العصر العباسي أو الدولة العباسية

من سنة ١٣٢–٦٥٦ﻫ

تختلف الدولة العباسية عن الأموية اختلافًا بيِّنًا: كانت الدولة الأموية عربية بدوية، واصطبغت الدولة العباسية صبغة فارسية — إلا من حيث آداب اللغة فظلت عربية، وفي أيامها نضجت آداب العرب وعلومهم، ونقلت علوم القدماء إلى لغتهم ونبغ الشعراء والأدباء والنحاة والمؤرخون واللغويون والمنشئون والفقهاء والمفسرون والمحدثون والفلاسفة والأطباء وغيرهم.

ومدة العصر العباسي أو الدولة العباسية في بغداد خمسة قرون وبعض القرن — من تأسيس الدولة العباسية سنة ١٣٢ﻫ إلى سقوط بغداد على يد هولاكو سنة ٦٥٦ﻫ.

وقد تقلبت آداب اللغة العربية في أثنائها بتقلب الدول، وتغلَّب الأمم على ما اقتضته الانقلابات السياسية أو الاجتماعية. وقد تدبَّرنا ذلك باعتبار القرون أو العصور، فوجدنا لكل قرن تقريبًا من القرون الثلاثة الأولى خصائص تختلف عما لسواه باختلاف أحوال الاجتماع أو السياسة أو باختلاف الدول التي أفضت الأمور إليها، أما القرنان الأخيران فيشتركان في أحوالهما، فقسمنا العصر العباسي إلى أربعة أدوار أو أعصر وهي:
  • (١)
    الدور أو العصر الأول: من ظهور الدولة العباسية سنة ١٣٢ﻫ إلى أول خلافة المتوكل سنة ٢٣٢ﻫ، ونسميه العصر العباسي الأول.
  • (٢)
    العصر العباسي الثاني: من خلافة المتوكل سنة ٢٣٢ﻫ إلى استقرار الدولة البويهية في بغداد سنة ٣٣٤ﻫ.
  • (٣)
    العصر العباسي الثالث: من استقرار الدولة البويهية سنة ٣٣٤ﻫ إلى دخول السلاجقة بغداد سنة ٤٤٧ﻫ.
  • (٤)
    العصر العباسي الرابع: من دخول السلاجقة بغداد إلى سقوطها في أيدي التتر سنة ٦٥٦ﻫ.

    وسنصدر الكلام عن كل عصر بما حدث فيه من الانقلاب السياسي أو الاجتماعي الذي بعث على تغيير آداب اللغة فيه. ويقال بالإجمال: إن في زمن العباسيين بلغت آداب اللغة العربية أرقى أحوالها، ونضجت فيها أكثر الآداب العربية، ونمهِّد الكلام في ما كان من تأثير القرآن في نشوئها، وقد أشرنا إلى شيء من ذلك متفرقًا في الجزء الأول فأحببنا جمعه والتوسع فيه هنا فنقول.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤