الفصل الرابع عشر

المحراب!

اتضح بعد ذلك أن القائد فيبس لم يلق حتفه. كانت جروحه خطيرة بلا شك، لكنه تماثل للشفاء. كان قد هرب من المستشفى بعد ليلة واحدة من استجواب سير روبرت له، ولم يعد إليها.

عرف فيبس أنه ستجري محاكمة، ولم يرغب في أن يكون له أي دخل بها. فما إن تمكن من الوقوف حتى سافر ليلتحق بالجيش ثانيةً. لكن بالرغم من عودته إلى هناك فلم يشعره ذلك بالسعادة. تمنى بعد فترة قصيرة العودة إلى باريس ليكون مع فلور دي ليس التي لم يعد غيرها الآن في قلبه. لقد نال كفايته من الفتيات الساذجات، خاصةً بعد أن كادت تتسبب إحداهن في مقتله.

كان قد مر شهران على سفر فيبس عند عودته إلى منزل السيدة ألويز وابنتها.

كانت الفتاة تجلس بجانب النافذة عندما جاء فيبس وهو يمتطي حصانه. اندفعت إلى أسفل الدرج لتسمح له بالدخول. كانت سعيدة للغاية برؤيته.

سألت فلور دي ليس: «أين كنت؟»

رد القائد فيبس متجاهلًا سؤالها: «يا إلهي! لقد ازددت جمالًا منذ آخر مرة رأيتك فيها.»

فسحبت ذراعه وأجبرته على الدخول، وهي تقول: «كفى! هيا أخبرني، أين كنت؟» وصعدا إلى الشقة.

– «لقد كنت مصابًا ومريضًا.»

– «مصابًا! ماذا حدث؟»

– «ليست إصابة تُذكر في الواقع، إنها خدش فحسب. كان عراكًا سخيفًا بين مجموعة من الرجال، هذا كل ما في الأمر.»

فبدأت فلور دي ليس في البكاء.

قال فيبس: «أنا بخير الآن، ألا يمكنك رؤية ذلك؟»

– «أنا سعيدة للغاية لأنك بخير. لقد افتقدتك! لماذا كان العراك؟ ومع من؟»

وقف فيبس بجانب النافذة، وقال: «كفى! لقد انتهى الأمر الآن، ولا حاجة لأن أحياه ثانيةً. أخبريني، كيف الحال في باريس؟ ما آخر الأخبار؟ انظري إلى ذلك الحشد هناك، ما الذي يحدث؟»

– «لست متأكدة، لكنني سمعت أنهم سيضعون فتاة غجرية اليوم في عمود التشهير. ربما يكون هذا السبب وراء هذا الحشد.»

سألها وهو شارد الذهن: «ما اسمها؟»

قالت فلور دي ليس: «هل لهذا الأمر أهمية حقًّا؟»

أجاب فيبس، وقد تشتت تفكيره عند نظره إلى شعر فلور دي ليس الأشقر الجميل: «لا أظن.»

سألته: «هل تعدني بألا تتعرض لأي إصابة ثانيةً أبدًا؟»

أجابها: «أعدك.»

– «وهل تقسم على ألا تحب أحدًا غيري؟»

– «أقسم.»

فقالت فلور دي ليس: «حسنًا! هيا لنستنشق بعض الهواء.»

دخلت فلور دي ليس إلى الشرفة، وتبعها فيبس.

دقت الساعة الثانية عشرة، وصاح واحد من بين الحشد: «ها هي!»

قالت فلور دي ليس: «إنها تلك الغجرية الكريهة التي تصطحب نعجة معها.»

شحب وجه فيبس وهو يقول: «مـ … مـ … ماذا؟»

سألته فلور دي ليس: «هل تتذكر؟ لقد رسمت النعجة حروف اسمك. يا إلهي! كان ذلك بشعًا. لماذا شحبت هكذا؟ من يراك يظن أنك قد صُدمت لرؤيتها. ما الخطب؟»

قال فيبس سريعًا: «لا شيء … لا شيء على الإطلاق.»

•••

أخذت إزميرالدا تنادي على فيبس عندما كانوا يسوقونها عبر الميدان. نظرت حولها، فوقعت عيناها على كلود فرولو واقفًا بالقرب من ثقب الفئران.

فقالت: «يا إلهي! كلا، ليس هو! سيلازمني حتى في آخر لحظات لي.»

كان وجه كلود فرولو شاحبًا. كان يرتدي ملابسه الرسمية، لكنه بدا تعيسًا للغاية. سار تجاه إزميرالدا وقال لها: «لم يفت الأوان بعد، يمكنني إنقاذك.»

قالت: «لن أذهب معك أبدًا. ابتعد عني وإلا سأخبر الجميع أنك من هاجمت فيبس، وليس أنا.»

قال: «لن يصدقوك أبدًا.»

صرخت في وجهه: «ماذا فعلت به؟»

– «لقد رحل.»

وبينما كان الحراس يسحبونها بعيدًا نظرت إزميرالدا لأعلى، ورأته … إنه فيبس. لقد كان هناك!

صاحت: «فيبس! فيبس!» وسقطت على الأرض من هول الصدمة.

وفي خضم الفوضى لم يلحظ أحد إلقاء كوازيمودو بحبل من نافذة برج الأجراس. وفي اللحظة التي أوشك فيها الحراس على رفع إزميرالدا من على الأرض، تأرجح كوازيمودو على الحبل لأسفل، فأوقع الحراس، وأمسك بها.

وأخذ يصيح: «المحراب! المحراب!»

تسلق كوازيمودو الحبل عائدًا إلى قمة كاتدرائية نوتردام، وحمل إزميرالدا إلى الداخل. رأى الناس يصفقون ويهللون؛ فقد أحبوا إزميرالدا وشعروا أنها لا تستحق العقاب. ولم يشعر كوازيمودو بمثل هذا الفخر في حياته قط.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤