم إن لم تأت معي.»
جعلني إصراره أشعر بميل للذهاب معه. ذهبت إلى المنزل بصحبة أحد الموظفين والطاهي الذي كان يتقدمنا. وعندما وصلنا إلى البيت، أخذني مباشرة إلى الدور العلوي، ثم أشار إلى غرفة رفيقي وقال: «افتح باب هذه الغرفة، وسترى بعينيك.»
وقد رأيت كل شيء بالفعل. أخذت أقرع الباب، لكن أحدًا لم يجبني. فأخذت أطرق الباب بقوة حتى اهتزت الجدران، فانفتح الباب وإذا بعاهرة داخل الغرفة. طلبت منها الرحيل وألا تعود إلى منزلي أبدًا.
توجهت إلى رفيقي بالحديث قائلًا: «لا علاقة لي بك من الآن فصاعدًا. لقد خدعتني تمامًا وجعلتني أبدو مغفلًا. أهذا جزاء ثقتي بك؟»
وبدلًا من أن يعود لرشده ويندم، أخذ يهددني بأن يفضح أسراري. فقلت له: «ليس لديَّ ما أخفيه. يمكنك أن تبوح بأي شيء فعلته. لكن يجب أن تنصرف الآن.»
لقد زاده كلامي سوءًا. لم يكن بيدي حيلة، فقلت للموظف الذي كان ينتظر بالدور الأسفل: «من فضلك، اذهب وأخبر قائد الشرطة أن شخصًا قد أتى بسلوك شائن في منزلي. وقد طلبت منه أن يرحل عن المنزل لكنه لم يرضخ لطلبي. وأنني سأكون ممتنًا إذا ما ساعدتني الشرطة.»
تأكد الرجل من جديتي، وجعله شعوره بالذنب يفقد رباطة جأشه. فتقدم لي بالاعتذار، وطلب مني ألا أبلغ الشرطة، ثم وافق على ترك المنزل فورًا.
كانت تلك الواقعة ناقوس الخطر الذي انطلق في الوقت المناسب. فالآن، والآن فقط، أدركت بوضوح كيف خدعني ذلك الداهية تمامًا. لقد اخترت بإيوائي لذلك الرجل أن أحقق غاية نبيلة بانتهاج درب أعوج. فتخيلت أنه يمكنني «حصد التين من النباتات الشائكة». فقد كنت أعرف أن الرجل يتمتع بشخصية غير متزنة، لكنني مع ذلك كنت أؤمن بإخلاصه لي. فقد أوصلتني محاولة إصلاحه إلى حافة الهاوية. لقد تجاهلت تحذيرات الأصدقاء الأوفياء، وأعماني حبي له كليًّا.
ولولا الطاهي الجديد، لم أكن لأتمكن من كشف الحقيقة، ولم أكن لأعيش حياة العزلة التي عشتها بعد ذلك نظرًا لتأثري بذلك الرفيق. فقد كنت سأضيع الوقت معه ومن أجله. وقد كان يتمتع بقدرة كبيرة على إخفاء الحقيقة عني وتضليلي.
لكن الإله كان هناك لينقذني من شره، كما أنقذني مرات عدة من قبل. لقد أنقذني الإله، بالرغم من أخطائي، لأن نواياي كانت خالصة. كانت هذه الواقعة بمنزلة تحذير مسبق لما قد يحدث لي في المستقبل.
كان الطاهي الجديد كملاك مرسل من السماء، لكنني اضطررت للاستغناء عن خدماته لأنه كان لا يعرف شيئًا عن الطهي. وهذا لا يغير حقيقة أنه جعلني أرى أشياء لم أكن لأراها من دونه. علمت بعد ذلك أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تأتي فيها تلك العاهرة إلى منزلي. لقد ترددت على المنزل كثيرًا من قبل، لكن أحدًا لم يملك شجاعة الطاهي ليخبرني؛ لعلمهم بأنني أثق برفيقي ثقة عمياء. يبدو أن الإله قد أرسل لي ذلك الطاهي لذلك الغرض فحسب، حيث طلب مني أن يرحل في تلك اللحظة.
قال لي: «لا يمكنني المكوث في منزلك أكثر من ذلك. فمن السهل خداعك، ولا يمكنني العيش في مكان كهذا.»
فتركته يرحل. الآن اكتشفت أن ذلك الرفيق هو من شوه سمعة الموظف الذي كان يعمل لديَّ. حاولت جاهدًا أن أعوض الموظف عن الظلم الذي تعرض له، لكنني عجزت تمامًا عن إرضائه، وهو الأمر الذي أصابني بندم أبدي. فمهما حاولت إصلاح النفوس، يبقى الصدع غائرًا.