الجزء الأول

(المسرح فارغ تمامًا، وليس فيه إلا منصة خطابة عليها ميكروفونات ودورق ماء وكوب، وخلف المنصة يقف سيد أنيق جِدًّا تبدو عليه سيماء الثقافة، طويل، على عينَيه نظارة تُكسبه مهابة، ويرتدي «جاكت» سموكنج بالقميص الخاص والبابيون، حين تبدأ الرواية أو ترتفع الستار يتنحنح فوق ظهر يده ثم يقول):

المؤلف : سيداتي سادتي، مساء الخير وما تخافوش، أنا مش خطيب ولا حاجة، أنا مؤلف الرواية، واحنا كان ممكن نبتديها على طول ويقعد كل واحد فيكم يتفرج عليها في الضلمة لواحده كأنه في سينما، إنما احنا مش في سينما، إحنا في مسرح، والمسرح احتفال، اجتماع كبير، مهرجان، ناس كتير، ناس، بني آدمين سابوا المشاكل برة وجايين يعيشوا ساعتين تلاتة مع بعض، عيلة إنسانية كبيرة اتقابلت وبتحتفل أوَّلًا إنها اتقابلت وثانيًا إنها حتقوم في الاحتفال ده بمسرحة وفلسفة ومسخرة نفسيها بكل صراحة ووقاحة وانطلاق. عشان كده مفيش في روايتي ممثلين ولا متفرجين، إنتم تمثلوا شوية والممثلين يتفرجوا شوية، وليه لأ، اللي يعرف يتفرج لازم يعرف يمثل، إنتو ما بتعرفوش تمثلوا؟ بقى دا كلام، ده انتو طول النهار نازلين تمثيل. طيب مين النهاردة ما مثِّلش على رئيسه علشان ياخد أجازة؟ مين ما ألفشي رواية عشان ياخد سلفة؟ مين ما قامتشي بدور السعيدة ع الآخر قدام جوزها لما جت أمه تزورهم؟ أنهي ممثلة محترفة تقدر تطلع التنهيدة اللي بتطلعها الست فيكم لما تشوف الفستان في الفترينة؟ ده انتو حتى جايين هنا تمثلو دور المتفرجين، وليه ده كله، إحنا قررنا الليلة دي الإفراج عن مواهبكم المكبوتة، وبدال ما سيادتك تمثل دور المتفرج الوقور اللي بيمسح بقه بعد كل ضحكة عشان ما تبنشي قدام حد، عشان إيه؟ ما تكسفوش من بعض، إحنا كلنا بني آدمين زي بعض، إخوات، خايفين أوي من بعض ليه، متخشبين ليه، بعاد عن بعض أوي كده ليه؟ كتفك في كتف التاني وبينك وبينه ألف كيلو بتاع إيه؟ بص له يا أخي، قول له مساء الخير، اعزم عليه بسيجارة، ده بيتكلم عربي زيك ومالوش ناب والله.
figure
كرم مطاوع مخرج المسرحية يمثل دور «المؤلف».
أنا كمان حالغي المسافة اللي دايمًا بتبقى بين المؤلف والجمهور وتخوفهم من بعض، اسمحوا لي أقرب منكم، (يغادر المنصة مقتربًا من مقدمة المسرح، فيكتشف المتفرجون أنه رغم أناقة نصفه الأعلى يرتدي «شورت» قصيرًا جِدًّا يكشف عن ساقَيه الطويلَتَين الرفيعتَين، وحذائه الذي يرتديه بلا جورب، وحين يعم الضحك في الصالة لمنظره) مع تقديري لشعوركم النبيل ده وفرحتكم بأني قربت منكم، أنا مش شايف أي مناسبة للضحك ده، الرواية لسه ما بدأتش (ضحك)، الله، عمركم ما شفتوا مؤلف من قريب أبدًا (ضحك)، يا اخوانا، يا حضرات، من فضلكم، أنا كل قصدي أننا نلغي المسافات اللي بينا ونرفع الستاير اللي بين كل واحد والتاني ونعيش ساعة يا اخوانا، ساعتين، تلاتة، للصبح إذا حبينا، نمثل على بعض ونألف مع بعض ونتفرج لبعض.

(تدق الموسيقى — مزمار بلدي أو موسيقى نحاسية — إشارة الدخول لممثل، فيُشير المؤلف ناحيتها بيده.)

استنى عندك يا فرفور محدش يخش دلوقتي، أنا لسه ما خلصتش كلامي، (ثم يعود لمخاطبة الجمهور) يا إخواني أنا عايز أقدم لكم الليلة أكبر وأعظم وأروع وأهم وأمتن …
(تدق الموسيقى مرة أخرى معلنة إشارة الدخول، فيلتفت المؤلف ناحية باب الدخول في غضب هازًّا ساقه الرفيعة العارية بطريقة عصبية، ويظل ساكتًا برهة يؤنب بغضبه، ثم ما يكاد يلتفت ويفتح فمه ليخاطب الجمهور حتى تدق الموسيقى فيستدير بسرعة إلى الباب ثم يقول في يأس): خلاص، بلاش شغل، دوروا لكم على مؤلف.

وديني مانا مألف، إنتو بتغيظوني، طب وديني مانا مألف.
أصوات (من الداخل) : طب خلاص، خلاص، حرمنا، بالله بقا ألِّف.
المؤلف : يا إخواني أنا عايز أقدم لكم الليلة أكبر وأعظم وأمتن فرفور ظهر على وجه الأرض، بس قبل ما أقدمه لازم ندور على سيده.

(تدق الموسيقى إشارة الدخول، ولكن المؤلف يستمر مصرًّا على إلقاء كلماته، بينما يدخل فرفور في ضجة وزيطة وزمبليطة يرتدي بدلة قديمة جدًّا ذات شكل خاص: هي مزيج من رداء البهلوانات والأراجوزات والمهرجين في السيرك، وهو أسمر البشرة أو مائل إلى السمرة، ووجهه مطلي بالدقيق أو بالبودرة البيضاء (أو يرتدي قناعًا خاصًّا بفرفور) وعلى رأسه طربوش قديم أو طرطور على هيئة طربوش، ولا بد لمن يقوم بهذا الدور أن يكون في حياته الخاصة نفسها ذا قدرة على السخرية والإضحاك، يدخل كزوبعة يدور في دائرة المسرح ويحدث هرجًا ومرجًا بين الصفوف الأولى ليجبرها على التراجع وتوسيع الدائرة مستعينًا بمقرعته، وهي قطعة من كرتون أو خشب رقيق مشقوقة بحيث يحدث الخبط بها صوتًا ولكنه لا يحدث ألمًا، يضرب بها بعض متفرجي الصفوف الأولى، ويجد المؤلف لا يزال واقفًا يردد كلماته عن أعظم وأروع وأضخم، إلخ إلخ، فيخبطه على رأسه.)

المؤلف : الله (ملتفتًا بحدة) انت دخلت ازاي يا ولد يا فرفور قبل ما أخلص، مين قال لك تدخل، زي ما دخلت أخرج، ياللا.
فرفور : لا يا حدق، دا انت اللي تخرج.
المؤلف : أنا؟
فرفور : أمال أنا؟ إنت مؤلف تألف برة هناك، إنما أنا فرفور هنا.
المؤلف : طب مش لما أقدم سيدك الأوَّل للجمهور.
فرفور : مالكش دعوة أقدمه أنا.
المؤلف : طب أقدمك انت على الأقل.
فرفور : يا أخي انت عارف تقدم نفسك لما حتقدمني، ودا إيه ده ياخويا، (ناظرًا إلى المؤلف من أعلى إلى أسفل) دا ماله عامل في روحه كده.
المؤلف : إيه مش عاجبك فيه إيه؟
فرفور : بنطلونك يعني، هو بنطلون برضه والله أنا مش شايف؟
المؤلف : ماله بنطلوني، ماله، بنطلون مؤلف.
فرفور : والمؤلف يعمل كده؟
المؤلف : لازم، أمال يبقى مؤلف ازاي؟ مش لازم يألف كل حاجة، أنا ألِّفت لنفسي اللبس ده … لبس أوريجينال، فيها إيه؟
فرفور : لا دا هايل أوي، بس لو تقصره كمان شوية وتعمل له كده فصل م الجنب وكلمتين مقدمة ومفيش مانع مؤخرة كمان يبقى هايل أوي.
المؤلف : يا ناس يا عالم يا هوه، كمان داخل في غير وقتك وجاي تعطلني، اوعى أمَّا نشوف المهبب سيدك ده راح فين، ده كان في إيدي دلوقتي، (يبحث في جيوبه، ينحني ويبحث تحت أحد الكراسي، ثم يلتفت لفرفور قائلًا بحدة) يا أخي خلي في عينك نظر ودور معايا.
فرفور : أنا مالي يا عم، هاتلي سيد أشتغل، مفيش سيد، حاشتغل عليك؟
المؤلف : أصله شكله تاه عن بالي يا فرفور، وانت عارف أنا بانسى كتير، يكونش ده؟ (يقول هذا وقد اختار واحدًا من الجالسين في الصفوف الأولى يوقفه ويدخله إلى دائرة المسرح) هو دا يا فرفور مش كده؟
فرفور : دا هه، (ينظر إليه باشمئناط ويدور حوله ويرفع جاكتته ويدق على صدره بإصبعه وكأنه يدق ويمتحن لوحًا من الخشب، فيرن صدر الرجل وكأنه من الخشب) إيه ياخويا ده، دا ماله كده! (ويدق على ظهره فيصدر نفس الرنين) دا باينه جاي م التخشيبة لطع (يضع يده في جيب الرجل ويفتشها فيخرج بها ممسكًا بنصف رغيف بلدي ناشف) الله الله (ويضع يده في الجيب الآخر فيخرج بربع رغيف فينو جاف أيضًا، ويمد يده في جيوب بنطلونه وبين طيات سترته ويفتشه كله حتى يخرج كل ما معه من قطع خبز من مختلف الأنواع والأشكال) انت بتشتغل إيه يا عم؟ اوعى تكون مفتش تموين؟ (يأكل قطعة خبز ولا يلبث أن يبصقها بعيدًا) أقطع دراعي إن العيش ده متاكل قبل كده، وماله؟ خايف كده ليه؟ (الرجل ينظر إليه برعب متزايد، فرفور يضرب الرجل بالمقرعة على جنبه الأيسر فينثني الرجل إلى اليسار، فيضربه فرفور على الجانب الآخر فينثني الرجل إلى الناحية اليمنى) دا انت سيد مُلعب أوي يا وله، (ويضربه من أمام ومن خلف وعلى كل جانب والرجل يتثنى كاللولب) دا ولا المعجون بمية سيداسيد، إنت يا …
المؤلف : أنا مش فاضيلك يا فرفور، أنا مستعجل أوي وعندي شغل ومواعيد.
فرفور : شغل ولَّا مش شغل أنا مالي هو أنا اللي ضيعته.
المؤلف : يا فرفور يا أخي عندي حلقات في الإذاعة لسه والله ما كتبتها، أنا مش فاضي، دور انت عليه.
فرفور : أدور أنا؟ أنا مالي، أنا قاعد هنا مطرحي حاطط رجل على رجل لغاية ما تجيب لي سيد (يجلس على الهواء وكأنه جالس على كرسي ويضع ساقًا فوق ساق).
المؤلف (ينتقي أحد المتفرجين) : إيه رأيك في ده، اوعى بقى تقول عليه تلت التلاتة.
فرفور : يا جدع انت أنا عايز سيد، سيد يعني سيد، سيد كده يملى مخ الواحد ويحب يتفرفرله، حاجة فخمة كده زي حسين رياض لابس روب ومتعنطز ومتأشيك، إنما دا إيه ده هو ماله طويل كده ليه، استنى كده استنى (يجري ناحيته ويرفع يده اليمنى إلى الأمان واليسرى إلى الخلف) اتبنى بقول أنا شفت الشبه ده فين، صدق الخالق الناطق إيريال التليفزيون.
المؤلف : بس، لقيته، أهه يا فرفور (يشير إلى السيد وهو يغط في النوم على مقعده).
فرفور : وماله كده؟
المؤلف : نام مني أعمل إيه، ما انت قاعد ترغي، وبقينا أربعة ونص ولسة ما كتبتهاش.
فرفور : أنا يا استلمه صاحي يا ماليش دعوة.
المؤلف : أرجوك يا فرفور، أصل الحلقة حتتذاع الساعة تسعة، أنا مستعجل، لو استنيت دقيقة واحدة حتطير، أهه عندك أهه، صحيه واشتغلوا، واوعى يا فرفور، أستأذن أنا بقى.
فرفور : استنى هنا، طب آدي سيدي وعرفناه، فين ستي؟
المؤلف : آه ستك، حقه دي.
فرفور : اوعى تكون نسيتها رخرة لحسن وربنا المعبود ما أخبط في الرواية ولا خبطة، كله إلا ستي دي، ده أنا بافتش عليها م الرواية اللي فاتت تضيعها لي كده أونطة.
المؤلف : ما ضاعتش ولا حاجة، ده بس أصلي نسيتها.
فرفور : ما اشتغلش إلا لما تيجي.
المؤلف : وشرفي يا فرفور حابعتها لك في تاكسي على طول.
فرفور : شرفك، تاكسي، تاكسي شرفك.
المؤلف : وشرفي يا فرفور.
فرفور : إنت حر، حاكم شرف المؤلف زي كبريت اليومين دول، تشطه عشر مرات والآخر ما يولعش … انت حر.
المؤلف : عن إذنك بقى.
فرفور : مع السلامة بس اوعى عسكري يشوفك كده ولَّا كده لحسن يقتبسك على طول.
المؤلف : فرفور، الرواية.
فرفور : ما تخافش، إنت ابعت لي الست بس وأنا ليك عليَّ اعمل اللي ما لا يعمل.
المؤلف : فرفور، الرواية، أنا عايزها تفرقع.
فرفور : الفرقعة عليَّ أنا. دا أقلها واحد حيطلع بطريته إنشا الله.
المؤلف : سمعتني يا فرفور، الجمهور، النقاد، المجد، المشهد السابع في الفصل العاشر ده يا ح يرفعني السما.
فرفور : يا حيجيبك الأرض بإذن الله. م الجهة دي اطمئن أوي حترسى ع الأرض إنشا الله.
المؤلف : فرفور، أنا.
فرفور : ما تخرج بقى (يجري ناحيته منتويًا ضربه).
المؤلف (من الخارج) : فرفور المشهد.
فرفور : السابع من الفصل العاشر، فرقعة، جمهور، طربنة، نقاد، إذاعة، مجد، حلقات، (ثم يغير لهجته) سميط طازة لسه سخن، (ثم ملتفتًا إلى الجمهور) مؤلف قال، هو حد بيألف حاجة، يا عم خليها على الله، (يتجه إلى السيد) يا عم ما تصحى بقى أهو المؤلف مشي والقعدة حتحلو بقى، قوم. (يعدل رأسه ويتركها تسقط على صدره مرة أخرى، يشخر) هو من أولها كده شخير، يا عم اصحى، الله، حدش معاه شاكوش، ما تقوم بقى، دهدي (ويضربه بالمقرعة على رأسه).
السيد (مفزوعًا) : هب هي هم أخ إيه مين فين، إحنا فين.
فرفور : حد عارف احنا فين (ينظر إلى الجمهور) ألا احنا فين صحيح.
السيد : هو انت.
فرفور : أمال يعني كريستين كيللر.
السيد : الله يجازيك، ده انت قطعت عليَّ حتة حلم.
فرفور : حلم إيه بقى إنشا الله؟
السيد (في لهجة حالمة) : كنت بحلم خير اللهم اجعله خير.
فرفور : أيوه كنت بتحلم بإيه، لازم كنت بتحلم إنك نايم؟
السيد (بنفس اللهجة) : لا لا لا، كنت بحلم إني بحلم.
فرفور : وكنت بتحلم إنك بتحلم بإيه؟
السيد : كنت بحلم إني بحلم بإني بحلم.
فرفور : وفي المرة الأخيرة أوي دي، بحلم الأخيرة دي، كنت بتحلم بإيه؟
السيد : إني بحلم.
فرفور (وقد نفد صبره) : وكنت بتحلم إنك بتحلم إنك بتحلم بإيه؟
السيد : كنت بحلم إني بحلم إني بحلم إني بحلم إني بحلم.
فرفور : أمَّا حتة حلم، لا، إنشا الله خير، تعرف تفسيره إيه ده يا سيد؟
السيد : تفسيره إيه.
فرفور : إنك لسه نايم وإنك مش حتصحى إلا أمَّا واحد زيي كده يصحى على نفسه إنه نفسه إن نفسه كده يديلك حتة دين علقة (وينهال عليه ضربًا والسيد يحتج) أصل الحق مش عليك، الحق على المؤلف أبو ركب اللي عملك سيد وسابك تحلم وأنا البراغيت بره هرت جتتي.
السيد : بس يا وله يا عيب، إنت مين انت عشان تضربني؟
فرفور : أنا خدامك فرفور.
السيد : تقوم تضربني؟!
فرفور : وفيها إيه، ديمقراطية، وحشة دي؟
السيد : وتصحيني ليه يا وله؟
فرفور : الله، عشان نشتغل الفصل الأوَّل.
السيد : ح نشتغل ازاي؟
فرفور : إنت سيدي وأنا فرفور، وأنا فرفور وانت سيدي.
السيد : أنا سيدك؟
فرفور : أيوه.
السيد : وفيه سيد حاف كده يا ولد، فين القصر فين الخدم والحشم، فين الجناين فين الخيل فين السنايير فين جناح الحريم فين الأبهة والعظمة فين.
فرفور : أهه (مشيرًا إلى نفسه)، أنا أبهتك وعظمتك وكله.
السيد : إنت؟ جربوع زيك؟
فرفور : لأ، ما هو اعمل حسابك، الرواية لسه ما ابتدتش وأنا ما اندمجتش لسه، لما أندمج وأبقى فرفور ابقى اشتم زي ما انت عايز.
السيد : طب اندمج لي حالًا عشان أوريك، اندمجت؟
فرفور : لسه شوية.
السيد : خلاص.
فرفور : خلاص.
السيد (متفجرًا) : بقى يا فرفور الكلب.
(يُفاجأ بضربة مقرعة حادة على رأسه فينتابه الذعر) الله، جرى إيه يا وله؟
فرفور : معلش حصل خير، أصلي كنت لسه ما اندمجتش أوي.
السيد : ودلوقتي؟
فرفور : لأ، خلاص، اتوكل على الله.
السيد : ما هو اعمل حسابك، أنا المرة اللي فاتت اتخضيت وأنا جسمي مش خالص، اندمجت كويس؟
فرفور : الله، ما تتوكل على الله أمال.
السيد : ألسطة.
فرفور : أوي أوي أوي.
السيد : إنت فرفور وأنا سيده؟
فرفور : تمام تمام، إنت فرفور وأنا سيده، أنا فرفور وانت سيده، أنا سيده وانت فرفور، وانت فرفور سيده، كله تمام.
السيد : طيب ماعكش سيجارة على كده يا وله يا فرفور، أصلي خرمان م الصبح؟
فرفور : وإيه اللي مانعك إنك تشرب ما دام خرمان؟
السيد : وإيه بقى يا حدق اللي بيمنع الناس تشرب سجاير لما تكون خرمانة؟
فرفور : لازم الكحة.
السيد : أيوه الكحة، ما معكش سيجارة بقى؟
فرفور : معايا.
السيد : طب هات سيجارة.
فرفور : طب هات وأنا أجيبها.
السيد : تجيبها منين؟
فرفور : م الدكان.
السيد : ما انت بتقول معاك.
فرفور : ما هي معايا في الدكان، بس عايز لها بريزة والله حاجة أجيبها.
السيد : واللي ما معاهشي فلوس يعمل إيه؟
فرفور : بقى الليلادي كمان مفيش فلوس، ٥٠٠ رواية أعملهم معاك كده مفيش مرة تغلط وتعمل سيد بحق وحقيق وتطلع قرش من جيبك تقول خد يا واد يا فرفور روح اتبشرق به. أسياد إيه دول مش عارف.
السيد : والله ما معايا يا فرفور.
فرفور : طب طلع لسانك كده.
السيد : أهه (يخرج لسانه).
فرفور : أهو إن كنت كدبت مش حيخش تاني.

(يحاول السيد أن يدخل لسانه في فمه مرة أخرى فلا يستطيع، يشير لفرفور وللسانه فيتخلى فرفور عن الموقف تمامًا.)

فرفور : أنا مالي، إنت اللي جيبته لروحك، بتكدب ليه.

(السيد وقد انتابته نوبة عصبية ويبذل جهدًا خارقًا لإدخال لسانه ويشير لفرفور.)

فرفور : أنا مالي يا عم، دي حاجة بينك وبين لسانك ماليش دعوة بيها.

(السيد وقد احمر وجهه وازداد احتقانًا يكاد يختنق، ويشير لفرفور باستعطاف.)

فرفور : تحرَّم؟

(السيد يشير برأسه علامة الموافقة.)

فرفور : معاك فلوس؟

(السيد يشير برأسه علامة الموافقة.)

فرفور : كام؟

(السيد يشير لرقم ٣ بأصابعه.)

فرفور : ٣ جنيه.

(السيد يرفض برأسه.)

فرفور : ٣ صاغ.

(السيد يرفض.)

فرفور : ٣ مليم.

(السيد يرفض.)

فرفور : أمال تلاتة إيه بس؟

(السيد يؤكد أنهم ثلاثة بغيظ وغضب واستعطاف.)

فرفور : ندخَّلله بقى لسانه نشوفهم تلاتة إيه. خلاص دخل لسانك.

(السيد يدخل لسانه ويتحسس وجهه ورأسه ورقبته ويتنفس الصعداء.)

فرفور : تلاتة إيه بقى؟
السيد : تلاتة تعريفة.
فرفور : الله يغمك سيد.
السيد : ماعكشي سيجارة بقى؟
فرفور : لأ، سيجارة إيه، اتوزن بقى واتعدل واندمج خلينا نبتدي لحسن يطب علينا المؤلف يلاقينا قاعدين نهنكر كده نروح في داهية.
السيد : أنا سيد مش كده؟
فرفور : أيوه افلقنا بقى.
السيد : طب سيد وعرفناها، إنما أنا، أنا اسمي إيه؟
فرفور : وأنا إيش عرفني ما تسأل اللي ألِّفَك.
السيد : أنا ما أعرفش إلا انت، أنا اسمي إيه؟
فرفور : إنت اسمك سيد وخلاص.
السيد : لا، لا، لا، هو ده معقول؟ هو فيه سيد من غير اسم؟ اسمع يا وله يا فرفور، سميني يا وله.
فرفور : اسم النبي حارسك، عايزني أسميك؟
السيد : أيوه، شوف لي اسم كده يليق بواحد سيد زيي.
فرفور : ده مش شغلي ده، أنا عليَّ أستلمك متسمي جاهز.
السيد : يا وله أنا بأمرك تلقالي اسم محترم.
فرفور : خلاص، نسميك الجحش.
السيد : إيه قلة الأدب دي يا وله، ده اسم دا يا ولد؟
فرفور : وأنا جايبه من عندي، ما هو كل أسامي الناس المحترمة كده، وكلهم مش ح يعجبوك.
السيد : مين قال لك أنهم مش حيعجبوني؟
فرفور : خلاص نسميك الفار.
السيد : يا وله.
فرفور : بلاش ما تزعلش، القط، إيه رأيك، طب الحيوان.
السيد : يا ولد.
فرفور : إنت فاكرني بألِّف، والله الأسامي عندنا كده، العبيط، المغفل، أي والله صاحب البيت بتاعنا اسمه الأستاذ حامد المغفل، كله كده، عيلة الجمل، الناقة، أبو خروف، أبو معزة، غراب، عيلة الأقرع، الأعمى الأعور الأخنف، وتروح بعيد ليه، الأطرش، أبو قفة، أبو طشت، أبو منشة، قصير الديل، أبو فروة، أبو قتب، أبو حشيش. تسمعشي على ممدوح بك اللي كاتب في الكرت بتاعه ممدوح حسن، تعرف بقيت اسمه إيه، ممدوح حسن الحرامي، نقبه كده.
السيد : ما فيه يا ولا أسامي كويسة؟
فرفور : زي إيه قول لي.
السيد : أباظة مثلًا.
فرفور : وتبقى تخين كده وبنظارات وتمشي على دفع، لا يا عم.
السيد : دوس مثلًا، دوس.
فرفور : وتبقى من أسيوط، لا يا عم.
السيد : وفودة يا وله.
فرفور : لا، لا، لا، فودة ولهيطة وعاشور وشعير وأبو سمرة، كلها أسامي ما تنفعكش، خليك كده سيد محترم من غير اسم أحسن.
السيد : طب الاسم وقلنا بلاش، والشغل؟
فرفور : ماله؟
السيد : أنا باشتغل إيه يا فرفور؟
فرفور : بتشتغل سيدي، عايز أكتر من كده إيه؟!
السيد : لا، لا، ما دام سيد لازم يكون لي شغلة، اسمع يا وله يا فرفور يا وله، نقيلي شغلة محترمة أوي، حاجة كده مودرن خالص Up to date.
فرفور : تشتغل رأسمالية وطنية؟
السيد : مفيش حاجة أحسن؟
فرفور : فيه، تشتغل مثقف؟
السيد : وبيعملوا إيه المثقفين دول عندكم؟
فرفور : ما بيعملوش حاجة.
السيد : إزاي ما بيعملوش حاجة؟
فرفور : أهو دا سؤال يدل على إنك مش مثقف.
السيد : طب وغيره فيه إيه كمان؟
فرفور : تشتغل فنان؟
السيد : فنان إيه! أعمل إيه؟
فرفور : فنان من غير فن.
السيد : وهو فيه في الدنيا فنان من غير فن؟
فرفور : يوهوه، عندنا منهم كتير، دول بيسبحوا ع الواحد (يمد يده داخل ملابسه ويخرجها مقبوضة) تاخد لك كبشة، طب إيه رأيك تشتغل مطرب؟
السيد : أعمل إيه يعني؟
فرفور : تقعد لك ييجي تلاتين أربعين سنة تقول آه.
السيد : آه بس حاف كده؟
فرفور : لا، لا، لا، آهات طرب، يعني مرة آه مفتوحة آها ها ها، ومرة مضمونة أو هو هو هو، ومرة مكسورة إيهيه هيهه.
السيد (باشمئزاز) : وانت ترضى سيدك يعمل كده برضه؟
فرفور : طب إيه رأيك تألف أغاني؟
السيد : ودي ازاي دي؟
فرفور : دي بسيطة أوي، شوف يا سيدي، تروح عند العطار تملا جيب من جيوبك عين الحسود والجيب التاني قول العزال والتالت سهر الليل والرابع جرح الطبيب والخامس السح الدح أمبو، وإن ما لقيتش زي بعضه طبيب من غير جرح، وفي جيبك الصغير شوية رمش عين، وكيلو بحاله سمار، وشوية بياض.
السيد : وأعمل إيه بده كله؟
فرفور : تسرح بيهم ع المطربين تنقي تشكيلة لده وده قرطاس وربك يصلح الحال.
السيد : أعوذ بالله، يا جدع شوف لي شغلة محترمة بقولك.
فرفور : أقول لك، اشتغل مؤلف زي الراجل بتاعنا كده.
السيد : يا فرفور!
فرفور : ما تزعلش، اشتغل محامي.
السيد : وأعمل إيه يعني؟
فرفور : تتحامى في عدالة المحكمة أنها تحكملك.
السيد : وإذا ما حكمتش؟
فرفور : بيقى كسبنا مقدم الأتعاب.
السيد : لأ، أنا أفضل أشتغل وكيل نيابة.
فرفور : الراجل اللي بيعادي الناس ده لله في لله، لا يا عم، اشتغل قاضي أحسن.
السيد : أعمل إيه يعني يا فرفور؟
فرفور : تفضل تدرس في القضايا كويس أوي وتجهز لها الحيثيات وبعدين تيجي في المحكمة تأجلها، مش عاجبك، خلاص، اشتغل دكتور.
السيد : لا يا عم أنا ما بعرفش في الطب.
فرفور : ويعني هم اللي بيعرفوا.
السيد : يابني أنا في عرضك.
فرفور : خلاص اشتغل محاسب. توفر ع الناس الزيادة اللي بتاخدها الضرايب وتاخدها انت.
السيد : يابني.
فرفور : بس، لقيتها لك، أمَّا حتة شغلة بقى، اشتغل لعيب كورة.
السيد : دي عايزة مؤهلات.
فرفور : مؤهلات إيه يا عم اجري العب في الحارة.
السيد : حارة إيه يا جدع، إحنا حنلبخ.
فرفور : ما هي دي المؤهلات والله، تطوح الكتب والكراريس وتروح تلعب لك في الحارة سنتين تلاتة لغاية لما تبقى ستاشر سبعتاشر، شبل يعني، تبص تلاقيهم اكتشفوك وبقيت نجم، كابتن لطيف يبص لك ويقول أمَّا حتة ولد، برافو يا سيدو، المدرجات كلها بتنبح صوتها سيدو، سيدو.
السيد : لا، لا، دا الكورة دي لعب عيال.
فرفور : طب وماله ما احنا كلنا عيال، بس فيه عيال كبار وعيال صغار.
السيد : يعني كل الناس دول عيال؟
فرفور : عيال كبار وحياتك، قصدي كبار عيال.
السيد : طب والواحد يعرف العيل الكبير م الصغير ازاي؟
فرفور : من شنبه، اللي له شنب …
السيد : يبقى الكبير.
فرفور : يبقى الصغير يا عبيط، أصلهم لما بيكبروا بيحلقوا شنباتهم.
السيد : أمال تعرفهم من بعض ازاي يا وله.
فرفور : أقول لك أنا، العيل الكبير تعرفه لما تلقى معاه عيلة.
السيد : عيلة كبير زيه؟
فرفور : لأ يا عبيط، عيلة صغيرة.
السيد : اللي أفهمه كبير يعني معاه عيلة كبيرة.
فرفور : كبير يعني معاه عيلة صغيرة.
السيد : طب والعيلة الكبيرة؟
فرفور : تلقاها دايمًا مع عيل صغير.
السيد : دي حاجة تلخبط.
فرفور : دي تضحك وانت الصادق. الصغيرين عايزين يكبروا، والكبار عايزين يصغروا، ودول لما بيكبروا بيصغروا ولما بيصغروا يحبوا يكبروا يقوموا يصغروا أكتر، حاجة تضحك، شايف أنا بضحك ازاي (يمط فمه ويظهر أسنانه في حركة لا ابتسام فيها)، بس لقيتها لك أمَّا حتة دين شغلة.
السيد : إيه؟
فرفور : إيه رأيك تشتغل مذيع؟
السيد : لا، لا، لا يا عم، عارفه، مش الراجل الرغاي أوي ده، اللي ما يلاقيش حد يرغي معاه يقفل عليه أوضة ويكلم نفسه ويفتكر إن الناس مش سامعاه.
فرفور : طب إيه رأيك تشتغل عسكري مرور؟
السيد : بيعمل إيه ده؟
فرفور : ده راجل زي حالاتنا كده مالوش عربية، إنما طول النهار قاعد يتحكم في اللي عندهم عربيات، ولَّا أقول لك، اشتغل بواب في هيلتون، أهو بلبسك ده يقبلوك على طول ويدولك بدل لبس كمان.
السيد : أعمل إيه يعني؟
فرفور : شحات أفرنجي، تقف وجيه كده ومن غير ما تمد إيدك اللي داخل واللي طالع يديلك.
السيد : مفيش يا بني شغلانة عندك الواحد ياكل منها عيش بعرق جبينه؟
فرفور : فيه، اشتغل حرامي.
السيد : طب أنا مستعد.
فرفور : تحب بقى تشتغل حرامي كبير ولَّا متوسط ولَّا حرامي على قد حاله؟
السيد : ودي عايزة كلام! حرامي كبير طبعًا.
فرفور : خلاص بقى اشتغل في التصدير والاستيراد والمقاولات.
السيد : والحرامي المتوسط؟
فرفور : ابقى افتح لك بقى جمعية تعاونية ولَّا بوتيك.
السيد : إلا دي، واللي على قد حاله.
فرفور : ده الغلبان بقى اللي بيسرق بعرق جبينه، يطلع على مواسير يسطى على بيت، ينشل له محفظة وتطلع فاضية، حاجة زي كده.
السيد : لأ، أنا حاشتغل تُرَبي.
فرفور : أف، اخص عليك، حد يشتغل على حرْف الدنيا كده، يعني إن فلتت رجله مرة ينزل في الآخرة.
السيد : مش أحسن م السرقة.
فرفور : والله، أكبر كلمة، السرقة أحسن.
السيد : يبقى خلاص بقى أشتغل مخبر.
فرفور : مش الراجل ده اللي بتبقى كل الناس عارفه أنه مخبر وهو الوحيد اللي مش عارف، أقول لك، اشتغل مهندس أحسن.
السيد : هو أنا يابني فيَّ حيل.
فرفور : خلاص يبقى حيعملوك باشمهندس (ثم يغير لهجته) طب إيه رأيك تسيب دا كله وتشتغل موظف حكومة، وآدي انت عندك المؤهلات؟
السيد : إزاي يعني؟
فرفور : إنت مش عايز حتة تنام وتفضل تحلم فيها إنك بتحلم إنك بتحلم. عندك من يوم القبضية ليوم القبضية شهر بحاله تحلم فيه.
السيد : إيه رأيك نفسي أشتغل سواق تاكسي.
فرفور : إنت بتشوف كويس؟
السيد : طبعًا.
فرفور : بتعرف شوارع مصر؟
السيد : حارة حارة.
فرفور : تعرف تقعد ساعة من غير ما تسب الملة؟
السيد : أيوه.
فرفور : وإذا شاور لك راكب والعربية فاضية تقف؟
السيد : دا لازم أقف.
فرفور : تبقى ما تنفعشي تشتغل سواق.
السيد : طب كمساري، والنبي كمساري.
فرفور : تعرف تعوم؟
السيد : أعوم فين؟
فرفور : في عرقك.
السيد : ودي لازمة دي؟
فرفور : أوي، إن ما عرفتش تعوم في عرقك لازم تعرف تعوم في عرق غيرك، ما عرفتش كده ولا كده تبقى ما تنفعش.
السيد : إنت يعني إيه حكايتك بالضبط، إنت يا وله مفيش حاجة عاجباك أبدًا، إنت ناقد يا وله، إيه، كل الشغل اللي خلقه ربنا مش عاجبك، أمال الناس دي عايشة ازاي، ما كل واحد زمانه بيشتغل في شغلانة ومبسوط والحمد لله.
فرفور : ومين قال إنهم مبسوطين، هم لو كانوا مبسوطين كانوا لفوا علينا.
السيد : ومين قال لك إنهم مش مبسوطين؟
فرفور : وح تغلبني وأغلبك ليه، أهم قدامك، نسألهم، إنتو يا جماعة ياللي هنا، إنتو يا اخوانا يا عالم يا هوه، اللي مبسوط من شغله يرفع إيده. (ينتظر قليلًا) أهه، شايف بقى يا سي سيد ولا واحد رفع إيده.
السيد : كداب في أصل وشك، فيه واحد هناك أهه رافع إيده م الصبح.
فرفور : اللي هناك ده، إنت رافع إيدك يا أخينا، ما تقف كده خلينا نشوفك (ويقف المتفرج وهو لا يزال رافعًا يده)، إنت مبسوط من شغلك؟
المتفرج : أوي أوي.
فرفور : وبتشتغل إيه؟
المتفرج : بدور على شغل.
فرفور : جالك كلامي!
السيد : أمال لما ماحدش عاجبه شغله بيشتغلوا ليه؟
فرفور : من قرفهم بعيد عنك.
السيد : من قرفهم بيشتغلوا؟
فرفور : ويعني عاجبك شغلهم أوي، ما هو راخر يقرف.
السيد : يعني الواحد عشان ينقي له شغلانة كويسة …
فرفور : ينقي أقرف شغلانة.
السيد : يعني أحسن شغلانة هي أقرف شغلانة. خلاص. استبينا. حاشتغل تُرَبي، هه، ياللا بينا.
فرفور : رايح فين؟
السيد : رايح أشتغل.
فرفور : تعمل إيه؟
السيد : أهه نسلى شوية، نفحر لنا قبر ولَّا اتنين نفوت النهار.
فرفور : أمَّا انت حتة سيد إنما سيد صحيح، ده كل شيء في الدنيا بيتعمل جاهز إلا القبور دي لازم تتعمل تفصيل، هو فين الميت ده اللي حتفحر له؟
السيد : موجود.
فرفور : فين؟
السيد : موجود، زمانه دلوقتي بيعدي من شارع مش واخد باله، راكب معدية، سايق عربية لوري وحابس له بنفسين، رايح مستشفى الدمرداش، كلها ساعة وتلاقيهم جايبينه.
فرفور : يعني انت ضامنه في جيبك؟
السيد : إلا ضامنه، ده خصوصًا الراجل بتاع الدمرداش ده، ده أكيد.
فرفور : وإشمعنى الدمرداش يعني، والقصر العيني كويس؟
السيد : لا، أصل القصر العيني مالوش دعوة، ده العيان بيموت قبل ما يخشه.
فرفور : يعني انت متأكد إن جايلك ميت جايلك ميت؟
السيد : متأكد أوي، ده مفيش النهاردة أسهل من الموت، ديك النهار واحد أعرفه جه يحلق دقنه مات.
فرفور : اللي أعرفه أنقح، جه يتولد مات.
السيد : مسكين ما لحقش يعيش.
فرفور : قصدك ما لحقش يموت.
السيد : قصدي يعيش.
فرفور : ودي عيشة دي اللي الناس تعيشها عشان تموت؟!
السيد : دي نكتة.
فرفور : ونكتة بايخة كمان.
السيد : باينها كده واحنا مش عارفين.
فرفور : يبقى أحسن حاجة إننا نقبلها.
السيد : عشان تبقى إيه؟
فرفور : تبقى نكتة كويسة على الأقل.
السيد : إزاي؟
فرفور : بدل ما نعيش عشان نموت، نموت عشان نعيش.
السيد : إزاي نموت عشان نعيش؟
فرفور : بقولك تبقى نكتة كويسة، يعني بدال ما ننوي نعيش ونخاف ونتغم م الموت ليطب علينا، ننوي نموت، نقوم كل يوم نعيشه نفرح إننا عشناه، وإذا متنا يبقى ما جبتش من عندها حاجة.
السيد : ويبقى في الحالة دي أحسن طريقة إن الناس تشتغل تُرَبية.
فرفور : بس العيب بقى يشتغلوا تُربية؟ على مين؟ يدفنوا مين؟
السيد : يدفنوا بعض.
فرفور : طيب وجبت إيه من عندك، ما هم طول النهار بيعملوا كده.
السيد : إنت يا واد يا فرفور بتتكلم كده زي الفلاسفة.
فرفور : أنا؟ فشر، أنا أعمل زي الجماعة دول، ده أنا ضيعت عمري أقرأ فلسفة وأقعد لك بالسنة أقرأ في كتب عشان قال إيه، يثبتولي فيها في الآخر إني قال إيه موجود.
السيد : إنت كنت غاوي فلسفة ولَّا إيه؟
فرفور : أبدًا، أنا كنت بدور لي على شغلة، وبأقرا عشان أشوف أحسن شغلة إيه وأحسن ليه، والنتيجة ضيعت عمري أقرا في كلام دمه تقيل، قال إيه، مأساة الإنسان، والوجود والعدم ولحظة الاختيار، والإرادة الحرة، والدفعة الأولى … أنا مالي أنا، ومال ده كله، أنا عايز فلسفة تقول لي أشتغل إيه، أنا أنا يا فرفور، يا بني آدم، ياللي بقرصه دلوقتي يحس، أشتغل إيه؟ وأشتغله ليه؟ محدش قال لي، وكانت النتيجة أني أهه بشتغل فرفور.
السيد : ده انت كمان سطرين بالشكل ده تبقى شاعر.
فرفور : من الجماعة دول اللي إذا شبعوا يتغزلوا في الجوع وإذا جاعوا يتغزلوا في الشبع، وإذا اتعذبوا يقولوا شعر وإذا اتبسطوا يسموه الضياع، وإذا حبوا يلعنوا الحب وإذا بطلوا يحبوا يلعنوا أبو اللي ما يحب، لا لا يا عم، ابعدني عنهم الله يخليك.
السيد : وانت تطول، دول بيعبروا عن اللي بيوجع الناس.
فرفور : ودي جدعنة دي.
السيد : أمال اللي يصبر على الألم يبقى هو الجدع؟
فرفور : ولا دي رخرة جدعنة، لا اللي صابر جدع ولا اللي بيزعق جدع.
السيد : أمال الجدع مين؟
فرفور : إنت عايز الحق، عايز الجدع، الجدع يعني؟
السيد : أيوه.
فرفور : الجدع الجدع؟
السيد : اللي ينتحر؟
فرفور : دي هيافة دي.
السيد : اللي يتصوف؟
فرفور : دي قلة حيلة.
السيد : اللي يعيش كده وخلاص؟
فرفور : ما تبقاش عيشة، دي تبقى موت حي.
السيد : أمال مين بقى الجدع الجدع؟
فرفور : ما اعرفش، هيه آديني ضحكت عليك وخدت الحنة من إيديك.
السيد : تبقى انت الجدع.
فرفور : أمَّا إنك سيد عبيط صحيح، هو فيه حد النهاردة جدع، ياللا يا أخي نشوف شغلنا دا أحنا يادوبك اخترنا لك الاسم واخترنا لك الشغل، ياللا بقى الوقت بيسرقنا.
السيد : احنا اخترنا حاجة؟
فرفور : حانعمل إيه ما هو احنا كده يا جنس آدم، لما نعجز وما نلقاش قدامنا إلا حل واحد نقول أهو ده الحل اللي اخترناه، ياللا بقى اشتغل خلينا نخلص.
السيد : أفحر يعني؟
فرفور : أيوه يا أخي ياللا.
السيد : من غير ميت؟
فرفور : الله، مش انت اللي قلت؟
السيد : حاضر، نشتغل، أمرنا إلى الله نشتغل، بس يكون في علمك، آه، أنا لازم تنطبق عليَّ كل قوانين عقد العمل الفردي، آه، لا فصل تعسفي ولا جزاء بدون تحقيق ولا كلام فارغ من ده.
فرفور : هو من أولها كده؟
السيد : أنا حاكم أحب أعرف حقوقي، واحنا لينا حقوقنا، آه، الإيد لوحدها ما تسقفش، مش كده ولَّا إيه ياخوانا؟ دا احنا اللي بنعرق يبقى لازم احنا اللي ناخد نتيجة عرقنا، كده ولَّا لأ يا رجاله؟
فرفور : طب مش تشتغل شوية بس عشان تحلل الكلمتين.
السيد : لأ، الشرط نور، والشرط عند العمل ينفع ساعة الرفد، وأنا ما أحبش أترازل على حد ولا حد يترازل عليَّ، مفهوم كده ولَّا مش مفهوم؟
فرفور : مفهوم.
السيد : استبينا يعني؟
فرفور : استبينا.
السيد : طب آدي الفاس أهه واشتغل انت.
فرفور : أنا اللي أشتغل؟
السيد : الله؟ أمال مين اللي يشتغل؟
فرفور : إنت.
السيد : لأ أنا سيدك وانت اللي تشتغل لي.
فرفور : وعقد العمل والرزالة والرفد وكل ده؟
السيد : ماشي كله.
فرفور : عليَّ؟
السيد : لأ، علي أنا.
فرفور : وعليك ليه مش أنا اللي حاشتغل!
السيد : ما أنا راخر حاشتغل برضه.
فرفور : حاتشتغل إيه؟
السيد : سيدك.
فرفور : تعمل إيه يعني؟
السيد : أسيد عليك.
فرفور : تسيد عليَّ؟ ودي شغلة دي، لا يا عم يفتح الله، تسيد عليَّ دا إيه، إحنا فين! والله ما أخبط فيها ولا خبطة.
السيد : ما هو دورك كده يا وله، إنت مش عارفه؟ إنت حتستعبط، إنت مش عارف الرواية كده؟
فرفور : الرواية يعني أنا أشتغل كل حاجة وانت سيد بس؟
السيد : استعبط بقى استعبط.
فرفور : وحد يعمل رواية بايخة بالشكل ده؟ اوعى تكون انت اللي عاملها.
السيد : إنت الظاهر ما ألِّفتش قبل كده، يا مؤلف، يا سيد مؤلف (يظهر المؤلف).
المؤلف : فيه إيه؟ جرى إيه؟ اوعوا تكونوا خرجتوا ع النص.
السيد : سي فرفور خرج يا سيدي، مش عاجبه حكاية أنا سيده دي.
المؤلف : إزاي ما تعجبوش، هو ده شغله؟ ماله هو ومال الكلام ده، إنت سيد يعني سيد، وانت فرفور يعني فرفور ورجلك فوق رقبتك، سامع ولَّا لأ؟
فرفور (يرفع رجليه فوق رقبته) : سامع سامع.
المؤلف : وتاني مرة حتزعجوني بالشكل ده، على بره على طول، فاهم؟
فرفور : بس لو ماكنش خلقك ضيق.
المؤلف : إياك تنطق حرف من عندك، اعمل حاضر، اكلم حاضر، روح حاضر، تعالى حاضر.
فرفور : حاضر، اتفضل انت بقى من غير مطرود، خلاص، عُلم.
(ثم للسيد) ويعني كان لزمتها إيه تسمعنا الكلام ده، طيب بس أمَّا يمشي.
المؤلف : أنا ماشي أهه، وتاني مرة.
فرفور (مقاطعًا) : مفيش تاني خلاص، مفيش، مفيش، تبنا، حرمنا.
المؤلف : إياك.
فرفور : إياك انت بس ما تنساش تبعت لنا الست.
المؤلف : أقسم …
فرفور : مفيش داعي، مفيش داعي، مع السلامة.

(يخرج المؤلف.)

فرفور (مكملًا حديثه) : طيب يا سيد الأذى انت، إن ما وريتك.
السيد : ياللا يا وله يا فرفور ما تضيعش وقت، شيل الفاس واشتغل.
فرفور : أمري إلى الله، نشتغل (يرفع الفأس ويريد أن يهوى بها).
السيد : حيلك، ما تفحرش هنا.
فرفور : أمال فين؟
السيد (مشيرًا إلى مكان آخر) : هنا.
فرفور : واشمعنى هنا ومش هنا؟
السيد : لأن ما دام انت عايز تفحر هنا وأنا عايزك تفحر هنا، فيبقى هنا بتعتي أحسن من هنا بتاعتك.
فرفور : وفي أي كتاب نزلت دي؟
السيد : ما دام سيدك يبقى رأيي دائمًا أحسن من رأيك.
فرفور : حتى لو كان رأيي صح، ورأيك غلط؟
السيد : وهو فيه يا ولد رأي صح ورأي غلط، الرأي الصح هو رأيي والرأي الغلط هو رأيك.
فرفور : وأنا بقول غير كده؟
السيد : تبقى غلطان، كده من غير نقاش غلطان.
فرفور (ناظرًا إليه ومتنفسًا بصعوبة) : يعني أفحر هنا؟
السيد : أنا قلت هنا؟
فرفور : أمال فين؟
السيد : هنا يا بجم (مشيرًا إلى مكان آخر).
فرفور : هنا.
السيد : وهو هنا زي هنا، أنا بقول هنا.
فرفور : اللي انت عايزه، حاضر، هنا؟
السيد : يا باي على الغباء الأزلي ده، يا أخينا قلنا هنا (مشيرًا إلى اليمين) يعني هنا (مشيرًا إلى اليسار) مش فاهم يعني إيه هنا (مشيرًا إلى الأمام).
فرفور (بغباء) : يعني إيه هنا؟
السيد (مشيرًا إلى الخلف) : يعني هنا.
فرفور : الحق الحق مش فاهم، فاهم انت؟
السيد : أنا كل اللي أفهمه كويس أني سيدك وخلاص.
فرفور : سيدي، إنت يا سيدي، إلا قول لي يا سيدي.
السيد : عايز إيه؟
فرفور : إلا انت سيدي ليه؟
السيد : مش عارف أنا سيدك ليه يا ولد؟
فرفور (مشيرًا إلى الفأس المستقرة على الأرض) : إن شاء الله أنسخط زي اللي نايمة دي ما أعرف.
السيد : أمَّا انت فرفور مسخة صحيح، ما تعرفش أنا سيدك ليه يا ولد؟
فرفور : أنا ما أعرفش، تعرف انت؟
السيد : ما هو من ضمن شغلي يا واد إني ما اعرفش، أمال انت فرفور ليه؟ إنت فرفور بتاعي يبقى لازم تعرف لي.
فرفور : طب أنا في دي ما اعرفش.
السيد : وأنا ما اعرفش، فيبقى ما اعرفش بتاعتي تمشي على ما أعرفشي بتاعتك.
فرفور : وبعدين؟
السيد : واشمعنى دلوقتي اللي بتسأل، ما بقى لنا ألف رواية مع بعض.
فرفور : هو السؤال حرم.
السيد : خلاص، اسأل المؤلف، أنا مالي أنا، هو اللي مألفك يعرف شغله معاك ح تدوشني أنا ليه.
فرفور : دي مسألة بالعقل، لا عايزة مؤلف ولا حاجة، هو انت يا أخي مش بني آدم زيي بالضبط، حتى إذا مشينا ورا داروين انت اتطورت من قرد وأنا اتطورت من قرد زيك.
السيد : مين عارف يمكن جدك القرد ده كان قرد فرفور عند جدي.
فرفور : مفيش في القرود أسياد ولا فرافير أبدًا.
السيد : يبقى خلاص انت معايا بقى إن البني آدمين بس هما اللي بيقدروا يبقوا أسياد وفرافير.
فرفور : مين قال كده؟
السيد : والله ده رأيي وإذا ما كنشي عاجبك اسأل المؤلف.
فرفور : دا مشي من زمان.
السيد : نادي عليه.
فرفور (مناديًا) : يا أخينا يا مؤلف.
السيد : يا جدع اتأدب، إنت عارف المؤلفين دول ناس يحبوا إنك تفخمهم وتعظمهم وتنافقهم.
فرفور : يا سيادة المؤلف، يا سعادة المؤلف، يا أعظم وأكبر وأمتن وأجعص مؤلف.

(يدخل المؤلف على هيئة قزم أو صبي صغير طوله نصف طول المؤلف الأوَّل ولا يزال بالبنطلون القصير.)

المؤلف : عايز إيه يا فرفور؟
فرفور : هو انت المؤلف؟
المؤلف : أمال مين يعني؟ إنتو بتشتغلوا مع مؤلف تاني؟
فرفور : لا، معاذ الله، إحنا مش من دول يا حضرة، بس يعني بيتهيألي إن حضرتك صغرت شوية.
المؤلف : ما يمكن العكس وتكونوا انتو اللي بتكبروا.
السيد : لو تكرمت بقى يا سيادة المؤلف تقول لفرفور أنا سيد ليه؟
فرفور : أيوه ليه.
المؤلف : ودي عايزة سؤال دي، دي حقيقة زي الشمس، كمان شوية تيجي تقول لي انت المؤلف ليه، مفيش حاجة هنا في روايتي اسمها ليه، فيه نعم وبس، فاهم؟
فرفور : ليه؟ (ثم مستدركًا بسرعة) نعم.
المؤلف : أنا عارف ألاعيبك دي يا فرفور، وانت مش حترجع مرة إلا أما تفوق تلاقيك مرمي برة في الشارع. اسمع، ده سيدك من غير ليه ومالهش، وانت فرفور من غير كاني ولا ماني وأي حاجة يقول عليها لازم تعملها، ماذا وإلا (يشير بيده فيخطو داخل دائرة المسرح عملاقان ضخمان رهيبان في نظراتهما توحش وتحدٍّ) أخليهم يرموك بره، سامع.
السيد : سمعت يا فرفور.
فرفور : سامعين سامعين واحده له وواحده لك وواحده للجماعة دول وخلصونا بقى مع السلامة.

(المؤلف يستدير ليخرج ويخطو بضع خطوات ثم يلتفت ناحية فرفور بنظرة قاسية.)

فرفور : عارف، المجد، الحلقات، النقاد، المشهد السابع في الفصل العاشر، الفرقعة، الطربنة … عارف كله، بس اوعى تنسى تبعت لنا الست.
المؤلف : أقسم ﺑ…
فرفور : يا عم روح الله يسهل لك.

(يخرج المؤلف ويتراجع العملاقان.)

السيد : سمعت بقى يا فرفور.
فرفور : سمعت ما سمعتش، اللي حصل، إحنا كُنَّا فين (يرفع الفأس) نشتغل بقى.
السيد : لأ، أنا ماعنتش قادر أشتغل، أنا تعبت.
فرفور : تعبت من إيه؟
السيد : م الشغل.
فرفور : الحقيقة الحقيقة كان الله في عونك، دا انت لازم تستريح حالًا.
السيد : أنا مش عايز أستريح.
فرفور : أمال عايز إيه؟
السيد : عايز أتجوز.
فرفور : إيه؟
السيد : أجوز، مش فاهم يعني إيه أجوز.
فرفور : طب ما تجوز، حد حاشك، والله يكونش عايز أجوز له كمان.
السيد : وفيها إيه دي، مش أنا سيدك وانت فرفوري.
فرفور : لا والنبي يا سيد، قول لي أكسر حجر أكسر، أطحن زلط أطحن، إنما بلاش حكاية الجواز دي.
السيد : إنت مالك انت يا أخي، إنت حتجوز لك؟ إنت حتجوز لي أنا.
فرفور : مين عارف، جايز تثبت عليَّ وأروح فيها.
السيد : يا فرفور اسمع الكلام.
فرفور : ما بلاش يا سيد، ما انت بصحتك أهه، ومزاجك رايق، إنت غاوي نكد.
السيد : يا واد الواحد مِنَّا ما يقدرشي يستغنى عن الجواز.
فرفور : يقوم يستغنى عن عمره ويتجوز.
السيد : يا ولد.
فرفور : بررررم، أجوز له ده إيه، وأجوز لك مين بقى؟
السيد : أنا عارف، ده شغلك انت، إنت عايز تدخلني في شغل الفرافير كمان.
فرفور : يعني أنا أدور على العروسة وألقاها وأشبكها وأخطبها وأكتب كتابي عليها و…
السيد : وتستنى عندك لغاية هنا وتفرمل.
فرفور : تسيبلي يعني كل العليق اللي في الدنيا وانت تاخد الورد ع الجاهز، دانت سيد رزل أوي.
السيد : أهي كل الأسياد كده، ياللا شوف شغلك.
فرفور (هازًّا رأسه باستسلام) : أمرنا إلى الله، ندور لك على عروسة، يا حضرات، يا سادة، يا سيدات وآنسات وعوانس، عريس من عيلة ويشغل منصبًّا هامًّا ويميل إلى الهدوء ويحب النوم، يطلب زوجة، حدش له غرض، مفيش من عروسة ست بيت ممتازة، ولونها خمري، وتقدس الحياة العائلية وهوايتها نط الحبل، وقراءة قصص الحب، حدش.
السيد : سكت ليه ما تكمل، ما تتحرك.
فرفور : أتحرك أروح فين يا أخ، هو الباب خبط!
السيد : هو ما خبطشي؟
فرفور : لأ ما خبطشي.
السيد : طب وبعدين؟
فرفور : ولا قبلين، أنا موصيه مخصوص حضرة المؤلف ده اللي بس كل شغلته أنه يحمر لي عينه، وقلت له ما ينساش يبعتها، اتفضل، أهو زمانه نسي، مين عارف في أنهي حلقة دلوقتي ولَّا في أنهي إذاعة، زمانه خلاص وصل الإرسال في أبو زعبل وهو قاعد في بار الأنجلو.
السيد : هي مش كانت مفروض تخبط دلوقتي؟
فرفور : ما هو المفروض ده بيمشي عليَّ أنا بس، إنما هو، إنت سمعت حد بيخبط؟
السيد : اسمع كده.
فرفور (يتسمع بطريقة تضحك) : دا باينه خبط في دماغك بس يا سيدي.
السيد : وبعدين؟ يرضيك كده نقف قدام الناس دي مستنينها زي الغسيل المبلول في يوم شتا.
فرفور : لا ما يرضنيش، إنما أقول لك، عندي فكرة، إيه رأيك تسيبك م المؤلف ده والست بتاعتك ونجوزك حد م الموجودين دول.
السيد : يا نهارك منيل، دول متفرجين يا وله، دول جايين يتفرجوا مش يتجوزوا.
فرفور : أهي بتبتدي كده، الواحد يروح يتفرج يلاقي نفسه مكلفت في جوازة، أهم قدامك أهم، نقي يا عم اللي تعجبك.
السيد : يعني أجمد قلبي يا وله يا فرفور وأختار، توكلنا على الله، (يدور بعينيه في خلال الصالة والجمهور) إيه رأيك في دي يا فرفور، والله دي، باين عليها مش بطالة أبدًا، ولَّا استنى استنى، إيه رأيك في اللي قاعدة هناك دي، دي جنان خالص.
فرفور : اللي قاعدة هناك دي؟
السيد : أيوه.
فرفور (يضربه على رأسه بالمقرعة) : دي أمي يا وله.
السيد : طيب وإيه رأيك في دي؟
فرفور : أنهين؟
السيد : اللي لفة على رقبتها الإشارب الأحمر ده.
فرفور : دي؟
السيد : أيوه دا أنا جنني أوي البتاع الأحمر ده.
فرفور : دي كرافتة يا جدع، لابسة راجل.
السيد : طب وإيه رأيك في دي؟
فرفور : اللي هناك دي، دي متجوزة يا ولد يا سيد.
السيد : وعرفت منين؟
فرفور : مش شايف معاها اتنين رجالة.
السيد : طب وإيه رأيك في اللي لابسة البرنيطة السودا الهايلة دي.
فرفور : دي؟
السيد : أيوه.
فرفور : ده عمك الدكتور مندور جك عمى في عينك.
السيد : أنا غلب حماري يا فرفور، اختار لي انت.
فرفور : بس على شرط …
السيد : إيه؟
فرفور (مراجعًا نفسه) : ولَّا بلاش.
(يمسح الصالة بسرعة البرق ثم تستقر عيناه عند مقدمة اللوج أو البنوار الأيسر) بس لقيتها لك.
السيد : فين؟
فرفور : اللي قاعدة هناك دي في اللوج اليمين.
السيد : مش شايفها، هو فين اللوج اليمين ده؟
فرفور : شايف اللباية اللي بيقزقزها الراجل المحترم اللي قاعد هناك ده؟
السيد : أيوه شايفها.
فرفور : أهو تحود بعديها على إيدك اليمين على طول، شفتها؟
السيد : الحقيقة ما شفتهاش، إنما أنا راضي، أجوزها.
فرفور : كده من غير ما تشوفها؟
السيد : كفاية أنها قاطعة لوج يا أخي، لازم متريشة.
فرفور : سامعين يا بنات ياللي في الصالة، أهه نص ريال فرق أهه، جاب عريس.

(ثم يتجه إلى اللوج الأيمن.)

إنتي يا ست ياللي قاعدة في اللوج اللي جنبنا، تسمحي تبصي لنا هنا، هنا.
السيدة : إنت بتكلمني أنا؟
فرفور : أنا مالي، أنا بكلم القمر.
السيدة : يا سم …
فرفور : آخد منه ملء يدي تلات مرات يوميًّا زي أومو عشان عيونك.
السيدة : إيه الكلام البلدي ده. إنت عايز إيه؟
فرفور : تتجوزي سيدي يا روح قلب فرفور سيدك.
السيد (متدخلًا) : إيه الكلام ده يا ولا، ده يهربها. اوعى انت، تسمحيلي.
فرفور : اجري انت بس. اقعد هناك ومالكش دعوه، ده شغلي أنا ده، إنت مش قلت أنا اللي حاشتغل حتعمل لي فرفور دلوقتي، اجري احترم نفسك واعمل سيد.
(ثم يعود لمخاطبة السيدة) تتجوزي سيدي يا روح قلب فرفور سيدك؟
السيدة : ويطلع إيه سيدك ده؟
فرفور : يطلع ميت كيلو كده.
السيدة : وبيشتغل إيه؟
فرفور : جينا للإحراج بقى، طب تسمحي يعني تيجي لنا هنا شوية.
السيدة : أنا ما اتنقلشي من مطرحي إلا أمَّا أعرف بيشتغل إيه.
فرفور : حاجة كده يعني يعني عكس دكتور الولادة.
السيدة : أنا ما يهمنيش كمان بيشتغل إيه، عنده فلوس؟
فرفور : زكايب زكايب زكايب.
السيدة : يبقى مبدئيًّا آجي.

(تتحرك من مكانها وتأتي إلى المسرح.)

واسمه إيه بقى سيدك ده؟
فرفور : والله من جهة الاسم، سميه على كيفك.
السيدة : ليه هو من عيلة مين، اوعى يكون اسمه وحش؟
فرفور : والله هو لا وحش ولا حلو، أصله من عيلة اللي ما يسموش.
السيدة : بلدي أوي الاسم ده، على العموم أنا مستعدة أديله اسم عيلتي.
فرفور : وحضرتك من عيلة مين؟
السيدة : الهايف، دي عيلة مشهورة أوي، ما تسمعشي عليها؟
فرفور : ما سمعشي ازاي، دا ليها فرع في كل مكان، هو فيه أكثر م الهياف.
السيدة : اسمع يا … إنت اسمك إيه؟
فرفور : فرفور.
السيدة : اسمع يا جارسون فرفور، أنا يهمني أوي أوي حريتي، أنا ماحبش حد يحجر عليَّ أبدًا، هو سيدك ده رجعي؟
فرفور : مش فاهم رجعي يعني إيه.
السيدة : إذا كان يخليني أرجع البيت الساعة اتنين أو أكتر يبقى كويس، قبل كده يبقى رجعي.
فرفور : والله من الجهة دي اطمني أوي، ده بينام نوم.
السيدة : ويسمح لي أحتفظ بأصدقائي، الرجالة يعني.
فرفور : والله ما أعرفش، حاكدب عليكي.
السيدة : ده أنا حتى في الطلب ده متواضعة أوي، دي كاكي قلقاس اشترطت على جوزها أنها تاخد البوي فرند بتاعها يقعد معاهم في شهر العسل.
فرفور : عندها حق، إيه يعني حتة فرند، ولما يعمل مهما يعمل أهو إيه، حتة بوي، خلاص يا ستي، تجوزي سيدي.
السيدة : أنا معنديش مانع نتجوز شهر تحت التجربة، ما نفعشي نطلق.
فرفور : يا ستي دا الموظف بيقعد تلات أشهر تحت التجربة، تتطلقوا ازاي بعد شهر، وإذا كان حصل يعني في الشهر ده حاجة ولَّا محتاجة.
السيدة : إيه يعني، أعمل أبنديسيت والله لوز.
فرفور : دا أنا قصدي …
السيدة : ما أنا قصدي كده برضه.
فرفور : طب وإيه العلاقة بين المصران الأعور واللوز والحاجة اللي بتتكلمي عليها، مش فاهم.
السيدة : بنسميها واحنا داخلين المستشفى، أبنديسيت، والله أحيانًا نقول داخلة تعمل اللوز، أنا دايمًا أقول كده.
فرفور : وانتي دايمًا؟
السيدة : أعمل إيه، ده مرة نشروا في الجرايد إني عملت أبنديسيت مرتين في شهر واحد.
فرفور : وبيتنشر في الجرايد كمان؟!
السيدة : أصل احنا ما نحبش نعمل حاجة في السر، كله كده بالمفتوح.
فرفور : وعلى كده بقى حضرتك عملتي عملية المصران الأعور كام مرة؟
السيد : مش فاكرة ٧-٨ مرات، حاجة كده.
فرفور : واللوز؟
السيدة : إياي ما اتعدش، خصوصًا آخر مرة.
فرفور : كان لوز ولَّا أعور؟
السيدة : أعور، ده كان عليه جوز عيون خلوني خرجت من هنا ورجعت لهم المستشفى بعد أسبوع.
فرفور (بصوت عالٍ) : الحق يا سيد، يا سيد، اوعى تكون نمت.
السيد : إيه، جرى إيه، إحنا فين، إنت مين؟
فرفور : آدي العروسة أهه يا سيد، حاجة عز الطلب، آخر جمال، من أكبر عيلات مصر، عيلة الهايف، ونضيفة مما جميعه، لا عندها لوز ولا مصران ولا أسنان مسوسة، كله كله شايلاه، وإذا ما عجبتكش، مستعدة تشيله تاني وتالت، إيه رأيك؟
السيد : يعني عاجباك يا فرفور؟
فرفور : أنا قدام الناس دي مستعد أبقى لوزة في جزمتها، إنما دي مسألة مزاج.
السيد : شوف يا فرفور إذا كان مزاجي عاجباه الست دي ولَّا لأ.
فرفور (يتوجه بالكلام إلى الناحية الأخرى) : عاجباك يا مزاجه، (ثم يصدر صوتًا من بطنه) أوي أوي أوي، (ثم لسيده) سمعت بودانك.
السيد : سمعت، ياللا بقى، جوزنا يا فرفور.
فرفور : وأنا أشتغل بدل مأذون كمان، ياللا، إيدك يا ستي (ترتجف يده قبل أن يمسك بيدها) إيدك يا سيدي، هس، إنت يا سيدي ياللي اسمك سيدي تقبل تجوز (صوت خبط على الباب).
السيد : إيه ده يا واد يا فرفور؟

(ثم صوت سيدة.)

الصوت : إنتو يا جماعة، إنتم ياللي عندكم التمثيل.
فرفور : ارمي، دي باينها الست اللي باعتها المؤلف.

(صوت الخبط.)

أفتح ولَّا أسيبها ترن.
السيد : إنت عايزها تعمل لنا هللولة، افتح لها افتح.
فرفور : ودي؟
السيد : مالكش دعوة، حنفهمها كل حاجة، وكل حاجة تنحل.
فرفور (فرفور يذهب إلى الباب الوهمي، ويمسك بأكرة وهمية ويقول) : كللم ومستكللم، زيق انفتح الباب.
(تدخل السيدة مرتدية بدلة رقص شرقي) يا وعدي.
السيدة : إيه ده طرش ما بتسمعوش!
فرفور (مشغولًا بالتفرج عليها وإخراج لسانه علامة جريان الريق) : يا وعدي يا وعدي، وده إيه ده (يحاول شمها).
السيدة : ما تتعدل لي أمال، خليني أعرف أكلمك، مش انتو اللي عندكو الرواية (فرفور لا يزال يتأملها بيديه)، انت عبيط ولا شكلك كده؟
فرفور : لأ وانتي الصادقة العبيط هو اللي شكله زي كده.
السيدة : أنا المؤلف بتاعكو قابلني وخد معايا درنك في جروبي، وباعتني بالدور ده ليكو (ثم تكتشف وجود السيدة الأخرى) نعم نعم نعم! بقى أنا جاية من آخر الدنيا عشان حضرتها تلطش مني الدور.
السيد : يا ستي أرجوكي، دي واحدة ست كانت بتتفرج ومالهاش دعوة.
صاحبة الدور : بتتفرج وجاية هنا ع المسرح تعمل إيه، عايزة تتفرج تروح هناك مع اللي بيتفرجوا، إمَّا الحتة دي عشانا احنا، خليها تتفضل تروح مكانها من غير مطرود.
المتفرجة : أنا ما سبشي مكاني وانتقل عشان واحدة زيك تيجي تمشيني منه.
صاحبة الدور : أمال حضرتك حتستني تعملي إيه حتمثلي معانا؟
المتفرجة : ح أستنى جوزي، ده خطبني حالًا ولسه أهه كُنَّا حنكتب الكتاب.
صاحبة الدور : يا نهار اسود ومنيل، أمال أنا جاية أعمل إيه؟ ده دوري أنا ده إني أجوزه، عايزة تلطشيه بسلامتك، ده بُعدك، إنتي حتمشي من هنا بالذوق ولا بالروسية؟
المتفرجة : بقى سايبها تقول لي كده وساكت.
السيد : أعمل إيه بس، يا مهبب انت يا فرفور، ما تتحرك وتفكر وتشوف لنا حل.
فرفور : الحل الوحيد يا سيدي، يا سيدي الحل الوحيد، إن دي تجوزك ودي تجوزني، وتبقى الحكاية بصرة.
صاحبة الدور : أنا أتجوزك انت، ليه؟ قلة شغل، قلة عقل، قلة مقام، أنا دوري أتجوز ده، وما دام دوري كده يبقى حاقوم به واللي حيتعرض لي بالشبشب، وراس بابا بالشبشب.
المتفرجة : لأ دا حيلك أنا ما هزأشي نفسي وأرجع مكاني بإيد ورا وإيد قدام، عشان واحدة زيك، واعملي حسابك أنا باتمرن كل يوم في النادي ع المصارعة اليابانية يا اسمك إيه انت.
صاحبة الدور (هاجمة عليها فيمنعها فرفور بجسده ويمسكها) : وأنا بالمصارعة البلدي حاوريكي.
فرفور (لصاحبة الدور) : بقى واحدة زي الملبن زيك تصارع البتاعة اللي زي عروسة المولد دي؟
المتفرجة : اسمعي، أنا نرفيز وما بستحملش وأنا جاتلي الجنونة (تهجم عليها فيمنعها السيد بجسده).
صاحبة الدور (محاولة التخلص من قبضة فرفور محاولات تزيد من إطباق فرفور عليها ومن ارتجافه بشدة لإحساسه أنها بجسدها الفائر بين ذراعَيه) : اوعى سيبني عليها بنت الرفضي دي.
فرفور (وهو في حالة عرق وارتجاف شديدة) : ده اسمه الهايف.
المتفرجة : ليسيه موا، ليف مي، ليسيه يا سيد، شايف بتقول عليَّ إيه.
السيد (ينظر إلى الخلف بينما يمنعها بمقدم جسده وينادي فرفور الذي يرد عليه مديرًا رأسه إلى الخلف أيضًا مبقيًا جسده على وضعه) : ما تتلهي تفكر لنا في حاجة.
فرفور : يا جدع ارحم، أنا بترعش كلي، مخي نفسه بيترعش، أفكر في إيه؟
السيد : أقول لك (بصوت عالٍ جِدًّا) اسمعوا أنا حاريَّحكم خالص خالص، بطلوا خناق واحنا كلنا حنستريح.
صاحبة الدور : ح تتجوزني؟
المتفرجة : ح تتجوزني؟
السيد : أنا حاتجوز أحسن واحدة فيكم، (ثم يلاحظ أن فرفور رغم انتهاء الخناقة لا يزال متشبثًا بصاحبة الدور) بتعمل إيه يا وله، م الخناقة خلصت!
المتفرجة : طبعًا حيتجوزني أنا، أنا الأحسن.
صاحبة الدور : والنبي ده ضوفر صباع رجلي أحسن منك كلك، إنتي وعيلتك الهايفة.
السيد : لا لا لا لا، كده مش حينفع، بدال ما تتخانقوا أنا عايز كل واحدة فيكم توريني هي الأحسن ازاي؟
(خبط على الباب) ودا مين اللي بيخبط ده راخر؟
صاحبة الدور : دي لازم اللي حتتجوز فرفور، أصل المؤلف بعتها معايا وسبقتها ع الباب ودخلت أتأكد، أقوم ألاقي ست الستات هنا.
فرفور : اللي حتتجوزني أنا، والله كتر خير المؤلف ده، وواحدة شكلها إيه دي، حلوة زيك كده؟
السيد : يا ولد يا فرفور مش وقته، (خبط على الباب) روح افتح لها الأوَّل.
فرفور : لا ياخويا أنا أنكسف.
السيد : يا ولد افتح بقول لك.
فرفور : أنا ماليش دعوة، أنا حافتح وأنا مكسوف ومش حاشيل عيني من ع الأرض.

(بخجل مبالغ فيه يذهب فرفور إلى الباب وهو ينظر إلى قدمَيه، وحين يفتح يدخل رجل طويل رفيع كشفيق نور الدين مثلًا يرتدي ثوبًا أسود طويلًا يجرجر على الأرض ويتعصب بمنديل أسود وطرحة ويضع فوق وجهه برقعًا ذا خرزة حمراء.)

اتفضلي يا ستي أهلًا وسهلًا، (وهو لا يزال خافضًا بصره) اتفضلي.
المرأة (وهي الأخرى في حالة خجل شديد تقول بصوت مكتوم) : أصلي مكسوفة أتفضل، مش انت بسلامتك فرفور؟
فرفور : أمال أنا راخر مكسوف ليه، تيجي ما نتكسفش ونبص لبعض واللي يحصل يحصل؟
المرأة : ياللا (وترفع البرقع من فوق وجهها وتطرحه وراءها وفي الوقت ترفع وجهه ليلتقي بوجه فرفور الذي ارتفع).
فرفور : يا نهار اسود (ويجري فورًا محاولًا الاحتماء بسيده).
المرأة (متقدمة ناحيته لا تزال في حالة خجل) : يه، إنت لسه مكسوف يا فرفور، هو انت منهم، ده الراجل قال لي عليك نمرود وأنا أصلي بحب النماردة اللي زيك، تعالى هنا (وتحاول جذبه فيزوغ منها فرفور ويحاورها).
فرفور : أنا طنيب النبي يا سيد، ابعد عني الوليه دي.
المرأة : والله ولا الحكمدار يقدر يبعدك عني، داني حبيتك من أول ما شفتك وكان اللي كان … بس لو ما تتزفلطشي مني كده.
فرفور (زاعقًا في هلع) : أنا في عرضكم يا ناس.
المرأة : قول مهما تقول واعمل مهما تعمل، ركك إيدي تتلايم على إيدك.
فرفور : أقطعها وحياة الحسين أقطعها.
المرأة : إيه، طيب تعالى بقى (وتطبق عليه وتمسكه).
فرفور : يا بوليس، يا فرقة ب، يا فرقة الإنقاذ بتاعة البلدية، يا إسعاف، يا بتوع الصحة، يا د. د. ت (يحاول التملص).
المرأة : إنت يعني فكرك تقدر تفلت مني، والله لو شفت قفاك.
فرفور : أشوفه ولا أشوفكيش (ترغمه على أن يرى وجهها فيغمض عينَيه مستغيثًا) يا نهار منيل يا جدعان، أعوذ بالله، إنتي إيه؟
المرأة : أنا ست يا فرفور وعايقة كمان.
فرفور : لا والنبي، أنا اللي ست، أنا متبري من جنس الرجالة كلها إذا كانوا الستات زيك كده، أنا عيشة والنبي.

(يكون النقاش الحاد — رغم المطاردة مع فرفور — قد انتهى بين السيدتَين والسيد إلى رأي يعلنه السيد قائلًا):

السيد : خلاص اتفقنا، اللي فيكو تطلع أحسن من التانية حاتجوزها.
صاحبة الدور : أنا أوريك أنا أحسن ازاي، رقصني يا ريس.

(تدق الموسيقى نغمة شرقية راقصة وترقص السيدة باذلة أقصى جهدها لإثارة السيد ولفت نظره، وكلما حاول فرفور أن ينظر إليها أو يقترب منها ردته «المرأة» بعنف، وحين تنتهي الرقصة يتجه السيد ناحيتها تلقائيًّا كالمبهور، ولكن المتفرجة تجذبه من يده قائلةً):

المتفرجة : ودا رقص إيه البلدي ده اللي تقعد تتفرج عليه، واحد زيك لازم يرقص كده وهو معايا (ثم بلهجة آمرة) مايسترو (تنبعث نغمة التويست، وعلى أنغامها تراقص المتفرجة السيد بطريقة مثيرة ينسى معها الإثارة السابقة بحيث حين تنتهي الرقصة يظل مطوقًا المتفرجة بذراعيه).
المرأة : اوعى الحنجلة دي كلها تهمك يا فرفور، تعالى أنا وانت نلعب تحطيب، (وتبدأ مباراة في التحطيب ينال فيها فرفور بضع ضربات على جانبه وظهره وبطنه، بحيث حين تنتهي وتتجه إليه المرأة يسقط بين ذراعَيها مغمًى عليه) شفت بقى دوبتك ازاي؟
فرفور (وهو يلهث) : دوبان ما دوبتش، وإنما دشدشة اتدشدشت.
صاحبة الدور (جاذبة السيد إليها) : ما يعجبكش قوامي ده اللي زي غصن البان.
المتفرجة (جاذبة السيد إليها) : أمال قوامي بقى اللي زي المانيكان.
المرأة : أنا من الجهادي أمسحهم خالص، أنا البان نفسه.
فرفور : لازم لبان الدكر.
صاحبة الدور : وشايف عينيه اللي زي عيون الغزلان.
المتفرجة : أمال عينيه أنا اللي أحسن من آن شريدان.
المرأة : ولا يهمك أنا عينيه وسع الفنجال.
فرفور : أصلها عين جمل يا خاله.
صاحبة الدور : وشايف بقي اللي زي خاتم سليمان.
المتفرجة : ده أنا بقي حبة حبة يبقى فتحة زراير القمصان.
المرأة : أمال أقول إيه أنا اللي بقي قد الكستبان.
فرفور : كستبان فيل وحياتك.
المتفرجة : وشايف شعري اللي زي الحرير الناتورال.
صاحبة الدور : وده ييجي إيه جنب شعري اللي أنعم من ريش النعام.
المرأة : وشعري ده يا ناس مش بذمتكم جدايل النعمان؟
فرفور : دا لازم النعمان عاشور.
السيد : كفاية لحد كده، كفاية، أنا الحقيقة اتلخبطت خالص ومش عارف آخد مين فيكو وآسيب مين، وعشان كده حاتجوزكم انتو الاتنين، إيه رأيكم؟
صاحبة الدور : رأينا إيه يابو عين زايغة يا بتاع الستات.
المتفرجة : يا فاجر يا بتاع تعدد الزوجات.
السيد (ملتفتًا لصاحبة الدور) : يعني مش عايزة أتجوزك؟
صاحبة الدور : حد جاب السيرة دي على لسانه؟
السيد (ملتفتًا للمتفرجة) : وانتي بلاش.
المتفرجة : مين قال أني أقبل الهزيمة؟
فرفور : حلال عليك يا عم، هنيالك.

(يتأبط السيد كلًّا منهما في ذراع ويمضي بهما إلى باب الخروج الأيمن، بينما يَداهُما الملتفة حول رقبته تتناحر من الخلف وتتضارب. فرفور يحاول أن يتسلل من المسرح متسترًا بهم، ولكن المرأة تجذبه من قفاه وتعيده إلى حيث كان.)

المرأة : وانت يا فرفوري، قلت إيه؟
فرفور : بقول إنا لله وإنا إليه راجعون.
المرأة : ياخونا كفى الله الشر هو حد ماتلك؟
فرفور : أنا.
المرأة : إنت، بعد الشر عليك يا حبيبي، هو طول ما أنا معاك الموت يقدر يقرب لك؟
فرفور : ما هو انتي الموت.
المرأة : تعالى لي يا حبيبي تعالى لي (وحين يقاوم ترفعه المرأة على كتفها وتحمله خارجة به من الباب الأيسر).
فرفور (للجمهور) : كل من عليها (مشيرًا إلى زوجته من خلف ظهرها) فان، يا جدعان (يدخل السيد من الباب الأيمن وهو كأنما يدلك وجهه بالكلونيا بعد حمام دافئ).
السيد : أمَّا الجواز دا ممتع بشكل، دا أحسن م العزوبية مليون مرة (يدخل فرفور من الباب الأيسر وعلى رأسه ضمادة ضخمة فيها بقعة دم كبيرة).
السيد : عامل إيه الجواز وياك يا فرفور؟
فرفور : عمل عشر غرز وحياتك.
السيد : أصلكوا ناس ما بتفهموش في فن الحياة، ما تعرفشي تسايسها، تداديها، تطبطب عليها، تاخدها في حضنك، تعمل ليها آدي البيضة وآدي اللي شواها، وتهزر معاها.
فرفور : طب ما هو ده اللي حصل وهزرت معاها.
السيد : أمال إيه اللي عورك بقى؟
فرفور : ردت الهزار بهزار بس ناشف شوية فتح نفوخي.
السيد : أنا مش حاسس بالدنيا من كتر السعادة يا فرفور.
فرفور : وأنا مش حاسس برضه بس م الورم.
السيد : الستات دول أجمل حاجة في الدنيا.
فرفور : مش لما يكونوا ستات.
السيد : تصور إحساسك بقى إنك حتبقى أبين، النهاردة، أنا حاطير من كتر الفرح.
فرفور : أبين مرة واحدة.
السيد : مرة واحدة.
فرفور : يحق لك يا عم.
السيد : وانت مش حتخلف يا فرفور؟
فرفور : أخلف أنا معقول، إنما تخلف هي ده مش معقول أبدًا، إنت تتصور برضه إنها زي الستات ممكن تخلف، أنا شخصيًّا متأكد إن إذا خلفنا أنا اللي حاحبل.
المتفرجة (داخلة حاملة طفلًا رضيعًا) : مبروك يا جوزي، ولد، ولد، شوف.
صاحبة الدور (داخلة ومعها طفلة) : مبروك يا جوجو، بنت، بنت، إنما قمورة.
المرأة (من الخارج) : مبروك يا وله يا فرفور يا وله، جالك ولد.

(ثم تدخل زوجة فرفور حاملة رجلًا آخر على كتفها يبكي كالأطفال ويطلب الطعام، فتناوله أمه فحل بصل ورغيفًا، فيكسر البصلة على رأسها ويلتهم الرغيف في لقمتين.)

شايف ابنك يا فرفور، ما تهشتكه شوية، والنبي لتهشتكه شوية.

(فرفور ممتعضًا يحاول هشتكته فيمسك بقدمه فينطره الطفل بعيدًا ويوقعه على ظهره.)

المتفرجة : عن إذنك يا حبيبي لحسن معاد الرضعة بتاع البيبي جه.
صاحبة الدور : وأنا عايزة أغير لها لحسن اتبلت.
المتفرجة : بس اوعى تنسى الطلبات اللي قلت لك عليها (تخرج).
صاحبة الدور : وافتكر كويس الجنيه اللي قلت لي عليه النهاردة (تخرج).
المرأة : اسمع يا فرفور، بسلامته ابني لازم له حجاب لحسن عينين الناس وحشة وهو العين عليه.
فرفور : عين إيه يا شيخة؟ تحسد فيه إيه ده؟ يا ريته يتحسد شوية.
المرأة : أنا ماليش دعوة، هو عايز حجاب، والحجاب يتعمل عند الشيخ، والشيخ عايز بريزة، ومن هنا للظهر يا جبت البريزة يا عمرك فرغ (تخرج).
فرفور : جك نفاثة تاخد أجلك، عمري فرغ قال، على بريزة تفرغ عمري. هو شوال؟
السيد : وبعدين يا فرفور؟
فرفور : ولا قبلين، هي مالها مزنقة أوي كده ليه، بقى لنا كام يوم أهه قاعدين ننش، مفيش ميتين ندفنهم، باين اليومين دول عطلة رسمية ومفيش مستشفيات.
السيد : ولا يهمك، الموت مافهوش عطلة.
فرفور : ولا يهمنيش ازاي، دا أنا إن ما كنتش أجيبلها فلوس النهاردة تقتلني، ودي تعملها بجد، شوف لنا طريقة بقى؟
السيد : أنا اللي أشوف، أمال انت شغلتك إيه؟
فرفور : يعني عايزين أعمل إيه؟
السيد : هات لنا ميت نشتغل عليه.
فرفور : وأجيبه منين دلوقتي؟ حاستلفه يعني، معاكشي ميت سلف يا عم لأول الشهر؟
السيد : يا ولد يا فرفور، بقول لك شوف لنا ميت.
فرفور (دائرًا بعينَيه خلال المتفرجين) : مفيش، كلهم ولله الحمد صحاح وسلام أربعة وعشرين قيراط.
السيد : خلاص، حلها بسيط، موت واحد وهاته.
فرفور : أموت واحد؟ يكنشي الراجل ده اتجنن، بقى أموت واحد عشان ندفنه بخمسين قرش!
السيد : وبأقل من كده كمان، ولو حصَّلت أموِّتك انت حاموِّتك، إحنا عايزين فلوس، عايزين شغل، يا تموِّت واحد وتجيبه، يا حاموِّتك انت.
فرفور : بقى كده؟
السيد : كده.
فرفور : جد يعني؟
السيد : جد.
فرفور : مافيناش م الهزار؟
السيد : بقول لك جد يعني جد.
فرفور : يخرب بيتك دا باينه ناوي يعملها، لا يا عم، أنا أموت لك واحد أحسن.

(صوت من الصالة ينادي: ياللي عايز يموت واحد، يا جدعان يا قتالين القتلة، واحد عايز يموت، حدش له نفس …)

السيد : إيه ده يا فرفور؟
فرفور : والله ما أنا عارف، باينه واحد سارح بروحه.
السيد : أهو ده عز الطلب، اندهله.
فرفور : اسمع يا عم، يا عم ياللي بيدور على موتة.
الرجل : أيوه، حد بينده عليَّ؟
فرفور : داحنا صوتنا اتنبح، اطلع.
الرجل : فين، إنت فين؟
فرفور : في تالت دور.
الرجل : ما هو اسمح لي بقى ما تطلعنيش لغاية عندك وتنزلني، أنا م الصبح طالع نازل لغاية ما رجلي دابت، إن كان في نيتك تموت صحيح آجي، مش في نيتك دنيا الله واسعة.
فرفور : دا ماله رزل كده ليه، لا يا عم، النية، موجودة، اطلع.
الرجل : آديني طلعت ياللا وحياتك أنا مستعجل ما عنديش وقت، تحب أموت لك فين؟ هنا ولَّا أقعد ع الكرسي ده، ولَّا أنام ع الأرض؟
فرفور : دهدي، ما على مهلك شوية.
الرجل : باقول لك مستعجل، سلاحك جاهز، عندك طبنجة ولَّا بتحب السكاكين في الحالات دي؟
فرفور : إيه ده، إيه ده، على مهلك شوية.
الرجل : ما هو أنا ماحبش شغل التمحيك ده، ناوي تموت ولَّا مش ناوي؟
فرفور : ناوي.
الرجل : ومستني إيه؟
السيد : الله، مالك يا راجل ملهوف على إيه، هو خلاص، هي الدنيا طارت، بالراحة، بالتفاهم.
الرجل : عايز نتفاهم في إيه؟
السيد : دي حاجة تجنن يا هوه، إنت إيه يا راجل، عايز تنتحر ولَّا إيه؟
الرجل : أنتحر، مين قال كده؟
السيد : أمال جاي عايز تموت بسرعة البرق كده ليه؟
الرجل : الله، وفيها إيه دي، أنا قلبي حامي كده، ولما يكون قدامي شغلة ما أستريحش إلا أمَّا أخلصها.
السيد : قلبك حامي ع الشغل، إنما ده مش شغل ده مش هزار، ده موت.
الرجل : ده موت عندك انت، إنما عندي أنا ده شغل.
السيد : شغل؟
الرجل : أيوه مش عاجبك؟
السيد : المسألة مش عاجبني ولَّا مش عاجبك، المسألة أنا عمري ما سمعت عن شغلة بالشكل ده.
فرفور : ولا أنا والله وأعدم حبابي عيني.
الرجل : جايز، إنما أنا شغلي كده.
السيد : شغلك إنك تموت.
الرجل : أيوه.
السيد : عجايب، ودي شغلة إيه دي، حد يرضى يشتغلها.
الرجل : مليون واحد، ده دكنهار الراجل اللي بنشتغل عنده أعلن أنه عايز موظفين قدم له ييجي ألف واحد وبوسايط كمان.
السيد : اللي بتشتغلوا عنده.
الرجل : أصل احنا لامؤاخذة شوية ناس كده بنشتغل عند واحد عليه يأكلنا ويشربنا، وهو لو شوية ناس كده معاديينه، فكل أمَّا ييجوا يموتوه يبعت واحد مننا يموت بداله.
السيد : والشغل إيه، ماشي كويس يعني.
الرجل : زي الزفت بعيد عنك، يوم فيه وألف مفيش.
السيد : لا لا، دي حاجة بايخة فعلًا، وليه كده؟
الرجل : حسب قانون العرض والطلب. احنا كتير، واللي عايزين يموتوا قليلين، تصدق بالله يابن الناس، العيشة بقت نيلة أوي، كلهم بقوا يخافوا يموتوا دلوقتي، اللي يلجأ للمحاكم واللي يجري على مجلس الأمن، بقت زفت لما الواحد قرف.
السيد : إنت كمان قرفان؟
الرجل : قرفان أوي، ده أنا من قرفي استقلت.
السيد : وعشان إيه استقلت؟
الرجل : أشتغل حر، مش كده، الله، مفيش أحسن م الشغل الحر.
السيد : حر ازاي؟
الرجل : يعني أمشي أعرض نفسي كده وألقح جتتي ومين عراف، يمكن يضرب الحظ وألاقي اللي يخلص عليَّ.
السيد : أمَّا حكاية صحيح دا اللي يشتغل تربي ياما يشوف.
الرجل : ولا حكاية ولا حاجة، هو احنا بدعة يعني، ولَّا يعني علشان ما أنا راجل سارح ببضاعة على قد حالي، ما احنا لينا زملا بيسموهم الفرقة الأجنبية ولَّا المرتزقة ولَّا ما عرفش إيه، ولَّا يعني عشان دكهم خواجات واحنا ولاد عرب.
السيد : بس اسمحلي يعني، مع احترامي لرأيك، أنا شخصيًّا، لا يمكن أقبل أشتغل الشغلانة دي.
الرجل : وليه بقى؟
السيد : ودي شغلة دي، دا انتحار، حد يشتغل طالب موت كده لله في لله.
الرجل : غلطان، دي أحسن شغلة، شغلة تشتغلها مرة واحدة في حياتك وخلاص، مش كل يوم تقعد تشتغل نفس الشغلة والآخر برضه تموت، أنا عايز أروح اسكندرية وانت عايز تروح، أنا أحب أغمض عيني وأفتحها ألاقي نفسي هناك، إنت بقى عايز تركب جمل، موت يا جمل بقى على بال ما تحصل الرست.
السيد : اوعى تكون جاي كده عايز تروح اسكندرية من نواحي العباسية كده؟
الرجل : أنا؟ والله باينك انت اللي من هناك، طب المجنون فينا انهون، اللي يروح اسكندرية بجمل ولَّا بطيارة؟ اسمع بقى يا سيدنا، أنا مش فاضي لك، وأنا راجل ماحبش كتر الكلام، أنا رقبتي أهه تحت أمرك، وروحي أهه اتفضل خدها وياللا شد حيلك.
السيد : طب والأجرة، الأجرة يا حضرة، نديها لمين؟
الرجل : ما تعكرشي دمك وانت قاعد مطرحك بكرة ولَّا بعد بكرة مراتي حتجيلك ومعاها حكم بالأجرة.
السيد : أمَّا دي حاجة تجنن صحيح، وافرض ما صدقنيش وحبسوني؟
الرجل : تبقى كرديا ومعرفتش تتصرف كويس.
فرفور : يا سيدي ما بلاش الشغلانة دي.
السيد : اخرس انت، دي مواضيع مش بتاعة فرافير زيك، (ثم للرجل) طب خلاص، أنا عارف حاتصرَّف ازاي.
الرجل : رقبتي أهه.
السيد : أهو جه دورك بقى يا فرفور دلوقتي تشوف شغلك. سامع، رقبته أهه.
فرفور : وأنا مالي.
السيد : أمال مين اللي حيشتغل لي؟
فرفور : حقه كله إلا الشغل ده، أنا يا عم راجل فرفور ماليش في الحاجات دي.
السيد : يا فرفور زي ما قلت لك م الصبح، يا حتموِّته يا حاموِّتك، مفيش داعي للعصلجة دي.
فرفور : لأ، في دي أعصلج للصبح واللي معاك اعمله، تجيب لي مؤلف مخرج ما أقتلشي أبدًا يا نهار اسود.
السيد : إنت حر، يا حضرة المؤلف، يا أعظم مؤلف، فرفور حرن تاني.
صوت المؤلف (من الخارج) : إنت بتتحداني يا فرفور، دانا أنسف بك الأرض، دا أنا أحرقك، أنا حابعت لك الفتوات (ويظهر شبح العملاقَين قريبًا من الباب).
فرفور (يردد النظر بين الشبحَين والسيد والرجل المصعر رقبته للقطع) : يا ناس.
السيد : هيه.
فرفور : ح نعمل إيه بس؟
الرجل : ما تخلصونا بقى، دا مش أكل عيش ده اللي حيحوجنا للقرف ده كله.
السيد : يا ولد يا فرفور يا ولد، شوف شغلك (ويشير بيده علامة أنه يجب أن يقتل الرجل).
فرفور : الأمر لله والمؤلف، حاضر، بس أموته ازاي بس يا ناس. أموتك ازاي يا عم، هو ماله عامل كده ليه، إنت بتدور على شلن واقع منك ولَّا إيه؟! حاموِّته ازاي يا سيد؟
السيد : بالفاس دي.
فرفور : بس دي بتاعة الفحر وأكل العيش.
السيد : ما هو ده برضه أكل عيش.
فرفور : يا ناس حرام، يعني الواحد يفحر له رقبة راجل كده ع الصبح أمرنا إلى الله، هيه (يرفع الفأس ويحاول إنزالها على رقبة الرجل ولكنه يرتجف بشدة ويعدل عن المحاولة).
السيد : خليك شجاع يا ولد واضرب.
فرفور : ما تخليك أشجع وتضرب انت.
السيد : اكرهه واضرب.
فرفور : أكرهه على إيه بس يا ناس؟ هو عمل لي حاجة؟ هه، يا عم أنا بكرهك، أنا ما باطيقكش، انت فاقع مرارتي هيه (يرفع الفأس ولكنها ترتجف في يده).
السيد : لا، لا، لا، مش كده، لازم تكرهه أكتر، دا عدوك، دا ضد أكل عيشك.
فرفور : هو أكل عيشي ولَّا ضده الواحد يصدق إيه ولَّا إيه، إنت يا جدع عدوي، وأبوك عدو أبويا، وجدك عدو جدي، أنا حانتقم منك (يرفع الفأس فترتعش فتنتاب السيد موجة سخط شديدة ويندفع ناحيته يتناول منه الفأس ويدفعه بعيدًا).
السيد : أصل الفرافير اللي زيك عبيد جبنا، ودي عايزة سيد عشان يعملها، اوعى كده جتك البله.
الرجل : ما تخلصونا بقى وتموتونا، يا الواحد يروح يدور له على موتة تانية عطلتونا.
السيد : اسمع يا جدع، أنا حاسهلها عليك، لا فاس ولا حاجة، أنا حاخنقك ومش عايز سريخ ولا استغاثة ولا أي صوت، ماذا وإلا، ما موتكش.
الرجل : ما تخافشي، ليك عليَّ أموت وعلى فمي ابتسامة ساحرة.
السيد : غمض عينك دول أصل فيهم نظرة كده مش عجباني.
الرجل : وآدي عينيه.
السيد : هيه، توكلنا على الله (يقترب بيديه من رقبة الرجل).
فرفور : ارفع إيدك.
السيد (ملتفتًا في ذعر) : إيه دا يا ولد خوفتني، فيه إيه؟
فرفور : بقى تخاف مني ومش خايف م اللي انت بتعمله ده، مش حرام عليك تموته كده من غير ما تكبر عليه، إنت مش مؤمن يا أخي؟
السيد : أيوه صحيح عندك حق، نسيت، الله أكبر عليك، هيه (ينقض بيدَيه على الرجل).
فرفور (رائحًا غاديًا في حالة هياج هستيري وذعر وانبساط) : يا قابيل، لماذا تقتل أخاك؟ الخطيئة الأولى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
السيد : وله، إن ما سكتش حاموِّتك الأوَّل، ياللا امشي من هنا (ثم يعود للإطباق على الرجل).
فرفور : يا ناس، يا عالم، يا إنسانية، يا بشر، ما عندكوش دم، الحقوا يا اخوانا، قاعدين تتفرجوا على أخوكو في الإنسانية والجدع دا بيقتلوا، فين القيم، فين العدالة، فين القانون؟
السيد (يندفع ناحيته فاتحًا قبضتَيه) : طب استنى بقى.
فرفور (ينطلق جاريًا ومبتعدًا) : الحقونا، الراجل اتوحش.
الرجل (بتذمر شديد) : دا مش أكل عيش ده، الله يلعن أبو العمل الحر، الجماعة الهواه دول متعبين أوي، كنت رحت لواحد محترف وزمانا خلصنا، ما تخلصونا.
السيد : حنخلصك ونخلص عليك (يطبق على عنقه، ويعقب هذا مشهد صامت بحيث كلما هم السيد بخنق الرجل تصدر عن فرفور كلمة مثل: «ارجع، يا درس، أو الله حي، الله حي، أو يا بوليس، ويا سيدي عبد الرحيم يا قناوي.» وهو يقول هذا وهو يدور حول السيد المطبق على عنق الرجل، ثم يحدق في وجه الرجل مرة فيجد أن لسانه قد تدلى وجحظت عيناه).
فرفور : يا نهار منيل، دا قتله جد، امسكوه، قتال القتلة، اقبضوا عليه.
السيد (مقتربًا ناحيته وقد أنام الرجل على الأرض وهو لا يزال في لحظة جنون القتل) : ح تسكت والا …
فرفور : أنا ساكت أهه، أنا مش حانطق، أنا حافضل ساكت على طول، وإذا تكلمت بعد كده حاتكلم وأنا ساكت، يا نهار اسود بقى تقتله كده عيني عينك وعلى رءوس الأشهاد، (حين يرمقه السيد بنفس النظرة) هس، أنا سكت خلاص كله يسكت لحسن دا الشر باين في عينيه وانسعر خلاص.
السيد (وقد انتهت الموجة) : اسمع يا وله يا فرفور يا وله.

(فرفور لا يرد.)

السيد : يا ولد يا فرفور.
فرفور : أنا ساكت.
السيد : اتكلم.
فرفور : أنا مالي، أنا سكت وخلاص.
السيد (في غضب) : ح ترد وإلا …
فرفور : أرد وبلاش إلا دي إلا …
السيد : اسمع يا وله.
فرفور : نعم يا سيد.
السيد : ادفن الراجل ده.
فرفور : أنا مالي، اللي موته يدفنه.
السيد : يا تدفنه يا أدفنك.
فرفور : طب ما تدفنه أسهل، (ثم حين يلمح نظرات السيد وقد بدأت تتغير) وعلى العموم أنا ما يخلصنيش تعبك، ادفنه هيه (يفحر للرجل ويدفنه).
السيد : دفنته خلاص؟
فرفور : وخليت الملايكة تحاسبه وتطلعه محقوق كمان.
السيد : برافو عليك، أهو كده الفرافير ولَّا بلاش، بس أنا زعلان يا وله يا فرفور يا وله.
فرفور : زعلان مني؟ حقه.
السيد (في غضب) : مش منك من نفسي، (ثم مغيِّرًا لهجته) ضميري يا ولد بيأنبني.
فرفور : وانت يا سيد عندك حاجات م اللي بتأنب دي؟
السيد : وحساسة أوي يا ولد، أعمل إيه؟
فرفور : خد شربة.
السيد : أنا بتكلم جد يا ولد ما بهزرش، على العموم خد الخمسين قرش دي أجرة الراجل دي إديهالهم في البيت يجيبوا بيها خضار ولحمة.
فرفور : ونجيب لحمة من بره ليه، ما احنا لسه دابحين عجل أهه بدمه، (السيد يناول فرفور ورقة ويأخذها ويذهب بها ناحية الباب ويعطيها للهواء) خدوا كلوا لحمة، بس اوعوا تكون بايتة، (ثم يعود إلى سيده ليجده لا يزال في حالة الأسى) ازيك دلوقتي يا سيد؟ لسه الضمير بينقح عليك برضه؟
السيد : لسه يا فرفور.
فرفور : لو كنت خدت شربة زي ما قلت لك كان … إنما دلوقتي حتعمل إيه؟
السيد : تعرف يا وله يا فرفور يا وله، أنا ضميري ده مش حيريحني إلا أمَّا أعمل إيه؟
فرفور : إيه؟
السيد : إلا أمَّا تجيب لي واحد تاني أموته.
فرفور (في زعيق هائل مفاجئ) : لأ، دا بقى مصاص دم، دا ما عدلوش أمان خالص، دا شوية شوية يقتلني، اسمع يا عم، بلا مؤلف بلا بتاع، أنا سايبك وماشي، بطحجية بطحجية، أنا مآيس على علقة، أنا ماشي.
السيد : إنت اتجننت يا فرفور، يا ولد أنا بأمرك إنك تستنى.
فرفور : وبتأمرني ليه؟
السيد : أنا سيد.
فرفور : وانت سيد ليه؟ وسيد على إيه؟ وليه انت تبقى سيد ليه؟ أنا لا أعرفك ولا لي أسياد، أنا ماشي خلاص.

(ويغادر المسرح مخترقًا الجمهور.)

السيد : يا ولد يا فرفور.
فرفور : أنا مشيت خلاص.
السيد : والفصل التاني يا وله.
فرفور : إنت حر فيه انت واللي عملك سيد، سلام عليكم.
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤