نص المسرحية

الشخصيات

  • فرانك

  • جلاديس

  • بواب

  • ميرتل تريلوني

  • مستر مورتيمر

  • مستر كورتني سميث

  • سير جون

  • لورد كوت

  • بيريل بلاي

  • عاملة السنترال

  • أيفي، كمسارية أتوبيس

  • بواب ٢

ينبغي أن يتضح من أول كلمات تتفوه بها جلاديس في المسرحية أنها هي عاملة التليفون التي تقول كم الساعة الآن. وأنها قامت بهذا العمل لفترة طويلة.

ولهذا فإن حديثها مكتوب على عمودين؛ فالعمود إلى اليسار يمثل الساعة الناطقة، والتي لا تتوقف في الظاهر عن الحديث؛ ولكننا في الواقع نستمع إلى صوتها مباشرة وليس من خلال التليفون (إلا إذا نص على خلاف ذلك).

أما العمود إلى اليمين فيمثل أفكارها التي لا تفصح عنها، وهذا بطبيعة الحال أهم كثيرًا من الآخر. وينبغي أن يتضح من النص أيضًا أننا أحيانًا ما نحتاج إلى صوتها التليفوني (الساعة الناطقة) في الخلفية باعتباره «لحنًا مناقضًا» لما تقوله، وأحيانًا ما يطغى عليه تمامًا صوت أفكارها التي تزداد أهميتها من لحظة إلى أخرى، وفي اللحظات التي يعود فيها صوتها التليفوني ويتداخل في الحديث لا تنص الإرشادات المسرحية على ذلك مباشرة؛ لأن ذلك يعتمد على ما تستغرقه كلماتها من وقت (أي حسب الإيقاع الذي يتصوره المخرج) ولكن الإرشادات تقترح الوقت الذي يمكن أن يستغرقه نطق كلماتها، ويظهر هذا في النص هكذا «٣-٤ ثوانٍ».

وتتولى جلاديس أيضًا تشغيل إشارات ضبط الوقت، وينص على هذا هكذا «بيب – بيب – بيب» وبعض ما تقوله جلاديس يشغل مركزًا وسطًا بين الشعر والنثر. وقد حاولت إلى حدٍّ ما أن أُوحِيَ بهذا بأن أجعل حديثها ذا قافية من نوعٍ ما؛ ولكن ينبغي ألا يكون إلقاؤها للشعر ذا طابع إنشادي.

«المؤلف»

المشهد الأول

(فرانك وهو سائق أتوبيس، يدير قرص التليفون ليطلب الساعة الناطقة.)

جلاديس (في التليفون) : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثامنة وتسعًا وخمسين دقيقة بالضبط.
فرانك (في دهشة وغير مصدق) : غير معقول!

(بيب. بيب. بيب.)

(صمت.)

… عند الدقيقة الثالثة ستكون الساعة الثامنة وعشر ثوانٍ.

(في أمل ورهبة.)

هل يمكن أن تكون؟ …

(بيب بيب بيب.)

… عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثامنة، وعشرين ثانية.

(في فرح) إنها هي! جلاديس!

(بيب بيب بيب.)

حبيبتي جلاديس!

(إظلام)

المشهد الثاني

(خارجي. ضجة السيارات في الشارع. تدق ساعة بيج بن التاسعة صباحًا. قطع إلى داخلي. لا توجد ضجة سيارات. تُسمع دقات ساعة بيج بن على البعد.)

البواب (يتمتم) : التاسعة! بدأنا اليوم المعتاد!

(الذي يحدث هو أن ميرتل، ومورتيمر، وكورتني سميث، السير جون، ورئيس مجلس إدارة مصلحة المواصلات (اللورد كورت) يدخلون من الشارع على التوالي مع الدقات الأولى والثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة لساعة بيج بن. (أما الدقات الثانية والرابعة والسادسة والثامنة فنسمعها من خلال الباب الموصد) كل مرة يفتح فيها الباب نسمع ضجيج السيارات في الشارع مما يزيد ضجيج دقات الساعة.)

(باب الشارع.)

البواب : صباح الخير يا مستر تريلوني.
ميرتل (في مرح) : أهلًا يا تومي.

(يختفي خلال الباب.)

البواب : صباح الخير يا مستر مورتيمر.
مورتيمر (في نبرات متعبة) : صباح الخير يا توم.

(يختفي خلال الباب.)

(باب الشارع.)

البواب : صباح الخير يا مستر كورتني سميث.
ك. سميث (سارحًا) : صباح الخير يا مستر طومسون.

(يختفي خلال الباب.)

(باب الشارع.)

البواب : صباح الخير يا سير جون.
سير جون: (في لهجة ترفع) آ … طومسون!

(يختفي خلال الباب.)

(باب الشارع.)

البواب : صباح الخير سيدي اللورد.
اللورد : صباح الخير يا تومي (يهمس) هل حدث شيء؟
البواب : كل شيء في موعده يا سيدي اللورد!
اللورد : عظيم … عظيم.

(يختفي خلال الباب.)

مورتيمر : صباح الخير يا سيدي اللورد.
اللورد : صباح الخير يا مسز تريلوني.

(يختفي خلال الباب.)

مورتيمر : صباح الخير سيدي اللورد.
اللورد : صباح الخير … آ … مورتيمر.

(يختفي خلال الباب.)

ك. سميث : صباح الخير لورد كوت.
اللورد : صباح الخير مستر سميث.

(يختفي خلال الباب.)

سير جون : أهلًا أهلًا يا كوت!
اللورد : صباح الخير يا جاك!

(يختفي خلال الباب.)

بيريل : صباح الخير يا سيدي.
اللورد (مدهوشًا) : من أنتِ؟
بيريل : أنا جديدة.

(وقفة.)

اللورد : لاحظت أنني لم أركِ من قبل … جديدة؟ ماذا تعملين؟
بيريل : سكرتيرة جديدة يا سيدي … اسمي الآنسة بلاي. نقلوني ليلة أمس إلى هنا من مكتب استفسارات الدليل.
اللورد : حسن … وماذا حدث للسكرتيرة القديمة؟ الآنسة — أقصد.
بيريل : أصيبت بالجنون — فيما يبدو — يا سيدي في الساعة الواحدة وثلاث وخمسين دقيقة صباحًا … فأتيت مكانها على الفور.
اللورد : عظيم … عظيم! هيئة المواصلات لا تنام أبدًا … هل تعرفين النظام المتبع هنا؟
بيريل : في الحقيقة …
اللورد : بسيطة جدًّا. أنا — طبعًا — رئيس مجلس إدارة هيئة المواصلات. أنا رئيس الجميع، وخاصة خدمات التليفونات. وهي كما يلي: اكتبي هذه الحروف، إذا أدرت قرص التليفون على هذه الحروف، أتتك الخدمات التي سأشرحها. اكتبي: إذا أدرتِ الحروف (ح، ك، م) استطعتِ أن تعرفي نتيجة مباراة الكريكيت.
ش، م، س. حالة الجو اليوم.

ب، و، ب. موسيقى راقصة.

ر، ﻫ، ا، ن. نتائج سباق الخيل.

ا، ل، ﻫ. قراءة من الإنجيل.

ا، ك، ل. وصفة أكلة جديدة.

وهكذا … وهناك رموز كثيرة أخرى بما فيها أحبُّها إلى الناس وأهمها في نظري، وهي: س، ع، ت. أي الساعة الناطقة.

لا نستطيع؛ بل ولا نملك أن نغفل عن الوقت، وإلا ضعنا.

وهكذا تَرَينَ أن عملنا ينحصر في أن نتأكد من أن كل هذه الخدمات تعمل بكفاءة … نبدأ الآن في اختبار كفاءة هذه الخدمات.

دعينا أولًا نضبط ساعتَينا ثم نطلب الساعة الناطقة. مستعدة؟ حسب ساعتي الساعة الآن تقترب من التاسعة ودقيقتين وأربعين ثانية.

المشهد الثالث

(يتبع هذا المشهد مباشرة إشارة ضبط الوقت. بيب بيب بيب. نسمعها مباشرة، أي ليس من خلال التليفون، مثلما سنسمع جلاديس الآن.)

جلاديس : عند الدقة الثالثة، ستكون الساعة التاسعة ودقيقتين … إنها الساعة الناطقة.
وخمسين ثانية.

(بيب بيب بيب.)

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة التاسعة وثلاث دقائق بالظبط.

(بيب بيب بيب.)

أو بعبارة أخرى تسعة وثلاثة بالضبط؛ ولكن أي تاسعة بالذات، لا أستطيع أن أقول، وإذن فكيف أقول بالضبط؟
التاسعة وثلاث دقائق وعشر ثوانٍ

(بيب بيب بيب.)

الفكرة بدأت تهرب أو تغدو فكرًا آخر، أو قل بدأت تتكشف؛ لي إذ يعتقدون بأنهم اخترعوا الزمن لصالحهم. لإراحتهم.
ولذلك فتكوا بالزمن.

تقطَّع في أيديهم دقات أو تكات؛

ستون دقيقة،

اثنا عشر، وثنتا عشرة،

عشرون وأربع ساعة؛

حتى يعرف حائز قصب السبق

من حَطَّم أرقام الألعاب الأوليمبية.

ومتى نتوقف عن تقديم الأطباق لرواد المطعم

في بهو الفندق،

ومتى تبدأ أيام الموسم،

أو لا تُقبل أموال رهان الخيل،

ومتى نأوي للنوم،

أو نترك المحطة،

ونجدد طلب العضوية حين يحين الموعد ويفوت … بل حين يضيع الموعد، ويفوت الوقت،

حتى نعرف أين مكاننا،

وكم لبثنا،

بل زعموا ذلك أمرًا هامًّا،

حتى نعرف كم بقي لدينا، أو ماذا بقي من العمر.

وهل يهم ذلك؟

فيعرفون أننا عرفنا أنهم قد عرفوا.

إننا نعرف — أقصد أنهم يعرفون — طبعًا … وهكذا إلى الأبد.

(صوت الساعة الناطقة خافت ٢-٣ ثوانٍ.)

قد كنت اعتدت التعبير
بذكر الدوار من التكرار،

لكن الزمن يطول.

لدي دوار!

فعندما تطل من علٍ تصاب بالدوار؛

لهذا العمق وهذا البعد،

وتلك الضآلة،

ضآلة التلاشي.

بعيدًا تفر، وتجري بعيدًا،

حتى يتضاءل حجم الأحياء إلى لا شيء.

وتنقلب موازين حياة الناس.

عنياك تدور أولًا،

ويدور رأسك بعدها.

وإذا لم تشح بوجهك

أصابك الدوار.

وهكذا أرى الزمان،

ولا أستطيع أن أشيح،

ويصعد الدوار دائرًا

من الأمعاء إلى الرأس.

ينزع الغطاء.

أنا فارغة.

بأي حال فارغة.

أفرغت من زمن بعيد.

ولأنه يمضي

هذا التقسيم الأبدي

للزمن إلى قطع متساوية.

هذا الرصد الدائم.

ولأن الزمن نراه من البعد الشاسع،

إلى آخره،

يندفع بعيدًا.

يتضاءل معه حجم العمر،

إلى لا شيء.

هكذا.

(وقفة.)

وهكذا
تمضي الروح أولًا،

ثم يمضي العقل.

وإذا لم تشح بوجهك

أصابك الجنون!

(الساعة الناطقة ٢-٣ ثوانٍ.)

المشهد الرابع

(فرانك يدير قرص التليفون. منفعل ومتوتر. يتوقف الرنين في الطرف الآخر من التليفون ويُسمع صوت عاملة السنترال.)

العاملة : الرقم من فضلك.
فرانك : اسمعي! هل تعملون جميعًا في نفس المبنى؟
فرانك : أريد أن أتحدث إلى جلاديس جنكنز.
العاملة : ما رقمها لو سمحت؟
فرانك : إنها تعمل لديكم، في التليفون. فهمتي؟
العاملة : ألوه … هذه عاملة السنترال.
فرانك : أرجوكِ … أريد أن أُحَادث السيدة جلاديس جنكنز … أنا زوجها.
العاملة : السيدة جنكنز؟
فرانك : الساعة الناطقة.
العاملة : هل تريد أن تعرف الوقت؟
فرانك : لا! أريد جلاديس زوجتي! ما رقمها؟
العاملة : الساعة الناطقة؟
فرانك : نعم.
العاملة : واو، قاف، تاء!
فرانك : أريد أن أتحدث إلى رئيسها.
العاملة : حالًا يا سيدي … سأوصلك به حالًا.
جلاديس (في التليفون) : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة التاسعة واثنتي عشرة دقيقة وأربعين ثانية.
فرانك : لا تقلقي يا جلاديس … إنني أنا الذي يتحدث … فرانك!

(يستمر صوت الساعة الناطقة لجلاديس في الخلفية.)

هل تسمعينني الآن يا جلاديس؟ مر علي وقت صعب … رأيت الأهوال … ولا بد أن أقرَّ أنني قلقت عليك كثيرًا! أهذا ما تفعلينه إذن يا جلاديس؟ أرجوكِ توقفي لحظة يا حبيبتي … إنني فرانك … هل تسمعينني يا جلاديس؟ أعطيني إشارة أرجوكِ!

(وقفة. صوت الساعة الناطقة.)

أنا أعرف صوتكِ … إنه صوت جلاديس دون شكٍّ … هل يحتجزونك هناك؟ سوف أُخرجكِ من هذا المكان يا جلاديس … سأتكلم مع رئيسك الأعلى … سأحرك القضية فورًا يا جلاديس … سأستخدم الواسطة … لا تقلقي حبيبتي. ولكن بكل أسف، لا بد أن أتركك الآن يا حبيبتي! أنا أتحدث من تليفون المحطة، ولا بد أن يقوم الأتوبيس الآن.

(إيفي — وهي كمسارية أتوبيس — تدخل.)

إيفي : فرانك جنكنز، إن الركاب ينظرون في ساعاتهم.
فرانك (إلى إيفي) : قادم حالًا … (إلى جلاديس) هذه إيفي كمسارية الأتوبيس الذي أسوقه … أنتِ لا تعرفين إيفي … أنا أعمل على خطٍّ جديد … رقم ٥٢ الذي يصل إلى أكتون … ابتسمي يا حبيبتي … أنتِ تسمعينني الآن طبعًا! … سوف أتصل بكِ فيما بعد … وداعًا يا جلاديس … بالمناسبة يا جلاديس … كم الساعة الآن؟
جلاديس : التاسعة وأربع عشرة دقيقة بالضبط.
فرانك : شكرًا يا جلاديس … شكرًا جزيلًا … آه يا جلاديس!

(يضع السماعة.)

إيفي (خارج المسرح) : فرانك … الساعة التاسعة، وأربع عشرة دقيقة!
هل تتذكر الجدول؟!
فرانك (خارجًا) : اسمعي يا إيفي! لقد وجدتها … لقد وجدت جلاديس زوجتي!

المشهد الخامس

جلاديس (صوت مباشر) : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة التاسعة وأربع عشرة دقيقة وعشرين ثانية.

(بيب بيب بيب.)

عند الدقة الثالثة … أعتقد أنني لن أكترث … لا أعتقد أن ثمة ما يبرر ذلك … فليظل النائمون نائمين. كما يقول المثل! لأنني لن أغير شيئًا، أو أكسر القيود إذا عُدت؛ بل سأكون في وسط التيار … ألمح اللانهائية! سأكون الوحيدة التي رأت طرفيه يبتعدان عن الوسط!
كيف تحتفظ باتزانك بعد ذلك؟

لأنهم لا يعرفون معنى الزمن، ولم يجربوا الصمت الذي يسير فيه.

لا ينحاز لأحد،

ولا يأبه لشيء؛ كأنه إله!

لأنهم في الحقيقة لم يخترعوه أبدًا،

بل اخترعوا الساعة فحسب.

فالزمن لا يدق،

ولا يصفر إشارات ضبط الوقت،

ولا يقول أي شيء مطلقًا،

إلى الأبد.

لكنه يسير فحسب،

أمامهم وخلفهم وبدونهم؛

بدونهم؛ هذا أهم شيء،

وبدون أصابعهم التي تدير قرص التليفون،

وبدون النظام الدقيق

للاختبارات الروتينية والجداول الزمنية وضبط الوقت، والساعات الخمس عشرة، الأوتوماتيكية الضخمة الواقفة في البهو، أو الصغيرة ذات الطيور المغردة، والكهربائية، والدقاقة … ضد الماء والتراب والصدمات!

كل هذا لا قيمة له في ميزان الزمن؛

بل يجعلهم صغارًا مقيدين،

مشدودين لعقرب الدقائق،

كأنما وقفوا في محطة سكة حديدية، يكافحون دون أمل، وقد تعلقت عيونهم الحزينة بالشاشة الصامتة عند اقتراب الموعد؛ إذ ينحرف القطار السريع عند المنحنى وينطلق (بينما لا يأتي قطار «اللبرادور الذهبي» — الذي كان يمكن أن ينقذهم — في موعده).

(٢-٣ ثوانٍ.)

وهم لا قيمة لهم إذا قيسوا باللحظة التي يتكون فيها جبل الجليد وينصهر، ومع ذلك فهم لا يزالون يحاولون التسابق، يضبطون ساعاتهم بعضها علي البعض، ويعدون الدقات؛ حتى ينالوا الكثير من القليل المتاح لهم.يسجلون ساعة الدخول والخروج،ويسرعونحسبما تقضي به الجداول الزمنية،
ثم يعدلون جداولهم، لتتمشي مع سرعتهم،

ثم يقارنون بعضهم بالبعض،

ويهنئون بعضهم بعضًا.

لقد استطاعوا اختصار دقيقة؛

حتى تتاح لهم دقيقة أخرى

في مكان آخر،

في مكان آخر ووقت آخر،

تكفي لسلق ثلث بيضة سلقًا خفيفًا،

أو سلق خمس بيضات سلقًا كاملًا.

(بالضبط. بيب بيب بيب. ٣-٤ ثوانٍ.)

هذه خدمة — بطبيعة الحال — إذا أردت! فهم يديرون قرص التليفون لينالوا ما قيمته عشرون ثانية من الزمن، ثم يهرعون وقد حوتهم الثواني العشرون حتى يأتي موعد التصويب التالي للوقت، دون أن يعوا بشاعة ما يفعلون.
وتفاهة ركضهم الدائب؛

بل يعون فقط سلطان صوتي.

صوت الشمس نفسها

أدق وأضبط من الساعات السويسرية،

قاطع،

مقدس.

(٢-٣ ثوانٍ. خافتة جدًّا.)

لو كان يمكن أن يغير من الأمر شيئًا، لرفضت الاشتراك في هذه اللعبة، وخربت الوهم الكبير،
بالتدريج، لحطمته قليلًا كل يوم،

ولو كان ذلك سيغير من الأمر شيئًا؛

ولكن هل يمكن تغيير شيء حقًّا إذا سعلت أو تقدمت بالزمن دقيقة؟

سيصوبون ساعاتهم علي أساس الخطأ الذي ارتكبته،

وإذا توقفت لأوضح

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة.

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة … (تستمر ٣-٤ ثوانٍ)

يكون الوقت قد فات، فلا أستطيع أن أدرك التوقيت الصحيح، يكون قد فات. فات وفات أيها السادة … وسوف يشتكون لهيئة المواصلات.

وإذا توقفت تمامًا

توقفت وحسب، ولم أعد أتظاهر فلن يغير ذلك من الأمر شيئًا؛

فالصمت هو صوت الزمن السائر.

(١-٢ ثانية. خافتة.)

لا تسأل متى بدأ البندول في التأرجح؛
لأنه لا يوجد بندول،

لا توجد إلا ساعة تدق وتدق،

فليس الذي يدق هو الزمن،

وليس ما يتوقف هو الزمن.

(١-٢ ثانية. تخبو بسرعة.)

المشهد السادس

صوت في التليفون: ثلاثون دقيقة في الفرن، على درجة حرارة متوسطة، حتى يحمر وجهها، أو يصبح عسليًّا … تكفي لستة أشخاص.

اللورد (واضعًا السماعة) : جميل … انتهينا من هذا … غيره … غيره!
بيريل : هذا آخر القائمة يا سيدي.
اللورد : إذن فلنبدأ من جديد. لا بد من الاهتمام الدائم المستمر.
فاهمة؟ ينبغي أن تقومي بالعمل بدلًا مني بعد الظهر؛ لدي اجتماع مجلس إدارة.
بيريل : وهو كذلك يا سيدي.
اللورد : لا تقولي يا سيدي … قولي سيدي اللورد.
بيريل : وهو كذلك سيدي اللورد.

(يرن التليفون)

ألو؟
حسنًا؟
فرانك : الموضوع خاص بزوجتي.
بيريل : ماذا بها؟
فرانك : هل هي لديكم؟
بيريل : هذا مكتب اللورد.
فرانك : أريد الرئيس الأعلى للساعات الناطقة.
بيريل : اسمك لو سمحت؟
فرانك : جنكنز، والموضوع يختص بزوجتي جلاديس.
إنها الساعة الناطقة.
بيريل : لحظة من فضلك.
سيدي اللورد، شخص اسمه مستر جنكنز، يقول إن زوجته هي الساعة الناطقة.
اللورد : من أغرب ما سمعت! قولي له لا علم لنا بما يدعيه.

المشهد السابع

جلاديس (مباشرة) : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الحادية عشرة والنصف بالضبط … (بيب بيب بيب.)
حبيبي فرانك!

نعم. رأيته لأول مرة في حفلة راقصة، وملت إليه منذ اللحظة الأولى. قال لي مداعبًا: «إذا كنتِ سعيدة فأنا أمين».

يتلاعب بالألفاظ!

كان لدينا وقت للضحك.

والوقت الذي استغرقته في الضحك، رفرفت فيه أجنحة النحلة مليون مرة!

كيف يمكن منافستها؟

كان الأتوبيس الذي يقوده يمر تحت نافذتي مرتين

كل يوم، حينما كان يعمل على الخط القديم،

كل يوم، فيطلق النفير، ويلوح بيده، ثم يمضي؛

توت توت توت.

كل شيء كما هو.

لو لم تكن تعلم،

وأعلم الآن

أنه يحافظ على جدوله الزمني بدقة.

فرانك!

يمكنك أن تضبط عليه الساعة،

لا الزمن؛ فالزمن يطير منك ولا يعود.

وسوف يكون الركاب بعد زمن ما موتى،

ويتحول الأتوبيس إلى خُردة،

والخردة إلى ترابٍ

تذروه الرياح،

وتلقيه إلى الأخدود

حين تنشق الأرض وتتمزق بسرعةِ رفرفة جناحَي النحلة.

حبيبي فرانك. كان لديه الوقت، كان وقته يتسع لي؛ بل يتفرغ لي آنذاك.

(بيب بيب بيب.)

المشهد الثامن

(في الشارع يتوقف الأتوبيس الذي يقوده فرانك فجأة، يفتح باب السائق ويغلق بسرعة، ثم يجري على الرصيف، ثم يدخل من باب متقطع الأنفاس وفي عجلة كبيرة من أمره.

فرانك : هيه، اسمع، من المسئول هنا؟
البواب : أنا … هل هذا أتوبيسك؟
فرانك : من الرئيس الأعلى هنا؟ قل، أسرع!
البواب : لا تستطيع أن توقف الأتوبيس هنا بعد الساعة السابعة في الشهور التي يشتمل اسمها على حرف الراء، أو قبل التاسعة في الشهور التي يخلو اسمها من الراء؛ وذلك إلا في يوم عيد الميلاد، وعيد ميلاد رئيس مجلس الإدارة إذا حلَّ موعده أثناء الصوم الكبير.
فرانك : لدي موعد مع رئيس مجلس الإدارة.
البواب (أصوات أبواق السيارات) : يبدو أنك أحدثت اختناقًا في المرور!
فرانك : في أي دور هو؟
البواب : لا يصعد إلى «الدور» في هذا الوقت المبكر!
هل هذه هي الكمسارية التي تعمل معك؟

(ينفتح الباب بشدة)

إيفي : فرانك! ماذا تفعل؟
فرانك : اهدئي. اهدئي (إلى البواب) اسمع! سوف أمر ببابك ثانية في الواحدة وأربع عشرة دقيقة. قل له أن يستعد.
الكمسارية : فرانك، سوف نتأخر.
فرانك (منصرفًا بسرعة) : لم نتأخر أكثر مما ينبغي؛ لدي تسعون ثانية … أستطيع أن أختصر هذا الزمن وأنا أدور حول الحديقة.

(خروج. قطع.)

المشهد التاسع

(في الشارع يتوقف الأتوبيس الذي يقوده فرانك ثانية. نفس صفقة الباب ونفس صوت الخطوات. نفس الباب ونفس العجلة اللاهثة.)

فرانك : أين هو؟ أمامي خمس وتسعون ثانية.
البواب : من؟
فرانك : من أنت؟
البواب : ماذا تريد؟
فرانك : أين البواب الآخر؟
البواب : ذهب لتناول الغداء؛ إنها الواحدة وأربع عشرة دقيقة.
فرانك : لا يهم، أين رئيس مجلس الإدارة؟
البواب : إنهما يأكلان معًا.

(ينفتح الباب بصوت مدوٍّ.)

الكمسارية : فرانك جنكنز!
البواب : مثل الأخوين.
الكمسارية : هل نسيت جدول المواعيد؟!
فرانك (للبواب) : اسمع، سوف أعود إليكم في الثانية وسبعٍ وأربعين دقيقة.
الكمسارية (في صوت يقترب من البكاء) : أرجوك أن تذكر جدولك!
البواب (يسمع صوت بوق الأتوبيس) : ها ها! هل هذا صوت أتوبيسك؟
فرانك (يجري للخارج مسرعًا) : الثانية وسبع وأربعون دقيقة، قل له إن الموضوع خاص بجلاديس جنكنز!

المشهد العاشر

جلاديس (في التليفون) : … الثالثة وأربع عشرة دقيقة وعشرون ثانية … (بيب بيب بيب.)
اللورد (واضعًا السماعة) : بالضبط … غيره!
بيريل : ا، لا، ﻫ. يا سيدي اللورد!
ا، ل، ﻫ (في التليفون) : في البدء كانت السماء والأرض …

(خروج.)

المشهد الحادي عشر

جلاديس (مباشرة) : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثالثة وأربع عشرة دقيقة وخمسين ثانية.
يتابع يتابع يتابع!

يومًا ما سأسبب له ألمًا يحتاج لمتابعة الطبيب.

دق يدق، ودق يدق.

تك تيك، وصك يصك!

بيب بيب بيب.

اضبط ساعتك على صوتي، فأنا لا أتهاون أبدًا وأنا أهل للثقة.

أيها اللورد … أيها الإله! أنا أَمَتُك.

تدريب التدريب المضبوط.

… بالضبط.

(صوت نقرة ويدخل صوت فرانك في الخط.)

(نسمعه وتسمعه جلاديس في التليفون.)

فرانك : ألو … جلاديس، أنا فرانك، لا بد أنك تتساءلين عما فعلت.
سأقول لك، لقد تعِبت حتى وصلت إلى المسئول الحقيقي؛ ولكن لا تقلقي؛ لأن رحلة الأتوبيس القادمة ستتيح لي الوقت اللازم، سوف أقف على باب مكتبه في منتصف ساعة الذروة، مما سيتيح لي أربع دقائق كاملة، هل تسمعينني جلاديس؟ (صمت) جلاديس! حبيبتي … كلميني! أريد أن تعودي. سأدعكِ تفعلين ما يحلو لكِ إذا رجعتِ … كوني راهبة إذا كان هذا ما تريدينه حقًّا … جلاديس! إنني أحبكِ … جلاديس … اصبري يا حبيبتي … اصبري قليلًا … وسوف أخرجكِ من هذا المكان.

لا بد أن أذهب الآن يا جلاديس. إيفي تنادينني. (يضع السماعة).
جلاديس : أسمعهم جميعًا
وهم لا يعرفون،

لا يعرفون ما يجعلهم يتحدثون إليَّ.

أسمع صوت أنفاسهم

وهم يتوقفون ويصغون،

وأحيانًا نقيق ملء ساعاتهم،

واستعادة شارة ضبط الوقت إلى أقرب دقيقة؛

ولكنهم لا يطرحون أسئلة أبدًا.

سؤال لا يُسأل أبدًا؛

بل يظل مفتوحًا دائمًا

يريد إجابة مختلفة

كل عشر ثوانٍ.

حتى أتى فرانك

آه يا فرانك! لقد عرفت صوتي،

ولكن كيف أجيبك؟

يمكن أن أُحطم هذه المؤسسة كلها

إذا سعلت.

أو أصعقهم إذا تأوَّهت.

(تنهنه بعبرات مخنوقة للحظات.)

كنت سأصبح راهبة ولكنهم رفضوني؛ لأنني غير مؤمنة، أو لأن إيماني لا يكفي، والحق أنني كنت أومن بمعظم تلك المسائل، أوكنت على استعداد للإيمان بها؛ ولكن إيماني لم يكن كاملًا بالدرجة التي حددوها؛ إذ لم أقبل مثلًا كونه ابن الله — هذه هي النقطة التي قضت على آمالي — إذ إن هذه النقطة كانت محل الخلاف. حقًّا، كانت إحدى النقاط الرئيسية كما قالت لي؛ إذ بدونها ممكن أن تعتبر إيمانك نوعًا من الإيمان بزوج من الجوارب القديمة أو شيء من هذا القبيل.
سألتها أن تتساهل معي؛ ولكنها أصرت على الرفض. طلبت منها أن تدعني أعيش في الدير دون أن أصبح راهبة حقيقية؛ إذ قلت لها إنني لا آبَهُ حقًّا لهذا أو ذاك، أو كان ما أشعره هو الجلال والوقار — إلى جانب الملابس النظيفة طبعًا — ولكنها رفضت.

(كأنما تولول.)

ولكن الأمر مختلف تمامًا!
هذا ما تصورته؛ الاطمئنان!

آه يا فرنك! أخبرهم؛

لن أستمر، سوف أنهار

وأعطس تقوى الله في وجه إيمانهم،

الذي يضبط أجراس الإنذار

لسلق البيض، واللحاق بالقطار

وأخذ فسحة بالقهوة.

إيمانهم بأجهزة توقيت لا تهم،

أجل، إذا انهرت،

إذا خرجت عن الخط وتهت،

إذا غيرت الإيقاع، أو تحركت القضبان وانحرفت وأصبت بالجنون.

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثالثة وثماني عشرة دقيقة وعشرين ثانية.

ثم ماذا؟

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثانية وثماني عشرة دقيقة وعشر ثوانٍ.

(بيب بيب بيب.)

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثالثة وثماني عشرة دقيقة وعشرين ثانية.

(بيب بيب بيب.)

عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الثالثة وثماني عشرة دقيقة وثلاثين ثانية.

(بيب بيب بيب.)

عند الدقة الثالثة …
عند الدقة الثالثة سيكون الوقت قد فات، فلا يمكن إصلاح شيء!

أيها السادة!

عند الدقة الثالثة …

فريق مانشستر سيتي هدفان، ومباراة الكريكيت نتيجتها ٤٣ لصالح مقاطعة لانكشير بعد سبع محاولات.

عند الدقة الثالثة

فريق شيفيليد ونزداي

ملبد بالغيوم وكذلك فينسيتر.

(تحاكي الملكة.)

أتمنى لكم أسعد الأوقات في عيد الميلاد،
وبارككم الله في كل مكان.

والآن رئيس الوزراء!

أيها السادة! لقد انتهت اللعبة، وقد جعلتكم تبكون.

والآن سيدي اللورد!

لا تصابوا بالجنون عندما يصاب الجميع حولكم على ظهر السفينة المحترقة!

آه يا فرانك! النجدة!

أنقذني!

المشهد الثاني عشر

(أتوبيس فرانك يتوقف فجأة. نفس المكان، نفس صفقة الباب، نفس وقع الأقدام، نفس صوت انفتاح الباب، ونفس العصبية اللاهثة.)

فرانك : اسمع … لا داعي لتضييع الوقت … أين هي؟
البواب : ماذا تريد؟
فرانك : إنني أبحث عن زوجتي.
البواب : الاسم؟
فرانك : جنكنز … أنت تعرفني!
البواب : أنا أسأل عن اسمها هي!
فرانك : آسف! اسمها مدام جنكنز.
البواب : جميل … واسمك أنت؟
فرانك : جنكنز.
البواب : درجة القرابة؟
فرانك : زوجها.
البواب : كلام معقول حتى الآن.
فرانك : أريد أن أرى رئيسك.
البواب : ليس لدينا أحد بهذا الاسم هنا.
فرانك : فهمت لعبتك … إنها مؤامرة إذن؟
البواب (مع صوت بوق الأتوبيس) : هل هذا أتوبيسك؟
فرانك : أريد أن أتكلم مع رئيس الساعات الناطقة.
البواب (مع انفتاح الباب فجأة) : لقد أتت!
إيفي (الكمسارية) : لن أداري على ما تفعله بعد الآن يا فرانك جنكنز!
البواب : انتظر … لا تستطيع أن تدخل هناك!

(صوت باب.)

ميرتل : أهلًا!
فرانك : أين الرئيس الأعلى؟
فرانك : اخرسي! … أنت … يا من هناك … هل أنت الرئيس الأعلى؟
ك. سميث : في مجالي، أم بالنسبة للتدرج الوظيفي هنا؟
فرانك : إنني أتحدث عن جلاديس جنكنز.
ك. سميث : ليس هذا مجالي.
فرانك : لقد أخذت زوجتي.
ميرتل : استمر في السير كما أنت.

(صوت باب.)

مورتيمر : من أنت؟
فرانك : أريد زوجتي.
مورتيمر : اسمع يا صديقي، لكل شيء وقته ومكانه.
فرانك : أريدها أن تعود إليَّ!
مورتيمر : أرجوك يا عزيزي … لا تُحْدث فضيحة في المكتب.
فرانك : إنها محتجزة رغم إرادتها.
مورتيمر : أعتقد أن ذلك من شأنها هي … والواقع أن ميرتل تحبني مثلما أحبها.
فرانك : أريد زوجتي جلاديس.
مورتيمر : جلاديس؟ أليس اسمك تريلوني؟
فرانك : جنكنز، أين زوجتي جلاديس؟
مورتيمر : جلاديس.
فرانك : زوجتي!
مورتيمر : كيف تسمح لنفسك باتهام رجل له مثل أخلاقي الفاضلة؟ …

(صوت باب.)

ميرتل : عزيزي! إن كمسارية أتوبيس تريد الدخول.
مورتيمر : شكرًا يا مدام تريلوني!
إيفي (في استماتة) : فرانك! لقد بدأت السيارات في التحرك!
فرانك : أريد أن أرى رئيسك!
مورتيمر : ممنوع الدخول هناك!

(باب.)

ك. سميث : خيرًا؟
فرانك : هل أنت الرئيس الأعلى؟
مورتيمر : لا تؤاخذني يا مستر كورتني سميث، لقد اندفع هذا الرجل لتوه داخل …
إيفي : فرانك! أتوسل إليك أن تذكر الجدول!
مورتيمر : كيف تجرؤ على اتهام رجل مثل مستر سميث، ويتمتع بمثل أخلاقه الفاضلة.
إيفي : فرانك! لقد بدأ الركاب يلاحظون ما يجري!

(صوت باب.)

ك. سميث : أين ذهب؟
ميرتل : عزيزي ماذا يحدث؟
مورتيمر : مدام تريلوني! لا بد أن تخاطبيني باحترام.
ك. سميث : يا الله! لن يحتمل جهاز الحركة والوقت هذا التوتر والجهد!
إيفي (متباعدة) : فرااانك!

المشهد الثالث عشر

جلاديس (في انهيار بطيء، ولكن مؤكد) : عند الدقة الثالثة تكون الساعة الرابعة وثلاثًا وعشرين وعشر ثوانٍ.
عند الدقة الثالثة

سوف أترك هذا العمل.

نعم … نعم … إنه يتطلب أكثر مما أستطيع … أكثر مما يستطيع شخص واحد … أن يعرف كل هذا، وكل هؤلاء.

وعند الدقة الثالثة

سوف يأتي فرانك.

فرانك!

سوف أترك العمل الآن،

يمكن أن يستمر بدوني،

وسوف يستمر بدوني؛

فالزمن لا يحتاج إليَّ.

إنهم يتصورون أنني الزمن؛

ولكنني لست الزمن!

إنني جلاديس جنكنز، وعند دقة الثالثة

سأسعل،

وأعطس،

وأهمس بلفظ خارج

يطرح عشرة آلاف مريض بالقلب على مناضد التليفون، وسوف تسير القطارات بنصف حمولتها، وتتحول أكوام البيض الملعون إلى صخور بركانية، يتصاعد منها الدخان في طاسات جافة مشققة؛ بمجرد أن أصيح: خرم! (أي ثقب.)

هزبر!

(أسد)،

الزبور!

(كتاب مقدس.)

(تضحك ضحكًا هستيريًّا.)

نعم نعم …
سوف أفعل ذلك!

وهكذا سوف يسمحون لي بالرحيل.

لا بد من ذلك؛

لأن فرانك يعرف أنني هنا.

تعال أرجوك يا فرانك … إنني أحبك،

وعند الدقة الثالثة سوف …

نعم … سوف … نعم عند الدقة الثالثة سوف …

المشهد الرابع عشر

اللورد : والآن أيها السادة؛ إذ أعلن انتهاء ما أداه هذا المجلس من عمل، لا بد أن أعرب عن مشاركتي ما أصابكم من الملل!

(ضحكات وصيحات استحسان.)

وأعتقد أننا ينبغي أن نهنئ أنفسنا على تنوع وانتظام الخدمات التي نقدمها نحن في هيئة التليفونات إلى الجمهور، وذلك على الرغم من أعقد وأصعب المشاكل، وأعتقد أنني على صواب إذ أقول إن مباريات الكريكيت الأخيرة، والتي توقفت بسبب هطول المطر، كان يمكن إذا استمرت أن تدمر الخدمة التليفونية «ح، ك، م»، فالحمد لله أنها توقفت، وذلك رغم أن الجو المطير قد أجهد الخدمة التليفونية الأخرى الخاصة بحالة الجو اليوم: الخدمة «ش، م، س» … هل لديك ما تضيفه إلى هذا يا سير جون؟
سير جون : الواقع يا كوت — سيدي اللورد — ليس لدي إلا أن أشارك بقية أعضاء المجلس في تهنئتك بحرارة على تقريرك الممتاز.

(صيحات استحسان.)

اللورد : شكرًا! والآن هل هناك أمور أُخرى؟

(صوت الباب.)

فرانك (لاهثًا) : أين جلاديس جنكنز؟
اللورد : أيها السادة! اسمحوا لي أن أعلن فشل …
السير جون : نقطة نظام سيدي اللورد.
اللورد : ما هي يا جاك؟
السير جون : لا أعتقد أن هذا الرجل …
فرانك : لن أقبل المزيد من هذا الهراء! أين تحتجزون زوجتي جلاديس؟

(صوت باب.)

ك. سميث : عفوًا سيدي اللورد! ليس لهذا الرجل الحق في …
إيفي : فرانك! إن الركاب ثائرون هائجون! لقد ضاع كل شيء!
مورتيمر : عزيزي … اخرس!
فرانك : لعنة الله عليك! ماذا فعلتم بزوجتي؟
سير جون : لن نسمح لك أن تأتي إلينا بهذه التلميحات البذيئة الحقيرة يا تريلوني! ومهما كانت الشائعات التي وصلتك عن مؤتمر بورنموث — ما حدث أيام ذلك المؤتمر — فإن السيدة ميرتل وأنا …
إيفي : الركاب قادمون!

(اللورد يعيد الهدوء بأن يضرب المنضدة بمطرقة.)

(وقفة.)

(ضجيج الركاب الثائرين.)

اللورد : أيها السادة، أرجوكم! (وقفة) هل يمكن أن أعرف سر هذا النزاع؟
إيفي : الركاب يا سيدي.
فرانك : هل أنت الرئيس الأعلى؟
اللورد : بالتأكيد.
فرانك : ماذا فعلت بزوجتي جلاديس؟
مورتيمر : كيف تجرؤ على اتهام رجل مثل اللورد … وله مثل أخلاقه الفاضلة؟!
اللورد : أرجوك يا مستر مورتيمر … دعه يتكلم.
فرانك : إنها الساعة الناطقة.
اللورد : ماذا تعني؟ و، ق، ت؟
فرانك : جلاديس … نعم.
اللورد (مستغرقًا في الضحك) : يا صديقي العزيز … لا يوجد أحد اسمه جلاديس … ولا يمكن أن نولي زوجتك مسئولية الزمن … إنها آلة … كنت أتصور أن الجميع يعرفون ذلك.
فرانك : آلة؟!
اللورد : تصور أنها زوجته!

(ضحكات عامة.)

زوجته! تصور أنها زوجته!
فرانك : كان صوتها.
إيفي : أرجوك يا فرانك … افهم … لا يمكن أن يستخدموا جلاديس لهذا الغرض. إنها الساعة الناطقة وحسب.
فرانك : لقد تلقت تعليمها …
إيفي : أرجوك يا فرانك … هيا بنا أرجوك … هيا بنا، وإلا نالنا الويل على أيدي المفتش.
فرانك : ولكنها تحدثت إلي يا إيفي!
إيفي : لا يمكن.
اللورد : تحدثت إليك يا صديقي العزيز؟!
فرانك : ليس بالضبط …
إيفي : لا يمكن طبعًا … هيا بنا … هيا!
اللورد : انتهي الموضوع … عودوا إلى مكاتبكم أيها السادة …
لا بد أن نعوض ما فاتنا من وقت.

(يتحرك الجميع إلى الخارج.)

فرانك : ولكن صوتها كان مثل صوت جلاديس.
إيفي : لا بد من استمرار البحث عنها يا فرانك.

(اللورد. وحده.)

اللورد : يا للغرابة! ويا للعجب!

(صوت الباب.)

بيريل (في عجلة) : سيدي …
اللورد : ماذا بكِ يا آنسة بلاي؟
بيريل : الساعة الناطقة يا سيدي … كنت أتابع سيرها ثم …
اللورد : حسن … أديري قرص التليفون على و، ق، ت. وسوف أتولى الأمر بنفسي.
بيريل : حاضر يا سيدي اللورد (تدير القرص) ها هي يا سيدي اللورد.
جلاديس (في التليفون تنهنه نهنهة هستيرية) : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الخامسة وخمسًا وثلاثين دقيقة وخمسين ثانية …

(بيب بيب بيب.)

اللورد : يا مدام جنكنز … هذا هو اللورد يتحدث إليكِ.
جلاديس : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الخامسة وستًّا وثلاثين دقيقة بالضبط …
اللورد : يا مدام جنكنز … اضبطي أعصابك وكُفِّي عن البكاء.
ولقد تأخرت أربعين ثانية حسب ساعتي أنا.
جلاديس : عند الدقة الثالثة لا أعرف كم ستكون الساعة، ولا يهمني أن أعرف؛ لأن الزمن لا يدق على الإطلاق، وإنما يسير فحسب، ولقد رأيت الأبدية!
اللورد (صارخًا) : مدام جنكنز!
جلاديس (تخنقها العَبرات) : لا أستطيع الاستمرار!
اللورد : تعقلي أرجوكِ … هذا تصرف لا يليق بكِ على الإطلاق!
فلنحاول إعادة كل شيء إلى نصابه … هيا! تذكري الجمهور يا مسز جنكنز … هيا الآن هيا … عند الدقة الثالثة.
جلاديس : عند الدقة الثالثة …
اللورد : ستكون الساعة الخامسة وسبعًا وثلاثين دقيقة وأربعين ثانية.

(بيب بيب بيب.)

استمري بعد هذا.
جلاديس : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الخامسة وسبعًا وثلاثين دقيقة وخمسين ثانية …
اللورد : برافو! أهنئك على الدقة يا مدام جنكنز … تحكمي في نبرات صوتك الآن.

(بيب بيب بيب.)

جلاديس : عند الدقة الثالثة ستكون الساعة الخامسة وثماني وثلاثين دقيقة بالضبط …
اللورد : برافو برافو يا مدام جنكنز! برافو! سوف أتابع سيرك أثناء الساعة القادمة … كالمعتاد.

(يضع السماعة.)

جلاديس (صوت مباشر) : يتصور أنه الله!
عند الدقة الثالثة سوف تكون الساعة الخامسة وثماني وثلاثين دقيقة وعشر ثوانٍ.

(بيب بيب بيب.)

عند الدقة الثالثة …

(يتلاشى الصوت بالتدريج.)

(ستار.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤