الفصل السادس

التوجهات التجارية الاستراتيجية في صناعة الموضة

إذا كنت لا تعمل في مجال الموضة، فلن يسمع بك أحد.

لورد تشيسترفيلد

(١) التعهيد والعولمة

التعهيد يَعني الحصول على السِّلع أو التعاقد من الباطن على تقديم خدمات من مصدر خارجي. ويُعَدُّ التعهيد من دول أجنبية، من قارة آسيا بالأساس، عرفًا تجاريًّا سائدًا في صناعة الموضة؛ وذلك لأن العمالة عادةً ما تكون أرخص وتوفير التكاليف قد يكون أكبر. ووفقًا لشام راج، المدير التنفيذي لشركة ريتش سوين تكنولوجيز التي مقرها بمدينة بنجالور، الهند؛ فإن السعر هو العامل الأساسي في قرار الشركة بالاستعانة بالتعهيد. يقول شام راج: «رغم تماثُل مستوى المهارات، يبلغ راتب مُعد الباترونات في الولايات المتحدة ٦ آلاف دولار شهريًّا؛ بينما يبلغ في الهند ٥٠٠ دولار فقط.» ورغم ذلك، يُمكن أن توجد آثار سلبية للتعهيد؛ فإحدى كبرى الفوائد للعمل مع مصنَع محلي هي أن المصمم ومسئولي التوريد والإنتاج يُمكنهم متابعة التقدم المُحرز خلال كل مرحلة من مراحل عملية التصنيع؛ مما يُمكِّنهم من تدارك أيِّ أخطاء قد تحدث على طول الطريق؛ بدلًا من الانتباه عند الانتهاء من تصنيع المنتج ويكون قد فات أوان إجراء التعديلات. عندما تتعاقد الشركة على تعهيد العمل لمصانع إنتاج خارج البلاد، فإنها بوجه عام لا تعرف إلا القليل عن ظروف العمل هناك، وربما يُساهم ذلك في استغلال العمالة القليلة الأجر في دول العالم الثالث. ومع ذلك، أَعدَّ بعض الشركات، مثل جاب، مجموعة من قواعد السلوك من أجل مُورِّديها، ويُجري موظفو الشركة لقاءات مع عمال المصانع التي يتعاملون معها ومديريها للتأكد من تطبيق هذه القواعد. وتقوم الشركة أيضًا بجولات تفتيشية على المصانع لمُراقَبة ظروف العمل. بالإضافة إلى ذلك، قد يُسفر التعهيد عن تكاليف إضافية بسبب شحن الملابس ذهابًا وإيابًا حتى الحصول على الموافَقة النهائية؛ لذا، يجب على كل شركة أن تُحلِّل نموذج العمل الذي تتبعه وتحدد أفضل طريقة بالنسبة إليها. والتعهيد لا يقتصر على جوانب الإنتاج الخاصة بدورة التصنيع؛ فبعض الشركات تتعاقد مع جهات خارجية لإنجاز جوانب خاصة بعمليات تطوير منتجها، مثل إعداد الباترونات.

تُعد العولمة طريقةً لتوفير التكاليف، وهي عملية تستعين بها الشركات للتوسُّع في عملها التجاري على نطاق دولي من خلال نقل عمليات التصنيع والإنتاج والتوزيع لديها إلى دولة أخرى. وتُقدِّم عدة دول نامية إعفاءات ضريبية وأراضي رخيصة الثمن وعمالة رخيصة لتأسيس المصانع في مناطق حرة (وهي المناطق التي قد تُنزل فيها البضائع ويُعاد تصديرها دون التدخل من هيئة الجمارك أو الخضوع للرسوم الجمركية)، ومعدَّلاتٍ إنتاجية منخفضة للعمالة، مما يجذب الشركات لنقل عملياتها إلى المستوى الدولي. ووفقًا لمنظمة العمل الدولية، أكثر من ٦٠ بالمائة من صادرات الملابس العالمية تُصنع في المناطق النامية، مثل آسيا، التي تُمثِّل ٣٢ بالمائة من الصادرات. وتُعد الصين، على وجه الخصوص، واحدة من أكبر الدول الموردة للملابس. ولقد صارت دول مثل بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا وجمهورية التشيك، مورِّدين كبار للأسواق الأوروبية. وصارت المغرب وموريشيوس وتونس ومدغشقر مُنتجين مُهمين يُصدِّرون منتجاتهم إلى الدول الصناعية. وخلال العقدَين الماضيَين، صارت ألمانيا وبلجيكا وفرنسا واليابان وهونج كونج والصين وتايوان وكوريا والولايات المتَّحدة الأمريكية كبرى الدول المُصدِّرة للمنسوجات، وصارت المكسيك والبرازيل لاعبَين رئيسيَين في إنتاج ملبوسات القدم.

(٢) المسئولية الاجتماعية للشركات

المسئولية الاجتماعية للشركات — والتي تُعرَف أيضًا باسم مسئولية الشركات والاستدامة والمواطَنة المؤسسية — تعني التزام الشركة بتعظيم أثرها الإيجابي وتقليل أثرها السلبي على المجتمع والبيئة على حدٍّ سواء. وعادةً ما تُحقِّق الشركات التي تتبنَّى التفكير القائم على مبدأ المسئولية الاجتماعية — ولا سيما إذا كان هذا عنصرًا رئيسيًّا يُميز عمل الشركة — تخفيضًا في النفقات، وزيادةً في ولاء موظَّفيها لها وحفاظها عليهم وزيادةً في عدد المُعيَّنين بها، وزيادةً في الوعي بالعلامة التجارية وولاء العميل وتحسين سُمعتها، وابتكارًا لمزيد من المنتجات والخدمات ودخول أسواق جديدة، وزيادةً في المبيعات.

تطبيق مبدأ المسئولية الاجتماعية للشركات في مجال الموضة، بقلم آمي سبرينجستيل، مديرة قسم المسئولية الاجتماعية، بمجموعة آي إن جي، الولايات المتحدة الأمريكية

تبدأ المسئولية الاجتماعية للشركات أولًا بتحليل العمليات التجارية وسياسات وممارسات سلسلة التوريد لتحديد الموضع الذي يَحدُث عنده أهم التأثيرات. ومن عند هذه النقطة، يجري تطوير الاستراتيجية وتحفيز الموظفين عبر المؤسسة لتطوير حلول من أجل تقليل الآثار السلبية. وفي النهاية، تُشرك الشركات جميع الأطراف المعنية (أي، الأفراد والمؤسسات التي لها «مصلحة» في نجاح العمل التجاري) والخبراء في تقييم الاستراتيجية والخطط المقترحة. وبمُجرَّد الموافقة عليها، تتَّخذ الشركات إجراءات لتنفيذ الخطة الخاصة بالمسئولية الاجتماعية من خلال قنوات مثل: الأعمال الخيرية الاستراتيجية، وتطوُّع الموظَّفين وتبرُّعاتهم ومشاركتهم المجتمعية، والاستدامة البيئية، ومشاركة المورِّدين، وأخلاقيات العمل، وابتكار المنتجات والخدمات. وبهذه الطريقة تستطيع الشركات التحكُّم في تأثيراتها بطُرُق تتناسب مع أهداف العمل التجاري لتخلق بذلك قيمة مشتركة للشركة والمجتمع والبيئة.

مثال توضيحي: رالف لورين

  • ماذا: وفقًا للمعلومات الواردة على موقع «جرين أوردر»، باشرت شركة رالف لورين عمليةً لفهم الأثر البيئي للشركة وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين والتي تتماشَى مع أهدافها التجارية. وأجرَت شركة جرين أوردر، وهي شركة استشارية، تقييمًا بيئيًّا وتحليلًا لدورة العمل بالشركة، وطوَّرت أربع مبادرات على نطاق الشركة بأكملها، وتعاونت مع الشركة لتنفيذ المبادرات وتقييم التقدم المُحرز.
  • لماذا: أسفرت نتيجة هذا العمل عن قيام شركة رالف لورين بتحسين إجراءات الشحن؛ ومن ثمَّ تقليل التكاليف وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة، والتفاوُض على أول تعاقُد للشركة في مجال المباني الخضراء، وتطبيق ممارسات خاصة بالعمل معنيَّة أكثر بالبيئة.

تُسجَّل النتائج في تقرير سنوي لمُتابعة المسئولية الاجتماعية للشركة، وفي حالة بعض الشركات تُسجَّل النتائج في تقرير سنوي متكامل يُلخص المسئولية الاجتماعية للشركة وأداءها وأبرز النقاط. وهذه الإجراءات؛ أي عملية تطبيق مبدأ المسئولية الاجتماعية والإفصاح العلني عنه، لها تأثيرٌ مُباشر على العوامل الثلاثة الأساسية التي تستهدفها الشركات: الأفراد، والكوكب، والأرباح (أو الأداء).

إن مفهوم المسئولية الاجتماعية مفهوم جديد بالنسبة إلى شركاتٍ كثيرة تعمل في صناعة الموضة، ولكنه بالنسبة إلى شركات أخرى — مثل شركة تمبرلاند الرائدة في تطبيق مبدأ المسئولية الاجتماعية على مدار حوالي ٤٠ عامًا — جزء من هيكلها المؤسَّسي من البداية. وخلال السنوات الأخيرة زاد لفتُ الانتباه إلى التوعية بالمسئولية الاجتماعية على نطاقٍ واسع، وحقيقة أن المؤسسات تجني من تطبيق هذا المبدأ فوائد متزايدة، وقد اكتسب هذا المبدأ مصداقيةً أكبر لدى الجميع. ويُدرك عدد متزايد من شركات الأزياء أهمية المسئولية الاجتماعية وأهمية تنفيذ برامج وحتى بناء نماذج عمل حول هذا المفهوم في إطار هيكلها المؤسسي.

على وجه التحديد، عندما تُحلِّل شركة أزياء تأثيرها على البيئة، فإنها عادةً ما تكتشف انتشار استخدام المواد الكيمائية السامة والاحتياج المفرط للمياه؛ ونظرًا لأن الموارد الطبيعية محدودة وتلويث مصادر المياه سيجعلها محدودة أكثر، فإن هذا يُمثل تحديًا عظيمًا أمام استمرارية عمل الشركة في مجال الأزياء. ووفقًا لمنظمة إيرث بليدج غير الربحية، حوالي ٨ آلاف مادة كيميائية تُستخدَم في جميع أنحاء العالم لتحويل المواد الخام إلى منسوجات. وتُصرِّح وزارة الزراعة الأمريكية بأن ربع مبيدات الآفات تستخدم في زراعة القطن المخصص بالأساس من أجل صناعة الملبوسات. وحسبما جاء في تقرير بعنوان: «الأناقة: استدامة الملابس والمنسوجات في المملكة المتحدة ما بين الحاضر والمُستقبل» الذي قدَّمه معهد التصنيع بجامعة كامبريدج، تستهلك عملية صبغ تي-شيرت واحد في المتوسط من ٤ إلى ٥ جالونات مياه، وتُصرِّف صناعة المنسوجات العالمية من ٤٠ إلى ٥٠ ألف طن من الصبغة في شبكات المياه، ويَستهلِك القطن ٢٢٫٥ بالمائة من استهلاك العالم لمبيدات الحشرات و١٠ بالمائة من مبيدات الآفات.

وتُعَد كذلك الموضة السريعة — أي حاجة تجار التجزئة إلى الإنتاج والتوفير السريعَين لصيحات الموضة العصرية بأسعار معقولة (التي تستهدف على وجه الخصوص السوق المخصصة لفئة الشباب المراهقين والأصغر سنًّا) — قضيةً بيئية تبعث على الشعور بالقلق؛ فالموضة السريعة تُخلِّف في أعقابها تلوثًا بيئيًّا؛ فعلى سبيل المثال، يُعَدُّ البوليستر واحدًا من الأقمشة الصناعية الأكثر انتشارًا والمصنوعة من البترول. وتُعَد عميلة تصنيع البوليستر وغيره من الأنسجة الصناعية عملية مستهلكة للطاقة، تتطلَّب كميات كبيرة من النفط الخام، وتُطلق انبعاثات في المسطحات المائية القريبة من المصانع، وتُعَدُّ مولِّدًا للنفايات الخطيرة عمومًا. ورغم ذلك، بدأت صناعة الموضة تعالج هذه القضايا.

ففي عام ٢٠٠٥، أطلقت منظمة إيرث بليدج مبادرة «موضة المستقبل» لتشجيع استعمال مواد وأساليب إنتاج مُتجدِّدة وقابلة لإعادة الاستخدام، ولا تسبِّب التلوث في مجال صناعة الموضة. وقدَّمت منظمة أخرى، وهي إيثيكال فاشون فورم، مجموعةً متنوعة من الأدوات والموارد لتساعد في تيسير اتجاه الصناعة نحو ممارسات مُستدامة أكثر. بالإضافة إلى ذلك، طوَّر ائتلاف مُنتِجي الملابس المستدامة مؤشرًا لقياس الأداء البيئي والاجتماعي لمنتجات الملابس وملبوسات القدم. ويُتيح هذا المؤشر للشركات أن تُحلِّل المنتجات والمباني والمواد الخام والعمليات وفقًا لعوامل تركز على التصميم والبيئة. وفي عام ٢٠١٢ أعلنَت مبادرة «الشمال: نظافة وأخلاقيات»، التي تدعمها جمعية قِطاع الموضة في دول الشمال والأمم المتحدة، إصدار أداةِ مُراقبةِ المواد الكيميائية من أجل المُصمِّمين والمشترين والمستهلكين، والتي تُبيِّن جميع المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج المنسوجات وتُتيح جداول عمل تساعد الشركات على التعاون مع المورِّدين والمصانع بغرض معالجة المحتويات الكيميائية. وعلاوةً على ذلك، أوجَدت الشراكة بين الجهتين مدوَّنةَ قواعد سلوك، والتي طُرحت أثناء قمة الموضة بكوبنهاجن التي استضافها معهد الأزياء الدنماركي؛ وهو أكبر مؤتَمر في العالم بشأن الاستدامة والمسئولية الاجتماعية للشَّرِكات العاملة في مجال الموضة والأزياء. وتَشتمِل هذه المدوَّنة لقواعد السلوك على ستة عشر مبدئًا لتوجيه الشركات لضمان تصنيعٍ مُستدام وجدير بالثقة وقائم على مبادئ أخلاقية في مجال الموضة والأزياء.

رسومات أولية لفكرة أزياء الربيع للطالبات من تصميم ريكاردو تشارلز، ٢٠٠٩.

تُعَرِّف المنظمة الدولية للمعايير مفهوم الموضة المستدامة باعتبارها «تحديد مستوى الأداء البيئي العام لمنتجٍ ما داخل إطار فئة منتجات ما؛ وذلك استنادًا إلى دورة حياة المنتج ككل بغرض المساهمة في تحسين التدابير البيئية الأساسية ودعم أنماط الاستهلاك المُستدام.» وتطور المنظمة معايير لنظام تصنيفٍ بهدف تحديد الملابس التي تَفي بالمعايير «الصديقة للبيئة».

وثمَّة عوامل كثيرة تُشكِّل عنصر الاستدامة في عملية تصنيع المنسوجات، بما في ذلك إمكانية تجديد النسيج ومصدره، وعملية تحويل الألياف إلى نسيج وظروف العمل المتاحة للعاملين في المصانع المُنتجة للمواد الخام والبصمة الكربونية للنسيج. والبصمة الكربونية للشركة هي عبارة عن إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن عمليات التصنيع الخاصة بها. وتعزو ضرورة الحد من تلك الانبعاثات إلى حقيقة أن هذه الغازات تؤثر على درجة حرارة الكرة الأرضية تأثيرًا كبيرًا، وهذا بدوره يؤثر على الطقس والظروف الطبيعية وقدرة البشر والحيوانات على الازدهار والبقاء.

لوحة تجميع للأقمشة المُعاد تدويرها والمستخدمة في عرض أزياء إيثيكل فاشون بباريس، ٢٠٠٨. الصورة بإذن من شركة تيرا إيكولوجيا.

في دول الاتحاد الأوروبي، يُلزِم قانون «تسجيل المواد الكيميائية وتقييمها وترخيصها وتقييدها» مُصنِّعي الملابس بتحديد المواد الكيميائية المستخدمة في منتجاتهم، وفي بعض الحالات، يُلزمهم القانون بإخطار عملائهم بالمواد الكيميائية المحتملة الخطورة التي قد تكون في منتجاتهم. ومثل هذه القوانين، بالإضافة إلى زيادة وعي المستهلك بخصوص أهمية المنتجات المستدامة، قد تُوفِّر بعض القوة الدافعة لتغيير الطريقة التي يتبعها المُصنعون لإنتاج الملابس.

بالإضافة إلى اتِّباع إرشادات الجمعيات العاملة في المجال ومتابعة جهودها، أحد الأساليب التي يستطيع مُصمِّمو الأزياء أن يتبعوها لدمج الموضة المستدامة في تصميماتهم هي استخدام الألياف المُعاد تدويرها أو المُعاد استخدامها؛ وهي ألياف مصنَّعة من قطع أقمشة جُمِّعت من مصانع الملابس وأُعيدت معالجتها فيما بعدُ لتصنيع أثواب من القماش وتحويلها إلى خيوط غزل ونسيج. إنَّ ألياف القِنَّب والصويا والخيزران والقطن العضوي أو المزروع بالطرق المستدامة هي أمثلة على الأنسجة التي يُمكِن تصنيفها تحت بند الألياف الصديقة للبيئة. لا تحتاج زراعة القِنَّب إلى مساحة كبيرة من التربة نظرًا لأنه ينمو بسرعة ولا يحتاج إلى مبيداتِ آفاتٍ أو مبيدات أعشاب. وتُستخرج الصويا من فول الصويا وتُعالَج باستخدام الإنزيمات بدلًا من المواد السُّمِّية. وينمو الخيزران بسرعة بالغة ولا يتطلب عناية بالغة؛ بما في ذلك عدم الحاجة إلى مبيدات الآفات أو الأسمدة. ولا يحتاج القطن العضوي إلى مبيدات آفات أو أعشاب أو حشرات أو مواد كيميائية أثناء زراعته.

ويُزرع القطن العضوي في ١٢ دولة على الأقل من مختلف أنحاء العالم، وفي عام ٢٠٠٤، بدأ متجر وول مارت — وهو أكبر متجر لبيع التَّجزئة في أمريكا — يبيع قمصان نسائية مصنوعة من القطن العضوي في متاجر سامز كلوب لديه. وفي الوقت الراهن يُشتهر متجر وول مارت باعتباره أكبر متجر في العالم يَبيع منتجات مصنوعة من القطن العضوي. وأسلوب آخر يستطيع المصممون الاستعانة به لدمج الموضة المُستدامة في تصميماتهم هو استخدام البوليمرات المصنوعة من المحاصيل الزراعية. إنَّ «الإينجو» (وهو الاسم التجاري لبوليمر نباتي تُنتجه شركة نيتشر ووركس) مصنوع من الناتج الثانوي لمحصول الذرة الذي يُحول إلى بوليمر متعدِّد حمض اللاكتيك، والذي يُحوَّل بعد ذلك إلى ألياف ثم يُحاك ويحوَّل إلى أقمشة يمكن تحويلها إلى مواد تُستخدَم في تصنيع مواد التعبئة والتغليف. وقد استعانت دار الأزياء الإيطالية فيرساتشي بهذا البوليمر في مجموعات عروض الأزياء التي تُقدِّمها، بالإضافة إلى ذلك يُقدم مصممو أزياء مثل ستيلا مكارتني وستيوارت وبراون وروجان جريجوري وغيرهم الكثيرين، أزياء تقوم على فكرة الموضة المستدامة في مجموعاتهم. ويستضيف أسبوع الموضة في بورتلاند، بولاية أوريجون، المصممين المهتمين بالموضة المستدامة في عروض الأزياء منذ عام ٢٠٠٥، وارتبطت أسماء عدد من مشاهير هوليوود مثل ناتالي بورتمان وكاميرون دياز وأليشيا سيلفرستون وجينيفر أنيستون وسلمى حايك بالترويج للموضة المستدامة.

تشتمل الأمور الأخرى المتعلقة بمفهوم المسئولية الاجتماعية على المواد المستخدمة في التعبئة والتغليف والتجارة العادلة وتوريد المواد الخام محليًّا لتقليل البصمة الكربونية الناتجة عن شحن السلع. عندما تُحلِّل الشركات العاملة في مجال الموضة الممارسات الخاصة بتسليم منتجاتها، فإنها تُلقي نظرة أيضًا على طريقة تغليف منتجات البيع بالتجزئة؛ أي الطريقة التي يتسلم بها العملاء المنتج بعد إتمام عملية الشراء. تمتلئ مدافن النفايات بأكياس المتاجر التي لا تتحلَّل وإنما تساهم في زيادة الانبعاثات الكربونية. والتجارة العادلة هي عبارة عن مفهوم يَضمن للمُزارعين والشركات الصغيرة أسعارًا عادلة لمنتجاتهم، وكذلك مبالغ إضافية يمكن استخدامها بدورها في تمويل مشاريع أخرى في المجتمع المحلي. وتوريد المواد الخام محليًّا لا يُقلِّل الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الشحن وحسب، وإنما يدعم الاقتصاديات المحلية أيضًا.

مثال توضيحي: شركة جوتشي

  • ماذا: كجزء من التزام شركة جوتشي بقضايا البيئة، أتاحت الشركة الأكياس القابلة للتحلُّل الحيوي في جميع متاجرها العالمية التي تديرها على نحو مباشر. والأكياس والصناديق، التي أجازها مجلس رعاية الغابات، مصنوعة من أشجار مزروعة في غابات مُستدامة.
  • لماذا: الأكياس والصناديق قابلة للتحلُّل الحيوي بالكامل؛ ومن ثَم لا تشغل مساحات كبيرة في مدافن النفايات. وتُوضِّح العلامات الموجودة على الأكياس هذه الحقيقة لعملاء شركة جوتشي المهتمين بقضايا البيئة أن الشركة تؤدي دورها للحد من تأثيرها على البيئة؛ ومن ثمَّ تُميِّز علامتها التجارية الشهيرة عن المنافسين.

ينشأ التأثير البيئي للشركة أيضًا من عملياتها اليومية مثل استخدام الورق وسفريات الموظَّفين وإنتاج النفايات واستهلاك المياه. بالإضافة إلى ذلك تبحث المؤسسات عن طرقٍ للتعامل مع البصمة الكربونية لمنتجاتها، ليست تلك الناجمة عن تصنيع المنتجات فقط، وإنما عن طريقة التخلُّص منها أيضًا، وهذه عادةً ما يُشار إليها بعبارة «من البداية إلى النهاية». وبالنِّسبة إلى الشركات العاملة في مجال الموضة، هذا يَعني التفكير في الطُّرق التي يُمكن بها استغلال الملابس أو الأحذية أو الإكسسوارات بمجرد أن يكتفي العميل من استخدامها؛ بحيث لا ينتهي بها الحال إلى مدفن النفايات، مضيفة بذلك إلى غازات الدفيئة المنبعثة من عملية التحلُّل.

مثال توضيحي: شركة باتاجونيا

  • ماذا: تسعى شركة باتاجونيا لتقليل تأثيرها على البيئة بنحوٍ صارم للغاية لدرجة أنها صمَّمت برنامجًا لتوعية عملائها وحثِّهم على اعتبار فكرة إعادة التدوير ملاذًا أخيرًا. والهدف من هذا البرنامج هو تشجيع عملائها على التفكير بطريقة مستدامة من خلال القيام بما يلي: أولًا: شراء ما يحتاجون إليه فقط. ثانيًا: تصليح ما يُمكن تصليحه قبل شراء شيء جديد أو التخلُّص من القديم. ثالثًا: مشاركة ومبادلة ما لديهم بالفعل. رابعًا: إعادة أي شيء قابل للتدوير يرغبون في التخلُّص منه إلى الشركة. ومن خلال بذل هذه الجهود، تتحمل شركة باتاجونيا المسئولية عن البصمة الكربونية التي تُخلِّفها منتجاتها من فكرة التصنيع (البداية) وحتى الاستخدام النهائي (النهاية).
  • لماذا: من خلال مبادرة عُرفَت باسم «مبادرة الخيوط المشتركة»، صاغت الشركة الأهداف المبدئية لمفهوم الاستدامة ووضعتها في رسائل مفيدة لجميع الأطراف. والتوجيهات التي يُقدِّمونها لا تفيد عملاء الشركة وحسب، وإنما تضع الشركة أيضًا في صورة إيجابية وتُعزِّز مبيعاتها. ووفقًا لما جاء على الموقع الإلكتروني لشركة باتاجونيا (www.patagonia.com)، هذه هي النتيجة النهائية:

(١) التقليل: إننا نصنع ملابس/مُستلزمات مفيدة تدوم لفترة طويلة.

(٢) التصليح: إننا نُساعد في إصلاح ملابس/مستلزمات شركة باتاجونيا خاصتك.

(٣) إعادة الاستخدام: إننا نجد مُستخدِمًا آخر لملابس/مستلزمات شركة باتاجونيا التي لم تعُد بحاجة إليها.

(٤) إعادة التدوير: إننا نأخذ منك ملابس/مستلزمات شركة باتاجونيا خاصتك التي بَلِيَت.

تَشتمِل المجالات الأخرى الخاصة باستراتيجية المسئولية الاجتماعية على الاستثمار المجتمعي وأخلاقيات العمل. ويشتمل الاستثمار المجتمعي على كل عمل تقوم به المؤسسة لإفادة المجتمع المحلي، مثل الدفاع عن السياسات العامة التي تُؤثِّر على كلٍّ من المجتمع والعمل التجاري، والتعاون مع الحكومات لسنِّ التشريعات ذات الصلة، والتبرع من خلال تقديم المِنَح والرعاية للمنظمات غير الرِّبحية التي تَتوافق رسالتها مع أهداف المجال أو الأهداف التجارية للشركة، وحشد الموظفين للتطوع، وجمع التبرعات من خلال حملات تبرُّع الموظفين، ودعم فعاليات جمع التبرُّعات لأغراض غير هادفة للربح. ومؤسَّسات كثيرة تحافظ على أساس مؤسسي محدد لإدارة مثل هذه الأنشطة. والأمثلة على الأعمال الخيرية ذات الصلة بالمسئولية الاجتماعية للشركات تَشتمل على حفل «ذا ميت جالا» الخيري الذي يُنظِّمه معهد الأزياء التابع لمتحف متروبوليتان للفنون بنيويورك وعرض أزياء «رانواي تو جرين» وحملة «أكوا فور لايف» التي تنظمها شركة أرماني بالتعاون مع منظمة اليونيسيف.

الشكل يُلائم الوظيفة مع حقيبة اليد كبيرة الحجم المتعددة الأغراض موديل «ديوبيري توت»، التي يمكن استخدامها على الشاطئ أو في تمرين اليوجا أو كحقيبة مُستلزمات أطفال أو حقيبة سفر. التصميم لشركة كانوبي فيردي، ٢٠١١. الصورة بإذن من شركة كانوبي فيردي.

لقد صار حفل «ذا ميت جالا» الذي ينظمه معهد الأزياء، والمعروف باسم «ذا ميت بول»، حفلًا خيريًّا للأزياء يُعقد كل عام، وتصل مبيعات المقاعد المميزة فيه إلى ٢٥٠ ألف دولار، وتشمل قائمة الضيوف مشاهير من عالم الموضة والسينما والتلفزيون والمسرح والإعلام والموسيقى والسياسة. ويجذب الحفل الاهتمام من مختلف أنحاء العالم؛ حيث تجري تغطية إعلامية مباشرة للسجادة الحمراء من جانب عدة محطات وبرامج تلفزيونية؛ مثل: «الوصول إلى هوليوود» (أكسيس هوليوود)، وبرنامج «الترفيه الليلة» (إنترتينمنت تونايت)، وبرنامج «إضافي» (إكسترا)، وفي عام ٢٠١٢، جمع الحفل ١١٫٥ مليون دولار في ليلة واحدة. وكجزء من الجهود المبذولة لتحقيق مبدأ المسئولية الاجتماعية بهدف خلق قيمة مشتركة بين الشركة والمجتمع، يُشارك الكثير من المؤسَّسات في هذا النوع من الفعاليات لإظهار دعمها لصناعة الموضة ولفُرَص التواصل غير المسبوقة وللدعاية الإيجابية. وفي المقابل، تَجمع المنظمات غير الهادفة للربح الأموال لدعم قضيتها. وبهذه الوسائل، تتوافَق الأعمال الخيرية مع الأهداف التجارية للشركة.

أما بالنسبة إلى عرض أزياء «رانواي تو جرين»؛ فقد تبرَّع مُصمِّمون من دور أزياء مُتنوعة بدايةً من بالنسياجا وحتى بُربري لعرض الملابس للبيع بهدف التبرُّع لمنظمات كبرى غير هادفة للربح تُدافع عن المسائل البيئية. قدم سيث مايرز — مُقدم برنامج «ساترداي نايت لايف» (ليلة السبت مباشر) — بالتعاون مع صالة مزادات كريستي فعالية عام ٢٠١٢ وشملت فقرة غناء مدهشة من مغنية البوب نيكي ميناج. حظيَت الفعالية أيضًا بتغطية محلية من وسائل الإعلام، من بينها جريدة ذا نيويورك تايمز وجريدة ذا وول ستريت جورنال؛ الأمر الذي يُعَدُّ عنصرًا رئيسيًّا يحث المؤسسات على المشاركة. وتجمع حملة «أكوا فور لايف»، التي تتعاون فيها شركة أرماني مع منظمة اليونيسيف، أموالًا لتمويل مشروع اليونيسيف الذي يُساعد على توفير مياه آمنة ونظيفة لأطفال العالم. ومقابل كل شخص «يُعجب» بصفحة أكوا فور لايف على موقع فيسبوك، يتبرع جورجو أرماني بمبلغ دولار واحد إلى منظمة اليونيسيف، مما يُعدُّ مثالًا آخر على القيمة المشتركة.

وفيما يخصُّ جانب أخلاقيات العمل، تحرص الشركات على تنفيذ سياساتٍ وممارساتٍ تخص حقوق العمال وحقوق الإنسان والعمل المُنصِف وتكافؤ الفرص وقواعد السلوك التي يُفرض على الموظفين والمستشارين والمورِّدين الالتزام بها. على سبيل المثال، يجب على شركات الأزياء التي تعمل بولاية كاليفورنيا أن تلتزم بقانون كاليفورنيا للشفافية فيما يتعلق بسلاسل التوريد لعام ٢٠١٠ (إس بي ٦٥٧)، والذي يلزم شركات ولاية كاليفورنيا بأن تُفصح عن جهودها لمواجَهة قضايا العبودية والاتجار بالبشر. وهذا يُمكِّن العملاء من اتخاذ قرارات أفضل ومُستنيرة أكثر بخصوص المنتجات التي يشترونها والشركات التي يختارون دعمها. وتُواجه شركة جوتشي وعدة شركات أخرى هذا النوع من القضايا من خلال ضمان خضوع خطوط إنتاجها لمعيار إس إيه ٨٠٠٠ الخاص بالمنظمة الدولية للمساءلة الاجتماعية، وهو نهجٌ لضمان عدم وجود عمل جبري في العمليات الخاصة بالمورِّدين أو الشركاء. بالإضافة إلى ذلك فإن شركات مثل: بربري جروب وجاب، وإتش آند إم، وإل في إم إتش، وليفي شتراوس، ونايكي وتمبرلاند وبوما؛ قد وقَّعت على الميثاق العالمي للأمم المتحدة و/أو الأهداف الإنمائية للألفية للالتزام بمبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في هذين البرنامجين.

كما ترى، فإنَّ مبدأ المسئولية الاجتماعية للشركات هو بمنزلة استراتيجيةِ عمل مُتكامِلة بالنسبة إلى شركات الموضة، والتي خصص كثير منها أقسامًا كاملة لتشجيع هذه الجهود. لقد صار دمج مبدأ المسئولية الاجتماعية في الهيكل المؤسَّسي للشركات أداةً تجارية فعَّالة للغاية، واكتسب زخمًا في مجال صناعة المُوضة خلال السنوات الأخيرة.

حوار مع جاي برادفورد، نائب الرئيس المعني بالمسئولية الاجتماعية بشركة أمريكان إيجل أوتفيترز

أي مناحي المسئولية الاجتماعية للشركة ترى أنها ذات دور حيوي في صناعة الموضة؟

نُؤمن أن مبادرات المسئولية الاجتماعية التي تُركِّز على تأثير المؤسسة على الناس وعلى كوكب الأرض لها دورٌ حيوي في صناعة الموضة. على سبيل المثال، من أهمِّ المناحي التي نُركِّز عليها هي التأثير المُحتمل الذي يُمكن أن تُخلِّفه شركات كشركتنا على الأطراف المعنية في سلسلة التوريد الخاصة بنا. وهذه الأطراف قد تتضمَّن مجموعة متنوعة من الأشخاص، بداية من العاملين في المصانع التي نتعاقد معها وحتى المواطنين العاديِّين الذين يعيشون أو يعملون بالقرب من مجاري المياه التي قد تحتوي على مخلفات سائلة من المصانع. وتأثيرنا على البيئة ليس أقل أهمية على الإطلاق وسيكون نقطة تركيز أساسية من أجل توسُّع برنامجنا في المستقبل.

كيف تُواجه شركة أمريكان إيجل أوتفيترز مناحي التركيز هذه؟

لدينا برامج موسعة لمراقبة المصانع تتمحور حول التفتيش على مصانع التوريد والعمل على إيجاد حلول حين نَجد أي مشكلات. وعند الضرورة، نتعاون مع جماعات حقوق الإنسان والجماعات العُمالية والمَسئولين الحكوميِّين والعلامات التجارية الأخرى في الصناعة من أجل حل القضايا الأكثر تعقيدًا وانتشارًا. كما أننا نهدف باستمرار إلى تحسين برامج معالجة المخلفات السائلة خاصَّتنا؛ بحيث لا تُعيد مصانع النسيج ومغاسل قماش الدنيم المياه الملوَّثة إلى المجاري المائية المحلية.

ما سُبُل تعاون قسم المسئولية الاجتماعية مع فِرَق التصميم؟

إنَّ نهجَنا الأساسي في التعاون مع فرق التصميم يتمثَّل في الانخراط الدائم مع فرق الإنتاج والتوريد، التي تعمل على مَقرُبة شديدة من فِرَق التصميم من أجل التخطيط لصناعة مُنتَجاتنا. يتمثَّل هدفُنا في ضمان أن يكون مُوظَّفو الإنتاج واعين بالتحديات التي يُمكن أن تَبزُغ فيما يخصُّ الالتزام نحو المجتمع من جانب المصانع؛ ومن ثمَّ فإننا نعمل على الاستفادة من هؤلاء الشُّركاء المحليِّين عند مواجهة هذه التحديات. علاوةً على ذلك، فثمة قيمة عمل حقيقية في تطوير ممارسات توريدٍ مُستدامة؛ لذا فنحن نبحث دائمًا عن طُرُق لتضمين المعلومات التي جمعناها «ميدانيًّا» وإطلاع شركائنا الداخليين عليها؛ من أجل تضمينها في عملية اتخاذ القرار لديهم.

في العام الماضي دخلَت شركتكم في شراكة مع منظمة كوتون إنكوربوريتيد في برنامج لإعادة تدوير قماش الدنيم على المستوى القومي. هلَّا تشرح لي ما يَستتبِعه هذا البرنامج؟

خلال شهر أكتوبر من عام ٢٠١١، شجعنا المستهلكين على جلب أي نوع من الدنيم من أيِّ علامة تجارية لمتاجر شركتنا. بعد ذلك مُنح الدنيم «حياة جديدة» عن طريق تحويله إلى مادة عازلة من ماركة ألترا تاتش (وهي مادة بناء عازلة مصنوعة من بقايا قماش الدنيم تُستخدم بوصفها مادة عازلة في المنازل) وقدَّمناها للأحياء التي تحتاجها. وقد حصل كلُّ مَن جلَب ملابس الدنيم لديه إلى متاجر شركتنا لإعادة تدويرها على خصم ٢٠ بالمائة على مجموع مُشترياته في ذلك اليوم. وفي الواقع بدأنا عملية إعادة التدوير بمُساعدة منظَّمَتي كوتون إنكوربوريتيد وهابيتات فور هيومانيتي منذ فترة. ويُسمى برنامجنا القائم حاليًّا باسم «من الأزرق إلى الأخضر». وقد جرى تدشين هذه المبادرة في ديسمبر عام ٢٠٠٧، وخرَجت الشحنة الأولى في ديسمبر ٢٠٠٨. يحتاج عزل منزل واحد ٥٠٠ بنطلون من الجينز. وإلى الآن تبرَّعنا بما يكفي من ملابس الدنيم المُمزقة والمقطعة لعزل نحو ٣٨٠ منزلًا. وكان ضحايا إعصار كاترينا أول المستفيدين من تبرُّعنا.

ما الطرق الأكثر تأثيرًا التي تجعل بها شركة أمريكان إيجل أوتفيترز العالم مكانًا أفضل؟

رغم أننا نَنظُر إلى المسئولية الاجتماعية بوصفِها مبادرة على مُستوى الشركة ككل؛ فنحن نَشعُر أننا حقَّقنا التقدم الأهم حتى الآن في سلسلة التوريد. إنَّ التقييم المُتواصِل لتأثيرنا على الأطراف المُتعدِّدة التي نُؤثِّر عليها واستخدام تلك المعلومات في تحسين ممارسات العمل لدينا يَكفُلان لنا ضمان أن تكون جهودنا المبذولة في تحسين ظروف العمل وحماية حقوق العمال واتخاذ خطوات على سبيل تقليل تأثيرنا على البيئة جهودًا كلها ذات صلة وذات مغزًى ومُستدامة.

ما الأهداف التي تضعها شركة أمريكان إيجل أوتفيترز من أجل تقليل بصمَتِها الكربونية؟
نُدرك مدى أهمية قضية غازات الدفيئة لعملائنا وشركائنا. وقد أدرَجنا هدفًا في تقرير المسئولية الاجتماعية لعام ٢٠١١ (www.AEBetterWorld.com) يتمثل في تطوير استراتيجيةٍ للبصمة الكربونية تهدف إلى تحديد الفُرَص المِحوَرية لتقليل هذه البصمة التي نُخلفها. لا يزال هذا الهدف تحت التطوير، ونُخطِّط لعمل بعض التحديثات في التقارير المستقبلية.

لمحة عن شركة ملابس مُستدامة: إيزي لين

ما تعريفكِ للشركة الصديقة للبيئة؟

الشركة الصديقة للبيئة هي تلك التي لا تصبُّ تركيزها كله على نفسها وإنما تَنظر إلى ما وراء مصالحها الخاصة، ومصالح المساهمين، وتزكية النَّزعة الاستهلاكية؛ فهي تقيس التأثير الأوسع لمُمارساتها، وتَتخذ قرارات مناسبة بناءً على ذلك الأساس بدلًا من أن تتَّخذها بناءً على أساس الربح فقط. إنَّ الشركة الأخلاقية تسعى إلى تحسين حياة البشر والحيوانات، وكذلك تحسين الصحة العامة واستدامة الكوكب. ولكن وصف الشيء بأنه أخلاقي أو «صديق للبيئة» لهو أمرٌ ذاتي؛ فما يُعدُّ ممارسة «أخلاقية» من منظور شخص ما قد لا يكون كذلك بالضرورة من منظور آخر. على سبيل المثال، ربما يَنظُر البعض إلى الصوف بوصفه مُنتَجًا فرعيًّا لصناعة اللحوم ومن ثم من الأخلاقي استخدامه؛ لأنه سيكون موردًا مُهدَرًا لو لم يُستخدَم. لكن قد يذهب آخرون إلى أنه ليس من الأخلاقي استخدام الصوف المأخوذ من الحيوانات التي ربما جرى تربيتُها في ظروفٍ غير إنسانية. وتستخدم بعض الشركات بادرة أخلاقية كواجهة أمام وسائل الإعلام في محاوَلة منها لصرف الانتباه عن ممارساتها اللاأخلاقية. ويرى البعض أن وجود الشركة في إحدى دول العالم الثالث في ظلِّ دَفعها أجورًا متدنية للعمال أفضل من عدم وجودها هناك على الإطلاق، بينما يؤمن آخرون أن من الأخلاقي أكثر أن تَجري عملية الإنتاج في مكانٍ قريب من الوطن.

عارضة أزياء ترتدي سترة محبوكة من صوف وينسديل من إنتاج شركة إيزي لين. تصوير: نيكي إيمرسون، ٢٠١٠.
كيف تجعل شركة إيزي لين من العالم مكانًا أفضل؟

إيزي لين حالة مُتفرِّدة؛ إنَّ الجانب الأخلاقي لعلامتي التجارية يَتمثَّل في وضع رعاية الحيوانات في بؤرة التركيز. حين دخلتُ صناعةَ الموضة، سريعًا ما اكتشفتُ أنه لا يوجد اهتمام باقتفاء أثر الألياف الحيوانية وصولًا إلى الحيوان المُنتِج لها. ربما تعلم من أين يأتي اللحم الموجود في النقانق التي تَتناولها، ونوعية الحياة التي كان يَعيشها الحيوان، لكن من المؤكَّد أن هذا لا يَنطبِق على الصوف الموجود في جواربك أو الكَشمير الموجود في كنزتك. وقد اكتشفتُ أن في بعض الحالات لم يَكُن صوف الحِملان يأتي من حملان تَتقافَز في سعادة، وإنما كان بوجهٍ عام يُجتَز من على جلود الحملان بعد ذبحها. وفي المملكة المتحدة سرعان ما اكتشفتُ أن المزارعين كانوا مُجبَرين بحكم القانون على بيع أصوافهم إلى مجلس تسويق الصوف البريطاني، الذي يبيعها بعد ذلك بالمزاد إلى التجار المسجَّلين لديه مقابل أعلى سعر؛ ومن ثمَّ من المستحيل وغير قانوني أن تعمل مُباشَرةً مع أحد المزارعين، وتدفع له سعرًا جيدًا، وتعرف أن هذه الحيوانات يُعتنى بها جيدًا. وقد قررتُ بصفتي نباتيةً أن أُنقذ قطيع الأغنام الخاص بي، وعلى مدار عدة سنوات أنقذتُ ٦٠٠ حمَل من الذبح. إنني أستخدمُ صوفها في منتجاتي، وهذا يُوفِّر المال كي تعيش هذه الحملان حياةً طبيعيةً هنا في منطقة يوركشاير ديلز.

أغنام أُنقِذَت من الذبح، إيزي لين ٢٠١١. الصورة بإذن من شركة إيزي لين.
هلَّا تصفين لي الخامات والمنسوجات الصديقة للبيئة التي تستخدمونها في ملابسكم؟

أستخدم الصوفَ المأخوذ من فصيلة أغنام وينسديل النادرة من أجل تصنيع ملابسي المحبوكة. هناك ١٨٠٠ فقط من هذه الأغنام في العالم، وهي تُنتج غزلًا طويلًا ناعمًا لامعًا. بعض قطع ملابسي تُحاك على أيدي سيدات من أنحاء يوركشاير ديلز. وثمَّة تقليد هنا للحياكة اليدوية يعود إلى العصور الوسطى، وقد انتقلت هذه المهارات عبر الأجيال. وعن طريق توظيف الحائكات، نُساعد في دعم المجتمع الريفي المحلي والحفاظ على بقاء هذه المهارات كي تَنتقِل إلى الأجيال المُستقبَلية. وتُنتج سلالة أغنام الشيتلاند النادرة خاصَّتنا صوفًا ناعمًا رقيقًا، يأتي بعدَّة ألوان طبيعية مختلفة الدرجات. ونُنسِج كثيرًا من هذا الصوف من دون صبغة على هيئة قماش ذي نقشة مُتعرِّجة أو مُتداخلة أو كاروهات من أجل السُّترات والتنانير التي نُنتجها. نحن ننسج القماش على أنوالٍ فيكتورية تقليدية في منطقة الحدود الأسكتلندية. وبوسعي ضمان أنَّ كل قطعة نُنتجها سليمة وأصلية نظرًا لأنَّني أُرافقها في رحلتها، بدايةً من تغذية الأغنام وصولًا إلى قطعة الملابس المُكتملة.

عارضة أزياء ترتدي سترة ذات أبازيم وتنورة ضيقة من صوف أغنام الشيتلاند من إنتاج شركة إيزي لين. تصوير: نيكي إيمرسون، ٢٠١٠.
الآن وأكثر من أي وقت مضى، يتوقع العملاء من شركات الملابس والإكسسوارات الأثيرة لديهم أن تَنخرِط في مُمارسات عمل تساعد في جعل كوكبنا أنظف؛ وذلك عن طريق خفض بصمتها البيئية الكربونية. هل كان هذا هو الدافع وراء تأسيس شركتكِ؟ وإذا لم يكن كذلك، فهلَّا توضحين لي ما شجَّعكِ على تأسيس شركة صديقة للبيئة؟

ما شجَّعني على تأسيس شركة إيزي لين كان حُبي للموضة بطبيعة الحال، لكنَّني أيضًا اكتشفتُ أن الصوف الموجود في بلدنا كان يُحرَق أو يُدفَن؛ نظرًا لانعدام قيمته بالكامل تقريبًا. أَمتلِك قِطع ملابس منحَتْني إياها والدتي تعود إلى أربعينيات القرن العشرين. وطالما أثار الإمساك بها لديَّ مشاعر قوية تَتعلَّق بالمكان، وبالأجواء البريطانية الأصيلة؛ الأغنام والمصانع وأهل جُزرنا، يُمكنك أن تشعر بذلك في الدفء الذي تُثيره قطع الملابس وفي ملمس التصميمات العتيقة. وعند مقارنة تلك المشاعر بحالنا اليوم، الذي يُوصَف فيه الصوف بأنه مُنتَج مُهدَر، حفَّزني هذا على تأسيس شركتي الخاصة. ولمعرفتي بأنَّ جزءًا من معاناة صناعة النسيج لدينا يعود إلى هذا الوضع؛ فقد حشدتُ معرفتي ومشاعري معًا، علاوةً على حبي العميق للحيوانات، وقررتُ تأسيس شركة إيزي لين.

لمحة عن شركة ملابس مُستدامة: تيرا إيكولوجيا

ما تعريفك للشركة الصديقة للبيئة؟

شركة المنسوجات والأزياء الصديقة للبيئة تتحمَّل مسئولية مواجهة تأثيرها المباشر على البيئة فيما يتعلَّق بكلِّ مناحي الإنتاج وتطوير مُنتَج بصورة نزيهة. وهذا يَتضمَّن مفهوم التصميم، ونوعية النسيج المُستدام المورَّد (العضوي و/أو المعاد تدويره)، والصبغات المختارة، واختيار طُرُق التصنيع التي تُقلِّل الهَدر، وتقليل المخلفات والانبعاثات الكربونية. كما أن هناك اهتمامًا أيضًا بفروع الشركة والموظَّفين وأماكن العمل والآلات وعمليات البيع والتغليف والتوزيع.

في رأيك، لماذا من المُهم للشركات في صناعة الموضة أن تتبع نهجًا بيئيًّا سليمًا في عملياتها؟

هذا الأمر مُهم لأنه سيُساعد البيئة المحيطة بنا علاوةً على تعزيز القيم الإنسانية. إنَّ صناعة المنسوجات والموضة لها سمعة سيئة بسبب إفراطها في استخدام الموادِّ الكيميائية ومُبيدات الآفات التي تُتلِف النظم البيئية الطبيعية وتَخلُق حالةً من عدم التوازن على كوكب الأرض. أيضًا يُشجِّع النهج الصديق للبيئة على إقامة علاقات تجارية عادلة، وهذا يَخلُق حالة توازُن في القوة الاقتصادية ويُوفِّر دخلًا في المناطق الريفية ويُحافظ على استمرار المهارات اليدوية التقليدية.

كيف تجعل شركة تيرا إيكولوجيا من العالم مكانًا أفضل؟

إن شركة تيرا إيكولوجيا تُعزز البيئة من خلال اتِّباع طرق إنتاج مسئولة؛ فهدفنا يتمثَّل في ممارسة عملية إنتاج ذات تأثير قليل على البيئة؛ وذلك عن طريق جعل أستديو التصميم خاصَّتنا مكان عمل نظيف وآمِن، باستخدام الطاقة الشمسية ومياه الأمطار والمهارات والأساليب اليدوية، وعن طريق الجمع الحريص للمُنتجات النباتية من حديقة الصبغات خاصَّتنا من أجل إعداد الصِّبغ اليدوي الشمسي. إنَّ الاسم التجاري لشركة تيرا إيكولوجيا، إيكو لوجيكا، يتضمَّن ملبوسات جاهزة عصرية، مُصمَّمة خصوصًا بحيث تَجمع بين الموضة ومراعاة الضمير، باستخدام منسوجات طبيعية وصديقة للبيئة.

هلَّا تصف لي المنسوجات والخامات الصديقة للبيئة التي تستخدمونها في مجموعاتكم؟

تُصمَّم المجموعة باستخدام ألياف طبيعية العالية الجودة وصبغات نباتية وخيوط غزل صديقة للبيئة ومنسوجات؛ مثل: الحرير المستدام، وصوف أغنام المارينو، والقطن/القنب، والكتان العُضوي مضمون الجودة، وبقايا الأقمشة المعاد تدويرها، والدنيم المعاد تدويره. ونحن نَبتكر أنواعًا جديدة من الغزل والمنسوجات باستخدام الدنيم المعاد تدويره ونَشتري فقط القطن والصوف العُضويَّين، والحرير المنسوج على أنوال يدوية. ونستخدم في صبغ منسوجاتنا، والطباعة عليها صبغات طبيعية. والمجموعة الفاخرة الصديقة للبيئة المصنوعة يدويًّا تُصبَغ باستخدام موادَّ نباتية أسترالية مأخوذة من مخلَّفات المناطق المتاخمة والثِّمار التي تطرحها الرياح، ومن الأراضي التي نمتلكها. وتستعين طُرق إنتاجنا بمهارات يدوية قديمة في كلٍّ من التريكو والكروشيه، وهو ما يدعم مجتمعات على مستوى العالم. ونحن ندعم الحرفيين المهرة بالإضافة إلى مجتمعنا المحلي؛ عن طريق توفير طيف من المنتجات الأنيقة المصنوعة بكل نزاهة.

الآن وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى، يتوقع العملاء من شركات الملابس والإكسسوارات الأثيرة لديهم أن تَنخرط في ممارسات عمل تُساعد في جعل كوكبنا أنظف؛ وذلك عن طريق خفض بصمتها البيئية الكربونية. هل كان هذا هو الدافع وراء تأسيس شركتك؟ وإذا لم يكن كذلك، فهلَّا توضحين لي ما شجَّعكِ على تأسيس شركة صديقة للبيئة؟

التأثيرات الأساسية جاءَتني من مرحلة الطفولة؛ حيث إنني ترعرعت في أثناء الحرب الأهلية الروديسية في أفريقيا. وبسبب الحظر التِّجاري العالَمي المفروض على البلاد، كان يتعين على المجتمع المحلي أن يُعيد تدوير كل شيء أو يَزرعه زراعة عضوية من أجل البقاء. كانت المنتجات التي ظهرت في ذلك الوقت تتفرَّد بها روديسيا بالكامل، والتي صارت تلك البيئة المستدامة ذات الاكتفاء الذاتي الكامل التي نعرفها اليوم. وقد غرَسَت هذه التنشئة داخلي بذرة الاستكشاف المُستقبَلي لعالم الموضة الصديقة للبيئة، وهكذا بدأت الرحلة!

لمحة عن شركة إكسسوارات مستدامة: خِبري، نيويورك

ما تعريفك للشركة الصديقة للبيئة؟

أرى أن الشركة الصديقة للبيئة هي تلك التي تُحاول إيجاد الحلول لقضايا الهدر والتلوث في كل مراحل حياة المُنتَج. وأعتقد أن الهدف النهائي للعديد من الشركات الصديقة للبيئة هو إنشاء «حلقة مُغلَقة» لدورة حياة المُنتَج؛ بمعنى أنه بداية من التوريد والإنتاج والتغليف، وصولًا إلى التخلص من المُنتَج لا يكون هناك أي تأثير سلبي على البيئة. والأمر المساوي في الأهمية في نظري هو تدبُّر التأثير الاجتماعي للشركة؛ فممارسات العمل المستدامة بحقٍّ تضع في الاعتبار الأجور وبيئات العمل الآدمية للموظفين، علاوةً على العوامل البيئية.

في رأيك، لماذا من المُهم للشركات في صناعة الموضة أن تتبع نهجًا بيئيًّا سليمًا في عملياتها؟

تُسبِّب تجارة الموضة العالَمية ضررًا فادحًا للبيئة، ومع حركة «الموضة السريعة» تصير العودة إلى ممارسات العمل المُستدامة، بيئيًّا واجتماعيًّا، أكثر أهميةً مقارنةً بأي وقت مضى. ويُشير مصطلح «السباق نحو القاع» في صناعة الموضة إلى الضغطِ المُتزايد الواقع على مُنشآت الإنتاج من أجل تصنيع المنتجات على نحوٍ أسرع وأرخص، وهو ما يُؤدي إلى إساءة معاملة العمال في كل أنحاء العالم واستغلالهم. ولحُسنِ الحظ، يزداد الابتعاد عن هذه النوعية من المُمارسات، والاقتراب من حركة «الموضة البطيئة» التي تُركِّز على المنتجات العالية الجودة المصنوعة على نحوٍ أخلاقي. ورغم أن حجم حركة «الموضة البطيئة» يَتضاءل لا ريب إلى جوار الحجم الكبير لحركة «صناعة الموضة السريعة»؛ فإن شركات عدَّة تفعل كلَّ ما في وسعها من أجل زيادة الوعي والمُشاركة في صناعة موضة أكثر استدامة.

كيف تجعل شركة خِبري من العالم مكانًا أفضل؟

لا أخدع نفسي وأتصوَّر أن شركة خِبري لها تأثير كبير على العالم، لكنَّني أتبنَّى الرأي القائل بأن كل إسهام ولو قليل له أهميته، وما نفعله هو توفير خيارات مُستدامة، وكذلك تُركِّز على التصميم الراقي.

هلَّا تصفين لي الخامات والمنسوجات الصديقة للبيئة التي تستخدمونها في مجموعات حقائب اليد العادية والكبيرة الخاصة بكم؟

أستخدم مواد قديمة وخامات مُعاد تدويرها؛ أي ملابس ومنسوجات قديمة جرى قطعها وإعادة تصنيعها في صورة ملبوسات جديدة. أستخدم السُّترات والتنانير والبنطلونات الجلدية، علاوةً على البطاطين الصوفية والبُسُط اليدوية والخيام العسكرية وأكياس الغسيل القديمة، بالإضافة إلى أي موادَّ مُعاد تدويرها أو مواد صديقة للبيئة تُلهمني وتَصلُح لأغراضي.

الآن وأكثر من أي وقتٍ مضى، يَتوقع العملاء من شركات الملابس والإكسسوارات الأثيرة لديهم أن تنخرط في ممارسات عمل تُساعد في جعل كوكبنا أنظف؛ وذلك عن طريق خفض بصمتها البيئية الكربونية. هل كان هذا هو الدافع وراء تأسيس شركتك؟ وإذا لم يكن كذلك، فهلَّا توضحين لي ما شجَّعكِ على تأسيس شركة صديقة للبيئة؟

ما حفَّزني هي الرغبة في التصميم، غير أن تدبُّر كيفية التصميم على نحوٍ مُستدام شكَّل جزءًا طبيعيًّا من العملية بالنسبة إليَّ. لقد كان ببساطة السبيل الوحيد الذي أستطيع من خلاله المضيَّ قُدمًا في هذه الصناعة بينما أحافظ على نزاهتي. وقد حاولتُ شخصيًّا الحصول على إكسسوارات مُستدامة، وأقنعني نقص الخيارات المتاحة في السوق بأن ثمَّة مساحة مُتاحة لشركة مثل خِبري.

كلُّ منتجاتكم مصنوعة في مدينة نيويورك. كيف تستطيع خفض التكاليف في ظلِّ عدم استفادتك من تكاليف العمالة الرخيصة الناتجة عن تعهيد عمليات التصنيع إلى الخارج؟

إلى حدٍّ ما سيكون هناك دائمًا تكلفة إضافية للمنتجات المصنوعة على نحو مسئول، ونأمُل أن يتفهَّم المُستهلكون قيمة المشتريات المصنوعة بطريقة أخلاقية. ومع وضع هذا الأمر في الاعتبار، ما زلتُ قادرًا على إبقاء تسعير المنتجات في نفس نطاق المنتجات الأخرى ذات القيمة السوقية المُقارِبة التي يَجري تصنيعها خارج الولايات المتحدة. وعن طريق توخِّي الحرص والإنتاج بكميات صغيرة أكون قادرًا على الحد من الأخطاء، وأضع دائمًا التَّكلِفة في الاعتبار حين أقوم بالتصميم. وبينما تنمو الشركة، آمُل أن أُواصِل الابتكار وأن أحافظ على سلاسة عمل الشركة بقدر الإمكان من أجل الإبقاء على تنافسية الأسعار.

ما الخامات والمنسوجات الصديقة للبيئة التي تستخدمها في مجموعة أزيائك؟

معظم التي-شيرتات التي ننتجها مصنوعة من قطن عُضوي مائة بالمائة، ويُطبَع عليها رسومات باستخدام خليط خاص من الأحبار المائية العالية الجودة القليلة الأثر على البيئة، والتي تَمنح الطباعة ملمسًا ناعمًا. وجميع مطبوعاتنا تأتي من إسهاماتٍ قدَّمها فنانون. نشعر أن الفن نفسه يَحمل مكوِّنًا رُوحانيًّا. ونحن، وكذلك الفنانون العاملون معنا، مُناصِرون مُتحمِّسون للوعي البيئي والمجتمعي؛ لهذا السبب نسعى إلى تعزيز هذه العقلية عن طريق استخدام أقمشةٍ صديقة للبيئة والتبرُّع بجزء من المبيعات لمنحًى خيري كل موسم. وإذا استطاعت جهودُنا أن تُؤثِّر بالإيجاب على العالم بطريقتنا الخاصة المحدودة، فسنكون سعداء بذلك.

بولي باولمر، مؤسِّسة شركة، شركة ديس أرتيست، ميونيخ، ألمانيا

ملابسنا مصنوعة بالكامل من الكتان بعدد كبير من ألوان الطبيعة؛ العاجي، أو البيج الفاتح أو الداكن، أو لون الحليب أو الأبيض القطني، أو البُني الدافئ. وعن طريق الربط بين الموضة والفلسفة البيئية والأخلاقية، نصنع ملابس متميِّزة وملابس كاجوال للنساء النشيطات.

لوكاش كابليكي، صاحب شركة، شركة فريكي فلاكس، وودج، بولندا

تتمثَّل فلسفة شركة إسرتيا إيكو-شيك في إعادة استخدام وتدوير الخامات التي من شأنها أن تُهمَل لو لم يُعَد استخدامها أو تدويرها. وتعكس مجموعات أزيائي حقيقة أن بمقدورنا ابتكار منتجات موضة جديدة باستخدام مواد قديمة مُعاد استخدامها بأسلوبٍ راقٍ ومُبتكَر. يأتي القماش المُعاد تدويره من الأوشحة الحريرية القديمة التي يُعثَر عليها في متاجر البضائع المُستعمَلة ومن الأقمشة غير المُستخدمة في مجموعات المُصمِّمين. إنني نادرًا ما أتخلص من أي قماش، وحتى أصغر القِطَع أعيد استخدامها. إن اختيار إعادة التدوير يُعَدُّ في نظري تحديًا إبداعيًّا يُشبع قِيَمي الفنية والاجتماعية والبيئية.

تامارا روبيلار، مُديرة، شركة إستريا إيكو-شيك، مونتريال، كيبيك، كندا

تستخدم شركة أفني أقمشة مصبوغة بصبغات طبيعية بالكامل. والصباغة الطبيعية هي العملية التي تَجري فيها صباغة القماش باستخدام مُكوِّنات طبيعية، كالأزهار والأعشاب، من دون استخدام أي مواد كيميائية. فلا يُنتَج القماش بصورة صديقة للبيئة وحسب، بل يكون أيضًا مفيدًا جدًّا للبشرة؛ لأن بعض الأعشاب، كالكركم، لها خواصُّ دوائية. ويَتمثل جانب آخر مهم للصباغة لدينا في أننا نُحاول استخدام المنتجات المُهدَرة بقدر الإمكان. على سبيل المثال: نحن نَستخدِم زهور الآذريون التي تتخلَّص منها المعابد في الهند. تُجلَب الزهور إلينا، ثم تُجَفَّف، وتُسحَق من أجل صنع اللون الأصفر/الذهبي الجميل. كما نستخدم قِشر البصل، والرمان، وجوز الهند بصورة مشابهة. وإلى جانب الصبغات الطبيعية، أستخدم أيضًا خامات صديقة للبيئة مثل البامبو والحرير السلمي (الحرير المصنوع من دون قتل الدود المُنتِج له)، والقطن العضوي.

أفني تريفيدي، كبيرة مصممين ومؤسسة شركة، شركة أفني فاشون، بوسطن، ماساتشوستس، الولايات المتحدة الأمريكية
إطلالة من مجموعة خريف/شتاء ٢٠١١ تصميم شركة أفني فاشون. الصورة بإذن من شركة أفني فاشون.

مجموعتي يدوية الصنع بالكامل تعتمد بالأساس على خامات كلاسيكية مُعادة التصنيع والتدوير. وهذه الخامات بالأساس عبارة عن أقمشة كيمونو يابانية كلاسيكية، يَحمل كلٌّ منها معانيَ مختلفة تتَّضح من استخدامه للون والتصميم. أختار بنفسي أجمل الأقمشة من اليابان لاستخدامها في تصنيع الجزء العلوي من الأحذية التي يجري تثبيتها بمهارة على كعوب خشبية مُصنَّعة يَدويًّا ونعالٍ مصنوعة من الجلد المُعاد تدويره والجلد الطبيعي، لنَبتكِر بذلك ملبوسات قدم عصرية وأنيقة. وقد يُعد مفهوم الاستدامة في مجال الموضة تحديًا، ولكن من خلال وجود مفهوم يُلزمني بالجوانب الأخلاقية والبيئية، يُمكنني أن أتحرَّر في تصميماتي.

هنريتا صامويلز، مؤسسة شركة، شركة هيتي روز، إسكس، المملكة المتحدة
حذاء هاروكا تصميم شركة هيتي روز، ٢٠١١. نوع الكعب: مُغطًّى بقماش الكيمونو. خامة الجزء العلوي: نسيج كيمونو كلاسيكي. البطانة: جلد. النَّعل: جلد. الصورة بإذن من شركة هيتي روز.
figure
موديل «آني» من مجموعة فونيكس لأزياء صيف ٢٠١٢ لشركة تيرا إيكولوجيا. تصوير: جودي إدوم. عارضة الأزياء: جيس تراسكت.

طوَّرتْ شركتي نسيج الدنيم المُعاد تدويره لإنتاج مجموعة ملابس الدنيم الصديق للبيئة خاصَّتنا، التي تُغزَل وتُحاك يدويًّا في فيتنام؛ وذلك بهدف دعم فئات المجتمع المحلي. تستعين علامتي التجارية، إيكو لوجيكا، بالقنب والقطن العضوي وتُصبَغ الملابس بصبغات طبيعية. إنني أَحصل على المنسوجات العضوية المضمونة الجودة وغيرها من المنسوجات التي لا تَحتوي على معالجات كيميائية. أُعاين عادةً الشهادة المعنية بالحفاظ على البيئة لضمان صحة مصدرها. تَجمع مجموعة أزيائي الراقية الحالية الصديقة للبيئة بين الأنسجة العضوية الخام والحرير المنسوج يدويًّا، وقطع القماش المُعاد تدويرها وصوف أغنام المارينو العضوي المضمون الجودة، والحرير الفاخر المستدام المدمج، وتقنيات متنوعة للحياكة والزخرفة لابتكار ملابس أنيقة للغاية ذات لمسة أُنثوية بالغة مصنوعة يدويًّا وباستخدام الماكينات. وتَبرز مجموعة الألوان المثيرة والمُحايدة العتيقة — المستخلصة من النباتات والناتجة عن الصباغة اليدوية — من خلال الأعمال الزخرفية المطرزة الزاهية وأعمال الخرز التي تَستخدِم الزُّجاج والقواقع والأحجار شبه الكريمة.

شارلين أوبراين، مديرة إبداعية، شركة تيرا إيكولوجيا، برث، أستراليا

عندما شرعنا في تصنيع أكياس التسوُّق القابلة لإعادة الاستخدام عام ٢٠٠٧، كنا ننوي الاستعانة بخامة صديقةٍ للبيئة لخطِّ إنتاجنا. وقادنا البحث إلى نسيج بولي إيثيلين تريفثاليت مُعاد تدويره بالكامل، وهو نسيجٌ رخيص نسبيًّا يُحاكي النايلون والبوليستر في خصائصهما الوظيفية، ولكنه مُصنَّع بالكامل من المواد البلاستيكية المُعاد تدويرها. كان اكتشافًا مُدهشًا لأن هذا النسيج لا يتعارض في أيٍّ من جوانبه مع رؤيتنا. إننا نَبتكِر أكياسًا قوية وقابلة للضغط، وهذه المادة الخام تُتيح لنا تصنيع أكياس التسوُّق التي تَحمل ٥٠ رطلًا من البقالة والتي يُمكن طيُّها بعد ذلك لتتحوَّل إلى حقيبة صغيرة. إنَّ نسيج ريبريف، الذي تُنتجه شركة يونيفي ونستخدمه في مُنتجاتنا، أكثر المنتجات النسيجية في العالم الصديقة للبيئة.

ليز لونج وهولي تينكين، مؤسستا شركة، شركة باج ذا هابيت، جيرسي سيتي، نيو جيرسي، الولايات المتحدة الأمريكية

في شركة إيكوليت، نسعى إلى إنتاج أفضل المنتجات التي لا تتسبَّب في الإضرار بكوكب الأرض. ونحن حاليًّا نستخدم خامات صديقة للبيئة مثل القطن العُضوي والقنب واللايوسل (المصنوع من سليولوز اللب الخشبي للشجر).

إيرينا هولمز، مصممة/صاحبة شركة، شركة إيكوليت، مارتينيز، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية

جميع حقائب كانوبي فيردي مطورة باستخدام قطنٍ عُضوي مائة بالمائة ومصبوغ باستخدام عملية الصبغ المُعتمَدة بالمعيار أوكوتكس ١٠٠. ثم تُوضَع عليها اللمسات النهائية بتطريزٍ خالٍ من المواد الكيميائية وجلدٍ خالٍ من مادة الكروم وأجزاء تزيينية خشبية، مما يُعطي للحقائب مظهرها المُميَّز. وبالانتقال إلى الخطوة التالية، تُغطَّى الحقائب بالجلد الصناعي بدلًا من الجلد الخالي من مادة الكروم، مما يَجعلها حقائب صديقة للبيئة.

ليندا وونج، مؤسسة شركة، شركة كانوبي فيردي، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية
موديل كالامنت، حقيبة اليد الصغيرة المثالية المُناسِبة لكل الاحتياجات، إنتاج شركة كانوبي فيردي، ٢٠١٠. الصورة بإذن من شركة كانوبي فيردي.

إننا نَجمع بين الطبيعة والتقنية والتصميم البشريَّين لنَبتكِر موضةً خالدة. إنَّ جميع مراحل دورة الإنتاج تتمُّ في بيرو تحت ظروف مُستدامة وتَحترم التجارة العادلة. إننا نَحصل على أقمشتنا من الحرفيِّين الريفيِّين والمُزارعين الهنود الذين يَستخدِمون تقنيات العصر ما قبل الكولومبي لزِراعة نباتات القطن المخضَّب طبيعيًّا في مزارعهم الصغيرة. لا تُستخدَم الصبغات أو المواد الكيميائية أو العمليات الصناعية الأخرى لزراعة الأقمشة أو تنعيمها أو تلوينها. يُحصَد القطن يدويًّا، وتُصنَّف الألوان يدويًّا بالكامل، ويُغزَل النسيج في المصانع بكميات صغيرة. الملمس الناعم والمظهر الرائع والألوان المميَّزة على نحوٍ مُذهل تُنتج لا بطريقة عضوية وحسب؛ بل أيضًا بطريقة طبيعية من جميع النواحي. كما أنَّنا نُنتج نسيج صغار الألبكة غير المصبوغ الذي يُنتج بتسع درجات من الألوان. ولا يُستعان بعوامل كيميائية أو أي وسائل صناعية أخرى أثناء عملية تصنيع هذه الأقمشة في أيٍّ من مراحلها.

سيبي سيبنمان، مؤسِّس شركة إكو زونا، برن، سويسرا

تستخدم شركة إينامور الأقطان العُضوية والخَيزُران العُضوي بالأساس، وجميع أقمشتنا مُصدَّق عليها من المؤسسات الرقابية. بالإضافة إلى ذلك، تخضع المصانع التي تُصنِّع ملابسنا للرقابة من قِبَل مبادرة الالتزام الاجتماعي للأعمال والمنظَّمة العالمية للإنتاج المعتمد والمسئول، وغيرها من المنظمات الشبيهة. والخامات المُستخدَمة تضمن عنصر الاستمرارية.

راشيل براوند، مديرة إبداعية، شركة إينامور، لندن، إنجلترا، المملكة المتحدة

خاتمة

يُتطلَّب منك لتكون مُصمِّم أزياء ناجحًا تحقيق توازن دقيق بين الاعتماد على ملَكة الإبداع لديك واستغلال معرفتك الاستراتيجية بالأمور التجارية. إنَّ عددًا قليلًا جدًّا من المِهَن يتطلَّب هذا التوازن الدقيق بين الأمرَين. بالإضافة إلى ذلك، ليس من المتوقَّع أن يكون مُصمِّم الأزياء ماهرًا في مِهنته وحسب؛ وإنما يُتوقَّع منه أيضًا أن يكون لديه تصوُّر لكيفية سير كل جانب من جوانب العمل. وعلاوةً على ذلك، في مجتمعنا الذي يَتَّسم بالتغيير الدائم، يجب أن يُطوِّر مصممو الأزياء قدراتهم باستمرار لتتلاءم مع تطور المعايير الثقافية والتقنيات المتطورة وممارسات العمل المُستدامة.

وبقراءتك لهذا الكتاب، تكون قد اكتسبتَ قدرًا كبيرًا من المعرفة عن التفاصيل الداخلية لصناعة الموضة وما يَعنيه أن تكون مُصمم أزياء ناجحًا في عالم اليوم. ومن خلال التسلُّح بهذه المعرفة، يمكنك أن تتبع قلبك وتسعى لتحقيق أحلامك على نحوٍ أفضل. لا توجد جائزة أعظم من أن تفعل ما تحب. وبالنسبة إلى أي مُصمِّم أزياء طموح، إصرارك المستميت على النجاح سيُشجِّعك على خوض الرحلة التي تنتظرك. وبصرف النظر عن المعوِّقات التي تُواجهها أو التحديات التي ستَخوضُها، كن منفتحًا على النقد مع الحفاظ على ثقتك برؤيتك.

في مجال تصميم الأزياء دومًا هناك حاجة مُتزايدة للتميُّز والابتكار، وكذلك تطلع لظهور المواهب الكبرى. فهل ستكون أنت الموهبة الكبرى التالية؟ أتمنى أن تكون كذلك!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤