اللغة واللغويون

يمتاز هذا العصر عما تقدمه بأنه فيه نضجت علوم اللغة، وتم نشوء المعاجم اللغوية فنبغ من علماء اللغة طائفة حسنة أهمهم الذين اشتغلوا في ضبط الألفاظ وتدوينها وتعريف معانيها وترتيبها على حروف المعجم أو على المعاني، وهم أصحاب المعاجم سنفرد لهم فصلًا خاصًّا بعد الكلام عن علماء اللغة على العموم، وهم:

(١) المطرز البارودي (توفي سنة ٣٤٥ﻫ)

هو أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المعروف بالمطرِّز البارودي الزاهد غلام ثعلب، وكان من أكابر أئمة اللغة المكثرين، أخذ عن ثعلب المتقدم ذكره، وكان واسع الرواية غزير المادة لكن أدباء عصره يخطئونه في أكثر نقله ويقولون: لو طار طائر لقال أبو عمر: «حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي كذا.» ويقال: إنه أملى من حفظه أكثر من ٣٠٠٠٠ ورقة في اللغة. توفي ببغداد ودفن فيها، وألف كتبًا كثيرة ذكرها صاحب الفهرست لم يصلنا منها إلا:
  • (١)

    كتاب العشرات: هي عبارة عن جمع عشرة ألفاظ في معنى واحد، منه نسخة خطية في مكتبة برلين.

  • (٢)

    كتاب أخبار العرب: في الأسكوريال ولم يذكره الفهرست بهذا الاسم وترجمته في ابن خلكان ٥٠٠ ج١ والفهرست ٧٦، وطبقات الأدباء ٣٤٥.

(٢) أبو علي القالي (توفي سنة ٣٥٦ﻫ)

هو أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي اللغوي، جده من موالي عبد الملك بن مروان، وكان أحفظ أهل زمانه للغة والشعر ونحو البصريين، تتلمذ لابن دريد ونفطويه وابن درستويه وغيرهم، وطاف البلاد فسافر إلى بغداد أقام بها ٢٥ سنة، وأقام في الموصل زمنًا وسافر إلى الأندلس فدخل قرطبة على زمن عبد الرحمن الناصر، وتوفي فيها سنة ٣٥٦، وله عدة مؤلفات أكثرها في اللغة هاك ما وصلنا منها:
  • (١)

    كتاب الأمالي: هو من نوع كتاب الكامل للمبرد، أملاه في جامع الزهراء بقرطبة، ومنه نسخ خطية في برلين وباريس والأسكوريال، وقد طبع بمصر سنة ١٩٠٧ في مجلدين لهما ذيل.

  • (٢)

    كتاب البارع في اللغة: بناه على حروف المعجم في نحو ٥٠٠ ورقة؛ أي ألف صفحة، فهو من قبيل المعاجم، ولم يبق منه إلا نتف في مكتبة باريس.

  • (٣)

    كتاب النوادر: منه نسخة خطية في المكتبة الخديوية.

وترجمته في ابن خلكان ٧٤ ج١، ومعجم الأدباء ٣٥١ ج٢.

(٣) أبو أحمد العسكري (توفي سنة ٣٨٢ﻫ)

هو أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري اللغوي نسبة إلى عسكر مكرم في الأهواز، وهو غير أبي هلال العسكري المتقدم ذكره بين الأدباء، وكان أبو أحمد صاحب أخبار ونوادر، وكان الصاحب بن عباد يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلًا:

فاحتال في السفر إليه ولقيه وأطراه، وخلف أبو أحمد عدة مؤلفات وصل إلينا منها:
  • (١)

    كتاب التصحيف والتحريف: جمع فيه المصحف والمحرف من الكلمات التي وردت عن البلغاء، مما يعد من أنواع البديع ومن فروع المحاضرات، وشرح الكلمات المشتبهة، وهو مفيد طبع في مصر ١٣٢٧.

  • (٢)

    كتاب الزواجر والمواعظ: في مكتبة كوبرلي بالآستانة.

  • (٣)

    الحكم والأمثال: مكتبة زكي باشا بمصر.

وترجمة أبي أحمد في ابن خلكان ١٣٢ ج١، ومعجم الأدباء ١٢٦ ج٣.

ومن علماء اللغة في هذا العصر أيضًا غير أصحاب المعاجم الآتي ذكرهم: جنادة المتوفى سنة ٣٩٩، والسمسماني توفي ببغداد سنة ٤١٥، وصاعد اللغوي توفي سنة ٤١٧، وابن السيد القيسي توفي سنة ٤٢٧ﻫ، وقد ترجمهم ابن خلكان.

(٤) المعاجم اللغوية وأصحابها

ولدت المعاجم اللغوية في العصر العباسي الأول في كتاب العين للخليل المتوفى سنة ١٨٠، لكنها لم تتضح ويتم نموها إلا في العصر الثالث الذي نحن في صدده فيحسن بنا أن نشبع الكلام فيها.

(٤-١) المعاجم على العموم

أسبق الأمم إلى المعاجم اللغوية الصينيون، فإنهم وضعوا معجمًا فيه ٤٠٠٠٠ كلمة في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، مؤلفه اسمه باوتشي، وأقدم معجم لغوي في اللغة اللاتينية اسمه (Lingua Latina) ألفه «وارو» المتوفى سنة ٢٨ قبل الميلاد، ونحو ذلك الزمن أو بعيده ظهر أقدم معجم للغة هوميروس ألفه أبولونيوس الغراماطيقي الإسكندري في زمن أوغسطس، ثم ظهر معجم اللغة اليونانية كاملًا سنة ١٧٧ للميلاد تأليف يوليوس بولكس، ثم يأتي العرب وهم أسبق الأمم الحديثة إلى المعاجم اللغوية؛ وهاك تاريخها.

(٤-٢) مآخذ المعاجم العربية

نريد بالمعاجم كتب اللغة التي تترتب فيها الألفاظ على حروف المعجم أو على المعاني المتشابهة أو المتقاربة، وهي مأخوذة في الأصل عن السماع من أفواه العرب في أدوار مختلفة، وقد علمت مما تقدم أنهم بدءوا بأخذ اللغة وآدابها الجاهلية من صدر الإسلام بالبصرة والكوفة من فصحاء ذكرنا بعضهم عند الكلام عن علم الأدب.

فكان الرواة كحماد والأصمعي وأبي عبيدة وغيرهم يروون ما يسمعونه أو يأخذونه عمن سمعه ويدونونه أو ينقلونه. ويدخل في ذلك أشعار العرب وأخبارهم وأمثالهم وألفاظهم وعلومهم وآدابهم، ودونوا ذلك أولًا في كتب مستقلة كل موضوع على حدة ككتب الإبل وأسماء الوحوش وخلق الإنسان والخيل والشاه والنبات والشجر والنخيل وغيرها للأصمعي، وكتب اللبن والمطر لأبي زيد الأنصاري ونحوها.

ويلحق ذلك ما ألفوه من كتب النوادر في اللغة، وهي تشتمل على النادر استعماله من الألفاظ ودلالاتها ككتب النوادر للكسائي وأبي زيد والشيباني والقالي، وكتب الغريب في اللغة كغريب أبي عبيد والشيباني وابن الأعرابي، وشروح الشعر فإن فيها كثيرًا من الألفاظ المشروحة مع بيان أحوالها اللغوية، وسائر الكتب التي تبحث في اللغة واشتقاقها وألفاظها، وكذلك كتب الأضداد والأشباه والنظائر، ومن هذا القبيل كتاب الألفاظ الكتابية لعبد الرحمن بن عيسى الهمذاني المتوفى سنة ٣٢٧ﻫ تقدم ذكره، وكتاب البارع للقالي، وأبنية الأفعال لابن القوطية الآتي ذكره.

ومنها كتاب «ديوان الأدب» لإسحاق بن إبراهيم الفارابي المتوفى سنة ٣٥٠، خال الجوهري صاحب تاج اللغة الآتي ذكره، جعله على ستة كتب أولها في السالم والثاني في المضاعف (٣) المثال. (٤) ذوات الثلاثة. (٥) ذوات الأربعة. (٦) كتاب الهمزة. وجعل كل كتاب من هذه الكتب شطرين: أسماء وأفعال، وقدم الأسماء على الأفعال، واستشهد بالأشعار، ومن هذا الكتاب نسخ خطية في ليدن وأكسفورد وفي المكتبة الخديوية في ٣٠٠ صفحة خط قديم.

فهذه الكتب وأمثالها كانت عونًا كبيرًا في تأليف المعاجم، على أن الذين ألفوا المعاجم رجعوا أيضًا في التحقيق إلى سماع الألفاظ من العرب العاربة أو ممن سمعها عنهم، وقد ذكرنا أسماء القبائل التي أخذت اللغة عنها، وإليك تاريخ المعاجم:

(٤-٣) تاريخ المعاجم العربية

أول من رتب ألفاظ اللغة على الأبجدية الخليل بن أحمد في كتاب العين، وقد تقدم ذكره في الكلام عن اللغة في العصر العباسي الأول، تليه جمهرة ابن دريد المتوفى سنة ٣٢١، وقد ذكرناها بين كتب اللغة في العصر العباسي الثاني، وعليها كان معول طلاب اللغة في ذلك العصر والذي يليه، وقد انتقدها ابن جني ونفطويه، فأقدم المعاجم كتاب العين فالجمهرة لابن دريد فالبارع للقالي، وقد تقدم ذكرها.

وهاك المعاجم التي ظهرت بعد ذلك مع تراجم أصحابها مرتَّبة حسب تاريخ الوفاة:

التهذيب للأزهري (المتوفى سنة ٣٧٠ﻫ)

هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر طلحة بن نوح بن أزهر الأزهري الهروي اللغوي، كان فقيهًا وغلبت عليه اللغة فاشتهر بها، قرأ على ثعلب وابن دريد ونفطويه، ورحل فطاف أرض العرب في طلب اللغة، ووفق إلى ذلك بوقوعه في أسر قوم نشئوا في البادية يتتبعون مساقط الغيث أيام النجع، ويرجعون إلى إعداد المياه في محاضرهم زمان القيظ ويرعون النعم، ويعيشون بألبانها ويتكلَّمون بطباعهم البدوية، ولا يكاد يوجد في منطقهم لحن أو خطأ فاحش.

فبقي في أَسْرهم دهرًا طويلًا يشتي في الدهناء ويربع في الصمان ويقيظ بالستارين، فاستفاد من محاوراتهم ومخاطباتهم ألفاظًا جمة، فلما ألف كتابه «التهذيب» أدخل ذلك كله فيه، وجرى في ترتيبه على ترتيب كتاب العين؛ أي حسب مخارج الحروف. وقد صدره بمقدمة أورد فيها أسماء الرواة حسب طبقاتهم مع خلاصة تراجمهم وأسماء الذين ساءوا التأليف في اللغة، وعقد فصلًا في ألقاب الحروف ومدارجها مع نصوص كثيرة من كتاب العين، وهي مقدمة مفيدة.

ومن كتاب التهذيب نسخ خطية في مكاتب أيا صوفيا ونور عثمانية وكوبرلي في الآستانة، ونسخة في المكتبة الأحمدية بحلب، وفي المكتبة الخديوية جزءان كبيران صفحاتهما نحو ٢٠٠٠ صفحة، ينتهي الثاني بمادة ذرا والخط جميل والصفحات كبيرة جدًّا.

كتاب غريب الألفاظ التي استعملها الفقهاء: منها نسخ في برلين وكوبرلي.

وترجمة الأزهري في ابن خلكان ٥٠١ ج١.

المحيط للصاحب بن عباد (المتوفى سنة ٣٨٥ﻫ)

قد تقدمت ترجمته بين المنشئين، وكتابه «المحيط» مرتب على حروف الأبجدية كما هي اليوم في سبعة مجلدات أكثر فيه الألفاظ وقلل الشواهد، ومنه الجزء الثالث في المكتبة الخديوية.

المجمل لابن فارس (المتوفى سنة ٣٩٠ﻫ)

هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب الرازي، كان إمامًا في علوم شتى وخصوصًا اللغة، وله فضل التقدم في وضع المقامات؛ لأنه كتب رسائل اقتبس العلماء منها نسقه، وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني كما تقدم، وتفقه عليه الصاحب بن عباد، وكان أستاذ عصره وقد خلف مؤلفات ذات شأن هاك أشهرها:
  • (١)

    كتاب المجمل في اللغة: اقتصر فيه على الألفاظ الهامة المستعملة، أخذ أكثرها عن السماع وأخذ عمن تقدمه واختصر الشواهد، ورتبه على الأبجدية المعروفة اليوم، وأجمل الكلام فيه ومنه اسمه، منه نسخ خطية في برلين وغوطا وليدن وباريس والمتحف البريطاني وأكسفورد ويني جامع وكوبرلي، وفي كتب الشنقيطي بالمكتبة الخديوية نسخة في مجلدين كبيرين صفحاتهما نحو ١٣٠٠ صفحة حسنة الخط.

  • (٢)

    كتاب الثلاثة: يشتمل على ألفاظ ذات ثلاثة معان مثل مثلثات قطرب، منه نسخة في الأسكوريال.

  • (٣)

    كتاب ذم الخطأ في الشعر: في برلين.

  • (٤)

    كتاب نقد الشعر: ذكره السيوطي بالمزهر ولم نقف على خبره.

  • (٥)

    كتاب الصاحبي: في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها؛ تسمى بذلك لأنه ألفه للصاحب بن عباد وجيه ذلك العصر، وفيه أبحاث في أصل اللغة العربية وخصائصها واختلاف لغاتها بحسب القبائل والمواطن، وتعريف أقسام الكلام والأسماء العربية وأسبابها والحروف الهجائية وتركيبها على الهجاء وغير ذلك من المواضيع اللغوية، وهو كتاب نفيس طبع بمصر سنة ١٩١٠، وفي صدره فصل في ترجمة حياة المؤلف.

  • (٦)

    كتاب الاتباع والمزاوجة: جمع فيه ما ورد من كلام العرب مزدوجًا كقولهم: ساغب لاغب، ومايق دايق، والسيف والليف، منه نسخة بين كتب الشنقيطي بالمكتبة الخديوية في ٤٤ صفحة ولم يذكر بين مؤلفاته.

وترجمة ابن فارس في ابن خلكان ٣٥ ج١، ومعجم الأدباء ٦ ج٢.

الصحاح للجوهري (توفي سنة ٣٩٨ﻫ)

هو أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، أصله من فاراب ببلاد الترك؛ ولذلك سموه الفارابي أيضًا، وهو غير أبي نصر الفارابي الفيلسوف المتقدم ذكره، فإن اسمه محمد بن طرخان، وغير إسحاق بن إبراهيم الفارابي صاحب ديوان الأدب، فإنه خال إسماعيل بن حماد الذي نحن في صدده.

وكان إسماعيل هذا واسع العلم في اللغة، أخذ عن خاله المذكور وغيره، وسافر في البدو والحضر فدخل ديار ربيعة ومضر، وطاف الحجاز في طلب الأدب وإتقان اللغة ورجع إلى خراسان، فأقام في نيسابور للتدريس والتأليف وتعليم الخط؛ لأن خطه كان جميلًا، ثم وضع كتاب الصحاح وسماه «تاج اللغة وصحاح العربية»، فانتقى من ألفاظ اللغة ما صح عنده فجاء أوعى من مجمل ابن فارس وتهذيب الأزهري وجمهرة ابن دريد، ورتَّبه على أسلوب لم يسبقه إليه أحد، فجعل القاعدة في ترتيب الألفاظ على أواخر الكلم، فيضع «قلب» مثلًا قبل كلمة «بيت» وهكذا؛ ولهذا الترتيب فائدة عند الشعراء في طلب القوافي، ويمتاز الصحاح على سواه أنه استوعب الألفاظ المستعملة في ديار مضر، وحققها بالسماع من عرب البادية هناك؛ لأنه عاشرهم، وفي الكتاب خطأ في ضبط بعض الألفاظ ذكر سببه ياقوت في معجم الأدباء قال: «إن الجوهري صنف كتاب الصحاح للأستاذ أبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي وسمعه منه إلا باب الضاد المعجمة، واعترى الجوهري وسوسة فانتقل إلى الجامع القديم بنيسابور، فصعد إلى سطحه وقال: أيها الناس إني عملت في الدنيا شيئًا لم أسبق إليه فسأعمل للآخرة أمرًا لم أسبق إليه، وضم إلى جنبيه مصراعي باب وتأبطهما بحبل وصعد مكانًا عاليًا من الجامع، وزعم أنه يطير فوقع فمات، وظلت بقية الكتاب مسودة غير منقحة ولا مبيضة فبيضه أبو إسحاق بن صالح الوراق تلميذ الجوهري بعد موته، فغلط فيه في عدة مواضع غلطًا فاحشًا.»

وقد طبع الصحاح في تبريز سنة ١٢٧٠ على الحجر، وفي مصر سنة ١٢٨٢، وفي طبعة مصر مقدمات لأبي الوفاء الهوريني في تاريخ المعاجم، وكيفية استخدام الكتاب وما هي الفصول الساقطة منه، وقد لخصه كثيرون وترجم إلى الفارسية في كتاب سمي «الصراح» ترجمه أبو الفضل جمال الدين القرشي سنة ٩٧٦ﻫ، ومن هذه الترجمة نسخ خطية في برلين والمتحف البريطاني وغيرهما، وطبعت في كلكتة سنة ١٨١٢.

ولخصه محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي من أهل القرن الثامن للهجرة في كتاب سماه «مختار الصحاح»، اقتصر فيه على ما لا بد منه في الاستعمال وضم إليه كثيرًا من تهذيب الأزهري وغيره، وكل ما أهمله الجوهري من الأوزان ذكره بالنص على حركاته، وهو شائع ومطبوع مرارًا بمصر وغيرها، ومنه نسخ خطية في مكاتب أوروبا، وألف كثيرون في نقد الصحاح للأسباب التي قدمناها كتبًا ورسائل لا محل لذكرها، ودافع عنه كثيرون، راجع كشف الظنون ٧٤ ج٢.

وللجوهري هذا فضل في تتميم علم العروض والزيادة في أوزانه،١ وقد تقدم خبر ذلك، وترجمته في معجم الأدباء ٢٦٦ ج٢، ويتيمة الدهر ٢٨٩ ج٤.

الجامع للقزاز (المتوفى سنة ٤١٢ﻫ)

هو أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي النحوي القزاز القيرواني، كان في خدمة العزيز الفاطمي صاحب مصر، وكان مقدمًا وجيهًا وصنف له كتبًا من جملتها كتاب «الجامع» في اللغة وكلها ضاعت، وترجمته في ابن خلكان ٥١٤ ج١.

الموعب للتياني (المتوفى سنة ٤٣٦ﻫ)

وهو أبو غالب تمام بن غالب بن عمر اللغوي من أهل قرطبة، ألف الموعب وجمع فيه الصحيح من محتويات كتاب العين والجمهرة ولم يختصر الشواهد، لكن الكتاب ضاع، وترجمته في ابن خلكان ٩٧ ج١.

المحكم والمخصص لابن سيده (المتوفى سنة ٤٥٨ﻫ)

وهو آخر أصحاب المعاجم التي ظهرت في ذلك العصر وأعظمهم، وهو الحافظ أبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده المرصي الأندلسي، كان ضريرًا وأبوه ضرير، وكان أبوه عالمًا في اللغة فأخذها عنه وعن غيره، وكان حافظًا أقام في مرسية، وتوفي في دانية من أعمال الأندلس، وقد ألَّف غير كتاب في اللغة والأدب، هاك ما وصلنا منها:
  • (١)

    المحكم في اللغة: واسمه المحكم والمحيط الأعظم، وهو كبير جامع، يشتمل على أنواع اللغة، رتب ألفاظه على ترتيب كتاب العين، وقد نظم بعضهم ثلاثة أبيات يؤخذ ترتيب حروف المحكم من أوائل ألفاظها وهي:

    علقت حبيبًا هنت خيفة غدره
    قليل كرى جفني شكا ضر صده
    سبا زهوه طفلًا ديانة تائب
    ظلامته ذنب ثوى ربع لحده
    نواظره فتاكة بعميده
    ملاحته أجرت ينابيع وجده

    ويمتاز المحكم بالضبط والدقة وصدق النظر وقد انتقى شواهده من أوثق المصادر الشعرية وغيرها، وعليه كان معول صاحب القاموس في تأليف كتابه كما سيأتي في مكانه، والمحكم موجود في المتحف البريطاني، وفي المكتبة الخديوية منه أجزاء كثيرة لا يتم منها نسخة كاملة، وأكبر مجموعة من تلك الأجزاء تبلغ ١٨ جزءًا تزيد صفحاتها على خمسة آلاف صفحة خطها قديم مغربي، وللمحكم خلاصة لمحمد الأنسي المتوفى سنة ٦٨٠، منها نسخة في المتحف البريطاني.

  • (٢)

    المخصص: وهو معجم معنوي؛ أي إن مواده مرتبة على معانيها وليس على حروفها، فهو مثل فقه اللغة للثعالبي ولكنه أوسع منه كثيرًا، وقد طبع في مصر سنة ١٣١٦ في ١٧ مجلدًا عن نسخة خطية مخرومة كانت في المكتبة الخديوية، ومنه أجزاء خطية متفرقة في مكتبتي أكسفورد والأسكوريال، وهو أوفى كتاب في بابه قد اجتمعت فيه الألفاظ المتشابهة والمتقاربة في معانيها أو المتفرعة بعضها عن بعض في باب واحد، وفي ذيله فهرس أبجدي يسهل البحث عن مواده.

  • (٣)

    كتاب شرح مشكل المتنبي: منه نسخة خطية في المكتبة الخديوية.

وترجمه ابن سيده في ابن خلكان ٣٤٢ ج١.

هوامش

(١) العمدة ٨٨ ج١.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤