المستشرقون واللغة العربية

من العوامل الرئيسية في إحياء آداب اللغة العربية في هذه النهضة اشتراك الإفرنج في درسها، ونشر كتبها، والتنقيب عن تلك الكتب في مظانها، وليس اهتمام الإفرنج بالآداب العربية حديثًا، فإنه يرجع إلى الأجيال الوسطى قبل نهضتهم الأخيرة لإنشاء تمدنهم الحديث. ويُقسَّم عملهم في هذا السبيل إلى دورين: الأول اشتغالهم بنقل العلوم الطبيعية والرياضية في أول نهضتهم، والثاني اشتغالهم باللغات الشرقية وآدابها.

(١) نقل الإفرنج للعلوم الطبيعية

بدأ الإفرنج يهتمون باللغة العربية من القرن العاشر للميلاد؛ ليطَّلعوا على ما فيها من العلم الطبيعي والطب والفلسفة، وقد نقلوا أهم تلك الكتب إلى اللاتينية، وهو لسان العلم عندهم يومئذٍ، وأول مَن بلغنا خبرُه من المترجمين أو الناقلين البابا سلفستر الثاني في أواخر القرن العاشر للميلاد، ثم هرمان المتوفى سنة ١٠٥٤م، يليه قسطنطين الأفريقي وغيرهم.
figure
فريدريك الثاني وحوله الأطباء والعلماء من العرب.

وفي القرن الثاني عشر للميلاد أصبحت طليطلة وغيرها من مدائن العرب بالأندلس آهلة بالنازحين إليها من الإفرنج للاستفادة أو الترجمة أو التأليف كما كانت بغداد في عصر الرشيد والمأمون، ومن جملة المشتغلين بالنقل ريمون أسقف طيطلة في أواسط ذلك القرن، نقل كتبًا عديدة، يليه أفلاطون الطيبوري، وأدلار الباجي، ويوحنا الإشبيلي، وكنديسالفي، وهرمان الدلماتي، ومرقس الطليطلي وغيرهم، وأكثرهم اشتغالًا في ذلك جيرار الكرماني، فإنه نقل نحو ثمانين كتابًا حوت علوم القدماء في المنطق والفلسفة والرياضيات والنجوم والطبيعيات والكيمياء وغيرها، لمؤلفي اليونان والعرب، كالفارابي وابن قرة وأولاد موسى والخوارزمي والكندي والفرغاني وغيرهم، نقلها كلها عن اللغة العربية.

وأهتم ملوك أوربا يومئذٍ بآداب العرب أيضًا للاستفادة منها في مدنيتهم، كما يفعل كل عاقل يريد النهوض بأمته في العلم والمدنية، فإنه يستعين بمن سبقه فيها، وأول مَن سعى في هذا السبيل في نهضة أوربا الحديثة فريدريك الثاني المتوفى سنة ١٢٥٠م،١ وألفونس صاحب قشتالة، جمع إليه المترجمين كما فعل المأمون، وأمر بترجمة كتب العرب، وكانوا ينقلونها إلى الإسبانية، ومنها إلى اللاتينية، وشاع خبر تلك النقول في سائر أوربا، فاقتدى أمراؤها بذلك، فقضوا معظم القرون الوسطى في النقل، وبلغ عدد ما نقلوه من العربية في تلك المدة ٣٠٠ كتاب، نُقِل أكثرها من العربية إلى اللاتينية رأسًا، منها ٩٠ كتابًا في الفلسفة والطبيعيات، و٧٠ في الرياضيات والنجوم، و٩٠ في الطب، و٤٠ في النجامة والكيمياء.٢

(٢) اشتغالهم باللغات الشرقية

فاهتمام الإفرنج في الدور الأول إنما كان الغرض منه نقل العلوم الطبيعية وغيرها، للاستفادة منها في أول نهضتهم كما فعلنا نحن في أوائل القرن الماضي، أما اشتغالهم بدرس آداب اللغة العربية نفسها فله أسباب دينية أو تجارية، وهو تابع لاهتمامهم بسائر اللغات الشرقية، وفي مقدمتها اللغة العبرانية؛ لأجل تحقيق بعض المسائل الدينية بالرجوع إلى نصوصها الأصلية في التوراة، ثم اهتموا باللغة التركية والعربية لأسباب تجارية؛ ولذلك كان اليهود من أقدم المستشرقين، ونبغ منهم في أثناء الأجيال الوسطى جماعة كبيرة من العلماء في فنون مختلفة، أخذوا في نشرها بعد نزوحهم من الأندلس، وأصبحت اللغة العبرانية في القرن الخامس عشر وسيلة بين مدنية العرب ولغات أوربا، ثم صارت تُعلَّم في الكليات الكبرى مع اللغة اليونانية؛ لأن العلماء عكفوا على درس هذه اللغة، لتفهم الكتب اليونانية التي حُمِلت إليهم من القسطنطينية بعد دخول العثمانيين إليها سنة ١٥٤٣م.

أما العبرانية فاستعانوا بها في تفهم علوم الدين، وهي مفتاح سائر اللغات السامية، فلم يكن ينبغ عالم إلا وله إلمام باللغة المذكورة، وكانت إيطاليا مرجع طلاب هذه اللغة في القرن الخامس عشر، يبعثون منها المعلمين إلى سائر الممالك الأوربية، وكانت رومية مشتغلة في ذلك الحين بإخراج المبشرين إلى المشرق، فاضطروا إلى اللغة العربية، فانصرفت الهمم إلى درس هاتين اللغتين، ومن هنا يبدأ الاستشراق، والفضل فيه لرومية أو الفاتيكان، وقد أيدت رومية فضلها في هذا السبيل بإنشاء المطابع العربية، وجمع كتب الشرق وحفظها في مكتبة الفاتيكان وغيرها.

واقتدى الفرنساويون بالإيطاليين، فاستقدم فرانسوا الأول الأسقف جوستنياني من جنوا لتعليم اللغتين العبرانية والعربية في ريمس سنة ١٥١٩، وعملوا مثل عملهم في إنشاء المطابع العربية، وتحداهما سائر أمم أوربا، وبعد أن كان الاستشراق خاصًّا برجال الدين يراد به التبشير، أصبح علمًا قائمًا بنفسه يراد به درس اللغات الشرقية وآدابها.

(٣) أقدم المستشرقين وأهم آثارهم إلى آخر القرن ١٨، وفجر القرن ١٩

بدءوا بذلك من القرن السابع عشر، فظهر أول كتاب في قواعد اللغة العربية لإربانيوس في ليدن سنة ١٦١٣، وطُبِع كتاب المجموع المبارك في التاريخ لابن العميد المعروف بالمكين سنة ١٦٢٥ مع ترجمة لاتينية، ونُقِل القرآن إلى اللغة اللاتينية وطُبِع، وفعلوا نحو ذلك في آداب اللغات الشرقية، وخصوصًا الأرمنية والفارسية والحبشية واليابانية والتيبتية والهندية، وإنما يهمنا في هذا الباب اللغة العربية، فلا نتعرض لسواها.

أقدم المستشرقين المستعربين بوكوك Pocock الإنكليزي المتوفى سنة ١٦٩١، تلقى العلم في أكسفورد، ورحل إلى المشرق، وأقام في سوريا مدة، ومن آثاره طبع كتاب تاريخ مختصر الدول لابن العبري سنة ١٦٦٣ مع ترجمة لاتينية، وترجم رسالة حي بن يقظان إلى اللاتينية، وكتاب نظم الجوهر لسعيد بن البطريق طُبِع في أكسفورد سنة ١٦٥٩، وفي المكتبة الخديوية نُسَخٌ منها، وتمتاز طبعة بوكرك لمختصر الدول باحتوائها على حكاية إحراق مكتبة الإسكندرية بأمر عمر بن الخطاب، وقد حُذِفت من الطبعات الأخرى.
وخلفه مستشرق عظيم في أواخر القرن السابع عشر، نعني دربلو d’Herbelot، ووضع في تاريخ الشرق وآدابه معجمًا سماه المكتبة الشرقية في عدة مجلدات، وهي عبارة عن دائرة معارف شرقية باللغة الفرنساوية مرتبة على حروف الهجاء، تبحث في علوم الشرقيين وتاريخهم وآدابهم وخرافاتهم، وأديانهم ونظاماتهم، وسائر أحوالهم الاجتماعية وعاداتهم وغيرها، وعندنا نسخة في ستة مجلدات من طبعتها الثانية سنة ١٧٨٣، وأصبح الإفرنج في القرن الثامن عشر أكثر رغبة في استطلاع أحوال الشرق على اختلاف أممه ولغاته، ولا سيما اللغة العربية.
فاشتغل ريسكي Reiske في طبع تاريخ أبي الفداء والحريري في العربية واللاتينية، ونشر كازيري الإيطالي كتابًا كالموسوعة في العربية والإسبانية، وعاصرهم كارليل Carlyle الإنكليزي أستاذ اللغة العربية في كمبريدج (توفي سنة ١٨٠٤)، وله كتاب آداب العرب وشعرهم في الإنكليزية، ويوسف هوايت White (سنة ١٨١٤) من أكسفورد، نشر كتاب عبد اللطيف البغدادي ونقله إلى اللاتينية، ودمباي Dombay النمساوي (سنة ١٨١٠) صاحب الرحلة إلى بلاد العرب، وسوزا Souza البرتغالي (١٨١٢) صاحب كتاب الألفاظ البرتغالية المشتقة من العربية، وروزاريو الإيطالي (١٨٠٩) تفرَّغ لدرس آثار صقلية، وله كتاب الآثار العربية في صقلية جزيل الأهمية.

ولم ينقضِ القرن الثامن عشر حتى اهتم الفرنساويون بالآداب الشرقية، بجمع الكتب الشرقية في المكتبة الأهلية في باريس، وأنشئوا مدرسة اللغات الشرقية الحية سنة ١٧٩٥، وأصبحت فرنسا في أوائل القرن التاسع عشر كعبةَ طلاب العلوم الشرقية، فتقاطروا إليها من ألمانيا وإيطاليا وأسوج وغيرها ليتلقوا العلم على سلفستر دساسي الآتي ذكره، وأكثر المستشرقين الذين نبغوا في النصف الأول من القرن المذكور من تلاميذ تلك المدرسة، واستقدم قيصر الروس معلمين منها ينشئون في بطرسبورج مدرسة على مثالها.

غير ما أنشئ من الجمعيات الأسيوية (أو الشرقية) في أوائل القرن التاسع عشر، فأنشأ الفرنساويون الجمعية الأسيوية في باريس سنة ١٨٢٢، فقلدهم الإنكليز سنة ١٨٢٣، ثم الألمان سنة ١٨٤٤، ولكل جمعية مجلة تنشر أعمالها، ومن كل مجلة الآن مجموعة فيها زبدة أعمال المستشرقين في سبيل اللغات الشرقية وآدابها منذ إنشائها إلى اليوم، ولا تزال تصدر.

وكان لبونابرت يد في تنشيط الآداب العربية في فرنسا، ولا سيما بعد أن جاء مصر، وخلف فيها آثاره، ومن رجاله شامبليون الذي حل رموز القلم المصري القديم (الهيروغليف)، وتنبهت الأذهان إلى الشرق، وتألفت الجمعيات للتنقيب عن آثاره ودوله وأممه في مصر وبابل وآشور وفينيقية وبلاد العرب، فاكتشفوا من آثار العرب أشياء مفيدة، جاءت خلاصتها في الجزء الأول من كتابنا «العرب قبل الإسلام».

دخل القرن التاسع عشر وانصرف همُّ المستشرقين إلى آداب الشرق وعلومه ولا سيما العرب، وأخذوا في نشر آدابهم وعلومهم، ونقلها ودرسها، فنبغ من المستشرقين طبقة من العلماء يختص كل منهم بلغة من اللغات الشرقية مع إلمامه بسواها، ويهمنا منهم الآن المستعربون أو المشتغلون باللغة العربية، ويُقسَّم اشتغالهم فيها إلى ثلاثة أبواب:
  • (١)

    نشر الكتب العربية.

  • (٢)

    ترجمتها إلى لغاتهم.

  • (٣)

    التأليف عن الآداب العربية في ألسنتهم.

فمن المستشرقين من اقتصر عمله على أحد هذه الأقسام، ومنهم مَن جمع بين اثنين منها أو بينها كلها، ونقسم الكلام في ذلك إلى قسمين: الأول في دساسي وكاترمير، ومن عاصرهما في النصف الأول من القرن التاسع عشر، والثاني في نوابغ المستشرقين في النصف الثاني من القرن المذكور إلى الآن.

(٤) المستشرقون في النصف الأول من القرن التاسع عشر

قد رأيت أن أكثر الأوربيين اشتغالًا في ذلك الفرنساويون، ثم اقتدى بهم سواهم، وعمدة هذه النهضة فيهم أستاذان كبيران لكل منهما تلاميذ ومريدون: أولهما دساسي، والثاني كاترمير، ويعدان كالمؤسسين في هذا الباب، فنفرد لكل منهما فصلًا خاصًّا، ثم نعود إلى تاريخ المستشرقين حسب الأمم، وسنتكلم عن ذلك بغاية الإيجاز لضيق المقام.

(٤-١) سلفستر دساسي Sylvestre de Sacy (وُلِد سنة ١٧٥٠، وتوفي سنة ١٨٣٨)

كان دساسي عالمًا باللغات الشرقية فضلًا عن الغريبة، لكنه تخصَّص للعربية والفارسية، وكان أمهر أهل زمانه فيهما، قضى حياته في خدمة الآداب الشرقية، ولا سيما العربية بالتعليم والتأليف والنشر.
figure
سلفستر دساسي.
ومن مؤلفاته الهامة كتاب النحو العربي في مجلدين كبيرين لتعليم هذا اللسان للإفرنج، وكتاب قراءة فيه منتخبات من كُتُب العرب، سماه الأنيس المفيد للطالب المستفيد، طُبِع في باريس سنة ١٨٢٧، وله مؤلفات في تاريخ العرب الجاهلية، وتعريف ديانة الدروز منقولة عن كتبهم، ومصدَّرة بترجمة الحاكم بأمر الله، طُبِع في باريس سنة ١٨٣٨ في مجلدين، وله المكتبة الشرقية وهي في اصطلاحهم يومئذٍ كالموسوعة، تبحث في آداب المشارقة وعلومهم في ثلاثة مجلدات، واشترك مع دلابورت في ترجمة أبحاث جغرافية عربية بإفريقيا عن العربية، طُبِع في باريس سنة ١٨٢١، وترجم البردة إلى الفرنساوية، وكتاب النقود للمقريزي، وكتَبَ في نقود الخلفاء مقالات نُشِرت في المجلة الأسيوية مع مقالات أخرى كثيرة في مواضيع مختلفة، غير ما كتبه عن الفرس وغيرهم، ونشر كتاب كليلة ودمنة، ومقامات الحريري، ورحلة عبد اللطيف البغدادي، وألفية ابن مالك، وهو الذي أنشأ الجمعية الأسيوية الفرنساوية سنة ١٨٢٢ بالاشتراك مع تلاميذه ومريديه، وسموها Société Asiatique، وأنشئوا المجلة الأسيوية Journal Asiatique لنشر نتائج أبحاثهم.

تلاميذ دساسي ومعاصروه

ونبغ من المستشرقين في النصف الأول من القرن التاسع عشر طائفة من المستشرقين، أكثرهم استفادوا من كتب دساسي أو قرءوا عليه، وهم طوائف من أمم أوربا أكثرهم من الفرنساويين، هاك أشهرهم:
  • (١)
    عمانويل سديليو Sédillot المتوفى سنة ١٨٣٢، وابنه لويس المتوفى سنة ١٨٧٥، وقد خدما اللغة العربية خدمة جزيلة، ولويس هذا ألَّف كتاب تاريخ العرب وآدابهم في مجلدين، طُبِع في باريس سنة ١٨٧٧، وقد نقله علي باشا مبارك إلى اللغة العربية، وطُبِع بمصر سنة ١٣٠٩ﻫ، وكتاب في المقابلة بين جغرافي اليونان والعرب، طُبِع في باريس سنة ١٨٤٢، وقد نشر كتاب جامع المبادئ والغايات لأبي الحسن المراكشي في الآلات الفلكية في مجلدين بباريس سنة ١٨٣٥ مع الرسوم، وله عدة مقالات في الفلك والأزياج العربية، بعضها منشور في المجلة الأسيوية الفرنساوية، وبعضها في كتب على حدة.
  • (٢)
    كوسين دي برسفال Perceval الأب توفي سنة ١٨٣٤، وابنه توفي سنة ١٨٧١، وكان الوالد أمين المخطوطات الشرقية في مكتبة باريس الأهلية، وعلَّم اللغة العربية في مدرستها، وله كتب عديدة في آداب العرب وتاريخهم، ونشر بعض كتبهم وترجم بعضها، واشتهر الابن خصوصًا بكتابه العرب قبل الإسلام في الفرنساوية في ثلاثة مجلدات، طُبِع في باريس سنة ١٨٤١.
  • (٣)
    جوبير Jaubert الفرنساوي نقل جغرافية الإدريسي إلى اللغة الفرنساوية في مجلدين، طُبِع في باريس سنة ١٨٤٠، وترجم تاريخ غانة، وله عدة مقالات منشورة في المجلة الأسيوية.
  • (٤)

    فريسنل المتوفى سنة ١٨٥٢، وقد وجه اهتمامه إلى العرب الجاهلية، وله فيها مقالات هامة في المجلة الأسيوية، وبعضها طُبِع غير مرة.

  • (٥)
    دي فيرجه Des Vergers المتوفى سنة ١٨٦٧، نشر مؤلفات عربية، وألَّف كتابًا في تاريخ العرب قبل الإسلام وبعده، طُبِع في باريس سنة ١٨٤٧.
  • (٦)
    رينو Reinaud المتوفى سنة ١٨٦٧ اقتفى آثار أستاذه دساسي في الشرقيات، ولا سيما العربية، وكان أمينًا على المخطوطات الشرقية في مكتبة باريس، فساعده ذلك على التوسع في الدرس، وتولى تدريس اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية الحية بعد دساسي، ثم صار رئيسًا لها، ونقل كتبًا عربية إلى اللغة الفرنساوية، ونشر كتبًا أخرى، منها تقويم البلدان لأبي الفداء مع ترجمة فرنساوية، وألَّف في المخطوطات العربية، وفي العلائق التجارية بين الروم والشرق، وعن فن الفسيفساء عند العرب، وعن اللغة العربية في سوريا سنة ١٨٥٧، وعن النار اليونانية، وفن الحرب عند العرب، وغير ذلك من المقالات نشرت في المجلات الشرقية، وله كتاب في فتوح العرب بفرانسا طُبِع في باريس سنة ١٨٣٦، ونشر كتبًا عربية هامة، منها كتاب في الرحلات العربية والتجارية إلى الشرق الأقصى في القرن التاسع للميلاد، طُبِع في باريس سنة ١٨٤٥ بعناية لانجليس مع ترجمة فرنساوية لرينو، ويعرف بسلسلة تواريخ، ونشر منتخبات عربية عن تاريخ الصليبين، وغير ذلك.

ومن معاصري دساسي أو تلاميذه من غير الفرنساويين جماعة من خيرة المستعربين، فمن الألمانيين: روديغر ويوالد وكورسغارتن وكلنيتز، أصدروا المجلة الشرقية الألمانية، غير ما كتبوه من المقالات والكتب.

إتيان كاترمير Etienne Quatremere وُلِد سنة ١٧٨٢ وتوفي سنة ١٨٥٧

هو من تلاميذ دساسي، وقد خلفه في الشهرة وكثرة التلاميذ والمريدين، وكان إمام عصره في الآداب الشرقية كما كان دساسي، وهو من أسرة عريقة في الوجاهة والأدب والعلم والشجاعة والحرب، وُلِد في باريس سنة ١٧٨٢، وتخرَّج على دساسي وغيره، وتولى نظارة المخطوطات الشرقية في باريس، والتدريس في المدارس الراقية، وهو في مقتبل العمر، وانتخبته الأكاديمية الفرنساوية عضوًا فيها سنة ١٨١٥، ثم تولى تدريس اللغات الشرقية في مدارسها الخاصة.
figure
إتيان كاترمير.

ولما توفي دساسي أصبح كاترمير إمامًا في تلك العلوم، وقد أدهش الناس بأبحاثه وأعماله، وكثرة ترجماته ومؤلفاته، وما تولى نشره من الكتب الهامة، فقد ترجم تاريخ المماليك للمقريزي في أربعة مجلدات، علَّق عليها الحواشي، طُبِع في باريس سنة ١٨٤٥، ومن أهم مؤلفاته كتاب في ملاحظات تاريخية وجغرافية هامة طُبِع في باريس سنة ١٨٦١، ومقالات كثيرة في آداب العرب والإسلام نُشِرت في المجلة الأسيوية، أو في كتب على حدة، ونشر مقدمة ابن خلدون، ومنتخبات أمثال الميداني، وكتاب الروضتين، وألَّف في آثار القبط والبابليين والسامرة، وله ترجمات عن التركية، وغير ذلك، وله تلاميذ ومريدون كثيرون.

(٥) المستشرقون في النصف الثاني من القرن ١٩ إلى الآن

كان الاستشراق أو الاستعراب في النصف الأول من القرن التاسع عشر خاصًّا بالفرنساويين تقريبًا، ثم اشترك فيه غيرهم من أمم أوربا، وإليك خلاصة تاريخ ذلك عند كل أمة.

الفرنساويون

  • (١)
    بيرون Perron: بحث في آداب الجاهلية وأخلاقهم، وله كتاب في نساء العرب قبل الإسلام وبعده، طُبِع في باريس سنة ١٨٥٨، وترجم بعض أشعار الجاهلية، وكتب مقالات في آداب العرب في المجلة الأسيوية، وترجم كتاب الصناعتين للناصري في الفروسية إلى الفرنساوية، طُبِع في باريس سنة ١٨٦٠، ونقل كتاب خليل بن إسحق في الفقه المالكي، وغيره.
  • (٢)
    دي سلان de Slane: المتوفى سنة ١٨٧٩، كان همه متجهًا على الخصوص إلى تاريخ البربر في شمالي إفريقيا، وألَّف فيهم كتابًا في ستة مجلدات كثير الفائدة، ثم درس ابن خلدون، وترجم مقدمته إلى الفرنساوية، وكان كاترمير قد باشر ترجمتها قبله، فأتمها وطبعها مع الترجمة في ستة مجلدات، وترجم تاريخ البربر لابن خلدون في أربعة مجلدات طُبِع في باريس، ومن مؤلفاته فهرس مشروح لمخطوطات باريس الشرقية، أتمه ونشره ديرنبورج سنة ١٨٨٣، وترجم كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان إلى الفرنساوية، صدر الجزء الأول منه سنة ١٨٤٢ في باريس، وديوان امرئ القيس وترجمته نقلًا عن الأغاني مع ترجمتها الفرنساوية، طُبِع في باريس سنة ١٨٣٧، وله مقالات كثيرة في البربر وآدابهم، وغير ذلك في المجلة الأسيوية.
  • (٣)
    شربونو Cherbonneau: المتوفى سنة ١٨٨٢، اشتغل بتنظيم مدارس الجزائر، وعلَّم في بعضها، وحسَّن التعليم العربي، وعمل على إحياء الآداب العربية، وصنَّف كثيرًا من الكتب المدرسية، ومعجمًا في الفرنساوية والعربية على لغة أهل الجزائر، ونقل كتبًا عربية إلى الفرنساوية منها رحلة العبدري، وتاريخ ابن حماد، وله مؤلفات كثيرة في تواريخ العرب منشورة في المجلة الأسيوية الفرنساوية.
  • (٤)
    باربيه دي مينار: المتوفى سنة ١٩٠٨، ترجم مروج الذهب إلى الفرنساوية، وله معجم تركي فرنساوي صدر الجزء الأول منه سنة ١٨٨٥ بباريس، ومعجم تاريخي جغرافي أدبي بالفرنساوية عن بلاد فارس وما يليها، نقلًا عن معجم البلدان وغيره، طُبِع في باريس سنة ١٨٦١، وكتاب في الشعر الفارسي، ومقالات في المجلة الأسيوية.
  • (٥)
    ديرنبورج Derenbourg: يوجد اثنان بهذا الاسم: يوسف ديرنبورج المتوفى سنة ١٨٩٥، وابنه هرتويك ديرنبورج المتوفى سنة ١٩٠٨، وتعاصرا زمنًا يعملان معًا في خدمة آداب الشرق، ولا سيما اللغات السامية، وخصوصًا العربية.
    figure
    هرتويك ديرنبورج.
    أشهر آثار الوالد أنه نشر ترجمة التوراة لابن سعيد الفيومي إلى العربية في باريس سنة ١٨٩٣، وُلِد ابنه هرتويك سنة ١٨٤٤في باريس، وتلقى العلم في غوتنجن، وعاد إلى باريس، واشتغل في قسم المخطوطات من مكتبتها، قضى في ذلك أعوامًا عديدة، وقد تمكن من اللغات السامية ولا سيما العربية والعبرانية، ونشر كتبًا عربية أهمها كتاب سيبويه في النحو في مجلدين، وأشعار النابغة الذبياني، وكتاب الفخري، وكتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ وغيرها، وانتدبته نظارة المعارف الفرنساوية لدرس خزائن الكتب في الأسكوريال ومدريد وغرناطة، فوضع في كتب الأسكوريال مجلدين كبيرين، وعثر في أثناء درسه على بعض ما نشره من الكتب غير مقالاته في المجلة الأسيوية.

الألمانيون

اشتغل الألمان في الآداب العربية في النصف الثاني من القرن الماضي بهمة ونشاط بين ترجمة ونشر وبحث وتنقيب، ولعلهم أكثر المستشرقين عملًا في نشر الآداب العربية كما ستراه — هاك أشهرهم بوجه الاختصار:
  • (١)
    فرايتاغ Freytag: المتوفى سنة ١٨٦١، كان عالي الهمة، تلقى اللغات الشرقية على دساسي في باريس، وتولي تدريسها في كلية بون، وأخذ في التأليف عن العرب ولغتهم وآدابهم، فألَّف في الألمانية كتابًا عن اللغة العربية في الجاهلية والإسلام، طُبِع في بون سنة ١٨٦١، ومعجمًا في العربية واللاتينية في ٤ مجلدات، جمع فيه ما اختار من الصحاح والقاموس وغيرهما، ونشر حماسة أبي تمام مع ترجمة لاتينية، عليها شرح التبريزي في جزئين، طُبِع في بون سنة ١٨٥١، ونشر حِكَم لقمان مع ملاحظات لاتينية، وكتاب ابن عربشاه فاكهة الخلفاء، وكتاب المنتخب من تاريخ حلب، وأمثال الميداني مع ترجمتها اللاتينية في ٣ مجلدات، ورحلة عبد اللطيف البغدادي في مصر، وله كتب أخرى ومقالات في مواضيع مختلفة.
  • (٢)
    كوسغارتن Kosegarten: البروسياني، أتقن العربية على دساسي، وكان بارعًا فيها وفي الفارسية والتركية، ونشر كثيرًا من مخطوطات باريس الشرقية، منها مجلد من الأغاني مع ترجمة لاتينية، ومجلدان من الطبري مع ترجمة لاتينية، ونشر بعض أشعار الهذليين، ومنتخبات عربية، غير اشتغاله باللغات الفارسية والهندية.
  • (٣)
    وبكي Woepcke: من أهل ليبسك، توفي شابًّا سنة ١٨٦٤، كانت له عناية خاصة في الرياضيات العربية، ورحل إلى برلين لهذه الغاية، ونشر رسالة الخيامي في الجبر مع ترجمتها الفرنساوية، وكتب مقالات في الهندسة العربية وغيرها نُشِرت في المجلة الأسيوية الفرنساوية، ولخَّص كتاب الجبر والمقابلة المعروف بالفخري لأبي بكر الكرخي مع مقدمة في الجبر عند العرب، طُبِع في باريس سنة ١٨٥٣، وكتاب في الحساب الهندي بالغرب، طُبِع في باريس سنة ١٨٥٩، ونشر كثيرًا من الكتب الرياضية مع ترجمتها.
  • (٤)
    سليمان منك Munk: البروسياني المتوفى سنة ١٨٦٧، هو عالم في اللغات الهندية والعربية، وزار سوريا ومصر، وكفَّ بصره في أواخر أيامه، وألَّف كتابًا في جغرافية فلسطين وآثارها وتاريخها، طُبِع في باريس سنة ١٨٤٥، وله مؤلفات عديدة في الفاريسية والعربية والعبرانية، ومقالات عديدة في المجلات الأسيوية.
  • (٥)
    غوستاف فلوغل Flüegel: من سكسونيا توفي سنة ١٨٧٠، تلقى العلم في ليبسك، وأتقن اللغة العربية في باريس، ورحل إلى فينا، ودرس مخطوطاتها ومخطوطات باريس وغيرهما، وعاد إلى بلده في ساكس وتولى التدريس فيه، وله عناية كبيرة في نشر الكتب الهامة بالعربية بإشارة بعض أمراء بلده، أهمها كشف الظنون في سبعة مجلدات مع ترجمتها اللاتينية، وقد تقدم ذكرها، وكتاب الفهرست لابن النديم أتمه بعده روديغر وأوغست مولر، ووصف مخطوطات فينا العربية والفارسية والتركية في ثلاثة مجلدات، ونشر مؤنس الوحيد للثعالبي، وطبقات الحنفية لقطلوبغا، وتعريفات الجرجاني في ليبسك سنة ١٨٤٥، والقرآن ونجوم الفرقان وهو فهرس للقرآن طُبِع في ليبسك، غير ما ألَّفه في لغته عن العرب وآدابهم، وله مقالات كثيرة في المجلات الشرقية، وكتاب في نحويِّي البصرة والكوفة، طُبِع في ليبسك سنة ١٨٦٢، وكتاب في الكندي فيلسوف العرب طُبِع هناك سنة ١٨٥٧.
  • (٦)
    فلايشر Fleischer: المتوفى سنة ١٨٨٨، كان أستاذًا كبيرًا في ليبسك، وكان إمام عصره في العلوم الشرقية، كما كان دساسي وكاترمير في فرنسا، وكان يكاتب أدباء سوريا وينشر كتاباتهم في المجلة الشرقية الألمانية، وألَّف في الآداب الشرقية كتبًا كثيرة، حتى قالوا إنها تزيد على مائة كتاب، منها فهرست المخطوطات الشرقية في درسدن، ومقالات عديدة في اللغة العربية ولهجاتها في المجلات الألمانية، وقد نشر تفسير البيضاوي في ٣ مجلدات مع الفهارس الأبجدية، والمفصل للزمخشري، وبعض كتاب ألف ليلة وليلة، وبعض تاريخ أبي الفداء، وغير ذلك.
  • (٧)
    ديتريتشي Dietrici: المتوفى سنة ١٨٨٨، نشر رسائل إخوان الصفا، ونخبًا من يتيمة الدهر للثعالبي عن المتنبي وسيف الدولة، ونشر ديوان المتنبي سنة ١٨٦١، وإلهيات أرسطو، وفلسفة الفارابي، وغيرها.
  • (٨)
    غستاف وايل Weill: المتوفى سنة ١٨٨٩، اشتهر بتاريخ الخلفاء بالألمانية في خمسة مجلدات، وقد ترجم سيرة ابن هشام إلى الألمانية في مجلدين، طُبِع في ستتغارت سنة ١٨٦٤.
  • (٩)
    البارون فون كريمر von Kremer: المتوفى سنة ١٨٨٩، ويعرفه قراؤنا بما ذكرناه عنه في تاريخ التمدن الإسلامي، نزل سوريا ومصر، وعلَّم العربية في بلاده، ونشر نحو ٢٠ كتابًا عربيًّا، منها: كتاب الاستبصار، وكتاب المغازي، والأحكام السلطانية، وغزوات الواقدي وغيرها، وله مؤلفات في الألمانية عن العرب والمسلمين جزيلة الفائدة، أهمها تاريخ التمدن الشرقي في مجلدين طُبِع في فينا سنة ١٨٧٥، وتاريخ الفِرَق الإسلامية في مجلد طُبِع في ليبسك سنة ١٨٦٨، وكتاب في آثار اليمن ونحوها طُبِع في ليبسك سنة ١٨٦٥، وجباية الدولة العباسية لسنة ٣٠٦ﻫ طُبِع في فينا سنة ١٨٨٧، وكتاب في الأرض الإسلامية، وغير ذلك من المقالات في المجلات.
  • (١٠)
    توربكي Thorbecke: المتوفى سنة ١٨٩٠، نشر كتاب الملاحن لابن دريد، ودرة الغواص للحريري، وكتاب النحو للصباغ، والمفضليات، وترجمة عنترة، وغير ذلك.
  • (١١)
    فردينان وستنفيلد Wüestenfeld: المتوفى سنة ١٨٩٩، هو من أكثر المستشرقين عملًا في نشر الكتب العربية، كان من أساتذة غوطا، ويزيد عدد منشوراته ومؤلفاته على مئتي كتاب. وأهم ما نشره من الكتب العربية: طبقات الحفاظ للذهبي، سيرة ابن هشام، وفيات الأعيان لابن خلكان، كتاب الاشتقاق لابن دريد، معجم البلدان لياقوت، معجم ما استعجم للبكري، تهذيب الأسماء للنووي، تهذيب الأنساب للسمعاني، المشترك لياقوت، عجائب المخلوقات للقزويني، أخبار قبط مصر للمقريزي، كتاب المعارف لابن قتيبة، تواريخ مكة في ٤ أجزاء، سيرة فخر الدين المعني، مختلف القبائل لابن حبيب، تعبئة الجيوش لإليانوس وغيرها، غير ما ألَّفه بالألمانية عن العرب وآدابهم وتاريخهم، منها: كتاب في الصوفية، آخَر في حروب اليمن والأتراك في القرن السابع عشر، تاريخ المدينة ومكة، النزاع بين هاشم وعبد المطلب، جداول أنساب العرب بشكل المشجر، تراجم أطباء العرب، الإمام الشافعي، ما نقله الإفرنج عن العرب من العلوم، مؤرخو العرب ومؤلفاتهم، وغير ذلك.
    figure
    وستنفيلد.
  • (١٢)
    إدوارد غلازر Glaser: وُلِد في بوهيميا سنة ١٨٥٥، وتوفي سنة ١٩٠٨، واشتهر على الخصوص بارتياد بلاد العرب، والتنقيب عن آثار اليمن، وألَّف في ذلك عدة كتب استفدنا منها في تأليف كتابنا تاريخ العرب قبل الإسلام، بعضها في آثار العرب، والبعض الآخر في لغاتهم وتاريخهم وجغرافيتهم بالإسناد إلى الآثار المنقوشة، وغير ذلك.
    figure
    إدوارد غلازر.

النمساويون

أشهرهم همر بورجشتال Hammer-Purgstall: المتوفى سنة ١٨٥٦، تلقى العلم في كلية فينا، فأتقن العربية والفارسية والتركية وهو في العشرين من عمره، ثم نزل الأستانة مترجمًا في سفارة النمسا، وتجول في سوريا ومصر، وارتقى حتى صار من أعضاء شورى الدولة، فانقطع إلى التأليف، وأهم مؤلفاته في الشرق تاريخ الدولة العثمانية، كتبه في الألمانية في عشرة مجلدات، وقد تُرجِم إلى الفرنساوية، وتاريخ شعراء العثمانيين في ٤ مجلدات بالألمانية، وتاريخ آداب اللغة العربية في سبعة مجلدات لم يتمه. وله أبحاث في تاريخ الأتراك، وتاريخ الإسماعيلية، وتاريخ القسطنطينية، ومن أهم كتبه دائرة معارف شرقية تشتمل على آداب الشرق وتاريخه في الألمانية، أما ترجماته فإنه نقل أطواق الذهب للزمخرشي، وتائية ابن الفارض، وأيها الولد للغزالي، وترجم ديوان المتنبي نظمًا في الألمانية، وغير ذلك من الكتب بشأن الشرقيين غير العرب شيء كثير، غير ما كتبه من المقالات، أو دخل فيه من المناقشات في العرب وتاريخهم وآدابهم، وأكثره منشور في كتب أو في المجلات الأسيوية أو الشرقية.

الهولنديون

  • (١)
    جونبول Juynboll: المتوفى سنة ١٨٦١، كان من رجال الدين، وتمكن من اللغة العربية، وبرع فيها حتى تولى تدريسها في كلية ليدن، ونشر قصائد المتنبي ومعاصريه في مدح سيف الدولة مع ترجمة لاتينية، وكتاب الجبال والأمكنة للزمخشري، ومراصد الاطلاع مختصر معجم البلدان سنة ١٨٥٩ في ليدن، وكتاب النجوم الزاهرة لأبي المحاسن تغري بردي، وكتاب الخراج لابن آدم. وكان له ولد عمل عمله في خدمة اللغة العربية، فنشر كتاب التنبيه في الفقه للشيرازي مع ترجمة لاتينية، وكتاب البلدان لليعقوبي، وغير ذلك.
  • (٢)
    دوزي DOZY: المتوفى سنة ١٨٨٣، كان اشتغاله بالأكثر عن الأندلس، فألَّف في تاريخها وأدبها كتبًا هامة، منها: كتاب الدول الإسلامية في الفرنساوية، وآخَر في آداب الأندلسيين، وألَّف معجمًا عربيًّا جعله ملحقًا للمعجمات العربية، ذكر فيه الألفاظ العربية التي لم ترد فيها، وهو كبير في مجلدين، ونشر تاريخ ابن زيان، وتاريخ المعجب للمراكشي، والبيان المغرب لابن عذاري، وجغرافية الإدريسي، وغير ذلك.
    figure
    دوزي.
  • (٣)
    دي يونغ de Jong: المتوفى سنة ١٨٩٠، من أساتذة كلية أوترخت، وكان يشتغل مع دي غوية الآتي ذكره في وصف مخطوطات ليدن، وقد نشر كتاب المشتبه ولطائف المعارف، وغيرهما.
  • (٤)
    دي غوية de Goeje: المتوفى سنة ١٩٠٩، كان أستاذًا في جامعة ليدن، وُلِد في قرية من قرى هولندا سنة ١٨٣٦، وكان أبوه عالمًا في اللغات، فأعده للاشتغال في العلوم اللغوية، فأتقن أهم اللغات الأوربية القديمة والحديثة، واللغات الشرقية ولا سيما السامية، أتم دروسه في جامعة ليدن، واشتغل بوضع الفهرس لمكتبتها، ثم تعين أستاذًا فيها، وتفرغ على الخصوص لنشر المؤلفات العربية الهامة، وهو يتولى تصحيحها وضبطها، فنشر منها جانبًا عظيمًا، أهمها: فتوح البلدان للبلاذري، وصف إفريقيا والأندلس للإدريسي بالاشتراك مع دوزي، ديوان مسلم بن الوليد، المكتبة الجغرافية العربية في ثمانية مجلدات، وتشتمل على مؤلفات أهم جغرافيِّي العرب حوالي القرن الرابع للهجرة، تاريخ الطبري الكبير في خمسة عشر مجلدًا، ألحقها بمجلد للفهارس، وألَّف مذكرات في التاريخ والجغرافية الشرقيَّيْن في عدة مجلدات في اللغة الهولندية، ونال شهرة واسعة في عالم المستشرقين، وشهد أهم مؤتمراتهم، وكان عضوًا في أهم المجامع العلمية الشرقية في ليدن وغيرها.
    figure
    دي غوية.
  • (٥)
    فان فلوتن: المتوفى سنة ١٩٠٩ نشر كتاب مفاتيح العلوم للخوارزمي، ومعظم رسائل الجاحظ.

الإنكليز

  • (١)
    كورتن Cureton: المتوفى سنة ١٨٦٤، كان مبشرًا إنكليزيًّا، تخرَّج في كلية أكسفورد، وأكثر اشتغاله في السريانية، لكنه خدم اللغة العربية، ونشر كتاب الملل والنحل للشهرستاني في لندن سنة ١٨٤٢، وعقيدة أهل السنة للنسفي في لندن سنة ١٨٤٣، ومنتخبات من طبقات الأطباء وغيرها، نشرت في المجلة الأسيوية الإنكليزية.
  • (٢)
    إدوارد لين Ed. lane: المتوفى سنة ١٨٧٦، هو من أعظم مستشرقي الإنكليز وشغله خاص باللغة العربية، نبغ أولًا في الرياضيات، وكان في العزم إدخاله جامعة كمبريدج، لكنه أحس بضعف في بنيته فتحول إلى الأسفار، فنزل مصر أقام فيها ثلاث سنين، ألَّف في أثنائها كتابًا في وصف مصر لم يُنشَر، وإنما نشر بعد ذلك كتاب ألَّفه عن آداب المصريين وعاداتهم، بعد أن قضى أعوامًا عديدة في القاهرة، واختلط بأهلها وعاشرهم ودرس أحوالهم، وهو أحسن كتاب في موضوعه، مع دقة الوصف عن كل ما يتعلق بمصر وأحوالها وأهلها وعاداتهم وأخلاقهم في عصره، وأشهر مؤلفاته قاموسه العربي الإنكليزي، وقد تقدم ذكره في كلامنا عن تاج العروس من هذا الكتاب، وله ترجمة نفيسة لألف ليلة وليلة في ٣ مجلدات كبيرة، ومنتخبات من القرآن، ومقالات، وكتب بالإنجليزية عن الآداب الإسلامية.
  • (٣)
    بالمر Palmer: المتوفى سنة ١٨٨٣ كان من أساتذة كمبريدج، وله مؤلفات عديدة، ونشر ديوان البهاء زهير مع ترجمته إلى الإنكليزية، وقد ترجم القرآن إليها أيضًا.
  • (٤)
    رايط Wright: المتوفى سنة ١٨٨٨، وُلِد في الهند، ودرس في إسكتلاندا، وتعلَّم العربية في ليدن على دوزي وبرع فيها، وقد نشر الكامل للمبرد، ورحلة ابن جبير، ومنتخبات شعراء الجاهلية، واستخرج القسم التاريخي من نفح الطيب، وله كتاب تعليم اللغة العربية.
وهناك جماعة من الإنكليز نبغوا في الهند، واشتغلوا في نشر الكتب العربية الهامة، أهمهم: لومسدن Lumsden، وليس Lees، وقد نشروا عدة كتب عربية من مكتبة كلكتة، واشترك معهم أيضًا سبرنجر Sprenger الألماني، وأهم المطبوعات المشار إليها: مقامات الحريري، نفحة اليمن، قاموس المحيط للفيروزآبادي، تاريخ الخلفاء للسيوطي، نوادر القليوبي، الكشاف للزمخشري، فتوح الشام، كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني، الإتقان للسيوطي، معجم الصوفية لعبد الرزاق، وكانوا يستعينون على ذلك ببعض علماء الهند.

الروسيون وغيرهم

كان الروسيون في أثناء ذلك أقل الأوربيين عناية بآداب الشرق، لكن بعض الكتب الهامة نُشِرت في بطرسبوزج، وفي قازان.

ومن الروسيين أو البولونيين كازيمرسكي البولوني المتوفى سنة ١٨٧٠ صاحب القاموس العربي والفرنساوي، وقد نقل القرآن إلى الفرنساوية، ونشر كتبًا عربية.

ومن أشهر المستشرقين الأسبان غانيكوس، نشر ملخص نفح الطيب في الإنكليزية، وطبعه في مجلدين، ونشر كليلة ودمنة وغيرها.

ومن المستشرقين الأسوجيين تورنبرج، طبع ابن الأثير طبعة كاملة بفهارس، وكتاب الأنيس المطرب في تاريخ فاس، وغيرهم كثيرون.

(٦) المستشرقون المعاصرون

وهناك طبقة من المستشرقين المعاصرين ترد أسماؤهم في الهلال وغيره من مؤلفاتنا، ولهم أفضال على الآداب العربية، فرأينا أن نعرفهم إلى القراء إيفاءً للبحث، وإليك أشهرهم:

الأستاذ مرجليوث الإنجليزي D.S. Margoliouth

ليس بين قراء العربية من لا يعرف الأستاذ مرجليوث لما نذكره من آثار قلمه في خدمة اللغة العربية بالتأليف أو النشر، وقد تلقى علومه في جامعة أكسفورد، وتولى تعليم اللغة العربية فيها من سنة ١٨٨٩، وهو يمتاز على الخصوص بسعة معرفته في اللغة العربية وآدابها، يكاتب أصدقاءه من العرب بأسلوب عربي خالص من شوائب العجمة، وله فضل في نشر كتب عربية هامة، آخرها كتاب معجم الأدباء لياقوت الحموي، وقد نشر رسائل أبي العلاء مع ترجمتها الإنكليزية، وهو عمل لا يستطيعه إلا القابض على ناصية اللغة العربية؛ لأن هذه الرسائل لا يفهمها العربي إلا بمراجعة المعاجم، ونشر آثارًا عربية تاريخية وشعرية، وقطعة بابيروس عربي كانت في مكتبة أكسفورد، وألَّف في مشاهد أورشليم ودمشق كتابًا حافلًا بالرسوم والشروح، وله كتاب في سيرة النبي بالإنكليزية، وترجم الجزء الرابع من تاريخ التمدن الإسلامي إلى الإنكليزية، وله مقالات عديدة في المجلة الأسيوية الإنكليزية، وغيرها.
figure
الأستاذ مرجليوث الإنجليزي D.S. Margoliouth.

الأستاذ براون الإنجليزي Ed. G. Browne

الأستاذ براون من أساتذة جامعة كمبريدج، وقد جاء ذكره في الهلال مرارًا، وله اطِّلاع واسع في اللغات الشرقية، ولا سيما اللغات العربية والفارسية والتركية، لكنه منصرف على الخصوص إلى الفرس وآدابهم وتاريخهم وسائر أحوالهم، يتعصب لهم على قومه، وله في ذلك كتب عديدة بين نشر وترجمة وتأليف وتصحيح، نكتفي بالإشارة إلى أهمها:

تاريخ الفرس الأدبي بالإنكليزية، ظهر منه مجلدان وسيظهر مجلدان آخران، سنة في إيران، فهرس المخطوطات الفارسية في مكتبة كمبريدج، مختصر حوادث الفرس الأخيرة، الانقلاب الفارسي، الصحافة والشعر في إيران الحديثة، كل هذه الكتب بالإنكليزية، وله ترجمات من الفارسية إلى الإنكليزية، أهمها «تاريخ جديد» عن الباب، «مقالة شخصي سياح كه در قضيۂ باب نوشته است» في مجلدين.
figure
الأستاذ براون الإنجليزي Ed. G. Browne.

ومما صححه ونشره: تذكرة الشعراء لدولتشاه السمرقندي، لباب الألباب للعوفي بالفارسية، تاريخ طبرستان، نقطة الكاف في تاريخ الباب وأصحابه، غير ما نشره من المقالات والرسائل في المجلة الأسيوية الإنكليزية، وهي نحو عشرين رسالة، وهناك رسائل عديدة في المطالب السياسية أكثرها في الدفاع عن الفرس، وطلب حقوقهم المغصوبة في جرائد مختلفة.

الأستاذ نولدكي الألماني Theodor Nöeldeke

الأستاذ نولدكي عمدة المستشرقين الأحياء في اللغات السامية، وهو في حدود الثمانين من عمره؛ لأنه وُلِد سنة ١٨٣٦ في همبورج، ودرس في غوتنجن وفينا وليون وبرلين، اشتغل خصوصًا في اللغات السريانية والعربية والفارسية، وأكثر اشتغاله في التأليف، وأهم مؤلفاته في الألمانية، منها: «تاريخ القرآن» نال عليه الجائزة في الأكاديمية الفرنساوية، تاريخ عروة بن الورد، بحث في الشعر العربي الجاهلي، تاريخ الفرس والعرب في أيام الساسانيين، تاريخ الغسانيين، المعلقات الخمس، ومؤلفات أخرى في اللغات السامية، وغيرها في أمثال هذه المواضيع، وهو أكبر المستشرقين المعاصرين سنًّا.
figure
الأستاذ نولدكي الألماني Theodor Nöeldeke.

الأستاذ هارتمن الألماني

هو أستاذ اللغة السريانية والدروس الإسلامية في مدرسة اللغات الشرقية في برلين، له رحلات هامة في أواسط آسيا، وأبحاث في أحوال تلك البلاد ولغاتها، وفي الإسلام، وله كتاب في العرب، وآخَر في تركستان الصينية وأحوالها وتاريخها ونظامها، وفي نحو اللغة الشاغطائية، والنثر العبراني، وفي الإسلام وتاريخه، والشرق الإسلامي، وكلها في الألمانية، وله كتاب في الصحافة العربية في اللغة الإنكليزية، وغير ذلك.

الأستاذ غولتزير المجرى I. Goldziher

الأستاذ غولتزير ثقة المستشرقين المعاصرين في الإسلام والمسلمين والآداب الإسلامية، وهو إسرائيلي، وتفقه في بودابست وبرلين وليبسك، ورحل إلى سوريا ومصر،
figure
الأستاذ غولتزير المجري.
وتردد إلى الأزهر وأخذ عن شيوخه، وهو عضو عامل أو مراسل في أهم المجامع العلمية في لندن وبطرسبورج وأمستردام وكوبنهاجن وغوتنجن وغيرها، وعضو شرف في المجمع العلمي المصري، وفي الجمعيات الأسيوية في باريس ولندن وكلكتة وليبسك وغيرها. وله مؤلفات عديدة، أكثرها مبني على الدرس الدقيق والبحث العميق، وأهمها عن اللغة العربية والإسلام، وخصوصًا الشرع الإسلامي والحديث، وله في ذلك مقالات كثيرة في المجلات الأسيوية، وأما الكتب المنشورة على حدة فإنها مكتوبة في الألمانية والإنكليزية أو الفرنساوية، هذا أهمها: المبثولوجية عند اليهود في اللغة الإنكليزية، بحث في آداب الجدل عند الشيعة في الألمانية، الظاهرية في الألمانية، درس في الإسلام في مجلدين بالألمانية، بحث فلسفي في اللغة العربية بالألمانية في مجلدين، كتاب آخر في الإسلام ظهر أخيرًا في الألمانية وسيظهر قريبًا في الفرنساوية، ديوان الحطيئة، كتاب محمد بن تومرث، كتاب معاني النفس، وتولى مهمات علمية عديدة، ونال لقب دكتور شرف من جامعتي كمبردج وإبردين.

الأستاذ هيوار الفرنساوي Cl. Huart

تقلب الأستاذ هيوار في مناصب إدارية في الحكومة الفرنساوية من كاتب بسيط حتى صار قنصلًا جنرالًا سنة ١٩١٢، وتنقَّل في مناصب علمية عديدة للتعليم في مدرسة اللغات الحية في باريس، فعلَّم فيها الفارسية والتركية والعربية، وله مؤلفات عديدة في العرب واللغة العربية، أهمها في الفرنساوية: تاريخ بغداد الحديث، تاريخ آداب اللغة العربية، تاريخ العرب في مجلدين، كتب تعليمية للغة التركية والفارسية، مدينة قونية من رحلة له، برنامج معرض الفنون الإسلامية، مذهب الباب.
figure
الأستاذ هيوار الفرنساوي.

ونشر كتبًا هامة من مؤلفات العرب مع ترجماتها أو بدونها، منها: كتاب الخليقة لأبي زيد البلخي مع ترجمته الفرنساوية في ٤ مجلدات، نقوش عربية وفارسية على مسجد كايفونغفو مع ترجمتها، خطوط الشرق الإسلامي، أنيس العشاق لشريف الدين الرومي، وغيرها.

وله مقالات كثيرة في المجلة الأسيوية الفرنساوية، وغيرها في آداب العرب والفرس والترك والإسلام، وانتقادات وأبحاث ومقالات عديدة يضيق المقام عنها، وهو الآن أستاذ اللغة العربية في مدرسة اللغات الحية في باريس.

الأستاذ هورغرونجي الهولندي Snouck-Hurgronje

figure
الأستاذ هورغرونجي الهولندي Snouck-Hurgronje.

هورغرونجي أستاذ اللغة العربية في جامعة ليدن، وقد رحل إلى بلاد العرب سنة ١٨٨٤–١٨٨٥، ووصل إلى مكة متنكرًا، قضى فيها مدة، وهو يميل في كتباته إلى انتقاد الإسلام، وأشهر مؤلفاته: الحاج إلى مكة مصوَّر بالهولندية طُبِع في ليدن، المهدي بالألمانية، أمثال المكيين بالألمانية، مكة وجغرافيتها مع الخرائط في الألمانية في مجلدين، السياسة الفرنساوية في هولندا.

الأستاذ جويدي الإيطالي Ig. Guidi

والأستاذ جويدي أشهر مستشرقي إيطاليا المستعربين، يعرفه المصريون لأنه تعين منذ بضع سنوات أستاذًا في الجامعة المصرية، وكان يلقي محاضراته فيها باللغة العربية، وهو عالم باللغة الحبشية، وله معجم كبير للغة الأمحرية، ورسائل عديدة في مواضيع شرقية مختلفة، وقد تولى نشر كتاب الأفعال لابن القوطية، والاستدراك على سيبويه، ووضع فهرسًا أبجديًّا لكتاب الأغاني في مجلد، وغير ذلك.
figure
الأستاذ جويدي الإيطالي Ig. Guidi.

هذه أمثلة من أعمال المستشرقين في سبيل اللغة العربية وآدابها، ولو أردنا الإتيان على كل أعمالهم لضاق المقام عن ذلك، غير طائفة منهم لم نذكر أسماءهم، بينهم من نشر أو ترجم كتابًا أو بضعة كتب من الكتب العربية الهامة؛ اكتفاء بما تقدم على سبيل المثال.

وهناك طبقة من المستشرقين النقابين الذين تفقدوا الآثار، ونقبوا عنها في اليمن والحجاز ونجد وبصرى وغيرها، ودرسوها أو حلوا رموزها، وهم كثيرون، غير الذين رحلوا إلى بلاد العرب، ودرسوا أحوالها وعادات أهلها وأخلاقهم، وهم كثيرون، أشرنا فيما تقدم إلى نيبوهر وغلازر منهم، على أننا لخصنا أعمالهم في كتابنا تاريخ العرب قبل الإسلام صفحة ١٨–٢٨، وذكرنا أهم مؤلفاتهم في هذه المواضيع، وفي ذلك كفاية.

(٧) المعاجم العربية التي ألَّفها المستشرقون

وللمستشرقين عناية خاصة في درس معاجم اللغة العربية وترجمتها، بدءوا بذلك من القرن السابع عشر للميلاد، وهاك أشهر معاجمهم العربية واللاتينية، وغيرها:
  • (١)
    معجم جيجاوس: عربي لاتيني، طُبِع في ميلان سنة ١٦٣٢ في ٤ مجلدات.
  • (٢)
    معجم جوليوس: عربي لاتيني، طُبِع في ليدن سنة ١٦٥٣.
  • (٣)
    معجم مانينسكي: ويسمى كنز اللغات الشرقية، عربي وفارسي وتركي ولاتيني وألماني، طُبِع في فينا سنة ١٧٨٠ في ٤ مجلدات.
  • (٤)
    معجم فرايتاغ: عربي ولاتيني، طُبِع في هليس سنة ١٨٣٠–١٨٣٧ في ٤ مجلدات.
  • (٥)
    معجم كازميرسكي: عربي وفرنساوي، طُبِع في باريس سنة ١٨٦٠ في مجلدين.
  • (٦)
    معجم شربونو: عربي وفرنساوي، طُبِع في باريس سنة ١٨٧٦.
  • (٧)
    معجم بادجر: إنكليزي وعربي، طبُعِ سنة ١٨٨١.
  • (٨)
    معجم لين: عربي وإنكليزي، هو أكبر المعاجم العربية للمستشرقين، طُبِع في لندن سنة ١٨٦٣–١٨٩٣.
  • (٩)
    معجم كوش: عربي وفرنساوي، طُبِع في بيروت سنة ١٨٦٢.
  • (١٠)
    معجم أرموند: عربي وألماني، طُبِع سنة ١٨٧٩ في جيسن في مجلدين.
  • (١١)
    معجم جاسلين: فرنساوي وعربي، طُبِع سنة ١٨٨٠–١٨٨٦ في ٣ مجلدات.
  • (١٢)
    معجم إستاينجاس: إنكليزي وعربي، طُبِع في لندن سنة ١٨٨٤.
  • (١٣)
    معجم دوزي: ملحق للمعاجم العربية، طُبِع في لندن سنة ١٨٨١ في مجلدين.
  • (١٤)
    معجم جرجاس: عربي وروسي، طُبِع في قازان سنة ١٨٨١.
  • (١٥)
    معجم بوسيه: عربي وفرنساوي، طُبِع في الجزائر سنة ١٨٨٧.
غير المعاجم التي ألَّفها العرب أو الشرقيون، وقد ذُكِرت في أماكنها.

(٨) عناية المستشرقين بالآداب العربية

(٨-١) عنايتهم في ضبط ما ينشرونه أو ينقلونه

للمستشرقين عناية خاصة فيما ينشرونه من الكتب العربية، وتمتاز منشوراتهم بالضبط ومراجعة الأصول المتعددة من المخطوطات، ويبذلون الجهد في التحقيق، وتعليق الشروح، ويذيلون الكتاب بالفهارس الأبجدية بحيث تتضاعف الفائدة منه، وقد سبقوا المطابع الشرقية عندنا في نشر أكثر الكتب الهامة في التاريخ والأدب وغيرها — كما رأيت — بدءوا بذلك منذ ثلاثة قرون فطبعوا مئات من الكتب العربية، بينها أهم كتب التاريخ والأدب واللغة والشعر والدين وغيرها، وكان معول مطابعنا في نشر تلك الكتب بالأكثر على الطبعات الأوربية بحذف الفهارس والشروح، أو الاختصار فيها.

(٨-٢) فضلهم في تعريف آداب العرب إلى الإفرنج

وللمستشرقين فضل في تعريف الآداب العربية إلى العالم المتمدن بما نقلوه منها، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في أثناء هذا الكتاب، ولا سيما في هذا الباب، وإليك إجماله:

ما نقلوه من الشعر

خلاصة ذلك أنهم نقلوا طائفة من نخبة الشعر العربي إلى اللاتينية والإنكليزية والفرنساوية والألمانية، فمما نُقِل إلى اللاتينية: ديوان الحماسة، وأشعار الهذليين، وبعض أشعار الأغاني، ومما نُقِل إلى الفرنساوية دواوين امرئ القيس والنابغة وطرفة بن العبد والخنساء، والبردة للبوصيري، وشعر الفرزدق، وبعض أشعار المتنبي وأبي العلاء. ومما نُقِل إلى الإنكليزية: المعلقات، ولامية العرب، وأشعار الجاهلية، وأشعار عنترة، وديوان البهاء زهير، وبعض أشعار أبي العلاء. ومما نُقِل إلى الألمانية: المعلقات، وديوان لبيد، وتائية ابن الفارض، وشعر ابن قيس الرقيات، وبعض ديوان أبي فراس، غير ما نُقِل إلى اللغات الأخرى.

ما نقلوه من كتب الأدب واللغة

ومما نقلوه من كتب الأدب واللغة إلى الفرنساوية: أطواق الذهب للزمخشري، ملحة الأعراب، ألف ليلة وليلة، مقدمة ابن خلدون، مقامات الحريري، الآجرومية، كليلة ودمنة، كتاب المستطرف. ونقلوا إلى الإنكليزية: مقامات الحريري، أدب الكاتب، ألف ليلة وليلة، رسالة حي بن يقظان، تاج العروس، كليلة ودمنة. ومما نُقِل إلى الألمانية: أطواق الذهب، كتاب سيبويه، ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، عجائب المخلوقات، وغيرها.

ما نقلوه من كتب التاريخ ونحوها

ونقلوا إلى لغاتهم أهم كتب التاريخ منها: أبو الفداء، مختصر الدول، الإفادة والاعتبار، كشف الظنون، تاريخ الطبري، المكين، نُقِلت إلى اللاتينية. وابن خلكان، تاريخ اليمن لعمارة، تاريخ الخلفاء للسيوطي، رحلة ابن بطوطة، ابن حوقل، نفح الطيب، نُقِلت إلى الإنكليزية. وأبو الفداء، مروج الذهب، طبقات الأطباء، تاريخ المماليك للمقريزي، الفخري، جغرافية الإدريسي، تاريخ البربر، ابن خلكان وغيرها، نُقِلت إلى الفرنساوية. وسيرة ابن هشام، كتاب المغازي، كتاب الإكليل، وغيرها إلى الألمانية.

غير ما نقلوه من كتب الشرع الإسلامي، فالقرآن نُقِل إلى أهم لغات أوربا مرارًا، وتفسير البيضاوي، ومشكاة المصابيح نُقِلا إلى الإنكليزية، وفتح القريب، والدرة الفاخرة، ومختصر خليل نُقِلت إلى الفرنساوية، ومقاصد الفلاسفة نُقِل إلى الألمانية.

فبهذه المنقولات وأمثالها تمكَّن المستشرقون من تعريف العرب وآدابهم إلى أمم أوربا؛ لأن هؤلاء كانوا على جهل تام في تاريخ الشرق وآدابه، ولا سيما الإسلام، فإنهم لم يكونوا يُحسِنون لفظ اسم النبي، فليلفظه بعضهم Mophomet (مفمت)، أو Bophomet (بفمت)، وكان بعضهم يظن محمدًا صنمًا يعبده المسلمون، وكانوا ينقلون عن المسلمين والعرب مزاعم لا أصل لها، فلما اطَّلعوا على آداب العرب وثمار مدنيتهم، ذهب من أذهانهم ما تأصل فيها في أثناء الأجيال المظلمة من سوء الظن بالإسلام، واحتقار العرب وسائر الشرقيين.

غير ما ألَّفه المستشرقون في لغاتهم عن العرب وتاريخهم وآداب لغتهم، منها نخبة حسنة تدل على درس وتحقيق في تاريخ العرب والمسلمين وآداب اللغة، وقد ذكرنا طائفة من تلك الكتب في كتبنا تاريخ التمدن الإسلامي، وتاريخ آداب اللغة العربية، وتاريخ العرب قبل الإسلام، في اللغات الثلاث الفرنساوية والإنكليزية والألمانية، غير ما نشروه من ذلك في مجلاتهم الشرقية المتقدم ذكرها في أثناء عشرات من السنين.

وغير فضلهم في حفظ المخطوطات العربية في المكاتب الكبرى في عواصم بلادهم كما تقدم.

(٨-٣) المؤتمرات الشرقية

ومن مساعيهم في سبيل اللغة العربية عقد المؤتمرات الشرقية، يدعون إليها قهارمة الآداب الشرقية من أطراف العالم، وبلغ عدد هذه المؤتمرات إلى الآن ١٥ مؤتمرًا، أقدمها مؤتمر باريس سنة ١٨٧٢، وتوالى عقد المؤتمرات العربية في لندن وبطرسبنورج وفلورنس وبرلين وليدن، وفينا وستوكهلم وجنيف ورومية وهمبورج وجزائر الغرب وأثينا وغيرها، واشتركت الحكومة المصرية في كثير منها.

هوامش

(١) تفصيل ذلك في الهلال ٢٥٩ سنة ١٩.
(٢) تفصيل ذلك في الهلال ٤٠٥ سنة ١٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤