رحلة إلى البلاد البعيدة

ثَمَّةَ أحلامٌ عتيقةٌ
تَعودُ إلى عصورٍ عتيقة،
حين كان الإنسانُ يعيشُ على الجبالِ والأشْجار،
وربَّما تَعودُ إلى تلك السَّقْطةِ المدويةِ التي سقطتْها حواءُ وسقطَها آدمُ من السَّماءِ إلى الأرضِ، ولا تزالُ أصداؤها تتردَّدُ حتَّى اليومِ في آفاقِ الكونِ العتيق،
وفي آفاقِ نَفْسي.
ثَمَّةَ أحلامٌ عتيقة،
أحلامٌ تُوحِّدُ أبناءَ حوَّاء في كلِّ البقاع،
تُوحِّدُ أبناءَها من كلِّ الأجْناسِ والطَّبَقات،
أحلامٌ يُسمِّيها ذلك النِّمْساويُّ الشهير
أحلامًا نَمَطيَّةً.
أمسِ، حلَمْتُ حُلْمًا عتيقًا
حُلْمًا نَمَطيًّا،
كُنْتُ مُعلَّقًا في بَرَارٍ مهجورةٍ
على جِسْرٍ هائلٍ
ليس له مَطْلعٌ أو مَهْبطٌ،
كُنْتُ مُعلَّقًا وحيدًا على جسرٍ هائلٍ
ولم تكنْ هناك أرضٌ عنْ قُرْبٍ أو بُعْدٍ
وأغلبُ الظَّنِّ لم تكنْ هناك سماء.
وشاءَ مُخرِجُ الحُلْمِ
أنْ أنتقلَ في المشْهدِ التالي
لا أعرفُ كيف
لأراني مُعلَّقًا من نافذةٍ عاليةٍ في بيتٍ يَنْهارُ
كُنْتُ مُعلَّقًا وحيدًا من نافذةٍ،
ومرة أخرى،
لم تكنْ هناك أرضٌ عن قُرْبٍ أو بُعْدٍ
وأغلبُ الظَّنِّ لم تكنْ هناك سماء.
لم أستيقظْ هنا مُتقطِّعَ الأنْفاسِ، كما يحدثُ عادةً في حُلمٍ نَمَطيٍّ، لكنَّ مُخرِجَ الحُلْمِ نَقلَني مرَّةً أخرى إلى أرضٍ غريبةٍ، أرضٍ لم أضعْ قَدَمي فيها من قبلُ ولم تَعرفْها عيناي،
أرضٍ غريبةٍ لم يعرفْها أبي ولم تعرفْها أمِّي
لكنَّني وجدْتُ أمِّي هناك،
استقْبلتْني كما لو كانتْ في انتظاري منذُ زمن،
ووضعتْني في غُرْفةٍ آمنةٍ وأخذتْ تواصلُ رحلتَها
فَتيَّةً وعَفيَّةً كما كانتْ دائمًا
وفي تلك الغُرْفةِ الغريبةِ الآمنة
استيقظْتُ متقطِّعَ الأنفاسِ
وأنا أحاولُ الرَّكْضَ وراءها
وأنا أحاولُ الصُّراخَ لتَسمعَني
لأبقى معها هناك
أو نعودَ معًا من تلك البلاد الغريبة.
١٩ / ١٠/ ٢٠١٥م 

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥