المكاتب أو خزائن الكتب

(١) تمهيد

ليست خزائن الكتب العربية من محدثات هذه المدنية، فقد كانت كثيرة في إبان التمدن الإسلامي، وهو عصرها الذهبي، وأكثر ما بين أيدينا من الكتب الهامة في الآداب العربية شذرات من بقايا تلك المكاتب، وقد بيَّنَّا في الجزء الثالث من تاريخ التمدن الإسلامي (صفحة ٢٠٥–٢١٤) ما بلغت إليه خزائن الكتب العربية في العراق والأندلس ومصر والشام، وأكثرها تعد مجلداتها بمئات الألوف، وتجاوز بعضها مليون مجلد، أعظمها كان للخلفاء العباسيين في بغداد، والأمويين في الأندلس، والفاطميين بمصر، والخلفاء هم السابقون إلى تلك المنقبة، واقتدى بهم وزراؤهم وعمالهم ورجال العلم في أيامهم، فلما صارت السيادة إلى الأمراء والسلاطين من الفرس والترك والعرب والبربر قلَّدوهم في ذلك، وتكاثرت المكاتب الخصوصية لرجال العلم والأدب، وأهل الوجاهة في أنحاء العالم الإسلامي، وأصبحت الخزائن التي تحتوي الواحدة منها على عشرات الألوف من الكتب كثيرة، تعد بالعشرات للأمراء والوزراء والعلماء من المسلمين وغير المسلمين، العرب وغير العرب، وأصبح اقتناء الكتب من علامات الحضارة يتسابق إليه أصحاب الأموال وطلاب الشهرة، وإن كانوا من غير أهل العلم، وإنما يتفاخرون باقتنائها، ويبالغون في إتقان خطها وتزيين جلودها وزخرفتها، ويتنافسون في استخدام النساخ الماهرين في ذلك.

على أن هذه الخزائن كان بعضها خاصًّا بأصحابه، أو من يأذنون لهم من أصدقائهم في الاطِّلاع عليها، وبعضها كان عامًّا أنشئ لخدمة طلاب الاستفادة من الأدباء وغيرهم، وأكثر المكاتب العمومية أنشأها الخلفاء أو غيرهم من الملوك، مثل: بيت الحكمة في بغداد، ودار الحكمة في القاهرة، وأمثالها في الأندلس والمغرب، ومنها ما هو لغير الملوك من الأمراء والعلماء، وسواهم من نصراء العلم.

لكن المصائب كانت تتوالى على الكتب العربية من جهة أخرى، بما كان يقوم بين الفِرَق الإسلامية من المنازعات، أو بمناوأة رجال الفلسفة واتهامهم بالزندقة وإحراق كتبهم في أنحاء المملكة الإسلامية، وناهيك بما فعله غير المسلمين من الفاتحين منذ تغلبهم على المسلمين، أو النقمة عليهم كما فعل الصليبيون في الشام، والإسبان في الأندلس، وغير ما بلي من الكتب بطول مكثه، وفناء جلده أو ورقه، أو بفعل النار أو الفار، أو نحو ذلك.

فهذه الإحن بدأت من صدر الدولة العباسية، لكن أصحاب الهمم من الخلفاء والسلاطين أو غيرهم من نصراء الأدب كانوا يعوضون عن تلك الخسائر بما ينشئونه من المكاتب الجديدة، والأمة لا تزال في شبابها تعوض عمَّا يندثر من أنسجتها، فلما شاخت الدولة، وضعفت الجامعة العربية وانحطت قواها الحيوية، قل التجديد وزاد الدثور، وتمكن ذلك على الخصوص في أثناء الأجيال الوسطى، وتضعضعت الكتب وتبعثرت بقاياها، فأصبح ما بقي منها في المكاتب العامة لا يزيد على عشرات الألوف، مشتتة في مكاتب الأستانة والقاهرة ودمشق وحلب وغيرها من العالم العربي.١

(٢) المكاتب العربية في أوربا

خرجنا من ظلمات تلك الأجيال، ونحن في هذه الحال من التضعضع، وقد أوشكت آداب اللغة العربية أن تذهب برمتها لو لم يأخذ بيدها محبُّو هذه اللغة من المستشرقين في أوربا، وكانت الدول الأوربية قد أخذت في إنشاء المكاتب الكبرى الأهلية لإحراز كتب العلم على اختلاف اللغات، وبينها أقسام خاصة باللغات الشرقية، ومنها اللغة العربية، ووكلت أمر هذه الأقسام إلى علماء بارعين في اللغات الشرقية وآدابها، فاحتفظوا بما عندهم من الكتب العربية، ووضعوا لها الفهارس والتقارير، وأخذوا في نشرها وترجمتها، فطبعوا كثيرًا منها مضبوطًا واضحًا، ووضعوا له الفهارس الأبجدية، ونشروه بين طلاب العلم، ونحن لا نزال غارقين في جهالتنا. وسنزيد هذا الباب بيانًا في كلامنا عن المستشرقين، ونكتفي هنا بما تعلق بالمكاتب من هذا الموضوع.

فالمكاتب الأوربية التي احتفظت بالآداب العربية عديدة، إليك أهمها وما تحويه كل منها من المجلدات على اختلاف اللغات، وفي جملتها الكتب العربية، مع عنوانات تلك المكاتب بالإفرنجية لتسهل مخابرتها من شاء الاستفهام عن شيء يتعلق بالكتب التي ذكرنا في هذا الكتاب أنها موجودة هناك:
  • (١)
    مكتبة برلين الملوكية: مكتبة برلين الملوكية: عدد مجلداتها ١٤٥٠٠٠٠ مجلد، فيها ٣٠٠٠٠ من المخطوطات، بينها مخطوطات عربية كثيرة جاء ذكر كثير منها في هذا الكتاب، وهذا عنوانها الإفرنجي: Der Konigl. Bibliothek, Berlin.
  • (٢)
    مكتبة جامعة بون: عدد مجلداتها ٣٦١٦٢٣ مطبوعًا، و١٩٥١ مخطوطًا.
  • (٣)
    مكتبة جامعة كمبريدج: وهي أقسام، منها مكتبة القديس يوحنا فيها ٤٠٠٠٠ مجلد مطبوع، و١٠٥٠ مخطوطًا، ومكتبة الثالوث فيها ٨٠٠٠٠ مجلد، ونحو ٢٠٠٠ مخطوط، وهذا عنوانها: The Library of Trinity College, Cambridge.
  • (٤)
    مكتبة الإسكوريال: في إسبانيا ٣٥٠٠٠ مجلد، منها ٤٦٢٧ مخطوطًا، بينها ١٨٨٦ في اللغة العربية، و٥٨٢ في اليونانية، و٢٠٨٦ في اللاتينية، وهذا عنوانها: Biblioteca Arabico-Hispana Escurialensis, Madrid.
  • (٥)
    مكتبة غوطا: تأسست سنة ١٦٤٦، فيها ١٩٦٠٠٠ مجلد، و٢٥٠٠ مخطوط في المواضيع الشرقية ومنها العربي، وعنوانها: Der Herzogl. Bibl, Gotha.
  • (٦)
    مكتبة جامعة غوتنجن: فيها ٥٨٢٢٠٠ مجلد و٧٣٧١ مخطوطًا، بينها كثير من الكتب العربية النادرة، وعنوانها: The Library of the University of Gottingen.
  • (٧)
    مكتبة جامعة ليدن: عدد مجلداتها ٢٠٠٠٠٠ مجلد، منها ٢٦٠٠ في اللغات الشرقية، بينها كثير في اللغة العربية، وعنوانها: Library of the University of Leyden.
  • (٨)
    مكتبة لندن: نريد خصوصًا مكتبة المتحف البريطاني، فيها ٨٠٠٠٠ مجلد، بينها كثير من المخطوطات العربية، وعنوانها: British Museum, London.
  • (٩)
    مكتبة جامعة منشن: فيها ٦٥٠٠٠٠ مجلد، منها ٢٥٠٠ مخطوط، بينها كثير من الكتب العربية، وعنوانها: Hof-und Statsbibliothek, Munchen.
  • (١٠)
    مكتبة أوكسفورد: وتسمى مكتبة بودليان، تأسست سنة ١٥٩٨، فيها ٧٠٠٠٠٠ مجلد مطبوع، و٣٣٠٠٠ مخطوط، وهي غنية بالمخطوطات العربية، وعنوانها: Bodleian Library, Oxford.
  • (١١)
    المكتبة الأهلية في باريس: فيها ٣٥٠٠٠٠٠ مطبوع، و١٠٠٠٠٠ مخطوط في لغات شتى، منها ١٣١٣ في العبرانية، وأضعاف ذلك في العربية وعنوانها: Bibliothéque Nationale, Paris.
  • (١٢)
    مكتبة بطرسبورج الملوكية: فيها ١٩٦٢٠٠٠ مجلد، و١٢٣٠٠٠ مخطوط، فيها كثير من الكتب الشرقية ولا سيما العربية، وعنوانها: Bibliothéque Impériale, St. Pétersbourg.
  • (١٣)
    مكتبة الفاتيكان في رومية: فيها ٤٠٠٠٠٠ مجلد مطبوع، و٤٥٠٠٠ مخطوط، فيها جانب كبير من الكتب الشرقية حملوها من الشرق، وعنوانها: Bibliothecae Apostolicae Vaticanae, Rome.
  • (١٤)
    المكتبة الأهلية: في رومية أيضًا، فيها ٤٥٠٠٠٠ مجلد مطبوع، و٦٢٠٠ مخطوط، وعنوانها: Bibliothéque Nationale, Rome وفي رومية مكاتب أخرى عديدة تعد بالعشرات لا يهمنا ذكرها.
  • (١٥)
    مكتبة فينا الملوكية: فيها نحو ١٠٠٠٠٠٠ مجلد مطبوع، و٢٧٠٠٠ مخطوط، غير الخرائط والرسوم، بينها كثير من المخطوطات العربية الهامة، وعنوانها: Konigl. & Hofbibl. Wien.

وقِسْ على ذلك مكاتب أخرى في مدائن أخرى، مثل: مكتبة لايبسك، ودرسدن، ومدريد، وغيرها.

(٣) المكاتب العربية في الشرق

أما العالم العربي فلم يفقْ من غفلته، ويتنبه للاحتفاظ بآداب اللغة العربية إلا في أواسط القرن التاسع عشر على أثر نهوض اللغة العربية في عهد الأسرة المحمدية العلوية، وما أنشئ من معاهد التعليم في سوريا وغيرها، فأخذت الحكومات أو الجمعيات في جمع الكتب وتقييدها وحفظها، واستنساخ ما تعلم بوجوده منها في البلاد الأخرى، واقتدى الأفراد بها فأخذوا باقتناء الكتب على اختلاف مواضيعها بين قديم وحديث في اللغة العربية واللغات الإفرنجية، وهاك أهم ما نعرفه من المكاتب العربية في الشرق، ونبدأ بالأستانة؛ لأن مكاتبها قديمة، ولأنها عاصمة العالم الإسلامي، ثم نتكلم عن مكاتب مصر فالشام فالعراق فالحجاز فالمغرب وغيرها.

(٣-١) مكاتب الأستانة

مكاتب الأستانة قديمة أنشئت في أوقات مختلفة، أكثرها يُنسَب إلى رجال من الخاصة وقفوا مكاتبهم لمنفعة العامة، وبعضها وقفها السلاطين وأبناؤهم ونساؤهم.

ويؤخذ مما نشره فلوغل في ذيل طبعة كشف الظنون الأوربية أنه كان في الأستانة ٢٢ مكتبة، مجموع كتبها نحو ثلاثة آلاف مجلد.

وفي الأستانة الآن ٦٥ مكتبة يختلف عدد كتبها من بضع عشرات إلى بضعة آلاف، نذكر منها ما يزيد عدد كتبها على خمسمائة كتاب، نقلًا عن إحصاء نظارة المعارف العثمانية الرسمي الأخير، مع اسم مؤسس المكتبة وتاريخ تأسيسها وعدد كتبها:
اسم المكتبة اسم مؤسسها سنة تأسيسها عدد كتبها
الجملة ١٦٢٨٨١
مكتبة سليم أغا الحاج سليم أمين المطبخ العامر ٩٥٥ ١٣٨٢
مكتبة رستم باشا شيخ باشا الصدر الأسبق ٩٥٨ ٥٦٠
مكتبة أمير خواجة نور بانو سلطان ٩٩١ ٨٢٦
مكتبة كوبرلي محمد باشا كوبرلي الصدر الأسبق ١٠٧٢ ٣١١٨
مكتبة عاطف أفندي مصطفى عاطف الدفتر دار ١١٠٤ ٢٨٥٧
المكتبة الفيضية السيد فيض الله شيخ الإسلام ١١١٢ ٢١٩٠
مكتبة شاه زاده ابن السلطان محمد ١١٢٧ ١٠٧٧
مكتبة أندردن همايون السلطان أحمد الثالث ١١٣١ ٣٥١٥
مكتبة إبراهيم باشا داماد إبراهيم باشا ١١٣٢ ١١٧٥
مكتبة يكي جامع السلطان أحمد الثالث ١١٣٧ ١٥٤٤
مكتبة حكيم أوغلي حكيم أوغلو علي باشا الصدر ١١٤٥ ٩٤٦
مكتبة جار الله ولي الدين أفندي ١١٤٧ ٢١٣٤
مكتبة أيا صوفية السلطان محمود الأول ١١٥٢ ٥٣٠٠
مكتبة عاشر أفندي مصطفى عاشر أفندي رئيس الكتاب ١١٥٤ ٢٢٦٤
مكتبة الفاتح السلطان محمد الأول ١١٥٥ ٦٦١٤
مكتبة بشير أغا الحاج بشير أغا ١١٥٨ ٦٩٠
المكتبة السليمانية مصطفى باشا الصدر ١١٦٥ ١١٦٠
مكتبة عموجه زاده حسين باشا صدر أسبق ١١٦٨ ٥٣٥
مكتبة نور عثمانية السلطان عثمان الثالث ١١٦٩ ٥٠٥٣
مكتبة راغب باشا محمد راغب باشا الصدر الأسبق ١١٧٦ ١٦٤١
مكتبة ولي الدين شيخ الإسلام ولي الدين أفندي ١١٨٢ ٣٤٨٤
مكتبة مراد منلا داما زاده محمد مراد ١١٨٩ ٢٢٧٦
المكتبة الحميدية السلطان عبد الحميد الأول ١١٩٤ ٣٢٥٢
مكتبة علي باشا الشهيد علي باشا الصدر الأسبق ٣٨٢٠
مكتبة مهرشاه مهرشاه والدة السلطان ١٢١٥ ٧٢٧
مكتبة لاله لي السلطان سليم الثالث ١٢١٧ ٣٨٦٤
مكتبة قلنج علي باشا دباغ زاده الحاج إبراهيم ١٢١٩ ١٦٠٧
المكتبة السليمية برتو باشا ١٢٢١ ٦٥٥
مكتبة حالت أفندي محمد سعيد حالت أفندي ١٢٤٤ ١٠٩٠
مكتبة دار المثنوي الشيخ محمد مراد ١٢٦٠ ٥٩٥
مكتبة أسعد أفندي أسعد أفندي نقيب الأشراف ١٢٦٢ ٣٩٤٣
مكتبة يكي قبو عبد الرحمن نافذ باشا ناظر المالية ١٢٦٧ ٨٨٩٤
مكتبة فوزية محمد راشد أفندي ١٢٦٨ ٩٦٩
مكتبة خسرو باشا خسرو باشا الصدر ١٢٧٠ ٩٣٤
مكتبة مدرسة السلطان أحمد بعض المحسنين ١٢٨٥ ٥٩٠
مكتبة أقسراي برتونيال والدة السلطان ١٢٨٨ ٨٢٩
المكتبة العمومية الحكومة العثمانية ١٢٩٩ ٣٤٥٠٠
مكتبة يلدز السلطان عبد الحميد الثاني ١٢٩٩ ٢٦٧٦٦
مكتبة دو كوملي بابا كمال باشا بن وجيهي باشا ١٣٠٣ ٦١٩
مكتبة المتحف الحكومة العثمانية ١٣٠٦ ١٥٢٦٠
مكتبة حسن باشا حسن حسني باشا ناظر البحرية ١٣١٢ ١١٦٩
مكتبة تربة يحيي أفندي حاج محمود افندي ١٣١٩ ٦٩٤٩
مكتبة دار الفنون الحكومة العثمانية ١٣٢٥ ٣٦٠٠

غير مكتبة طوبقبو سراي، وهي من أفخر المكاتب ولا نعرف عدد كتبها، وقد جاء ذكر شيء منها في أثناء هذا الكتاب، وغير المكاتب التي يقل ما في الواحدة منها عن ٥٠٠ مجلد.

فمجموع ما في خزائن الأستانة من الكتب نحو ٢٠٠٠٠٠ مجلد في اللغات العربية والفارسية والتركية، أكثره في العلوم الشرعية الإسلامية والتاريخ والأدب واللغة وعلومها، وإليك نسبة ما هو منها في العربية إلى ما هو في اللغات الأخرى بوجه التقريب:
  • (أ)
    المصاحف: كلها عربية.
  • (ب)
    كتب الشرع الإسلامي: كلها عربية، إلا نحو ١٠ في المئة في التركية أو الفارسية.
  • (جـ)
    التاريخ والتصوف: تُقسَّم كتب كل منهما مثالثة بين العربي والفارسي والتركي.
  • (د)
    الجغرافية الطبيعية: أكثرها في التركية، وبعضها عربي وفارسي.
  • (هـ)
    كتب الأدب: أكثرها عربي، وقليل منها في الفارسية أو التركية.
  • (و)
    علوم اللغة العربية: كلها عربي إلا نادرًا.
  • (ز)
    القواميس: في اللغات الثلاث.

وفي مكاتب الأستانة كثير من المخطوطات النادرة، ولا سيما في طوبقبو وكوبرلي وأيا صوفيا ونور عثمانية، وقد ذكرنا ذلك في مكانه.

(٣-٢) المكاتب في القطر المصري

المكاتب في مصر كثيرة أهمها في القاهرة وبعضها في سائر القطر، منها ما هو عمومي أنشئ لخدمة الجمهور، وأكثره تابع لمصالح الحكومة أو لبعض الجماعات، ومنها ما هو خاص بأصحابه، اشتغل بجمعه هواة الكتب لأنفسهم، وفيهم من وقفها على منفعة العموم. فلنتكلم أولًا عن المكاتب العمومية في القاهرة، ثم في الإسكندرية وسائر القطر المصري، ثم نعود إلى المكاتب الخصوصية في مصر وغيرها.

المكاتب العمومية في القاهرة

  • (١)
    المكتبة الخديوية تأسست سنة ١٨٧٠، وفيها ٧٠٠٠٠ مجلد: هي أكبر مكتبة في الشرق الأدنى، أنشأتها الحكومة الخديوية في أثناء هذه النهضة في تاريخ طويل يبدأ بزمن محمد علي، وقد أتمها إسماعيل سنة ١٨٧٠، وبيان ذلك: لما أخذ محمد علي في إحياء الآداب العربية، وعمل على نشر الكتب في المطبعة الأهلية، تكاثرت الكتب المطبوعة، فأنشأ لها مستودعًا في بيت المال القديم بجوار المحكمة الشرعية خلف المسجد الحسيني، تباع فيه مطبوعات الحكومة من كتب وغيرها، ظل هذا المستودع إلى أيام إسماعيل، وأُضيف إليه نحو ٢٠٠٠ مجلد من الكتب المخطوطة بالعربية والتركية والفارسية، كانت الحكومة قد ابتاعتها من تركة حسن باشا المناسترلي، عليها ختم «كتبخانة مصرية» تاريخه ١٨٦٥ / ١٢٨٢ﻫ.
    وكان في مصر خزائن للكتب في المساجد، وبينها موقوفات كثيرة من المخطوطات الجميلة ولا سيما القرآن، غير الكتب الفقهية والحديث والتاريخ والأدب من بقايا الأعصر الماضية، فهذه الخزائن كانت تتولى شئونها المساجد، وهي تابعة لديوان الأوقاف، وظلت تلك الخزائن على هذه الحال إلى زمن إسماعيل، فحدث في الآداب العربية نهضة جديدة أصاب دار الكتب حظ منها، ويقال إن السلطان عبد العزيز لما زار مصر سنة ١٨٦٥ / ١٢٨٢ﻫ، وشاهد مساجدها وآثارها، أشار على إسماعيل باشا بإنشاء مكتبة عامة تجمع شتات الكتب المتفرقة في المساجد والتكايا ليستفيد الناس بمطالعتها.
    figure
    السلطان عبد العزيز.

    فوقعت هذه الإشارة موقعًا جميلًا لدى إسماعيل، فأوعز سنة ١٨٦٩ إلى مدير ديوان المدارس (ناظر المعارف) يومئذٍ علي باشا مبارك أن ينشئ مكتبة خديوية ففعل، وخصص لها محلًّا في درب الجماميز بجانب ديوان المدارس، ونقل إليها ما كان في مستودع الكتب المتقدم ذكره وكُتُبَ المناسترلي، وأهمَّ كتب المساجد مما وقفه السلاطين، وغيرهم من الكتب النفيسة، وكان الإفرنج والأتراك قد نقلوا كثيرًا منها إلى أوربا أو مكاتب الأستانة، مع أن الواقفين لما وقفوها اشترطوا في صدرها أن لا تخرج من المسجد الموقوفة فيه.

    على أن الوطنيين كانوا أشد بلاء على الكتب؛ لأن الإفرنج أو غيرهم إذا أخذوا كتابًا إلى بلادهم حفظوه في مكاتبهم، أو نشروه في مطابعهم، أما في مصر فإن الجهلة من خدمة المساجد كانوا يحملون سلالًا مملوءة من الكتب المفكوكة (دشت)، يبيعونها للبقالين وباعة الفاكهة يلفون بها ما يبيعونه، فاشتغال علي باشا مبارك في نقل ما بقي من هذه الكتب إلى المكتبة الخديوية، صانها من الضياع، وأضاف إليها ما كان في خزانة الأوقاف الخيرية، وكثيرًا من الآلات الهندسية والرسوم ونحوها.

    صدر الأمر بإنشاء المكتبة الخديوية رسميًّا سنة ١٨٧٠، وأخذ علي باشا في تنظيمها، ووضع لها قانونًا ألَّفته لجنة تحت رئاسته، وكان في المكتبة المذكورة عند إنشائها مكان للتدريس أو تلقين العلوم النافعة أو المراجعة في أوقات معينة، وكانت المكتبة أولًا تابعة لنظارة الأوقاف، ثم أُلحِقت بنظارة المعارف ولا تزال.
    figure
    البرنس مصطفى فاضل باشا.

    وبعد إنشاء المكتبة ببضع سنين (١٨٧٦) توفي البرنس مصطفى فاضل باشا شقيق الخديو إسماعيل، ونصير الأحرار العثمانيين، وكان كلفًا بالكتب حريصًا على اقتنائها، وعنده منها خزانة نفيسة من الكتب العربية وغيرها، فابتاع الخديو نخبة منها بنحو ١٣٠٠٠ جنيه، وأهداها للمكتبة الخديوية، وفيها طائفة من أفخر الكتب من كل فن، عددها ٣٣٠٥ مجلدات، منها ٢٣٣٢ في العربية، و٦٤٧ في التركية، و٣٢٦ في الفارسية.

    ولا تزال المكتبة تجد في اقتناء الكتب العربية وغيرها، إما بالابتياع أو الاستنساخ أو الهدايا، وهي تتكاثر وتتزايد، ومن أهم ما أضيف إليها مجموعة من الكتب العربية كانت للشيخ الشنقيطي، عددها ٧٤١ كتابًا، منها ٣٠٦ مخطوطات، بينها نخبة من أجود الكتب، فأصبح عدد ما في المكتبة الخديوية الآن نحو ٧٠٠٠٠ مجلد، نحو نصفها من الكتب العربية، وأكثر الباقي في اللغات الأوربية، ونحو ٢٥٠٠ في التركية، و٦٥٠ في الفارسية، ومن الكتب العربية نحو ٣٢٠٠ كتاب في التاريخ.

    ونحو هذا العدد في التاريخ أيضًا في اللغات الإفرنجية، ونحو ٢٧٠٠ كتاب في الأدب العربي، ونحو ١٢٠٠٠ كتاب في المواضيع الشرعية الإسلامية، وفي الخديوية كثير من الكتب النفيسة جاء ذكرها في تضاعيف هذا الكتاب.

    والمكتبة المذكورة مفتوحة الأبواب للجمهور لأجل المطالعة أو المراجعة أو النسخ، ولها قانون تَعَدَّلَ مرارًا جاء في صدره أن الغرض الأساسي منها «حفظ وصيانة الكتب العربية، وتسهيل الاستفادة منها»، وهي تشتمل فضلًا عن كتب المطالعة على معرض للذخائر الثمينة، والآثار النفيسة، والخطوط العربية المختلفة على البردي والجلد وغيرهما، وفيها مجموعة نقود عربية، وقد أخذت في طبع بعض مخطوطاتها الهامة في سبيل إحياء آداب اللغة العربية.

  • (٢)
    المكتبة الأزهرية تأسست سنة ١٨٧٩ وفيها ٣٦٦٤٢ مجلدًا: كان في الزهر خزانة كتب كما كان في غيره من المساجد، وقد جاء في ذيل طبعة كشف الظنون لفلوغل أن مكتبة الأزهر في أول القرن الماضي كان فيها ١٠٩٩ كتابًا متفرقة في الأروقة، ثم زادت في أواسط القرن المذكور على غير نظام إلى سنة ١٨٧٩ / ١٢٩٧ﻫ، فأمر الجناب الخديو بجمع ما كان من الكتب في أروقة الأزهر المختلفة مما يستغني عنه الطلبة، وأن يجري عليها مال يُنفَق في شراء الكتب اللازمة للعلماء والطلبة، وأجور العمال اللازمين للقيام بهذا العمل، فجمعوا بعض تلك الكتب، ووضعوها في رواق الأتبغاوية — وهو مقرها إلى الآن — ورتبوها في الخزائن حسب مواضيعها، ووُضِعت لها قوائم الجرد، فانقسمت إلى ٣٠ فنًّا.
    وكان عدد المجلدات عند إنشائها ٧٧٠٠ مجلد، وأخذت في الزيادة حتى بلغ عدد مجلداتها لآخر السنة الماضية ٣٦٦٤٢ مجلدًا، منها ١٠٩٣٢ من المخطوطات، وبلغ عدد الفنون فيها ٤٨ فنًّا، ومن كتب هذه المكتبة نحو ٢٠٠٠٠ مجلد في العلوم الإسلامية، والباقي في سائر الفنون، منها نحو ٣٠٠٠ أدب ومديح وفضائل، ونحو ٤٠٠٠ علوم لغوية، و٩٨٠ تاريخ وسِيَر، و١٣٠ جغرافية، والباقي من العلوم الأخرى، وزيد عدد العمال حتى أصبحوا عشرة، وأمينها الشيخ محمد طه سليم، وعليه كان معولنا في تحقيق أحوال هذه المكتبة، وهي تفتح أبوابها لمن أراد المطالعة، وفيها طائفة من الكتب النادرة جاء ذكر بعضها في ما مرَّ من هذا الكتاب، ومنها في التاريخ والأدب والموسيقى:
    • (أ)

      اقتطاف شقائق النعمان من رياض الوافي لوافيات الأعيان: لإبراهيم بن أحمد بن محمد الشافعي العباسي القادري، من علماء القرن العاشر، كَتَبَه بخطه سنة ٩٩٠ﻫ.

    • (ب)

      أنباء نجباء الأبناء: لشمس الدين محمد بن محمد بن ظفر الصقلي المتوفى سنة ٥٦٥ﻫ.

    • (جـ)

      أنباء الغمر بأبناء العمر: لابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٥٢ﻫ.

    • (د)

      كتاب البوارح والسوانح: لشهاب الدين الخفاجي، وهو معدوم النظير.

    • (هـ)

      تحفة العجائب وطرفة الغرائب: لابن الأثير الجزري.

    • (و)

      تقويم النديم وعقبى النعيم المقيم: لابن حمويه، وهو بخط قديم.

    • (ز)

      الجموع في علم الموسيقى: لعبد الرحمن بو ذنب الفاسي.

    • (ح)

      كشف الهموم والكرب وشرح آلات الطرب: للمشهدي.

  • (٣)
    مكاتب الأروقة في الأزهر فيها نحو ٣٠٠٠٠ مجلد: وفي الأزهر مكاتب أخرى غير المكتبة الأزهرية المتقدم ذكرها يقال لها «مكاتب الأروقة»، لكل رواق مكتبة يطالع فيها تلاميذ ذلك الرواق، يبلغ مجموعها كلها نحو ٢٠٠٠٠ مجلد، منها نحو ٤٠٠٠ مجلد في رواق الشوام، ونحو ٩٠٠٠ مجلد في رواق الأتراك، بينها مخطوطات نادرة، و٨٠٠٠ في رواق المغاربة، والباقي في الأروقة الأخرى، والمكاتب المذكورة تحت مراقبة المكتبة الأزهرية، لكنها غير منظمة، ومشيخة الأزهر تريد ضمها إلى المكتبة المذكورة في ترتيبها والاستفادة منها، لكن المعلمين والطلبة يأبون ذلك، ولو أذعنوا لتضاعفت الفائدة المرجوة منها.
  • (٤)
    مكاتب المساجد ودار الآثار فيها كلها ٣٠٥٦٧ مجلدًا: قد تقدم أن المكتبة الخديوية استنفدت أهم ما كان في المساجد ونحوها من الكتب، لكن تلك المساجد لا يزال فيها كتب كثيرة، وقد رأيت ما ذكرناه عن المكتبة الأزهرية وهي أهمها، أما ما بقي من الكتب العربية في المساجد وغيرها، التابعة لنظارة الأوقاف، فعددها ٢٩٢٢٥ كتابًا في مواضيع مختلفة، أهمها في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، وفي العلوم اللغوية.

    ومن توابع الأوقاف أيضًا «دار الآثار العربية» أو المتحف العربي، وسيأتي ذكره عند الكلام على المتاحف، وإنما نقتصر هنا على ذكر مكتبته، فقد علمنا من علي بك بهجت وكيل المتحف المذكور أن في مكتبته ١٣٤٢ مجلدًا، و١٢٠٥ لوحات فوتوغرافية عن الآثار، ولوحات لمشاهير قدماء الرسامين، غير منشورات لجنة حفظ الآثار في مصر وغيرها، مما يرد عليها في سبيل الهدايا من المعاهد العلمية الأثرية في فرنسا والجزائر وألمانيا وأميركا والبرازيل وغيرها.

  • (٥)

    ومن المكاتب في المساجد مكتبة الشعراني لم نقف عليها.

  • (٦)
    المكتبة البكرية فيها ١٨٦٠: نريد مكتبة السادة البكرية، وكبيرهم الآن السيد عبد الحميد البكري شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وشيخ السجادة الوفائية، ومقر هذه المكتبة في سراي الخرنفش بمصر، وتشتمل على ١٨٦٠ مجلدًا (أو ١٤٤٧) أكثرها مطبوع، منها نحو ٦٥٠ مجلدًا في العلوم الإسلامية، و٣٧٤ في الأدب، و٢٤٠ في التاريخ، والباقي في فنون مختلفة.
    وفي سراي الخرنفش مكتبة أخرى خاصة بالسيد عبد الحميد المشار إليه، تشتمل على نحو ١٠٠٠ مجلد، فيها طائفة حسنة من أهم كتب المراجعة في الفنون العصرية باللغة الفرنساوية، ونخبة كتب الآداب الفرنساوية، غير الكتب في المواضيع الأخرى في العربية وغيرها، وفي جملة ذلك نسخة من كتاب وصف مصر Description d’Egypte الذي ألَّفته البعثة العلمية من الحملة الفرنساوية في مجلدات كثيرة مع الخرائط والأطالس والصور، وهي نسخة ثمينة؛ لأنها من الطبعة الأولى لهذا الكتاب.
  • (٧)
    مكتبة السادات الوفائية فيها نحو ١٠٠٠ مجلد: هي تابعة للسجادة الوفائية بمصر، لم يتيسر لنا درسها لعدم انتظامها، لكنا تصفحنا فهرسها الموضوع سنة ١٢٦٨ﻫ، فوجدنا فيها نحو ألف مجلد أكثرها مخطوط، بينها نحو ٤٠٠ مجلد في التاريخ واللغة والأصول، ومن الكتب النادرة فيها: النور السافر في أخبار القرن العاشر للعيدروس، والضوء اللامع في أعيان القرن التاسع للسخاوي، وفوائد الارتحال وغرائب السفر في أعيان القرن الحادي عشر، والثناء الباهر لتكميل النور السافر، وتاريخ الذهبي، والإعلام بوفيات الأعلام، وشرح طبقات الأدباء.
  • (٨)
    مكتبة الدردير فيها ١٠٧٨ كتابًا: سميت بذلك نسبة إلى الشيخ الدردير العدوي المالكي المتوفى سنة ١٢٠١، وضريحه بالكحكيين بالدرب الأحمر، فوضع فيها ما كان عنده، ثم انضم إليها ما أهداه محبُّوه بعده، ومقرها في مسجد صاحب الضريح، وهي مباحة لطلاب الإفادة من تلامذة الأزهر يستعيرون الكتب بشروط مبينة، وقد بلغ عدد ما فيها من الكتب ١٠٧٨ كتابًا، أكثرها في العلوم الإسلامية.

مكاتب المدارس الكبرى

  • (١)
    مكتبة مدرسة الحقوق فيها ١٩٩٥٠ مجلدًا: هي من المكاتب العمومية المُعدَّة لفائدة الجمهور من تلامذة المدرسة وغيرهم بتصريح من إدارتها، وفيها قاعات للمطالعة والمراجعة، وقد تأسست هذه المكتبة بالتدريج بطريق المشترى أو الهدايا، ومما يؤلفه التلاميذ من أبحاث لأجل نيل الشهادة، وبلغ عدد المجلدات في هذه المكتبة إلى هذا العام ١٩٩٥٠ مجلدًا تقسم على هذه الصورة:
    عدد
    ١٩٩٥٠
    ٢٦١٣ في القسم العربي
    ٩٨٧٥ في القسم الإفرنجي
    ٧٤٦٢ رسائل التلامذة

    أي نحو ٢٠٠٠٠ مجلد بينها أهم كتب الحقوق في العربية والفرنساوية والإنكليزية، كالمعاجم القضائية والإدارية والاقتصادية، وغيرها من العلوم المتعلقة بالحقوق، وقد أنبأَنَا أمينُها محمد عفيفي أن عدد الكتب التي أعيرت خارج المكتبة للعام الماضي بلغ ٣٠٦٣ مجلدًا، وعدد ما أعير للمطالعة في المكتبة ١٣٠٠٠ مجلد، غير ما فيها من المجلات والجرائد الهامة في العربية والإفرنجية، وللمكتبة فهرس مطبوع يشتمل على أسماء الكتب، والعناية مبذولة في تحسينها.

  • (٢)
    مكتبة مدرسة الطب: فيها نحو عشرة آلاف مجلد، أكثرها في الطب والطبيعيات باللغات الفرنساوية والإنكليزية والعربية، وليس فيها مخطوطات هامة، وهي خاصة بطلبة الطب للمطالعة.
  • (٣)
    مكتبة الجامعة المصرية فيها ١١٩٣٠ مجلدًا: هي حديثة العهد لا يتجاوز تاريخ إنشائها بضع سنين، أكثرها جُمِع من هدايا أهل الأدب والمؤلِّفين في أوربا ومصر وغيرهما، وفي جملة ذلك مكتبتان أهداهما أصحابها إلى الجامعة في سبيل الخدمة العامة، الأولى مكتبة شفيق بك منصور، والثانية مكتبة يحيى باشا منصور يكن، فبلغ عدد ما فيها من الكتب نحو اثني عشر ألف مجلد، فعهدت بترتيبها إلى سكرتيرها العام عبد العزيز فهمي، فرتبها على أحدث طرق المكاتب الكبرى في أوربا، وهي مباحة لمن أراد الاستفادة منها، وإليك إحصاءها الأخير:
عدد المجلدات
١١٩٣٠ الجملة
٨٦٦٠ جملة ما جُمِع من الكتب الإفرنجية على سبيل الهدايا
١٢٧٠ جملة ما جُمِع من الكتب العربية على سبيل الهدايا
١٥٠٠ كتب شفيق بك منصور الإفرنجية
٢٥٠ كتب شفيق بك منصور العربية
٢٥٠ مكتبة يحيي باشا منصور

مكاتب الجمعيات العلمية

وللجمعيات العلمية الكبرى بمصر مكاتب أهمها:
  • (١)
    مكتبة المجمع العلمي المصري (Institut): فيها نحو ٢٣٠٠٠ مجلد في الفرنساوية فالإنكليزية فالإيطالية، وقليل في الألمانية والعربية واليونانية، وأكثرها في التاريخ والجغرافيا والرياضيات وعلم الآثار والزراعة والصناعة والفنون وغيرها، ومجلات في هذه المواضيع، وفيها طائفة حسنة من الكتب النادرة عن مصر وعلاقتها بفرنسا.
  • (٢)
    مكتبة الجمعية الجغرافية الخديوية: فيها نحو ٥٠٠٠ مجلد أكثرها في الفرنساوية في الجغرافيا وما يتبعها، ولا سيما جغرافية إفريقيا، وبينها مجموعات من أعمال الجمعيات الجغرافية في العالم شرقًا وغربًا، وهي مجموعة ثمينة.

مكاتب نظارات الحكومة

لا تخلو نظارة من نظارات الحكومة من مكتبة، لكن أكثر محتوياتها من الكتب الرسمية والمنشورات ونحوها، على أن بعض النظارات تشتمل على كتب فنية وعلمية ونحوها، أهمها:
  • (١)
    مكتبة الأشغال العمومية: مقرها في ديوان الأشغال، فيها نحو ٣٠٠٠ مجلد في اللغات الفرنساوية والإنكليزية والعربية، أكثرها في الفنون المتعلقة بهذه النظارة، منها نحو ٨٥٠ مجلدًا في المعاجم والمجموعات الرسمية والآثار العربية والهندية ونحوها، و٣٢٠ في المواضيع الجيولوجية والميكانيكية والجوية، و١٥٠ عن الري، و٣١٠ سياحات في إفريقيا والأسفار ونحوها، و٣٦٠ تقارير وإحصاءات رسمية، والباقي في البناء والهندسة وسائر المهن.
  • (٢)
    مكتبة المخابرات في نظارة الحربية: فيها نحو خمسة آلاف مجلد تبحث في التاريخ والجغرافيا والاقتصاد السياسي والإداري عن مصر والسودان والبلاد المحيطة بها والمجاورة لها، باللغات الإنكليزية والفرنساوية والعربية والإيطالية والألمانية والإنكليزية.

مكاتب الإسكندرية

الإسكندرية مشهورة منذ القدم بمكتبتها أيام البطالسة، لكنها احترقت غير مرة ولم يبقَ لها أثر، ولم نعد نسمع بمكتبة هامة أنشئت فيها أثناء التمدن الإسلامي؛ لأن الخلفاء والسلاطين كانوا ينشئون خزائن الكتب غالبًا في القاهرة قصبة دولتهم.

ولما حدثت النهضة الأخيرة لإنشاء المكاتب العمومية بدأت في القاهرة كالعادة، وظلت الإسكندرية خلوًّا منها إلى سنة ١٨٩٢؛ إذ أُسِّست المكتبة البلدية، ولم يكن قبلها إلا مكاتب أفرادية لبعض الأدباء، مثل مكتبة المرحوم جبرائيل بك مخلع، كان فيها طائفة حسنة من الكتب العربية والإفرنجية، ومكتبة راتب باشا، ومكتبة حسن حمزة من علماء الإسكندرية، ثم انتقلت إلى ملك الشيخ أحمد حمزة، فأضاف إليها كثيرًا من نوادر المخطوطات، وأشهر مكاتب الإسكندرية الآن المكتبة البلدية والمكتبة العباسية.
  • (١)
    المكتبة البلدية تأسست سنة ١٨٩٢ وفيها ١٦١٩٣ مجلدًا: أنشأها المجلس البلدي في ١٤ يوليو سنة ١٨٩٢، وعيَّن لها أمينًا من سويسرا اسمه فكتور نوريس — لا يزال مديرًا للقسم الإفرنجي فيها — وتعين لها في تلك السنة الشيخ أحمد أبو علي الأزهري أمينًا للقسم العربي ولا يزال، وعليه عولنا في تحقيق تاريخ هذه المكتبة ومحتوياتها.
    كانت في أول نشأتها مع المتحف الإسكندري في بناء واحد، ثم نُقِلت إلى دائرة البلدية، ولم يكن فيها إلا بضع عشرات من الكتب الإفرنجية، فسعى أمينها العربي في الاستكثار من الكتب العربية، ووافقه رئيس المجلس البلدي يومئذٍ يوسف شكور باشا، وخابر الحكومة فأهدتها ٤١٣ كتابًا عربيًّا من مطبوعات بولاق — تلك فاتحة القسم العربي فيها — وما زالت العناية مبذولة في الاستكثار من الكتب العربية والإفرنجية حتى بلغ عدد كتبها ١٦١٩٣ كتابًا، منها ٧٧٥٣ كتابًا عربيًّا، و٨٤٤٠ كتابًا إفرنجيًّا، وهي مفتوحة الأبواب لمن شاء المطالعة أو المراجعة كالمكتبة الخديوية، ومن الكتب النادرة في هذه المكتبة:
    • (١)

      نسخة من المدونة مكتوبة بقلم أندلسي على ورق غزال في أوائل القرن السادس للهجرة، وعليها خط الإمام عبد الوهاب الشعراني أنه قابلها وصحَّح عليها.

    • (٢)

      ديوان عمر بن مسعود سراج الدين المجان الكناني المتوفى سنة ٧٠٠ﻫ بخط نسخي جميل سنة ٧٤٧ﻫ، وفيه باب للموشحات والأزجال وغيرها من الأشعار العامية، وهو جزيل الفائدة لقلة الكتب القديمة في هذه الفنون.

    • (٣)

      جزء من صحيح مسلم بخط جميل، وفي آخره أنه كُتِب سنة ٣٦٨ﻫ.

    • (٤)

      الكاشف في أسماء الرجال لشمس الدين الذهبي بخط جميل.

    • (٥)

      التدوين في أخبار قزوين لعبد الكريم الرافعي المتوفى سنة ٦٢٣ﻫ.

    • (٦)

      طبقات الحفاظ للسيوطي، وعليه خط المؤلف.

    • (٧)

      مجمل اللغة لابن فارس بخط جميل مضبوط بالحركات، كُتِب سنة ٦٠١ﻫ.

    • (٨)

      لب اللباب في تحرير الأنساب للسيوطي، ومعه ذيل للعجمي نادر الوجود.

    • (٩)

      المغرب في اللغة للمطرزي.

    • (١٠)

      نظام الغريب في اللغة لعيسى الربعي، مصحَّح بقلم أبي نصر الهوريني، ويُظن أن هذه النسخة وحيدة من هذا الكتاب في مصر.

    • (١١)

      الطالع السعيد الجامع لأسماء نجباء الصعيد للأدفوي المتوفى سنة ٧٤٨ﻫ.

    • (١٢)

      تهذيب الأسماء واللغات للنووي، مكتوبة بخط أبي بكر السلمي سنة ٧٤٥ﻫ.

    • (١٣)

      الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل للعليمي، وعلى هامشها مطالعات وتعليقات.

    • (١٤)

      المجلد ١٢ من مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، ويشتمل على الحيوانات والنباتات، وجميع ما فيه من النبات مصور بصوره الطبيعية بإتقان، ومكتوب بخط جميل، فهو من التحف النادرة في العربية.

    • (١٥)

      الجزء الثاني من مختارات الأغاني لابن منظور صاحب لسان العرب، وبخطه وهو جميل جدًّا.

    • (١٦)

      كتاب الفروق للترمذي في مجلد مكتوب بخط ابن أبي جرادة سنة ٥٩١ﻫ.

    • (١٧)

      تاريخ المظفري لشهاب الدين إبراهيم بن عبد الله الحموي المتوفى سنة ٦٤٢ﻫ، وصل فيه إلى سنة ٦٢٨ﻫ.

    • (١٨)

      تاريخ عدن لأبي حمد بن عبد الله مخرمة من علماء أواخر القرن العاشر للهجرة.

    • (١٩)

      روح الروح فيما حدث بعد المائة التاسعة من الفتن والفتوح، تأليف نور الدين عيسى لطف الله أحد مؤرخي القرن الحادي عشر الهجري.

    • (٢٠)

      طبقات فقهاء اليمن، وعيون من أخبار سادات رؤساء الزمن، لأبي حفص عمر اليمني المتوفى سنة ٥٨٦ﻫ.

    • (٢١)

      در الحبب في تاريخ أعيان حلب لرياض الدين بن الحنبلي المتوفى سنة ٩٧١ﻫ.

    • (٢٢)

      السيرة العمرية (سيرة عمر بن الخطاب) تأليف أبي الفرج بن الجوزي.

    • (٢٣)

      كتاب الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري.

    • (٢٤)

      تاريخ صنعاء لإسحق بن جرير الصنعاني مكتوب سنة ٩٩٢ﻫ.

    • (٢٥)

      الجواهر المضية في طبقات الحنفية لأبي محمد القرشي المتوفى سنة ٧٧٥ﻫ.

    • (٢٦)

      الدر الثمين في سيرة نور الدين (زنكي) لبدر الدين محمد بن أبي بكر بن شهبة

    • (٢٧)

      إصلاح المنطق في اللغة ليعقوب بن السكيت.

    • (٢٨)

      خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة لنشوان بن سعيد الحميري المتوفى سنة ٥٧٣ﻫ.

    • (٢٩)

      البديع في نقد الشعر لأسامة بن منقذ الكناني المتوفى سنة ٥٨٤ﻫ.

    • (٣٠)

      التقريب في أسماء الرجال لشهاب الدين بن حجر العسقلاني.

  • (٢)
    المكتبة العباسية تأسست سنة ١٩٠٣، وفيها ٦٥٥٠ مجلدًا: أسسها الشيخ عبد الفتاح البنا بالإسكندرية سنة ١٩٠٣ / ١٣٢١ﻫ، وبيان ذلك أن الحاج علي شتا من أعيان الإسكندرية كان عنده كتب عرضها للبيع، فأشار عليه الشيخ عبد الفتاح أن يقفها على مكتبة تكون برسم سيدي أبي العباس المرسي فوافقه، فأضاف إليها كتبًا عنده، وكتبًا أهداها محمد أفندي توفيق — من أبناء الأسر القديمة — ووُضِعت في مسجد أبي العباس المرسي، ولما تنظمت مشيخة علماء الإسكندرية وضعت يدها عليها، ووسَّعت نطاقها، وعيَّنت الشيخ عبد الفتاح أمينًا لها، وهي الآن بمركز إدارة المشيخة بسراي حافظ باشا بالإسكندرية، وعدد مجلداتها ٦٥٥٠ مجلدًا في علوم اللغة والطبيعة والتاريخ والأدب، وقد أعانتها تبرعات المتبرعين، أهمهم ورثة محسن باشا، ومصطفى بك النزلاوي، ومصطفى باشا خليل، وفيها من الكتب النادرة خمسة مجلدات من كتاب نهاية الأرب للنويري من ٦–١٠، يمكن الاستفادة منها عند الشروع في طبع هذا الكتاب لإحياء آداب اللغة.

المكاتب في الأرياف

لا تخلو المساجد في مدن الأرياف من مكاتب خاصة، ولا نظن فيها ما يستحق الدرس والنشر إلا مكتبة الجامع الأحمدي في طنطا.
  • (١)
    المكتبة الأحمدية في طنطا فيها ٦٠٠٠ مجلد: أنشأها الشيخ إبراهيم الظواهري شيخ الجامع الأحمدي الأسبق سنة ١٨٩٨، وعيَّن لها أمينًا ومغيرًا، وهي تحتوي علي ستة آلاف مجلد، منها ١٣٠٠ بخط اليد، وتشتمل على أهم المواضيع العربية في العلوم الإسلامية واللغوية والتاريخ والأدب وغيرها من الفنون.

    ومن نوادر الكتب فيها كتاب كشف الأسرار للخوخي في علم المنطق، وكتاب منتهى السول في علم الأصول للآمدي، وجزء من كتاب شمس العلوم في اللغة العربية لأبي سعيد نشوان الخميري، وقد استنسخت المكتبة الخديوية هذه الكتب منها، وفيها من خطوط المشاهير: خط ابن قاسم العبادي، والشرنبلاوي، والعطار، والدردير.

  • (٢)
    مكتبة خليل آغا اللاله فيها ٣٠٠ مجلد: هي تابعة للمكتبة الأحمدية، وقفها خليل آغا المذكور، وفيها ٣٠٠ مجلد، أكثرها مخطوط، وبينها قاموس عربي كان ملكًا للمرحوم سعيد باشا، ولها مغير خاص.

المكاتب الخصوصية بمصر

المكاتب الخصوصية كثيرة في التمدن الإسلامي؛ إذ لم يكن يخلو مؤلف أو كاتب من خزانة كتب يستعين بها في الموضوع الذي يكتب فيه، ويغلب أن يكتب على تلك الكتب بخطه أنها دخلت في ملكه مع تاريخ ذلك، أو أن يعلق عليها تعليقات أو ملاحظات، والغالب متى مات صاحب الخزانة أن تتشتت كتبه بالانتقال أو البيع أو غير ذلك، فبعد أن تكون ملك رجل واحد تتفرق على عشرة أو عشرين، وأمثال هذه الكتب إذا كان عليها خطوط أصحابها من المشاهير تكون ثمينة بنسبة شهرة صاحبها وقدم عهده، وسترى أمثلة من هذه التحف في بعض المكاتب الخصوصية الآتي ذكرها.

لم يبقَ لدينا من المكاتب الخصوصية القديمة مكتبة لا تزال باسم صاحبها إلا ما وُقِف منها في الأستانة بأسماء أصحابه، وأكثر المكاتب الخصوصية الآن حديثة العهد، وإن كان بعض كتبها قديمًا، وقد رافقت النهضة العلمية بمصر رغبة في اقتناء الكتب، ولا سيما في النصف الثاني من القرن الماضي بعد إنشاء المكتبة الخديوية وانتشار الطباعة، فكثر الراغبون في إنشاء المكاتب على اختلاف اللغات، ويهمنا منها المكاتب العربية، أو التي ترمي إلى غرض عربي، ولا نذكر إلا ما يهم القراء معرفته منها؛ لوجود الكتب النادرة فيها، أو لكثرة ما فيها من الكتب النافعة، مما يتيسر لنا الوقوف عليه منها، إذ لا يبعد أن يكون هناك مكاتب خصوصية لم يصل إلينا خبرها.

وهاك أشهر تلك الخزائن أو المكاتب:

١- الخزانة التيمورية فيها ٨٠٠٠ مجلد

سميت بذلك نسبة إلى صاحبها أحمد بك تيمور الأديب المعروف، أصله كردي، جاء جده محمد بن إسماعيل بن علي كرد مع الجند العثماني بعد خروج الفرنساويين من مصر، ثم أصبح من خاصة محمد علي باشا، وأعانه في الفتك بالمماليك، وترقى في المناصب من كاشف إلى محافظ، وتوفي سنة ١٢٦٤ﻫ / ١٨٤٧، ونبغ ابنه إسماعيل بن محمد، وتولى إدارة عدة مديريات ومناصب أخرى في زمن عباس وسعيد وإسماعيل، وصار رئيسًا لديوان الخديوي، وتوفي سنة ١٢٨٩ﻫ / ١٨٧٢.

وصاحب الخزانة التيمورية هو أحمد بن إسماعيل بن محمد، وكان أبوه قد جمع مكتبة نفيسة تشتتت، فشب صاحب هذه الخزانة على حب الكتب، واشتغل بجمعها لا يدخر في ذلك وسعًا، بين ابتياع واستنساخ ورحلة التنقيب عن نوادر الكتب، يبذل المال والوقت في هذا السبيل، فاجتمع عنده إلى أواخر السنة الماضية نحو ٨٠٠٠ مجلد أو ٧٠٦٨ كتابًا، أعدَّ لها قاعة كبيرة في أبعاديته في قويسنا، ووضع لها الفهارس مرتبة حسب المواضيع، ورتب كل موضوع حسب سني الوفاة، فيذكر الكتاب واسم مؤلفه، وإذا كان مطبوعًا ذكر سنة طبعه، بحيث يسهل تناول الكتب والاستفادة منها.

وتمتاز الخزانة التيمورية بطائفة حسنة من المخطوطات العربية النادرة، جاء ذكر كثير منها في الجزء الثالث من هذا الكتاب، وفيها ٥٢٧ كتابًا كُتِبت قبل ختام القرن العاشر للهجرة، أقدمها الجزء الأول من شرح أبي الحسن الفارسي كُتِب سنة ٤١٣ﻫ، وبينها طائفة من الكتب عليها خطوط المشاهير من أهل العلم هذه أمثلة منها:

خطوط المشاهير على بعض الكتب

  • (١)

    مجموعة طبية مصورة بخط عبد الرحمن الأنصاري كتبها سنة ٥٩٢ﻫ.

  • (٢)

    الجزء الأول من الغرر والدرر عليه خط ابن العفيف سنة ٦٢٤ﻫ، يفيد أنه سمعها مع جماعة ذكرهم.

  • (٣)

    مجموعة في الحديث في أولها خط عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ أنه تملكها، وفيها أربعون حديثًا لابن جماعة عليها خط السيد مرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس، وخط الجبرتي موجود على عدة مخطوطات في الخزانة المذكورة، وكذلك خط العطار والهوريني.

  • (٤)

    كتاب في رجال الحديث من الشيعة، للحسن بن علي المولود سنة ٦٤٧ﻫ على الورقة الأولى منها خط عبد القادر البغدادي مؤلف خزانة الأدب أنه تملكها.

  • (٥)

    أنوار الربيع في البلاغة لابن معصوم، وعليه خط الشيخ حسن الطويل.

  • (٦)

    دمية القصر عليها خط الشيخ الشنقيطي اللغوي.

  • (٧)

    بغية الطالبين في التاريخ، عليها خط السيد مرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس، يجيز بها الشيخ علي بن سعد البيوسي.

  • (٨)

    رحلة الإمام الشافعي عليها خط ابن حمويه الجويني.

وقِسْ على ذلك كتبًا أخرى عليها خطوط بهذا المعنى لشهاب الدين الحجازي، وأبي المكارم المطرزي شارح الحريري، وبرهان الدين البقاعي المتوفى سنة ٨٨٥ﻫ، وابن فضل الله العمري صاحب مسالك الأبصار، والشيخ محمد الدسوقي (١٢٣٠ﻫ)، والخطيب ابن نباتة، وجلال الدين المحلي، والشيخ حسن قويدر، وغيرهم.

مؤلفات بخطوط مؤلفيها

وهناك طائفة من المخطوطات بخطوط مؤلفيها أنفسهم، وهذا من أندر النوادر، هاك أهمها:
  • (أ)

    مسند عمر بن الخطاب تأليف ابن كثير وبخطه.

  • (ب)

    المنتقى للزرعي الزبيدي وبخطه.

  • (جـ)

    تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني وبخطه سنة ٨١٧ﻫ.

  • (د)

    رجال البخاري ومسلم لابن عيسى الهكاري المتوفى سنة ٧٥٠ﻫ بخطه.

  • (هـ)

    رمز الحقائق للعيني سنة ٨٥٥ﻫ بخطه.

  • (و)

    نوادر الزمان في وقائع جبل لبنان لإسكندر أبكاريوس بخطه، وقد أهدى هذا الكتاب لمحمد صادق باشا التونسي، ويظهر أن هذه النسخة هي المهداة.

  • (ز)

    مختصر مفردات ابن البيطار لابن مكرم صاحب لسان العرب سنة ٧١١ﻫ بخطه.

  • (ح)

    ديوان شهاب الدين الخفاجي المتوفى سنة ١٠٦٩ﻫ وبخطه.

  • (ط)

    ذيل الدرر الكامنة للعسقلاني بخطه.

وهناك عشرات من أمثال هذه الكتب النفيسة أغضينا عنها حبًّا بالاختصار.

٢- الخزانة الزكية فيها نحو ٥٠٠٠ مجلد

هي مكتبة أحمد زكي باشا سكرتير مجلس النظار، وقد جاء ذكرها مرارًا في أثناء هذا الكتاب، جمعها صاحبها في أثناء ثلاثين سنة بذل في ذلك جهدًا كثيرًا، ومخابرات طويلة وأسفارًا بعيدة، بين ابتياع واستنساخ وتصوير، فأصبحت حافلة، وقد بلغ عدد ما فيها من المجلدات نحو خمسة آلاف مجلد، منها نحو ٣٠٠٠ مجلد أو ١٨٣٥ كتابًا في اللغة العربية، بينها ٤١٥ كتابًا في التاريخ، و٢٨٧ في الأدب، و٢٢٢ في اللغة، وتمتاز المكتبة الزكية عن سائر المكاتب الخصوصية بمجموعة حسنة من الكتب الإفرنجية التي ألَّفها المستشرقون في اللغات الفرنساوية والإنكليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية والبورتغالية واللاتينية عن الشرق، وفي جملتها مجموعة من المجلة الأسيوية الفرنساوية منذ نشأتها سنة ١٨٢٢.

وفي المكتبة الزكية جانب كبير من الكتب العربية المطبوعة في أوربا والهند، فضلًا عن مطبوعات مصر والشام، بينها مجموعة من مطبوعات بولاق، ومطبعة أركان حرب الجهادية الطبية، والمطبعة الرياضية. وأما المخطوطات، فإليك أهمها مما يندر وجوده:
  • (أ)

    أربعة أجزاء من تاريخ ابن عساكر.

  • (ب)

    أربعة أجزاء من مرآة الزمان لابن الجوزي

  • (جـ)

    نسخة من تاريخ ابن خلدون بخط الشيخ حسن العطار.

  • (د)

    الفتوة في الإسلام.

  • (هـ)

    صبح الأعشى نسخة كاملة في سبعة مجلدات كُتِبت سنة ٨١٧ﻫ، أيْ بعد أن فَرِغ المؤلف منها ببضع سنين، وهي من التحف النادرة.

٣- المكتبة الآصفية فيها نحو ٦٠٠٠ مجلد

هي لمحمد بك آصف بن علي باشا آصف، وابن أخت أحمد بك تيمور، تحتوي على ٦٠٠٠ مجلد، منها نحو ٤٠٠٠ باللغة العربية ما بين مخطوط ومطبوع، ونحو ٢٠٠٠ باللغتين الفرنسية والتركية. وتمتاز هذه المكتبة باشتمالها على أكثر ما طبعه المستشرقون الأوربيون من العربية من القرن السادس عشر إلى الآن، وفيها تاريخ الثورة العرابية تأليف أحمد عرابي باشا الموسوم بسر الأسرار في تاريخ الحركة العرابية في سنتي ١٨٨١ و١٨٨٢، وهو كتاب كبير في ثلاثة أجزاء حوى حوادث الثورة المذكورة من أولها إلى آخرها، وهذه النسخة هي الوحيدة من هذا التاريخ.

وأما الكتب التي باللغتين الفرنسية والتركية، فما كان منها بالفرنسية أكثره مما أُلِّف عن مصر والدولة العثمانية والشرق الأدنى قديمًا وحديثًا، في التاريخ والسياحات وحوادث الاحتلال الفرنساوي لمصر، وما أدخله محمد علي باشا من الإصلاحات والتنظيمات، وحروبه هو وابنه إبراهيم باشا في الحجاز ونجد مع الوهابية والشام والسودان والمورة، وكتب أثرية لمصر في عهد الفراعنة والمدنية الإسلامية وغير ذلك.

وقد أخبرنا صاحبها أنه عازم على وقفها على أحد المعاهد العلمية بمصر لجعلها عامة للانتفاع بها، حقَّق الله رغبته في ذلك.

٤- مكتبة جلياردو بك فيها نحو ٩٠٠٠ مجلد

هو ابن جلياردو بك رئيس مدرسة الطب، ومكتبته من خيرة المكاتب عن مصر وتاريخها. عدد مجلداتها نحو ٩٠٠٠ مجلد، أكثرها في اللغة الفرنساوية، وبعضها في العربية والإنكليزية والإيطالية وأكثر لغات أوربا، في المواضيع الشرقية ولا سيما تاريخ مصر وجغرافيتها والسياحات فيها من أقدم الأزمنة إلى الآن وإحصائها، ونحو ذلك عن سوريا وفلسطين، وفيها مجموعة كبيرة عن الحملة الفرنساوية وأعمالها ومطبوعاتها، ومجموعة عن الديانات الشرقية، ولصاحبها عناية في جمع أقوال الصحف وغيرها فيما يطرأ من الحوادث، فيجعل لكل حادث محفظة خاصة (دوسيه).

٥- مكتبة أحمد بك الحسيني فيها ٤٧٨٠ مجلدًا

هي من المكاتب الخصوصية النفيسة، موضعها في منزل صاحبها قرب المحكمة الشرعية، وهي مرتَّبة ومقسَّمة حسب مواضيعها، ولها فهارس وعليها مشرفون أو مغيرون، ويؤذن لمحبي المطالعة أن يطالعوا فيها، أو ينقلوا ما شاءوا في أوقات معينة من الأسبوع، وبلغ عدد ما فيها من المجلدات ٤٧٨٠ مجلدًا، أهمها في الفقه والقانون والأدب والتاريخ.

٦- مكتبة علي باشا رفاعة فيها نحو ١٠٠٠ مجلد

هو نجل رفاعة بك الطهطاوي الشهير، تشتمل على كتبه أبيه وكتبه، وكان رفاعة باشا شاعرًا أديبًا توفي منذ بضع سنين، ومكتبته تشتمل على نحو ألف مجلد أكثرها مخطوطات، أخبرنا السيد محمد الببلاوي وكيل المكتبة الخديوية أن في مكتبة رفاعة باشا من النوادر شَرْحَ ابن الجنابي علي فصيح ثعلب كُتِب نحو القرن الرابع للهجرة، والجزء الثاني من المثل السائر بخط المؤلف، والجزء الأول من هذه النسخة في المكتبة الخديوية.

وهناك مكاتب خصوصية أخرى لم يتيسر لنا الاطلاع عليها، أشهرها مكتبة عبد الله فكري باشا، ومكاتب إبراهيم حليم باشا، ولطيف باشا، وراتب باشا، والشيخ الإمبابي، ومكتبة خليل أغا بجوار الأزهر، ولعل هناك مكاتب خصوصية لم يصلنا خبرها.

المكاتب القبطية وغيرها

كان للأقباط مكاتب شهيرة في الأديار المنتشرة في أنحاء القطر، أكثر كتبها في الطقوس الدينية أو الصلوات أو تواريخ الكنيسة في اللغات القبطية والسريانية واليونانية، ثم أضيف إليها كتب عربية بعد أن تعرَّب القبط، وعقب ذلك استغرق الشرق في سبات الأجيال المظلمة فأُهمِلت الأديار، فلما نهض الإفرنج في فجر التمدن الحديث، كان من جملة مساعيهم البحث عن آثار الشرق وآدابه، فبعثوا البعوث إلى الأديار، وهي مستودع الحكمة والعلم إلى ذلك العهد، فأخذوا ما وصلت إليه أيديهم من التحف المخطوطة باللغات الشرقية كما فعل السمعاني في سوريا.

وكذلك فعل آخرون بمصر ممن جاءوا للبحث عن الكتب، ولا سيما البعثات الدينية الكاثوليكية التي جاءت مصر لتوحيد الكنيسة، فنقلوا منها كتبًا حُفِظت في متحف بورجيا بالفاتيكان، وهكذا فعل المبشرون الإنكليز في أوائل القرن الماضي، وأكثر ما أخذوه كتب قبطية وسريانية، وفعل غيرهم مثل فعلهم، على أنهم لم يبددوا ما أخذوه، بل حفظوه في متاحفهم ووضعوا له الفهارس، وقد أحسنوا بأخذه بدلًا من ضياعه، ولم ينتبه الأقباط لهذه الخسائر إلا بعد أن صارت أهم كتبهم في مكاتب أوربا، فأخذوا في جمع ما بقي، فاجتمع عندهم إلى الآن نحو ٢٠٠٠ مجلد محفوظة في دار البطريركية بالقاهرة، فيها مخطوطات كثيرة أكثرها ديني في اللغة القبطية والعربية، وفيها عدة كتب تاريخية في أخبار الكنيسة والآباء البطاركة وغيرهم، بينها الجزء الأول من خطط المقريزي، عليه ختم الجبرتي المؤرخ لأنه دخل في ملكه، وهناك معاجم في اللغات القبطية والحبشية واليونانية، ولا يزال في الأديار القبطية — ولا سيما دير المحرق — كتب ثمينة أغلبها ديني.

ويقال نحو ذلك في مثل هذه المكتبة للقبط الكاثوليك، فإن فيها كثيرًا من الكتب الدينية في اللاتينية واليونانية والقبطية بين مخطوط ومطبوع، وبينها نسخة من طبعة التوراة المعروفة بالبوليغلوط في عدة لغات أوشك ورقها أن يتهرأ لطول عهدها.

مكتبة دير طور سينا

ومن مكاتب الأديار في جوار مصر مكتبة دير طور سينا، وهي قديمة العهد، لكن كتبها دينية نصرانية في اللغات اليونانية والسريانية والحبشية والعربية والأرمنية والعبرانية، عدد مجلداتها نحو ٣٥٠٠ مجلد، بينها نحو ٧٠٠ في اللغة العربية، أكثرها مخطوطات قديمة على الرقوق ونحوها، فيها قطع من الإنجيل بالسريانية مكتوبة في أوائل النصرانية، وليس بين المخطوطات العربية فيها ما يستحق الذكر، لكن السيدة لويس الإنكليزية اكتشفت بالأمس نصوصًا قرآنية مكتوبة على رقوق قديمة، كُتِب فوقها بالسريانية بعد محو العربي من تحتها، على عادتهم في ذلك يومئذٍ، وهي تظن تلك النصوص كُتِبت قبل جمع الخليفة عثمان للقرآن، ولا نظنها تستطيع إثبات ذلك.

(٣-٣) المكاتب في سوريا

كانت سوريا حافلة بخزائن الكتب قبل الإسلام وبعده، وكانت مدائنها في زمن الروم لا تخلو من المدارس وفيها المكاتب، ولا سيما في أنطاكية ودمشق وحلب، وغيرها من مدن العلم أو مركز البطريركية، ولما أقبلت الأجيال الوسطى كانت الأديار مقر المكاتب والمدارس، وأكثر ما فيها من الكتب ديني في اللغات اليونانية والسريانية والعبرانية في اللاهوت والفلسفة والتاريخ والأدب.

ولما ظهر الإسلام وأثمر التمدن الإسلامي، تكاثرت المكاتب العربية في قصور الملوك والسلاطين والأمراء والوزراء ورجال الدولة، كما تقدم في الكلام عن مصر، ثم أصاب سوريا ما أصاب مصر من الجهل والإهمال، فلم يبقَ من تلك التحف ما يستحق الذكر إلا نُتَفًا مبعثرة في الأديار أو المساجد أو المدارس أو غيرها، واهتم رجال الفضل في أمرها بعض الاهتمام على أثر هذه النهضة، وهاك ما وصلنا من أخبارها حسب المدائن، فنتكلم عن مكاتب دمشق، فحلب، فبيروت، فالقدس، فحمص وغيرها.

مكاتب دمشق وضواحيها (مكاتب دمشق قبل هذه النهضة)

كانت دمشق في إبان التمدن الإسلامي كثيرة المدارس والمساجد، ولا تخلو مدرسة أو مسجد من خزانة كتب للدرس أو المطالعة، وقد اشتهرت دمشق بذلك، ثم سطت عليها الأجيال المظلمة، فلم تُبْقِ إلا على القليل منها، ولم يتصل بنا منها لهذا العهد إلا مكتبة الجامع الأموي، وكان بعضها مودعًا عند ضريح النبي يحيى، وفي قبة المال في صحن الجامع، فلما أصيب الجامع بالحريق سنة ١٨٩٣، تلفت تلك البقايا ولم يسلم منها إلا ما كان في قبة المال التي يشاهدها الزائر في صحن الجامع، وهي مقفلة موصدة، والناس يظنون فيها صكوكًا أو أوراقًا رسمية تتعلق بالجامع لا يؤذن بفتحها إلا لبعض الخاصة، ويقال إن روجرس الرحالة الإنكليزي أُذِن له في رؤيتها في أواسط القرن الماضي، ويُظن أنه نقل منها بعض الكتب، وآخِر مَن أُتِيح له الاطلاع عليها مليًّا البارون فون سودن أستاذ اللاهوت في كلية برلين، وكان مشتغلًا بالبحث عن نسخة قديمة من الأناجيل في اللغة اليونانية لم تصل إليها يد التلاعب، فمر بدمشق في أواخر القرن الماضي، وخُيِّل له أنه يظفر بضالته بين ما في تلك القبة من بقايا دولة الروم يوم كان ذلك الجامع كنيسة، فاستحث دولته على الاستئذان له في الاطلاع على تلك المخبآت، فلم يُوفَّق إلى ذلك إلا في ختام ذلك القرن؛ إذ أذنت له الدولة العثمانية أن يفتح تلك القبة بحضور ناظم باشا والي سوريا يومئذٍ مع جماعة من الأعيان، فأوفد البارون فون سودن مستشرقًا ينوب عنه، فأسفر التنقيب عن رقوق كثيرة أكثرها ديني، بينها قطع من التوراة السريانية حرفها إسطرنجيلي، ورقوق في اللغات اليونانية واللاتينية والعبرانية والآرامية والسامرية، أقدمها كتب في القرن الخامس للميلاد، ورقوق عربية أكثرها بالحرف الكوفي، ويقدِّرون ما في تلك القبة ببضعة آلاف كتاب مبعثرة، ثم أُقفِلت القبة ولم يتم درسها، والناس مختلفون فيما وقفوا عليه فيها.

وقِسْ على ذلك ما كان في سائر المساجد أو المدارس أو الكنائس، أو لبعض الخاصة من رجال العلم أو الوجاهة أو السلطة، من خزائن الكتب ما عبثت به يد الحدثان في أثناء القرون الأخيرة قبل هذه النهضة، فدخل القرن الماضي وليس في دمشق إلا مكاتب قليلة سلمت من الضياع، فاهتم بعض العقلاء من رجال الحكومة في أواسط القرن المذكور بأمر هذه المكاتب، لجمع ما كان باقيًا منها في المساجد إلى مكتبة واحدة لتُحفَظ ويستفيد منها الناس، ولم يتيسر جمعها كلها إلا في ولاية مدحت باشا أبي الإصلاح سنة ١٨٧٨، ولم يكن باقيًا منها يومئذٍ إلا عشر مكاتب، هذه أسماؤها:
  • (١)

    المكتبة العمرية نسبة إلى الشيخ عمر المقدسي المتوفى سنة ٦٠٧ﻫ.

  • (٢)

    مكتبة عبد الله باشا العظم وُقِفت سنة ١٢١١ﻫ.

  • (٣)

    مكتبة سليمان باشا العظم وُقِفت سنة ١١٩٦ﻫ.

  • (٤)

    مكتبة ملا عثمان الكردي.

  • (٥)

    مكتبة الخياطين وقفها الحاج أسعد باشا بعد سنة ١١٦٥ﻫ.

  • (٦)

    مكتبة المرادية نسبة إلى الشيخ مراد النقشبندي المتوفى سنة ١١٣٢ﻫ، جد صاحب سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر.

  • (٧)

    مكتبة الشميساطية وهي حديثة العهد.

  • (٨)

    مكتبة الياغوشية.

  • (٩)

    مكتبة الأوقاف وقد جمعت من مكاتب متفرقة.

  • (١٠)

    مكتبة بيت الخطابة، كانت في هذا المكان من الجامع الأموي.

المكتبة الظاهرية فيها ٣٥٦٦ مجلدًا

قد تقدم أن مدحت باشا لما جاء إلى سوريا سنة ١٨٧٨ ألَّف جمعية من علماء دمشق سماها الجمعية الخيرية لإنشاء المدارس وترقية المعارف، وكلَّفها في جملة ذلك بالبحث عن المكاتب المهملة، وجمع ما تيسَّر جمعه منها في مكان واحد عيَّنه لها قرب التربة العادلية، في مكان يُعرَف بالظاهرية نسبة إلى ضريح الملك الظاهر، وخصصوا لها قاعة كبيرة شاهدناها في رحلتنا إلى دمشق في العام الماضي، وهي مبنية بالرخام والفسيفساء، بُنِيت سنة ٦٧٦ﻫ، فجمعوا هناك ما كان في المكاتب العشر المذكورة، فتألَّف من مجموعها المكتبة الظاهرية، ووضعوا لها فهرسًا مختصرًا لا يشفي غليل الباحث، فألَّف حبيب الزيات كتاب «خزائن الكتب في دمشق وضواحيها»، وفَّى فيه درسها، طُبِع بمصر منذ بضع عشرة سنة، وقد عولنا عليه في هذا البحث.

وفي المكتبة الظاهرية ٣٥٦٦ مجلدًا بين مطبوع ومخطوط، أكثرها في الفقه والحديث وسائر العلوم الإسلامية، وفيها ٣٦٠ كتابًا في العلوم اللغوية، و٣٢٠ في التاريخ والجغرافية، و٣٥٠ في الأدب، وأهم ما فيها من نوادر الكتب المخطوطة ما يأتي:
  • (أ)

    تاريخ دمشق لابن عساكر، منه نسختان إحداهما كاملة، والثانية ينقصها الجزء الأول.

  • (ب)

    الضوء اللامع في تراجم أهل القرن التاسع للسخاوي، عليه إجازة بخط المؤلف.

  • (جـ)

    الكواكب السائرة في مناقب أعيان المئة العاشرة لنجم الدين الغزي.

  • (د)

    الجزء العاشر من ذيل تاريخ بغداد.

  • (هـ)

    طبقات الفقهاء الحنابلة لابن الفراء.

  • (و)

    شرح مقامات الحريري للمطرزي.

  • (ز)

    سفر السعادة للسخاوي، وغير ذلك من كتب الأدب والشعر.

المكاتب المسيحية في دمشق

وفي دمشق أديار وكنائس ومدارس لغير المسلمين لا تخلو من خزائن كتب، لكنها ليست مما يهم الجمهور؛ لأن حوادث سنة ١٨٦٠ ذهبت بأكثرها، وفي كنيسة الكلدان مكتبة للمطران يوسف داود السرياني، قال صاحب «كتاب خزائن الكتب في دمشق وضواحيها» إنه قلَّب أكثر أسفارها فوجد أكثر المحفوظ منها من المؤلفات المطبوعة في اللغات المختلفة، بعضها مهم في بابه، وإنها كانت في حياة صاحبها أوفر عددًا؛ لأنه أهدى منها في أواخر أيامه جانبًا هامًّا إلى مدرسة نشر الإيمان في رومية، ودير الشرفة في لبنان، ولبعض أصدقائه.

مكاتب ضواحي دمشق

أهم تلك الضواحي من حيث خزائن الكتب صيدنايا ومعلولا ويبرود، ففي صيدنايا دير قديم العهد توالت عليه نوائب كثيرة، وكان فيه خزانة كتب تُعرَف بخزانة دير الشاغورة نسبة إلى دير هناك بناه يوستنيان في القرن السادس للميلاد، هو الآن للروم الأرثوذكس، وقد وصف صاحب كتاب خزائن الكتب رحلته إلى ذلك الدير، وما لاقاه من موجبات الأسف لضياع الكتب بالحريق والانتهاب والإهمال، وذكر ما بقي منها، وكلها كتب دينية.

وهكذا يقال في معلولا؛ فقد كان في مكتبتها كثير من المخطوطات النفيسة في العربية والسريانية، لم يبقَ منها إلا القليل، أكثرها ديني وبعضها قديم جدًّا. وكذلك يبرود كان فيها مكتبة للمطران غريغوريوس عطا، لكن ما بقي فيها من الكتب لا يُعتدُّ به، وأكثره أو كله ديني، أهمها مجموعة مؤلفات المطران غريغوريوس المذكور، وفيها كثير من أخبار طائفة الروم الكاثوليك وتاريخها، وتراجم رجالها وسائر أحوالها.

مكاتب حلب

مكاتبها قبل هذه النهضة

حلب من أرسخ مدن سوريا في الحضارة والعمران، وقد رأيت أنها سبقتها كلها إلى الطباعة العربية، ونبغ منها العلماء والأدباء قبيل هذه النهضة، وناهيك بما كان من زهوها ورقيها في إبان التمدن الإسلامي في زمن سيف الدولة وغيره، ولا ريب أن خزائن الكتب كانت يومئذٍ كثيرة فيها مما أنشأه السلاطين، أو احتفظت به البيوتات العلمية وتوارثته أجيالًا وهي تجمع فيه التحف، فإن علماء حلب وأدباءها لم يكن يخلو أحدهم من مكتبة نفيسة تتوارثها أعقابه بضعة أجيال إلى أن تتصل بمن يعرف قيمة العلم، أو تحدث حرب فتضيع.

على أن أكثر خزائن الكتب ضاعت بتوالي الغزو في أيام التتر، أشهرها مكتبة الجامع الأموي بحلب، ذكروا أنه كان فيها نحو ٥٠٠٠ مجلد من المخطوطات، سلب منها أحد المتغلبين من الأتراك ملء جولق، وجاء تيمورلنك فأجهز عليها، ولم يبقَ لها أثر، ثم جدَّدها محمود السياف أحد بني السياف سنة ١٣٠٠ﻫ، فجمع فيها كتبًا نفيسة أكثرها مطبوع.

وقد نقل إلينا الشيخ كامل الغزي الحلبي، عن كتاب له مخطوط في تاريخ حلب سماه «نهر الذهب في تاريخ حلب» عولنا عليه في كثير مما ذكرناه عن المكاتب الإسلامية في حلب – قال: «إنه كان في شرقي هذا الجامع أداة ضخمة تسمى «شجرة الإفادة»، مصنوعة من حجر ونحاس وحديد، ذات خطوط وجداول في أصول العلوم الرياضية، تشبه شجرة ذات جذع وأغصان وأوراق، في كل ورقة منها أصل علم من تلك العلوم، صنعها خليل بن أحمد الشيخ غرس الدين الحلبي المتوفى سنة ٩٧١ﻫ، وكان الطلبة يقدمون إليها من البلاد القاصية للاشتغال بالعلوم الرياضية كالحساب والفلك وغيره».

ومن خزائن الكتب التي بادت مكتبة بني الشحنة، ومكتبة بني العديم، ومكتبة بني الخشاب من مكاتب بيوتات العلم، وناهيك بمكاتب المدارس الكبرى السلطانية، والعصرونية، والحلوية، والشرفية، والرواحية، وغيرها، ذهبت تلك المدارس ومكاتبها على يد تيمورلنك، وبيعت كتبها بأبخس الأثمان، غير ما التقطه طلاب الكتب المخطوطة من الإفرنج وغيرهم قبل أن ينتبه الحلبيون إلى قيمتها. أما المكاتب الباقية في حلب إلى الآن فتُقسَّم إلى قسمين:
  • (١)

    المكاتب الإسلامية.

  • (٢)

    المكاتب النصرانية.

المكاتب الإسلامية في حلب

  • (١)
    مكتبة المدرسة الأحمدية فيها ٣٠٠٠ مجلد: جاء ذكرها في هذا الكتاب غير مرة، وذكرها فلوغل في ذيل طبعة كشف الظنون الأوربية، وكان فيها ٢٦٩ كتابًا، أما الآن فقد أصبحت كتبها ٣٠٠٠ مجلد في اللغة والتاريخ والأدب والفقه والطب والرياضيات، ومن الكتب النادرة فيها:
    • (أ)

      التفسير المهمل للفيض الهندي.

    • (ب)

      بدائع الزهور في مجلد ضخم.

    • (جـ)

      در الحبب في تاريخ حلب.

    • (د)

      تاريخ ابن كثير في ثلاثة مجلدات.

    • (هـ)

      تاريخ الذهبي في ٧ مجلدات.

    • (و)

      مرآة الزمان منه مجلد واحد.

    • (ز)

      مختصر تاريخ الذهبي المسمى بالعيار.

    • (ح)

      مثير الغرام لزيارة القدس والشام.

    وهي عمومية تفتح أبوابها يومين في الأسبوع (الإثنين والخميس) لمن يريد المطالعة.

  • (٢)
    مكتبة المدرسة الرضائية فيها ١٥٠٠ مجلد: ومنها المكتبة الرضائية، وتعرف بالعثمانية، فيها ١٥٠٠ مجلد في فنون شتى، أندر ما فيها كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للحلبي السمين، والمقدمة السنية للصفدي، والدر الثمين في أسماء البنات والبنين، والحدائق الإنسية في كشف الحقائق الأندلسية، والدخول فيها مباح يوم الخميس من كل أسبوع.
  • (٣)
    مكاتب أخرى: ومكتبة ابن الهبراوي، ومكتبة التكية المولوية، ومكتبة بني بيازيد، ومكتبة بني الجابري جمعها وحفظها الحاج عبد القادر الجابري مفتي حلب الأسبق، ومكتبة آل المدرس جمعها الحاج حسين بن المدرس وغيرها.

المكاتب المسيحية في حلب

  • (١)
    المكتبة المارونية: أنشأها المطران جرمانوس فرحات لما تولى تلك الأبرشية سنة ١٧٢٥، فجمع فيها ما كان مبعثرًا من الكتب التي كان سلفاؤه الأساقفة قد اقتنوها، وأكثرها ديني طقسي، وأضاف إليها مقدارًا من كتبه الخاصة، واهتم بزيادتها، وخلفه المطران جبرائيل حوشب، فاقتدى به وعمل مثل عمله، وأضاف إليها كثيرًا من المخطوطات ونفائس المطبوعات، واقتدى بهما من خلفهما على ذلك الكرسي حتى صارت إلى ما هي عليه الآن، وعدد ما فيها من الكتب الخطية ٧٣٥ كتابًا غير المطبوعات، وأكثرها دينية طقسية في السريانية والعربية، لكن فيها طائفة من كتب التاريخ واللغة والأدب، أهمها:
    • (أ)

      دمية القصر للباخرزي.

    • (ب)

      مباهج الفكر لجمال الدين الوطواط.

    • (جـ)

      دمن القصر لابن طالو.

    • (د)

      المفصل للزمخشري.

    • (هـ)

      ديوان بهاء الدين المهلبي، وغيرها.

  • (٢)
    المكتبة الملكية للروم الكاثوليك: هي قديمة لكنها أصيبت بحريق سنة ١٨٥٠ ذهب بها كلها تقريبًا، ثم أعيد إنشاؤها، وأضيفت إليها كتبٌ للمطران غريغوريوس شاهيات الحلبي كان قد وقفها للخير، وكتبُ القس بولس المنير، والخوري يوسف جبجي وغيرهم، وعني بتنظيمها على حالتها الحاضرة المطران بولس حاتم سنة ١٨٦٣، وأضاف إليها كثيرًا من الكتب المطبوعة باللغات المختلفة، فيها ٢١٢ كتابًا مخطوطًا، منها ٦٣ في التاريخ والسِّيَر.
  • (٣)
    المكتبة السريانية: هي لطائفة السريان الكاثوليك، كانت من أَجَلِّ المكاتب فأصابها الحريق سنة ١٨٥٠، فذهب بكثير من مخطوطاتها السريانية والعربية واللاتينية واليونانية، ثم أعيدت بعناية الخوري جبرائيل رباط وغيره، وأضاف إليها جرجس شلحت المتوفى سنة ١٨٩١ عددًا كبيرًا من الكتب المطبوعة باللغات المختلفة، وفيها الآن ٢٧٠ كتابًا مخطوطًا، منها ٣٤ في التاريخ والرحلة غير المطبوعات، وأكثرها ديني طائفي، ومن مخطوطاتها
    • (أ)

      كتاب خواص الحيوان لابن أبي حوافر الطبيب،

    • (ب)
      كتاب الدر المنتخب لابن الشحنة وغيرها.٢
  • (٤)
    مكتبة بني الدلال: نبغ من آل الدلال غير واحد من الأدباء، وهذه المكتبة لجبرائيل دلال، كان فيها ٥٠٠ مجلد بينها تحفة نادرة هي مصحف لا يزيد حجمه على نصف الكف، كُتِب بقلم دقيق، وخط جميل بالحركات والنقط، محاط بحاشية دقيقة من الذهب تدهش الناظر، وقد فُقِد هذا المصحف بعد وفاة صاحب المكتبة، ولا ندري أين هو الآن.

مكاتب بيروت

بيروت قليلة المكاتب العربية العمومية المشتملة على المخطوطات القديمة رغم سبقها في أكثر أسباب هذه المدنية من حيث المدارس والصحافة والطباعة والأدب والشعر وغيرها، وهي الآن ليس فيها مكتبة عمومية بالمعنى المراد هنا، لكن كلياتها لا تخلو من المكاتب النفيسة، أهمها المكتبة الشرقية للآباء اليسوعيين، ومكتبة المدرسة الكلية الأميركية.
  • (١)
    المكتبة الشرقية للآباء اليسوعيين فيها نحو ٤٠٠٠٠ مجلد: هي مكتبة نفيسة، وتعد من المكاتب الكبرى في الشرق العربي، تحتوي على نحو ٤٠٠٠٠ مجلد في الآداب الدينية والعلمية، ونخبة من الكتب الشرقية ولا سيما العربية، فيها ٣٠٠٠ مخطوط بينها كتب نادرة جاء ذكر بعضها في أثناء هذا الكتاب، غير المطبوعات الشرقية التي ظهرت في أوربا عن الشرق والإسلام والعرب، وقد أصدر الأب لويس شيخو منشئ مجلة المشرق كراسًا بالفرنسية في وصف مخطوطاتها التاريخية المسيحية والإسلامية في العربية والفارسية والتركية والسريانية، بينها من التواريخ النصرانية بضعة وستون كتابًا، ومن التواريخ الإسلامية نحو ثمانين مخطوطًا فيها طائفة من أحسن الكتب، هاك أهمها:
    • (أ)

      أخبار الدول للكرماني.

    • (ب)

      الاستيعاب للنمري.

    • (جـ)

      الأعلاق الخطيرة في تاريخ الجزيرة لابن شداد.

    • (د)

      الخلاصة الوافية في تاريخ بطاركة إنطاكية.

    • (هـ)

      تاريخ إبراهيم الصباغ.

    • (و)

      الدر الموصوف في تاريخ الشوف للأب منير.

    • (ز)

      تاريخ سليمان باشا لإبراهيم العورا.

    • (ح)

      قصة أحمد باشا الجزار لنقولا الترك.

    • (ط)

      روضة الناظرين لابن الشحنة.

    • (ي)

      العيلم الزاخر في أحوال الأوائل والأواخر للجنابي.

    • (ك)

      تاريخ أئمة صنعاء.

  • (٢)
    مكتبة الكلية الأميركية فيها نحو ١٧٠٠٠ مجلد: نشأت هذه المكتبة منذ إنشاء المدرسة المذكورة بما اجتمع إليها من الكتب المبتاعة أو المهداة من أهل الفضل، أو ما تخلف عن أصاحبه من المرسلين لسفر أو وفاة، وعدد مجلداتها الآن نحو ١٧٠٠٠ مجلد، أكثرها في اللغة الإنكليزية وغيرها من اللغات الأوربية في العلوم الحديثة، بينها ١٦٠٠ مجلد في العربية، وفيها نحو ٥٠٠ مجلد تبحث في سوريا وفلسطين فقط، وفي المكتبة غرفة خاصة للمطالعة فيها القواميس ودوائر المعارف وسائر كتب المراجعة بالإنكليزية والعربية، غير المجلات والجرائد الهامة في أهم اللغات الحية.

    وقِسْ على ذلك مكاتب الكليات الأخرى في بيروت كالمدرسة البطريركية، ومدرسة الحكمة، ومدرسة الثلاثة الأقمار وغيرها، وقد تقدم ذكرها في باب المدارس.

مكاتب القدس

في القدس كثير من المكاتب الطائفية بالأديار وغيرها، لا يخلو دير من مكتبة خاصة به، فيها من الكتب الدينية ما يتعلق به أو بتعاليمه، وهناك مكاتب للأرثوذكس واللاتين والأرمن واليهود وغيرهم، منها:
  • (١)
    مكتبة دير الروم: فيها ٢٧٣٣ مجلدًا باليونانية وغيرها، بينها مخطوطات يونانية مؤرخة من القرن العاشر للميلاد.
  • (٢)
    مكتبة اليهود المركزية: فيها ٢٠٠٠٠ مجلد.
  • (٣)
    مكتبة اللاتين.
  • (٤)
    مكتبة المدرسة الأميركية: وهذه دخولها مباح لمن يشاء.
  • (٥)
    المكتبة الخالدية فيها نحو ٤٠٠٠ مجلد: أما المكاتب العربية العامة فليس منها في القدس الآن إلا المكتبة الخالدية، وقد شاهدناها في رحلتنا إلى هناك في العام الماضي، أسسها راغب الخالدي وهي لا تزال في أول نشأتها، وكانت في أصل وضعها كتبًا لبيت الخالدي، ثم أضيفت إليها كتب ضيا باشا الخالدي، وفي العام الماضي أضيفت إليها كتب روحي بك الخالدي، ومنها طائفة حسنة من الكتب العربية والإفرنجية، وفي المكتبة نحو ٤٠٠٠ مجلد في مواضيع مختلفة، وهي مفتوحة الأبواب لفائدة الجمهور، وبلغنا أن في القدس مكتبة أخرى اسمها الحنبلية.

مكاتب حمص

حمص عريقة بآداب العرب، وقد نبغ فيها غير واحد من الأدباء والشعراء، وأصابها ما أصاب غيرها من الإحن حتى تضعضعت كتبها وخربت مكاتبها، ثم نهض الحمصيون في هذا العصر إلى استرجاع ما فات، فأخذوا في الاحتفاظ بما بقي من الكتب القديمة، والإضافة إليه من المؤلفات العصرية، ويؤخذ من مقالة في هذا الموضوع نُشِرت في جريدة حمص (١١ أبريل سنة ١٩١٤) أن في حمص الآن ٩ مكاتب عمومية تحتوي على نحو ٥٠٠٠ مجلد، وبضع عشرة مكتبة خصوصية فيها نحو ٨٠٠٠ مجلد.

ويراد بالمكاتب العمومية ما أنشئ لخدمة الجمهور بالمطالعة أو النسخ، وهذه في حمص أكثرها للكنائس أو المدارس أو غيرها من الجماعات النصرانية، أقدمها مكتبة الأربعين شهيدًا، كان فيها طائفة حسنة من المخطوطات تضعضعت، واستؤنفت الهمة لإحيائها، وأكثرها ديني طائفي، وهكذا يقال في «مكتبة المطرانية الأرثوذكسية» فيها نحو ٦٠٠ مجلد في اللغات العربية واليونانية والروسية، وبعض المخطوطات، ومكتبة الآباء اليسوعيين فيها نحو ٢٠٠٠ مجلد من نفائس الأسفار الدينية والعلمية، وليس في مكتبة من المكاتب العمومية الباقية ما يتجاوز عدد كتبها ٥٠٠ مجلد.

أما المكاتب الخصوصية فأكثرها للبيوتات القديمة في حمص، كالمكتبة الأتاسية لآل الأتاسي، فيها نحو ألف مجلد في اللغة والدين والتاريخ والأدب، والمكتبة الجمالية للشيخ جمال الدين الجمالي الفقيه، فيها نحو ١٥٠٠ مجلد من الكتب النفيسة، والمكتبة الدمعوية فيها ٧٥٤ مجلدًا بينها بعض المخطوطات، والمكتبة السباعية فيها ٥٠٠ مجلد، وليس بين ما بقي من المكاتب ما يربو عدد كتبه على بضع مئات، لكن المكتبة العبودية منها فيها ٤٠٠ مجلد أكثرها في التاريخ، والمكتبة الجندية فيها مخطوطات قديمة.

مكاتب سائر سوريا

لا نعرف خزائن للكتب العمومية في ما بقي من مدائن سوريا تستحق الذكر، وربما كان في الخزائن الخصوصية كتب هامة لم يبلغ إلينا خبرها.

مكاتب لبنان

لكن في لبنان خزائن للكتب في المدارس الطائفية الكبرى، وفي الأديار الشهيرة لكل الطوائف، مثل: مكتبة دير البلمند للروم الأرثوذكس، ومكتبة دير المخلص للكاثوليك، ومثلها المكاتب المارونية، وغيرها في عين ورقة ومار عبدا وقزحيا وقرنة شهوان، والشوبر ومار شعيا وسوق الغرب، وعين تزار وعين طورا وغزير وغيرها، على أن هذه المكاتب ونحوها مما كان في الأديار قد حُمِل معظم كتبها وأهمها إلى رومية على يد السمعاني صاحب المكتبة الشرقية، وبينها كتب هامة في العربية والسريانية واليونانية وغيرها.

غرف القراءة في سوريا

على أن المتيقظين من أبناء سوريا نهضوا في العهد الأخير يطلبون إنشاء المكاتب العمومية في المدن بتحريض الحكومة على إحياء المكاتب القديمة التي كانت في المساجد أو غيرها، أو إنشاء أمثال هذه المكاتب بمساعدة أهل البر للخدمة العامة.

ومن هذا القبيل اهتمام الناشئة السورية في إنشاء غرف للقراءة تفتح أبوابها لمن يشاء المطالعة في الكتب والجرائد أو المجلات، أهمها «غرفة القراءة» في بيروت، قام بأمرها لجنة من أدباء بيروت أكثرهم من أساتذة الكلية ومتخرجيها، جمعوا إليها خيرة الكتب التي ترقي العقول وتنير الأذهان، ونخبة الجرائد والمجلات العربية وغيرها، فأصبحت مجتمعًا لطبقة من محبي المطالعة من كل الطوائف.

وقد انتشرت هذه الروح في لبنان، فأنشئت غرف للقراءة في كثير من قراه، وقد ترى القرية لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف، وقد أنشئوا غرفة للقراءة عيَّنوا لها لجنة تدير شئونها، تستجلب لها الكتب والمجلات، وتجعلها ناديًا للمطالعة أو إلقاء الخطب ونحو ذلك، والغالب أن يكون الساعون في هذا السبيل من متخرجي المدرسة الكلية الأميركية.

(٣-٤) مكاتب العراق

لا يخفى ما كان للعراق من القِدْح المُعَلَّى في العلم والأدب، وهي أسبق سائر البلاد الإسلامية إلى إنشاء المكاتب من صدر الدولة العباسية في بغداد والبصرة وغيرهما من مدائن العراق، مما جاء ذكره في تضاعيف هذا الكتاب، على أنها أصيبت بما أصيب به سواها من العالم العربي في أثناء الأجيال المظلمة على أثر فتوح التتر وتخريبهم، وما يتبع ذلك من إحراق الكتب أو إغراقها، غير ما كان يذهب منها في المنازعات المذهبية بين الفرق الإسلامية، فأقبل القرن التاسع عشر والعراق في ظلمة، وقد ظنها الناس خالية من المكاتب.

على أننا كنا نتوسم فيها خلاف ما يظنون؛ لأن تلك المدنية الضخمة مهما بلغ من انحلالها لا بد من آثار تدل عليها، ولا سبيل لنا إلى تفقُّد تلك الآثار بنفسنا لبعد الشقة، فكتبنا إلى رصيفنا الأب إنستاس الكرملي صاحب مجلة لغة العرب أن يوازرنا بخلاصة أحوال مكاتب العراق، فأدهشنا ما ذكره في جوابه من التحف النادرة المخبوءة في مكاتب العراق، في جملتها كتب نفيسة يعتقد المستشرقون وغيرهم من أهل البحث عن الآداب العربية أنها ضاعت ولا وجود لها، وهي موجودة في بعض مكاتب العراق الخصوصية تحت الأقفال، لا يأذن أصحابها لأحد في الاطلاع عليها أو نسخها، وقد ينكرون وجودها.

من تلك التحف «كتاب العين» للخليل بن أحمد، فالمشهور أنه غير موجود كاملًا، لكن في العراق منه أربع نسخ كاملة: واحدة في الكاظمية، وواحدة في كربلاء، والثالثة في النجف، وواحدة في إدارة مجلة لغة العرب، أخذ الأب الكرملي بنشرها خدمة لآداب اللغة، وقد أخبرنا أنه احتاج إلى مقابلتها بنسخة من النسخ الأخرى عند أصحابها، فلم يؤذن له في ذلك.

وكذلك كتاب «الموعب» للتياني، وقد ذكرنا في غير هذا المكان أنه فُقِد، ولكن منه نسخة كاملة عند الأب المذكور، وقد عزم على نشرها، ويذكر القراء «معجم الأدباء» الذي أخذ الأستاذ مرجليوث في نشره، فقد قلنا عند تقريظه أنه لم يعثر إلا على أربعة مجلدات منه، وأنه قطع الأمل من وجود باقيه، لكن الأب الكرملي يقول إن منه نسخة كاملة عند رجل شيعي في بغداد، وأنه بذل ما في وسعه ليأذن له في استنساخ ما لم يُطبَع منها ليبعث به إلى الأستاذ المذكور فأبى، ولا سيما بعد أن علم بشدة الحاجة إليه.

فاعتبرنا البحث في مكاتب العراق على يد زميلنا المشار إليه فتحًا جليلًا في آداب اللغة العربية، ولذلك فنحن ننشر ما كتب به إلينا عن تلك المكاتب مرتبة حسب البلاد، قال:

في الكاظمية

مكتبة السيد حسن صدر الدين: وقد حوت من نفائس المخطوطات اللغوية والتاريخية والشعرية ما لا مثيل له، وربما وجد عنده أربعة أو خمسة كتب هي اليتيمة في البلاد كلها، مثل: مجموعة في الحكم، وكتاب الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والخلفاء والملوك لأحمد بن الحسن الحر العاملي، وغيرهما.

في كربلاء

  • (١)
    مكتبة الشيخ عبد الحسين الطهراني: فيها مؤلفات نادرة الوجود وكلها خَطِّيَّة، وأغلبها بخطوط مصنفيها، وفيها كتاب العين للخليل، والمحيط للصاحب ابن عباد، وتحرير المجسطي بخط خوجة نصير الدين الطوسي، والتحفة الشاهية، وقد قرئت على مصنفها، والتفهيم للبيروني مخطوط في القرن السادس للهجرة، وليس فيها من الكتب المطبوعة إلا النزر القليل.
  • (٢)
    مكتبة السيد عبد الحسين الكليدار (قيم أو خازن الروضة الحسينية): أغلبها مطبوعة، وفيها أيضًا كتب خط نفيسة، ولا سيما في التاريخ، ومنها ما لا يُرَى عند غيره.
  • (٣)

    عند الشيخ علي بن الشيخ زين العابدين مكتبة جليلة فيها مصنفات قديمة الخط، تمتاز بمصنفات للشيعة الإمامية، وهناك مكاتب خصوصية صغيرة لكنها جليلة المحتوى.

في النجف

  • (١)
    مكتبة الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا الجعفري كاشف الغطاء: وهي مكتبة قديمة حوت أمهات الكتب ويتيمات المصنفات في نفائس العلوم والفنون، وأكثرها خط في العصور الخالية، ومن محتوياتها كتاب مقاييس اللغة الذي يُطبَع اليوم في مصر، والطراز للسيد علي خان في اللغة، والمجمل لابن فارس وغيرها، وهي أكبر مكتبة في النجف.
  • (٢)

    عند الشيخ هادي بن الشيخ عباس الجعفري من آل كاشف الغطاء خزانةٌ دون الأولى كبرًا وسعة وعددًا، لكن فيها من النفائس والأعلاق ما لا شبيه له في العراق.

  • (٣)
    مكتبة السيد محمد بحر العلوم الطباطبائي: فيها كتب نفيسة الخط بينها جملة من الكتب القديمة، منها ديوان الشريف الرضي، كُتِب في عهد مؤلفه، وفيه من الأشعار أكثر مما في النسخة المطبوعة.
  • (٤)

    كان في النجف خزانة تسمى مكتبة الشيخ ميرزا حسين النوري، وكان فيها من جلائل المصنفات في العلوم والفنون شيء كثير، وكلها خطية نادرة، إلا أنها كانت عزيزة المنال كأكثر كتب النجف، ثم تفرقت في النجف بعد موت صاحبها منذ نحو ١٠ سنين، وكان له ثلاث مكتبات: هذه التي كانت في النجف، والثانية كانت في طهران، والثالثة في هندستان، والميرزا النوري صاحب تآليف شتى أكثرها طُبِع في إيران.

  • (٥)
    مكتبة آغا رضا الأصفهاني صاحب نقد فلسفة داروين: فيها من كتب الخط شيء كثير، وفيها من النوادر الجليلة ما لا يحصى.

وفي النجف عادة قديمة لا توجد في سواها من بلاد العراق: وهي أنه في كل نهار خميس وجمعة تقوم سوق تُعرَض فيها الكتب وتباع في المزايدة، فمنها ما يباع بثمن بخس وهو ثمين، ومنها ما يباع بثمن غالٍ وهو لا يساوي فلسًا، وما ذلك إلا من جهل البعض، ودراية البعض الآخر وذكائهم في مشترى المصنفات.

في الحلة

مكتبة آل القزويني: فيها من المخطوطات شيء كثير مفرقة في بيتهم في النجف والحلة.

في السماوة

  • (١)
    خزانة كتب الشيخ محمد السماوي: فيها من المخطوطات طائفة حسنة أكثرها في علم الفلك والرياضيات، ومن كتبها: المجسطي وهي منقولة عن نسخة المصنف، وشرح التذكرة للسيد الشريف صاحب كتاب التعريفات، والتحفة الشاهية، والمدخل لكوشيار وقد كُتِب نحو سنة ٨٠٠ﻫ، وشرح الجغميني لجمال الدين التركماني، وقد خُطَّ في نحو سنة ٨٠٠ﻫ أيضًا، وكتاب التفهيم للبيروني، وديوان السيد علي خان صاحب السلافة، وديوان الواواء الدمشقي، وديوان ابن الخياط وغيرها.
  • (٢)
    مكتبة الشيخ أحمد عبد الرسول: أغلب كتبها في اللغة والأصول على مذهب الشيعة.

بغداد

وهي أم المكاتب إلا أن كتب النجف أقدم خطًّا، وأندر وجودًا، وأتقن كتابة، ومواضيعها مختلفة، ومن مكاتبها العمومية:
  • (١)
    المرجانية: وقد وقف كتبها السيد نعمان الآلوسي، وفيها كتب كثيرة مختلفة منها: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، وبعض مجلدات تاريخ الخطيب البغدادي، وتاريخ الذهبي، وكتاب جامع التعريب بالطريق القريب — وهو تلخيص الترتيب والتذييل مما استعمل من اللفظ الدخيل المعروف بالمعرب للجواليقي — لجمال الدين عبد الله بن أحمد بن محمد العذري الشهير بالسيسي أو البشيشي، وهو كتاب جليل واسع في الألفاظ المعربة.
  • (٢)
    مكتبة الخالدية: واسعة كثيرة التأليف، فيها كتب نادرة جليلة الخط.
  • (٣)
    مكتبة الحيدرخانة: هي كثيرة الكتب إلا أنه يغلب عليها كتب الدين والفقه والحديث والنحو، وفيها كتاب المقامات النصرانية لابن ماري، وهي نسخة قديمة عزيزة، أهداها إليها المرحوم فتح الله عبود من نصارى بغداد منذ نحو ٢٥ سنة.
  • (٤)
    مكتبة الفضل: أغلب كتبها في الدين والتصوف والحديث والفقه ونحوها.
  • (٥)
    مكتبة الأعظمية: وأغلب مصنفاتها دينية كالتفسير، ومدرسية كالصرف والنحو.
  • (٦)
    الخاتولية: وفيها نوادر قليلة نفيسة.
  • (٧)
    الأزبكية: والبعض يقول الأسبقية، وفيها كتب جليلة لكنها قليلة العدد.
  • (٨)
    مكتبة الكهية: وأغلب ما فيها كتب الدين والأصول والتوحيد، وما شاكل.
  • (٩)
    مكتبة جامع حسين باشا: لا أظن فيها ما يحرص على مطالعته.
  • (١٠)
    المكتبة المرادية: فيها مصنفات خطية ومطبوعة ومتنوعة.
  • (١١)
    المكتبة الأحمدية: أغلب ما فيها من كتب الدين والنحو.
  • (١٢)
    مكتبة الشيخ صندل في الكرخ: فيها قليل من كتب الدين والفقه ونحوها.
  • (١٣)
    مكتبة جامع القمرية: أغلب كتبها سُرِقت، وما بقي منها مبذول لا يُؤبَه له.
  • (١٤)
    المكتبة القادرية: لا يُرَى منها إلا الكتب البخسة الثمن والموضوع.
  • (١٥)
    مكتبة الرواس: أغلب ما فيها كتب الدين كالحديث والتفسير والتوحيد.
  • (١٦)
    مكتبة الپاچه چية: فيها كتب مختلفة في مواضيع شتى، وفيها نوادر ونفائس.
  • (١٧)
    مكتبة السيد عيسى العطار أوسياه پوش: هي من أَجَلِّ المكاتب، فيها من الكتب الخطية النادرة وأمهات المصنفات ما لا ترى مثيلًا له في خزائن بغداد، لكن الوصول إلى رؤية كتاب منها كالوصول إلى مناط الثريا.
  • (١٨)
    مكتبة السيد الإمام الكبير محمود شكري الآلوسي: هي من المكاتب الجليلة المشتملة على عيون الكتب، ومَن عَرَفَ صاحبها ومنزلته من الأدب عَلِمَ حقيقة قدرها.
  • (١٩)
    خزانة ابن عمه الحاج علي الآلوسي: فيها مخطوطات عزيزة، ومؤلفات جليلة.
  • (٢٠)
    خزانة ابن عمه أحمد شاكر الآلوسي: فيها كتب كثيرة، لكن أغلبها مطبوع.
  • (٢١)
    خزانة شمس الدين الآلوسي: أغلبها مصنفات دينية.
  • (٢٢)
    مكتبة عبد الرحمن الكيلاني نقيب أشراف بغداد: هي من أَجَلِّ المكاتب، لكن لا يدخل إليها إلا الجرذ والفأر.
  • (٢٣)
    مكتبة السيد عبد الله النقيب: أغلب ما فيها كتب التصوف والدين والرمل والتنجيم والزايرجة والجفر.
  • (٢٤)
    مكتبة السيد أحمد النقيب: أغلب ما فيها كتب التصوف والدين والرمل والتنجيم والزايرجة والجفر.
  • (٢٥)
    مكتبة السيد مراد النقيب: أغلب ما فيها كتب التصوف والدين والرمل والتنجيم والزايرجة والجفر.
  • (٢٦)
    مكتبة السيد عيسى: فيها كتب حديثة النسخ إلا أنها عزيزة الشبيه.
  • (٢٧)
    مكتبة بيت الطبقچلي: فيها كتب مختلفة المواضيع، قديمة الخط وحديثته.
  • (٢٨)
    مكتبة الشيخ داود النقشبندي:أغلب كتبها في الدين والتصوف.
  • (٢٩)
    مكتبة عبد الوهاب النائب: أغلب كتبها فقه وتفسير وأصول الدين.
  • (٣٠)
    مكتبة الشيخ محمد سعيد النقشبندي: أغلب كتبها تصوف ودينيات.
  • (٣١)
    مكتبة بيت السويدي: من البيوتات القديمة في بغداد، أغلب كتبها في الأدب والتاريخ واللغة، وفيها مؤلفات جليلة قديمة.
  • (٣٢)
    بيت الشواف: كتبهم حسنة قديمة، وأغلبها في الدين والأدب.
  • (٣٣)
    بيت الشاوي: بيت قديم، وتحتوي مكتبتهم على دواوين شعر، وكتب لغة، ومصنفات في الأدب مختلفة الموضوع.
  • (٣٤)
    الحيدرية: كتبهم مختلفة الموضوع، وفيها قديم وحديث، مخطوط ومطبوع.
  • (٣٥)
    يوسف العطاء: عنده مكتبة فاخرة نفيسة فيها كتب مطبوعة ومخطوطة.
  • (٣٦)
    علي أفندي الخوجة أمين الفتوى: أغلب ما عنده في الفقه والحديث والتفسير.
  • (٣٧)
    عيسى البندنيجي: وقد توفي والكتب في يد ابنه، وفيها تراجم رجال، ووصف بلدان وتاريخ، وكلها جليلة.
  • (٣٨)
    مكتبة الآباء الكرمليين المرسلين: فيها من الكتب الجليلة شيء كثير غير مطبوع، وفيها من الأمهات القديمة ما يعد من النسخ الوحيدة العزيزة الوجود. ا.ﻫ.

(٣-٥) مكاتب مكة والمدينة

مكاتب مكة

كان في مكة كتب كثيرة ذهبت ضحية النهب والسيول المتوالية، حتى إن بعض تلك السيول كان يدخل خزائن الكتب ويتلف ما فيها، ثم اهتم بعض الولاة في القرون الأخيرة بإنشاء المكاتب العمومية، وفيها الآن مكتبتان عموميتان صغيرتان:
  • (١)
    مكتبة الشرواني: عند باب أم هاني، أسسها شرواني زاده محمد رشدي باشا والي الحجاز سابقًا.
  • (٢)
    المكتبة السليمانية: أسسها السلطان عبد المجيد، فجمع إليها شتات كتب الحرم، وكتبًا من الأستانة. ولكل من هاتين المكتبتين أمين يقوم بشئونها، وأكثر كتبها في الفقه واللغة والأدب والتاريخ، وفيها كتب فارسية وأوردية وتركية وجاوية.

مكاتب المدينة

أما المدينة فإنها حافلة بخزائن الكتب النفيسة، وقد أشرنا إلى بعضها في أثناء كلامنا عن الكتب النادرة، وأهم تلك المكاتب:
  • (١)
    مكتبة عارف حكمت بك فيها ٥٥٤٠ مجلدًا: سميت بذلك نسبة إلى الحاج عارف حكمت بك شيخ الإسلام في زمن السلطان عبد المجيد، وهو عريق في الوجاهة، وُلِد في أول القرن الثالث عشر للهجرة، وتقلب في مناصب القضاء بين القدس ومصر والمدينة، فنقابة الأشراف، فعضوية مجلس الأحكام العدلية والشورى العسكرية، فمشيخة الإسلام، ثم اعتزل المناصب سنة ١٢٧٠ﻫ، وتوفي ١٢٧٥ﻫ بالأستانة، وقد أنشأ مكتبته هذه سنة ١٢٦٠ﻫ، ونقش ذلك في سقف قاعتها، ووضع فيها ما كان قد جمعه من الكتب، وعددها نيِّف وخمسة آلاف مجلد، ووقف الرواتب لمستخدميها، ويبلغ مجموع ذلك نحو ٧٢٠٠ قرش في السنة.

    وهي واقعة قرب باب جبريل في بناء جميل نظيف، مرتبة ترتيبًا جميلًا، أرضها مفروشة بالسجاد الثمين، في فنائها بركة من الرخام يتدفق منها الماء، وبلغ عدد كتبها الآن نحو ٥٥٤٠ مجلدًا في العربية والفارسية والتركية والأوردية في مواضيع مختلفة، منها نحو ٥٥٠ كتابًا في علوم اللغة، ونحو ٩٠٠ في الشعر والأدب، و٧٠٠ في التاريخ، أكثرها مخطوط، بينها كتب نادرة استنسخت المكتبة الخديوية جانبًا كبيرًا منها، وقد أشرنا إلى ذلك في بعض الأماكن من هذا الكتاب، والمكتبة المذكورة عبارة عن بضع عشرة خزانة مشرعة الأبواب للطلبة والنساخ.

    وذكر الأمير شكيب أرسلان في مقالةٍ نُشِرت في البرهان الطرابلسية أنه شاهد في هذه المكتبة نسخة من المصحف، مكتوبة على رَقِّ نعام، بخط أندلسي مذهبة في آخرها، وقد جاء فيها أنها كُتِبت في المرية بالأندلس بقلم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن مرزوق بن حمد بن مكانس البطليوسي سنة ٤٨٨ﻫ، فهي من التحف المخطوطة النادرة، وأنه شاهد نسخة غير تامة من تفسير القرآن لعبد الله بن عباس على رَقِّ غزال كُتِبت سنة ٣١٠ﻫ، وكتاب المحاضرات للسيوطي بخط المؤلف، وأفعال ابن القوطية كُتِبت بالإسكندرية سنة ٤٧٩ﻫ، وكتاب التشبيهات لأبي إسحق بن أبي عون البغدادي، مكتوبة بخط مشرقي سنة ٤٦٦ﻫ، وطبقات الشعراء لابن سلام — ومنها نقلت نسخة الشنقيطي في المكتبة الخديوية.

    وذكر محمد بتانوني بك صاحب الرحلة الحجازية أنه شاهد في هذه المكتبة كتاب أشعار فارسية مكتوبًا بخط أبيض جميل قال: «وبينما نحن نعجب من جودة الخط، وإتقان الصناعة ونظافتها، وحسن تنسيق حروفها على صغرها ودقتها، لفت نظرنا حضرة مدير الكتبخانة إلى أن حروف الكتابة إنما هي ملصقة على الورق، فتأملناها فوجدنا شيئًا يبهت الطرف لرؤيته، ويعجز اللسان عن نعته، خصوصًا عندما أخبرنا أنهم كانوا يكتبون هذه الكتابة، ثم يفصلونها عن ورقتها بظفرهم، ثم يلصقونها على ورقة أخرى».

    وذكر عبد الله مخلص في المقتبس (سنة ٨ ج٢) أن هذا الكتاب يسمى غزليات شاهي، كُتِب سنة ٦٥٥ﻫ بحروف من ورق، وأنه رأى في تلك المكتبة كتاب تقويم الأبدان في الطب لابن جزلة البغدادي، كُتِب سنة ٢٩٧ﻫ.

  • (٢)
    مكتبة السلطان محمود أو المحمودية: هي أصغر من مكتبة عارف بك، عدد مجلداتها ٤٥٦٩ كتابًا من نفائس الكتب، منها ٢٠٠ في التاريخ، وأكثر الباقي في علوم الدين.
  • (٣)
    مكتبة أمين باشا: هي قريبة النظام والترتيب من السابقتين.
  • (٤)
    المكتبة الحميدية: نسبة إلى السلطان عبد الحميد الأول، عدد كتبها ١٦٥٩ كتابًا، مقرها بجانب الحرم إلى الغرب.
  • (٥)
    مكتبة بشير آغا: في زقاق الخياطين، فيها ٢٠٦٣ كتابًا، لكنها غير منتظمة في فتح أبوابها للطلاب.
  • (٦)
    مكتبة الصاقزلي.
  • (٧)
    مكتبة العرفانية.
  • (٨)
    مكتبة رباط سيدنا عثمان.
  • (٩)
    مكتبة مدرسة ثروت.
  • (١٠)
    مكتبة مدرسة قره باشي.
  • (١١)
    مكتبة حسين آغا، وغيرها: ويقدر مجموع ما في مكاتب المدينة كلها بنحو ٣٠٠٠٠ مجلد، بينها كثير من الكتب النادرة.

(٣-٦) خزائن الكتب في المغرب

أكبر خزائن الكتب العمومية في المغرب موجودة في تونس والجزائر، أهمها:
  • (١)
    مكتبة الجزائر الأهلية: تأسست سنة ١٨٣٥، فيها نحو ٤٠٠٠٠ مجلد، بينها نحو ٢٠٠٠ مخطوط في مواضيع مختلفة، جاء ذكر بعضها في أثناء هذا الكتاب، غير المكاتب الأخرى للبلدية، والجمعية الجغرافية، وغيرها.
  • (٢)
    المكتبة الصادقية في تونس: أنشأها المشير محمد صادق باشا باي تونس، وفيها نحو ٣٠٠٠ كتاب، أكثرها في الفقه والحديث واللغة، أراد صادق باشا أن يجمع إليها ما في المساجد والمدارس من الكتب، وجعل مقرها في الجامع الأعظم، ولها فهرست طُبِع سنة ١٢٩٢ﻫ، وهي مكتبة عمومية لفائدة الجمهور، لها شروط للمطالعة والنسخ.

(٣-٧) مكاتب الهند ونحوها

وهناك مكاتب كبرى في الهند فيها كتب عربية هامة، أشهرها:
  • (١)
    مكتبة كلكتة: فيها ٤٠٠٠٠ مجلد، منها ١٤٠٠٠ في الآداب السنسكريتية، و٦٠٠٠ في الفارسي والعربي، والباقي في اللغات الأخرى.
  • (٢)
    مكتبة حيدر آباد: فيها ٦٠٠٠ مجلد بينها كثير من الكتب العربية.

وقِسْ على ذلك كثيرًا من مكاتب الهند وفارس مما يصعب حصره، غير المكاتب الخصوصية التي في حوزة بعض البيوتات القديمة، أو المساجد القديمة، أو المدارس الكبيرة، وغيرها.

هوامش

(١) تفصيل ذلك في تاريخ التمدن الإسلامي ٢١٣ ج٣.
(٢) لخصنا ذلك من كتاب بعث به إلينا القس جرجس منسي الماروني الحلبي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤