الفصل العاشر

اندلاع المعركة

كان جنود حصن فورت ويليام هنري جسورين، لكنهم كانوا في ورطة أيضًا؛ فجيش مونتكالم يحاصرهم من كل اتجاه: في الغابات، وحول المعسكر، وقرب النهر. كان الجنرال مونرو قد أرسل خطابًا إلى ويب وجنود حصن فورت إدوارد يطلب إرسال تعزيزات عسكرية، لكن تلك التعزيزات لم تصل بعد. خشي الجنرال من أن يكون الأسوأ قد حدث، لا سيما بعد أن علم أن القوات أُرسلت بالفعل لمواجهة مونتكالم في نفس الوقت الذي غادرت فيه كورا وأليس. كان من الممكن أن يحدث لهم أي شيء.

كان دانكن يحارب منذ أربعة أيام. والآن وقف فوق برج مراقبة بجانب البحيرة. توقف إطلاق النار مؤقتًا وكان كلا الجانبين في هدنة. نظر دانكن عبر النهر ورأى ضابطًا فرنسيًّا يقود هوكاي إلى الحصن. وكان من الواضح أن هوكاي مبتئس بعد أن قُبض عليه.

وأثناء نزول دانكن من فوق برج المراقبة، رأى كورا وأليس. بدتا سعيدتين ومستريحتين؛ أفضل حالًا كثيرًا من آخر مرة رآهما فيها!

قالت أليس: «دانكن، كنا في انتظارك! لماذا لم تأت لزيارتنا؟»

احمرت وجنتا دانكن خجلًا عندما تحدثت أليس إليه مباشرة. لم يكن رآها منذ بضعة أيام، كانت جميلة كعادتها دومًا. تلعثم في الكلام دقيقة حتى أنقذته كورا.

قالت كورا: «إنها تقصد أن تشكرك على كل ما فعلته من أجلنا، وأبونا أيضًا يود كثيرًا أن يشكرك!»

قال دانكن: «أنا في طريقي للذهاب لوالدكما، لأعرف موقعي الجديد. لكنني سعدت برؤيتكما. تبدين في حالة جيدة يا أليس.»

ثم ابتسم دانكن ولوح لهما بيديه وهو يبتعد.

كان الجنرال مونرو في انتظار دانكن عندما وصل.

قال مونرو: «آه يا دانكن، كنت على وشك استدعائك. أرى أن الفرنسيين قبضوا على المرشد. ماذا كان اسمه؟ هوكاي؟»

قال دانكن: «أجل، وقد رأيت ذلك يا سيدي.»

قال مونرو: «أعاد مونتكالم هوكاي إلينا مرة أخرى، لكنه احتفظ بالخطاب الذي كان يحمله هوكاي.»

سأل دانكن: «أي خطاب يا سيدي؟»

أجابه مونرو: «بعد أن أعادكم هوكاي إلى هنا بمهارته الشديدة، أرسلته بخطاب إلى الجنرال ويب. وكان هوكاي في طريق عودته إلينا حاملًا رد الجنرال ويب. لكن مونتكالم لديه الرد الآن، وهذا يعني أنه يعلم ماذا حدث لجنود حصن فورت إدوارد.»

قال دانكن: «نحن في ورطة يا سيدي إذا لم يحضر جنود حصن فورت إدوارد.»

وافقه مونرو قائلًا: «أجل، من المؤكد أننا في ورطة. عرض علي مونتكالم التفاوض، وسأرسلك بدلًا مني. أريد منك أن تعرف المعلومات التي لديه.»

أومأ دانكن قائلًا: «مفهوم يا سيدي، ولن أخذلك.»

تحدث دانكن والجنرال مونرو مدة طويلة عن مقابلته المرتقبة مع مونتكالم. وأخيرًا غادر دانكن الحصن.

حمل دانكن معه علمًا أبيض إشارة للسلام، حتى يمر داخل ساحة المعركة دون أن يصيبه أذى.

دخل دانكن خيمة القائد مونتكالم ورأى ماجوا يجلس هناك. أخذ نفسًا عميقًا ثم وقف شامخًا، تمامًا كما يليق بجندي.

كان مونتكالم رجلًا قويًّا ذا مظهر نبيل، وقال لدانكن: «كنت أنتظر حضور جنرال مونرو، لكن أرى أنك أيضًا ضابط.»

انحنى دانكن تحية وأوضح أن معه تصريحًا للتحدث باسم الجنرال مونرو. تحدث دانكن ومونتكالم فترة من الوقت عن المعركة.

وفي النهاية سأله الجنرال: «هل ستستسلمون؟»

أجابه دانكن: «هل وجدت جيشنا سهل الهزيمة للغاية في الخمسة أيام الماضية؟ أثق أن الاستسلام ليس ضروريًّا.»

أومأ مونتكالم برأسه لماجوا وقال: «سيحارب طويلًا وبقوة.»

ارتجف جسد دانكن حين تذكر كل ما مر به كي يصل إلى حصن فورت ويليام هنري.

وسأله مونتكالم مرة أخرى: «إذن هل ستستسلمون؟»

أجابه دانكن: «للأسف يا سيدي، لن نستسلم. وإذا لم تسلمنا الخطاب الموجه لجنرال مونرو فلن تترك لنا خيارًا آخر سوى مواصلة القتال.»

قال القائد مونتكالم: «أتفهم موقفك، لكنني أود سماع ذلك من جنرال مونرو نفسه.»

أومأ دانكن وغادر خيمة مونتكالم. شق طريقه سريعًا إلى حصن فورت ويليام هنري وهو رافع العلم الأبيض.

•••

عندما عاد إلى الحصن، اتجه دانكن مباشرة إلى منزل الجنرال مونرو. كانت كورا وأليس هناك وسعدتا برؤيته.

قال الجنرال مونرو: «ها قد عدت يا دانكن.»

قالت كورا وهي تنهض: «تعالي يا أليس، لنذهب إلى الغرفة الأخرى.»

أومأ دانكن تحية لهما أثناء مغادرتهما الغرفة، ثم وقف عند مدخل الباب، منتظرًا أن يبدأ مونرو الحديث. وقف الجنرال وتجول في الغرفة. وعندما تحدث في النهاية، لم يسأل دانكن عن اجتماعه بمونتكالم، لكن قال بدلًا من ذلك: «إنهما فتاتان رائعتان، أعلم أنك أردت الحديث معي عنهما، والفرصة أمامك الآن.»

قال دانكن: «لكن ماذا عن رسالة مونتكالم يا سيدي؟»

رد مونرو قائلًا: «ستأتي القوات يا مونتكالم، تفاءل. لا أريد أن أعرف الآن ماذا قال ذلك الوغد. لا يزال أمامنا الوقت، جنودنا أقوياء. والآن، ماذا لديك لتقوله فيما يتعلق بابنتي؟»

تلعثم دانكن وقال: «أنا … أنا … يجب …»

قاطعه مونرو قائلًا: «حسنًا، تحدث.»

قال دانكن: «يشرفني أن أطلب يد أليس للزواج يا سيدي.»

قال جنرال مونرو وهو يذرع الغرفة جيئة وذهابًا: «أليس! ظننت أنك تود الزواج من كورا، فهي الأكبر سنًّا.»

لم ينطق دانكن بكلمة أخرى.

قال الجنرال مونرو في النهاية: «أجل، أوافق بالطبع. سأسعد بأن تكون ابنًا لي!»

ابتسم دانكن وقال: «شكرًا لك يا سيدي. هذا خبر سار بالتأكيد.»

سأله مونرو: «والآن، ماذا أخبرك مونتكالم؟»

أخبر دانكن الجنرال مونرو بكل شيء حدث في اجتماعه مع مونتكالم.

قال الجنرال مونرو: «لا يزال يرغب في مقابلتي شخصيًّا، حتى بعد أن أخبرته بأننا لن نستسلم؟»

أجابه دانكن: «أجل.»

قال الجنرال: «إذن علينا الذهاب. ابعث رسولًا يخبرهم بمجيئنا. لا بد أن نحضر معنا المزيد من الحراس، تحسبًا لأن تكون خدعة.»

قال دانكن: «عُلم يا سيدي.» ثم انطلق للتحضير لمقابلة أخرى مع مونتكالم.

سرعان ما شق دانكن والجنرال مونرو طريقهما خارج الحصن. وقرع الجنود الطبول إعلانًا عن مغادرة الجنرال، فردت عليهم طبول مونتكالم.

وفي النهاية وقف الرجلان وجهًا لوجه، وتطلع أحدهما إلى الآخر من أعلى إلى أسفل، ثم كسر مونتكالم حالة الصمت.

قال مونتكالم: «يسعدني يا جنرال مونرو أنك وافقت على مقابلتي. لسنا بحاجة إلى وجود حرس. أنت في أمان هنا. سآذن لحراسي بالانصراف إذا أذنت لحراسك بذلك.»

كان يقف خلف مونتكالم صفوف من رجال ماجوا. وأومأ الجنرال مونرو موافقة وهمس إلى دانكن، الذي استدار وقال: «أيها الحراس، انصرفوا!»

خرج الحراس سريعًا كما أمرهم دانكن، وتراجع ماجوا ورجاله أيضًا. وأشار مونرو لدانكن ليقف بجانبه.

استدار مونتكالم إلى الجنرال مونرو وقال: «لقد فعلت ما باستطاعتك من أجل بريطانيا، والآن حان وقت التفكير بعقلانية.»

لم ينطق الجنرال مونرو بكلمة واحدة، وسمح للجنرال الفرنسي بالاستطراد في حديثه: «هل تود أن ترى معسكرنا؟ لدينا الكثير من الجنود الأوفياء؟»

رفض الجنرال مونرو دعوة مونتكالم وأخبره أن الإنجليز لديهم نفس العدد من الجنود ممن لديهم الاستعداد لخوض المعركة.

قال الجنرال مونرو: «إذا نظرت تجاه نهر هادسون فسترى على الأرجح الجنرال ويب ورجاله هذا اليوم.»

ابتسم مونتكالم ابتسامة خبيثة ثم قال: «ها هو الخطاب الذي أخذناه من مرشدكم. قد ترغب في قراءته قبل أن تتخذ أي قرار.»

كتب الجنرال ويب في الخطاب أن الاستسلام هو الحل الوحيد أمامهم! وأنه لا يستطيع توفير جندي واحد لمساعدتهم، فقد قُتل الكثير من جنوده بالفعل في المعركة ضد الفرنسيين، بما في ذلك الجنود الذين أرسلهم في وقت سابق لحصن فورت ويليام هنري، وأنه إذا أرسل جنودًا آخرين لنجدة مونرو فقد يؤدي هذا إلى سقوط حصن فورت إدوارد نفسه. وبعبارة أخرى، رفض ويب طلب مونرو بصورة لائقة في الخطاب، لذا لم يبق أمامهم سوى قَبول ما يريده جنرال مونتكالم والإسراع في الاستسلام. وسيخوض الجنرال ويب المعركة من حصن فورت إدوارد بقدر ما يستطيع، أما حصن فورت ويليام هنري فقد ضاع بالفعل.

شحب وجه الجنرال مونرو وهو يهمس إلى دانكن: «لقد خاننا ويب! لن يرسل جنودًا إلينا، لم أر مثل ذلك الفعل الجبان من قبل.»

همس دانكن: «لا يزال الحصن في قبضتنا. لا يزال بمقدورنا القتال.»

قال مونرو: «أنت على حق. شكرًا لك على تذكيري بواجبي. سنقاتل حتى النهاية.»

تقدم مونتكالم نحوهما قائلًا: «قبل أن تقول أي شيء، هل من الممكن أن تسمع لشروطي أولًا؟»

صاح مونرو: «ماذا تقول؟ هل تود إخافتي بكلماتك؟ إن المعركة لن تنتهي لأنك أخذت ورقة من مرشد!»

همس دانكن إلى الجنرال مرة أخرى، فهدأ بدرجة كافية ليقول: «معذرة أيها القائد مونتكالم. أجل سنسمعك.»

قال مونتكالم: «لا بد أن يدمر الحصن وسندمره، لكننا سنؤمن لك ولجنودك رحيلًا آمنًا إلى إنجلترا. أما الخيار الوحيد الآخر فهو أن يموت كل رجالك، لأننا أشد قوة وأفضل استعدادًا لخوض معركة طويلة. هل تود رؤية القتال عند باب الحصن؟ أليس من الأفضل الاستسلام الآن بموجب هذه الشروط، وأن تعود إلى إنجلترا لتنقل ما حدث لملكك؟ إليك المعاهدة لتوقعها يا جنرال مونرو.»

نكس الجنرال رأسه والحزن يعتصر قلبه وقال: «حسنًا يا جنرال مونتكالم، سنوافق على شروطك ونسلم حصن فورت ويليام هنري.»

والتفت مونرو إلى دانكن وقال: «لم أتخيل أبدًا طيلة حياتي أن أقابل رجلًا فرنسيًّا جديرًا بالاحترام هكذا. ولم أتخيل أيضًا أن يرفض جنرال إنجليزي أن يأتي لمساعدتي.»

بتلك الكلمات الحزينة وقع مونرو على المعاهدة الموجودة أمامه ثم عاد إلى الحصن.

مكث دانكن ليستمع إلى الشروط المفصلة للمعاهدة، ثم عاد في المساء، وقد أذيع خبر أن الجنرال مونرو وقع على المعاهدة، وتحدد موعد مغادرة الحصن صباح اليوم التالي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤