في أتلنتيك ستي

لمن يهدر البحر الحبيب وقد مضت
حياتي، ولم أستبقِ غير خيالي؟
وقد كان أيام الشباب معلِّلي
وكان نديمي لا نديم رمال
وأنفقت أيامي عليها فردها
من البشر أضعافًا بغير سؤالي
أيدعو إلى الذكرى عواطف شاعر
تلاشت على تعذيبه المتوالي؟
ولو بعثت، أنى له بشبابه؟
وأنَّى له بالحب بعد زوال؟
أهذا هدير السحر في شاطئ الهوى
فليس محالًا فيه أيُّ محال؟
تسمَّعته نشوان ألمس غابري
كما لمس المخمور وهم ليال
وما كان بالإعجاز أو سكرة المنى
فليس بسال كل من هو سال
وقد يكمن الفنان في قلب راهب
كما يكمن الإشعاع طي جبال
فألفيت نفسي في الشباب مجددًا
أعبُّ من النُّور الشهي حيالي
وأشربه ألوان أنس وبهجة
تعالت ولم تبخل برغم تعال
وهذي عروس الماء لم تدخر حلى
على الليل، حتى الليل أزهر حالِ
أعدت لدى البحر الطروب طريقنا
على جمع ألواح نَعمنَ غوالِ
(سفينة نوح) تلك أم حلم شاعر
تملك فيه الحسن كل مجالِ؟
وتغتبط الآلاف فيها حبيسة
ولا تعرف الأشواق أي ملالِ
تروح وتغدو، لا ترى الوقت عابرًا
وليس سواه بالوجود يُبالي
وما تشتهي أرضًا تلوذ بيبسها
كما اشتاق (نوح) في زمان ضلالِ
فكل الذي تعطاه صفوٌ مُبرأٌ
وكل الذي تخشاه حلو دلالِ
تدفَّق فيها النور من كل جانبٍ
إلى أنْ تراءى بعضه كظلالِ
وعشَّش فيها الحبُّ حتَّى كأنَّما
تغذَّى وغذَّانا بكلِّ جمالِ!
١٩٤٧

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤