الفصل السابع

تجارب المعالجة بالطين والمياه

زاد نفوري من الأدوية مع ازدياد بساطة أسلوب حياتي. عانيت وأنا أعمل في جنوب أفريقيا الضعف والالتهاب الروماتزمي، فحضر الطبيب ميهتا لفحصي، وأعطاني علاجًا، فأصبحت بصحة جيدة. ومنذ ذلك الحين وحتى عودتي إلى الهند، لا أذكر إصابتي بأي مرض يذكر.

وكنت أعاني في أثناء إقامتي في جوهانسبرج الإمساك والصداع الدائم، فكنت أعالج نفسي أحيانًا بمسهلات الأمعاء وبنظام غذائي منظم للغاية، لكنني لم أكن معافى تمامًا، وكنت أتساءل عن الوقت الذي يمكنني فيه أن أتخلص من كابوس هذه الأدوية المسهلة.

وفي غضون ذلك، سمعت عن تأسيس «جمعية لا للإفطار» No Breakfast Association بمانشستر. وكان مؤسسو الجمعية يرون أن الإنجليز يأكلون كثيرًا حتى ارتفعت فواتير الأطباء للغاية لأنهم يأكلون حتى منتصف الليل، ومن ثَمَّ فعليهم على الأقل أن يتخلوا عن وجبة الإفطار في حالة رغبتهم في تحسين حالتهم الصحية. ومع عدم انطباق هذه الحالة عليَّ، شعرت أن ذلك الوضع ينطبق جزئيًّا على حالتي، فقد كنت أتناول ثلاث وجبات أساسية يوميًّا بالإضافة إلى شاي ما بعد الظهيرة. كنت مسرفًا في الأكل وكنت أستمتع بالأطعمة النباتية الشهية والخالية من التوابل قدر المستطاع. وكنت نادرًا ما أستيقظ قبل السادسة أو السابعة. وهكذا اعتقدت أنه يمكن أن أتخلص من الصداع إذا ما تخليت عن طعام الإفطار، وبالفعل خضت هذه التجربة. ولقد كان الأمر صعبًا في الأيام الأولى، لكن الصداع انتهى تمامًا. جعلتني تلك التجربة أدرك أنني كنت آكل أكثر من حاجتي. لكن ذلك التغيير في نظام الأكل لم يخلصني من الإمساك، فجربت الحمام النصفي للطبيب «كون»، مما ساعد على تخفيف آلامي لكنه لم يشفني بالكلية. وفي أثناء ذلك، أعطاني الصديق الألماني الذي كان يمتلك مطعم الأطعمة النباتية، أو أحد الأصدقاء الذي لا أذكره، كتاب أدولف جاست «العودة إلى الطبيعة» Return to Nature، فقرأت في ذلك الكتاب عن المعالجة بالطين، وأيد المؤلف القول بأن الفواكه الطازجة والمكسرات هي الغذاء الطبيعي للإنسان. لم أبدأ في قصر غذائي على الفاكهة وحدها على الفور، لكنني بدأت تجاربي في المعالجة بالطين مباشرة محققًا نتائج مذهلة. وكان العلاج هو ضمادة من الطين الصافي مرطبة بالماء البارد توضع على البطن ككمادة من الكتان الناعم، وكنت أضع هذه الضمادة عند النوم، وأنزعها في الليل أو في الصباح عند استيقاظي، وقد أثبتت هذه الطريقة فاعليتها في العلاج. ومنذ ذلك الحين، جربت هذه الطريقة لمعالجة نفسي وأصدقائي، ولم أندم مرة على استعمالها. لكنني لم أكن أملك الثقة ذاتها لتجربة تلك الطريقة في الهند. فلم أكن أملك الوقت لأستقر في مكان واحد حتى أتمكن من إجراء مثل هذه التجارب، ومع ذلك، ظل إيماني بالمعالجة بالطين والمعالجة المائية تقريبًا كما كان من قبل. وحتى وقتنا الحاضر، لا أزال أستعمل المعالجة بالطين بقَدْر ما، وأوصي بها زملائي متى وجدت مناسبة لذلك.

ومع تعرضي للإصابة بمرضين خطيرين في حياتي، أؤمن بأن الإنسان لا يحتاج لاستخدام الأدوية بصورة ماسة. فهناك ٩٩٩ حالة من بين ألف حالة يمكن معالجتها باتباع نظام غذائي منظم وباستعمال المعالجة المائية والمعالجة بالطين، وغيرها من طرق العلاج المنزلية. إن من يهرع إلى الأطباء والمتخصصين في علم الطب الهندي (آيورفيدا) أو الحكماء، ويتناول جميع أنواع العقاقير المستخلصة من النباتات والعقاقير المخلقة كيميائيًّا لا يتسبب في تعجيل أجله فحسب، بل يصبح عبدًا لجسده بعد أن كان سيده، فيفقد القدرة على التحكم في نفسه ويفقد إنسانيته.

لا أريد أن يشك أحد في دقة تلك الملاحظات التي ذكرتها لكونها كُتبت على فراش المرض. أعلم الأسباب التي أدت لمرضي، وأنا مدرك تمامًا أنني وحدي مسئول عن إصابتي تلك، ولولا هذا الإدراك لنفد صبري. في حقيقة الأمر، لقد شكرت الإله على مرضي واعتبرته درسًا أتعلم منه. وبالفعل نجحت في مقاومة إغراء تناول العقاقير المتعددة. أعلم أن استعصاء علاجي كثيرًا ما يرهق أطبائي، لكنهم يتحملون معي بعطف ولا يخذلونني أبدًا.

على كل حال، يجب ألا أستطرد في الحديث عن هذا الموضوع. فقبل أن أواصل حديثي، يجب أن أحذر القارئ وأقول إن على من يشتري كتاب «جاست» بناء على قوة هذا الفصل، ألا يعتبر كل كلمة فيه حقيقة مؤكدة. فغالبًا ما يقدم الكاتب جانبًا واحدًا من جوانب القضية، في حين يوجد لكل قضية سبعة جوانب على الأقل، التي تكون جميعها صحيحة في ذاتها على الأرجح، لكنها قد لا تكون صحيحة في الوقت نفسه وفي الظروف ذاتها. ولا تُكتب العديد من الكتب إلا لاجتذاب المشتري واكتساب الشهرة والمال. فليُحسِن التمييزَ الذين يقرءون مثل تلك الكتب، وليستشيروا خبيرًا في مثل تلك الأمور قبل أن يخوضوا تجربة من التجارب التي ذكرتها فيما سبق، أو ليقرءوا تلك الكتب بصبر ويستوعبوها كليًّا قبل أن يضعوها قيد التنفيذ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤