يوم العمال

نُظمت هذه القصيدة يوم كان الروس والحلفاء متحدين على ألمانيا، وقد بدءوا في هزم الجيوش الألمانية وردها على أعقابها.

هَتَفَ المَجْدُ وَالدِّمَاءُ تَسِيلُ
لَكِ يَا «حُمْرُ» كُلُّ مَجْدٍ يَئُولُ
فَغَرَ الغُولُ فَاهُ يَطْلُبُ نَصْرًا
فَإِذَا كُلُّهُمْ عَلَى النَّصْرِ غُولُ
نَزَعُوهُ مِنْ بَيْنِ شِدْقَيْهِ نَزْعًا
وَأَرُوهُ الأَيَّامَ كَيْفَ تَدُولُ
جَيْشُهُ الضَّخْمُ دَكَّهُ الضَّرْبُ حَتَّى
ضَاقَ عَرْضٌ لَهُ وَأُقْصِرَ طُولُ
وَابِلُ النَّارِ وَالحَدِيدُ عَلَيْهِ
وَعَلَيْهِ ثُلُوجُهَا وَالوُحُولُ
بَعْدَ «خَرْكُوفَ» كَيْفَ، وَسْتَالِيـنْـكـ
ـرَادُ قَبْلًا وَآخِرًا «تَرْنَبُولُ»
وَمِيَاهُ اﻟﭬُﻮلْكَا نَجِيعٌ عَلَيْهِ
يَتَلَاقَى القُوقَازُ وَ«الأَوَرِيلُ»
مَا تَمَلَّى الأُوكْرَانُ ضَمًّا وَلَا أَشـْ
ـبَعَ شَمًّا خَيْشُومَهُ البِتْرُولُ

•••

أَيْنَ مَا هَوَّلَتْ بِهِ دَوْلَةُ النَّا
زِي وَأَيْنَ التَّزْمِيرُ وَالتَّطْبِيلُ
وَأَغَانِي بِرْلِينَ بِالفَوْزِ وَالفَوْ
زُ مُبِينٌ لِجَيْشِهَا مَكْفُولُ
قُوَّةٌ مَا تَشَاءُ عَنْهَا فَحَدِّثْ
أَيْنَ كِسْرَى وَقَيْصَرٌ وَالمَغُولُ
شَيَّدُوا أُسَّهَا عَلَى البَغْيِ حَتَّى
عُبِدَتْ لِلْبُغَاةِ فِيهَا العُجُولُ
كَسَرَتْهَا شَكِيمَةُ الحُمْرِ كَسْرًا
مِثْلَمَا تَكْسِرُ النُّصُولَ النُّصُولُ
بَذَلُوا دُونَهَا دَمًا عَبْقَرِيًّا
بُورِكَ البَاذِلُونَ وَالمَبْذُولُ
فِي صُفُوفٍ تَمْشِي إِلَى المَوْتِ مِنْهَا
وَإِلَى النَّصْرِ فِتْيَةٌ وَكُهُولُ
وَنِسَاءٌ لَدَى الكِفَاحِ رِجَالٌ
وَعَلَيْهِنَّ مِثْلُهُمْ تَعْوِيلُ

•••

يَا فَتَاةَ السُّوفْيَاتِ أَيُّ جَمَالٍ
لَمْ يُخَلِّدْهُ فِيكِ صُنْعٌ جَمِيلُ
حَمَّلَتْكِ الأَحْدَاثُ عِبْئًا ثَقِيلًا
كَمْ يَضِيرُ الحَسْنَاءَ عِبْءٌ ثَقِيلُ
جِسْمُكِ الغَضُّ يَحْمِلُ الزَّادَ لَيْلًا
وَمَزَارُ الأَحْبَابِ نَاءٍ طَوِيلُ
وَجَرِيحٌ عَلَى اللَّظَى يَتَلَوَّى
مَرَّ دَهْرٌ وَلَمْ يُبَلَّ غَلِيلُ
فَاضَ مِنْكِ الحَنَانُ بَرْدًا عَلَيْهِ
وَسَلَامًا رِوَاقُهُ مُسْتَطِيلُ
تُنْجِدِينَ الأَنْصَارَ خَلْفَ الأَعَادِي
وَالهُدَى أَنْتِ إِنْ يَضِلَّ الدَّلِيلُ
وَتُقِيمِينَ فِي المَصَانِعِ يَرْعَى
آلَةَ الحَرْبِ زِنْدُكِ المَصْقُولُ
أَعْوَزَ الأَرْضَ سَاعِدٌ يَجْتَلِيهَا
وَاسْتَغَاثَتْ حُزُونُهَا وَالسُّهُولُ
فَهَزَزْتُ المِحْرَاثَ يُؤْتَى جَنَاهَا
وَاطْمَأَنَّتْ مَزَارِعٌ وَحُقُولُ
وَمِنَ الحُسْنِ أَوْجُهٌ وَعُيُونُ
وَمِنَ الحُسْنِ سَاعِدٌ مَفْتُولُ

•••

شَهْرَ أَيَّارَ، وَالحَيَاةُ شُجُونٌ
أَنْتَ لِلْعَامِ شَهْرُهُ المَعْسُولُ
مِنْكَ لِلزَّهْرِ فِي الرِّيَاضِ سَبِيلٌ
وَلِحُرِّيَّةِ الشُّعُوبِ سَبِيلُ
فَتَّحَ القَلْبُ تَحْتَ شَمْسِكَ كَالوَرْ
دِ وَقَدْ كَادَ يَعْتَرِيهِ الذُّبُولُ
ضَجَّ بَيْنَ الضُّلُوعِ بَعْدَ انْتِظَارٍ
طَالَ وَهْوَ المُقَيَّدُ المُكْبُولُ
فَرِحًا بِالَّذِي بَعَثْتَ، فَلَا الـفَلـْ
ـلَاحُ عَبْدٌ وَلَا الأَجِيرُ ذَلِيلُ
يَا لَهَا ثَوْرَةً عَلَى سَاعِدِ الْعُمـْ
ـمَالِ قَامَتْ فُرُوعُهَا وَالأُصُولُ
عَصَفَتْ بِالسَّرِيرِ وَالتَّاجِ فَانْهَا
رَا وَأَقْوَى حِمَاهُمَا المَأْهُولُ
وَجَلَا كُلُّ كَابِرٍ وَشَرِيفٍ
عَنْ مَغَانِيهِ فَالمَغَانِي طُلُولُ
وَانْتَهَى المَالُ وَالعَقَارُ إِلَى الدَّوْ
لَةِ فَهْيَ المُدَبِّرُ المَسْئُولُ
وَتَسَاوَى الجَمِيعُ فِي سَرْحَةِ العَيـْ
ـشِ فَلَا فَاضِلٌ وَلَا مَفْضُولُ

•••

إِيهِ لُبْنَانُ أَنْتَ ذَا اليَوْمَ حُرٌّ
فَتَطَلَّعْ فَالأُفْقُ زَاهٍ جَمِيلُ
لَكَ أَنْ تَهْتَدِي بِهِ بَعْدَ لَيْلٍ
طَالَ، وَاللَّيْلُ فِي الشَّقَاءِ يَطُولُ
بَهَظَتْكَ العُصُورُ ظُلْمًا وَأَبْلَى
جِدَّتَيْكَ الحِرْمَانُ وَالتَّعْلِيلُ
حَانَ لِلْعَامِلِ الضَّعِيفِ بِأَنْ يَقـْ
ـوَى وَأَنْ يَنْفُضَ الغُبَارَ الكَسُولُ
مَا لِأَخْلَاقِنَا تَزِيدُ فَسَادًا
كُلَّمَا زَادَ بَيْنَنَا التَّأْثِيلُ
وَدَهَانَا عَلَى الفَسَادِ غَلَاءٌ
مَلَأَ الخَافِقَينِ مِنْهُ العَوِيلُ
قَدْ شَقِينَا بِهِ وَذُبْنَا وَحِرْنَا
وَصَبِرْنَا، مَا كُلُّ صَبْرٍ جَمِيلُ
عَجَبًا أَنْ نَكُونَ فِي بَلَدِ الخَيـْ
ـرِ وَهَذَا الغَلَاءُ فِيهِ نَزِيلُ
نَكْبَةُ الشَّرْقِ أَنَّنَا لَا نُضَحِّي
أَبَدًا، وَالكِرَامُ فِينَا قَلِيلُ
نَكْبَةُ الشَّرْقِ أَنَّ فِينَا خُنُوعًا
فَنُحَابِي مِنْ أَجْلِهِ وَنَمِيلُ
يَسْرِقُ الجَائِعُ الرَّغِيفَ فَيُمْنَى
بِضُرُوبِ التَّشْهِيرِ وَهْوَ ذَلِيلُ
وَالَّذِي يَسْرِقُ الأُلُوفَ عَزِيزٌ
وَلَهُ دُونَ غَيْرِهِ التَّبْجِيلُ
لَيْتَ شِعْرِي أَلَا نُفُوسٌ جَرِيـئَا
تٌ فَيَسْتَعْبِرُ الظَّلُومُ الْجَهُولُ
تُظْهِرُ العَيْبَ لِلَّذِي فِيهِ عَيْبٌ
وَتَقُولُ الصَّحِيحَ إِمَّا تَقُولُ
وَيْحَ قَوْمِي مَاذَا دَهَى اليَوْمَ قَوْمِي
فَأَثَارَ البِلَادَ خَطْبٌ جَلِيلُ
فِتْنَةٌ شَبَّهَا طَمَاعٌ وَحِقْدٌ
وَغِذَاهَا الضَّلَالُ وَالتَّضْلِيلُ
أَتُرَاهُمْ لَا يَقْنَعُونَ بِحَقٍّ
أَمْ دَمُ الحَقِّ عِنْدَهُمْ مَطْلُولُ
أَمْ يَوَدُّونَ أَنْ يَظَلُّوا أَرِقَّا
ءَ فَلَا مَجْلِسٌ وَلَا تَمْثِيلُ

•••

أَرْزَتِي رَايَتِي وَعِزِّي وَحِرْزِي
لَكِ مِنِّي السُّجُودُ وَالتَّقْبِيلُ
بَارَكَتْكِ الأَحْرَارُ فِي كُلِّ أَرْضٍ
وَاصْطَفَاكِ القُرْآنُ وَالإِنْجِيلُ
تَخَذَتْكِ البِلَادُ رَمْزًا أَصِيلًا
هَلْ يُسَاوِي الأَصِيلَ فِيكِ الدَّخِيلُ
لَكِ فِي مَعْقِلِ الأَمَانِ عَلَيْنَا
ذِمَمٌ كُلُّنَا بِهَا مَسْئُولُ
إِنْ يَفُتْنِي حَمْلُ السِّلَاحِ فَعِنْدِي
قَلَمٌ كَالحُسَامِ مَاضٍ صَقِيلُ
طَالَمَا أَلْهَبَ النُّفُوسَ زَئِيرٌ
مِنْهُ أَوْ أَطْرَبَ النُّهَى تَرْتِيلُ
لَا تَقُولُوا قَدْ شَابَ شَعْرِي فَشِعْرِي
أَبَدِيٌّ شَبَابُهُ لَا يَحُولُ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤