بين الطُّيور

قال نَسرٌ لآخَرْ: «أَيُّ نَسرٍ
هوَ هذا؟
ومَنْ رِفاقُهْ؟

•••

إِنْ يَكُنْ قادمًا إلينا لخيرٍ
فلماذا
علا زُعاقُهْ؟

•••

يا لهُ طائرًا بصورةِ شَيْطانٍ
يبثُّ اللهيبُ بركانَ صدرِهْ
أَهْوَ منّا؟ لا. لا. فلمْ أَرَ جَبَّارًا
كهذا في الجوِّ ما بين طَيرِهْ
إنَّ قلبي لَموجِسٌ منهُ شرًّا،
رُحْ بنا نَجضتلي حقيقةَ أَمرِهْ»
«آدميٌّ هذا — أَجابَ أَخوهُ —
جاءَ يَستعمرُ الأَثيرَ بأَسرِه
كُرَةُ الأرضِ عن مطامعِهِ ضاقتْ
فحطَّتْ هنا مَطامحُ فكرِهْ
نحنُ لمْ نَهْجُرِ البسيطةَ، إِلَّا
هَربًا منه واجْتنابًا لشرِّهْ
قُمْ بنا نَحْشُدُ الطيورَ وننقضُّ
عليه، نُجزيه مِنْ مثلٍ غدرِهْ!»
ودَوَتْ في الأَثيرِ صيحَةُ حربٍ
ملأَتْهُ بنَسرهِ وبصقرِهْ
هو حشدٌ أَثارَ ضربُ خَوافيهِ١
غبارَ السحابِ يُعْمي بذَرِّهْ
وإذا بي ما بينَ أَجنحةٍ سودٍ
على الأُفقِ حجَّبتْ وجهَ بَدرِهْ
طوَّقتني بكل فاغرِ شَدْقٍ
صامدٍ لي بِمخلَبيْهِ وظِفرِهْ!
«لا تخافي يا طيرُ ما أَنا إِلَّا
شاعرٌ تَطربُ الطيورُ لشعرِهْ
زارَكِ اليومَ مُتعبًا يَنْشدُ الراحةَ
في هدأَةِ السُكونِ وسحرِهْ
فرَّ عن أَرضِهِ فرارَكِ عنها
منْ أَذى أَهلها وتنكيل دهرِهْ!»
١  الخوافي: رياش في جناح الطائر لا تظهر إلا إذا نشره، وذلك بخلاف القوادم التي تظل بادية للعيان عندما يطوي الطائر جناحه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤