«كَمْ هم سخفاءُ أولئكَ الذين يَذمُّونَ الزَّواج! إنَّ الإنسانَ لا يَشعرُ أنَّ جُذورَهُ قدِ انغرستْ في أرضِ الحياة، وتشعَّبتْ حتى أصبحَ له ولوجودِهِ معنًى، إلَّا إذا تَزوَّج.»
حين يُصبحُ الفسادُ كالهواء، ويَجري في المُجْتمعِ مَجْرى الدم، فهل نتوقَّعُ من «أيمن ربيع» أنْ يَنْأى بنفسِهِ عن هذا؟ هلْ يستطيعُ أن يظلَّ نقيًّا، أمْ أنَّ النقاءَ الذي لم يُختبَرْ لا يمكنُ الحُكمُ عليه؟ ما إنِ انتقلَ من منزلِهِ إلى فيلَّا زوجتِه، حتى بدأَ بالتعرُّفِ على عالَمٍ مختلِف، عالَمٍ فيه الكلُّ يَعزِفُ على وَترِ المالِ والسُّلْطة؛ فالأغنياءُ يَبْحثونَ عَنِ السُّلطةِ ليَحْتموا فيها، وأهلُ السُّلْطةِ يُريدونَ المالَ ليَأْمنوا شرَّ تقلُّباتِ السياسة. هكذا يَتزاوَجُ المالُ والسُّلْطةُ في ظلِّ مُجْتمعٍ يَدَّعي قادتُهُ أنَّهم يَسْعَونَ لرسمِ حياةٍ اشتراكيةٍ للجميعِ بينَما يستفيدونَ هُمْ من مَناصبِهمْ في ظلِّ الاتحادِ الاشتراكي، فيَجمعونَ الأموالَ، ويتشاركون السَّمَرَ في أَرْقى الأنديةِ، بينَما الشعبُ يُؤمِنُ بشعاراتِهمُ الزائِفة.
تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة.
ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج.
أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه.
تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه.