الفصل الثاني

المشهد الأول

(عزيزة ثم مرجريت ثم فيروز أغا)

(عزيزة هانم جالسة تدق الجرس فتدخل مرجريت.)

عزيزة : إندهيلي فيروز أغا.
مرجريت : حاضر (تهم بالخروج).
عزيزة : قولي لي قبله. إزاي فيروز أغا يقول للستات اللي جم يزوروني النهارده إني ما كنتش هنا؟
مرجريت : أنا عارفة ياستي عمل كده ليه.
عزيزة : طيب روحي إبعتيه حالًا.
مرجريت : حاضر (تخرج).
عزيزة : مابقاش فاضل إلا فيروز أغا نقعد نتخانق معاه كمان. يعني الواحده ماتستريحش في بيتها ولا دقيقه واحدة (يدخل فيروز أغا).
فيروز : أفندم.
عزيزة : تعالى هنا. أنا موش قلت لك ألف مرة إن كل ما تجي ست عشان تزورني لازم تجي تقوللي. إزاي النهاردة تقول لحرم عبد الله باشا محمود إني ما نيش هنا؟
فيروز : يا ستي أعمل إيه. أنا عبد مأمور.
عزيزة : طيب، وإذا كنت عبد مأمور موش تمشي الأوامر بتاعتي؟
فيروز : ما أقدرش أمشيها يا ستي.
عزيزة : إزاي. إزاي تقول الكلام ده!
فيروز : وحياة راسك يا ستي ما أقدرش أمشيها أبدًا.
عزيزة : وكمان تقوللي كده يا راجل. إنت ما تختشيش.
فيروز : يا ستي أنا ما عنديش ذنب أبدًا.
عزيزة : أمال الذنب ذنب مين؟
فيروز : يا ستي الستات اللي بيجو بيزور حضرتك يشرب قهوه كتير. عشان كده سعادة الباشا نبه عليَّ النهارده إني أقول لكل ست يجي يزورك إنك يا عيان يا خرجت. يا موش عاوز تقابلهم، والسلام يعني حاجة عشان ما يدخلوش. دي أوامر الباشا يا ستي، والذنب موش ذنبي والله …
عزيزة : الباشا قال كده؟!
فيروز : وحياة راسك يا ستي الباشا قال كده.
عزيزة : يعني ما شفش حد من أصحابي ولا من قرايبي؟
فيروز : يظهر كده يا ستي.
عزيزة : طيب روح أنا حكلم الباشا. (لا يذهب) روح مستني إيه؟
فيروز : إذا كان إنت يا ستي حتكلم الباشا في المسألة دي أرجوك يا ستي تكلمه في مسألة تانيه كمان.
عزيزة : حصل حاجه جديدة؟
فيروز : لا. موش جديدة يا ستي. حاجه شفته بعينك.
عزيزة : حاجة شفتها بعيني. إمتى؟
فيروز : موش يعني حاجة شفتها بعينك. لا حاجة تعرفه تمام.
عزيزة : إيه هي؟
فيروز : يزود لي الماهيه شوية.
عزيزة : طيب حابقى أشوف المسألة دي.
فيروز : ربنا يخليك يا ستي.
عزيزة : روح بقى. (ترى أمين بك قادمًا) أهلا أمين بك. روح يا فيروز.

المشهد الثاني

(عزيزة – أمين)
أمين (يدخل) : نهارك سعيد يا تيزه (يقبل يدها).
عزيزة : أهلا وسهلًا.
أمين : حسن بك هنا؟
عزيزة : الساعة يا بني مجتش تلاتة، وهو مايجيش قبل أربعة.
أمين : أنا جيت قبل الميعاد. غلطت. القصد بقى أرجع كمان شوية.
عزيزة : أقعد يابني شوية. يعني مستعجل خالص؟ وإذا كنت تقدر تقولي على المسألة اللي عاوز تقولها له وأنا أبقى …
أمين : لا يا تيزة. دي المسألة سرية خالص. تتعلق بإدارة أشغالي الزراعية، وما أقدرش أقولها إلا لحسن وفى ودنه كمان.
عزيزة : يا سلام!
أمين : والباشا هنا؟
عزيزة : لا. خرج عشان بيشتري قال أواني وزهريات يحطها في الأوده هنا.
أمين : ديهده ياتيزه. يظهر إن الباشا من المغرمين بالفنون الجميلة؛ لأن الأواني على العموم من دواعي الزينة، والزينة تدخل في باب الفنون.
عزيزة : أنا عارفة يا بني.

(تدخل مرجريت وفيروز أغا حاملان أواني جميلة، وفي أثرهما الباشا.)

المشهد الثالث

(عزيزة – أمين – الباشا)
الباشا (داخلًا) : حاسب يا فيروز حاسبي يا مرجريت. دنا طلعت روحي لما دفعت تمنهم. أمين بك هنا؟
أمين : اشتريت زهريات يا عمي؟
الباشا : أيوه اشتريت يا بني موش كويسين؟ حاسبي يا مرجريت. الله. شيء عجيب والله. رأيك إيه يا هانم؟ رأيك إيه يا أمين؟ حاسب يا أغا. يعني عاوز تكسرهم عشان مادفعتش فيهم حاجة. أمين ياللا نرتبهم سوا (لفيروز) حط دي ناحية اليمين. أيوه كده، ودي يامرجريت ناحية الشمال … موش كده يا هانم؟ موش كده يا أمين؟
أمين : أيوه برضو كده.
الباشا : ودي في الوسط. ياللا يا مرجريت. إطلعي إنت وفيروز ياللا (يخرجان) قول لي بقى يا أمين بالله عليك عمركش شفت أواني زي دي (أمين يعض شفتيه ضحكًا) ولا عند واحد برنس كمان. مش كده!
أمين : موش للدرجة دي. أنا اشتريت من مدة يومين زهريات زي دي حطتها في أودة الكاتب عشان شفت إنه مايصحش كمان أحطها في أودة الوكيل.
الباشا : يانهار أسود. دنا دافع تمنهم النهارده خمسة جنيه.
أمين : الأواني التمام تساوي مائة ومائتين وألف جنيه كمان.
الباشا : ليه كده يعني! لكن يظهر أنك ما تفهمش كتير في الحاجات دي. دانا امبارح لقيت زيهم عند عبد اللطيف باشا. قمت قلت لازم أشتري زيهم أحسن بعدين تقول الناس إن عبد اللطيف باشا عنده حاجات موش عندي. أمال الواحد قدره يكبر بين الناس ازاي. موش كده يا هانم؟
عزيزة : تمام يا باشا. عملت طيب.
أمين : اشترتهم من عند مين يا عمي؟
الباشا : من دكان في الموسكى. نسيت اسم صاحبه يا بني.
أمين : واللي عاوز يشتري زهريات قديمه يجيبهم من الموسكي؟!
الباشا : أمال منين يا ابني؟
أمين : من أوروبا. من باريس.
الباشا : المره الجاية يا بني أبقى أجيبهم من هناك.
أمين : يكون أحسن. موش كده يا تيزه، ودلوقت أوروفوار حابقى أرجع كمان شوية عشان أقابل حسن بك.
الباشا : طيب يا بني. لكن يعني أترجاك إنك تنبه على حسن إنه مايبقاش يقعد في سبلندد بار، وخصوصًا ما يشربش كازوزه.
أمين : حاضر يا باشا (يقبل يديهما ويخرج).
الباشا : أمال يا ستي لازم يكون عندنا حاجات زي دي والا بلاش حاجه بالمره … إوع تصدقي إن الواد أمين يفهم حاجه في الأواني دي. بالله تقومي معايه نبص كويس في الحاجات الحلوه دي. ما شاء الله. ما شاء الله. ما شاء الله. تعرفي لما يجي عبد اللطيف باشا يزورني لازم أدخله الأوده دي علشان يشوف ويتحسر، ويتحسر تمام.
عزيزة : طيب يا باشا ما دام بتصرف كده ماتزود ماهية حسن.
الباشا : علشان يشرب وسكي وكونياك. موش كفايه الكزوزه اللي لخبطت عقله. لا. لا. يا ستي حسن ده مالكيش دعوه به بالمره … تعرفي مين اللي ح يتعشى عندنا الليلة دي؛ حسن باشا رضوان. عين بشاوات الحكومة. اللي ح يتوسط لنا عشان يعاد انتخابنا في مجلس المديرية.
عزيزة : بقى يا باشا حنرجع تاني نعيش في العزبه.
الباشا : وهو أنا جابني إلَّا سقوطي في مجلس المديرية. مجلس المديرية آه يا خساره. قال يفوز علينا هناك رجب باشا، ويخليني أسيب البلد وآجي أعيش هنا في مصر بعدما سقطت في الانتخابات. آه يا مجلس المديرية يا فخفخه خالص. لكن إن شاء الله بمساعدة حسن باشا رضوان أرجع ونعيش على كيفنا هناك (يدخل الأغا).
الأغا : محمود بك جت عاوز تشوف حسن بك.
الباشا : حسن مجاش لسه من المدرسة، ويعني محمود عامل لي صاحب ذوق قوي، وموش راضي يدخل على طول. طيب قوله يشرف (يخرج الأغا).
عزيزة : محمود جدع طيب صحيح.
الباشا : على الأقل أحسن من زفت الطين إبن أخويه أمين اللي ما يفهمش في الزهريات والأواني.

المشهد الرابع

(المذكوران محمود ثم مرجريت ثم حسن)
محمود (يدخل) : السلام عليكم (يقبل يد الباشا وعزيزة هانم).
الباشا : وعليكم السلام. أهلًا وسهلًا.
عزيزة : إزاي صحة نينتك؟
محمود : بخير والحمد لله … حسن لسه ماجاش؟
عزيزة : لسة يا ابني. دلوقتي يجي.
الباشا : وإيه اللي معاك ده ياسي محمود؟
محمود : كتاب تاريخ نابليون …
الباشا : نابليون؟ (يتناول الكتاب).
محمود : أيوه جبته عشان حسن.

(مرجريت تأتي فترى الحاضرين فتتراجع فتناديها السيدة قائلة.)

عزيزة : تعالي يا مرجريت تعالي. عاوزاني في حاجه؟ (تدخل).
مرجريت : أيوه يا ستي (تأتي وتكلم سيدتها في أذنها فتقول عزيزة لمحمود) عن إذنك يا محمود بك جوني ستات.
محمود : إتفضلي يا خالتي ما فيش تكليف (تخرج عزيزة هانم ومرجريت).
الباشا (يكون قد انتهى من تقليب أوراق الكتاب) : يعني مافيش صور ياسي محمود؟ (يعطيه الكتاب).
محمود : معلهش يا سعادة الباشا.
الباشا : يظهر إنك مبسوط من مدرسة الحقوق؟
محمود : جدًّا.
الباشا : الحمد لله يا بني اللي دخلت مدرسة الحقوق، وإياك إن شاء الله كده تبقى قاضي عادل وكده أبَّهه خالص.
محمود : والله يا باشا أنا بدي أكون محامي.
الباشا : أبوكاتو؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا شيخ سيبك دا مين يجوزك بنته، ومع ذلك برضو أبوكاتو أحسن من حكيم.
محمود : والله يا باشا مانيش شايف وجه التفضيل.
الباشا : يا بني كل شيء بيحصل في الدنيا بالقضاء والقدر فأيه بقى فايدة الطب؟ وأنا كان ليَّه صاحب كان عنده تمان عيال سبعه جامدين زي الحديد وواحد ضعيف العقل والجسم قام ماتو السبعة وعاش التامن. قوللي بقى الطب عمل إيه وفايدته إيه؟
محمود : الطب عشان الاحتراس والتوقي. موش عشان منع الموت ده شيء في يد الله.
الباشا : سيبك يا شيخ من الأفكار دي. دي كلها كفر في كفر.
محمود (يغير الحديث) : الأواني جميله قوي.
الباشا : انت موش عاجبك كلامي والا إيه؟
محمود : العفو يا سعادة الباشا. بس الأوانى استلفتت نظري قوي.
الباشا : صحيح قوم بنا نتفرج عليها قوم (يقتربان منها). بالله شفتش زيها عند البرنسات؟ قال المخلول أمين قال يقول: إنها ماتساويش حاجه. من حق الكلام ده صحيح؟
محمود : لا يا باشا غلطان خالص.
الباشا : دامبارح يا ابنى اشتريت قاموس لسان العرب، وحطيته في أودة الضيوف، ولو إني يعني كلام في سرك ما افهمش فيه حاجه. لكن أهو جبته للزينه، واشتريت يا بني كمان «ورد الجلشاني» وحطيته جنب المخده في السرير، ومن يومها يا بني الصداع راح مني.
محمود : الحمد لله.
الباشا : سره باتع الجلشاني، وإن شاء الله ناوي أروح أزور قبره.
محمود : اتفضل يا سعادة الباشا إذا كان في عزمك النهارده.
الباشا : لا يا بني لا أقعد. موش النهارده. بقى إنت فاهم انى حروح أزوره النهارده؟ لا. دانا الليلة عازم حسن باشا رضوان عين باشوات الحكومة، وكلام في سرك. هو اللي رايح يتوسط لي عشان يُعاد انتخابي في مجلس المديرية. ما تعرفش حسن باشا رضوان؟
محمود : والله ماسبقش ليه معرفه به.
الباشا : طبعا. لأنك لسه صُغير ما تعرفش الناس أصحاب المقامات العاليه (يدخل حسن) أهو حسن جه (وبعد أن يقبل حسن يد الباشا، ويسلم على محمود) أما أسيبكم بقى وأخرج (يقبل محمود يد الباشا وهو خارج).

المشهد الخامس

(حسن – محمود)
محمود : جبت لك كتاب نابليون.
حسن (يأخذه منه) : متشكر. يا ترى تسمح لي أني أخليه عندي لآخر السنة عشان الامتحان والا …
محمود : يا سلام ياحسن. طيب وأنا محتاج له. خليه عندك يا سيدي على طول.
حسن : متشكر. لا بس لآخر السنه. إلا قوللي. ماقرتش أبيات سالم الجديدة؟
محمود : عمل قصيدة جديدة؟
حسن : يخرج من جيبه جريدة خذ واقرأ.
محمود : ونشرها في جريدة (يقرأ):
متى أنا بالغٌ منك المراما
وشافٍ في محبتك الأواما
وقاضٍ حق حبك وهو حق
له الغمرات تقتحم اقتحاما
علام هجرتني وجعلت قلبي
بنار الهجر يضطرم اضطراما
لئن زعم العزول بأن قلبي
سلاك وأنه نسي الغراما
فإني لم أزل في الحب صبًّا
أمين القلب أحتمل السقاما
وكيف أخون للأحباب عهدًا
وقد أقسمت أن أرعى الذماما
إذا … … … …
… … … … …
حسن : الباقي كله مدح. مافيش داعي اننا نصدع أسماعنا به.
محمود : دي قصيده جميلة جدًّا.
حسن : إسكت أما امبارح وأنا باقرا في ديوان البحتري وقعت على أبيات من أحسن ما يكون.
محمود : سمعها لى يا أخي.
حسن :
عن أى ثغر تبتسم
وبأي طرف تحتكم
حسن يضن بوصله
والحسن أشبه بالكرم
أفديه من ظلم الوشا
ة وإن أساء وإن ظلم
وكأن في قلبي الذي
في ناظريك من السقم
يهنيك أنك لم تذق
شهدًا وإني لم أنم
محمود : وانت يا صاحبي ما عملتش حاجه جديدة؟
حسن : بعض أبيات.
محمود : ومستنى إيه يا أخى سمعها لي اعمل معروف.
حسن :
حياتي هي الحب والحب ديني
وللحب قضَّيت عمري شقيا
أماني في الحب شيء كثير
وما نلت يا قوم في الحب شيئا
عذابي كبير ولولا عذابي
لما كنت صبًّا عفيفًا نقيا
ولي في الهوى عفة لا تجارى
ونفس ترى الموت حلوًا هنيا
ففيم الملامة يا من يلوم
ولولا الغرام لما كنت حيا
محمود : أهنيك يا أخي. لكن بقى تسمحش لى بسؤال صغير؟
حسن : إتفضل.
محمود : يعنى زمان كنت ما بتسمعناش إلَّا أشعار في الفخر والحماسة وكنت ما تحودش على الغزل أبدًا، ودلوقت شايف المسألة انعكست. ما تقول لي السبب إيه يا أخي! تكونش مغرم والا حاجه؟
حسن : أعوذ بالله يا شيخ. مغرم إيه وبتاع إيه.
محمود : هو الحب حرام ياسي حسن؟
حسن : لا، ولكن ما بحبش.
محمود : أقول لك ياعم. بتحب واللا مابتحبش أهو كله واحد (ينظر في ساعته يهم واقفًا) أما أقوم بقى أحسن الساعة بقت أربعة ونصف.
حسن : لسه بدري يا سيدي.
محمود : أقول لك راح أقعد شوية لحد ما أقول لك حكايه غريبه حصلت عندنا في المدرسة.
حسن : إيه هيه؟
محمود : واحد تلميذ انتحر.
حسن : انتحر؟ يا شيخ ما تقولش كده.
محمود : لأ. انتحر صحيح.
حسن : وليه؟
محمود : كان بيحب بنت فقيره مارضيش أبوه يجوزهاله قام المغفل يقوم يموت روحه. بالله عليك موش مغفل.
حسن : مغفل إزاي يا شيخ. ده مات شهيد.
محمود : سيبك يا شيخ دا الحب جنون في جنون.
حسن : ما تقولش كده يا محمود.
محمود : وليه؟
حسن : علشان …
محمود : علشان انك تحب. أديك وقعت يا بطل، والحكايه اللى قلتها لك كدب في كدب.
حسن : يا سلام عليك يا محمود.
محمود : انت تعرف ياحسن اني أحبك كتير، وأحب لك الخير، وأحب من صميم قلبي إنك ماتقعش واقعه ماتعرفش تقوم منها. أنا عارف أبوك كويس فحاسب يا صاحبي.
حسن : والله يا أخي أنا موش سائل.
محمود : ماتقولش بس كده.
حسن : وأقول أكتر من كده كمان. حد عارف الظروف؟ ما تقول لي أعمل إيه يا أخى …
محمود : طيب قول لي بتحب مين؟

(حسن يسكت.)

محمود : مين بالذمه.
حسن : واحده عايشه معايه في البيت.
محمود : مرجريت موش كده؟ (حسن يحني رأسه علامة الموافقة) حاسب يا حسن. حاسب ليجي عليك يوم تفتح فيه عنيك، وتعرف إن الحب ده له وقت مخصوص بعد ما يفرغ الواحد منه ما يعرفش يعمل إيه؟
حسن : يبقى ربنا يفرجها.
محمود : انت نسيت ان كل حب له أجل محدود.
حسن : والله يا محمود أنا مادفعنيش لحب مرجريت الا البؤس اللي انا عايش فيه. أديك شايف وعارف اللي بيعمله أبويه فيَّ. يعني لو ما كنش بيعذبني العذاب ده كله، والا كان بيحن ويشفق عليَّ شوية كنت لا حبيت ولا نظرت أي نظره لمرجريت ولا خلافها. أعمل إيه يا أخي ما حدش بيحن عليَّ في البيت ده غيرها. أعمل إيه إذا كانت هي الوحيده اللي شايفها قدامي.
محمود : أنا ح سيبك دلوقتي لكن عاوز انك تتأنى وتفكر. هيه. نهارك سعيد.
حسن : لسه بدري.
محمود : لا. لازم أخرج. يدوبك أحصل صاحبي في البيت.
حسن (يسير معه الى الباب) : مع السلامه.
محمود : بالله تستني. لأ خليك.
حسن : ما يصحش.
محمود : يا سيدي، مافيش تكليف (يخرج).
حسن (يذهب بجوار المكتب، ويجلس، ويفتح كتاب ويقرأ فيه. تأتي مرجريت من ورائه، وتضع يدها على عينيه) : مين ده؟ الله مين ده؟ بلاش هزار بقى. أوه. أوه (تضع يديها على فمه. فلما يراها يقف ويقبلها) انت؟ إنت يا حبيبتي.

المشهد السادس

(حسن – مرجريت)
مرجريت : جيت أشوفك. إيه الكتاب ده؟
حسن : رواية غصن البان.
مرجريت : غصن البان؟
حسن : دي رواية من تأليف لامرتين. إسمها في الأصل جرازيلا.
مرجريت : وحكايتها إيه يعني؟
حسن : دي واحده حبت لامرتين، وقضت الظروف عليهم بالفراق ومسكينه ماتت شهيدة حبها.

(مرجريت تتنهد.)

حسن : بتتنهدي ليه يا مرجريت؟
مرجريت : صعبت عليه البنت عشان حالها يشبه حالي. بقى مانتش عارف إنه حيجى يوم من الأيام تتجوز فيه يا حسن.
حسن : يستحيل. يستحيل إني أسيبك. سامعه يستحيل.
مرجريت : حد عارف.
حسن : ليه يا مرجريت؟ إنت شايفاني يعني وش خيانه؟
مرجريت : لا يا حبيبي. بقى يا حسن لما بكره تبقى كده الكل في الكل رايح تفتكر فيه؟
حسن : عمري ما أنساك يا مرجريت (يقبلها) تعرفي أناجبت لك هديه جديده.
مرجريت : أنامش عاوزه لا هديه ولا غيرها إنت حيلتك حاجه يا حسن دلوقتي.
حسن : إنت فاهمه إن الهديه دي كلفتني حاجه كبيره. أبدًا حوشت ريال كل شهر لحد ما اشتريتها لك.
مرجريت : وإيه هيَّ؟
حسن : حذري.
مرجريت : حلق؟
حسن : لا.
مرجريت : دبوس؟
حسن : لا.
مرجريت (تضع يدها على أصبعها) : خاتم؟
حسن : ولا ده كمان.
مرجريت : إيه أمال؟
حسن : عقد.
مرجريت : حلو خالص. تسلم إيدك واشتريته بكام؟
حسن : بخمسين قرش.
مرجريت (تلبسه) : جميل قوي (تخلعه) أما أعينه أحسن حد يشوفه.
حسن : وخصوصًا الوالد ياستي.
مرجريت : مين اللى جي دلوقتي؟ (يستمعان صوت أوتوموبيل).
حسن : أمين من غير شك (ينظر من النافذه) هوه بعينه. أهو طلع على السلالم.
مرجريت : أما أروح أحضر لكم كبايتين شربات.
حسن : قوام.
مرجريت : أوع تسمع كلامه. ده واد فلاتي.
حسن : ماتخافيش (تخرج من الباب اليمين. يدخل أمين من الوسط).

المشهد السابع

(حسن – أمين ثم مرجريت)
أمين (داخلًا حزينا) : سلامات ياسي حسن.
حسن : سلامات يا أخي.
أمين : عزيني ياسيدي. إمبارح خسرت خمسين جنيه في التيرو.
حسن : خمسين. مرة واحده!
أمين : صحيح المبلغ جسيم. لكن الواحد لازم يعزي روحه.
حسن : أيوه يا أخي لكن لازم تدبر روحك.
أمين : بكره تدبر يا أبو علي. إسمع. أنا جيت لك من مدة ساعة ولا لقيتكش قمت رجعت تاني. لأن فيه مسأله ضروريه قوي عاوز أحكيلك عليها.
حسن : أنا في الخدمة يا أمين.
أمين : المسأله تتعلق بأحدى معشوقاتي «إيفون» اللي قاعده في رقبتي لحد دلوقت ومش عارف إزاي باحبها يا أخي مش فاهم إزاي. دى مسألة يظهر إنها عويصه خالص.
حسن : عويصه قوي وبعدين؟
أمين : وبعدين مافيش حاجه … طردتني من بيتها النهارده.
حسن : يا خبر، والسبب؟
أمين : والسبب إني كنت قابلت في السكه بنت ماقولشي يعني إنها جميله. لكن فيها جازبية تجزب الواحد مدة أربعة وعشرين ساعة بس. قمت مشيت وراها بس، وبعدين شافني واحد طالع من عندها. قام راح بسلامته وقال لإيفون وعليه حكمت علي بالطرد. مش مصيبه.
حسن : مصيبه كبيره قوي، وعاوزني يعني أعمل إيه؟
أمين : ما هو يعني حلفت لها إني كنت معاك في الساعه المعهودة قامت قلت لازم تجيب لي. (تدخل مرجريت حاملة أواني الشربات) أيوه قام قال لي لازم تجيب لي ابن عمك عشان يحلف لي إن الكتاب عنده (مرجريت تعطيهما كوبات الشربات)، (لمرجريت) كيف الكيف يامدموازيل مرجريت؟
مرجريت : بخير.
أمين : الصحة مش تمام؟
مرجريت : تمام.
أمين : والخفقان زال؟
حسن : يا أخينا! (يعطيانها كوبتا الشربات وتخرج).
أمين : نسيت أسألك. إزاي أحوال حبك يا أخي؟
حسن : بلاش هزار بقى.
أمين : على إيه ياخويه. شفت بعيني ماحدش قال لي.
حسن : وبعدين؟
أمين : ولا قابلين. يعني بس أديك بقى لك شهر وانت متمتع خالص، بدي أعرف بس لحد أي نقطه وصلت؟
حسن : كمل حكايتك أحسن.
أمين : عندك حق. بس يعني عاوزك تيجي معاى، وتحلف لها إني كنت معاك في الساعة اللي شافني فيها العزول مع البنت دوكها.
حسن : إستناني بكره بالأوتوموبيل عند المدرسة، وأنا أروح معاك. لكن لا يا عم خايف أبوي يسمع.
أمين : إعمل معروف ياحسن.
حسن : وانت كمان إعمل معروف ياسي أمين!
أمين : أديك دقت نار الحب يا خويا إعمل معروف، ويمكن يا أخي تلاقي عند إيفون وظاويظ تانيه يغنوك عن الخدامة دي.
حسن : لا يا أمين. حاكم الهزار لما يتعدى حدوده يبقى تقيل قوي (يبتعد عنه).
أمين (يسكت قليلًا) : عندك حق.
(حسن لا يرد.)
أمين : سامحنى يا حسن.
حسن : الله يسامحك يا سيدي.
أمين : إعمل معروف وحياة راس أبوك.
حسن : لا. لا. إحلف براس واحد تاني أحسن.
أمين : طيب وحياة راسي أنا. ماتخيبش رجاي.
حسن : على شرطين؛ الأول: إن أبوي مايسمعش، والتاني: إنك ماترجعش لهزارك البارد.
أمين : أبدًا تبت لوجه الله. متشكر يا أخي متشكر (يهم واقفًا) بكره الساعة ٤ حاكون بالأتوموبيل قدام المدرسة. أورفوار.
حسن : أورفوار (يخرج أمين من باب الوسط، وتدخل مرجريت من باب اليمين).
مرجريت : دهده. خرج أمين بيك والا إيه؟
حسن : في داهية يا ستي.
مرجريت : صحيح؟
حسن : وقصدك إيه؟
مرجريت : القصد تعرفو مدموازيل إيفون.
حسن : ديهده؟ إنت سمعت اللي كنا بنقوله.
مرجريت : كنت واقفه ورى الباب وسمعت كل حاجة. ياللا يا أخي روح عند مدموازيل إيفون إللي حاتغنيك عن الخدامه دي.
حسن : وهو انا سكت له لما قال كده؟
مرجريت : لكن رضيت انك تروح معاه.
حسن : عشان أأدي له خدمه.
مرجريت : أما خدمة شريفة قوي.
حسن : انت عاوزه تجرحي إحساسي والا إيه؟
مرجريت (غاضبة) : بس أسكت بقى. أسكت.
حسن : ايوه اسكتي إنت هو أنا عملت حاجه. لا الحق أنا ما اسمحش لك إنك تكلميني كده أبدًا.
مرجريت : طيب (بصوت متهدج).
حسن : شيء غريب! أما شيء الواحد ما يقدرش يتحمله صحيح.
مرجريت (بصوت أكثر تهدجًا) : طيب.
حسن : والا يا ترى عاوزة تكوني مستبد!
مرجريت (بصوت كله بكاء ثم تبكي مرة واحده) : طيب طيب.
حسن : ما عندكيش إلا العياط … تعالي. تعالي. (يقترب منها).
مرجريت : أوعه كده. أوعه.
حسن (بلطف) : الحق عليك يا مرجريت.
مرجريت : كتر خيرك.
حسن : طيب الحق عليَّ (يمسك يديها) تعالي (يجلس على الطاولة) تعالي إقعدي جنبي.
مرجريت : إوعدني قبله إنك ماتروحش بكره عند إيفون.
حسن : ابدًا والله أبدًا تعالي بقى (تجلس على الطاولة) ابتسمي بقى (تبتسم) أيوه كده (يطبطب عليها) هاتي بوسه (يهم بتقبيلها فيدخل والده).

المشهد الثامن

(حسن – مرجريت – الباشا ثم فيروز أغا)
الباشا : ماشاء الله. ما شاء الله. بتعمل إيه ياسي حسن؟ والله طيب ياخويه (مرجريت تهم بالخروج) إستني هنا استني.
حسن : أرجوك يا أبويا.
الباشا : وكمان عاوز تكلم بعد اللي شفته بعيني.
حسن : إعمل فيَّ اللي إنت عاوزه أما هي مظلومه.
الباشا : سبحان الله في طبعك ياسي حسن. أما ولد قليل الحيا. إزاي يا واد تحب خدامه وتبوسها؟
حسن : عشان إنت اللي دفعتني.
الباشا : أنا يا ناس!
حسن : معلوم انت. حد كان أجبرك على إنك تعاملني المعاملة السيئة دي. حد كان أجبرك على إنك ما تخليش لى حبيب في البيت ده. حد كان أجبرك على إنك تجيب في بيتك خدامة تكبر وتحن عليَّ؟ إنت السبب. معلوم إنت السبب.
الباشا : آه يا قليل الحيا والأدب، والله لازم أضربها قدامك (يهم بضربها. يعترضه حسن).
حسن : مستحيل.
الباشا : وبتقول كده كمان. طيب خد والله لأضربك.

(تدخل عزيزة هانم من باب الوسط.)

عزيزة : يا باشا. يا باشا. ده ابنك.
الباشا : لازم أضربه.
عزيزة : حرام عليك يا باشا. إنت ما فيش في قلبك رحمة؟
الباشا : بقى الولد المفعوص ده أدخل ألاقيه عمال يبوس البنت دي، وكمان لما أكلمه يجحم لي، والله العظيم لأضربه.
عزيزة : اعمل معروف يا باشا. أبوس رجليك (لمرجريت) ياللا يا بنتي ياللا اخرجي. لمي هدومك وكفاية اللى حصل بقى.
حسن : حتطردوها. مستحيل أقعد أنا كمان.
الباشا : توفر يا خويا. لكن استنى، والله العظيم لأضربه (يهجم نحو حسن).
عزيزة (تمنعه) : وحياة راسك يا باشا تسكت (لحسن) حسن أبوس إيديك يا بني تسكت (لمرجريت) ياللا يا مرجريت.
مرجريت : حاضر يا ستي (تخرج وهي تبكي).
عزيزة : ياللا بنا يا باشا في الأوده دي.
الباشا : يستحيل أخرج قبل ما أديله كم قلم على اصداغه. تعالى يا واد هنا.
عزيزة : يا باشا اعمل معروف.
الباشا : ماانتش راضي تيجي؟ طيب استنى (يهجم عليه) والله لأضربه.
الأغا (يدخل) : حسن باشا رضوان جيت.
الباشا (وكأنه نسي كل شيء) : حسن باشا رضوان جه. عين بشوات الحكومة جه. فين الردنجوت؟
عزيزة : في أودة اللبس.
الباشا : مجلس المديرية. حسن باشا رضوان. الردنجوت. فين الردنجوت؟
عزيزة : في أودة اللبس ياللا بنا.
الباشا (يهرع نحو باب اليمين صائحًا) : الردنجوت. الردنجوت. مجلس المديرية. حسن باشا رضوان (يخرج وعزيزة من باب الشمال).

(حسن يجلس على كرسي يستسلم لأفكاره. تدخل مرجريت من الباب اليسار، وتناديه بصوت خافت.)

مرجريت : حسن.
حسن : مرجريت.
مرجريت : هس. اتكلم بشويش. أنا جيه أودعك.
حسن : آه …
مرجريت : آخر بوسه يا حسن (يقبلها ثم تهم بالخروج وعند وصولها إلى الباب تلتفت إليه، ويلتفت إليها فينهضان لبعضهما ويتعانقان، ثم تهرب من بين ذراعيه نحو الباب، وتخرج فيرتمي حسن على كرسي مجهشًا بالبكاء).
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤