الفصل الثاني والأربعون

علاج التهاب الغشاء البلوري

أقلقني استمرار مرضي بالتهاب الغشاء البلوري، لكنني كنت على علم بأن العلاج لا يكمن في تناول الدواء بل في إجراء تعديلات على النظام الغذائي مدعمة بالمعالجات الخارجية.

دعوت الطبيب النباتي المشهور ألينسون، الذي سبق وعالج أمراضًا بواسطة إجراء تعديلات على النظام الغذائي، والذي التقيت به في عام ١٨٩٠م. تفحصني الطبيب بصورة شاملة، وشرحت له كيف قطعت على نفسي عهدًا بالامتناع عن تناول الحليب، فطمأنني قائلًا: «أنت لست في حاجة لتناول الحليب. في الواقع، أريدك أن تمتنع عن تناول الدهنيات لبضعة أيام.» ثم نصحني بتناول الخبز الأسمر، والخضروات النيئة مثل البنجر والفجل والبصل وغيرها من الدرنات والخضروات، ذلك بالإضافة إلى الفاكهة الطازجة، ولا سيما البرتقال. وكنت أبشر الخضروات بشرًا جيدًا بدلًا من طهيها إذا ما صعب عليَّ مضغها.

استمررت على تلك الحال لما يقرب من ثلاثة أيام، لكن الخضروات النيئة لم تناسبني تمامًا. ولم تمكني حالة جسدي الواهن من الحكم على التجربة حكمًا منصفًا، فكنت أتململ من تناول الخضروات النيئة.

نصحني الطبيب ألينسون بفتح نوافذ غرفتي على مدار الأربع والعشرين ساعة، والاستحمام بمياه فاترة، وتدليك الأجزاء المصابة بالزيت، والسير في الهواء الطلق من ربع الساعة إلى نصف الساعة. وقد راقتني تلك الاقتراحات كلها.

كانت غرفتي تحتوي على نوافذ فرنسية، فكنت إذا فتحتها ستسمح بدخول المطر إلى الغرفة. ولم يكن من الممكن فتح نافذة التهوية، فلجأت إلى كسر الزجاج للسماح للهواء النقي بالدخول إلى الغرفة، وفتحت النوافذ بطريقة لا تسمح بدخول المطر.

أدت تلك التغييرات إلى تحسن صحتي، إلا أنها لم تشفني تمامًا.

كانت السيدة سيسيليا روبرتس تزورني أحيانًا فقد أصبحنا أصدقاء. وقد أرادت بشدة أن تقنعني بتناول الحليب، لكنها بدأت تبحث عن بديل للحليب عندما وجدتني عنيدًا. أشار عليها أحد الأصدقاء بمسحوق الحليب الجاف الممزوج بالشعير، وأكد لها عن جهل أنه خالٍ تمامًا من الحليب، وأنه مستحضر كيماوي يحتوي على جميع خصائص الحليب. كنت أعلم أن السيدة سيسيليا تكنُّ احترامًا كبيرًا لمبادئي الدينية، ولذلك وثقت بها بصورة مطلقة. أذبت المسحوق في المياه وتناولته لأجد مذاقه مماثلًا لمذاق الحليب تمامًا، فقرأت المحتويات المكتوبة على الزجاجة، فوجدت أنه حُضر من الحليب، لكن ذلك كان بعد فوات الأوان، فامتنعت عن تناوله.

أخبرت السيدة سيسيليا بما حدث، وطلبت منها ألا تقلق بذلك الشأن، فحضرت بأقصى سرعة لتخبرني بمدى أسفها. لم يقرأ صديقها الملصق المكتوب على الزجاجة بالمرة. رجوتها ألا تقلق وعبرت لها عن أسفي لأنني لم أستطع الاستفادة من البديل الذي تكبدتْ مشقة كبيرة للحصول عليه، وأكدت لها أنني لم أشعر بالاستياء أو الذنب على الإطلاق لتناول الحليب نتيجة للالتباس الذي حدث.

يجب أن أتغاضى عن ذكر العديد من الذكريات الجميلة الأخرى التي تتعلق بعلاقتي بالسيدة سيسيليا. يمكنني أن أفكر في العديد من الأصدقاء الذين كانوا مصدرًا كبيرًا للمواساة والعون أثناء المحن والإخفاقات التي مررت بها، فالمؤمن يمكنه أن يرى فيهم رحمة الإله التي يجعل بها مذاق الأحزان حلوًا.

خفف الطبيب ألينسون من القيود التي كان قد فرضها عليَّ عندما زارني مرة أخرى، فسمح لي بتناول زبدة الفول السوداني أو زيت الزيتون للحصول على الدهنيات وتناول الخضروات المطهوة، إذا أردت، مع الأرز، فرحبت كثيرًا بتلك التغييرات الغذائية، لكن ذلك كله لم يشفني تمامًا. كنت لا أزال في حاجة ماسة لمن يمرضني، وكنت مضطرًّا للاستلقاء في أغلب الأحيان في الفراش.

كان الطبيب ميهتا يزورني أحيانًا ليفحصني، واستمر يخبرني أن بإمكانه أن يشفيني من مرضي إن أنا أخذت بنصيحته.

وفي ظل تلك الظروف، زارني السيد روبرتس ذات يوم وحثني بشدة على العودة إلى الوطن. قال لي: «لن تتمكن من الذهاب إلى نيتلي وأنت في هذه الحالة. وسنتعرض إلى طقس أشد برودة. أنصحك بشدة بالعودة إلى الهند، فهناك فقط يمكن أن تتماثل للشفاء بصورة تامة. وإذا ظلت رحى الحرب دائرة بعد تماثلك للشفاء، فسوف تجد الكثير من الفرص لتقديم المساعدة. وأنا أرى أن ما أسهمت به بالفعل ليس بقليل.»

أخذت بنصيحته وبدأت الاستعداد للعودة إلى الهند.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤