خيوط
كانتْ ضَنينَةً،
لكنْ
كانَ هناكَ حِضْنُ أمٍّ
وظَهْرُ أبٍ.
كانَ هناكَ رُكْنٌ يَأوِي إليه
يَتَأمَّلُ فيه ما تَراكمَ في
الرَّأْسِ
وما تَسلَّلَ إلى القَلْب.
كانتْ هناكَ فرجة
يَنفذُ منها وقْتَما يَشاء
وكيفَما يَشاء.
كانَ هناك خيطٌ يربطُه بالحَياة
بالأَحِبَّةِ والأَصْدقَاء،
خيطٌ يربطه بالرَّيَّاح
التَّوْفِيقِيِّ
والمَصَارِفِ الزاحفةِ بين حقولِ
الأُرْز
خيطٌ يَربطُه بالجُمَّيْزِ،
بدودِ القَزِّ وأشْجارِ التُّوت،
خيطٌ يَربطُه بالحُلْمِ
ورائحةِ الكُتِبِ القَديمة.
والآن
ولم يَعدْ هناكَ أمٌّ
أو أبٌ،
ولم يَعدْ هناك ركنٌ يأوي إليه
أو فرجةٌ يَنفذُ منها.
الآن
وقدْ تَلاشتِ الخِيوطُ
وتَبخَّرتِ الأحلام،
لم يَعُدْ أمامَه إلَّا أنْ يَدُسَّ حَفْنةً
منَ الأَوْراقِ
في حقيبتِه الصَّغِيرة
ويَحملَها على كَتِفِه اليُسرَى،
كما اعتاد دائمًا،
ويرحلَ بعيدًا،
ربَّما يَعثرُ في أرضٍ غريبةٍ
على ركنٍ غريب
ركنٍ لا يَمرُّ به أحد.
١٨ / ٢ / ٢٠١٦م