التاريخ والمؤرخون

اتخذ التاريخ في هذا العصر وجهًا آخر فتكاثرت فيه التواريخ الخاصة للمدن الإسلامية أو الأمم أو الأشخاص، وذلك طبيعي بعد استبحار العمران وظهور الدول المتنافسة في الشهرة والسيادة وفي ترقية المملكة الإسلامية، وأكثرهم يقربون الكتاب ويغرونهم على تدوين محامدهم، كما فعل عضد الدولة بأبي إسحاق الصابي المتقدم ذكره وكما فعل محمود الغزنوي بالعتبي الآتي ذكره.

وقد دعا إلى تدوين تواريخ الدول المستقلة ما انتهى في ذلك العصر من الانقلابات السياسية، وتاريخ الأمة أو الدولة يدون غالبًا في أواخر أيامها أو بعد انقضائها، وأما تراجم الأفراد فيغلب تدوينها في حياة أصحابها بإيعاز منهم؛ ونظرًا لتوالي التقلبات على مصر في القرنين الثالث والرابع بتنقلها من العباسيين إلى الطولونيين فالإخشيديين فالفاطميين ظهر فيها عدة كتب في التواريخ الخاصة ضاع أكثرها وسنذكر ما بقي منها.

وفي هذا العصر تولَّد ضرب من التاريخ سموه «علم الأوائل»، ومنه يعرف أوائل الوقائع والحوادث بحسب الموطن، وأول من ألَّف فيه تأليفًا مستقلًّا أبو هلال العسكري، وقد تقدم ذكره.

أما التاريخ العام فقد خالط بعضه في هذا العصر صبغة الرحلة لكثرة ما كان من توالي الرحلات فيه كما سيجيء مع وصف الأماكن الجغرافية، فالمؤرخ يصف ما سمعه ورآه من الغرائب، وأكثرهم إفاضة في ذلك المسعودي، وكان هو نفسه من أهل الأسفار وكذلك أبو زيد البلخي، وقد ألَّف في التاريخ والجغرافيا، وذكرناه بين المؤرخين في العصر الماضي، غير أصحاب الجغرافية الآتي ذكرهم.

ويقال على الإجمال: إن النقد التاريخي لم ينضج في تواريخ هذا العصر؛ لأن أكثرها كتب ولا سيما التواريخ الخاصة تحت سيطرة الملوك والأمراء لإرضائهم، وقد يمتنعون عن الانتقاد تحاشيًا من التعرض للأحزاب الدينية إلا ما كان بين السنة والشيعة وهم مع ذلك يتحاشونه، ولعل التلاعب بعد ذلك في النسخ أفسد ما دونوه.

ونبدأ بذكر التواريخ العامة ثم الخاصة ونرتب التراجم في كليهما على سني الوفاة:

(١) أصحاب التواريخ العامة

(١-١) المسعودي (توفي سنة ٣٤٦ﻫ)

هو علي بن الحسين بن علي ذرية عبد الله بن مسعود؛ ولذلك قيل له: المسعودي، نشأ في بغداد وجاء مصر ورحل في طلب العلم إلى أقصى البلاد، فطاف فارس وكرمان سنة ٣٠٩ حتى استقر في إصطخر، وفي السنة التالية قصد الهند إلى ملتان والمنصورة، ثم عطف إلى كنباية فصيمور فسرنديب (سيلان) ومن هناك ركب البحر إلى بلاد الصين وطاف البحر الهندي إلى مداغسكر وعاد إلى عمان، ورحل رحلة أخرى سنة ٣١٤ إلى ما وراء أذربيجان وجرجان ثم إلى الشام وفلسطين، وفي سنة ٣٣٢ جاء أنطاكية والثغور الشامية إلى دمشق، واستقر أخيرًا بمصر ونزل الفسطاط سنة ٣٤٥، وتوفي في السنة التالية، ولم يفتر في أثناء أسفاره عن الاستقصاء والبحث واكتساب العلوم على اختلاف مواضيعها، فجمع من الحقائق التاريخية والجغرافية ما لم يسبقه إليه أحد، وألف كثيرًا من الكتب المفيدة في مواضيع شتى أهمها في التاريخ وهاك أشهر مؤلفاته الباقية:
  • (أ)

    مروج الذهب ومعادن الجوهر: هو أشهر من أن يعرَّف لشيوعه، وقد طبع مرارًا في جزئين، وصف في الأول منهما الخليقة وقصص الأنبياء مختصرًا، ثم وصف البحار والأرضين وما فيهما من العجائب، ويدخل في ذلك تواريخ الأمم القديمة من الفرس والسريان واليونان والرومان والإفرنج والعرب القدماء وأديانهم وعاداتهم ومذاهبهم وأوابدهم، وأطوال الشهور والتقاويم القديمة والبيوت المعظمة وغيرها، ثم عطف على تاريخ الرسالة الإسلامية من ظهور النبي إلى مقتل عثمان، وذكر في المجلد الثاني تاريخ الإسلام من خلافة علي إلى أيام المطيع لله العباسي (توفي سنة ٣٦٣).

    ويظهر مما جاء في مقدمته أنه نقل هذا الكتاب عن عشرات من الكتب التاريخية وغيرها كانت موجودة في أيامه لم يصلنا منها إلا بضعة قليلة كتاريخ الطبري وفتوح البلدان للبلاذري، وأما الباقي فقد ضاع وفيه عشرات من كتب التاريخ والسياسة والاجتماع، وفي خلال هذا الكتاب فوائد كثيرة لا تجدها في سواه؛ ولذلك فقد عني المستشرق باربيه دي مينار بنقله إلى اللغة الفرنساوية، وطبع في باريس سنة ١٨٧٢ في ٩ مجلدات، وقد انتقد هذه الترجمة عبد الله المراش في مجلة الضياء (سنة ٢)، ونقله إلى الإنكليزية الأستاذ سبرنجر وطبع الجزء الأول من ترجمته في لندن سنة ١٨٤١.

  • (ب)

    كتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان من الأمم الماضية والأجيال والممالك الداثرة، وهو كبير طويل مثل اسمه يدخل في ٣٠ مجلدًا، وقد أكثر المسعودي من الإشارة إليه في مروج الذهب، إذا اختصر الكلام في باب قال: «وقد فصلنا ذلك في كتابنا أخبار الزمان.» لكن هذا الكتاب ضائع الآن، وليس منه إلا الجزء الأول في مكتبة فينا.

  • (جـ)
    كتاب الأسط: هو وسط بين الكتابين المتقدمين وقد ضاع أيضًا، ولكن في مكتبة أكسفورد نسخة يظنون أنها هو، ويظن بعض الباحثين أنه وقف على شيء منه في بعض مكاتب دمشق.١
  • (د)

    كتاب التنبيه والإشراف: أودعه لمعًا من ذكر الأفلاك وهيئاتها، والنجوم وتأثيراتها، والعناصر وتركيبها، وأقسام الأزمنة وفصول السنة ومنازلها، والرياح ومهابها، والأرض وشكلها ومساحتها، والنواحي والآفاق وتأثيرها على السكان، وحدود الأقاليم السبعة، والعروض، والأطوال، ومصاب الأنهار، وذكر الأمم السبع القديمة ولغاتها ومساكنها، ثم ملوك الفرس على طبقاتهم والروم وأخبارهم، وجوامع تواريخ العالم والأنبياء، ومعرفة السنين القمرية والشمسية، وسيرة النبي وظهور الإسلام، وسير الخلفاء وأعمالهم ومناقبهم إلى سنة ٣٤٥، وفيه أشياء كثيرة لا توجد في غيره من كتب التاريخ، وقد طبع في ليدن سنة ١٨٩٤ في جملة المكتبة الجغرافية في ٥٠٠ صفحة.

وترجمة المسعودي في فوات الوفيات ٤٥ ج٢، والفهرست ١٥٤.

(١-٢) حمزة الأصفهاني (توفي نحو سنة ٣٥٠ﻫ)

هو حمزة بن حسن الأصفهاني كان مقيمًا في بغداد بأوائل القرن الرابع، وأصله من أصفهان كان يتعصَّب لغير العرب، وعوَّل في ما كتبه على المصادر الفارسية، وأشهر كتبه:
  • (أ)

    كتاب تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء: رتَّبَهُ في عشرة أبواب ذكر فيها شيئًا من أنساب حمير وسائر دول العرب من غسان ولخم وكندة، فضلًا عن ملوك الفرس والروم وغيرهم، ويوجه همه بالأكثر إلى تحقيق سنة الولادة والوفاة، طبع في ليبسك مع ترجمة لاتينية سنة ١٨٤٤، وفي مقدمة الكتاب أسماء الكتب الفارسية التي استعان بها في تأليفه.

  • (ب)

    كتاب الأمثال: منه نسخة في مكتبة منشن.

  • (جـ)

    كتاب الخصائص والموازنة بين العربية والفارسية: منه نسخة خطية في المكتبة الخديوية في ١٠٠ صفحة مكتوب على ظهرها أنها تأليف حمزة الأصفهاني.

وترجمته في الفهرست ١٣٩.

(١-٣) ابن النديم (توفي نحو سنة ٣٨٥ﻫ)

هو أبو الفرج محمد بن إسحاق بن يعقوب النديم الوراق البغدادي صاحب الفضل الأكبر على تاريخ آداب اللغة؛ لأنه أول من دوَّنها منذ نحو ألف سنة في «الفهرست»، ولولا هذا الكتاب لضاع أخبار كثير من آداب هذا اللسان، فهو أول من ألف في آداب اللغة، وإليك وصف كتابه: كتاب الفهرست: بدأ فيه صاحبه بوصف لغات الأمم من العرب والعجم وخطوطها، وصوَّر أمثلة منها، ثم ذكر كتب الشرائع المنزلة على مذاهب المسلمين والقرآن وعلومه، ثم انتقل إلى العلوم فذكر النحويين واللغويين وتاريخ النحو وأصحابه في البصرة والكوفة وأسماء كتبهم، فأصحاب الأخبار والآداب والسير وكتبهم، فالشعر والشعراء، فالكلام والمتكلمين، فالفقه والفقهاء، والحديث والمحدثين، فالفلسفة والعلوم القديمة وأصحابها، فالأسمار والخرافات والعزائم والسحر والشعوذة، فالمذاهب والاعتقادات، وأخيرًا الكيمياء وأصحابها، وفي كل باب تفاصيل في تاريخ كل مؤلف وأسماء كتبه.

وقد عني بطبع هذا الأثر النفيس المستشرق فلوجل سنة ١٨٧١ في ليدن في مجلد صفحاته ٢٦٠ صفحة كبيرة، غير الفهارس والشروح في اللغة الألمانية، وهي نحو ذلك العدد، وبعد طبع الفهرست عثروا على قطعة منه ساقطة من أول المقالة الخامسة (صفحة ١٧٢) تشتمل على تراجم طائفة من علماء الكلام، وهم واصل بن عطاء، والعلاف، والنظام، وتمامه، والجاحظ، وابن أبي داود، وابن الروندي، والناشي، والجبائي، والرماني، وهشام بن الحكم، وشيطان الطاق وغيرهم، وقد نشرت هذه القطعة في المجلة الألمانية Die Kunde des Morgenlandes سنة ١٨٨٩.

والفهرست ذخيرة أدب لا تثمن؛ لأنه حوى من أحوال آداب اللغة العربية في القرون الأولى ما لم يتعرض له غيره ولا غنى عنه في درس هذا التاريخ.

(١-٤) المرعشي (توفي سنة ٤٢١ﻫ)

هو أبو منصور الحسين بن محمد المرعشي كان في جملة من تقرب من السلطان محمود الغزنوي، وقد خلف: كتاب الغرر في سير الملوك وأخبارهم: في ٤ مجلدات الأول في تاريخ الفرس إلى يزدجرد بن بهرام والحروب بين أبنائه، والثاني إلى سقوط يزدجرد بن شهريار وتاريخ ملوك اليهود والأنبياء وملوك اليمن وأمراء الشام والعراق والروم وظهور الإسلام، الثالث والرابع في تواريخ الخلفاء الأمويين والعباسيين والدول الصغرى التي تفرعت من الدول العباسية كالطاهرية والسامانية والحمدانية والبويهية والغزنوية، وقد ألفه بأمر أبي المظفر نصر أخي السلطان محمود الغزنوي، ومنه الجزآن الأول والثاني في مكتبة باريس.

(١-٥) مسكويه (توفي سنة ٤٢١ﻫ)

هو أبو علي الخازن أحمد بن محمد بن يعقوب الملقب مسكويه. كان مجوسيًّا وأسلم، وهو من نوابغ المفكرين العاملين الذين يندر ظهورهم في الأمم، وكانت له معرفة تامة بعلوم الأقدمين وقد ألف فيها غير كتاب، وصحب ابن العميد وكان يخدمه في مكتبته، لكنه كان يشتغل بالفلسفة والكيمياء والمنطق فضلًا عن الأدب والفقه والتاريخ، وكان له ولع خاص بالكيمياء، فأنفق ماله في طلب الذهب بالطبخ، ثم ندم على ذلك وتنقلت به حاله إلى خدمة بني بويه، وعظم شأنه حتى ترفع عن خدمة الصاحب بن عباد ولم ير نفسه دونه، وكان شاعرًا مدح ابن العميد وعميد الملك، وله رسائل أنيقة على أسلوب ذلك العصر، وألف كتبًا كثيرة في الفلسفة والتاريخ، ذكرها صاحب معجم الأدباء (صفحة ٩١ ج٢) لم يبلغنا منها إلا ما يأتي:
  • (أ)

    كتاب تجارب الأمم: هو تاريخ عام يبدأ بالخليقة وينتهي سنة ٣٦٩ﻫ، ويدخل في ذلك تاريخ الفرس القدماء، وما يتعلق به من أخبار الروم والترك، والكتاب كبير يمتاز عما كتبه معاصروه أنه لم يجعل همه فيه جمع الحوادث بلا تدبر أو نظر. وقد استغرق هذا المؤلف ستة مجلدات كبيرة، وظلت ضائعة لم يوفق الباحثون إلى الوقوف على نسخ كاملة منها حتى عني الأستاذ كايتاني المستشرق الإيطالي في أمرها، فكلف سنة ١٩٠٦ الدكتور هوروفيتس للبحث عنها في مكاتب الآستانة، فعثر على نسخة منها في أيا صوفيا، وهي النسخة الوحيدة الكاملة فاستنسخها بالفوتوغراف، وتشتمل على ذلك التاريخ في ستة أجزاء عنيت لجنة تذكار جيب الإنكليزية في نشرها مطبوعة على الأصل؛ أي بأن يصور الأصل الخطي كما هو ويطبع كما تطبع الصور، وقد صدر الجزء الأول على هذه الصورة في ٦٠٠ صفحة غير الفهارس والمقدمة، وينتهي الكلام فيه إلى حوادث سنة ٣٧ﻫ، وستظهر سائر الأجزاء بالتدريج.

    وقد ألف الوزير أبو شجاع من وزراء الدولة العباسية، المتوفى سنة ٤٨٨ ذيلًا لهذا الكتاب منه نسخة في جملة كتب زكي باشا.

  • (ب)

    كتاب آداب العرب والفرس: نظر فيه نظر الفيلسوف الأديب وهو في ستة مجلدات أيضًا تكلم فيها عن الأخلاق والآداب عند العرب والفرس والهند واليونان، منه نسخ خطية في ليدن وأكسفورد وباريس.

  • (جـ)

    كتاب تهذيب الأخلاق: هو كتاب نفيس بسط فيه آراءه في النفس وقواها وماهيتها وأفعالها، وقسَّم ذلك وبوَّبه على أسلوب واضح، وبحث في الخلق وتقويمه ومراتب الناس في قبوله مستندًا في ذلك على كتب الفلاسفة الأقدمين في أسلوب تهذيبي فلسفي ترتاح النفس إليه، ويقتنع العقل بأكثر مواده، ويتخلل ذلك أبحاث في طبقات المخلوقات نحو بحث أصحاب النشوء والارتقاء اليوم، وقد أجاد في تعليل السعادة وأسبابها وبحث في العدالة وأقسامها وفي الاتحاد والمحبة وضروبها ومراتبها، وآداب الصداقة وأمراض النفس وأسبابها وعلاجها إلى غير ذلك مما يدل على صدق النظر وسداد الرأي، وقد طبع الكتاب مرارًا في مصر وغيرها.

  • (د)

    الفوز الأصغر: في الفلسفة وما يتعلق بها، وفي جملة ذلك رأيه في المخلوقات ونسبتها بعضها إلى بعض باختلاف طبقاتها من الجماد والنبات والحيوان ونحو ما ذهب إليه أهل النشوء. وقد طبع بمصر مرارًا، ومنه نسخ خطية في مكاتب أوروبا.

وترجمة مسكويه في معجم الأدباء ٨٨ ج٢، وفي تراجم الحكماء ٢١٧، وطبقات الأطباء ٢٤٥ ج١.

(١-٦) صاعد الأندلسي (توفي سنة ٤٦٢ﻫ)

هو أبو القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي قاضي طليطلة، ولد في المرية سنة ٤٢٠، واشتهر بكتابه «طبقات الأمم»، وهو من الكتب النادرة في العربية التي تتعرض لوصف العلوم عند الأمم بعد كتاب الفهرست، وقد كان مرجع مؤرخي القرن الخامس وما بعده في ما نقلوه عن تواريخ الأمم بالنظر إلى أحوال تمدنها وحال العلم فيها، وخصوصًا ابن أبي أصيبعة صاحب طبقات الأطباء، وأبا الفرج الملطي صاحب مختصر الدول، والحاج خليفة صاحب كشف الظنون، وكان المظنون أنه لا يوجد من هذا الكتاب إلا نسختان في مكتبة لندن ونتف في غيرها، وقد عثر الأب شيخو اليسوعي على نسخة عند أحد الوراقين في دمشق فطبعها في المشرق سنة ١٤ وعلق عليها، ولعله ينشرها على حدة أيضًا.

وهو غير صاعد بن هبة الله الطبيب النصراني، وغير صاعد بن الحسن اللغوي البغدادي المتوفى سنة ٤١٧ﻫ، وقد يسمى ابن صاعد، ولكنه غير ابن صاعد المحدث المتوفى سنة ٣١٨ﻫ.

(٢) أصحاب التواريخ الخاصة

(٢-١) أبو عمر الكندي (توفي نحو سنة ٣٥٥ﻫ)

هو أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي التجيبي، كان يقيم بمصر إلى أوائل النصف الثاني من القرن الرابع، وهو غير يعقوب الكندي الفليسوف المتقدم ذكره، وله من المؤلفات:
  • (أ)

    فضائل مصر: ألفه لكافور الإخشيدي، يشتمل على ما جاء عن مصر في القرآن والحديث مع تاريخها القديم وجغرافيتها وتاريخها الحديث إلى زمن كافور الإخشيدي باختصار، منه نسخة خطية في المكتبة الخديوية منقولة في الأصل عن مكتبة كافور في ٤٤ صفحة.

  • (ب)

    أخبار القضاة المصريين: هو تاريخ أولئك القضاة إلى سنة ٢٤٦ﻫ، منه نسخة في المتحف البريطاني، وهي الآن تحت الطبع بعناية كونيغ في نيويورك.

  • (جـ)

    كتاب تسمية ولاة مصر: طبعه كونيغ المذكور، وقد صدر الجزء الأول منه سنة ١٩٠٨ مع ملاحظات.

  • (د)

    تاريخ مصر: هو عظيم الأهمية، منه نسخة خطية في المتحف البريطاني، وقد أخذت لجنة تذكار حبيب بطبعه في لندن عن تلك النسخة.

(٢-٢) أبو عبد الله الخشني (توفي نحو سنة ٣٥٨ﻫ)

نسبة إلى خشينة من قضاعة في قرطبة، له كتاب أخبار الفقهاء والحفاظ الأندلسيين إلى سنة ٣٥٨، منه نسخة خطية في أكسفورد.

(٢-٣) أبو الحسن الإسكندراني

كتب نحو سنة ٣٦٥ في أيام المعز لدين الله الفاطمي كتابًا كاليومية سماه «ما كفى من أخبار الأيام»، منه نسخة في الأسكوريال.

(٢-٤) ابن القوطية (توفي سنة ٣٦٧ﻫ)

هو أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية الأندلسي الإشبيلي الأصل القرطبي المولد والدار، تثقف في إشبيلية وقرطبة، وكان من أعلم أهل زمانه باللغة والعربية مع حفظ الحديث والفقه والأخبار والنوادر، وكان أروى الناس للأشعار وأدركهم للآثار لا يلحق شأوه ولا يشق غباره، وكان مضطلعًا بأخبار الأندلس مليًّا برواية سير أمرائها وأحوال فقهائها وشعرائها يملي ذلك عن ظهر قلبه، وكانت كتب اللغة أكثر ما تقرأ عليه وتؤخذ عنه، توفي في قرطبة سنة ٣٦٧ وقد ألف كتبًا مفيدة في اللغة ويقال: إنه أول من فتح باب تصاريف الأفعال، وجاء بعده ابن القطاع واتبعه، وله كتب أخرى أهمها:
  • (أ)

    تاريخ الأندلس: يشتمل على فتح الأندلس إلى سنة ٢٨٠ﻫ، ومنه نسخة خطية في مكتبة باريس، وقد ترجمه إلى الفرنساوية شاربونو، وطبع بباريس سنة ١٨٥٦، وعول عليه طلاب تاريخ الأندلس من الإفرنج، وطبعوه مع ترجمة فرنساوية في باريس سنة ١٨٨٩ في ٢١٩ صفحة.

  • (ب)

    كتاب الأفعال: نشره الأستاذ جويدي في ليدن سنة ١٨٩٤.

وترجمته في ابن خلكان ٥١٢ ج١.

(٢-٥) ابن زولاق (توفي سنة ٣٨٧ﻫ)

هو أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق الليثي، كان من فضلاء المؤرخين المصريين، له من المؤلفات:
  • (أ)

    كتاب مختصر تاريخ مصر إلى سنة ٤٩ للهجرة: منه نسخة في غوطا.

  • (ب)

    تاريخ مصر وفضائلها: منه نسخة في باريس، ولها مختصر في غوطا وباريس.

  • (جـ)

    أخبار سيبويه المصري: وهي محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي الصيرفي، المتوفى سنة ٣٥٨، منه نسخة في المكتبة الخديوية في نحو ١٠٠ صفحة.

  • (د)

    تتمة كتاب الكندي في أخبار قضاة مصر: إلى سنة ٣٨٦ يبتدئ بذكر القاضي بكار وينتهي بمحمد بن النعمان، لم نقف عليه.

وترجمته في ابن خلكان ١٣٤ ج١، ومعجم الأدباء ٧ ج٣.

(٢-٦) ابن الفرضي (توفي سنة ٤٠٣ﻫ)

هو أبو الوليد عبد الله بن محمد الأزدي الفرضي، ولد في قرطبة سنة ٣٥١، ورحل في طلب العلم إلى القيروان ومصر، وتعين قاضيًا لبلنسية، وانتقل إلى قرطبة حتى سطا عليها البربر سنة ٤٠٣ فمات في تلك السنة، ومن آثاره الباقية «كتاب تاريخ علماء الأندلس» في عدة مجلدات نشر كوديرا الجزئين ٧ و٨، منها في مدريد سنة ١٨٩٢.

(٢-٧) عز الملك المسبحي (توفي سنة ٤٢٠ﻫ)

هو الأمير المختار عز الملك محمد بن عبيد الله المعروف بالمسبحي الكاتب الحراني، ولد في مصر ونشأ على زي الأجناد، وخدم الحاكم بأمر الله الفاطمي، وتقلد الأعمال والولايات وترتيب الديوان، وله مع الحاكم بأمر الله مجالس ومحاضرات، وقد ألف كتبًا كثيرة في مواضيع مختلفة أكثرها في التاريخ والأدب والنجامة وعلم النجوم وغير ذلك، لم يصلنا منها إلا القيل، وهاك ما وصلنا خبره منها:

كتاب أخبار مصر: ذكر فيه من نزل مصر من الولاة والأمراء والأئمة والخلفاء وما فيها من العجائب والأبنية، واختلاف أصناف الأطعمة، وذكر نيلها وأحوال أهلها إلى الوقت الذي كتب فيه ذلك الكتاب، ويتخلل ذلك أشعار الشعراء وأخبار المغنين ومجالس القضاة والحكام والمعدلين والأدباء والمتغزلين وغيرهم، وهو ثلاثة عشر ألف ورقة أو ٢٦٠٠٠ صفحة، فهو أطول كتاب في تاريخ مصر ينتهي بحوادث سنة ٤١٤ﻫ يوجد بعضه في مكتبة الأسكوريال.

وقد ألف له محمد بن ميسر ذيلًا ينتهي إلى حوادث سنة ٥٥٣ منه نسخة في باريس.

وترجمة المسبحي في ابن خلكان ٥١٥ ج١.

(٢-٨) أبو إسحاق الثعلبي (توفي سنة ٤٢٧ﻫ)

هو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري من علماء التفسير، وقد ألف فيه، وله في التاريخ «كتاب عرائس المجالس» في قصص الأنبياء، طبع بمصر مرارًا.

(٢-٩) أبو النصر العتبي (توفي سنة ٤٢٧ﻫ)

هو أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي، وأصله من الري، وجاء خراسان إلى خال له كان من الوجهاء هناك فنشأ عنده، وكان بليغ الإنشاء فتولى الكتابة للأمير أبي علي ثم لأبي منصور سبكتكين مع أبي الفتح البستي، ثم صار نائبًا في خراسان لشمس المعالي، واستوطن نيسابور، وأقبل على خدمة الآداب والعلوم، واشتهر على الخصوص بكتاب ألفه في تاريخ يمين الدولة السلطان محمود الغزنوي سماه «اليميني» نسبة إليه.

اليميني: هو الكتاب الذي اشتهر أبو النصر العتبي بتأليفه، بسط فيه ترجمة حياة السلطان محمود وترجمة أبيه سبكتكين وسبب طمعه في الملك وما جرى من الحروب مع الخوارزمية حتى تولى، ثم تاريخ يمين الدولة إلى آخر أيامه، ويدخل في ذلك لطائف كثيرة وحقائق هامة، وقد كتبه مسجعًا على أسلوب الترسل في ذلك العصر كما فعل الثعالبي بيتيمة الدهر لكنه أبلغ منه، ولا يدانيه بالبلاغة إلا إبراهيم الصابي المتقدم ذكره، وكان يجب عده من المنشئين لولا أهمية كتابه هذا في التاريخ.

وقد اعتنى بضبط ألفاظه وشرح مشكلاته جماعة منهم الشيخ مجد الدين الكرماني، وقاسم بن حسين الخوارزمي، وتاج الدين بن محفوظ، وحميد الدين النجاتي وغيرهم، ومنه نسخ خطية في مكاتب برلين ومنشن وفينا وليدن والمتحف البريطاني وباريس وبطرسبرج ويني جامع.

وفي المكتبة الخديوية نسخة من كتاب اليميني بخط فارسي جميل جدًّا مذهبة الحواشي تدخل في ٣٧٢ صفحة، على حواشيها شروح بخطوط فارسية جميلة، وقد طبع على الحجر في دلهي سنة ١٨٤٧، وفي لاهور سنة ١٨٨٣.

ومن شروحه كتاب الفتح الوهبي على تاريخ أبي النصر العتبي للمنيني الدمشقي، منه نسخة في فينا وبطرسبرج، وطبعته جمعية المعارف سنة ١٢٨٦ بمصر في مجلدين كبيرين مصدَّرًا بترجمة العتبي، وبساتين الفضلاء للنجاتي في يني جامع، وقد ترجمه إلى الفارسية الجربادكاني، ومن هذه الترجمة نسخة في فينا والمتحف البريطاني وبرلين، وقد ترجمه من النسخة الفارسية إلى الإنكليزية رينولد، وطبع في لندن سنة ١٨٥٨.

وترجمة العتبي في يتيمة الدهر ٢٨١ ج٤، وفي مقدمة الفتح الوهبي.

(٢-١٠) هلال الصابي (توفي سنة ٤٤٨ﻫ)

هو أبو الحسن هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال حفيد إبراهيم الصابي المنشئ صاحب الرسائل الذي تقدم ذكره، ولد سنة ٣٥٩، وكان أبوه صابئيًّا أما هو فأسلم متأخرًا وتولى الكتابة لفخر الملك بن غالب محمد بن خلف، وله تصانيف كثيرة في التاريخ والرسائل والسياسة لم يبقَ منها إلا:

تاريخ الوزراء: وهو كتاب جليل القدر؛ لأنه مسهب في وصف المدة التي تكلم عنها قاصر على ما حدث من أخبار العباسيين من سنة ٣٦٠ إلى ٤٤٧ﻫ، والطبري قد وفى التاريخ حقه من البسط إلى سنة ٣١٠، وألف غيره للمدة التي بعده لكن أكثرها ضاع، حتى تاريخ الوزراء هذا كادت تذهب به يد الزمان لو لم يتدارك ذلك المستشرق أمدروز الإنكليزي فطبعه سنة ١٩٠٤ في بيروت عن نسخة خطية كانت في مكتبة غوطا مع شروح وملاحظات، وليس هي كل تاريخ الوزراء، بل قطعة فيها نقص من أماكن كثيرة تنتهي بسنة ٣٩٣ في نحو ٥٠٠ صفحة كبيرة فيها فوائد يندر العثور عليها في الكتب الأخرى عن أحوال الدولة السياسية والمالية والحالة الاجتماعية وإدارة الحكومة، ودخائل قصور الخلفاء وثروتهم وعاداتهم وملاهيهم إلى غير ذلك مما يفهم من تضاعيف الكلام، ويسمى هذا الكتاب أيضًا كتاب الأعيان والأماثل.

وترجمته في ابن خلكان ٢٠٢ ج٢، ويتيمة الدهر ١٨٧ ج١، وفي مقدمة طبعة تاريخ الوزراء.

(٢-١١) القضاعي (توفي سنة ٤٥٤ﻫ)

هو أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القاضي الشافعي، تولى القضاء بمصر وقد أنابه المصريون عنهم في رسالة إلى بلاد الروم، وله عدة تصانيف أهمها كتاب خطط مصر، واسمه المختار في ذكر الخطط والأخبار، أخذ عنه المقريزي في خططه وبه عددناه من أصحاب التواريخ الخاصة، لكنه ضاع وهاك ما وصل إلينا من مؤلفاته الأخرى:
  • (أ)

    كتاب الشهاب في المواعظ والآداب: جمع فيه ١٢٠٠ حديث في الحكم والوصايا والآداب بدون الأسانيد في نحو مائة صفحة، وهو مختصر مفيد، منه نسخ في برلين وباريس وليدن وفي المكتبة الخديوية.

  • (ب)

    الإنباء بأنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء: وفيه تاريخ العالم من الخليقة إلى سنة ٤١٧، منه نسخة في برلين وأكسفورد.

  • (جـ)

    كتاب عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف: يشتمل على تاريخ البطاركة والأنبياء وبني أمية والعباسيين والفاطميين، وله ذيل إلى سنة ٩٢٦ﻫ، وكلاهما في باريس.

  • (د)

    نزهة الألباب جامع التواريخ: وهو ذيل للتاريخ، في المتحف البريطاني.

  • (هـ)

    مسند الشهاب: وهو يتضمن أسانيد الشهاب المتقدم ذكره ويسمى أيضًا إسناد الشهاب موجود في المكتبة الخديوية في نيف و٥٠٠ صفحة.

وترجمة القضاعي في ابن خلكان ٤٦٢ ج١، وحسن المحاضرة ٢٢٧ ج١.

(٢-١٢) أبو بكر الخطيب البغدادي (توفي سنة ٤٦٣ﻫ)

هو الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي المعروف بالخطيب، خاتمة مؤرخي هذا العصر، وكان من الأئمة المشهورين والحفَّاظ المبرَّزين ختم به ديوان المحدثين، سمع في بغداد شيوخ وقته ورحل إلى البصرة والدينور والكوفة ونيسابور وجاء صور فأقام بها مدة، وكان يتردد إلى بيت المقدس، وخرج من صور سنة ٤٦٢ﻫ إلى طرابلس وحلب وعاد إلى بغداد أقام بها سنة، وتوفي فيها سنة ٤٦٣، وله مؤلفات تزيد على ٥٥ كتابًا في التاريخ والحديث والأدب والنحو والفقه واللغة وغيرها أكثرها ضاع، وهاك ما بلغنا خبره منها:
  • (أ)

    تاريخ بغداد: ويشتمل على تراجم علمائها على الخصوص في ١٤ مجلدًا، وبه اشتهر، لكنه تبعثر فلا نعرف له نسخة كاملة في مكان، والموجود منه على ما نعلم أجزاء متفرقة في برلين والمتحف البريطاني وباريس وكوبرلي والجزائر والمكتبة الخديوية، وقد نشر المستشرق سلمون مقدمة هذا التاريخ بباريس سنة ١٩٠٤ كتابًا على حدة في ثلاثمائة صفحة تحتوي على أصل بغداد واسمها وتاريخ بنائها وأقسامها ودورها وقصورها ومدائنها، كما كانت في أيامه وغير ذلك من الفوائد، وذيلها الناشر بحواشٍ وفهارس، فجاءت كالكتاب المستقل بوصف عمارة بغداد وخططها، والكتاب على إجماله مروي بالإسناد على طريقة المحدثين.

  • (ب)

    الكفاية: في معرفة أصول علم الرواية، يبحث في شروط الرواية وأحكام قبولها، منه نسخ في برلين وليدن، وفي المكتبة الخديوية نسخة في ٣٤٠ صفحة بخط قديم.

  • (جـ)

    تقييد العلم.

  • (د)

    شرف أصحاب الحديث.

  • (هـ)

    المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف: وكلها في برلين.

  • (و)

    تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن نوادر التصحيف والوهم: هو كتاب كبير الحجم فيما أشكل من أسماء الرواة، مما يتفق في الهجاء ويختلف في الحركات وما يشتبه في الخط ويختلف في هجاء بعض حروفه، أو بتقديم بعض الحروف على بعض أو غير ذلك، وفيما يتفق من أسماء المحدثين وأنسابهم، فهو جزيل الفائدة من حيث تحقيق أسماء الرواة وأنسابهم وأخبارهم، منه نسخة في المكتبة الخديوية في ٧٠٠ صفحة وفي آخرها نقص.

  • (ز)

    كتاب البخلاء: في المتحف البريطاني.

وترجمة الخطيب في ابن خلكان ٢٧ ج١، ومعجم الأدباء ٢٤٦ ج١.

هوامش

(١) مجلة النعمة سنة ١ ج٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤