نهضة الشعر في الجاهلية

(١) أسباب النهضة

قضى العرب أجيالًا لا يعرف مقدارها إلا الله وهم يقولون الشعر عند الحاجة مما لم يصل إلينا خبره، وإنما وصل إلينا بعض ما نظموه في النهضة الأخيرة قبيل الإسلام … والنهضة في الشعر أو الأدب أو العلم تحدث على أثر انقلاب سياسي من فتح أو حرب أو نصر، أو تغيير اجتماعي على أثر نكبة أو نازلة أو كل ما يثير العواطف، وهي قاعدة تشمل طبائع البشر في كل زمان ومكان … فالهنود القدماء لم ينظموا أناشيدهم السنسكريتية إلا بعد ما لاقوه من الحروب والتنازع في أثناء نزولهم الهند قبل الميلاد بأجيال، واليونان ما زالوا على الشعر القصصي وشعراؤهم قليلون، حتى قامت الفتن بينهم وتحاربوا، ثم حاربوا الفرس وغيرهم فنبغ فيهم الشعراء الغنائيون، وظل الرومان بعد تأسيس دولتهم نحو ٢٤٠ سنة في جمود أدبي لم يظهر فيهم شاعر، حتى كانت الحروب مع القرطاجنيين فتفتقت قرائحهم وظهر فيهم الشعر، وقضت أمم أوربا أجيالًا في القرون الوسطى وقرائحهم خامدة، فلما خرجوا للحرب الصليبية وقاسوا ما قاسوه فيها ظهرت مواهبهم في الشعر ونبغ فيهم شكسبير ودانتي وغيرهما، وترى أشعار الأمة في نهضتها صورة من صور أحوالها على أثر ذلك الانقلاب … فإن كانت هي الظافرة فيه، كثر شعرها الحماسي والفخري، وإذا كانت المغلوبة كان شعرها أكثره في الرثاء كما فعل اليهود بعد أسرهم في بابل بمراثي أرمياء وغيره، والشعر يوجبه الحب والحرب والموت.

(١-١) استقلال عرب الحجاز عن اليمن

والعرب شأنهم في نهضتهم الشعرية قبل الإسلام مثل شئون سائر الأمم … ونريد بالعرب هنا بدو الحجاز ونجد وما جاورهما، فكانوا قبل هذه النهضة ينظمون قلة ولا نظنهم كانوا يجيدون النظم، وهم تحت سيطرة الحميريين ملوك اليمن يخدمونهم في نقل تجارتهم، وكانت دولة اليمن تستأجرهم في حروبها كما يفعل أهل المدن اليوم بأهل البادية، وكانوا يؤدون لها الإتاوة «الخراج» وقد رسخ في اعتقادهم عظمة تلك الدولة؛ لما فيها من أسباب الحضارة، فأصبحوا بتوالي الأجيال يعدون الإذعان لها فرضًا، فلما رأوا ما أصابها في حروبها مع الحبشة في أواسط القرن الرابع للميلاد؛ إذ فتحها الأحباش بمساعدة قيصر الروم سنة ٣٤٥م١ تبين لهم عجزها عن حفظ سيادتها وذهبت هيبتها من قلوبهم … فأخذوا يفكرون في الخروج من سيطرتها والإمساك عن دفع الإتاوة، وأحسوا بالحاجة إلى الاتحاد.

وأول من كسر هذا القيد من قبائل العرب قبيلة ربيعة، على يد فارسها كليب الشجاع المشهور، وكان معاصرًا لزهير بن جناب الذي ولاه صاحب اليمن على بكر وتغلب أكبر قبائل ربيعة، وكان زهير يتقاضى الإتاوة أو الخراج منهم في مقابل النجعة والكلأ والمرعى، وكان يخرج في حاشيته لجمع الإتاوة فأصابهم في أثناء إمارته ضيق وأمحلت أرضهم فتأخروا عن الدفع، فجاءهم زهير وألح في مطالبتهم فشكوا عجزهم وأبانوا عذرهم فلم يصغ لشكواهم، ومنعهم النجعة والمرعى أو يؤدوا ما عليهم، فصبروا حتى كادت مواشيهم تهلك، وكانت هيبة الدولة قد ذهبت من نفوسهم، فلما أصابهم ذلك الظلم شقوا عصا الطاعة ونقموا على زهير ورجاله فدسوا رجلًا منهم اسمه زيابة من بني تيم الله وكان فاتكًا، وأوعزوا إليه أن يقتل زهيرًا غدرًا وطعنه ورجع إلى قومه وأخبرهم أنه قتله، والحقيقة أن السيف مر بجانب البطن ولم يصب من زهير مقتلًا، وعلم هذا أنه سالم، فلم يتحرك لئلا يجهز عليه، فلما انصرف زيابة أوعز زهير لمن معه أن يظهروا موته ويستأذنوا بكرًا وتغلب في دفنه، فلما أذنوا دفنوا ثيابًا ملفوفة وفروا به مجدين إلى قومهم … وجمع زهير الجموع، وفي ذلك يقول ابن زيابة:

طعنة ما طعنتُ في غَلَس الليـ
ـل زهيرًا وقد توالى الخصوم
حين تَحمى له المواسم بَكرٌ
أين بكر وأين منها الحلوم
خانني السيف إذ طعنت زهيرًا
وهو سيف مضللٌ مشؤوم

وجمع زهير من قدر عليه من أهل اليمن وغزا بكرًا وتغلبَ وقاتلهم قتالًا شديدًا انهزمت فيه بكر، وقاتلت تغلب بعدها، ثم انهزمت وأسر كليب ومهلهل ابنا ربيعة وأخذت الأموال وكثرت القتلى في بني تغلب، وأسر جماعة من وجوههم وفرسانهم …

فعظم ذلك على قبائل ربيعة وتجمهروا وولوا عليهم ربيعة والد كليب ومهلهل وخرجوا على زهير وأنقذوا الأسيرين منه ودارت الأيام وعاد زهير إلى سطوته فوضع الإتاوة والخراج على بني معد جميعًا.

وفي أواخر القرن الخامس توفي ربيعة أمير تغلب، فخلفه ابنه كليب وفي نفسه على اليمن ضغائن؛ لما قاساه في أسرهم … فجمع معدًا تحت لوائه — أي ربيعة وقضاعة ومضر وإياد ونزار — وحاربوا اليمن في معركة عُرفت بيوم خزاز، فهزموهم واستقلوا عن سيطرتهم، ولم يدفعوا إليهم إتاوة أو خراجًا من ذلك الحين، ونظرت معد إلى كليب نظرها إلى منقذ عظيم، فولوه المُلك عليهم وجعلوا له قسم الملك وتاجه وطاعته، وكان ذلك آخر عهدهم بسلطان اليمن.

(١-٢) حروبهم فيما بينهم

واستقلال عرب الحجاز ونجد من سيطرة اليمن انقلاب سياسي، هاج شاعريتهم وأيقظ ما فطروا عليه من عزة النفس وإباء الضيم … فأخذوا يختلفون فيما بينهم؛ لأن سيطرة اليمن كانت قد جمعتهم قيودها، فلما أطلق سراحهم تنازعوا، فجرت بينهم حروب تُعرف بأيام العرب قد فصلناها في كتابنا «العرب قبل الإسلام» وأكثرها حدة وأطولها مدة الوقائع بين بكر وتغلب، وكلاهما من ربيعة وهي حرب البسوس بين مهلهل وجساس، دام النزاع فيها أربعين سنة مات في أثنائها الشيوخ وشاخ الشبان وشب الولدان، وفي أثنائها نبغ مهلهل أخو كليب وشهد تلك الحروب، وكان شاعرًا مطبوعًا فتوسط في المصالحة بين القبيلتين وله شأن في تاريخ الشعر … ناهيك بالحروب التي جرت بين قبائل مضر، أشهرها أيام داحس والغبراء وغيرها.

(١-٣) نهضة قريش

وقد أنهض قريشًا على الخصوص وأثار شاعريتهم وشحذ قرائحهم حروبهم مع الأحباش في عام الفيل في أواسط القرن الأول قبل الهجرة … فإن الأحباش لما فتحوا اليمن حملوا على مكة للاستيلاء على الكعبة … وكانت سدانتها يومئذ إلى عبد المطلب جد الرسول، فجاء الأحباش بأفيالهم ورجالهم وعدتهم، وأهل مكة لم يتعودوا شيئًا من ذلك؛ لما للكعبة من المنزلة الرفيعة في أنفس القبائل وغيرهم، فلما رأوا الأحباش قادمين شعروا بما يهددهم من الخطر وأحسوا بافتقارهم إلى الاتحاد؛ لدفع الأجانب، فدفعوا الأحباش وقد تنبهت أذهانهم وأخذت مواهبهم في الظهور، ومما يدل على شدة تأثير ذلك الهجوم في نفوسهم إنهم جعلوا يؤرخون به وهو عام الفيل.

وبعد عام الفيل حدثت حرب الفجار بين قريش وكنانة وقيس، وكان لها تأثير كبير في نفوس القرشيين فساعدتهم على تلك النهضة.

فهذه الحروب والفتن أظهرت مواهب الرجال، فتولدت طبقة من الحكماء وأخرى من الأسخياء، وأخرى من الفرسان والشجعان، وأيقظت الشاعرية الحماسية والفخرية … فنبغ منهم الشعراء على اختلاف القبائل والبطون لمدح الظافرين أو وصف بسالتهم أو التفاخر بالقبائل، ورافق ذلك تحاك القبائل وتقاربها أو تباعدها، وتنبهت عاطفة الحب فظهر العشاق من الشعراء … ولذلك كانت منظومات هذه النهضة أكثرها في الفخر والحماسة على أثر واقعة من تلك الوقائع، أو في وصف شوق أو حكمة أو موعظة أو مدح ظافر أو كريم كما ستراه في مكانه.

(٢) أقدم الشعراء

كل ما وصل إلينا من منظومات شعراء الجاهلية نُظم بعد استقلال الحجازيين من سيطرة اليمن، وما وصل إلينا من الشعر قبل ذلك قليل وهو لغير الحجازيين، وأقدم من وصلنا خبرهم من الشعراء أبو دؤاد كان على خيل النعمان، ولقيط شاعر جاهلي قديم، وعلس بن جدن من حمير، وخذيمة بن نهد وزهير بن جناب الكلبي من قضاعة وقد ظهرت قضاعة قبل سائر قبائل عدنان، ويقال أيضًا: إن حزين بن لوزان والربيع بن زياد وذا الإصبع العدواني من أقدم الشعراء٢ ويقولون: إن أول من قال الشعر في نزار — وهي تشمل مضر وقضاعة — عمرو بن قميئة من ربيعة.٣

وللعلماء في أقدم الشعر العربي أقوال لا فائدة من إيرادها؛ لأن أكثرها مبني على الوهم ولا سيما فيما يروونه للآباء الأولين من الشعر … حتى روى بعضهم أشعارًا نسبها إلى آدم! وأرفق منه حالًا من روى للتبابعة، ويطعن في صحتها أن لغة التبابعة حميرية تختلف عن لغتنا كثيرًا، وقد يرد على ذلك بأن الحميري قد يعرف العربية، وينظم فيها، لكن الغالب أنهم لم يفعلوا.

(٣) تنقل الشعر في الأقاليم

من القواعد الثابتة في علم الطبيعة أن للإقليم تأثيرًا في أخلاق الناس وأبدانهم، فيختلفون صحة ونشاطًا وبديهة وذكاءً باختلاف الإقليم، ويقال على الإجمال: إن أهل البادية أصفى ذهنًا من سكان المدن، وأهل البلاد الباردة أسرع حركة ونشاطًا من أهل البلاد الحارة، وفي البلد الواحد يفضل أهل الجبال على أهل السهول نشاطًا وصفاء ذهن.

(٣-١) شعراء نجد

وعلى هذا القياس فإن سكان نجد أقوى بنية وأصفى ذهنًا من سائر سكان جزيرة العرب؛ لأنها بلاد جبلية هواؤها نشيط ونسيمها عليل، وقد تغزل بها العرب فقال قيس بن الملوح:

تمتع من شَميم عرار نَجْدٍ
فما بعد العشية من عرار

وقال آخر:

سقى الله نجدًا والسلام على نجد
ويا حبذا نجدٌ على القرب والبعد
وفيها الأرض التي حماها كليب وائل، وأفضى ذلك إلى قتله ونشوب حرب البسوس، وفيها جبل عكاد٤ الذي لم تثبت العربية الفصيحة بعد تمادي الآجال إلا بين أهله، وعندهم أن أفصح العرب أهل السروات، وهي ثلاثة جبال مطلة على تهامة … وأهل نجد أقوى شاعرية من غيرهم من بلاد العرب …
وبناء على اختلاف الأمزجة باختلاف الأقاليم، امتاز أهل كل إقليم من بلاد العرب بباب من أبواب الشعر … فاشتهر أهل الحجاز بالرقة وأكثر شعرهم الغزل،٥ كما اشتهر أهل نجد بالبلاغة٦ وقد ذهبوا في الشعر كل مذهب، وإذا أحصيت شعراء الجاهلية الذين بلغنا خبرهم بالنظر إلى المواطن، رأيت نحو خمسيهم من نجد والخمس الثالث من الحجاز والرابع من اليمن والباقي من العراق وفئة قليلة من البحرين واليمامة وتهامة.

(٤) تنقل الشعر في القبائل

  • ربيعة: أما من حيث القبائل فقد علمت مما تقدم أن ربيعة أول من نهض للاستقلال وهم أول من نبغ في الشعر … وأهم قبائلهم وبطونهم بكر وتغلب وعبد القيس والنمر بن قاسط ويشكر وعجل وضبيعة وشبيان وذهل وسدوس، وكانوا يقيمون قديمًا في اليمن ثم في نجد، ثم نزحت بكر وتغلب وغيرهما نحو العراق … فأقاموا في باديتها وفيما بين النهرين، ونبغ منهم وهم في نجد المهلهل بن ربيعة.
    ومن شعراء ربيعة المرقش الأكبر وابن أخيه المرقش الأصغر، والأكبر شاعر قديم يقال: إنه من ربيعة قبل خروجها من اليمن٧ والمرقش الأصغر عم طرفة بن العبد، ومنهم سعد بن مالك وطرفة وعمرو بن قميئة المتقدم أنه أقدم من قال الشعر من نزار، والحارث بن حلزة والمتلمس خال طرفة والأعشى والمسيب بن علس وغيرهم من فحول شعراء الجاهلية، ولما انتقلت ربيعة إلى العراق زادتها مناظر ذلك الوادي سعة في الخيال.
  • قيس: وتحول الشعر بعد ربيعة إلى قيس عيلان وكلاهما من مضر، وقيس قبيلة كبيرة من بطونها عبس وذبيان وغطفان وعدوان وهوازن وسليم وثقيف وعامر بن صعصعة ونمير وجعدة وقشير وعقيل، وتقيم هذه البطون أو القبائل في نجد وأعالي الحجاز، وقد نبغ منهم جماعة من فحول الشعراء، فمنهم النابغتان وزهير بن أبي سلمى وكعب ابنه ولبيد والحطيئة والشماخ وخداش بن زهير وغيرهم، وعندهم أن أشعر قيس الملقبون من بني عامر والمنسوبون إلى أمهاتهم من غطفان.٨
  • تميم: ثم ظهر الشعر في تميم وهي قبيلة كبيرة من مضر أشهر بطونها وقبائلها مازن ومالك وسعد ودارم ويربوع وكعب ومجاشع وزرارة، وكانت تميم قديمًا تقيم في تهامة، ثم نزحت في أواسط القرن الثاني قبل الهجرة نحو العراق واستقرت في باديته وما يليها جنوبًا، ومن شعرائها المشاهير أوس بن حجر شاعر مضر في الجاهلية لم يتقدمه أحد حتى نشأ النابغة وزهير فأخملاه وكلاهما من قيس.

وظهر الشعر بعد ذلك في بطون مدركة من مضر، وهي هذيل وقريش وأسد وكنانة والدئل وغيرهم.

كل هؤلاء من أهل البادية … أما المدن فإنها قليلة في جزيرة العرب؛ وأهمها مكة والمدينة والطائف، وقلما نبغ منها شعراء فحول، وأشعر أهل المدن في الجاهلية على الإجمال حسان بن ثابت.٩

(٤-١) عدد الشعراء بالنظر إلى القبائل

وإذ اعتبرت عدد شعراء الجاهلية بالنظر إلى القبائل، كانت قيس أكثرها شعراء، تليها اليمن فربيعة فمضر فقريش فقضاعة فإياد، وعدد الشعراء في الجاهلية لا يمكن حصره لأسباب سيأتي بيانها، ولكن الذين وصلتنا أخبارهم وأمثلة من أشعارهم يبلغون نحو ١٢٥ شاعرًا، يقسمون على هذه الصورة بالنظر إلى القبائل:

اسم القبيلة عدد الشعراء
قيس ٣٠
اليمن (القحطانية) ٢٣
ربيعة ٢١
مضر ١٦
تميم ١٢
قريش ١٠
قضاعة ٤
أياد ٢
موال غير عرب ١

ولزيادة الإيضاح نذكر أشهر البطون التي تدخل تحت كل من هذه القبائل؛ لتسهل المراجعة على الباحث:

يدخل في قيس

غطفان – ذبيان – عيس – هوزان – سعد – سليم – ثقيف – عامر – كلاب – جعدة – نمير – عقيل – قشير.

في ربيعة

النمر بن قاسط – عبد القيس – بكن بن وائل – تغلب – يشكر – جشم – حنيفة – عجل – شيبان – سدوس – ذهل – ضبيعة.

في القحطانية

طي – الأشعر – جذام – الأزد – كندة – لخم – مذحج – خزاعة – همدان – غسان – الأوس والخزرج.

في تميم

مازن – سعد – دارم – يربوع – مجاشع – بهدلة – مالك.

في قضاعة

جهينة – ضجعم – تنوخ – كلب.

في مدركة

هذيل – أسد – كنانة – قريش – الدئل.

في قريش

هاشم – أمية – مخزوم – تيم – عدي – سهم – أسد – نوفل – زهرة – جمح.

(٥) كثرة الشعر وتعدد الشعراء

رأيت فيما تقدم استعداد العرب الفطري واقتدارهم على النظم؛ لأن لغتهم شعرية بألفاظها وأساليبها ومعانيها، فلا عجب إذا تعدد شعراؤها وكثرت أشعارهم، وإن عسر علينا تقدير ذلك بالضبط؛ لضياع أكثر ما خلفوه، وذهاب أكثر الشعراء لعدم تدوين ذلك في الجاهلية، واشتغال العرب عنه بالفتوح في صدر الإسلام، على أننا نكتفي بالاستدلال على كثرة ذلك بما وصل إلينا من أخبارهم ويؤخذ منها أن عرب الجاهلية نظموا في نهضتهم الأخيرة قبيل الإسلام ما لم يجتمع عند سواهم في الأمم في عدة قرون، وخصوصًا في العصر الجاهلي … فإلياذة هوميروس وأوديسته هما معظم شعر جاهلية اليونان، ولا يزيد عدد أبياتهما على ٣٠ ألف بيت، وكذلك مهابهاراتة الهنود ٢٠ ألف بيت، ورامايانتهم ٤٨ ألف بيت، وأما العرب فيؤخذ مما بلغنا من أخبارهم عما نظموه في نهضتهم الأخيرة قبل الإسلام أنه يربو على أضعاف ذلك، وهم يعدون منظوماتهم بالقصائد لا بالأبيات، وقد ذكروا أن أبا تمام صاحب كتاب الحماسة كان يحفظ من أشعار العرب (الجاهلية) ١٤ ألف أرجوزة غير القصائد والمقاطيع١٠ وكان حماد الراوية يحفظ ٢٧ ألف قصيدة١١ على كل حرف من حروف الهجاء ألف قصيدة، وكان الأصمعي يحفظ ١٦ ألف أرجوزة١٢ وكان أبو ضمضم يروي أشعارًا لمائة شاعر كل منهم اسمه عمرو،١٣ ومع ما يظن في ذلك من المبالغة، فإنه يدل على كثرة ما نظمه العرب من المنظومات، وخصوصًا إذا اعتبرنا أن ما وصل إلى رواة الشعر في الإسلام إنما هو بعض أشعار الجاهلية؛ لأن كثيرين من رواة الشعر الجاهلي قُتلوا في الفتوح الإسلامية … فضاع ما كان في محفوظهم من الأشعار، قال أبو عمرو بن العلاء: «ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير».١٤

وزد على ذلك أن العرب نظموا الشعر الكثير وأبدعوا فيه، وهم يكادون يكونون فوضى لا دولة لهم ولا جامعة ولا دين ولا شيء مما حمل اليونان أو الهنود أو غيرهم على النظم، وإنما اندفعوا إليه بفطرتهم، ولولا ذلك لتأخروا في النظم حتى قامت دولتهم، ونضجت قرائحهم، كما حدث للرومانيين … فإن الشعر لم ينظم بلسانهم إلا بعد تأسيس دولتهم ببضعة قرون، ولم يبلغ الشعر اللاتيني عصره الذهبي إلا في أيام أوغسطس وطيباريوس نحو القرن الثامن من تأسيس رومية (القرن الأول للميلاد) ثم أخذ في التقهقر، ويقال نحو ذلك في دول أوربا الحالية، فإن الشعر لم ينضج عندهم إلا بعد نشوء دولهم وتقدمهم في العلم والأدب.

وإذا تدبرت أولئك الجاهليين، رأيت الشعر داخلًا في كل عمل من أعمالهم موافقًا لكل حركة من حركاتهم، حتى يخيل لك أنهم كانوا لا ينطقون إلا بالشعر وكان كل واحد منهم شاعرًا يقول الشعر ولو قليلًا، حتى الملوك والأمراء والفرسان والرجال والنساء والوجهاء والحكماء والصعاليك والعبيد واللصوص والمجانين من النصارى واليهود والوثنيين. وقد تسلسلت القريحة الشعرية في كثير من بيوتهم بالتوارث عدة أجيال، فالنعمان بن بشير الأنصاري من العريقين في الشعر خلفًا عن سلف، جده شاعر وأبوه وعمه شاعران وهو شاعر وأولاده شعراء،١٥ وكذلك كعب بن مالك من شعراء الصحابة كان أبوه شاعرًا وعمه قيس شاعرًا وأبناء كعب وأحفاده كلهم شعراء،١٦ وهكذا الكميت بن معروف وعبد يغوث بن صلاءة، وعندهم من بيوتات الشعر في الجاهلية عدد كبير، منهم بيت أبي سلمى فقد كان أبو سلمى شاعرًا وابنه زهير المشهور شاعر وله خؤولة في الشعر، خاله بشامة بن الغدير شاعر، وكان ابناه كعب بن زهير وبجير شاعرين وجماعة من أبنائهما شعراء، وحسان بن ثابت تسلسل الشعر في أبنائه بضعة أجيال، وقس على ذلك شعراء العرب بعد الإسلام فمن بيوتاتهم بيت جرير، فكان هو وأبوه وجده شعراء، وكذلك بنوه وأحفاده، ومنهم بيت رؤبة بن العجاج وبيت أبي حفصة وبيت أبي عيينة١٧ وغيرهم.
على أن ما بلغنا من أسماء الشعراء هو القليل؛ إذ لم ينقل الرواة من أخبار شعراء العشائر إلا الأشهر، فضلًا عما ضاع خبره، أما الشعراء المعروفون بالشعر عند عشائرهم وقبائلهم فأكثر من أن يحيط بهم الحصر أو يقف من وراء عددهم واقف، ولو قضى عمره في التنقيب عنهم واستفرغ مجهوده في البحث والسؤال، وحسبك إنه لم يستطع أحد من رواة الشعر أن يستوفي جمع أشعار قبيلة واحدة.١٨
ثم إن الشعراء الذين وصلت إلينا أخبارهم على قلتهم، لم يصلنا من أشعارهم إلا بعضها، وضاع سائرها في أثناء الفتوح الإسلامية؛ لاشتغال الناس بالإسلام والحرب عن رواية الشعر وذهاب أكثر الرواة والحُفَّاظ في الجهاد، فلما عادوا بعد الفتوح إلى الاشتغال بالأدب وأخذوا في جمع الشعر لم يجدوا منه إلا القليل، ويؤيد ذلك أنك تسمع بالشاعر الفحل من شعرائهم وما له من الشهرة، ثم لا تجد له من المنظوم ما يلائم تلك الشهرة … فطرفة بن العبد وعبيد بن الأبرص مع ما لهما من الشهرة الواسعة في الشعر، لا نجد فيما رواه الرواة من أشعارهما ما يوازي تلك المنزلة.١٩

(٦) طبقات الشعراء في الجاهلية

ومع ما قدمناه من ضياع أكثر أخبار الشعراء الجاهليين ومعظم أشعارهم، فإن الذين عرفناهم يزيدون على مائة شاعر، نبغوا في القرنين الأولين قبل الهجرة أو في الخامس والسادس للميلاد وأكثرهم من أهل القرن السادس … وبعضهم عاش أعوامًا بعد الإسلام وهم المخضرمون، وقد تقدم إحصاؤهم الإجمالي بالنظر إلى مواطنهم وقبائلهم، وبقي أن ننظر فيهم باعتبار طبقاتهم وباعتبار مناحيهم وأغراضهم وأخلاقهم ومراتبهم.

أما تقسيمهم إلى طبقات فمن أصعب الأمور، وقد حاول ذلك غير واحد من أدباء المسلمين في إبان التمدن الإسلامي وتفاوتوا في تعيين الطبقات … فاعتبرها بعضهم بالنظر إلى الإجادة فقالوا: الشعراء أربع طبقات …
  • (١)

    شاعر خنذيذ: وهو الذي يجمع إلى جودة شعره رواية الجيد من شعر غيره.

  • (٢)

    شاعر مفلق وهو الذي لا رواية له لكنه مجيد كالخنذيذ.

  • (٣)

    شاعر «فقط» وهو فوق الرديء بدرجة.

  • (٤)

    شعرور وهو لا شيء.

وقسمهم آخرون إلى شاعر مفلق، وشاعر مطبق، وشويعر، وشعرور.

وقال بعضهم:

الشعراء فاعلمَنَّ أربعهْ
فشاعرٌ يَجْري ولا يُجْرَى معه
وشاعرٌ يخوض وَسْط المعمعهْ
وشاعر لا تشتهي أن تسمعه
وشاعر لا تستحي أن تصفعه

ورويت هذه الأبيات هكذا أيضًا:

الشعراءُ فاعلمنَّ أربعهْ
فشاعرٌ لا يرتجي لمنفعه
وشاعر ينشد وَسْط المعمه
وشاعر آخر لا يجرى معه
وشاعر يقال خَمِّرْ في دَعه٢٠
وقسمهم آخرون إلى طبقات بما اشتهر من قصائدهم المنتقاة، وانتخبوا سبع طبقات عدد كل منها سبعة شعراء «تقريبًا» وفيهم نفر من شعراء صدر الإسلام … أولهم أصحاب المعلقات، يليهم أصحاب المجمهرات، فالمنتقيات، فالمذهبات، فالمراثي، فالمشوبات، فالملحمات، وهذه أسماء الشعراء مُرتبة حسب ذلك مع الإشارة إلى قبيلة الشاعر وبلده، وبعضهم من شعراء العصر الأموي:
اسم الشاعر قبيلته بلده
(١) أصحاب المعلقات
امرؤ القيس كندة نجد
زهير بن أبي سلمى مزينة نجد
النابغة الذبياني ذبيان الحجاز
الأعشى بكر اليمامة
لبيد بن ربيعة عامر نجد
عمرو بن كلثوم تغلب العراق
طرفة بن العبد بكر البحرين
عنترة العبسي عبس نجد
(٢) أصحاب المجمهرات
عبيد بن الأبرص أسد نجد
عدي بن زيد عباد الحيرة
بشر بن أبي حازم أسد نجد
أمية بن أبي الصلت ثقيف الطائف
خداش بن زهير عامر نجد
النمر بن تولب عكل نجد
(٣) أصحاب المنتقيات
المسيب بن علس بكر العراق
المرقش الأصغر ضبيعة نجد
المتلمس بكر البحرين
عروة بن الورد عبس نجد
مهلهل بن ربيعة تغلب العراق
دريد بن الصمة جشم نجد
المتنخل الهذلي هذيل الحجاز
(٤) أصحاب المذهبات
حسان بن ثابت الأنصار يثرب
عبد الله بن رواحة الأنصار يثرب
مالك بن العجلان الأنصار يثرب
قيس بن الخطيم الأنصار يثرب
أحيحة بن الجلاح الأنصار يثرب
أبو قيس بن الأسلت الأنصار يثرب
عمرو بن امرئ القيس
(٥) أصحاب المراثي
أبو ذؤيب الهذلي هذيل الحجاز
محمد بن كعب الغنوي غنى نجد
أعشى باهلة باهلة نجد
علقمة الحميري حمير اليمن
أبو زبيد الطائي طي نجد
متمم بن نويرة يربوع نجد
مالك بن الريب تميم العراق
(٦) أصحاب المشوبات
نابغة جعدة جعدة نجد
كعب بن زهير مزينة نجد
القطامي تغلب العراق
الحطيئة عبس نجد
الشماخ بن ضرار ذبيان الحجاز
عمرو بن أحمر باهلة نجد
تميم بن مقبل عامر نجد
(٧) أصحاب الملحمات
الفرزدق تميم العراق
جرير تميم العراق
الأخطل تغلب العراق
عبيد الراعي هوازن الحجاز
ذو الرمة عبد مناة اليمامة
الكميت أسد نجد
الطرماح بن حكيم طي نجد

جملة هذه القصائد ٤٩ قصيدة هي نخبة قصائد العرب في الجاهلية والإسلام، وقد جمعها على هذا الترتيب أبو زيد القرشي في كتاب جمهرة أشعار العرب، وقد طُبع بمصر مشروحًا، ولمحمد بن سلام كتاب في طبقات الشعراء قد ضاع، ويظهر مما نُقل عنه في الأغاني والمزهر وغيرهما أنه أوفى كتاب في هذا الموضوع، وقد رأينا فيما نُقل عنه ذكر طبقة خامسة وسادسة ولا نعلم عمدته في ذلك التقسيم.

(٧) تقسيمهم من حيث طبقاتهم

أما تقسيم الشعراء إلى طبقات باعتبار الإجادة على الإجمال فأمر غير ميسور؛ لأن نقدة الشعر لم يتفقوا في هذا الموضوع، على أننا وقفنا على تقسيم لشعراء الجاهلية استخرجناه من كتاب طبقات الشعراء لإسكندر أبكاريوس المطبوع في بيروت، ولم يذكر على من كان معوله فيه، وإليك ذلك في جدول، وذكرنا بجانب كل شاعر اسم قبيلته وبلده وسنة وفاته على التقريب.
اسم الشاعر نسبه بلده سنة الوفاة
(أ) شعراء الطبقة الأولى
امرؤ القيس الكندي كندى من أهل نجد ٥٣٩م
أمية بن أبي الصلت الثقفي من أهل الطائف ٦٢٢م
بشر بن أبي حازم الأسدي من أهل نجد ٥٣٠م
الحارث بن حلزة اليشكري من أهل العراق ٥٦٠م
زهير بن أبي سلمى المزني من أهل نجد ٦٠٩م
النابغة الذبياني الذبياني من أهل الحجاز ٦٠٤م
طرفة بن العبد البكري من أهل البحرين ٥٥٢م
عبيد بن الأبرص الأسدي من أهل نجد ٥٥٠م
المهلهل عدي بن ربيعة التغلبي من أهل العراق ٥٠٠م
عدي بن زيد العبادي من أهل الحيرة ٥٩٧م
عمرو بن كلثوم التغلبي من أهل الجزيرة ٥٧٠م
عنترة بن شداد العبسي من أهل نجد ٦١٥م
لبيد بن ربيعة العامري من أهل نجد ٤١ﻫ
أعشى قيس الثعلبي من أهل اليمامة ٦٢٩م
(ب) شعراء الطبقة الثانية
أحيحة بن الجلاح الأوسي من أهل يثرب ٥٦١م
أوس بن حجر التميمي من أهل العراق ٦١٠م
الأسود بن بعفر الدارمي من أهل العراق ٦٠٠م
البراق بن روحان التميمي من أهل العراق ٥٢٥م
تماضر بنت عمرو الخنساء السلمية من أهل نجد ٦٤٦م
تميم بن مقبل العامري من أهل نجد أدرك الإسلام
تأبط شرًّا القهمي من أهل تهامة ٥٣٠م
الشنفرى الأزدي من أهل اليمن ٥١٠م
الحطيئة العبسي من أهل نجد أدرك الإسلام
المتلمس الضبعي من أهل البحرين ٥٥٠م
حاتم الطائي من أهل نجد ٥٦٩م
الحارث بن عباد البكري من أهل العراق ٥٢٠م
حسان بن ثابت الأنصاري من يثرب ٥٤ﻫ
أبو دؤاد الأبادي من العراق ٥٢٠م
خداش بن زهير العامري من نجد ٥٧٠م
خفاف بن ندبة السلمي من نجد ٥٩٥م
خويلد بن خالد الهذلي من الحجاز ٢٦ﻫ
دريد بن الصمة الجشمي من نجد ٨ﻫ
الربيع بن زياد العبسي من نجد ٥٩٠م
المرقش الأصغر الضبعي من نجد ٥٠٠م
المخبل ربيعة بن مالك السعدي من نجد أدرك الإسلام
ربيعة بن مقروم الضبي من نجد ٢٨ﻫ
السموءل بن غريض الأوسي من الحجاز ٥٦٠م
سلامة بن جندل التميمي من تميم ٥٢٠م
أبو قيس بن الأسلت الأوسي من أهل يثرب
عامر بن حليس الهذلي من الحجاز ٥٠٠م
عبد الله بن رواحة الأنصاري من يثرب ٨ﻫ
النابغة الجعدي الجعدي من نجد أدرك الإسلام
عروة الصعاليك العبسي من نجد ٥٩٦م
علقمة بن عبدة التميمي من تميم ٥٦١م
عمرو بن أحمر الباهلي من نجد ٤١ﻫ
عمرو بن الأهتم التميمي من نجد ٥٧ﻫ
عمرو بن قميئة البكري من العراق ٥٣٨م
قيس بن الخطيم الأوسي من يثرب ٦١٢م
كعب بن زهير المزني من نجد ٢٤ﻫ
متمم بن نويرة اليربوعي من تميم أدرك الإسلام
المتنخل بن عويمر الهذلي من الحجاز ٦٠٠م
المثقب العبدي العبدي من العراق ٥٢٠م
المسيب بن علس البكري من العراق ٥٨٠م
الشماخ بن ضرار السعدي من نجد ١٨ﻫ
معن بن أوس المزني من تهامة ٢٩ﻫ
المنخل بن الحارث اليشكري من العراق
النمر بن تولب العكلي من نجد ٢٥ﻫ
(ج) شعراء الطبقة الثالثة
أمية الأسكر البكري من نجد أدرك الإسلام
إياس بن قبيصة الطائي من العراق ٦١٠م
حاجز بن عوف الأزدي من الحجاز ٥٩٠م
الحارث بن ظالم المري من نجد ٦٠٠م
سليك بن السلكة السعدي من تميم ٦٠٥م
زهير بن جناب الكلبي من كلب ٥٦٠م
زيد الخيل النبهاني من نجد
الممزق العبدي العبدي من أهل العراق ٤٨٠م
الفند الزماني الزماني من اليمامة
عامر بن الطفيل العامري من نجد ١١ﻫ
العباس بن مرداس السلمي من نجد ١٦ﻫ
عبد الله بن العجلان النهدي من اليمن ٥٦٦م
عمرو بن معدي كرب الزبيدي من اليمن ٢١ﻫ
قيس بن زهير العبسي من نجد
لقيط بن زرارة الدارمي من تميم ٥٨٢م
مالك بن نويرة اليربوعي من تميم أدرك الإسلام
المستوغر بن ربيعة السعدي من تميم ٥٧٠م
بزيد بن ورقاء اليربوعي من تميم ١٧ﻫ

هوامش

(١) العرب قبل الإسلام ١٢٧، وهذا هو الفتح الأول، ثم كان الفتح الثاني سنة ٥٢٤م.
(٢) المزهر ٢٣٧ ج٢ والأغاني ج١٦.
(٣) الأغاني ١٦٣ ج١٦.
(٤) جبل قرب زبيد.
(٥) الأغاني ٤٢ ج٧.
(٦) الأغاني ٧٢ ج١.
(٧) الأغاني ١٩٠ ج٥.
(٨) الأغاني ٩٢ ج٢.
(٩) العمدة ٥٦ ج١.
(١٠) ابن خلكان ١٢١ ج١.
(١١) النجوم الزاهرة ٤٢٠ ج١.
(١٢) ابن خلكان ١٢١ ج١ وطبقات الأدباء ١٥١.
(١٣) الشعر والشعراء ٤.
(١٤) المزهر ٢٣٧ ج٢.
(١٥) الأغاني ١٢٥ ج١٤.
(١٦) الأغاني ٢٧ ج١٥.
(١٧) العمدة ٢٣٥ ج٢.
(١٨) الشعر والشعراء ٣.
(١٩) المزهر ٢٢٧ ج٢.
(٢٠) المزهر: ٢٤٦ ج٢، وخمر: استتر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤