الفصل الأول

التجربة الأولى

وقبل أن أصل إلى الوطن، كانت المجموعة التي انطلقت من فونيكس قد وصلت بالفعل. وتم ذلك مع أن الخطة الأصلية كانت تقضي بأن أسبقهم أنا، لكن انشغالي في إنجلترا بالحرب أخل بجميع حساباتنا. وعندما وجدت أنني سأمكث في إنجلترا إلى أجل غير مسمى، كان يجب أن أجد مكانًا لإقامة مجموعة فونيكس، وكنت أرغب في أن يقيموا جميعًا في الهند، إن أمكن، وأن يعيشوا بنفس الطريقة التي كانوا يعيشون بها في فونيكس. لم أكن أعرف أي مقر يمكن أن يذهبوا للإقامة فيه. نتيجة لذلك، أرسلت إليهم برقية أطلب منهم فيها مقابلة السيد أندروز والعمل بما يوصي به.

وهكذا أقاموا بصورة مبدئية في جوروكول كانجري Gurukul Kangri، حيث عاملهم الراحل السيد شراداناند جي كأبنائه. بعد ذلك أقاموا في شانتينيكيتان أشرام Shantiniketan Ashram،١ حيث غمرهم الشاعر العظيم طاغور ورفاقه بفيض من الحب. وقد أفادتهم الخبرات التي اكتسبوها أثناء إقامتهم في هذين المكانين كما أفادتني.

كان الشاعر طاغور والسيد شراداناند جي والمدير سوشيل رودرا بمنزلة الثالوث المقدس لدى أندروز، كما اعتدت أن أخبره. فكان لا يكف عن التحدث عنهم عندما كان في جنوب أفريقيا. وتعتبر أحاديث السيد أندروز الدائمة عن ذلك الثلاثي العظيم من أجمل الذكريات وأكثرها قوة. وبالطبع عرَّف السيد أندروز مجموعة فونيكس بالسيد سوشيب رودرا. لم يكن لدى السيد رودرا مقر للإقامة لكنه كان يمتلك منزلًا وضعه تحت تصرف مجموعة فونيكس كليًّا. وفي يوم واحد من وصولهم استطاعت أسرته أن تُنسيهم الغربة كما لو أنهم لم يفتقدوا فونيكس على الإطلاق.

ولم أعلم أن مجموعة فونيكس تعيش في شانتينيكيتان إلا عند وصولي إلى بومباي. فكنت أتوق لمقابلتهم في أسرع وقت ممكن بعد مقابلة جوخلي.

كانت حفلات الاستقبال التي أُعدت لي في بومباي تُعد فرصة لتقديم ما يمكن أن يطلق عليه صورة مصغرة للساتياجراها.

وفي الحفلة التي أُقيمت على شرفي في منزل السيد جيهانجير بيتيت، لم أجرؤ على التحدث باللغة الجوجراتية. فقد شعرت، وأنا من عاش أفضل أيام حياته بين العاملين، بأني شخص بسيط تمامًا وسط تلك الفخامة المبهرة. وذلك مع أنني كنت أبدو أكثر تحضرًا وقتها بقدرٍ ما عن الآن، وأنا أرتدي العباءة الكاثياوارية والعمامة والدهوتي. لكن الأبهة والفخامة التي رأيتها في منزل السيد بيتيت جعلتني أشعر بالضيق. ومع ذلك تكيفت مع الوضع بصورة جيدة حيث التمست الحماية في ظل السيد فيروزشاه.

ثم أقام الجوجراتيون حفلة استقبال على شرفي. فلم يكن الجوجراتيون ليتركوني دون احتفال، وقد أقامها الراحل السيد أوتاملال تريفيدي. اطلعت على برنامج الحفلة مسبقًا. وقد حضر الحفل السيد جناح، لكنني لا أذكر إذا كان قد حضر بصفته الرئيس أو المتحدث الرئيسي، وقد ألقى كلمة قصيرة وبارعة باللغة الإنجليزية. وأعتقد أن جميع الكلمات الأخرى التي أُلقيت في الحفل كانت باللغة الإنجليزية هي الأخرى. وحينما جاء دوري للتحدث، عبرت عن امتناني باللغة الجوجراتية وأوضحت تحيزي للغتين الجوجراتية والهندستانية. وعبرت عن اعتراضي المتواضع على استخدام اللغة الإنجليزية في اجتماع للجوجراتيين. وقد فعلت ذلك بقليل من التردد، فقد كنت أخشى أن يعتبر الحضور أنه من غير اللائق أن يحتج شخص قليل الخبرة مثلي قد عاد إلى الوطن بعد فترة طويلة من الغربة على العادات الراسخة لديهم. لكن لم يبدُ لي أن أحدًا قد أساء فهم إصراري على التحدث باللغة الجوجراتية، وأسعدني أن أجد الجميع يميلون إلى الاتفاق معي في احتجاجي.

وهكذا شجعني ذلك اللقاء على الاعتقاد بأنني لن أجد مشكلة في طرح أفكاري الجديدة على أبناء وطني.

وذهبت إلى بونا، إلى حيث استدعاني جوخلي، محملًا بهذه الخبرات الأولية بعد أن أقمت لفترة وجيزة في بومباي.

هوامش

(١) شانتينيكيتان أشرام: هي المدرسة التي أسسها الشاعر الهندي طاغور في عام ١٩٠١م. وقد حولها طاغور إلى جامعة بعد حصوله على جائزة نوبل في عام ١٩١٣م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤