تفاصيل لم يذكرها الراوي

كانا،
رَجُلًا وامْرَأةً،
يَسيرانِ صَامِتَيْنِ،
مثلَ زَوجينِ قَدِيمَيْنِ،
عائِدَيْن من رِحْلةٍ بعيدةٍ،
كانَا يَسيرانِ بالكَادِ،
يَزْحَفانِ في شَارِعٍ ضَيِّقٍ،
حَارةٍ أو زُقَاقٍ،
كانتِ الشَّمْسُ غَائِبَةً
أوْ تَكَادُ،
كانتْ على وَشْكِ الغُروبِ،
أو ربَّما ضَجِرتْ من طُولِ النَّهَار.
مَرَّا،
رجلًا وامْرَأةً،
بِعَرَبةٍ بِدائيَّةٍ تَحملُ شَخْصَين،
بَعْدَ بِضْعِ خُطُواتٍ،
وحيدًا نَظَر الرَّجُلُ وراءَه،
رَأَى العَرَبةَ البدائيَّةَ في مَوضِعِها
تَحملُ شخصًا لا اثنينِ،
وبجوارِها رَأى قِطًّا بِوَجْهِ طِفلٍ،
قِطًّا حقيقيًّا يتلوَّى،
يتألَّمُ ألمًا حقيقًّا ولا يبكي،
وبجوارِها رأى جُثَّةً غارقةً في الدِّمَاء
يَقبعُ بجوارِها الشَّخصُ الآخَرُ،
وكانتِ المرأةُ بين الجُثَّةِ والشَّخْصِ الآخَرِ
تَعرضُ المُساعَدةَ عليه أو على الجُثَّةِ،
وربَّما اسْتوقَفَها شيءٌ آخَرُ.
تَقدَّمَ الرَّجُلُ بِضْعَ خُطُواتٍ،
وبِشْكلٍ سينمائيٍّ
تَبدَّلَ المَشْهدُ فجأةً،
شَقَّةٌ مألوفةٌ،
من الدَّاخلِ يَفتحُ البابَ الرَّجُلُ الذي كان برفقةِ المَرْأةِ،
وأمامَ البابِ الشَّخصُ الذي كان يَجلسُ في العَرَبَة،
ويَقبعُ بجوارِ الجُثَّةِ،
يبدو أنَّ الرَّجلَ، الذي كان في الدَّاخل، يَسألُ عن المرأةِ،
يَسألُ ذلك الذي كان أمامَ البَاب،
ويبدو أنَّ ذلك الذي كان أمامَ البابِ لا يَعرفُ،
عادَ إلى الداخلِ الرَّجلُ الذي كانَ مع المرْأة
وكانَ يَسألُ عنها،
فَهِمَ الرَّجلُ أنَّ المرأةَ في الحَمَّامِ
تَغتسلُ من آثارِ الجُثَّةِ
أو من شيءٍ آخر.
بَقيَ أنْ يقولَ الرَّاوي
كانتِ الشَّقَّةُ لأهلِ الرَّجُل
وكانت أمُّه هناك وكان أبوه،
كانتْ أُمُّه عفيةً وكان أبوه عفيًّا،
وكان وجودُهما طبيعيًّا
مع أنَّهما كانا منذ شهورٍ في الرِّحْلةِ الأبديَّة
الرِّحْلةِ التي لم يَعُدْ منها أحد،
لكنَّ وجودَهما كان طبيعيًّا تمامًا.
لا يَعلمُ الرَّجلُ منذ متى عادا
لكنَّه يَعلمُ أنَّهما عادا
وأنَّها عودةٌ أبديةٌ من رِحْلةٍ لا يَعودُ منها أحد.
ويَبقَى أيضًا
أن هناك تفاصيلَ كثيرةً
لم يذكرْها الرَّاوي.
٢٩ / ٣/ ٢٠١٦م 

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥