مقدمة المؤلف

الغرض من هذا الكتاب تلخيص بعض الأفكار المنثورة في مؤلفاتي على اختلاف أنواعها، وإبرازها في صورة قضايا جامعة؛ لأن الصيغ المختصرة تأخذ باللب، وتبقى في الذاكرة، ولذلك شاعت جوامع الكلم في عالم الأدب.

يتناول العقل أكثر الحقائق المقررة عندنا، أعني ما يرتسم فيه من صور المعلومات على شكل أفكار موجزة، وما فتئ الناس يلخصون تجاربهم في قضايا وحِكَم ترسل أمثلة، هي جوامع كلم الأمم، فالمرء يفكر بواسطة القضايا الموجزة، ويسير في حياته مدفوعًا بها؛ ذلك لأنها تعفيه من إطالة التفكير قبل الإقدام على فعل ما يُريد.

بجانب هذه المزايا مضارُّ. فالمثل خلاصة تقريرات ينبغي للمرء أن يستحضرها، فإذا سهل تصور الدليل، كان المثل صيغة من البديهي، وإذا عسر تناوُل ذلك تعذَّر فهم المراد منه، ويظهر من ذلك أنه لا يفيد إلا في استحضار الحقائق الإجمالية البديهية غالبًا، وذلك هو الواقع في معظم الأمثلة، ولكني لم أحجم عن ضم بعض القضايا، وإن صعب إدراك الغرض منها وحدها لأول وهلة؛ لأنها مبسوطة في مؤلفاتي، فهذا المختصر جامعها.

غوستاف لوبون
پاريس: مارس سنة ١٩١٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤