المقارنة بين الإلياذة والأوديسة

يذكر بعض العلماء الاختلافات الآتية بين هاتَين القصيدتين:

  • (١)
    في الإلياذة، أُعْطِيَت زوجة هيفايستوس Hephaestus إلى خاريس Chares.

    بينما نرى في الأوديسة أن زوجة هيفايستوس أُعطِيَت إلى شخصٍ آخر.

  • (٢)
    أوليمبوس Olympus هو المقر الرئيسي للآلهة، بينما نجد في الأوديسة أن المقر الرئيسي للآلهة هو أورانوس Auranus.
  • (٣)

    نجد في الإلياذة نظام الإقطاع، بينما نجد في الأوديسة ما يبدو نظامًا ديمقراطيًّا محددًا ومتقدمًا.

  • (٤)

    خطوة نحو الديمقراطية؛ صار الرؤساء تجارًا في الإلياذة، أما في الأوديسة فهم أمراء.

    في الإلياذة، الأبطال الوحيدون هم الرؤساء، وفي الإلياذة تتناول الأشعار حقدهم وغضبهم وحبهم وعداوتهم ومغامراتهم، ولا نحصل على أي شيء يخص عامة الشعب. وفي الإلياذة، عندما قام ثيسيتيس Thessites في ∝yopd يعارض الأريستوقراطيين، فيسكت ويحنق. غير أن هذا التركيز على الرؤساء لا يوجد في الأوديسة. وقد يقوم رجلٌ عادي من عامة الشعب بدور هام، يدل تغيُّر الشخصيات هذا في كلٍّ من الإلياذة والأوديسة على تغييراتٍ كثيرة في المشاعر.
  • (٥)
    هناك فرق واضح في أن الإلياذة محترمة في معارفها الجغرافية؛ فتنحصر في بحر إيجه Aigean Sea والأراضي المتاخمة له في العصور الماضية. في حين أنه من الواضح جدًّا في الأوديسة أنها تذهب إلى أبعد من البحر الأبيض المتوسط؛ فنجد فيها معارف جغرافية أوسع، هي في الواقع خريطة جغرافية للبحر الأبيض المتوسط كله.
    يقول بعض العلماء: إن الأوديسة لم تُكتَب إلا لتكون خريطة سرية لا يعرفها سوى الأغارقة وحدهم. ومع ذلك، فقد يُدحَض هذا التخمين بسبب سخافته. وعلى العكس، تحتوي الإلياذة على معلوماتٍ جغرافية. إذن، فقد تسير الأوديسة إلى بداية السيادة البحرية الإغريقية. ولدى شاعر الأوديسة مجال أوسع في الجغرافيا. ومن الأمور الملحوظة معرفته الخاصة بمصر، وبالمعادن والأشجار والأودية. إنه مدرك لكل ما يحدث في مصر وفي جزيرة صقلية وإيطاليا، ويعرف الشاطئ الشمالي لأفريقيا. والشاعر الذي كتب الأوديسة سمع عن جبل طارق. وتُبدي الأوديسة معرفة جغرافية أوسع بكثير مما في الإلياذة، كما تبدي اهتمامًا أقل بالوحوش الضارية التي تزخر بها الإلياذة البدائيَّة التي هي مصدر رعبٍ وفزعٍ دائمين في الحياة الرعوية. نجد الناس في الأوديسة تستشير الوحي، فيذهب أوديسيوس إلى دودونا Dodona، ويذهب أجاممنون إلى بوثو Pytho. وهذه نقطةٌ من خصائص الأناشيد الهوميرية، ولا توجد في الإلياذة أية إشارة إلى ملكية الأراضي كما هو واضح في الأوديسة. ومن حيث قواعد اللغة، فهي في الأوديسة نفس ما يدور في لغة الأغارقة في وقتٍ متأخر من عصرها؛ فطريقة نَظْم أشعارها أقرب إلى لغة هسيود منها إلى لغة الإلياذة. ويشعر العلماء الأكثر تحفظًا بعدم وضوح الخطة وبأن الصور مضطربة. وتنحصر الوحدة الأساسية للأوديسة في إعجاب أريسطو بها. وحتى وولف تأثر بالكامل الذي رفعها إلى درجةٍ أعلى إنشاءً من الإلياذة. والحقيقة أن تحليلها أكثر تعقيدًا.
  • (٦)
    وضع أريستاخوس وأريستوفانيس Aristophanes السكندريان، القدوة لمن بعدهما من النقَّاد، بأن رفضا أكثر من جزء كامل في آخر القصيدة. ولكنهما أنهيا الأوديسة ٢٣–٢٩ عندما تتعرَّف بنيلوبي على زوجها، ليتخلصا من الخاتمة المضادَّة للذروة التي لا تتضمَّن أي خطأ موضعي، ولكن ليس من السهل حذف أجزاء كاملة ومعزولة من الأوديسة دون الإخلال بتناسبها، كذلك يمكنك أن تحذف الدولونيا Doloneia أو السفارة Embassy من الإلياذة.
  • (٧)

    وزيادة على ذلك، ففي الإلياذة، عندما كانت الحياة لا تزال بدائية وبسيطة يمكنك أن تحصل على أسماء للأشياء. وهذا فرق آخر، أن تستخدم الأوديسة مزيدًا من الألفاظ المعنوية.

مؤلف الأوديسة مستعد لأن يبحث عن عاهة الشعب، بينما يبحث مؤلف الإلياذة عن الأمراء. وفي الإلياذة يُبرهن الأمراء على أنهم رجال قتال؛ فإن aretè الأمراء هي aretè الرجال المقاتلون، أي الأجرأ والأمهر في القتال من بقية الناس. ولا تسمع إلا عن واحد فقط لم يكن أميرًا وليس من الأريستوقراطية العسكرية، ذلك ثيسياتيس Thessiates، الذي دخل مجلسًا عامًّا، وعارض في إسناد مقاليد الحكم إلى أجاممنون. ومن الجلي أن هوميروس لم يكن بحاجةٍ إلى أن يستخدم ثيسياتيس الديمقراطي هذا. وقد حطم أوديسيوس ثيسياتيس. ويقول هوميروس: إن الحكم أفضل. وعلى هذا، فالإلياذة قصيدةٌ للأريستوقراطية العسكرية تهتم بالرؤساء والشخصيات العظمى. أما الأوديسة، فتختلف عنها تمامًا؛ فبدلًا من أن تتناول الأريستوقراطية العسكرية والرجال المقاتلين، نراها تتناول الناس العاديين. ومن الجلي أنها تهتم بأمراء التجارة والرجال المشتغلين بالتجارة واﻟ areté الذين تتناولهم الأوديسة ليسوا هم اﻟ areté الشجعان، بل المتصفون بالمكر والدهاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤