تعلة الكريم

وصحب من البيض الثياب تطلبوا
ودادي فلم يهمم بطردهمو مجدي
منحتهمو ودي، فلما تملكوا …
فؤادي، هفَوا هفو الذباب على الشهد
فما تركوا وفرًا لديَّ لمعتفٍ
يصان به عرضي، ويورى به زندي
فلما تولوا بالتليد وأبصروا
فتى الجود مثل السيف سُلَّ من الغمد
أباحوا حمًى لا يقبل الضيم ربه
وتخشاهُ يوم الروع صائلة الأسد
لعمري لئن ولوا بوفري فاغتدوا
بطانا، وخانوا من سفاهتهم عهدي
لقد خدعوا شهمًا يغر على الندى
فيسخو بلا منٍّ ويعطي بلا وعد
ومن عجائب ما يمنى الرجال به
مستضعفات لهم منهن أقران
مناضلات بنبل لا تقوم له
كتائب الترك يزجيهن خاقان
يا رب حسانة منهن قد فعلت
سوءًا وقد تفعل الأسواء حسان
تشكو المحب وتلفى الدهر شاكية
كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان

وهذا المرقص ملتقى المحب والمحبوب، وليس العاشق في حاجة إلى أن يكون كابن المعتز حين يقول:

هل تذكرين وأنت ذاكرة
مشي الرسول إليكمو سرا
إن يغفلوا يسرع لحاجته
وإذا رأوه أحسن العذرا
فطن يؤدي ما يُقال له
ويزيد بعض حديثنا سحرا

بل يكفي أن يتخذ له سحنة صناعية، وأن تضع المعشوقة خرقة سوداء على وجهها المشرق الجميل كما يُحجب البدر بالسحاب، أو كما تُحجب الشمس بالضباب، ثم يتلاقيان، فلا يعرفهما رقيب، ولا يشعر بهما حسيب.

وربما نظر امرؤ إلى فتاةٍ فاطلع منها على كل مغيب مكنون «إلا الوجه الكريم» فتبعتها نفسه، وعلق بها فؤاده، وقد تكون أخته وما يدري؛ لأن «أقطاب» هذا المرقص يبدلون خلق الله، فيلبس الأمرد لحية بيضاء، أو زرقاء، وتتخذ الفتاة لوجهها من سود البراقع ما تشاء، وما ضر الفتى والفتاة أن تحجب من وجهيهما آثار الجمال، ما دام الخصر على الخصر والساق على الساق.

ولو كنت معنا هناك لفزت فوزًا عظيمًا، فقد حشرت في تلك البقعة فنونُ الملاحة وألوان الفتون، كما تُحشر ضروب السحر في الطرف الغضيض.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤