الفصل السادس عشر

أسرى ماجوا

كان كل شيء عاديًّا في قرية ديلاوير ذلك الصباح. فعندما وصل ماجوا إلى القرية كانت الشمس ساطعة في السماء. تجول في القرية وحيا الجميع بحرارة. ثم صافحه زعيم قبيلة ديلاوير.

سأله ماجوا: «هل تسببت أسيرتي في أي متاعب لكم يا تامينوند؟»

أجابه زعيم القبيلة: «لم تتسبب في أي متاعب، إنها مع باقي السجناء.»

سأل ماجوا: «هل وفقتم في الصيد؟»

أجابه الزعيم: «أجل، كثيرًا.»

قال ماجوا: «لقد أحضرت معي بعض الهدايا.» ثم أعطاه بعض المجوهرات التي أخذها من كورا وأليس.

قال تامينوند: «شكرًا لك. أنت محل ترحاب هنا.»

قال ماجوا: «هناك رجل بينكم ألحق الأذى بأفراد قبيلتك. ندعوه هوكاي. ربما يكون مختبئًا مع باقي السجناء.»

سأله تامينوند: «لماذا يلحق الأذى بأفراد قبيلتي؟»

أجابه ماجوا: «لطالما كان هوكاي عدوًّا لقبيلتك، إنه يقتل الناس دون أي اعتبار للشرف.»

عندئذ نهض تامينوند، ونادى على أفراد القبيلة، الذين بدءوا في التجمع في الخيمة الرئيسية. أخبر زعيم القبيلة الناس بالأنباء المروعة؛ إن هوكاي كان يقتل ذويهم.

•••

في غضون ذلك وقفت كورا بجانب أليس وسط مجموعة السجناء، ووقف دانكن خلفهما مباشرة. كان هوكاي محقًّا، فقد احتجزهم أفراد قبيلة الديلاوير، دون أن يلحقوا بهم الأذى. وقفت مجموعة السجناء وأحاط بهم المحاربون من كل اتجاه.

تقدم تامينوند وقال: «من منكم هوكاي؟»

لم يجب دانكن أو هوكاي، الذي وقف على مقربة منه. كان هوكاي قد تسلل إلى مخيمات ديلاوير في ساعة مبكرة ذلك الصباح. أما أنكس فلم يكن هناك؛ كان مختبئًا في الغابة.

نظر دانكن حوله ورأى ماجوا؛ فأدرك على الفور أن ماجوا أخبر تامينوند بقصص كاذبة.

قال هوكاي: «أنا من تبحث عنه، أنا المدعو هوكاي.»

قال دانكن: «كلا، أنا هوكاي، قد لا أبدو كالمرشدين، لكنني أؤكد لك أنني هوكاي.»

أخذ زعيم القبيلة ينظر إلى دانكن وهوكاي في حيرة من أمره لأن الاثنين يزعمان أنهما هوكاي.

قال تامينوند: «يقول أخونا ماجوا إن شخصًا خائنًا تسلل إلى مخيمنا.» ثم استدار إلى ماجوا وسأله: «أي منهما هوكاي؟»

أشار ماجوا إلى هوكاي.

صاح دانكن: «أتصدق ذئبًا مثله؟»

استدار زعيم القبيلة إلى دانكن قائلًا: «تبدو كجندي أكثر مما تبدو مرشدًا. أستطيع تبين ذلك بوضوح الآن. هذا الرجل هو هوكاي.»

وأشار إلى هوكاي الذي كان يقف خلف دانكن مباشرة وقال: «سنستمع إلى ما سيقوله ماجوا.»

برز ماجوا من بين الحشد، وتطلع إلى جميع السجناء جيدًا. ثم بدأ يتحدث. كان كلامه مقنعًا، لكن زعيم القبيلة أراد معرفة سبب حضور ماجوا. أجابه ماجوا: «العدالة؛ تحتجز قبيلة الديلاوير سجناء ألحقوا الأذى بأشقائي.»

أومأ تامينوند قائلًا: «العدالة مهمة؛ خذ أسراك وارحل. لا نحتاج إلى سماع خطبة أخرى.»

خرج خمسة من المحاربين الموالين لماجوا من بين الناس وأمسكوا بدانكن وكورا وهوكاي وأليس.

صاحت كورا: «انتظر! أنت زعيم طيب وعادل يا تامينوند، رجاءً لا تصدق أكاذيب هذا الرجل.» وجثت على ركبتيها وأردفت: «إذا تركته يأخذنا فستعرض حياتنا لخطر كبير.»

نظر تامينوند إلى الشابة الجميلة نظرة حنونة. قالت كورا: «لا أطلب منك إنقاذي، لكن أنقذْ شقيقتي، فهي ابنة رجل مسن. لا تسمح لهذا الوحش أن يأخذها منه، ألست أبًا؟ ألا تتفهم ما أقوله؟»

قال تامينوند: «أنا أب لهذا الشعب.»

قالت: «إذن، رجاءً استمع إلى شخص من قبيلة أخرى وهو يتحدث عنا. لعله يوضح لك الحقيقة قبل أن تسمح لماجوا بأن يأخذنا معه.»

أومأ تامينوند وقال: «دعوه يحضر.» وقفوا في انتظار أنكس، لكن لم يكن هناك سوى صوت الرياح التي تتخلل أوراق الأشجار.

•••

بعد مرور لحظات حضر أنكس إلى منتصف الدائرة. تقدم ببطء، ثم جلس أمام تامينوند. تحدثا معًا وقتًا طويلًا، لكن لم ينجح أنكس في إيضاح كل ما حدث للزعيم العجوز. اندلع شجار، وبمحض الصدفة مزق بعض رجال تامينوند قميص أنكس.

توقف الرجال عن القتال ما إن رأوا وشمًا لسلحفاة صغيرة بجسد أنكس، وهو رمز لقبيلة الموهيكان.

سأله تامينوند: «من أنت؟»

أجاب أنكس: «أنا أنكس، ابن تشينجاتشجوك.»

قال تامينوند: «مستحيل! هل هذا أنت حقًّا؟ ابن الموهيكان العظيم هنا؟ أنكس، يجب أن تخبرنا بحقيقة ما حدث. لقد ظننا أن الموهيكان ماتوا جميعًا.»

أومأ المحارب الشاب، وأخبر الزعيم العجوز بكل شيء عن هوكاي، وعن وقوفه بجانبه وبجانب أبيه. ثم تحدث معه عن ماجوا وأخبره بما فعله مع كورا وأليس من أشياء مروعة.

وفي النهاية أقنع تامينوند بإطلاق سراح دانكن وأليس وهوكاي. لكن ماجوا رفض أن يرحل دون أن يأخذ معه كورا. وقال تامينوند إن ذلك ثمن زهيد مقابل أن يعم السلام.

قال هوكاي: «كلا …» وتقدم للأمام مردفًا: «خذني أنا معك بدلًا من الفتاة.»

تردد ماجوا دقيقة، ثم قال: «وماذا سأفعل بك أيها المرشد العجوز؟» ثم جذب كورا إليه وخرج بها من القرية. وراقبت القرية بأسرها ماجوا وكورا وهما يختفيان داخل الغابة.

بعد أن اختفى ماجوا وكورا عن الأنظار غادر أنكس الحشد ودخل إلى الخيمة ليفكر. وبعد مرور ساعة تقريبًا خرج وهو يصيح بصوت عال وألقى بفأسه نحو شجرة.

ألقى أنكس خطبة رائعة، وأقنع العديد من محاربي قبيلة الديلاوير بالقتال إلى جانبه هو وهوكاي. اصطحب معه اثنين من أفضل مرشدي الديلاوير، وأمر باقي المحاربين بانتظار تعليماته بالقرية.

انضم دانكن إلى هوكاي، بعد أن وعد أليس بأنه سيحافظ على نفسه. تسللت المجموعة الصغيرة في بطء داخل الغابة، وكانت تسير في حذر كي لا تصطدم بجواسيس قبيلة الهيرون. وسرعان ما عثروا على مخيمات الهيرون وكانوا على وشك إطلاق النيران لكن هوكاي قال: «انتظروا! إنه ديفيد جاموت، العازف.»

وعندما اقترب ديفيد نحوهم أسرع هوكاي إليه وساعده حتى وصل به إلى مكان آمن.

سأله هوكاي: «كم عددهم هناك؟»

أجابه ديفيد: «هناك أعداد كبيرة منهم. وماجوا هناك، ومعه كورا. تركها داخل كهف.»

قال هوكاي: «داخل كهف! قد تكون هناك فرصة لإنقاذها.»

جلس أنكس وهوكاي ليفكرا معًا ويخططا للهجوم على ماجوا ورجاله.

•••

شقت مجموعة محاربي قبيلة ديلاوير إلى جانب دانكن وديفيد طريقهم في الغابة. ووصلوا إلى جدول صغير، وسأل هوكاي هل يعلم أي من المحاربين الشبان إلى أين يؤدي هذا الجدول. قال أحدهم إنه يؤدي إلى الجبال.

فقال هوكاي: «ظننت ذلك أيضًا، سنتبعه حتى نجد أثرًا لماجوا.»

أخذ هوكاي ديفيد جانبًا وقال: «هؤلاء محاربون، استعنا بهم لمساعدتنا في هذه الرحلة. أرى أنه من الأفضل لك أن تمكث هنا وتكون بأمان.»

لكن ديفيد قال: «أشعر في قرارة نفسي أنني أود مساعدة كورا، إنها حنونة وطيبة، وسأكون سعيدًا إذا حاربت من أجلها.»

أومأ هوكاي برأسه وقال: «حسنًا، لنذهب.»

اختبأ الرجال خلف الشجيرات الكثيفة أثناء تقدمهم. واضطروا إلى الزحف على أياديهم وأرجلهم، والزحف على بطونهم. وتوقفوا كل بضع دقائق للاستماع إلى الأصوات بالغابة. شقوا طريقهم إلى النهر دون أن يراهم أحد.

قال هوكاي: «لم يتبق هنا سوى القليل من الأشجار الحية. لا بد أن حيوانات القندس تسببت في ذلك. لم يعد لدينا غطاء، علينا توخي الحذر.»

كان هوكاي محقًّا، فقد كانت هناك سدود بنتها حيوانات القندس وبرك صغيرة في كل مكان. كانت الأشجار الهالكة ملقاة في كل اتجاه. سمعوا صوت فرقعة عالية، فأحنوا رءوسهم جميعًا.

همس هوكاي: «توخوا الحذر يا رجال.»

دوت صيحة عالية في السماء، صدرت من مجموعة صغيرة من مرشدي الهيرون! لقد رأوا هوكاي ورجاله وأسرعوا عائدين إلى معسكرهم.

صاح هوكاي: «هجوم!» وانطلق هو ودانكن والمحاربون. اندلعت معركة ضارية، وفي غضون دقائق تقاتلوا رجلًا لرجل، وتشابكوا بالأيدي! وفجأة، ظهر تشينجاتشجوك والجنرال مونرو، وقاتلوا إلى جانبهم.

لم يستطع ماجوا ورجاله المنكسرون الصمود أمام محاربي الديلاوير والجنود الإنجليز والموهيكانيين الشجاعين؛ فانسحبوا!

أصيب العديد من محاربي قبيلة ديلاوير، لكنهم انتصروا في الجولة الأولى. وبعد استراحة قصيرة هجم هوكاي ورجاله ودارت معركة ثانية.

وبينما قاد تشينجاتشجوك مجموعة من المحاربين في اتجاه، سلك هوكاي وأنكس اتجاهًا آخر. وسرعان ما وصلا إلى منتصف معسكر الهيرون.

وفجأة رأى أنكس ماجوا وهو يفر، فطارده. راقب هوكاي أنكس وهو يركض كالريح، فركض خلفه. وعندما كاد هوكاي أن يدركهما كان أنكس قد سقط قتيلًا. وإلى جواره المسكينة كورا؛ قتلهما ماجوا.

رأى هوكاي ماجوا وهو يحاول الفرار، فطارده وبداخله بركان غضب لم يشعر بمثله من قبل. وفي النهاية أمسك هوكاي بماجوا أعلى قمة جبل. دارت معركة بينهما، وفي غضون لحظة تمكن هوكاي منه، وبدفعة أخيرة سقط ماجوا من فوق جرف، ولقي حتفه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤