الفصل الثاني

ملك المهرجين

في لمح البصر بدأ الجميع في تنفيذ فكرة كوبينول. ذهب جميع المواطنين والطلاب والمحامين إلى العمل. واخْتِيرت الكنيسة الصغيرة داخل القاعة الكبرى لإقامة مسرح العابسين. وُضِع برميلان أسفل النافذة التي كسرها الطلاب، وكان على المرشحين الوقوف على هذين البرميلين والنظر من النافذة بوجوههم المغطاة. وعندما يعبسون أو يكشرون أو يسخرون على أفضل نحو لديهم، يزيحون الغطاء من فوق وجوههم ويظهرونها للجمهور.

في غضون دقائق قليلة كانت الكنيسة الصغيرة امتلأت بمن أرادوا المنافسة. وقف الأول على البرميل، أدخل رأسه من النافذة، وكشف وجهه. أخذ يحول عينيه ويقطب جبينه، وجحظت عيناه. وانفجرت الجماهير في الضحك.

لك أن تتخيل أكثر الوجوه التي يمكن لأحد صنعها إضحاكًا؛ هذا ما فعله كل من هؤلاء عند وقوفهم على البراميل. لم يعد هناك أحد على مقعده. أخذ الجميع يصيح ويصرخ. ومع ظهور كل وجه جديد من النافذة علت الضحكات أكثر. وسرعان ما بدأ كل فرد من الجمهور في لي قسمات وجهه، متخذين أوضاعًا كالشخص الواقف على البرميل بالضبط!

جلس جيون أعلى أحد التماثيل، مشاهدًا كل ما يحدث. أخذ يضحك بشدة حتى كاد يسقط أرضًا!

وفي غضون ذلك كان بيير المسكين يسير جيئة وذهابًا خلف الكواليس. توقف الممثلون عن أداء المسرحية تمامًا، فقد انشغلوا هم أيضًا بمشاهدة ما يحدث من لهو.

حدث بيير نفسه: «لا يمكن للشعر مضاهاة الكوميديا.»

وفي اللحظة ذاتها برز أقبح الوجوه من الإطار. كان لهذا الرجل فم يشبه حدوة الحصان، وأنف كبير مثلث الشكل، وشفتان مدببتان يبرز منهما سن محزز، وحاجب أحمر كثيف الشعر، وعين يغطيها ثؤلول.

ها هو الفائز! اندفعت الجماهير داخل الكنيسة الصغيرة ليكتشفوا أن ذلك الشخص لم يتعمد لي قسمات وجهه على الإطلاق؛ إنه قبيح هكذا بالفعل. كان على ظهره حدب ضخم، وشعره قصير خشن أحمر اللون. كانت ساقاه مختلفتين في الحجم وغريبتي المظهر، وقدماه ضخمتان. لكن بالرغم من المظهر البشع لذلك الرجل، كان يبدو عليه شيء من القوة والشجاعة.

صاح أحدهم: «إنه كوازيمودو، قارع الأجراس!»

هتف أحد الطلاب: «انظروا إلى هذا الأحدب! إنه شديد القبح بلا شك!»

ضايقه الطلاب، وغطت النساء وجوههن. سار جوان متوجهًا مباشرة نحو كوازيمودو، ضحك في وجهه، مشيرًا إليه وأخذ يسبه. فرفعه كوازيمودو، وألقى به وسط الجماهير. كانت مضايقة الناس له تزعجه، ولم يكن يفهم أن ذلك مهرجان المهرجين، وكل ما كان يفعله الطلاب هو اللهو. لحسن الحظ لم يصب جوان بأذى. نهض، ونفض التراب عن نفسه وضحك.

اندهش كوبينول الحائك من شدة بأس كوازيمودو، فاندفع للأمام، وربت على كتف الأحدب وقال: «كانت لك الغلبة حقًّا في المعركة!»

لم يحرك كوازيمودو ساكنًا.

واصل كوبينول حديثه: «إنني أقول إنك حتمًا شديد البأس. ما رأيك في ممارسة المصارعة؟ ما قولك؟»

لم يجبه كوازيمودو.

صاحت عجوز من بين الحشد: «أصابته الأجراس بالصمم.»

قال كوبينول: «حسنًا، إنه أفضل ملك قبيح وأصم للمهرجين. هل يتكلم؟»

أجابت العجوز: «يمكنه التكلم عندما يشاء.»

قال كوبينول: «نحن ننصبك إذن ملكًا للمهرجين. تهانينا!»

وضع كوبينول الرداء الفضي لملك المهرجين على ظهر كوازيمودو. وصمت الحشد لحظة أثناء حمل الطلاب له على أكتافهم. ابتسم كوازيمودو عندما نظر لأسفل ورأى كل الرجال والنساء الواقفين حسني الطلعة والمظهر. حمله الطلاب على أعناقهم وساروا به في شوارع باريس كاستعراض.

وفي هذه الأثناء كان بيير قد أجبر الممثلين على استكمال عرض المسرحية. لم يظن أن الجميع سيغادر المكان، لكن في لمح البصر خلت القاعة تقريبًا ممن كانوا فيها، فيما عدا عدد قليل من الرجال والنساء كبار السن في الخلف. ظل بعض الطلاب أعلى النافذة حيث يمكنهم مشاهدة المسرحية إذا كان فيها ما يثير انتباههم، أو النظر للخارج لمشاهدة الاستعراض. وحاول بيير إقناع نفسه أن ذلك كافٍ.

هتف أحد الطلاب فجأة من النافذة: «إنها إزميرالدا! إزميرالدا في الميدان.»

في تلك اللحظة ترك كل من كانوا في القاعة الكبرى المسرحية، وتحركوا نحو النوافذ. توقفت المسرحية تمامًا مرة أخرى. وحث بيير الممثلين ثانيةً على مواصلة العرض.

قال جوبيتير: «لا يمكننا المواصلة.»

رد بيير غاضبًا: «ولم لا؟»

أجاب جوبيتير: «هرب الطلاب بالسلم؛ أرادوا تسلقه ورؤية ما كان يحدث في الميدان.»

كانت تلك الضربة القاضية. غمغم بيير: «يا لهؤلاء الباريسيين! حضروا لمشاهدة مسرحية، ثم رفضوا مشاهدتها. من إزميرالدا هذه؟ ولماذا تدمر مسرحيتي؟»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤