مهرجان المتنبي

خطب فيه الناظم «هل كان المتنبي مجددًا؟» وتجد خطابه في الجزء الثاني من «على المنبر»، وقد بدأ خطابه بهذه التحية لدمشق.

لُبْنَانُ يَسْكُبُ فِي جُفُونِ الشَّامِ
قُبَلًا كَذَوْبِ الطَّلِّ فِي الأَكْمَامِ
قُبَلُ الشَّقِيقِ إِلَى الشَّقِيقِ حَمَلْتُهَا
وَمَزَجْتُ فِيهَا صَبْوَتِي وَهُيَامِي
قَالَتْ تُحِبُّ الشَّامَ، قُلْتُ وَهَلْ سِوَى
بَرَدَى يُبَرِّدُ يَا شَآمُ أُوَامِي؟
الشَّرْقُ شَرْقِي أَيْنَ لَاحَتْ شَمْسُهُ
وَدَمُ العُرُوبَةِ فِي دَمِي وَعِظَامِي
«لِي فِي هَوَى وَطَنِي كِتَابٌ خَالِدٌ
يَبْقَى عَلَى المَكْتُوبِ مِنْ أَيَّامِي»
«سَجَّلْتُ نَصْرَانِيَّتِي فِي مَتْنِهِ
وَنَشَرْتُ فَوْقَ سُطُورِهِ إِسْلَامِي»

•••

أَتَقُومُ سُوقُ عُكَاظَ تَحْتَ سَمَائِهَا
وَأَعَافُهَا وَابْنُ الحُسَيْنِ أَمَامِي
هُوَ ثَارَ ثَوْرَتَهُ فَهَلْ مِنْ شَاعِرٍ
لِيُعِيدَهَا فِي دَوْلَةِ الأَقْلَامِ
نَبْغِي الجَدِيدَ وَمَا الجَدِيدُ بِنَافِعٍ
إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي القَوْلِ وَالإِلْهَامِ

وختم بهذه الأبيات بلسان المتنبي:

سفرة في الحياة

يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
جَسَدِي النَّازِلُ مِنْ شَهْوَتِهِ
سُلَّمَ العَارِ وَرُوحِي السَّامِيَةْ
يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
مَشَيَا، كُلٌّ إِلَى غَايَتِهِ
مِثْلَ خَصْمَيْنِ، وَلَمْ يَخْتَصِمَا
فَهْوَ لَا يَشْبَعُ مِنْ لَذَّتِهِ
وَهْيَ، لَا تَعْرِفُ إِلَّا الأَلَمَا
يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
المَعَاصِي مِنْ نَصِيبِ الأَوَّلِ
وَكَفَافُ الزُّهْدِ حَظُّ الثَّانِيَهْ
غَرَّهُ المَالُ وَطِيبُ المَنْزِلِ
وَبِهَا سِرٌّ دَفِينْ
وَحَنِينْ
لِسَمَاءِ البَادِيَةْ
وَحَدِيثِ السَّاقِيَةْ
وَاللَّيَالِي الصَّامِتَاتِ النَّائِيَةْ
يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
عَاشَ مِنْ أَطْمَاعِهِ فِي لَجَبٍ
بَيْنَ شَكٍّ وَحَذَرْ
وَقُعُودٍ وَسَفَرْ
وَتَحَدٍّ لِلْقَدَرْ
يَتَبَاهَى، طَالِبًا مُلـْ
ـكًا وَجَاهًا، وَحُلَاهَا
زَهْرَةٌ مِنْ أَدَبِ
هِيَ فَخْرُ العَرَبِ
يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
أَبْغَضَ النَّاسَ كَثِيرًا وَأَحَبَّا
وَأَرَادَ العَيْشَ حَرْبًا
قَلَمٌ يَنْفُثُ سِحْرًا وَفَمٌ
وَحُسَامٌ لَيْسَ يَرْوِيهِ دَمٌ
وَعِتَابٌ وَهِجَاءْ
وَرِضًى بَعْدَ جَفَاءْ
فَهْوَ مَا بَيْنَ السَّحَابِ
وَالتُّرَابِ يَتَقَلَّبْ
وَهْيَ مِنْ خَلْفِ الحِجَابِ
تَتَعَذَّبْ
يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
إِنْ يَكُنْ فِي سَيْرِهِ ضَلَّ السَّبِيلَ
وَرَمَاهُ الطَّيْشُ فِي لَيْلٍ عَنِيفٍ
فَهْيَ لَمْ تَبْرَحْ مَعَ الأُفْقِ الجَمِيلِ
تَسْحَبُ النُّورَ عَلَى ذَيْلٍ عَفِيفٍ
يَا لَعُمْرٍ مَشَيَا فِيهِ مَعًا
رَفَعَتْهُ فَهَوَى
قَوَّمَتْهُ فَالْتَوَى
ضَاعَ مِنْهَا فِي أَعَاصِيرِ الهَوَى
فَإِذَا مَا حَمَلَتْ مَعْهُ ذُنُوبَهْ
فَهْيَ لَمْ تَبْرَحْ مِنَ اللَّهِ قَرِيبَهْ
وَلَقَدْ مَاتَ غَرِيبًا
مِثْلَمَا عَاشَتْ غَرِيبَةْ
جَسَدِي النَّازِلُ مِنْ شَهْوَتِهِ
سُلَّمَ العَارِ وَرُوحِي السَّامِيَةْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤