معركة الحب

ولي غادة ألهتها الحياة
وقد أبدع الحب تمثالها
حييتُ أقدِّسها شاعرًا
يُغنِّي بها ويُغنِّي لها
وينأى وإن كان في قُربها
كأن على النأي إجلالها
يُداعبها وهي إلهامه
ووحي الروائع إن قالها
وتغمره بالرضى تارة
فيلقى الجنان وسلسالها
ولكنَّها حرَّمتها عليه
وإنْ حلَّلت دائمًا آلها١
فينعم وهو الكسير الحزين
كأنَّ الحقائق ما خالها
فعاش على الوهم في نفسه
وهدأ بالوهم بلبالها
وإن ضاع في فنه ما أضاعت
بحرمانه العمر آمالها!

•••

ويوم أفاء عليه الشتاء
جمالَ (الطبيعة) فاستألها
كأنَّ جميع الفصول استجابت
نداءً له ونداءً لها
تلألأت الشمس في زهوها
ولاطفت السحب أطفالها٢
وطافت نسائمه الساحرات
عذارى تهدهد أمثالها
فتوقظ من زهرات نيام
حسانًا تخيرن سربالها
وترقص أعشابها نشوة
فتغتفر الأرض إمحالها
وتنعش حتى الجماد النئوم
فيزهى ويعرض إجمالها٣
أجبت (الطبيعة) لما دعت
وكانت فتاتي إقبالها
حججنا إليها فلمَّا مثلنا
نسينا الحروب وأهوالها
ولو أنَّ نفسي تُعاني الحروبَ
وكم قطع الهمُّ أوصالها
فينقذها الفن بالمعجزات
وقد أصبح الفنُّ مثَّالها
يُعالجها بالهوى العبقريُّ
ويرفع بالسحر أحمالها
ويخلقها من جديد مرارًا
ويبني ويهدم أطلالها
ويسعدها ببنات الخيال
يحققن في زورة فالها
أطلنا التأمل والفلك تجري
عرائس تسحب أذيالها٤
ومن حولنا الغنم الراتعات
حوى بالنا ما حوى بالها
فلمَّا رأيت فتاتي انتشت
وأصبح حالي إذن حالها
هويت أعانقها شاعرًا
وألثمها لثم من نالها
وما الحسن إلا لأهل الفنون
وما الحبُّ إلا رسولًا لها!
١٩٤٤
١  آلها: سرابها.
٢  كناية عن أشعة الشمس.
٣  إجمالها: تجميلها.
٤  من مشاهد ترعة المحمودية بجيرة الإسكندرية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤