إيضاح

لقد رأيتُ عند إصدار هذه الطبعة الجديدة من كتاب «النَّقد المنهجي عند العرب» أن أُضيفَ إليه كتاب «منهج البحث في اللغة والأدب»، الذي كنتُ قد ترجَمْتُه إلى اللغة العربية منذ سنين عن الأستاذَين العالَميَّين لانسون وماييه، ونشرَتْه لأول مرة «دار العلم للملايين» ببيروت سنة ١٩٤٦.

وأسبابُ جمع هذين الكتابَين في مجلدٍ واحد متعددة؛ منها الشكليُّ ومنها الموضوعيُّ الجوهري.

أما الأسباب الشكلية، فترجع إلى أن طبعة بيروت من كتاب «منهج البحث في اللغة والأدب» لم يكن من السهل العثورُ عليها دائمًا في القاهرة، كما أنها نَفِدَت منذ أمدٍ طويل، وأنا حريصٌ على أن يكون الكتابان معًا في متناول يدِ الباحثين والدارسين من أساتذة الجامعات والمعاهد العليا، وطلابها، وجميع المشتغِلين بشئون الأدب واللغة، ولم يكن من الميسور إعادةُ طبع الكتابَين معًا دائمًا.

وأما الأسباب الموضوعية الجوهرية، فترجع إلى اعتقادي الراسخِ بضرورة استفادتنا من تجارِب الغير، ومن التقدم المنهجيِّ الكبير الذي أحرزه الباحثون الأوروبيون في مجال الأدب واللغة، وعندي أن هذه الاستفادة لن تكون صحيحةً وسليمة وعميقة واعية إلا بعد دراسةِ تُراثنا العربي القديم في الأدب والنقد، وعلومِ البلاغة المختلفة؛ حتى تقومَ استفادتنا على أساسٍ من المعرفة بنواحي تلك الاستفادة؛ استكمالًا لما يَنقُصنا. والجمعُ بين كتاب «النقد المنهجي عند العرب» و«منهج البحث في اللغة والأدب» أرجو أن يُحقق ما هدفتُ إليه، وما أوضحتُه في الأسطر السابقة.

هذا، ولقد حرَصتُ على أن أحتفظ لكلٍّ من الكتابَين بوضعِه الذي كرَّسه الزمنُ دون أي تغييرٍ يمكن أن يكون قد طرَأ مع الزمن على نظرتي الخاصةِ للأدب والفن واللغة؛ وذلك بحكم أن هذين الكتابَين يُمثلان مرحلةً محددة في حياتي العلمية، ومن الممكن أن يُتابع مَن يشاء ما طرأ على آرائي من تطورٍ في مؤلفاتي الأخرى، التي حرَصتُ على تحريرِ ثَبتٍ بها في الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب، مع العلم بأنني لم أتنكَّر قطُّ لأيٍّ من آرائي الكبيرة في الأدب والنقد واللغة ومنهج البحث فيها؛ فهي لا تزال في اعتقادي قائمةً وصحيحة لا تَناقُض بينها وبين ما انتهيتُ إليه من آراء في السنينَ اللاحقةِ على تلك المرحلة.

محمد مندور

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤