غرام وانتقام

رثاء أسمهان
أيندثر الفن؟! يا للقدر
ويجنى على الحسن حتَّى الحذر؟!
ويغرق في اليم هذا الضياء
وكم طاف بالكون حتى عثر!
وكنا نخاف حنين القلوب
إليه، ونخشى وثوب النظر
كأنَّ الحياة التي ألهته
أبت أنْ يشام بغير الصور
كأنَّ الغناء الهوى والشباب
وقد مثلا سرَّه المدَّخر
فحينًا نكيفه باللحون
وحينًا نُكيفه بالشرر
فكيف تبدد؟! يا للممات
يضيع الكنوز ويبقي الحُفَر!

•••

ملقنة الفن أحلامه
وتمثاله الرائع المبتكرْ!
وشادية بأرقِّ الحنان
وعذب البيان لحسنٍ نفر!
وعاطرةً بأريج الغرام
تمثَّلها (الأرز) لمَّا عطرْ!
وخاطرةً تشرئب القلوب
إليها، ويُصغي إليها الوترْ!
يفيضُ الدلال عليها الجمال
أفانين يهفو إليها الزهرْ
وينتظم الحسن ما يشتهيه
خيال المنى ونعيم البشرْ
كأنَّ (الطبيعة) منها استمدت
بهاء الفصول ونور البصرْ
فمنها نضارة شدو الربيع
ومنها حرارة صيف خطرْ
ومنها شذوذ الخريف الشريد
ينوح ويضحك بين الشجرْ
ومنها جواهر ثلج الشتاء
ولهو الرياح ولحن المطر
فكيف برمت بها في الحبور؟
وكيف يكون النَّعيم الضجرْ؟
مفاتن لم يمتلكها جمالٌ
سواك، فلمَّا احتواها اندثر
كأنَّ مواهبك الرائعات
بإعجازها تتحدى القدرْ
كأنك أنت التي نشأتها
ولم تتجاوز حدود الصغرْ
فكيف إذا حالفتها الحظوظ
وفاض الغدير وعمَّ الثَّمرْ
ولم تبتدرها عوادي الزمان
فيُطوى الكتاب ويُنهَى السفرْ
فوا لهفة الفن مات العزاء!
ويا لوعة الحبِّ، مات القمر!
١٩٤٥

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤