فصل تمهيدي

مقدمة

المشهد الأول

في غرفة الدكتور غراي (الدكتور غراي – أنَّا غراي زوجته)

(الوقت ظلام.)

(الدكتور جالس أمام مائدة عليها مصباح ودفاتر وأوراق وهو يستعد للكتابة وزوجته واقفة بجانبه يُسراها على كتفه وبيمينها مصباح.)

الدكتور : جودنيت أنَّا. فإني لاحق بك بعد حين.
أنَّا : كم قد قلت لي هذا القول ثم بقيت ساهرًا أمام هذا المصباح إلى قرب الصباح؟ رفقًا بصحتك يا چون واذكر أنك الطبيب الوحيد في هذه القرية فإذا أصابك مرض فمن يطببك ولا طبيب هنا سواك.
الدكتور : جودنيت أنَّا.
أنَّا : تعني أن حضوري ثقيل عليك وكلامي غير مقبول لديك؟ فالأمر لك إذًا. أنا ذاهبة عنك ألا تريد شيئًا؟ (تهم بالذهاب).
الدكتور : كلا. جودنيت.
أنَّا (ملتفتة إليه) : إكرامًا لخاطري ضع نظارتك على الأقل لئلا تؤذي المطالعة بصرك.
الدكتور : سأضعها.
أنَّا : ثنك يو، وحيات عيني لا تطل سهرك. الآن جودنيت.
الدكتور : جودنيت.

(تخرج أنَّا فيقصد الدكتور المكتبة ويأخذ منها مجلدين ويضعهما على المائدة ويشرع في المطالعة وبعد هنيهة تسمع ضجة تحت النافذة من الخارج.)

المشهد الثاني

الدكتور – عربجي – روبرتس
روبرتس (من خارج المرسح) : عربجي، انزل واقرع هذه النافذة.
عربجي : أمرك يا سيدي (العربجي يقرع نافذة الدكتور قرعًا) هو. هو.
الدكتور (مسرعًا إلى فتح النافذة) : ماذا تريد يا بني؟
روبرتس (بلهفة من الخارج) : أين منزل طبيب القرية يا سيدي؟
الدكتور : هنا. فما حاجتك؟
روبرتس : ما أخطأ من هدانا إليه، وأين الطبيب صاحب المنزل؟
الدكتور : هو أمامك. فماذا تريد؟
روبرتس : أريد أن تتفضل بفتح الباب يا سيدي لأننا في حاجة إليك.
الدكتور : أهلًا بك، ولكن انتظر قليلًا.

(يذهب الدكتور ويفتح الباب فيدخل رجل مستور الوجه بوجه صناعي من الأوجه التي يستعملونها في المساخر.)

المشهد الثالث

الدكتور – روبرتس
الدكتور (متراجعًا إلى الوراء) : ما هذا؟
روبرتس : أنصت ولا تخشَ شرًّا.
الدكتور : ولكن …
روبرتس : علام الاستدراك أيها الدكتور، أفتكره مساعدة المتألمين إذا لم تعرف وجوههم.
الدكتور : معاذ الله.
روبرتس : وإذا أرادوا إخفاء أسمائهم كوجوههم.
الدكتور : سيان عندي في صناعتي عرفت وجه الرجل الذي أعالجه أم لم أعرفه إلا …
روبرتس (قاطعًا حديثه) : لا تخف يا سيدي فلا دخل للسياسة في أمرنا. وأقسم لك بالله على صدق هذا القول. وإنما في المركبة خارجًا شخص على شفا الموت. فهل تأذن بإدخاله؟
الدكتور : على الرأس والعين.
روبرتس : ألف شكر لك أيها الدكتور الفاضل. أأنت متزوج أم عازب؟
الدكتور : علام هذا السؤال؟
روبرتس : لأسألك إذا كانت امرأتك لطيفة وفاضلة مثلك.
الدكتور : مُر ما تشاء.
روبرتس : تفضل وادعها لتحضر فإن الشخص المفتقر إلى مساعدتك مفتقر أيضًا إلى مساعدتها لأنه من جنسها.
الدكتور : وهل هو امرأة …؟
روبرتس : نعم امرأة، ولكن آه، إنها ملاك في صورة إنسان، حياتي منوطة بحياتها يا دكتور، فإذا أنقذتها أنقذت نفسين في آن واحد. ألا تدعو امرأتك …؟
الدكتور : سأدعوها الساعة.
روبرتس : سيدي (يضع كيس نقود على المائدة) ليس هذا من قبيل الجزاء فإن كل ما في خزانة الملك چورج لا يكافئك على جميل صنعك، ولكنه من قبيل معرفة الجميل.
عربجي (داخلًا مسرعًا) : سيدي إن السيدة تناديك بإلحاح.
روبرتس (بلهفة) : ها أنا ذا (ويخرج مسرعًا).
الدكتور (قارعًا باب غرفة امرأته) : أنَّا. أنَّا.
أنَّا (من غرفتها) : ما هذه الحركة والضوضاء.
الدكتور : أتانا زائرون يا أنَّا فأسرعي إلى هنا.

المشهد الرابع

الدكتور – أنَّا – روبرتس

(تدخل أنَّا من غرفتها وروبرتس يدخل من الخارج حاملًا كارولين بين يديه.)

أنَّا (مذعورة من لثام روبرتس) : آه ما هذا؟
الدكتور : لا تخافي.
روبرتس (لكارولين بعد أن يضعها على المقعد) : ألا تزالين تتألمين.
كارولين (متململة وملتوية كامرأة على وشك الولادة) : آه. آه … ما أشد آلامي.
روبرتس : ويلاه، دكتور.

(يقترب الدكتور منها ويجس نبضها.)

الدكتور : هذه السيدة حامل يا سيدي وهي على وشك الولادة.
روبرتس : إذًا نحن لا نستطيع السفر.
الدكتور : هذا أمر مستحيل (في خلال ذلك تبقى كارولين متوجعة).
كارولين (تخاطب أنَّا) : آه، ألا تعتنين بي يا سيدتي؟
أنَّا (آخذة بيدها) : اعتنائي بأختي أيتها الحبيبة.
كارولين : آه، ما أطيب قلبك (تسند رأسها على يديها) وما أشد عذابي.
الدكتور : أنَّا، أخلي للسيدة غرفتك (تخرج أنَّا).
روبرتس : وأنا أهتم بالخيل والمركبة (يهم بالخروج فتمسك كارولين به).
كارولين : لا تذهب فإن فرائصي ترتعد إذا غبت عني دقيقة واحدة.
روبرتس : ولكن لا بد يا عزيزتي من إفراغ الأمتعة هنا وإخفاء المركبة والخيل.
كارولين (متوجعة دائمًا) : لا لا فإنني لا أطيق فراقك.
روبرتس : دكتور … عفوًا … إني أخجل من تكليفك بهذا الأمر.
الدكتور : على الرأس والعين يا سيدي.

(يخرج الدكتور لتدبير الخيل والمركبة.)

كارولين (متألمة دائمًا) : يظهر أنهم قوم كرام.
روبرتس : نعم. ولكن لماذا وقفنا في هذا المكان بعد أن كدنا نفوز بالوصول إلى الميناء حيث أعددنا كل وسائل الهرب.
كارولين : آه من هذا الألم الذي أصابني، ولكن لماذا لا ترفع نقابك عن وجهك يا روبرتس.
روبرتس : أخاف أن يكون أحد من أهل المنزل قد رآني في لندن يومًا من الأيام.
كارولين : وهل كنت ذا شهرة عظيمة فيها.
روبرتس (مخفيًا اضطرابه) : نعم … دعينا من هذا الموضوع الآن.
كارولين : وأبي؟
روبرتس : آه من أبيك.
كارولين : لا تسئ الظن به لأنه يحبني، ولكن ما الذي منعك من مقابلته وخطبتي إليه، آه، آه … ما أشد آلامي.

(يدخل الدكتور من الباب الخارجي ويستمر سائرًا نحو غرفة أنَّا فيناديه روبرتس.)

روبرتس : دكتور … اسمع صراخها.
الدكتور : أنا راجع كلمح البصر.
كارولين (ملتوية دائمًا) : آه، وإن لحق بنا أبي؟
روبرتس : هذا الذي يرعبني.
كارولين (بقوة وحدة) : روبرتس إذا وقعت عيني على أبي قبل أن أصير حليلتك مِتُّ من الخجل والعار.

(يدخل الدكتور وأنَّا.)

روبرتس : هذا الدكتور.
الدكتور : لقد أعددنا كل شيء.

(يستندان كارولين فتمشي بينهما متثاقلة أما روبرتس فيحاول التخلص منها.)

كارولين : إلى أين؟ قلت لك لا أستطيع فراقك.
روبرتس : ولكن لا بد يا عزيزتي من افتقادِ السائق والمركبة، حتى إذا كان أبوكي لاحقًا بنا لم يهتدِ إلينا … ها، هذا صوت مركبة.

(يطل روبرتس من النافذة فلا يرى شيئًا.)

الظلام شديد السواد خارجًا، تجلدي واصبري يا كارولين فإني عائد بعد حين.
كارولين : آه لا تطل غيابك فإني أخشى أن أموت دون أن أراك.

(تخرج كارولين مع الدكتور ويخرج روبرتس لافتقاد السائق والمركبة.)

أنَّا : لماذا يستر هذا الرجل وجهه بهذا الوجه الصناعي، لا ريب أنه من أكابر لندن ويخشى أن يعرفه أحد عندنا. أما امرأته فإنها الآن مستقبلة أشد آلام الحياة وأعظم مسراتها. وأي ألم أشد من ألم الوضع وأية لذة أعظم من لذة البنين؟ فليحفظ الله صغيرها القادم، دعاء تعيسة أحرمتها الطبيعة هذه اللذة الطاهرة.
روبرتس (عائدًا) : سيدتي.
أنَّا : سيدي.
روبرتس : هل تتفضلين بذكر اسمك.
أنَّا : أنَّا غراي.
روبرتس : مسس غراي لا يخيفك هذا اللثام فإنه يستر وجه رجل كريم.
أنَّا : أنا أعتقد ذلك يا سيدي.
روبرتس : فاسمحي لي أن أسألك نعمة كنت على عزم التماسها من حضرة قرينك.
أنَّا : مر بما تريد يا سيدي.
روبرتس : نحن الآن بين أمرين أيتها السيدة … إما السفر بعد الولادة وإما الإقامة إلى حين الشفاء التام.
أنَّا : السفر وهل تفتكر بالسفر والسيدة في هذه الحالة، لا معاذ الله أن أدعك تسير بها إلا بعد الشفاء التام.
روبرتس : لا أجد كلامًا يعرب عن شكري لك أيتها السيدة ولكن سواء أقمنا أو رحلنا فإننا لا نستطيع أخذ الولد القادم معنا.

(تصرخ كارولين صراخ الألم من الداخل.)

روبرتس : آه هذا صوتها.
أنَّا : لا تخف كمل حديثك. ماذا كنت تقول.
روبرتس : كنت أقول إننا لا نستطيع أخذ الولد معنا خوفًا على حياته فهل ترضين أيتها السيدة الفاضلة أن تحتضنيه إلى أجل … وتسهيلًا لذلك نرسل لكم في كل عام أربعة أكياس كهذا الكيس (مشيرًا إلى الكيس الذي كان قد وضعه على الطاولة للدكتور) لتنفقوها على تربيته. فهل فيها الكفاية …؟
أنَّا : فوق الكفاية يا سيدي وسأكون للصغير أمًّا ثانية، فإنني فقدت ابني منذ زمن (متنهدة) وأحَب شيء إلي العناية بالأولاد فكن مستريح الخاطر يا سيدي.
روبرتس : مثلك فلتكن النساء أيتها السيدة الفاضلة.
أنَّا : ولكن اسمح لي أن أسألك ما هو الاسم الذي تريد أن يسمى الولد به؟
روبرتس : إذا كان غلامًا فشارل وإذا كان ابنة فكارولين.
أنَّا : هذا الاسم … واللقب …؟
روبرتس : ما اسم هذه القرية …؟
أنَّا : قرية «دار لنكتون».
روبرتس : إذًا تسمينه شارل أو كارولين دار.

(يسمع صراخ كارولين من الداخل.)

ها. هذا صوتها مسس غراي. مسس غراي إني أكاد أفقد عقلي عند ذكر عذابها. آه إنها نزلت إلي من علو شاهق وتركت من أجلي ثروة وأهلًا ومجدًا. فهل تظنين أن هنالك خطرًا على حياتها.
كارولين (صارخة من الداخل بقوة) : روبرتس. روبرتس.
روبرتس (هائمًا على صوتها وهاجمًا للدخول) : آه ما أصابها.

(حينئذ يقابله الدكتور في الباب فيتراجع روبرتس إلى الوراء قائلًا.)

آه … سيدي، ماذا جرى.
الدكتور : برافو، برافو، بشراك غلام سمين.
روبرتس (هاجمًا عليه ليقبله) : أنقذت حياتي وحياتها. آه دعني أبكي.
الدكتور : هل الوقت وقت بكاء؟ اذهب وقبِّل امرأتك، آه.
روبرتس : أرشدني إليها.
الدكتور (يدفعه في باب غرفتها) : من هنا.

(يخرج روبرتس، ولكن لا يكاد الخروج حتى يقرع الباب الخارجي فينتبه الدكتور لذلك.)

الدكتور (لنفسه) : من الطارق في هذه الساعة.
دي سيلفا (يقرع الباب أشد من المرة الأولى من الخارج) : افتح باسم الملك وإلا كسرنا الباب ودخلنا.
الدكتور : من أنت؟
صوت آخر (من الخارج) : نحن رجال الشرطة افتح يا حضرة الدكتور ولا توقع نفسك في شر عظيم.
سيلفا (من الخارج) : علام المجاملة يا حضرة الضابط فلنكسر الباب ولندخل.
الدكتور (هاجمًا لفتح الباب) : لا، قفوا فقد فتحت لكم.

المشهد الخامس

ضابط بوليس – جنديان – دي سيلفا – الدكتور
سيلفا (داخلًا بغيظ وعنف) : أين الدكتور غراي؟
الدكتور : أنا هو.
سيلفا (آخذًا بذراعه) : لا أطلبهما إلا منك لأنهما في بيتك.
الدكتور (صارخًا وهو يتخلص منه) : هه. عد إلى رشدك تعتدي علي في وسط بيتي.
سيلفا : إذًا أجبني على سؤالي.
الدكتور : ومن أين لك أن تستنطقني؟
سيلفا : اقرأ هذا الأمر الملكي (يدفع إليه أمرًا فيقرأه جهرًا).
الدكتور : «أمر لحامل هذا الخط بإلقاء القبض على المرأة التي يعينها.»

(ثم يخاطب سيلفا.)

الظاهر أنك عظيم النفوذ والجاه حتى استطعت الحصول على أمر كهذا الأمر ضد امرأة من بلاد حرة كبلادنا.
سيلفا : هذا أمر لا يعنيك، وإنما يعنيك أن تجيب عن أسئلتي أين الرجل والمرأة اللذان دخلا الليلة إلى بيتك؟ ولا تكذب فقد تحققنا دخولهما إلى هذا المكان.
الدكتور : اضبط كلامك فما اعتدت الكذب لأكذب الآن.
سيلفا (ملقيًا بنفسه على الكرسي) : إذًا قم بواجباتك يا حضرة الضابط.
الضابط (مستنطقًا الدكتور) : دكتور غراي … هل دخل إلى منزلك في هذه الليلة رجل ملثم؟
الدكتور : نعم.
سيلفا (ناهضًا فجأة) : أين هما وإلى أين ذهبا؟
الدكتور (بهدوء) : أنا منتظر سؤالك يا حضرة الضابط.
الضابط : لا يسعني إلا أن أُعيد عليك سؤال جنابه أين هما؟
الدكتور : هما … هما … حيث هما.
سيلفا (صارخًا) : قل أين هما ولا تلجئنا إلى استعمال الشدة.
الدكتور (بحنق) : هما عندي داخلًا، فماذا تريد؟
سيلفا : ماذا أريد …؟ سأريك ماذا أريد.

(يهم للدخول إلى الداخل فيقف الدكتور في وجهه ويمنعه الدخول.)

الدكتور : قف يا رجل فإنني لا أسمح لك بالدخول.
سيلفا (بجنون) : ولكنها ابنتي، ابنتي واللئيم خدعها واختطفها.
الدكتور : ابنتك …! إذًا أسمح لك برؤيتها. ولا أسمح لك بأخذها.
سيلفا : ماذا تقول؟! حذار أيها الرجل ولا تقل قولًا يدل على عصيانك أمر الملك ورجال القانون.

(مشيرًا للأمر ولرجال البوليس.)

الدكتور (بعظمة) : أنا الآن فوق الملك والقانون في هذه المسألة ولذلك أقول لك مرة أخرى: إنك لا تأخذها وإن كنت أباها.
سيلفا : ولماذا …؟
الدكتور : لأنك إذا أخذت الفتاة الآن كنت كمن يتعمد قتلها، فإذا بقيت مصرًّا على عزمك طلبت من رجال القانون بصفتي طبيبًا أن يساعدوني لإنقاذ حياة. أنا الآن وحدي مسئول عنها أمام الله والناس.
الضابط : ما فهمنا، فصرِّح بما في ضميرك يا حضرة الدكتور.
الدكتور : إن الفتاة التي تطلبونها قد وضعت منذ بضع دقائق غلامًا.
سيلفا (بهياج زائد) : فلتكن ملونة إذا كنت صادقًا فيما قلته ولكن لا، لا إنك تكذب لتنقذها، أليس كذلك؟

المشهد السادس

المذكورون – روبرتس
روبرتس (داخلًا) : دكتور، دكتور، كارولين وابنها في حاجة إليك (ينظر أباها) إلهي …
سيلفا (يقبض روبرتس من طوقه ويجذبه إليه) : تعال أيها اللئيم.
روبرتس (منذعرًا) : المركيز …
سيلفا : ويلك أيها اللئيم … أين ابنتي؟
الدكتور : هل يحل في بيتي هذا الاعتداء أيها السادة.
سيلفا : دعني أيها الدكتور … أجب أيها السافل.
روبرتس : احذر يا سيدي وإلا خفت أن أفقد صبري.
سيلفا : وحينئذ!
روبرتس : حينئذ أنسى أنك أبو كارولين.
سيلفا : وحينئذ!
روبرتس : حينئذ يأخذ كل واحد منا حسامًا ولا يلقيه حتى يسقط أحدنا.
سيلفا : تجترئ على ذكر البراز بفمك با ابن اللئام؟ لا ريب أن هذا اللثام هو الذي جعلك جريئًا إلى هذا الحد، لقد عرفتك فاقصر يا روبرتس فيلداي.
روبرتس : ويل لي.
سيلفا : فأجبني إذًا، أين ابنتي؟
روبرتس : داخلًا.
سيلفا : خذني إليها.
روبرتس : رفقًا بها فإن منظرك يقتلها.
سيلفا : قلت لك خذني إليها.
روبرتس (بقوة وعناد) : لا يمكن.
سيلفا : بل أذهب بالرغم عنك.
روبرتس (معترضًا بقوة) : بل لا تدخل أبدًا.
سيلفا : ومن يمنعني الدخول.
روبرتس : أنا.
سيلفا : ارجع وإلا ذكرت اسمك.
روبرتس : وأنت ارجع وإلا ذكرت اسمك.
سيلفا : وإن ذكرت اسمي.
روبرتس : حينئذ يقال إن ابنة المركيز دي سيلفا هي زوجة اﻟ …
سيلفا : أنصت.
روبرتس : قلت ذلك لأنها زوجتي وحليلتي أمام الله والناس، والولد الذي وضعته الآن هو حفيدك أردت أم لم ترد.
سيلفا (هامًّا بالدخول) : هذا يزيد رغبتي في رؤيتها.
روبرتس (يسد الطريق في وجهه) : قلت لك إنه يجب أن لا تراها.
سيلفا : وإن لم أرجع … أتقتلني؟
روبرتس : أصنع كل شيء حفظًا لها.
سيلفا (صارخًا) : كارولين، كارولين.
كارولين (من الداخل) : أبتاه … أبتاه.
روبرتس : ويل لي فقد سمعت صوته.

المشهد السابع

المذكورون – كارولين

(تدخل كارولين منفوشة الشعر والثياب وعليها هيئة المرأة التي هي قائمة من الولادة فتلقي نفسها بارتجاف على أقدام أبيها.)

كارولين : أبي … أبي.
أنَّا (لاحقة بها) : ماذا تصنعين، ألا تخافين الموت.
كارولين : آه ما أحلى الموت.
روبرتس : هذا ما كنت أخشاه.
الدكتور : كن مطمئنًا فإنني لا أفارقها.
سيلفا (إلى كارولين بغضب) : انهضي.
كارولين : لا لا، دعني يا أبتي تحت قدميك، دعني أقبلهما واسحقني بهما.
سيلفا : ويلك يا شقية.
كارولين : نعم أنا شقية نعم أنا لئيمة عقوقة. أفرغ كل غضبك علي وحدي لأنه هو لا ذنب له غير منعي من إطلاعك على حبنا.

(هنا تنهضها أنَّا والدكتور ويجلسانها على كرسي.)

سيلفا : تعترفين أيضًا.
كارولين : وما المانع من الاعتراف بحب رجل كريم فاضل مثله.
سيلفا (بغضب) : هو؟
كارولين : نعم هو، نعم هو، إذ لو لم يكن فاضلًا كريمًا لما خاطر بحياته لينقذني من الغرق في نهر التيمس يوم سقطت فيه من زورقي.
سيلفا : كان موتك خيرًا من أن ينقذك هذا الرجل.
كارولين : آه، كنت أحسب أنك تحبني … وكنت أحبه في بدء الأمر حبي لمن أنقذ حياتي، ولكن رقة عواطفه ودماثة أخلاقه وشرف مبادئه أفقدتني الرشد وأوقعتني في هذا المصاب، فرحمة يا أبتاه وعفوًا …
سيلفا : لا أعفو.
كارولين : روبرتس مالك لا تتكلم … ساعدني بالالتماس والرجاء، اشرح حالنا بطلاقة لسانك فإنه متى عرف ما تقاسيه في منفاك …
سيلفا (قاطعًا حديثها) : في منفاه، ومن قال إنه منفي.
كارولين : هو الذي قال لي ذلك، ومن أجل هذا يستر وجهه دائمًا.
سيلفا : لقد خدعك أيتها الابنة الساذجة.
كارولين : هو يخدعني … معاذ الله، أجبه يا روبرتس … قل إنك ما خدعتني، ما لك لا تتكلم؟
سيلفا : أرأيت كيف أنه لا يجسر على الكلام.
كارولين : روبرتس، قل كلمة واحدة فقط.
سيلفا : كفي كفي، هيا واتبعيني.
كارولين : لا أستطيع يا أبتي.
سيلفا : أإلى هذا الحد تخافين الموت؟
كارولين : كلا، وإنما أخاف فراقه.
سيلفا : ويل لك ما أتعسك! أإلى هذا الحد تحبينه؟
كارولين : آه … أحبه حب نفسي لجسدي.
سيلفا (بغضب) : ولكن هذا الرجل حبه العار والشنار وجحيم النار! تعالي.
كارولين : آه وولدي.
الدكتور : يا لك من أم تعيسة.
سيلفا : الدكتور يربيه.
الدكتور : على الرأس والعين، وأتخذه لي ولدًا.
كاورلين (واقفة بقوة) : لا لا أفارق ولدي، إن الله يعطي الأم ولدًا لتحنوَ عليه وتربيه، لا لتهجره وترميه، فدعني آخذ ولدي.
سيلفا : هذا محال.
كارولين (بقوة) : إذًا أنا أصرخ، أنا أبكي، أنا أستغيث بكل ذي شهامة ومروءة، فيسمع كل ذي مروءة صراخي ويغيثني، (متلطفة) أبي دعني آخذ ولدي ولا تحرمني فلذة كبدي، فإني لم أهنأ بعد برؤيته وتقبيله ولم أمسسه بعد بيدي.
سيلفا (إلى رجال البوليس) : ساعدوني أيها السادة.
الدكتور (وهم يهمون بحملها) : أشفقوا عليها أيها السادة.

(يأتي روبرتس من وراء سيلفا ويضع يده على كتفه.)

روبرتس : دعوا هذه المرأة.

(كارولين تتوسط بينهم.)

كارولين : أبي أبي، حبيبي روبرتس.
سيلفا : حبيبك روبرتس؟ لقد زدت جراءة وزاد اللئيم وقاحة، تعالوا جميعًا وانظروا حبيبها روبرتس (يخطف لثامه عن وجهه) ألق هذا الوجه.
الدكتور (للذين تقدموا لينظروا) : لا لا، أيها السادة.
روبرتس (يعيد الوجه إلى وجهه الذي يكون سقط ولا يكون أحد نظر وجهه غير الجمهور) : أنصت شفقة على ابنتك.
سيلفا : لقد أصبت، يجب أن لا يعرفك أحد غيرها (يتقدم إلى كارولين) أعرفت هذا الرجل؟
كارولين (بدهشة) : كلا.
سيلفا : هو جلاد المدينة.
كارولين : آه (صارخة بأعلى صوتها ويغمى عليها وينزل الستار).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤