تقديس الفن

مهداة إلى الأستاذين الفنانين أدهم وسيف وانلي وإلى مدرستهما الفنية بثغر الإسكندرية.

في سنة ١٩٠٧م لوحظ طفل يزور المتحف البريطاني بمدينة لندن تكرارًا، واضعًا في كل زيارة باقة من الأزهار عند قاعدة تمثال إغريقي أحبه، وسرعان ما كان الحارس يزيلها متذمرًا من إصرار هذا الطفل المقدس للفن.١
كالطفل أهدى إلى التمثال أزهاره
فقدس (الفن) معناه وآثاره
والنَّاس تعجب منه وهو مغتبط
وليس يَسأم بالقربان تكراره
وحارس (الفن) مزهوًّا بمتحفه
يزيلها آبيًا للطفل إصراره
ترى ولائي للذكرى يُمجدها
قلبي، ويمنحها حبي وأزهاره
وأي ذكرى تناجي (النيل) إن كملت
فاتت مآثركم يومًا وأنواره؟
ولم تقبل جمالًا في مفاتنكم
ملء الفؤاد، وطيفًا مخلصًا زاره؟
إن أنس لا أنس أعيادًا لنا سلفت
في (معبد الفن) نُسقى منه أسراره
في كل يوم أناجيها وأعبدها
فكيف حين تهيج اليوم تذكاره؟
وافت رسائلكم جذابةً صورًا
والمرء يظهر فيما صاغ واختاره
فأي شعر يُحاكي بعض رونقها
إذا صببت فؤادي اليوم أشعاره
وأيُّ زهرٍ حريٌّ أن يكرمها
وأن يغازلها إن بث عطَّاره؟
سأستقل بتقديسي روائعكم
كذلك الطفل إذ لم يلقَ أنصاره
والفن ليس من الدهماء قوته
إن فات من حكماء الشعب أوتاره
١٩٤٩
١  مجلة «أكاديمي» بتاريخ ٣١ أغسطس سنة ١٩٠٧م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤