مقدمة

«يتعيَّن على الباحث، الذي يريد أن يصوغ فكرة صحيحة عن حالة مجتمعٍ ما في فترة زمنية معينة أن يهدف — أولًا — إلى التثبُّت من عدد أفراد هذا المجتمع.» هذا هو ما يقوله ماكولي في الباب الثالث الشهير من كتابه «تاريخ إنجلترا». ولكن ما يثير الدهشة أنه منذ أن قال ماكولي عبارته هذه لم يتم سوى عددٍ قليل جدًّا من الأبحاث في ميدان الديموجرافية التاريخية. ونحن لا نعثر على كتابٍ باللغة الإنجليزية عن تاريخ السكان في العالم، كما لا يوجد كتابٌ يستحق القراءة عن سكان أمريكا، ولم يصدر — حتى الآن — كتاب يعالج مشكلة السكان في أوروبا في العصر الحديث، وهي موضوع كتابنا هذا.

ولكن ما هي دلالة الاتجاهات السكانية بالنسبة للتاريخ العام؟ ثمة إجابات متناقضة — إلى حدٍّ ما — تجيب على هذا السؤال. فأولئك الذين ينتمون إلى العقيدة الماركسية لا يعوِّلون أهمية كبيرة على السكان، ذلك لأنهم يَرُدون كل ما يحدث في الحياة الاجتماعية إلى عِلة أساسية واحدة، وهي نظام وملكية وسائل الإنتاج. وثمة آخرون يعتقدون أن التصنيع والمعرفة التكنولوجية يحددان المجتمع بحيث يمكن إغفال أي عامل آخر حتى في عصرنا هذا وهو عصر «الانفجار السكاني». ثم هناك أيضًا مؤرخو الدبلوماسية ممن لا ينتمون إلى أيٍّ من هاتين النظريتَين، ولكنهم ألِفوا العمل على أساس مجموعاتٍ من الوثائق الهامة، سواء منها ما نُشِر أو لم يُنشَر؛ ويخرجون منها بدراسةٍ تتسم بقِصَر النظر حول موضوع البحث الذي لا يستند إلى مصدرٍ ما. ويمكن القول — بوجه عام — أن من العسير علينا أن نلمَّ بالعوامل الحقيقية المؤثرة في التاريخ، كالعوامل التي تؤثر على حياتنا الاجتماعية الراهنة، كما هو الحال بالنسبة للاشتقاقات اللفظية. ولكننا نقول، كما قال لورد بيكون في كتابه «تطوير التعليم»: «إن المستكشفين الذين يظنون أن ليس ثمة أرض عندما لا يرَون شيئًا آخر غير البحر، إنما هم مستكشِفون غير محنَّكين.»

وثمة نظرية على النقيض من ذلك تمامًا ترى أن عدد السكان هو المفتاح لفهم التاريخ. فهناك بعض الكُتَّاب من أصحاب العقلية المالتوسية الضيقة يرَون أن نمو السكان والحد منه يمثِّل وحده مشكلة المشاكل الاجتماعية. وثمة مفهوم عن التاريخ يقع في هذه الخطيئة التي تفسر كل شيء بعلة واحدة، وهو المفهوم الذي عبَّر عنه — بإلحاحٍ — والتر بريسكوت ويب في كتابه «الحد العظيم». وطبقًا لهذا فإن الحضارة الغربية في مسارها، ابتداء من الاكتشافات الكبرى حتى يومنا هذا، إنما كان يحددها في كل مرحلة هامة من مراحل سيرها، عاملٌ ديموجرافي واحد، وهو الحدود غير الثابتة بكل ما تحتويه أراضيها الشاسعة من موارد، ثم الحدود الثابتة مع نهاية القرن التاسع عشر.

ونظرًا لأهمية تجنُّب مثل هذه المواقف المتطرفة في تفسير الأمور بردِّها إلى عِلة واحدة، لا يزال من واجب المؤرخ أن يدرك بأن ثمة مجموعة معينة من الوقائع هي وقائع أساسية أكثر من غيرها؛ إذ بدون هذا الإدراك ستتحوَّل دراسة التاريخ وكتابته إلى دراسة غير هادفة للآثار القديمة، وهي الدراسة التي تَعتبِر كل شيء ذا أهمية عابرة، وليس ثمة شيء له دلالة حقيقية. إن تفسير أي حدث تاريخي معقد أو حركة أو فترة تاريخية، إنما يعتمد على إلمامنا ببعض العوامل الأساسية. ولا ريب في أن مشكلة السكان هي أحد هذه العوامل الأساسية التي تحدد الطريقة التي يعمل بها كلُّ مجتمع كما تحدد سماته الرئيسية. وإذا كانت الديموجرافيا تعنى بدراسة عدد السكان الذين يعيشون فوق مساحة معينة من الأرض، بكل ما تحتويه من موارد للثروة، فإنها تعنى كذلك ببعض العوامل الدينامية مثل نسب المواليد والوفيات والزواج، وتركيب المجتمع من حيث العمر والجنس، والهجرات داخل حدودٍ معينة أو عبر هذه الحدود، وغير ذلك من السِّمات المميزة للسكان مثل التجمُّعات السلالية وتوزيع قوة العمل.

ويجب على المؤرِّخ أن يستخدم البيانات الديموجرافية حسب سياقها التاريخي الاجتماعي؛ إذ إنها تتقاسم أهميتها الأساسية مع عوامل أخرى مثل البيئة الجغرافية للمجتمع الذي نحن بصدده، وتقسيمه الطبقي، وثروته المدَّخرة، وحظِّه من المعرفة وكذلك مهاراته العملية. وفضلًا عن ذلك فإن مشكلة السكان، مثلها مثل العوامل الأساسية الأخرى، ليست قوة مستقلة بذاتها. ويأمل بعض دارسي التاريخ أن نعرض العامل السكاني، إن كان ذا قيمة ما، باعتباره عاملًا يحدد الحياة الاجتماعية دون أن يكون للحياة الاجتماعية أثرٌ عليه. إلا أن المشكلة السكانية ليست قوة محرِّكة لا تتغير بتأثير غيرها؛ إنها ليست قوة مماثِلة للطاقة الشمسية التي تكون سببًا فيما يقع من أحداثٍ على الأرض دون أن يكون لهذه الأحداث أثر عليها. ومن ثَم فإن مشكلة السكان — بعبارة أخرى — يمكن اعتبارها معاملًا متغيرًا مستقلًّا عن العملية الاجتماعية أو متوقفًا عليها. وسواء أكان الوضع السكاني يحتل مكانه في أول سلسلة العِلل أو في آخرها فإن ذلك أمرٌ عرَضي يتحدد وفقًا للبيانات التي بين أيدينا، والمشاكل التاريخية التي نريد تفسيرها. فإذا حدث — مثلًا — أن فقدَ مجتمع ما نسبة مئوية كبيرة من شبابه بسبب الهجرة أو الحرب فإن سكان هذا المجتمع يتميزون بفائضٍ في عدد النساء، وهنا يمكن — بحقٍّ — أن نعزو إلى الموقف الديموجرافي — باعتباره عاملًا متغيرًا مستقلًّا — كل ما يطرأ على المجتمع في مجال تركيب قوة العمل، وما يحدث من خللٍ في سوق الزواج، وكذلك بعض التغيرات السلوكية. إلا أن الوضع السكاني يمكن النظر إليه في سياق أحداثٍ أخرى باعتباره عاملًا متغيرًا تابعًا، وذلك إذا ما كانت معدلات الزواج والمواليد والوفيات خاضعة — كلها — لتأثير الناتج السنوي للمحصول، كما هو ملاحَظ كثيرًا في المجتمعات الزراعية. ويمكن كذلك أن يكون العامل الديموجرافي جزءًا من عملية تغذية عكسية دائرية أو حلزونية مثل ما حدث في أمريكا إبان القرن الثامن عشر عندما أدَّت الزيادة السريعة للسكان إلى التفاوت في نصيب الأفراد من الغلة الإنتاجية الاقتصادية وذلك بسبب وفرة الأيدي العاملة، بالإضافة إلى التقدم في مجال التخصص في العمل. وقد شجع هذا التقدم الاقتصادي على حدوث زيادة جديدة في السكان عن طريق الزواج المبكر وارتفاع نسبة المواليد وجذْب المهاجرين، عبيدًا وأرقَّاء، مما ساعد بدوره على تقدُّم إنتاجية البلاد. ومن ثَم فإن الوضع السكاني يعمل غالبًا كقوة مساعدة ومنشِّطة داخل العملية الاجتماعية، ومن هنا يكون له أثره الذي يزيد من سرعة هذه العملية، ويكون له قوته الضاغطة على المجتمع لدفعه إلى السير بسرعة في هذا الاتجاه أو ذاك.

ودراسة السكان تزوِّد المؤرخ ببياناتٍ كَمية تحتل — غالبًا — وضعًا استراتيجيًّا في مجال التحقق من صدق أو زيف الفروض التاريخية، ومن ثَم فإنها تساعد على تقديم تفسيراتٍ تاريخية أكثر تماسكًا؛ حيث يمكن وضعها موضع الاختبار. حقًّا، إن البيانات أو الإحصاءات السكانية القديمة، والتي يمكن أن نخرج منها بمعلوماتٍ كَمية وفيرة ليست كافية — إلى حدٍّ كبير — في أغلب الأحوال، ولا يمكن مقارنتها من حيث الدقة ببعض البيانات الحديثة المماثِلة لها في طبيعتها. إلا أن هذا ليس سببًا يدعونا إلى الفزع وذلك:
  • أولًا: لأن التقديرات التقريبية تفي بالحاجة في كثيرٍ من عمليات العرض التاريخي، كما أن الدِّقة الكبيرة في التقدير الرقمي لا تؤثر في النتائج التي نصل إليها تأثيرًا يُذكَر. وقد يكون من دواعي الاطمئنان هنا، أن نذكر أن الإحصاءات السكانية في الولايات المتحدة ليست إحصاءاتٍ دقيقة تمامًا. ففي عام ١٩٥٠م أحصى رجال التعداد ١٥٠٦٩٧٣٦١ نسمة، واكتشف مكتب الإحصاء عند مراجعة هذا العدد أن حوالي ١٣٠٠٠٠٠ نسمة قد تم إحصاؤهم مرتين، وأن حوالي ٣٤٠٠٠٠٠ لم يدخلوا ضمن الإحصاء على الإطلاق. ولقد كان معدل الخطأ في كل الإحصاءات الأوروبية السابقة على عام ١٨٥٠م يزيد كثيرًا على معدل الخطأ في إحصاء الولايات المتحدة لعام ١٩٥٠م وهو ١٫٥٪. كما وأن أكثر الأرقام السابقة كانت تقوم على أساس إحصاءات متميزة للأفراد أو الأسر، ومن ثَم فإن الأرقام القديمة لتعداد السكان تخضع لمُعامل خطأ كبير، فضلًا عن أنها تفتقد تمامًا في أغلب الأحيان أهم البنود النوعية للمعلومات التي يجمعها الآن رجال الإحصاء المحدَثون. ومع ذلك فإن البحث المحلي سيساعدنا، وسوف يساعدنا بكل تأكيدٍ على اكتشاف كثير من البيانات الديموجرافية الهامة.
  • ثانيًا: فإن المواد التي نحصل عليها، حتى وإن كانت غير وافية فقد تكون لها قوة توكيدية إذا ما أمكن تعزيز كل ما قد تتضمنه هذه المواد ببياناتٍ مستقلة. ومن ثَم، وعلى هذا النحو فإن عدد السكان في مرحلة تاريخية معينة، وفي منطقة معينة، يمكن أن يصبح جزءًا من مجموعة كبيرة ومتنوعة من المعلومات التي يساند بعضها بعضًا مثل التغيُّرات التي تطرأ على مساحة المنطقة المنزوعة، وكمية المطر وسجلات الدفن ونقوش المقابر وإحصائيات الأجور والأسعار والبيانات الخاصة بالتصدير والاستيراد والتقارير الخاصة بالضرائب وعدد المهاجرين … إلخ.

    وهنا نجد ميدانًا لأفكارٍ تستحق البحث، يمكن بواسطتها توسيع نطاق معرفتنا عن الماضي بدرجة كبيرة.

  • ثالثًا: وهو الأهم، الاعتقاد بأن الأرقام المطلَقة من حيث هي كذلك ليست أهم ما يعنينا؛ إذ إن أي رقم مطلَق ليس له معنًى في ذاته. فإذا عرفنا أن تعداد سكان فرنسا في زمنٍ معين كان ٢٠ مليون نسمة فإن هذه المعلومات تُعتبَر غير ذات معنى ما لم نعرف رقمًا آخر على الأقل يساعدنا على عقد مقارنة ما. ومن ثَم نستطيع بذلك أن نقارن بين وضْع فرنسا في زمنٍ معين ووضْعها في تاريخٍ سابقٍ أو لاحقٍ لهذا الزمن، وبذلك نستطيع أن نتفَّهم تطور هذا البلد، أو نستطيع أن نقارن تعداد سكان فرنسا بسكان بلدٍ آخر. وأيًّا كانت المقارنات التي نقوم بها فإن اهتمامنا لا يتركز على الأرقام المطلَقة من حيث هي كذلك، بل على أهميتها النسبية، ويمكن تقديم تفسيراتٍ ملائمة على أساس بيانات ناقصة. وكل هذه الاعتبارات لا تنفي — بطبيعة الحال — حاجتنا إلى الوصول بكل الإحصائيات التاريخية — دون استثناء — إلى أعلى درجة من الدقة.

الدورات الديموجرافية

تم ترتيب المختارات التي نعرضها في هذا الكتاب على أساسٍ زمني، بحيث يمكن إبراز معالِم دورات التاريخ الديموجرافي لأوروبا، وتبدأ الدورة الأولى من القرن السادس عشر إلى منتصف القرن السابع عشر، وعرضنا خصائصها المميزة في المقالة الأولى. وبدأت الدورة الثانية في العَقْدين الرابع والخامس ١٦٣٠–١٦٥٠م استنادًا إلى بعض التغيُّرات الإقليمية، وامتدت حتى أعوام انهيار النظام القديم، رغم حدوث بعض الفوارق الإقليمية من حيث التاريخ الزمني.

وتبدأ الدورة الثالثة — تقريبًا — من عام ١٧٧٠م إلى عام ١٨٣٠م أو ١٨٥٠م، وتُعرَف تقليديًّا باسم عصر الثورة الصناعية. وقد عرضنا هذه الفترة، وهي فترة محاولة إعادة التنظيم، في أربع مقالات، تناولنا فيها مشكلة السكان في إنجلترا، أو آراء مالتوس التي سادت في هذا العصر، ومأساة أيرلندا. وحتى نستكمل الصورة تناولنا كذلك بلدًا زراعيًّا وهو السويد، والذي كان في ذلك العهد بعيدًا — من كل النواحي — عن «ورشة العالم».

وتتناول المقالات الثلاث التالية لتلك المظاهر المختلفة تمامًا للموجة السكانية الطاغية في القرنَين التاسع عشر والعشرين. وتُبرِز المقالة الأولى منها بعض التغيرات التي طرأت على المناخ الثقافي والفكري، وتبحث الثانية عملية نمو المدن، وتتعقَّب الثالثة هجرة الأوروبيين إلى البِقاع المختلفة من العالم.

وثمة مختارات ثلاثة شملت التطورات التي حدثت داخل الشعوب الأوروبية في القرنَين التاسع عشر والعشرين، ويعالج كلٌّ منها التطورات الديموجرافية في ثلاثة بلدان كبرى من بلدان القارة الأوروبية وهي: فرنسا وألمانيا والاتحاد السوفييتي.

وتعالج المقالتان الأخيرتان المظاهر العالمية لمشكلة السكان؛ فتعالج أولاهما الموقف الديموجرافي في أوروبا بعد الحرب، أما المقالة الأخيرة فإنها تفسِّر النمو السكاني على النطاق العالمي، ودلالته بالنسبة للعالم الغربي.

دراسات إحصائية:

جدول ١: تقدير التعداد السكاني في أوروبا وأمريكا الشمالية والعالم خلال الفترة الواقعة بين عامي ١٦٠٠–١٩٠٠م مقدَّرًا بالمليون.
التاريخ ١٦٠٠م ١٦٥٠م ١٧٠٠م ١٧٥٠م ١٨٠٠م ١٨٥٠م ١٩٠٠م
العالم ٦٠٠ ٦٤٠ ٧٠٠ ٨٠٠ ٩٥٠ ١٢٠٠ ١٦٠٨
أوروبا ١٠٠ ١٠٣ ١١٤ ١٤١ ١٨٤ ٢٦٦ ٣٩٠
البرتغال ١٫٤ ٢٫٣ ٢٫٨ ٣٫٤ ٣٫٩ ٥٫٤
إسبانيا ٨٫٠ ٨٫٠ ٩٫٠ ١١٫٥ ١٥٫٠ ١٨٫٦
إيطاليا ١٣٫٣ ١١٫٥ ١٣٫٤ ١٥٫٥ ١٨٫١ ٢٤٫٣ ٣٢٫٥
فرنسا ١٩٫٠ ٢٠٫٠ ٢٤٫٦ ٢٨٫٢ ٣٥٫٨ ٣٩٫٠
إنجلترا وويلز ٤٫٥ ٥٫٨ ٦٫٥ ٩٫٠ ١٧٫٩ ٣٢٫٥
اسكتلندا ١٫٠ ١٫٠ ١٫٣ ١٫٦ ٢٫٩ ٤٫٥
أيرلندا ٢٫٧ ٣٫١ ٥٫٠ ٦٫٥ ٤٫٥
النرويج ٠٫٧ ٠٫٨ ٠٫٩ ١٫٤ ٢٫٢
فنلندا ١٫٠ ١٫٦ ٢٫٦
السويد ١٫٠ ١٫٨ ٢٫٣ ٣٫٥ ٥٫١
الدانيمرك ٠٫٥ ٠٫٨ ١٫٠ ١٫٥ ٢٫٥
هولندا ١٫٢ ٢٫٢ ٣٫١ ٥٫٢
بلجيكا ١٫٤ ٣٫٠ ٤٫٤ ٦٫٧
سويسرا ١٫٠ ١٫٢ ١٫٧ ٢٫٤ ٣٫٣
ألمانيا (حسب مساحتها عام ١٨٧١م) ١٨٫٠ ١٣٫٠ ١٦٫٠ ١٩٫٠ ٢٤٫٥ ٣٥٫٤ ٥٦٫٤
براندنبرج-بروسيا ١٫٣ ٣٫٥ ٦٫٢ ١٧٫٠ ٣٧٫٥
النمسا وملحقاتها مثل بوهيميا ومورافيا ٥٫٥ ٧٫٥ ٦٫١ ٩٫٦ ١٢٫٩ ١٨٫١
المجر ١٫٦ ٦٫٥ ١٠٫٠ ١٣٫٣ ١٩٫٣
مملكة هابسبورج ٩٫١ ١٢٫٦ ٢٣٫٣ ٣١٫٤ ٤٥٫٤
بولندا ٣٫٢ ٢٫٣ (٧٫٨) (٢١٫٣)
روسيا الأوروبية ١٧٫٠ ٣٨٫٠ ٦١٫٠ ١٠٣٫٣
أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) ١٫٠ ١٫٠ ١٫٠ ١٫٠ ٦٫٠ ٢٦٫٠ ٨١٫٠

يبيِّن لنا جدول ١ توزيع السكان في أوروبا لكل نصف قرن، هذا باستثناء دول البلقان وبعض المناطق الصغرى التي لم يكن من المستطاع الحصول إلا على النَّزر اليسير من المعلومات الخاصة بها؛ لذلك لم نذكر العدد الإجمالي لكل سكان أوروبا بسبب نقص هذه البيانات. وأكثر الأرقام المذكورة هي أرقام تقريبية، أما بالنسبة لأرقام الفترات الأولى فهي أرقام تقديرية إلى حدٍّ ما.

وتمثِّل الخطوط الأفقية عددَ السكان في كل بلدٍ على حدة، وتبيِّن لنا في بعض الحالات النمو الحقيقي للسكان في كل بلدٍ، كما وأنها في حالات أخرى تعكس لنا تغيُّر الحدود، وما يقابل ذلك من زيادة أو نقصٍ في تعداد السكان. وتبدو هذه التغيُّرات في مساحة الأرض واضحة بوجهٍ خاص بالنسبة لبلدان براندنبرج-بروسيا وأراضي النمسا الخاصة بمملكة هابسبورج وبولندا التي فقدت وجودها السياسي المستقل عام ١٧٩٥م والإمبراطورية الروسية التي ضمَّت في النهاية كلَّ أوروبا الشرقية وسيبيريا والجزء الأكبر من آسيا الوسطى.

واستقينا معلوماتنا الواردة في جدول (١) من مصادر كثيرة، وقام بالجانب الأساسي من هذا العمل جوليوس بيلوتش الذي نشر مقالتَين عن تاريخ السكان في أوروبا في مجلة «العلوم الاجتماعية» العدد الثالث (عام ١٩٠٠م). وصدرت بعد ذلك ثلاثة تقييمات هامة للسكان في أوروبا والعالم، استفاد منها كلُّ المؤلفين الآخرين بعد ذلك كمصدرٍ لمعلوماتهم مثل هابك في كتابه «سكان العصور الوسطى والحديثة» المعجم اليدوي للعلوم السياسية الدولية، الجزء الثاني (الطبعة الرابعة، ١٩٢٤م) ص٦٧٠–٦٨٧، وأ. م. كار-سوندرز «سكان العالم» (١٩٣٦م)، وو. م. ويلكوكس «النمو السكاني في العام منذ ١٦٥٠» وكتاب «الهجرات العالمية» لمؤلِّفه و. م. ويلكوكس، المجلد الثاني، ١٩٣١م ص٣٣–٨٤. وثمة دراسات أخرى إقليمية لعددٍ من البلدان، وهي سبيلنا الوحيد للوصول إلى صورة أكثر وضوحًا. وكشفت هذه الدراسات — في أكثر الحالات — عن أن أعداد السكان قديمًا كانت أعدادًا منخفضة إلى حدٍّ كبير، وقد تم تعديل الأرقام الواردة في جدول (١) على هذا الأساس.

ويبيِّن لنا جدول ٢ حركة السكان في القرن العشرين، ويمكن الاستفادة منه في هذا المجال، بالإضافة إلى المقال الذي أسهم به الأستاذ أ. ف. ك. في هذا الكتاب تحت عنوان «السكان والسياسة في أوروبا». ولم نذكر العدد الإجمالي لسكان أوروبا؛ وذلك لأن الأرقام الواردة كلها أرقام دائرية، بالإضافة إلى حذف كل الوحدات السياسية الصغيرة التي يقِل تعدادها عن ٥٠٠٠٠٠ نسمة. وأضفنا إلى حجم السكان في كل بلدٍ على حدة معدل النمو السنوي لكل مائة شخص طبقًا للمعلومات التي تَيسَّر لنا الحصول عليها عن عامَي ١٩٦٠–١٩٦٢م. وجدير بالذكر أن اثنتين من هذه القيم هما قيمتان سلبيتان.

واعتمدنا أساسًا في كتابة الجدول ٢ على المصادر التالية:

«الكتاب السنوي الديموجرافي لعام ١٩٦١م الصادر عن الأمم المتحدة عام ١٩٦١م» و«الدليل السكاني»، مجلد ٢٩ لعام ١٩٦٣م، والمجلدات السابقة، وكتاب «السكان في أوروبا في أعوام ما بين الحربين» لمؤلِّفه دادلي كيرك الصادر عام ١٩٤٦م، وكتاب «الأراضي الفضاء والسكان في تاريخ العالم» والذي قام بتصنيفه كل من أ. كريشتين، وأ. و. بوتشولتس، و. كولمان، المجلد الثاني، ١٩٥٥م.

جدول ٢: تعداد السكان في أوروبا والولايات المتحدة والعالم مقدَّرًا بالمليون
السنة ٨ ١٩٠٠م ١٩٢٠م ١٩٤٠م ١٩٦٠م آخر نسبة مئوية عن معدل النمو السكاني
العالم (حسب تقدير هيئة الأمم المتحدة) ١٫٦٠٨ ١٫٨١١ ٢٫٢٤٩ ٢٫٩٩٥
أوروبا والاتحاد السوفييتي ٢٢٩ ٤٨٧ ٥٧٦ ٦٤١
بريطانيا ٣٧٫٠ ٤٢٫٨ ٤٦٫٧ ٥١٫١ ٠٫٤٧
شمال أيرلندا ٤٫٥ ١٫٢ ١٫٣ ١٫٥ ٣٩٪
جمهورية أيرلندا ٣٫١ ٢٫٩ ٢٫٨ ٥٨٪
فرنسا ٣٩٫٠ ٣٩٫٢ ٤٢٫٠ ٤٥٫٥ ٩٨٪
إيطاليا ٣٢٫٥ ٣٧٫٩ ٤٣٫٨ ٤٩٫٤ ٦٨٪
ألمانيا (في عهد الرايخ) ٥٦٫٠ ٦١٫٨ ٦٩٫٨ ٧٣٫٥
ألمانيا الاتحادية وبرلين الغربية ٥٦٫٢ ١٫٢٣
هولندا ٥٫٢ ٦٫٩ ٨٫٩ ١١٫٦ ١٫٣٥
بلجيكا ٦٫٧ ٧٫٤ ٨٫٣ ٩٫١ ٥٨٪
دانيمرك ٢٫٥ ٣٫٣ ٣٫٨ ٤٫٦ ٦١٪
النرويج ٢٫٢ ٢٫٧ ٢٫٩ ٣٫٦ ٠٩٪
السويد ٥٫١ ٥٫٩ ٦٫٤ ٧٫٥ ٦٣٪
فنلندا ٣٫٤ ٣٫٧ ٤٫٥ ٨٧٪
النمسا ٦٫٤ ٦٫٧ ٧٫٠ ١٩٪
سويسرا ٣٫٣ ٣٫٩ ٤٫٢ ٥٫٤ ١٫٧٥
إسبانيا ١٨٫٦ ٢١٫٣ ٢٥٫٩ ٣٠٫٤ ٠٫٨٤
البرتغال ٥٫٤ ٦٫٠ ٧٫٧ ٨٫٩ ٠٫٥٥
اليونان ٢٫٥ ٥٫٠ ٧٫٣ ٨٫٣ ٠٫٩٤
جملة تعداد الدول غير الشيوعية ٣٠٧٫٤
ألمانيا الديمقراطية وشرق برلين ١٧٫٣ ٠٫٦٢
بولندا ٢٦٫٨ ٣٤٫٨ ٣٠٫٠ ١٫٧٣
تشيكوسلوفاكيا ١٣٫٦ (١٥٫٥) ١٣٫٧ ٠٫٩٨
المجر ١٩٫٣ ٨٫٠ ٩٫٢ ١٠٫٠ ٠٫٣٢
رومانيا ٦٫٧ ١٥٫٦ ٢٠٫٠ ١٨٫٤ ١٫١٢
بلغاريا ٤٫٠ ٤٫٨ ٦٫٣ ٧٫٩ ٠٫٩٢
ألبانيا ٠٫٨ ١٫١ ١٫٦ ٣٫١١
يوغوسلافيا ١٢٫٠ ١٥٫٩ ١٨٫٥ ١٫٠٩
الاتحاد السوفييتي بما فيه آسيا السوفييتية (١٣٩٫٠) ١٣٦٫٩ ١٧٣٫٨ ٢١٤٫٤ ١٫٧٢
إستونيا ١٫١ ١٫١
لاتثيا ١٫٦ ١٫٩
لتوانيا ٢٫١ ٢٫٦ ٨
جملة الدول الشيوعية ٣٣١٫٨
الولايات المتحدة ٧٦٫٠ ١٠٥٫٧ ١٣١٫٧ ١٧٩٫٣ ١٫٥٨

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤