الفصل السابع

سير روبرت والمحاكمات الصباحية

كان سير روبرت، عمدة باريس، عادةً رجلًا سعيدًا للغاية. لكن في صباح ٧ يناير من عام ١٤٨٢، استيقظ بمزاج عكر.

أما السبب وراء هذا المزاج السيئ فيرجع إلى معرفته بأن الفوضى كانت تعج بالمدينة إثر المهرجان، وكان عليه أن يتأكد من تنظيفها. كان عليه أيضًا أن يقضي اليوم في المحكمة ليستمع إلى جميع المشكلات التي حدثت في اليوم السابق، وما أكثر المشكلات التي كانت تحدث في المهرجانات. بكل المقاييس كان من المتوقع أن يكون يومًا طويلًا!

لقد تأخر سير روبرت الآن. بدأت المحاكمات الساعة الثامنة ذلك الصباح. اكتظ عشرات الناس في القاعة الصغيرة لسراي المحكمة الرئيسية. وقف رقيبان يرتديان سترات زاهية اللونين الأزرق والأحمر عند الباب، ووقف حاجب في الجوار يكتب سريعًا. كان القاضي كبيرًا أصم، وتسبب هذا دائمًا في عدد من المشكلات.

كان كثير من الطلاب الذين حضروا المسرحية بين الجمهور الذي يتابع القضايا. كان أحدهم جيون شقيق كلود فرولو، وكان معه صديقه جوان. أخذ الاثنان يضحكان ويمزحان بشأن الناس الذين كان يعاقبهم القاضي.

ربت جيون على كتف صديقه للفت انتباهه وقال: «انظر يا جوان! إنه كوازيمودو، ملك المهرجين الأحدب الأعور الذي يشفق عليه أخي.»

كان كوازيمودو يقف بالفعل مقيد اليدين والقدمين، وحوله مجموعة كاملة من الجنود، لكنه لم يصدر أي صوت. نطق الكاتب بالتهم الموجهة لكوازيمودو. بذل القاضي أقصى جهده لإخفاء صممه، وكان دائمًا يقرأ الملفات مسبقًا حتى لا يطرح الكثير من الأسئلة. ألقى برأسه حينذاك إلى الوراء وأغلق عينيه. وخيم الصمت على القاعة.

صاح القاضي: «ما اسمك؟»

لم يجب كوازيمودو الذي كان يعاني الصمم أيضًا. واصل القاضي حديثه: «حسنًا، ما عمرك؟» ومرة أخرى لم ينطق الأحدب.

– «حسنًا، أنت متهم بإحداث أضرار، والتسبب في شغب بالليل، ومهاجمة فتاة، ومقاومة الاعتقال. ما دفاعك؟»

دوى ضحك عالٍ في القاعة، حتى الحاجب نفسه كان يقهقه. استدار كوازيمودو وهز كتفيه، فظن القاضي أنه من تسبب في إضحاكهم.

سأل القاضي: «هل تدرك حجم المشكلة التي أنت بصددها؟ هل تعلم مع من تتحدث؟»

أدى ذلك السؤال الأخير إلى ارتفاع صوت الضحك أكثر، وظل كوازيمودو صامتًا. لم يعد في القاعة أحد لا يقهقه سوى الأحدب والقاضي. اهتز جنود الحرس من الضحك أيضًا.

أراد القاضي أن يخافه كوازيمودو، فصاح: «كيف تجرؤ على التصرف هكذا أمام القاضي! أنا المسئول هنا، وأنا من يضع القواعد.»

انفتح الباب فجأة، وظهر سير روبرت؛ فصاح القاضي: «سيدي العمدة، أريد أن أعرف كيف ستعاقب هذا الرجل!»

شق العمدة طريقه وسط الحشد، وجلس على الكرسي، ثم استدار لكوازيمودو وقال: «ما الذي فعلته لينتهي بك الأمر هنا؟»

ظن كوازيمودو أن سير روبرت كان يسأله عن اسمه، فأجاب بصوته الأجش: «كوازيمودو.»

غضب سير روبرت، وقال: «هل تسخر مني؟»

ظن كوازيمودو تلك المرة أن سير روبرت كان يسأله عما كان يفعله لجني قوت يومه، فأجاب: «قارع أجراس بكاتدرائية نوتردام.»

بدأت القهقهة ثانيةً، فسأل العمدة: «قارع أجراس؟» ولم يكن مزاجه قد تحسن، فأردف: «ما الذي تتحدث عنه؟»

قال كوازيمودو: «أعتقد أنني سأبلغ العشرين في غضون شهور قليلة.»

أدت إجابات كوازيمودو الغريبة إلى فقدان العمدة لأعصابه، فقال: «خذوه إلى الخارج، ورشوه بالماء البارد؛ فسيفزع ويتحدث بعقلانية.»

لكن القاضي اكتشف أخيرًا ما كان يحدث، فقال: «يا إلهي! إنه أصم! ليست هناك حاجة لرشه بالمياه. لنقيده بعمود التشهير في ميدان بلاس دي جريف لمدة ساعة، فسيتعلم الدرس عند تقييد رأسه ويديه في الألواح الخشبية.»

صاح جوان وجيون: «أحسنت! أحسنت!»

•••

كان ميدان بلاس دي جريف يعج بالفوضى! فكانت الأسمال البالية والشرائط والريش وبقع الشمع تكسو الميدان. كان أصحاب المتاجر جميعهم بالخارج يحيون أي أحد يمر.

كان هناك أعضاء من الحرس الملكي يقفون بجانب عمود التشهير لحراسته طوال النهار. وكان الناس يعلمون أن ذلك يعني أن هناك من سيُعاقَب في ذلك اليوم، فانتظروا.

وسرعان ما دوت الصيحات عند إحضار كوازيمودو. كان مشهدًا عظيمًا لملك المهرجين الذي صار الآن سجينًا ذليلًا. لكن كوازيمودو ظل هادئًا؛ فلم يصح أو يبكِ.

قال جيون لجوان: «انظر إليه! ليست لديه أية فكرة عما سيحدث له.»

اقتاد رجل مخيف الهيئة كوازيمودو إلى عمود التشهير. وعندما أدرك كوازيمودو أن الكتل الخشبية الضخمة ستكون سجنه أخذ يرتعش. أدت النظرة التي ارتسمت على وجهه إلى ضحك الجميع، إذ كان مرعوبًا. جذب الرجل ذراعي كوازيمودو نحو عمود التشهير، وأدخل رأسه عنوة في المكان المخصص لذلك. في بداية الأمر، قاوم الأحدب وهز عمود التشهير بكل ما أوتي من قوة، لكن أُحكم غلقه بعد ذلك. فسقط وجه كوازيمودو، وأغلق عينه وسمح لرأسه بأن تهبط بالقدر الذي يسمح به السجن الخشبي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤